متى تخضعين لقلبى
الفصل الثانى والثلاثون ..
انهى فريد جملته المفاجئه تلك ثم اختفى خلف باب الحمام تاركها تشعر بالصدمه والذهول بسبب ما تفوه به ، حركت رأسها يميناً ويساراً تنظر حولها جيداً لتتأكد من مكان وجودها ، انها ليست نائمه ولا تحلم أليس كذلك ؟! ، لا ليس كابوس فهى تجلس فى غرفتهم منذ الصباح تنتظر عودته كعاده كل يوم منذ تلك الحادثه ، تُرى هل اختلط لديها الواقع بالخيال وخرج منهم اسوء ما كانت تتخيّله ام انها فقدت عقلها بسبب جلوسها هنا يومياً لمده ثلاث اسابيع دون اى عمل يُذكر ، لا هى متأكده انها لا تحلم ولم تفقد عقلها حتى الان والامر ابسط من ذلك بكثير ، كل ما فى الامر نجوى ، نعم هى تلك الحرباء المتلونة يبدو انها أخبرته بحقيقه حملها وبالطبع اصبحت هى ام طفله وعليه أصبحت هى الزوجه المنبوذة ، الم يخبرها بكل صراحه انه اصبح يكرهها !!، وبالطبع كما اجبرها على الزواج منه سيجبرها الان على الانفصال عنه ، يبدو ان لعبه الجاريه تلك أعجبته وقد حان الوقت لتُظهر له حياة الحقيقه اذا لم يكن يعرفها ، فالآن ليس وقت الاستسلام له او الانكسار ، هذا ما فكرت به بعصبيه وهى تركض نحو باب الحمام تطرقه بكلتا يديها وهى تهتف اسمه بشبه صراخ :
-فريد .. اطلع هنا وكلمنى ..
لم تأتيها اى اجابه منه لذلك عاودت الهتاف بأسمه بنبره شبهه هيستيريه وكفها لازال يطرق فوق الباب دون انقطاع :
-فرييييييييد .. اطلع وعيد طلبك وانت قدامى .. فريييييييد ..
للمره الثانيه لم تأتيها منه اى اجابه فقط صوت انسياب المياه هو كل ما يصلها كأنها تتحدث إلى الباب وليس إليه مما جعلها تفقد اعصابها اكثر فعادت تصرخ بعصبيه شديده شعرت خلالها بأحبالها الصوتيه على وشك الانقطاع ، وهى تضع كفها فوق المقبض قائله بتحذير :
-فريد لو مطلعتش دلوقتى هدخل ومش هيهمنى انت بتعمل ايه ..
انتظرت ثوان معدوده لعلها تصل إلى ما تريد ، هل ظنها لن تنفذ تهديدها ؟!، حسناً فهى لن تتراجع حتى تتحدث معه وجهاً لوجهه والان وليس بعد دقيقه وليس بعد انتهاء اغتساله وليس فى الوقت الذى يريده هو ، اذا كان يتذمر دائماً من عنادها فهو لم يرى مداه حتى الان ، بعد نصف دقيقه من الانتظار فتحت باب الحمام واندفعت بحده حتى وصلت إلى كابينه الاستحمام والتى كان يقف بداخلها وقامت بسحب بابها الزجاجى بكل قوتها متجاهله رذاذ الماء الذى خرج بالكامل من حدودها ثم صرخت به قائله :
-انا بكلمك متتجاهلنيش ..
لقد اصُيبت بالجنون حقاً ! ، هذا ما فكر به وهو يهتف اسمها بحنق محاولاً إزاله بقايا الشامبو عن شعره ووجهه :
-حياة !! انتى اتجننتى !!..
تجاهلت تعليقه وعادت تهتف به بشراسه وصدرها يعلو ويهبط من فرط الانفعال :
-اتفضل اطلع دلوقتى حالاً وكلمنى ..
واصل هو غسل وجهه دون أدنى اهتمام بطلبها فتحركت تدفعه جانباً حتى كاد جسده ينزلق لولا تمسكه بأطراف الكابينه ثم انحنت بجزعها نحو صنبور المياه تغلقه غير عابئه بكميه الماء التى سقطت فوقها والتى بللت الجزء العلوى من ملابسها بالكامل ، اعتدلت فى وقفتها بعدما اغلقت المياه ثم استطردت تقول بنبره آمره قويه وقد تحولت ملامح وجهها للقرمزيه من شده الغصب وفَرَّط الانفعال :
-اتفضل البس وحصلنى ..
