رواية متى تخضعين لقلبي كاملة للكاتبة شيماء يوسف الفصل الثلاثون

pexels-photo-984944-984944.jpg

متى تخضعين لقلبى
الفصل الثلاثون..

فى غرفه وكيل النيابه جلست جيهان تنتظر بتوتر دخول منصور فى اى لحظه ، ترى ما سبب تلك الرغبه الملحة فى رؤيتها ، لا يهم هى فقط تتمنى ان تمضى تلك الزياره على خير والا يورطها معه فى شئ جديد ، هذا ما فكرت جيهان بحنق وهى فى انتظاره

دلف منصور الغرفه بثقه ثم سحب المقعد المقابل لها وجلس فوقه بتفاخر كعادته ، قطبت جيهان جبينها تنظر إليه بأستنكار فهيئته وملابسه لا توحى ابداً بمعاملته كمتورط فى قضيه قتل ، ابتسم منصور لها بسماجه وهو يسألها بسخريه محاولاً اللعب بأعصابها :
-ايه يا جيجى هانم .. لازم ابعتلك عشان اشوف وشك الجميل ده ؟!.. معقول هان عليكى منصور شريكك ..

ضغط على حروف كلمته الاخيره بنبره ذات مغزى جعلت جيهان تزدرد لعابها بصعوبه وهى تجيبه بنبره متوتره :
-عايز ايه يا منصور !! انت عارف ان وضعى حساس ومكنش بنفع ازروك ابداً عشان الشكوك ..

اجابها منصور بكلمه واحده وهو يبتسم لها بشراسه :
-حريتى ..
سألته جيهان باستنكار :
-حريتك ؟!!!..
اومأ رأسه لها موافقاً ببرود ثم قال مؤكداً بأقتضاب :
-بالظبط ..

عادت جيهان تسأله باستهجان :
-وانا هعمل ايه فى حريتك يا منصور ؟؟!!!!..
مط منصور شفتيه كعلامه على استيائه ثم اجابها بنبره خفيضه موتره :
-ما بلاش لف ودوران يا جيجى هانم .. ولا انتى فاكره انى دخلت السجن وانتى هتفلتى بعاملتك !!!.. مظنش انك شايفانى غبى كده ..

سألته جيهان مستفسره وقد بدء الرعب يتملك منها :
-قصدك ايه .. وبعدين انت متقدرش تثبت حاجه عليا .. حتى لو اتكلمت مفيش حاجه تثبت كلامك ده ..

اتكأ منصور بجسده فوق مقعده ثم سألها بشك :
-متأكده ؟!!..
اجابته جيهان بثقه وهى تحرك كتفيها بعدم اهتمام :
-اها .. اتفقنا كان كلام وبس .. لا فى بينا ورق ولا انا ساعدتك فى حاجه تانى ..

ابتسم منصور بأستهزاء ثم اجابها بنبره خفيضه مستمتعاً بقلقها :
-عندك حق .. مكنش فى بينا ورق ..
صمت قليلاً ليضيف بعض الإثارة لحديثه ثم اردف يقول بخبث :
-بس فى تسجيل بصوتك الحلو ده واحنا بنتفق هنخلص من فريد ومراته ازاى ..

شهقت جيهان بصدمه ثم قالت بعدم تصديق :
-كدب ..

اومأ منصور رأسه لها موافقاً بخضوع ثم قال بعدم اهتمام :
-عايزه تصدقى انه كدب صدقى .. قدامك بالظبط اسبوعين تكونى رتبتى طريقه هروبى من هنا .. بعد الاسبوعين بيوم هعترف انك شريكتى فى كل حاجه وهقدم التسجيل ..
هتفت جيهان به بحنق مستفسره :
-وانا ههربك ازاى انت بتهزر .. كده غريب وفريد هيشكوا فيا !!!..

هز منصور كتفيه بعدم اهتمام ثم اجابها وهو يعتدل فى وقفته :
-مش مشكلتى انتى خططك كتير ومعارفك اكتر ومش هتغلبى .. اسبوعين بالظبط والاقيكى قدامى بتقوليلى ان كل حاجه جهزت ..

انهى جملته وتحرك بجسده للخارج طالباً من فرد الامن إعادته للزنزانه تاركاً جيهان ترتجف رعباً من فكره كشف امرها .


فى احدى القرى البعيده والتابعة لمحافظه دمياط جلست حياة تنظر بشرود من خلف النافذه الحديديه فى احدى غرف منزل صديقتها منذ الدراسه ريهام ، ان ريهام هى الاختيار الأمثل بالنسبه لحياة فى الوقت الحالى وذلك بسبب تواجدها فى مدينه اخرى مما يصعب على فريد عمليه البحث عنها ، فريد ، مجرد التفكير به جعل قلبها يعتصر ألماً من شده الشوق إليه فقد مضى اسبوع على رؤيتها له وحوالى ٤ ايام منذ سماعها صوته ، تشتاقه ؟! ، لقد تعدى شوقها له حدود العقل والقلب ، بدءت الدموع تعود لتبلل وجنتيها كعادتها منذ تركته ، احتضنت تلك القماشه الغاليه على قلبها والتى تتمسك بها ككنزها الثمين منذ هروبها تنظر بداخلها ، تنهدت بشوق وهى تتذكر يوم زفافهم يوم سلمها إياها وكيف وقعت فى حبها على الفور ، مثلها مثل صاحبها ، “قلبى يحدثنى بأنك متلفى ” . ابتسمت بحنين واناملها تتلمس تلك الحروف المنقوشه ببراعه مذهله ، هو من أتلف قلبها ، هذا ما فكرت به بحزن وهى تطبع قبله عاشقه فوقها ، مسحت بأصابع مرتجفه بعض العبرات الساقطه فوق وجنتها ثم انزلق كفها لتمسد بحنان بطنها وتهدهد تلك القطعه الصغيره منه والتى تنمو بداخلها ، لقد فعلت كل ذلك من اجله ، لو كان الامر مقتصراً عليها لحاربت حتى اخر رمق بها من اجل زواجها ، لكانت ركضت عائده إلى احضانه تتلمس بداخله الراحه والامان ، ولكن اكثر ما تخشى عليه هو طفلها الذى لم يولد بعد ، تخشى ان يلاقى مصير والده على يد طفل غريمتها والتى تمقتها حد الموت ، تنهدت بحزن وهى تستند برأسها فوق الأسياخ الحديديه للنافذه الصغيره ، هل مازال يفكر بها ، وماهى رد فعله عن هروبها ، هتفت بقهر متضرعه “يارب ” فكل ما تتمناه تلك الايام ان يُربط الله على قلبها حتى تستطيع تخطى ذلك الالم الغير محتمل الذى يعتصر قلبها ويزهق روحها حزناً على فراقه ، اغمضت عينيها بوهن وقد عاد ذلك الالم الجسدى ليضربها من جديد ، زفرت عده مرات فى محاوله منها لتخفيفه وهى تدلك بطنها برفق حتى بدء يخفت ويتلاشى كعادته منذ يومان

