رواية واحتسب عناق بقلم #الأسطورة_أسماء_حميدة الفصل التاسع

بينما كانت “سالي” منشغلة بترتيب المطبخ، استمعت إلى وقع أقدام تقترب، وإذا به “أكرم” قد قدم إليها بوجهٍ عابس يتسائل بتذمر، فها قد حان موعد العشاء:

-هل ستعود أمي إلى البيت عما قريب؟

ردت عليه “سالي” منتظرةً المزيد، فهي تتوقع المغزى وراء سؤاله هذا:

-لا أعلم ولكن المؤكد أنها لن تأتي الليلة.

استند “أكرم” إلى حلق الباب، عاقداً ذراعيه أمام صدره، يقول بإحباطٍ ووجه مخضب كمَن على وشك البكاء:

-وهل ستمنعين عني الطعام لحين عودتها؟

لمعت أعين “سالي” ببريق خبث، وهي تقول بانتهازية فقد أنهكها التعب وستضحي مما تدخره إرضاءً لأخيها الذي لامس رجائه قلبها:

-يمكننا تناول الطعام في أحد المحال كما رغبت، ولكن بشرط………..

انبلجت أسارير “أكرم” ولاحت معالم الحماسة على وجهه، وهو يسألها بتلهفٍ:

-ما هو؟

التقت نظراتهما، فتخصرت “سالي” تقول بالتماسٍ أكثر منه شرط:

-إذا تعاونا في اعادة ترتيب هذه الكارثة يمكننا الانتهاء من ذلك في غضون عشر دقائق، وبعدها……

قاطعها “أكرم” وهو يسبقها إلى حوض الجلي:

-هيا بنا كفاكِ مضيعة للوقت.
                 
في صباح اليوم التالي.
بعد أن عمدت “سالي” على إيقاظ هذه الجثة الغافية، إذ عادا بالأمس في وقتٍ متأخر بعد عزيمة العشاء تلك.

وها قد نهض “أكرم” عن فراشه بعد أن تسبب ل” سالي” بصداع نصفي إثر صياحها المستمر كي يهم بارتداء ملابسه وإعداد ما يحتاج إليه من مراجع وملزمات.

امتطى “أكرم” حصانهم عنتر وهو يلوح لأخته من بعيد غامزًا عنتر بساقه فانطلق الأخير يسابق الريح إلى حيث موقف الحافلات، فمبدأ العناء لا يعترف به “أكرم” جاهرًا برفضه القاطع لفكرة السير على الأقدام حتى الطريق العمومي ما دام في مقدوره الركوب.

عاد “عنتر” إلى المزرعة بعد أن ترجل “أكرم” عن ظهره فهو يعرف الطريق جيداً، بينما من تقف وسط المزروعات تراقب عن كثب تهادي “عنتر” في مشيته عندما اقترب في الدخول من بوابة المزرعة وهو مطأطأ الرأس وكأنه يشعر بالذنب كونه أوقع رفيقه “حسين” من أعلى صهوته.

دون إرادة أخذت” سالي” تتأمل هذا الجواد الذي أسرع العم “نعيم” في سحبه إلى حيث الوتد المثبت بجوار أحد الأشجار يعقد لجامه به.

لا تنكر” سالي” إبداع الخالق المتمثل في هيئة أحد مخلوقاته، ففي كل مرة تقع نظراتها على “عنتر” تُسبِح ربها انبهارًا بكمال تكوينه وجمال عضلاته.

كان جلده الناصع البياض يلمع في ضوء الشمس وذيله المغطى بالوبر الكثيف يتحرك يميناً ويسارًا، وعند استماعه لوقع حذائها على الأرض المفترشة بالرمال والحصى.

التفت “عنتر” باتجاهها، فانتابتها هزت سرت بكامل جسدها، عندما رأت وجهه ذو اللون الأبيض الذي يتخلله بعد من اللون الفضي على الجانبين، وهو يضيق عينيه باستعطاف فصدح لونيها المتباينين فى وهج النهار إذ حباه الله بمقلتين إحداهما زرقاء والأخرى زيتونية.