كانت حياة فى حاله هيستريا شديده منعته من الاستمرار فى تجاهلها لذلك تحرك خلفها بعدما وضع منشفه فوق خصره رغم بقايا سائل الاستحمام التى لم تسمح لها بأزالتها ثم توجهه نحو خزانه ملابسه والتقط منها بنطال رياضى مع تيشرت من نفس النوع وقام بأرتدائهما سريعاً قبل تحركه إليها حيث كانت تقف امام نافذه الشرفه تنتظره ، تحدث قائلاً بهدوء :
-اتفضلى .. عايزه تتكلمى فى ايه ؟!.
التفت بجسدها بحده موجهه إليه بعينيها شرارت متطايرة وهى عاقده ذراعيها امام قفصها الصدرى ومتخذه وضع الاستعداد ، استفزها هدوء ملامحه لذلك صاحت به قائله :
-اتفضل قول الكلام اللى قلته من شوبه قبل ما تختفى جوه ده ..
اخذ نفساً عميقا ببطء شديد زاد من حنقها ثم قال بنبره خفيضه جامده :
-قلت ننفصل ..
صرخت بقوه متسائله بمجرد انتهاء جملته قائله بعصبيه :
-يعنى ايييه ؟!!!.
اجابها فريد بنبره بارده مستفزه زادت من حنقها وعصبيتها :
-ننفصل يعنى نطلق .. مش هو ده طلبك من ٣ اسابيع !!!..
-طلبى !!! ..
هذا ما صاحت به مستنكره وهى تدفعه بقوه جعلت جسده يترنح قليلاً بسبب عدم مقاومته لها ، هتف هو بها بضيق مستنكراً فعلتها :
-حيااااة !!! ..
لقد بدءت تفقد القدره على اعصابها وصوتها وجسدها كله بسبب غضبها فهى لا تصدق إعادته لطلبه مره اخرى بكل تلك الاريحية كأنه سعيد للتخلص منها !! ، صرخت به بقوه وهى تعاود لكمه فى صدره :
-حياة ايه !! مفيش حياة !! سامع مفيش حياة !! خليك شجاع وقولى السبب الحقيقى ..
هتف أسمها مره اخرى بسخط محذراً وهو يقبض على معصميها بكلتا ذراعيه لمنعها من الاستمرار فى لكمه :
-حياااة ..
تململت فى وقفتها وحاولت الافلات من قبضته وهى تقول بشراسه :
-انا عارفه انت بتعمل كل ده ليه .. عشانها صح ؟!.. كل ده عشانها !!.. اكيد قالتلك انها حامل ..
كرر فريد جملتها مستنكراً بعدم فهم :
-حامل ؟!..
صرخت حياة وهى تبتعد عنه بعدما ارخى قبضته من فوق يدها وقد اصبح كل حديثها الان عباره عن صراخ :
-ايوه حامل .. انا عارفه كل حاجه .. انطق وصارحنى بالحقيقه ..
تسائل فريد وهو مقطباً جبينه عدم فهم :
-حامل مين ؟؟ انتى بتقولى ايه !!..
صرخت به وهى تعود عده خطوات للخلف مبتعده عنه :
-نجوى !! .. مش الهانم مراتك برضه ؟!..
صُدمت ملامحه اولاً ولكنها سرعان ما عادت لجمودها قبل ان يسألها بهدوء شديد :
-انتى قصدك ايه بالظبط ؟!..
اجابته وهى تتحرك بعصبيه داخل الغرفه وتفتش داخل إدارجها قائله بأصرار :
-هتعرف دلوقتى انا قصدى ايه ..
فتحت عده ادراج بعصبيه شديده ثم تسائلت بحنق :
-راح فين !! تليفونى اللى سبته هنا راح فين !!..
عقد فريد حاجبيه معاً بترقب ثم تحرك يخرجه لها من احد الأدراج فمنذ حادثه هروبها وضعه هو فى ذلك المكان ولم تهتم هى بالبحث عنه ، حاولت فتحه بأصابع مرتجفه قبل إدراكها لنفاذ بطاريته لذلك بحثت عن شاحنه ووضعته به وجلست جواره تحرك ساقها بعصبيه شديده منتظره اعاده تشغيله وبعد عده دقائق فتحت رسائلها المرسله ثم تحركت به ووضعته امام وجهه وهى تقول بحده :
-اتفضل شوف .. الهانم بعتتلى كل حاجه لما كنت مسافر ..
التقط فريد الهاتف منها بأليه شديده ثم امعن النظر فى صوره العاريه او بالأدق صور الشخص العارى مركبه فوقها بأحترافيه شديده رأسه ، نقل بصره بين الهاتف وبين حياة عده مرات قبل مد يدها وسحبها للهاتف من داخل كفه قائله بغضب :
-متقلقش لسه فى الاحلى ..