ظلت ريهام تراقب حال صديقتها والتى منذ وصولها بهيئتها الشاحبه وطلبها الغريب فى المكوث معها عده ايام تشعر بوجود خطب ما بها ، والاسوء انها تمتنع عن الطعام والشراب وتظل هكذا تنظر إلى الفراغ اليوم بأكمله ، هتفت ريهام بأسمها عده مرات حتى انتبهت لها حياة والتفت تنظر إليها ببطء ، سألتها ريهام وهى تقترب منها وتربت فوق كتفها مشجعه :
-وبعدين بقى يا حياة .. انتى لسه برضه مش عايزه تاكلى ؟!..

هزت حياة رأسها على مضض نافيه فأردفت ريهام تقول بنبره عطوفه :
-يابنتى انتى بقالك ٤ ايام اهو لا بتاكلى ولا بتشربى .. شويه وهتموتى من قله الاكل !!.. ومش عايزه تقولى فيكى ايه .. مش معقول اللى بتعمليه فى نفسك ده مهما كانت المشكله ليها حل..

ضغطت حياة فوق شفتيها تحاول السيطره على سيل الدموع المهدد بالانفجار فى اى لحظه ، استطردت ريهام تسألها بتوسل مستفسره :
-طب قوليلى بس وريحينى .. والدك زعلك زى ما كان بيعمل ايام الكليه ؟! ..

هزت رأسها مره اخرى نافيه دون تعقيب ، زفرت ريهام بأستسلام ثم قالت وهى تهم فى الوقوف :
-طيب انا مش هضغط عليكى لما تحبى تتكلمى انا موجود وهسمعك .. بس دلوقتى عشان خاطرى كلى اى حاجه لحد ما انزل اشترى شويه طلبات وارجع .. ماشى ؟!..

هزت حياة رأسها موافقه بصمت وهى تبتسم لها بخفوت ، بادلتها ريهام ابتسامتها بأخرى مشجعه وهى تلوح لها بيدها قبل اختفائها خلف باب المنزل الذى أغلقته خلفها بأحكام .

بعد ما يقارب نصف ساعه سمعت حياة عده طرقات فوق باب المنزل الخشبى الشبهه متهالك ، قطبت جبينها وهى تفكر بأستنكار ، ترى هل نست ريهام مفتاح المنزل ؟!. فتلك مرتها الاولى التى تقرع بها الباب ، ربما تحمل الكثير من الأشياء والتى تمنعها من استخدامه ، هذا ما فكرت به حياة مبررة وهى تتحرك ببطء نحو الباب لتفتحه

شهقت بصدمه وهى تتحرك عده خطوات للخلف مذعوره ونظرها مسلط عليه بهيئته المشعثه و نظراته الغاضبه المسلطه فوقها ، هل هو امامها حقاً ام ان عقلها يخيل لها ذلك من كثره شوقها ، رفرفت برموشها عده مرات لتتأكد مما تراه امام عينيها الان ، همست اسمه بعدم تصديق بعدما تأكدت من وقوفه امامها حقاً :
-فريد ..

هز رأسه مؤكداً بشراسه وهو يتحرك فى خطوات ثابته نحوها حتى دلف داخل المنزل واعطى امرأ لحراسه قائلاً بجمود شديد :
-خليكم هنا ..

انهى جملته واغلق الباب خلفه بحده قائلاً بنبره ناعمه كالحرير وهو يرفع حاجبيه معاً :
-فريييد .. جوزك ..

قبض على ذراعها بقوه وغرز اظافره داخل مرفقها مما جعلها تتأوه بخفوت ثم اضاف بشراسه وهو يضغط على حروف كلماته :
-اللى فكرتى نفسك ذكيه بزياده عشان تهربى منه ..

همست اسمه بتوسل ليتركها فهتف بحده يقاطعها بأشمئزاز :
-اياكى .. إياك تنطقى اسمى ده على لسانك تانى فاهمه !!! ..

رفعت رأسها بتوجس تنظر لملامح وجهه لعلها تستنبط شئ منها ، كان وجهه لا يفسر من شده الغضب مع نظرات الاشمئزاز التى يرمقها بها للمره الاولى فى حياتها ، تسمرت نظراته فوقها وهو يرى بكائها بصمت ثم دفعها بحده فوق الاريكه البسيطه الموضوعه بمدخل الغرفه قبل سحبه لاحد المقاعد الخشبيه والجلوس قبالتها بطريقه عكسيه ، ابتلعت حياة لعابها بصعوبه محاوله استجماع جزء بسيط من شجاعتها او ثباتها امامه فلو كانت النظرات تقتل لسقطت صريعه امام حده نظراته ، تحدث فريد بنبره عدائيه للغايه ربما سمعته يحدث بها اعدائه ولكن هى !! يبدو ان ذلك اليوم سيحدث به الكثير من الأشياء للمره الاولى ، هذا ما فكرت به حياة بذعر وهى تستمع إليه يقول :
-قولى ان اللى عملتيه ده ليه علاقه بزياره نرمين ليكى عشان صدقينى دى فرصتك الوحيده اللى ممكن اديهالك ..