تحول مسار درب فيض مشاعر “سالي” تجاه “عنتر” عندما تذكرت حالة أبيها، فلطالما كانت تلح على والدها في ضرورة بيعه ولكنه رفض بشدة وعارضها في طلبها هذا، متعللاً بأنه جوادٌ عربي أصلي، وبالرغم من كونه متقلب الأمزجة إلا أنه قوي، دوماً ما يثور عندما يستشعر خطرًا على الماشية بالحظيرة.

فقد فر بسبب الجواد عنتر اثنان من لصوص الأغنام دون أن يحظى أياً منهما برأس ماشية أو بدجاجة من القن خوفاً من أن يفتضح أمرهما.

وذلك بعد الجلبة التي أشاعها “عنتر” وخرج على إثرها كل مَن بالمنزل وكان أولهما الحج “حسين” وهو حاملاً لبندقيته، ولكنه لم يتمكن من النيل من اللصوص فقد ابتعدا عن مرمى الإصابة.

كما أن امتطاءه والجلوس فوق سرجه متعة، لكن عدا ذلك فهو قد شاخ ولا يمكنه القيام بأبسط الأعمال، وفي اليوم المشئوم الذي أسقط فيه عنتر أبيها عن ظهره، نصحت “سالي” الحج “حسين” والدها بأن يستخدم حصانها “الأجر” أثناء جولته ما بين المراعي الخاصة بهم، إذ أن فرسه كان مصاب بخفه ولا يقوى على السير لمسافات طويلة.

ولكن الحج “حسين” أصر على ركوب “عنتر” وها هي النتيجة المزرية.

هزت “سالي” رأسها تنفض عنه ذكرى ذلك اليوم فلو بقت هنا لوقت إضافي لأراحت “عنتر” من عذاب ضميره وكللت ناصيته بطلقة من بندقيتها ما بين عينيه.

توجهت “سالي” نحو حصانها الواقف ما بين الزروع وكأنه ينتظرها ويعلم حاجتها إليه وبدى متأهبًا للانطلاق، فداعبت براحة يمينها ظهره ذو الجلد الأسود الحالك الذي يبرز بوضوح بياض ناصيته بخصلاتها المدلاة على عينه وكذلك ذيله وساقيه البيضاوين حتى أسفل ركبتيه.

أمسكت بلجام فرسها الذي تبِعها بخنوع وهي تسحبه خلفها من بين الأشجار الشامخة رؤوسها نحو عربة الخيول.

بينما هرع إليها الكلب “سيمبا” يقف إلى جانب المقطورة الخاصة بجوادها على قدميه الخلفيتين ضارباً الأرض بأماميتيه وكأنه يحثها على الإسراع في حركة تعودت عليها “سالي” منه وتستطيع تفسيرها بوضوح.

عمدت “سالي” على عقد سير العربة بجوادها بمهارة وعناية فائقة فقد ربت وسط الخيل وتستطيع فعلها دون أدنى جهد وفي وقت قصير.

أشارت “سالي” إلى “سيمبا” فاعتلى العربة برشاقة يجلس في المقعد الخلفي للمقطورة وهو يخرج لسانه بلهاثٍ مرح فقد لبى دعوتها دون الحاجة للفت انتباهه إذ يراقبها عن كسب وكأنه ينتظر ساعة الصفر.

قفزت “سالي” تحتل المقعد الأمامي وهي تشد على لجام جوادها تأمره بالتحرك وساعدها على فعلتها تلك حبها لارتداء الملابس الصبيانية فقد كانت ترتدي منطالاً من الجينز باللون الأزرق الفاتح وقميصًا رماديًا، تضع على رأسها وشاحاً صغيراً بلون قميصها عقدته من الخلف تواري به خصلات شعرها الحريري.

