رواية واحتسب عناق بقلم #الأسطورة_أسماء_حميدة الفصل الخامس عشر

“عبيدة السوالمي”، “عبيدة السوالمي”، “عبيدة السوالمي”!!

اسم أخذ يتردد صداه بمسامع “سالي” ابنة الحج “حسين”، أحست حينها أنها ستصاب بنوبة جنونٍ هيستيرية إذا استمعت إلى ذلك الاسم مرةً أخرى.

فقد كان الاسم يجري على لسان كل مَن عاد والدها بالمشفى، وذلك بعد أن ذهبت للاطمئنان عليه ظهيرة اليوم إبان انتهاءها هي و”غالب” من إصلاح السور كما انتظرت أخيها أكرم لحين عودته من المعهد لتصطحبه معها كما طلب والدها عبر الهاتف.

وذلك كي يأخذا “فاطمة” معهما إلى البيت لِما رآه حسين من آثار الإجهاد الظاهرة بوضوح على محياها، فماج قلقه عليها وفضَّل عودتها إلى المنزل لتستريح، وبعد مجيء” أكرم” انطلقا في طريقهما إلى المشفى.

طوال ساعتين قضتهما “سالي” هناك تزامناً مع توافد الحشود لتقديم واجب الزيارة، ولم تكف الألسن عن الإطراء على ذلك ال “عبيدة” مما أثار بداخلها نوبة من الغضب والغيرة.

وما زاد من شدة شعورها بالنقم هو احتدام حماسة والدها عندما علم أن ذلك الرجل هو المدير المنتظر لمزرعتهم.

وما زاد الطين بلة هو رؤية الفخر مطلًا بأعين أبيها كوْن شخصٍ مرموق ومعروف گ “عبيدة السوالمي” سيكون رئيساً آمراً ناهياً على أملاكهم.

كل هذا نابعاً من رضاه المُستلهم من ردود أفعال أصدقائه وجيرانه المزارعين، وابتهاجهم لتواجد قامة گ “عبيدة السوالمي” في قريتهم.

أما عن “سالي” فقد أشعرتها الصيغ التعظيمية ونبرات التبجيل التي خصوه بها بالاشمئزاز والتقزز وذلك كلما ذكروا اسمه، وكأنه أحد نابغي عصره أو نجم من نجوم هوليوود.

وبعد وصولها بقليل اتصل أخيها “حسام” على هاتف والدهما للاطمئنان على صحته، ولاكتمال غيظها قد سُرَّ “حسام” أيضاً عندما استمع إلى هذا النبأ؛ لأنه عافه من الإحساس بالذنب الذي كان ينهش دواخله لرفضه العودة إلى القرية.

لذا قررت “سالي” أن لا فائدة من التواصل مرةً أخرى مع أخيها “حسام” لتطالبه بالقدوم كي يمنعا ذلك الرجل من الإمساك بزمام الأمور وهذا كون “حسام” وكذلك أبوها الحج “حسين” مرحبان بفكرة حضور “عبيدة السوالمي” للقيام بما وكلته إليه إدارة البنك.

حتى الصغير “أكرم” تلبسته عدوى الإطراء والمديح في تلك الأسطورة المدعاة ب “عبيدة السوالمي”، فلقد أطرب آذانها طوال طريق العودة مع والدتهما “فاطمة” بنصوص قصصية قد استمع إليها عن البطل الخارق “عبيدة”.

حاولت “سالي” السيطرة على نوبات غضبها المتدافعة جراء تلك الجلبة التي أثيرت حول المدير الجديد وگأنه جاء ليصلح حالهم المائل.

وسط كل هذه الأجواء لاحظت “سالي” الصمت المقنن لوالدتها “فاطمة” فهي لم تؤيد أو تعارض وجود هذا المتطفل بحياتهم، ولكنها تتوجس من نظرات “فاطمة” المؤازرة لقيادة هذا الشبح لشئونهم؛ لذا أيقنت أن “فاطمة” هي الأخرى سعيدة بأن رجلاً سيأتي لمتابعة أراضيهم في غياب زوجها المريض.