لا لقد قطعت شوطاً كبيراً فيما قررت فعله ومن نظراته لها علمت انها خسرت رفقه معها وربما حبه ولم يتبقى لها سوى طفلها لحمايته لذلك اخذت نفساً عميقاً ثم اجابته بشجاعه هشه :
-محدش ليه علاقه باللى عملته .. انا اللى مش عايزه اكمل ..ولو سمحت خلينا ننفصل بهدوء ..

بمجرد سماعه جملتها انتفض من جلسته ودفع المقعد بقدمه ثم جذبها من مرفقها مره اخرى حتى تقف قبالته ثم قال بأحتقار وقوه :
-مش فريد اللى مراته تهرب منه .. وبرضه مش فريد اللى واحده تقوله انها عايزه تسيبه حتى لو كان روحه فيها .. يوم ما زهق منك انا اللى هرميكى .. زى بالظبط ما كان جوازنا مش بمزاجك انفصالنا برضه مش بمزاجك ..

كان صدره يعلو ويهبط من شده الانفعال رغم انخفاض نبرته اما عن وجهه فقد تحول إلى قطعه قرمزية من شده الغضب والضغط فوق فكه ، كانت تعلم انها تجاوزت معه الحدود التى من الممكن ان يقبل بها وانها كانت تتمسك بسراب ولكن طفلها يستحق تلك المحاوله لذلك سألته بتوجس :
-قصدك ايه ؟!..

اقترب منها حتى شعرت بأنفاسه الساخنه السريعه تلفح وجهها ثم اجابها بنبره شرسه ولكن خفيضه تشبهه الفحيح :
-يعنى فى مليون طريقه ارجعلك بيها تحت رجلى تانى اولهم الطاعه ..

شهقت حياة بفزع من قسوته وبدء جسدها يرتجف تحت لمسته ناهيها عن ارتجافته الداخليه التى اصابتها منذ رأته امامها فذلك الجانب منه يخيفها حتى الموت ، اردف فريد حديثه بنبره واثقه :
-بس انا مش عاجز عشان ارجع مراتى بالمحاكم ..

سألته حياة بنبره مرتجفه للغايه :
-قص.. قصدك ايه ..
ابتسم بشراسه وهو يخرج هاتفه من جيب سترته ثم ضغط على عده ارقام وقام بتفعيل مكبر الصوت منتظراً اجابه الطرف الاخر ، استمعت حياة اجابه الطرف الاخر ثم هتفت بصوت باكِ :
-ماما ..

اجابتها آمنه بنبره قلقه متسائله :
-حياة .. بنتى .. انتى بتكلمينى من تليفون فريد ليه ؟!.. ومال صوتك ؟!.. ومين الناس اللى واقفين حوالينا دول يا بنتى ؟!.. بيت ايه ده اللى هيمشونا منه انا وابوكى !!.. انا مش فاهمه حاجه .. ومحدش عايز يطمنى .. عايزين يرمونا فى الشارع على اخر الزمن يا حياة .

رفعت حياة رأسها تنظر بقهر لفريد الذى كان يقف امامها بتفاخر وعلى ما يبدو بدء هدوئه بتلك المكالمه يعود إليه ، بالطبع لم لا يعود إليه وقد التقطت تهديده لها بوضوح !!، أخذت نفساً عميقاً لتهدئه خفقات قلبها ومسحت بأناملها دموعها المنهمره ثم أجابت والدتها بنبره حاولت قدر الامكان مطمئنه :
-متخافيش يا ماما مفيش حاجه ده اكيد سوء تفاهم مش اكتر .. محدش هيتحرك من بيته ولا حد هيقدر يطلعك منه ..

نطقت جملتها تلك وهى تنظر داخل عيونه بنظره ذات مغزى جعلته يلوى فمه بأبتسامه رضا ، فرغم كل شئ هو يعلم جيداً نقطه ضعفها ويعلم انه اذا ضغط عليها بالأسلوب المناسب ستنصاع لكافه اوامره ، انهت مكالمتها مع والدتها ثم قالت بخضوع تام دون النظر إليه :
-هدخل اغير هدومى واجيب شنطتى ..

لم يعقب على جملتها فقط اتبعها نحو الداخل فهو لا يضمن تفكيرها ، بدلت ثيابها حيث انها كانت ترتدى احدى منامت زميلتها البيتيه وارتدت الثياب التى كانت وضعتها داخل حقيبه يدها عند الهروب تحت نظراته الجامده ثم التقطت حقيبه يدها وتحركت مره اخرى نحو الخارج

فى تلك الأثناء عادت صديقتها للمنزل محمله بعدد من الحقائب البلاستيكية والتى تحوى عده مستلزمات للمنزل ، تفاجئت بمجرد وصولها لباب منزلها بعدد من الأجسام الرياضيه العريضه التى تقف امامه وتغلق مدخل المنزل كأنهم حرس الرئاسه ، حاولت المرور من بينهم فقام كبير حّراسه بمنعها ، دفعته ريهام بقوه وعنف غير عابئه بالفارق الجسدى بينهم وهى تصرخ بقوه :
-اوعى ده بيتى .. انت مين عشان تمنعنى !!! انا هدخل يعنى هدخل ..

التفت كلاً من حياة وفريد على أصوات الصراخ بالخارج وكان هو اول من تحرك نحو الباب يستكشف الامر ، فتح باب الباب بهدوء فتفاجئ بريهام تدفعه هو الاخر بعدما اومأ لحارسه بتركها وتركض نحو حياة تسألها بلهفه :
-فى ايه !! مين دول .. واهم حاجه انتى كويسه ؟!.. حد عملك حاجه ..

جائتها الاجابه من خلفها بصوت فريد يقول بنبره متهكمه :
-متخافيش عليها من جوزها ..
التفت ريهام تنظر نحوه بحده عده لحظات متفاجئه ثم عادت برأسها تنظر نحو حياة وهى تسألها بأستنكار :
-اللى بيقوله الاستاذ ده حقيقى ؟!..