عبثت بهاتفها ثانيه ثم إعادته ليده ليقرء صوره مرسله بعقد زواج عرفى بأسمه واسم نجوى العمرى ، تجهمت ملامحه بشده وضاقت المسافه بين حاجبيه وهو يعيد قراءه الورقه المرسله مرة اخرى ، قاطع قرائته صوتها يسأله بتهكم :
-وصلت لصوره تحليل الحمل ولا مفيش داع مانت اكيد عرفت ؟!..
فتح فريد الرساله الاخرى ليجد صوره تحليل من احد المعامل الشهيره بأسم نجوى العمرى تؤكد حملها ، ضغط فوق اسنانه بقوه وبدء ذلك العرق بجانب صدغه فى الانتفاض ثم رفع رأسه وسألها بهدوء رغم غضبه واحتقان ملامحه :
-وانتى صدقتى ؟!..
لم تعقب على حديثه بل أشاحت بوجهها بعيداً عنه لا تريد حتى النظر إليه ، القى الهاتف من يده ثم عاد يسألها بنبره قويه أجبرتها على النظر إليه وإجابته :
-انطقى انا بكلمك !! انتى صدقتى الكلام ده ؟!!!.
اجابته بحده وهى ترمقه بنظرات متحديه :
-مصدقتش لحد ما اختك جت واكدتلى الكلام ده وانك اتجوزتها قبل منى بسبب غلطه ..
حرك رأسه بشراسه ثم صرخ بها بقوه جعلتها تنتفض ذعراً :
-اختى !!! صدقتى اختى !!! اللى حذرتك ومنعتك منها ٥٠٠ الف مره !!! صدقتى شويه صور على تليفون من غير ما ترجعيلى او تسألينى !! لا وترجعيلى ليه !!! ..
انهى جملته وانحنى بجزعه يلتقط هاتفها من فوق الارضيه ثم طلب منها اعاده فتحه ثم سحبه من بين يديها بقوه وفتح احدى الصور المخله ووضعها امام عينيها بعدما جذبها من مرفقها بحده لتقف جواره قائلاً بعصبيه :
-بصى يا حياة هانم !! يا مراتى يا اكتر واحده عرفانى !!! هى دى ملامحى لما بكون معاكى !!! هو ده بيكون شكلى !!! بتكون ملامحى طبيعيه كده زى الصوره دى !!! .. ده رد فعل واحد بالوضع ده !!! يا هانم دى صوره واحد قاعد بياكل مش بيعمل حاجه تانى ..
دفعها فوق الفراش ثم تحرك مبتعداً عنها ليتلقط هاتفه من داخل سترته ، راقبت حياة حركته بأرتياب وقد فهمت ما شرحه لها بوضوح ، جذب هو هاتفه بشراسه وقام بالعبث به ثم قام بتشغيل الصوت ورماه إليه بعصبيه قائلاً بجمود :
-اسمعى يا هانم واعرفى صوت مين ده ..
أستمعت حياة بتركيز شديد لصوت امرأه غير مألوف لديها تقول برضا :
“-ايوه بقى يا نيرو .. كده مفاضلش غير انك تنقليلها شويه اخبار عنى واخر حاجه بقى تجبيلى توقيع فريد بصوره واضحه عشان الراجل يشوف شغله ..”
كتمت حياة انفاسها بترقب منتظره سماع الطرف الاخر والتى فى تلك الحاله اخت زوجها تقول بثقه
” -بس كده .. توقيع فريد بسيطه هلاقيه فى اوراق بابى .. اما عن اخبارك فأنا فعلاً قلتلها ان حادثه الملف بتاعها الاول كانت بمساعده مدير الحسابات برضه واتصدمت اوى ..”
شهقت حياة بذهول وألقت الهاتف من بين يديها كأن حيه لدغتها ثم وضعت كفيها فوق فمها بذعر ، ابتسم فريد بشراسه وهو ينحنى لالتقاط هاتفه متمتاً وهو يضغط على حروف كلماته :
-لا استنى .. زى مانتى قلتى من شويه .. لسه فيه الاحلى ..
اعاد تشغيل التسجيل الصوتى ليصدع صوت نيرمين هاتفه بسعاده
“-ايوه يا نوجااا .. انا لسه خارجه من عندها وكل حاجه مشيت زى ما اتفقنا بالظبط .. صدقت وسبتها دلوقتى منهاره .. الباقى بقى عليها ..