تأفأفت “سالي” عندما التقطت بارقة الأمل التي تطل من مقلتي “فاطمة” المبتهلة إلى الله بأن ينقذ “عبيدة” ما يمكن إنقاذه حتى لا تؤل كل أملاكهم إلى السيادة الإدارية للبنك.

وحينها سيُعرض كل شيء في مزاد علني للبيع كي يستوفي البنك حقوقه المالية لدى زوجها، وقد ينال هذا من المنزل الذي يأويهم أيضاً.

بعد وصول ثلاثتهم إلى البيت اتجهت “سالي” إلى الغرفة القبلية الملحقة بدارهم التي قد جعلها الحج “حسين” كغرفة مكتب، واضعًا بها طاقمًا معدنيًا مكونًا من مكتب بمقاعده العملية وخزانة تحوي الملفات الخاصة بالمزرعة وكل ما يتعلق بشئون العمل بها.

وذلك بعد أن كانت الغرفة مخصصة من قبل لتكون غرفة لتناول الطعام؛ هذا لقربها من المطبخ، وبما أنهم يتناولون الوجبات في ردهة المنزل على طاولة كبيرة تشبه السفرة أو على أخرى موضوعة بإحدى زوايا المطبخ الكبير آلت الغرفة القبلية لما هي عليه الآن.

تأملت “سالي” المكان حولها وهي تمرر نظراتها على محتويات الغرفة فها هنا “تابلوه” خشبي ذو أوتاد معلق بكل واحد منها بندقية صيد تختلف إحداها عن الأخرى.

ف”سالي” ووالدها عاشقان للصيد البري إذ كان “حسين” يصطحبها معه في جولات على فتراتٍ متباعدة.
حاملان معهما بنادق القنص المذخرة إلى أطراف المدينة ليستمتعوا بالمنافسة التي تدور حول مَن سيكون له الأفضلية في تتبع فريسته التي ستكون إما أرنباً برياً أو ذئباً جبلياً من ذئاب الجبل الضالة.

وإلى جوار “تابلوه” الأسلحة معلقٌ رأس ذئب قد نالت بندقيتيهما معاً منه فعمد أباها على تحنيط هذا الجزء منه وعلقه بجدار الغرفة تخليداً لذكرى جولتهما المثمرة.

وظل يخبر كل أهل القرية عن بسالة “سالي” التي نالت رصاصة بندقيتها من ساق الذئب بالرغم من سرعته العدائية القصوى مما شل حركته فتولى “حسين” مهمة إنهاءه بسهولة.

وفي أحد الأركان يقبع هذا الكرسي الخشبي الهزاز المفضل لدى والدها، ومنذ بضعة أعوام قليلة وضع الحج “حسين” بالزاوية الشاغرة لغرفة المكتب تخت صغير؛ كي يستريح عليه أثناء تكاتلت المهام نهارًا في المواسم التي تحتاج فيها الأرض إلى نوبات عمل متواصلة.

أو ليأخذ وقتاً مستقطعاً بسبب تفاقم الأعمال الكتابية الخاصة بالسجلات الضريبية وساعات السهر التي تتطلبها إنهاء هذه الأوراق ليلاً.

رفعت “سالي” سماعة الهاتف الأرضي بعد أن جلست على المقعد الأساسي للمكتب؛ كي تهاتف “غالب” لتذكِّره بضرورة الحضور لمعاينة آلة الري التي أحترق ماتورها عند الحوض القبلي.

وعندما لم يأتيها الرد على الهاتف الأرضي الخاص ببيت آل “السوالمي” أخرجت جوالها من جيب منطالها لإجراء المكالمة عبر هاتفها الخلوي وهي تبتهل إلى الله راجية بأن تتم باقة رصيدها الجميل ويكون معها ما يكفي من وحدات حتى نهاية المكالمة، وألا ينفذ ما تبقى لديها من رصيد وحينها ستكون بموقفٍ مخزٍ.

متناسية أنه ما من مرة تلقى فيها “غالب” مكالمة منها إلى وأغلق الخط، ومن ثم يعاود الاتصال بها سواء أكان لديها رصيد أم لا.

وكالعادة ما إن انقطع رنين الانتظار حتى وجدت شاشة هاتفها تضيء برقمه المسجل لديها وصوته المبتهج يبادرها قائلاً:
-لابد وأن أسجل اليوم التاريخي هذا يا حسناء القرية، أراكِ في الصباح وتهاتفينني بالمساء!!