اومأت حياة رأسها موافقه بخفوت وقد عادت الدموع تنهمر من عيونها مرةً اخرى ، سيكون ملعون ان تساهل معها ، هذا ما فكر به فريد وهو يضغط فوق كفه بقوه مقاوماً رغبه ملحه فى التقدم منها ومسح عبراتها المنسكبه ، عادت ريهام لتسألها بنبره اقل تحفزاً مستفسرة بعدما لاحظت استعداد حياة للرحيل :
-على فكره انا ممكن اطلب البوليس دلوقتى واعمله قضيه تهجم لو كان بيجبرك على حاجه ..

اجابتها حياة بلهفه نافيه :
-لا .. لا .. معملش حاجه .. انا هروح مع فريد ..
سألتها ريهام بتشكك وعينيها تنتقل بينهم :
-انتى متأكده ..

هزت حياة رأسها للمره الثالثه موافقه بصمت ثم احتضنت صديقتها بحب وهى تشكرها على كل ما فعلته معها منذ قدومها قبل تحركها معه نحو الخارج ، قادها فريد للأسفل وهو ممسكاً بذراعها ووضعها داخل السياره ثم اغلق الباب خلفها جيداً قبل ان يتحرك نحو الباب الاخر ليجلس جوارها طالباً من سائقه التحرك على الفور ، تحركت سيارته اولاً على طول الطريق الضيق الغير ممهد وتحركت خلفه سيارة حراسته

جلست حياة جواره بصمت مثقل فحتى ذرات الهواء بينهم محمله بالكثير من التوتر ، أسندت رأسها فوق مقعد السياره وقد شعرت بذلك الالم يضرب اسفل بطنها ومؤخره ظهرها مرةً اخرى ، اغمضت عينيها بأرهاق محاوله سحب نفسها من ذلك الجو المشحون بينهم عل وعسى تسترخى عضلاتها ويسترخى معه طفلها ، بعد فتره من الصمت كان فريد يراقب خلالها الطريق الزراعي شعر برأسها تستند فوق كتفه ، التفت بحده ينظر إليها فوجدها غارقه فى ثبات عميق

اغمض عينيه بقوه هو الاخر يقاوم رغبته فى احتضانها وسحقها بين ذراعيه ، زفر عده مرات محاولاً ايجاد ارادته والسيطره على انحراف مشاعره الذى انتابه منذ وضعت راسها فوق كتفه ، حركت هى كفها تتمسك بساعده بقوه كأنها تستمد منه العون اثناء نومها ، اى جحيم هذا الذى اوقعه فى طريقها !! ولماذا هى دوناً عن كل النساء مفاتيحه بيدها ، هذا ما فكر به بسخط وهو يتأمل تشبثها به طفل صغير كأنه دميتها الكبيره ، لوى فمه بسخريه ، لقد اصبح فعلاً دُميتها ، تحركه بنظره واحده من عينيها وتطفئ غضبه بلمسه حانيه من يدها ، لقد اصبحت كالادمان بالنسبه له ،. تتحرك بين عروقه كيفما شاءت واينما شاءت ، دائه ودوائه ، ناره وجنته ، ضعفه وقوته ، هل تعلم ما مر به منذ سماعه خبر اختفائها ؟!، كيف استقبل خبر اختفائها وظنه انها خُطفت !!، كيف ترك كل ما حوله واستقل طائره خاصه من اجل العوده والبحث عنها ؟!، هل تعلم انه لم يغمض له جفن منذ اربعه ليالى ؟!، وانه استأجر معظم شركات الحراسه المغموره قبل المعروفه للبحث عنها فى كل المناطق والمدن الممكنه الذهاب إليها ؟!، هل تعلم انه ولاول مره فى تاريخه سمح لشخص ما رؤيه ضعفه !!، ولولا مساعده والدتها له لما تكمن من إيجادها بتلك السرعه ، ولا تمكن ايضاً من إعادتها معه ، اجل لقد شاركته والدتها وصديقه والدته ذلك المخطط حتى يجبراها على العوده معه بعدما أخبرته عن شكوكها بشأن صديقتها ريهام القادمه بمحافظه اخرى ، لا ويدرك جيداً استحاله علمها فى يوم فحبه غير متبادل ، كان يظن ولكن خاب ظنه ، لقد أخطئ لاول مره فى حياته فى تقدير أمر ما ، بالطبع سيخطئ ، كيف يستطيع تقدير الامور بشكل صحيح وعقله امامها ينقلب رأساً على عقب وليس فقط قلبه ، لقد وسوست له افكاره ان تلك النظرات التى ترمقه بها هى حب ولكن هيهات !! فمن يحب حقاً لا يؤلم ، لا يترك ، ولا يهرب

تملمت هى فى نومها واصدرت تأوه خفيف من صعوبه الطريق الغير ممهد فوجد نفسه دون مقدمات يهتف فى سائقه بحده ويأمره بالتمهل فى القياده ، رفع إصبعه يتلمس ذلك الانتفاخ اسفل عينيها من كثره البكاء ، لا ، هذا ما هتف به داخلياً وهو يعيد كفه لجواره ، فكلما غمد غضبه منها يتذكر لحظه إمساكه هاتفها ورؤيته لرقم شريكه يزين شاشته ، بالطبع كان هاتفها بنظام بصمه الأصبع فلم يستطع الولوج بداخله والبحث به براحه حتى يتأكد من شكه الذى يساوره ، ولكن صبراً فلكل مقاماً مقال ، هذا ما وعد به نفسه ليهدء من ثوره غضبه ، لقد أتم هدفه الاول وهو إعادتها لجواره وبعدها ليعلم وعلى مهل سبب هروبها منه من الاساس .