أطلقت “سالي” نفيرين من البوق البدائي المثبت بمقدمة العربة؛ كي تنبه “غانم” هذا الغجري الصامت بأن يفسح لها الطريق للخروج، فهو أحد مساعدي والدها وهذا منذ زمن، كبرت وبعد أن وعت على حالها وبدأت تتعرف على الأشخاص من حولها وجدته ملازماً لعائلتها.

وعندما قادها فضولها وهي صغيرة لتعرف المزيد عنه، لم يعطها أيًا من المحيطين إجابات واقعية قاطعة، وهذا يبرهن أن ما مَن أحد يعرف عن خباياه شيئاً، فهو لم يأتي على ذكر عائلته البتة.

يبيت كل ليلة في نهاية المزرعة ولا يمنعه عن ذلك لا حر الصيف ولا تقلبات الجو في الخريف والشتاء.
متخذًا إحدى عربات القطارات القديمة صغيرة الحجم تلك التي تنقل الحبوب والغلال من المركز إلى القرية سكنًا له، وذلك بعد أن تم الاستغناء عنها فهي شبه محطمة فوضعها عمال السكك الحديدية على قارعة الطريق.

فقام “غانم” بسحبها إلى الجهة القبلية من المزرعة بعد أن استئذن أبيها الحج “حسين” الذي وافق على الفور بعد أن رفض “غانم” العرض المقدم إليه من قِبَل عائلتها بالمبيت بالغرفة الملحقة بمنزلهم .

لم يكن “غانم” كثير الكلام بل صامتاً في أغلب الأوقات ولكن عندما ينطق لسانه يقول ما به الرماق، حروفه وتعبيراتها أقوالاً يجب أن يحتذى بها، دوماً ما يؤيد” سالي” في التجمعات التي تعقدها لزيادة التوعية للمرأة الريفية.

آراءه عن المرأة وأهميتها في المجتمع تُدَرَّس، فهو يحترم النساء كثيراً ويبدي كامل الأدب في حضرتهن، يتعامل معها ومع والدتها بكل تقدير وإجلال.

كان “غانم” قوي البنية طويل القامة، خجول إلى أبعد حد، وبالرغم من غموضه إلا أنه يبدو مثقفًا فقد كان مُلماً بكل ما يتعلق بالطبيعة من طير وحيوانات ونبات.

فهو من جعل “سالي” تتعلق بهذا العالم المليء بالخبايا ويظهر فيه إبداع وقدرة الخالق، علَّمها كيفية العناية بالأرض وأسماء العشب والأشجار والنباتات، كما عرفها بعض الوصفات العلاجية المستخلصة من النباتات الطبيعية والبرية.

لا تعلم له أصل ولكن أباها الحج “حسين” وأخاها “أكرم” كانا يخبرناها بأنه واحد من أبناء الغجر ممن يطوفون البلدان في الموالد والأعياد، وقد تبناه أبيها في سن صغيرة عندما شت عن أهله ورحلوا تاركين إياه إلى مصيرٍ مجهول.

فأشفق عليه الحج “حسين”؛ فعلى ما يبدو أنه كان منبوذاً من أُمٍّ لا قلب لها.

أو ربما تركته مجبرة وسط إناس تعلم إنهم سيكونون أحن عليه من التشرد والترحال، ويبدو أن سوء الحظ يلازم هؤلاء ممن أدارت الحياة ظهرها لهم.

فالجميع يتجنبه وقد ساعد شكله المهيب و ملامحه القاسية التي لا تُظهر سنه على ذلك، ولكنه في الحقيقة شخص طيب القلب ومحب ذو خلق يبدو كمَن ينتمي إلى عهد مضى ونوع فريد من الرجال لا نراهم أو نتعامل معهم كل يوم، حقيقة مَن يعاشره يشعر بأنه آخر سلالات طائفة قد أوشكت على الانقراض..