-متى ستقتنعين بأن القدر يضعني دوماً في طريقكِ؟

-ألا تتعظين؟!

زفرت “سالي” بتململٍ، وهي تجيبه بامتعاضٍ:
-“غالب”!! أهذا وقته؟! أو كان ينقصني تملقك أنت الآخر؟!

تجعد جبين “غالب” بضيقٍ، وهو ينهر حاله بعد أن تناسى خطأها بحقه هذا الصباح، ولكن ماذا يفعل بقلبه العاشق لكل ما فيها!!
وصوتها الشجي الذي يحمله إلى أعالي قمم الشوق، لتقذف به هذه الجاحدة إلى السفح دون أدنى إحساس ولو بالشفقة.

لذا تمسك برباطة جأشه المتلاشية من الأساس، ليجيبها بشيءٍ من الجمود، قائلاً:
-ماذا هناك؟

تحمحمت “سالي” تجلي صوتها، وهي تجيبه بنبرة صوت مُهادنة، إذ استحضرت موقفهما هذا الصباح، شاعرةً بالاستياء من حالها لما قذفت به في وجهه من كلماتٍ فظة، وها هي تعاود الكرة وبنفس اليوم.

لذا أردفت تقول بآسى:
-أعتذر منك “غالب”، ولكن مَن غيرك سيتفهم ما أمر به هذه الفترة؟

-أعلم أن لي مكانة خاصة عندك لذلك آمل أن تغفر لي ذلة لساني.

كتم “غالب” صوت المكبر، وهو يتأوه بلوعةٍ وقلبه يؤلمه منها وعليها، تقول أن لها مكانة خاصة عنده!!
عن أي مكانة تتحدث، وهي قد شغرت بنابضه وروحه كل الأماكن ولم يتبقى شيئاً لأحدٍ سواها!!

استعاد ثباته عندما استمع إليها تناديه عبر الهاتف:
-“غالب”! “غالب”! هل أغلقت الخط؟!

فَعَّل “غالب” صوت المكبر، يقول بفتورٍ:
-ولِم سأغلقه؟! لقد انشغلت قليلاً مع أحد العمال لذا كتمت الصوت.

-عذراً، ماذا كنتِ تقولين منذ قليل؟ لم أكن منتبهاً.

“سالي” بحرج:
-لا عليك.. ما دمت مشغولاً سأتصل بك لاحقاً.

“غالب” مسرعاً:
-لا.. لا تغلقي، لقد أنتهيت بالفعل من شاغلتي، أنا معكِ الآن.

-قولي “سالي”، ما الأمر؟

داخله يسب ويلعن ضعفه أمامها ولكن ما على القلب من سلطان، فكل العهود التي يقطعها على نفسه بضرورة النجاة من دوامة هوسه المرضي بها تذهب في مهب الريح من مجرد احتكاك بسيط بينهما كالآن.

فصوتها بأذنيه نغم، ومرأها فرحٌ وألم، مشاعرٌ متضاربة تبعث بداخله الشجن ولا مِن مجيب ليزيل عن روحه السأم، فلا مجال للتضحيات ما دامت جراحه لا تلتئم.
ولكن ماذا بيد “غالب” ليفعله وهو موشوم بلعنة عشقها؟!

“سالي” بضيق، كونها ستضطر إلى الاعتذار إليه مرةً أخرى:
-كنت أعتذر منك على ما حدث صباحاً، وانفعالي عليك منذ قليل.

“غالب” بسماحة:
-لا عليكِ “سالي” ما دمتِ قد أقريتِ بخطأكِ.

“سالي” بعنفوان:
-أنا لم أخطئ… أعني… ما علينا “غالب”، دعنا ننسى ما حدث.

“غالب” بإيجازٍ : – فليكن.

“سالي” بالتماسٍ:
-أعلم مشغولياتك، ولكن لا أحدًا يمكنني الاعتماد عليه سواك.

“غالب” بصدقٍ : – أبدًا لن أخذلكِ.

” سالي” بنعومةٍ : – هل لي بطلب؟

“غالب” دون تفكير : – أي شيء، وأيما طلبتِ فهو مجاب.