استيقظت حياة قبل وصولهم إلى المنزل بمده ليست طويله لتجد نفسها تستند برأسها على كتفه ويدها تحاوط عضده ، اعتدلت فى جلستها وابتعدت عنه فى صمت متحاشيه النظر لوجهه وبعد عده دقائق لم تقاوم اغراء النظر إلى جانب وجهه الذى افتقدته بشده ، ظلت تتأمله بهدوء بهيئة المشعثه وذقنه التى اصبحت غير مشذبة مع وجوم ملامحه ، ان ملامح الارهاق تبدو جليه على وجهه وهناك بعض الخطوط التى تحاوط فمه وذقنه من شده الضغط على اسنانه ، حتى بتلك الحاله يبدو بالنسبه لها أوسم الرجال ، يالله هل كانت تتخيل ان تحيا من تبقى من عمرها دونه !! ، ٧ ايام كانت تكفى وتزيد لتشعر بروحها تخرج من جوفها اشتياقاً له وقلقاً عليه ، نعم تشتاقه حتى اذا كانت تشاركها إياه امرأه اخرى وطفل اخر ، لم يكن يحتاج إلى تهديدها لتعود معه فمنذ رؤيته امامها شعرت بمقاومتها تتلاشى وبتلك الرغبه العارمه فى العوده إلى دفء احضانه ، حتى دون رؤيته هذا كل ما تمنته خلال الايام المنصرمة منذ تركها للمنزل ، اعادها من شرود افكارها تلك توقف العربه امام المنزل ، تحرك هو اولاً كالسابق وجذبها من مرفقها تلك المره ايضاً حتى توجهه بها إلى غرفتهم ، كان المساء قد حل واسدل الظلام ستائره على المنزل بأكمله ، صادف فى طريقه نحو الدرج عفاف التى ركضت مهروله بقدر ما سمح لها سنها ووزنها لاستقبال سيدة المنزل المحبوبة فقاطعها فريد بحده قائلاً بنبرته الصارمه :
-مش عايز اى ازعاج من اى نوع مفهوم ؟!!!!..

اومأت عفاف برأسها موافقه عده مرات قبل انسحابها للداخل فملامح وجهه لا تبشر بالخير ، دلفا إلى غرفتهم ثم قام بدفعها بقوه قائلاً بحده وهو يغلق الباب خلفه بالمفتاح :
-من هنا ورايح .. لا يبقى ليكى صوت ولا نفس .. تعيشى زيك زى الجماد تاكلى بأذنى وتشربى بأذنى وتتحركى برضه بأذنى فاهمه !!..

هتف كلمته الاخيره بصوت جهورى جعلها تنتفض ذعراً ثم استطرد حديثه قائلاً بشراسه وهو يقترب منها ليقبض على ذراعها مرة اخرى :
-انتى ملكى انا ولحد ما انا اقرر امتى هرميكى هتعيشى هنا زى الجاريه لمزاجى وبس ..

ختم حديثه وترك ذراعها ثم بدء فى خلع ملابسه والقائها فوق الارضيه بعشوائيه مع نظره ارعبتها ، هتفت هى اسمه بعدم تصديق قائله :
-فريد !!..

صرخ بها بقوه رجت أركان الغرفه وجعلتها تتراجع للخلف :
-قلتلك متنطقيش اسمى على لسانك ولا تتكلمى غير بأذنى ..

هزت رأسها بذعر موافقه فأفضل حل لاحتواء غضبه الان هو الصمت ، دفعها فوق الفراش بعدم اهتمام ثم استلقى فوقها دون مقدمات مدفوعاً بكل ما مر به من مشاعر منذ لحظه سماعه عن اختفائها ، اغمضت حياة عينيها محاوله تجاوز ذلك الالم الذى يزداد مع كل حركه عنيفه منه معها ، بدءت دموعها تهبط فى صمت فهى تعلم ان لا سبيل معه الليله مهما تحدثت وتوسلت لذلك تركته ينفس عن غضبه بالطريقه التى اختارها ، فقط ظلت تدعو الله بصمت ان يحفظ لها طفلها فذلك الالم المتواصل منذ عده ساعات والذى اصبح الان لا يحتمل بسبب قوه فريد معها جعل القلق يدب داخل أوصالها ، بعد فتره انتهى هو مما يقوم بِه ثم استلقى جوارها على الفراش معطياً لها ظهره بعدم اكتراث ، تنفست حياة الصعداء واغمضت عينيها بوهن شديد وهى تفكر بيأس هل تخبره بما تشعر به ام تظل صامته حتى يختفى الالم من تلقاء نفسه ؟!، اثناء تفكيرها بذلك ومن شده إرهاقها ذهبت فى غفوه قصيره تخللها الالم ، بعد فتره قصيره اصبح الالم لا يحتمل وشعرت ببعض البلل أسفلها ، تحركت بألم شديد ترفع الغطاء من فوقها فتفاجئت ببقعه كبيره من الدماء تغطى الفراش أسفلها ، صرخت اسمه بذعر شديد مستنجده به بصوت باكى وكفها يهزه من مرفقه :
-فريد الحقنى ..

انتفض فريد بمجرد سماعه صراخها ينظر نحوها برعب ثم توجهت أنظاره حيث موقع تركيزها ، انها جالسه فى بركه دماء !!!، هذا ما فكر بِه بهلع وهو يلتقط من الارضيه ملابسه ويتمتم بلهفه مطمئناً لها :
-متخافيش .. متخافيش ..

انتهى من ارتداء ملابسه فى اقل من دقيقه وركض نحو خزانه ملابسها يلتقط منها اى شئ ذو نفع لارتدائه وبعد اقل من ثلاث دقائق كان يحملها بدمائها ويركض بها نحو سيارته وهو يصرخ فى احد رجال حراسته بفتح باب السياره له ، صعد بها بذعر شديد وهى تنتفض بين ذراعيه وتتمتم بتوسل :
-فريد الحقنى ..وقفه بأى طريقه .. اعمل اى حاجه ووقفه ..

لم يكن عقله يستوعب حرف مما تنطق به فكل ما يشغل باله هو مشهد الدماء الذى كانت تحاوطها ، اللعنه عليه ماذا فعل بها !!، غمغم برعب هو الاخر يهدئها :
-متخافيش مش هخلى حاجه تحصلك ..

هزت رأسها بثقه ثم بدءت الرؤيه تتشوش لديها قبل ذهابها فى ظلام سحيق ..

بعد قليل وبمجرد وصوله لمشفاه الخاص سلمها لطبيب الاستقبال وداخله يرتجف هلعاً عليها ، وضع كلتا كفيه فوق رأسه وظل يتحرك برعب شديد ذهاباً واياباً امام الغرفه وفى ذلك الوقت خرج كبير الأطباء والذى هرول هو الاخر نحو الغرفه بمجرد سماعه عن وصول اكبر مساهمى المشفى إليها قائلاً بنبره عمليه قبل اختفائه خلف أبواب الفحص:
-متخافش يا فندم .. هدخل اشوف ايه الوضع واطمنك ..