أوشكت “سالي” على الوصول إلى بوابة المزرعة، فشعرت بحاجتها إلى جولة أكثر جنوناً، لذا ترجلت، تحل وثاق فرسها عن العربة التي يجرها وهي تدفع مصرعي البوابة إلى الخارج، وذلك تزامناً مع انبعاث غبرة في الجو يشق عبابها فارس يمتطي جواده وما إن رآها عن بعد أبطأ من سرعة حصانه.

وعندما اقترب “غالب” بمحاذاة تلك الحسناء كانت قد اعتلت صهوة فرسها وبما أنهما يفهمان على بعضهما لم يعطيا المجال للكلمات بل غمز كلاً منهما جواده، فانطلقا يقطعان الأرض أسفلهما كالنار التي تندلع بالهشيم.

بينما اعتاد “سيمبا” على مثل هذه السباقات بينهما فلم تكن تلك أول مرة وأخذ هذا الكلب اللطيف يهز ذيله بمرح يتقدمهما وكأنه يعلن اشتراكه في مسابقة العَدْو.

بعد وقت ليس بقصير من مباراة الفروسية تلك كان لكلاهما حظ من الثناء على مهارتيهما، بدأ الجوادان في التهادي بعد أن انهكهما التعب فسارا بمحاذاة بعضهما.

أراد “غالب” خلق مجالاً للحديث، فبادر يسألها:

-هل تحدثتي إلى “أكرم” بشأن المدير الجديد؟

أومأت “سالي” بالإيجاب تقول بنبرة ساخرة:

-نعم تحدثنا بالأمس ولكن لا تعقيب من قِبَله، فأنت تعلم ما يدور برأس “أكرم”، أكبر نواكبه وأهم ما يشغل باله هو ما ستزفر به معدته من طعام.

قهقه كليهما فهذا بالفعل “أكرم” كل أحاديثه تتمحور حول ذلك وللعجب لا يزداد وزنه بل يبدو جسده متناسقاً.

سرعان ما تقطب جبين “سالي” وانكمشت معالم وجهها باستياءٍ ليس بسبب أشعة الشمس المسلطة فوق رأسيهما بل استحضارًا لنقاشها مع “أكرم” بشأن المدير الجديد ليلة أمس بالمطعم، ومن ثم استكملت تضيف:

-الغريب أنه بدى سعيداً على عكس ما توقعته، وذلك لأن ما سيلقى على عاتقه من مهام في الإجازة الصيفية التي ستبدأ الأسبوع القادم بمجيء المدير الجديد ستقل.

-أنا لا ألومه على ذلك، فهذا رد فعل طبيعي لصبي صغير السن مثله.

عاود “غالب” لمشاغبته المحببة، يغمز لها بعينه، قائلاً بصوت أجش وهو يلتهمها بنظراتٍ ولهة:

-تتحدثين عنه وكأنكِ تكبرينه بسنون عدة، فأنت وبرغم سنكِ الصغير إلا أنكِ شخص يعتمد عليه، وثقتي بكِ تفوق كل الحدود يا صغيرتي الحسناء.

تخضب وجه “سالي” بحمرة الخجل فقد أصابها إطراءه الناعم بانتعاشةٍ للأنثى التي بداخلها حتى وإن حاولت وئد تلك المشاعر إلا أن شأنها شأن جميع النساء ترضيهن كلمة وتعكر صفوهن أخرى.

اكسبتها تلك الحمرة على وجنتيها وهجاً أنثوياً رائعاً، في حين أن بعضاً من خصلاتها تسللت من أسفل وشاحها لتكلل جبينها واحتدام أشعة الشمس التي تخللت ما ظهر من شعرها أضفت إلى لونه الكستنائي بريقًا ذهبياً، وحاجبيها الكثيفين اللذيْن لم ينال من تقعرهما أية أدوات تجميل فبديا كحارسين لعينيها الساحرتين، كل هذا أعطاها مظهراً فاتناً.