“سالي” بامتنان : -ما حرمني الله منك يا “غالب”.

“غالب” بانسجام:
-ولا منكِ يا قل….

بتر عبارته يغيير مجرى الحديث من مشاعر مفعمة بالحب إلى حوار ودي بين رفيقين، فاستكمل قائلاً:
-ولا منكِ يا “سالي”، ها.. ما سبب هذه المقدمة الطويلة؟!

“سالي” باستحياء:
-اتصلت كي أذكرك بالمضخة، آمل ألا تنسى المرور لمعاينتها قبل حضور هذا البغيض قريبكم.

قهقه “غالب” على ما نعتت به “عبيدة”، وهو يعقب:
-حاذري أن يستمع إليكِ وأنت ترميه بدبشتين من مفرداتك المهذبة تلك، ف “عبيدة”لن يغفر لكِ گ “غالب”.

“سالي” بامتعاضٍ : – وما حاجتي لغفرانه؟!

“غالب” بجديةٍ:
-لقد حذرتكِ، وعليكِ أن تواجهي نتيجة أفعالكِ.

-“عبيدة” فيما يخص العمل، لا يرحم.

“سالي” بغيظٍ : – “عبيدة” مجدداً، ألن ننتهي؟!

-اللعنة!

هز “غالب” رأسه بيأسٍ من تلك العنيدة، وهو يقول:
-مما ستنتهي؟ وهل حضر من الأساس؟!

-إنه لم يمر علينا حتى.

“سالي” بنزقٍ:
-لا.. لم يتعطف علينا بالحضور، ولكنه على وشك.

-أتمنى من الله أن يضل الطريق أو يقطعه عليه لصوص الطرق أو ذئب من ذئاب البرية المفترسة.

-وبهذا تكن قد حُلَّت كل مشاكلي التي هو سبب أساسي بها.

-قل آمين؟

“غالب” بصدمة:
-أتريدين مني أن أُئمن على دعاءكِ بمصيبة تنال من ابن عمي يا جبارة أنتِ؟!

“سالي” بحدةٍ : – رضاي أم سلامة الوغد ابن عمك؟

“غالب” بمرح:
-وهل هذا يحتاج إلى سؤال؟!

-رضاكِ قطعًا يا أميرة.

“سالي” بتذمرٍ : – “سالي”.. إذا سمحت.

“غالب” بعذوبةٍ : – رضاكِ يا أميرة “سالي”.

“سالي” بدعابةٍ : – هذا هو فتاي المطيع.

-متى ستمر للمعاينة؟!

“غالب” بتأكيد : – الليلة بأمر الله.

دخلت “فاطمة” في اللحظة ذاتها التي دعست فيها “سالي” على زر إنهاء المكالمة، تحمل بين يديها العديد من مستلزمات التنظيف.

لم تشغل “سالي” بالًا للأمر إلا عندما ناشدتها والدتها بكلماتٍ أثارت انتباهها فتوقفت عند عتبة باب الغرفة.

“فاطمة” وهي تعبث بأدراج خزانة الملفات ترتب ما بداخلها:
-“سالي”، هنالك بعض من المفروشات والبرادي على أريكة طاقم الاستقبال بالردهة، هلا أحضرتها إلى هنا حبيبتي؟

” سالي” مستفسرة : – وما حاجتكِ إليها؟!

“فاطمة” وهي تتجه نحو التخت، مردفة:
-أريد أن أبدل كسوة السرير والوسادة.

قالتها ويدها امتدت تنزع عن السرير الملاءة التي تغطيه، وهي تتفحص بصمت المَرْتَبة العارية.

لم تلتفت فاطمة إلى “سالي” التي تجمدت بأرضها، وكل ما يدل على أن روحها لم تفارق الجسد هو صوت اصطكاك أسنانها بغيظٍ؛ فها قد بدأت التجهيزات لاستقبال هذا اللعين “عبيدة ابن السوالمي”.

لم تكتفي “فاطمة” بل أضافت:
-أفكر بأن آخذ هذه المرتبة إلى السطح كي تلفحها أشعة الشمس للتهوية، ما رأيكِ؟

لم تنتظر “فاطمة” رداً بل اتجهت يديها بشكل تلقائي، ترفعها على كتفها بسهولة وكأنها لا تزن شيئاً تستعد للصعود بها لتفعل ما قالت.