وبالفعل بعد عده دقائق عاد رئيس الأطباء بملامح جامده للغايه ، ساله فريد بلهفه واضحه :
-ها حياة مالها ؟!..

هز الطبيب رأسه اسفاً ثم اجابه بنبره مترقبه :
-للاسف يا فريد بيه .. ملحقناش الجنين ..
هتفت فريد خلفه متسائلاً بعدم تصديق :
-جنين ؟!!! ..

تنحنح الطبيب قائلاً بحرج :
-واضح ان حضراتكم مكنش عندكم خلفيه .. بس للاسف المدام كانت حامل فى الشهر الاول وبسبب المجهود الشديد مع علاقه خشنه شويه الجنين نزل .. يمكن لو حضرتك جيت بيها بدرى شويه كنا قدرنا نعمل حاجه .. بس بالنسبه لحياة هانم هى كويسه .. الدكتوره معاها جوه هى محتاجه عمليه تنضيف مش اكتر ربع ساعه بالكتير وحضرتك تقدر تشوفها ..

حرك فريد رأسه بجمود يحاول استيعاب حديثه ، حامل !! حياة !! اجهاض بسببه !! ، نعم هو السبب ، هو من سمح لغضبه بالسيطره عليه وأذيتها ، اذيتها هى وطفله الذى ذهب قبل حتى اكتشافهم امره ، لقد نقض عهده مع والدته وسمح لجينات والده فى السيطره عليه ، اللعنه عليه وعلى ما فعله ، لقد تم عقابه بأسوأ طريقه ممكنه ، حرمانه من الطفل الذى طالما تمناه منها هى وهى فقط ، ظل ينظر بشرود فى اتجاه الغرفه التى تحويها حتى خرجت بعد قليل مدفوعه بالسرير المدولب ، سار خلفها كالمغيب حتى وصلا إلى غرفه عاديه ، حملها المساعدين بحذر شديد لنقلها إلى فراش الغرفه ثم قامت الطبيبه بغرز تلك الابره الطبيه التى تكرهها بداخل يدها لايصال المحلول الطبى لها وهى تمتم لفريد شارحه حالتها :
-الحاله كويسه جداً ووضع الرحم ممتاز مفيش اى مشاكل ان شاء الله حضرتك اطمن .. هى بس ضعيفه شويه ومحتاجه تغذيه فحطتلها محلول ومعاه المضاد الحيوى .. بعد شويه هتبدء تفوق وتقدر حضرتك تخرج بيها بعد المحلول مفيش اى مشكله تمنعنا ..

تحركت الطبيبه نحو الخارج عده خطوات ثم استدارت تردف على مضض :
-احب افكر حضرتك انها محتاجه تكون بعيده عن اى مجهود يأذى الرحم لمده اسبوعين او تلاته .. حضرتك فاهمنى طبعاً .. غير كده مفيش اى موانع من اى نوع .. والعامل النفسى مهم طبعاً فى حالتها ..

هز فريد رأسه موافقاً وانتظر خروج الطبيه من الغرفه ثم تحرك نحوها ، تمسكت كفه بيدها المغروز بها تلك الابره الطبيه والتى يعلم جيداً انها تتألم بسببها ، جلس فوق الارضيه جوار فراشها وبدء يبكى بحرقه ، تمتم بصوته الباكى قائلاً لتلك الغائبة عن الوعى بندم:
-انا اسف .. انا السبب .. انا اللى قتلت ابننا .. انا مكنتش اعرف .. انا اتمنيته اكتر حاجه فى الدنيا .. انا مش هجبرك على حاجه تانى .. لو مش عايزانى مش هجبرك .. انا مش عايز أذيكى زى ماما .. حتى لو عايزه غيرى انا مش هأذيكى ..

بدءت حياة تستعيد وعيها شيئاً فشئ على صوت همهماته الضعيفه ، تململت فى نومتها بوهن شديد وقطبت جبينها من ذلك الالم القادم من كفها ، تحرك هو من جلسته بمجرد احساسه بها تتحرك بعدما قام بمسح وجهه وتنقيه حلقه ثم انحنى بجذعه نحوها يسألها بهدوء :
-انتى كويسه ؟..

حركت رأسه إيجابياً بصمت ، انتظر هو شكوتها كالمعتاد ولكنها فاجأته بأن حركت رأسها فى اتجاه كفها الأيسر ثم رفعته للاعلى قليلاً تنظر إليه ثم اعادت وضعه فوق الفراش بهدوء دون تعقيب او صوت يُذكر ، حاول هو طمئنتها فتحدث قائلاً من اجل التخفيف عنها :
-متقلقيش المحلول قرب يخلص واول ما يخلص هتتشال من ايدك على طول .

دائماً ما كان يفهمها دون حديث ، هذا ما فكرت به حياة بحب وهى تستمع لحديثه رغم جمود ملامحها ورغم عدم تعقيبها على جملته فقط اكتفت بتحريك رأسها للمره الثانيه ، لقد علمت بفقدان طفلها نعم ، فقبل بدء مرحله تخديرها استعادت وعيها اولاً واخبرتها الطبيبه بما حدث وبما كانت تتوقعه من الاساس نظراً لكميه الدماء التى رأتها فوق الفراش ، تنهدت بحزن واغمضت عينيها محاوله اخفاء الدموع التى لمعت بداخلها ، فمن فعلت كل هذا من اجله ذهب من غير رجعه ولم يتبق لها سوى غضب فريد مع امرأه اخرى تشاركه به وتحاول بشتى الطرق تدمير زواجها ، هل هى غاضبه منه ام من نفسها ؟!، تردد ذلك السؤال داخل عقلها بقوه ، ربما منهما سوياً بنفس المقدار ولكن بالنسبه للوم فهى لا تلومه ، هى فقط تلوم نفسها من اجل صمتها وعدم تحذيره بحملها لطفلهما ، على كلاً لقد ما حدث ما حدث وقدر الله وماشاء فعل ، هذا ما فكرت به بشئ من الرضا ليساعدها على تخطى محنتها

بعد فتره من الصمت وانتهاء المحلول الطبى وفحص الطبيبه لها للمره الاخيره سألها فريد بأهتمام :
-تحبى تفضلى هنا ولا نرجع البيت ؟!..