أما عن مقلتيها اللتان دوماً ما كانتا تعكسان القوة والحدة التي تحاول تقمصهما، لاحا وكأنهما مراجل من جمر يشعان دفئاً يشوبه الخجل.

أجج مزيج البراءة الذي ارتسم على ملامحها هاتين الغمازتين المزينتين لوجنتيها، وبالرغم من صغر شفتيها اللتان تتوائمان مع باقي تقسيمات وجهها الفاتن إلى أنهما مكتنزتان بعض الشيء فبدت كلوحة متناغمة رسمت بأنامل فنان مبدع.

زاغرت أعين “سالي” تتهرب من نظرات “غالب” العاشقة ويبدو أنها التقطت شيء ما إذ رفعت سبابتها تشير إلى اتجاه مغاير، تقول بابتسامة:

-انظر يا “غالب”.

“غالب” بتيه:

-يا لا عذابك يا “غالب”! النظرة إليك تتفجر لها ينابيع مياه داخل صحراء قلبي القاحلة يا جاحدة.

قلبت “سالي” عينيها، تقول بنطق:

-هاااي!! أنت يا روميو!

“غالب” متنهدًا بلوعة:

-نعم چوليتي!

هدرت فيه “سالي” بحدة تقول:

-افق يا مغيب! ها هو الخرق بالسور الذي تسربت من خلاله الماشية.

التفت رأس “غالب” إلى حيث تؤشر “سالي” فرأى شجرة اقتلعت من جذورها يبدو أنها صدمت بشيء ضخم كعربة نقل أو جرار زراعي فسقط جذعها باتجاه السور الخاص بمزرعة والد “سالي”.

ترجل كليهما عن الفرسين، وسحب كلًا منهما لفة الحبال المثبتة بسرجي فرسيهما اللتين يستخدماهما في تثبيت عربتي الخيول خاصتيهما بالحصانين.

ومن ثم عقدا طرفيهما حول جذع الشجرة وساعدهما في إبعاد هذا العائق جواديهما اللذان ظلا يجاهدان هما وصاحبيهما لإتمام هذه المهمة، وبعدها أخذا يزيحا عن طريقيهما حطام السلك الشائك الذي تلف في هذا الجزء من السور.

عاود “غالب” و”سالي” الكرة يعتليا ظهرا الفرسين وتعمقا إلى داخل المزرعة من خلال هذه الفتحة وبعد بضعة مترات، غمز “غالب” حصانه فانطلق يعدو أمامها وهو يشير إليها أن تتبعه قائلاً :

-اتبعيني إلى نهاية الجهة الغربية.

فعلت “سالي” ما طلبه منها “غالب” فنهاية هذا السور الحديدي المصنوع من الأسلاك الشائكة يفضي إلى الجهة التي تحف أراضي عائلة “السوالمي” وعائلة “سالي” التي كانت تعتبر عما قريب أكبر عائلات المنصورة حتى تعثر والدها في قصة القرض الذي استمده من البنك لتوسيع حدود أملاكه بشراء تلك الأراضي المجاورة له من الجهة القبلية.

وذلك بعد أن عرضها أخيه الحج “مالك” للبيع وكذلك لمد جسر من القناة المائية التي تغذي هذه المنطقة ونفقات إضافية خاصة ببعض التجديدات والإصلاحات، وكذا خسارته في محصول هذا الموسم، كلها ديون تراكمت على عزيز قومه فأصبح وضعه المالي على المحك.

أخيراً وصل الرفيقان إلى وجهتهما الفاصلة بين كلا المزرعتين، فتوقفا يتأملا الربى المديدة على طول البصر ومن يشاهد المنظر من موقع ترقبهما يظن أنها سهول مسطحة.

ترى ما الذي يوجد في هذه الجهة؟

👇👇

الفصل العاشر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top