وعندما استدارت لتجد تلك المتصنمة واقفةً لا تتحرك، زجرتها تقول بضجرٍ:
-ما بكِ “سالي”؟! لِمَ لم تذهبي لتحضري ما طلبته منكِ؟!

-تعجلي يا فتاة، حتى تعاونيني في جلب الخزانة الموجودة بغرفتكِ إلى هنا.

-ولا تنسي أن تستدعي “أكرم”؛ كي يقم بإنزال هذه الخزانة المعلقة بالأعلى الحاوية لأدوات المطبخ التي لا نستخدمها.

جالت نظرات “فاطمة” المتمعنة بأنحاء الغرفة حتى تحول الشك بداخل “سالي” إلى يقين، وذلك عندما استرسلت “فاطمة” تقول:
-نريد إعادة ترتيب المكان بشكلٍ ملائمٍ، حتى يكون على المستوى المطلوب.

-كما أنه لا يوجد خزانة ملابس هنا كي يستطيع الضيف الاحتفاظ بملابسه داخلها؛ لذا سنعيره حاويتكِ، ويمكنكِ وضع حاجياتكِ في الدرفة الخاصة بي حتى تعود الأوضاع إلى سابق عهدها.

إلى هنا وما عاد للصبر معنى، إذ انفجرت “سالي” تقول، بينما تتبع “فاطمة” التي تجاوزتها خارجة من الباب الخلفي للغرفة:
-ماذا تعنين؟! هل سيحتل هذه الغرفة؟!

-لِم؟! يمكنه المبيت في السكن الصغير حيث يقيم بقية العمال المغتربين في نهاية المزرعة؟!

-لِم هو من دون الآخرين ممَن يعملون لدينا الذي سنستضيفه في منزلنا؟!

“فاطمة” بشيء من التأنيب:
-لِم ترفعين صوتكِ هكذا؟! هل أنا صماء أم هذا من سوء تربية لكِ؟!

-وعن أي سكنٍ تتحدثين؟!

-كما أن السيد “عبيدة السوالمي” ليس أجيراً لدينا يا بنت، تأدبي!!

وعند يا “بنت” وقد علمت “سالي” أن الغضب قد بلغ مبلغه من أمها؛ إذ أنها لا تناديها بهذه اللفظة إلا إذا كانت مستاءة منها، ولكن هذا لم يُوقِف “سالي” هذه المرة إذ قالت بحدة تنم عن شدة اعتراضها:
-لكن هذه الغرفة، غرفة أبي ولا يمكنه استخدامها.

قالتها “سالي” وبدأت عيناها العسليتين الصافيتين تتلبد بالغيوم إذ ترقرقت مقلتيها والقطرات تنساب من مدامعها كالغيث المنهمر، وذلك عندما استدركت أن هذا ال “عبيدة” لن يحضر كي يستولى على مكانة أبيها وحسب بل على غرفته الخاصة أيضاً ضاربًا جذوره بأرضهم.

ويعلم الله كيف ستتمكن من اقتلعه من حياتهم!

كلمات توحي بالنقم والغضب كماء النهر الجاري استحضرتها “سالي” لتُخْرِج ما بداخلها من ثورةٍ، أوقفتها “فاطمة” بنظراتها الصارمة المتوعدة، وهي تقول:
-لقد أعتقدتُ بعد إشادة الجميع بشخص گ “عبيدة” أنكِ قد تغلبت على عداوتكِ الغير مبررة له.

-فمن حسن حظنا أن السيد “عمران” قد تدخل لحل هذه المعضلة واقترح على إدارة البنك توكيل أمور مزرعتنا لرجل بمثل خبرته وعلمه.

دكت “سالي” الأرض أسفل قدمها وهي تقول بضغينة:
-اللعنة!! إنني أمقته.

اقترب وصول “عبيدة السوالمي”، فهل مِن مرحب؟

#رواية_واحتسب_عناق

بقلم #الأسطورة_أسماء_حميدة

👇

الفصل ١٦

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top