اجابته بخفوت شديده متحاشيه النظر إليه :
-مش عايزه اقعد هنا ..

اومأ لها برأسه إيجابيا ثم بدء يساعدها فى خلع رداء المشفى وارتداء ملابسها الاخرى استعداداً للعوده للمنزل ، كانت تتعامل معه بحذر شديد لم يخفى عليه والذى فسره بشكل خاطئ ، اما عنها هى فإلى الان لم تعلم رد فعله عن مسأله إجهاضها والاهم رد فعله عن إخفائها امر حملها عنه ، حملها فريد للخارج رغم رفضها الشديد وتمسكها بالسير بمفردها وبعد رحله طويله من الترقب والإرهاق بالنسبه لها والجمود بالنسبه إليه وصلا إلى المنزل بهدوء ، اصرت حياة تلك المره على الخروج من السياره بمفردها والسير حتى غرفتهم دون تدخل منه او مساعده ورغم عدم اقتناعه بما تطلبه تنحى جانباً تاركاً لها المجال لتنفيذ رغبتها حتى وصلت إلى الدرج ومع صعود اول درجه شعرت بالالم يضربها من جديد لذلك ضغطت فوق شفتيها بقوه وتنحت جانباً تتخذ من درابزين الدرج داعماً لها ، وبرغم من وقوفه خلفها الا انه لم يكن فى حاله تسمح له بجادلها او تحمل عنادها لذلك تركها تعاود المحاوله مره اخرى وتلك المره تأوهت بصوم مكتوم لذلك انحنى بجذعه بنفاذ صبر يضع يده اسفل ركبتها ويده الاخرى فى منتصف ظهرها قبل حملها وتحركه بها للاعلى دون تعقيب او اعتراض منها ، تفاجئت حياة بفريد يدلف بها إلى الغرفه المجاورة لغرفتهم والتى كانت تستخدمها قبل مشاركتها غرفته وقام بوضعها فوق الفراش بحذر ، جلس هو قبالتها بعدما تأكد من راحتها ثم حاول ايجاد كلمات مناسبه لبدء الحديث معها ، اخذ نفساً مطولاً ثم قال بهدوء ظناً منه الا علم لديها بخبر حملها :
-حياة .. انتى كنتى حامل فى الشهر الاول ..

اخذ نفساً اخر يحاول السيطره به على حشرجه صوته ثم اردف يقول بندم :
-انا اسف .. انا مكنتش اعرف .. انا لو كنت عارف انى ممكن أاذيكى او أَآذى ابننا انا عمرى ما كنت هقرب منك .. انا معرفش عملت كده ازاى .. انا عارف ان انتى كمان مكنتيش تعرفى .. وعارف انك موجوعه اكتر منى بكتير .. بس اتمنى تنسى اللى حصل ..

أشاحت حياة بوجهها بعيداً عنه ففى تلك اللحظه هى لا تقوى على مواجهته او النظر داخل عينيه ،هتف هو اسمها بتوسل حقيقى وهو يضع إصبعه تحت ذقنها ويدير رأسها فى اتجاهه :
-حياة .. من فضلك ردى ..

اخفضت رأسها مره اخرى تتهرب من عينيه لذلك ضيق فريد عينيه فوقها ثم سألها بذهول وهو يتحرك مبتعداً عنها :
-انتى عارفه !!!.. انتى كنتى عارفه ؟!!! .. لا استحاله .. انتى لما هربتى كنتى عارفه ؟!..

أشاحت بوجهها بعيداً عنه مره اخرى وقد بدءت شفتها السفليه فى الاهتزاز ، صاح بها بحده وهو يعود ليجلس قبالتها ويهزها بقوه من ذراعيها :
-انطققققى !!! لما هربتى كنتى عارفه بأنك حامل !!.. انتى هربتى بأبنى من غير ما تقوليلى !!.. انتى اييييه !! مش انسانه صح ؟!.. عشان كده كنتى بتعيطى قبلها لما كلمتك !!.. مكنتيش عايزاه !!.. وعشان كده مش زعلانه !! انطققققققى وفهمينى .. هربتى بأبنى عشان تنزليه مش كده ؟!.. وانا اللى فكرت ان نيرمين السبب .. طلعتى متقرقيش عنهم !! .. عملتى كده ليه وعشان مييين قووووولى .. هو اللى ساعدك صح ؟! ..

نظر نحوها بشراسه وقال بأشمئزاز ونبره عدائيه واضحه :
-انا بكرهك عارفه يعنى ايه بكرهك ومش عايز حتى اشوف وشك قدامى ..

عن من يتحدث ؟! لم تجد الشجاعه او القوه لسؤاله فقد بدءت تشعر بالإعياء من شده دفعه وتحريكه لها مع ذعرها منه والشرر الواضح من عينيه ولم تستطع الاحتمال اكتر ، تركها وابتعد عنها وقررت هى الاخرى رغم الضعف الشديد الذى تشعر به الاختباء داخل الحمام والاغتسال عل ذلك يزيل الشعور بالالم والندم الذى ينهش قلبها من حديثه ورؤيه الكره داخل عينيه ، وقفت اسفل رذاذ الماء الساخن تاركه الماء المنهمر يختلط مع دموعها الساخنه حتى ازداد شعورها بالإعياء وأصبحت الرؤيه لديها ضبابيه ، تحركت بوهن شديد خارج حوض الاستحمام وحاولت رفع رأسها والتقاط مئزَر الحمام المعلق امامها قبل شعورها بعدم قدرتها على التنفس واسوداد الصوره امامها ثم سقوطها مغشياً عليها فرق ارضيه الحمام ، سمع فريد الذى لازال جالساً فوق الفراش بصدمه صوت ارتطام قوى قادماً من الحمام ، ركض على الفور نحوها ثم هتف بأسمها مستفسراً عده مرات قبل اقتحامه الحمام ، شعر بالفزع من رؤيتها ممده فوق الارضيه الرخاميه وغائبه عن الوعى ، التقط المئزر بيده والبسها إياه بعدما رفعها وضمها لجسده وهو لازال يهتف اسمها بذعر محاولاً افاقتها دون جدوى ، عاد بها لغرفتها ووضعها فوق الفراش ثم ركض نحو اقرب زجاجه عطرها يلتقطها ويقربها من انفها حتى تستعيد وعيها ، بعد عده ثوان اخرى من محاولته وربته فوق وجنتها بدءت تستعيد وعيها ببطء وعليه تحرك هو من جوارها وتوجهه نحو الحمام يأخذ منشفه صغيره ثم عاد إليها ووضعها فوق شعرها وبدء يجففه فى أليه شديده متجنباً النظر إليها

ظلت حياة تراقب ما يقوم والأفكار تعصف داخل عقلها ، هل حقاً تستطيع التخلى عنه من اجل اخرى ؟!، هل ستسمح له بالاهتمام بغريمتها مثلما يهتم بها ؟!، بعد ما خسرته هل ستترك لها الساحه للفوز بحنانه ؟!، ان تتاح لها الفرصه لاحتضانها واحتوائها مثلما يفعل معها ؟!، ان يتلمس بطنها بشغف للاطمئنان على طفلهم مثلما كانت تتمنى ان يفعل معها ، رفعت كفها ببطء حتى أمسكت كفه ثم وضعته اسفل بطنها حيث كان يمكث طفلهما فى امان ، بدءت تغمغم بخفوت لتذكير نفسها بما فقدته :
-مفيش حاجه هنا .. مكانه فاضى ..

نظر فريد إليها بقلق وهو يراها تستخدم يده للكم بطنها بقوه وقد بدءت نبرتها تزداد علواً وهى تخبره بقهر :
-خلاص مفيش حاجه ممكن تحصل .. هو مش موجود .. مفيش حاجه ممكن تأذيه دلوقتى .. مكانه بقى فاضى .. مش هشوفه بيكبر ولا هتقدر تلمسه .. دوس عشان تتأكد انه مش موجود .. ان مكانه فاضى ..

هتف بها فريد وهو يسحب كفه من يدها لحثها على التوقف :
-حياة اهدى ..

صرخت بِه بقوه وهى تعاود لكم اسفل بطنها بكلتا يديها :
-هو بس اللى راح .. ابنى انا اللى راح .. انت مش فاهم حاجه .. معرفتش احميه ولا احافظ عليه ..

امسك كلتا كفيها محاولاً ايقافها عن لكم نفسها بشتى الطرق فبدءت تدفعه وتلكمه وهى تصرخ ببكاء هيستيرى :
-سيبنى .. اوعى .. ده ابنى انا .. ابنى اللى كنت مستنياه .. اللى كنت عايزه احميه ومعرفتش ..

ضمها فريد لصدره بكل ما أوتى من قوه واعتصرها بين ذراعيه حتى تتوقف عن الصراخ وتتوقف عن ضرب نفسها ويحتوى نوبتها العصبيه ، أخفت رأسها فى صدره وظلت تشهق بقوه وهى تعانقه حتى بدءت شهقاتها تهدء شيئاً فشئ وتحولت لنحيب صامت ، لم يفلتها هو بل ظل محتضنها وهويفكر بندم حقيقى وحزن انها لم تكن مباليه ولا غير راغبه بطفلهما كما يظن فيبدو انها تتألم اضعاف ألمه داخلياً وربما ظلمها ايضاً ولم يكن لديها علم بحملها الا من وقت قصير ، تنهد بحيره فعقله غير قادر على التفكير بشكل سليم ، مما تريد حمايته ؟!، لقد عاد الشك يضرب عقله وبقوه وعليه التحرك لإثبات شكوكه او نفيها ، شعر بأنفاسها تنتظم فوق صدره فعلم بذهابها فى النوم ، حاول التحرك بها ووضعها فوق الفراش وافلاتها من بين يديه ولكن يدها تشبثت بقميصه اكتر ترفض تركه ، تنهد مره اخرى بأستسلام وقام بضمها إليه ثانيةً بعدما قام بمسح دموعها من فوق وجنتها ، اثناء فعله ذلك صدع رنين هاتفه من داخل جيبه فألتقطه على الفور مجيباً حتى لا يزعجها ، تحدث الطرف الاخر بمجرد استقبال فريد المكالمه قائلاً بتبرير :
-فريد باشا .. انا اسف انى بكلم حضرتك فى الوقت بس فى حاجه عرفتها وبصراحه مقدرتش استنى للصبح ..

اجابه فريد بفضول قائلاً بترقب :
-سامعك ..
قال الطرف الاخر دون مقدمات :
-نيرمين هانم .. بعد ما راقبتها اكتشفت انها بتتعاطى مخدر من نوع قوى .

سأله فريد مستنكراً :
-مخدر !!!..
أكد الرجل حديثه قائلاً بأقتضاب :
-مش اى مخدر يا باشا .. ده هيروين ..
ردد فريد بعدم تصديق :
-هيروين !!! متأكد ؟!..

اجابه الرجل مسترسلاً بثقه :
-متأكد يا باشا .. انا بنفسى شفتها وهى بتتعامل مع عيل سيس فى **** وبعد ما مشت روحت دردشت معاه وبكام قرش قالى كل اللى عنده ..
هز فريد رأسه موافقاً ثم قال بهدوء :
-اسمعنى .. أرميلى الولد اللى بتتعامل ده فى المخزن لحد ما افوق واجيله .. وشفلى حد يجبلى تسجيلات مكالمتها الفتره الاخيره كلها ..

انهى بعد آمره ذلك واستماعه لموافقه رجله المكالمه وهو يفرك عينيه بقوه فما سمعه منذ قليل لم يكن بالشئ الهين عليه وقبل كل شئ عليه التريث والتأكد قبل اتخاذ اى خطوه .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top