صرخت حياة وهى تتحرك بجسدها مبتعده عن الهاتف كأنها تخشى رؤيتهم بداخله ثم بدءت الدموع تنساب من فوق مقلتيها بغزاره وهى تنظر إليه بضعف ، هز فريد رأسه بأسف ثم قال بنبره خاليه كأقرار اكثر من سؤال :
-طبعاً مش محتاج اسالك الكلام ده كان امتى ولا ايه اللى حصل بعده ..
اجابته بنبره خفيضه للغايه بالكاد وصلت لمسامعه :
-ليله ما سبت البيت ..
ردد فريد جملتها خلفها بنبره هادئه :
-ليله ما سبتى البيت وهربتى بأبننا .. عشان اسهلك تصدقيهم .. او نقول بصراحه عشان انتى كنتى عايزه تصدقيهم فما صدقتى تهدى كل حاجه بينا بكلمه وتهربى ..
اخذ نفساً عميقاً يملاً به صدره ويخفى نبره الحزن من صوته ثم قال بنبره خاليه :
-انا لسه عند طلبى .. حياة انا عايز ننفصل ..
حركت رأسها بفزع رافضه ودموعها تملئ وجهها ، هز رأسه مؤكداً ثم عاد يقول بنفس نبرته :
-مش هينفع نكمل من غير ثقه .. من بكره هنمشى فى اجراءات الطلاق ..
صرخت حياة بذعر وهى تركض نحوه وتتمسك به قائله بتوسل من بين شهقاتها المتلاحقة :
-لااااا .. انفصال لاااا .. انا غبيه .. ايوه انا غبيه .. بص عاقبنى بأى حاجه فى الدنيا .. قول انك بتكرهنى زى ما قلتلى قبل كده .. وابعد عنى زى مانت بعيد عنى دلوقتى .. متخلنيش اخرج زى مانا محبوسه هنا .. اعمل اى حاجه بس اكون جنبك .. انا غلطانه وعارفه انى غلطت غلط كبير بس اخر مره .. والله اخر مره .. انا خفت .. عملت كده عشان خفت .. خفت ان اللى حصل معاك زمان يحصل مع ابننا .. خفت نجوى تقدر تغيرك وتظلم ابننا زى ما حصل معاك .. هو ده اللى خلانى امشى .. خوفى على ابنى .. بدليل انا قاعده اهو وقابله..
صمتت لوهله تلتقط فيها انفاسها وتبتلع لعابها ثم استطردت تقول بصوتها الباكِ :
-انا مش بدافع عن نفسى .. انا عارفه انى غلطانه فى تفكيرى واتعاقبت .. اتعاقبت لما بعدت عنك وحسيت فى الكام يوم دول بالخوف من غيرك .. واتعاقبت لما شفتك بتبصلى وانت قرفان منى .. اتعاقبت لما اتحرمت انى اشوف فرحتك لما تعرف انى حامل منك .. واتعاقبت لما ابننا راح منى .. وأسوء عقاب فيهم لما سمعت كلمه بكرهك منك ..
أشاح فريد بنظره بعيداً عنها متجنباً النظر داخل عينها حتى لا ثنيه عن قراره ، انتظرت حياة صدور اى رد فعل منه يطمأنها وعندما صمت اردفت تقول بلهفه :
-فريد .. انا غلطانه بس بوعدك عمرى ما هكررها تانى .. انا غلطت لما صدقتها وموثقتش فى حبك وغلطت لما رفضت اسمع كلامك وصدقت ان نيرمين ممكن تكون اتغيرت .. بس وعد والله ما هكررها تانى .. هسمع كلامك فى كل اللى تقوله عشان انا اكتشفت انى مبعرفش احكم على الناس ولا هثق تانى فى حد غيرك .. هنبدء صفحه جديده من النهارده .. من دلوقتى هنتشارك كل حاجه ومش هخبى عليك حرف واحد مهما حصل .. انا عارفه انى غلطت واعترفت بده بس انت احسن منى صح ؟!!.. انا عارفه انك احسن منى وهتدينى فرصه .. اعتبرها اخر فرصه ليا .. انت طول عمرك بتسامحنى وبتساندنى متبخلش عليا المره دى .. بص جربنى اسبوع .. لا شهر ولو حصل اى حاجه تانى يبقى انت عندك حق تسبنى .. بس انا خلاص اتعلمت درسى بخساره ابنى وخسارتك .. وحياة اغلى حاجه عندى وعندك انا بثق فيك وكل ده حصل من غيرتى عليك ..
رغم رؤيتها للين ملامحه قليلاً الا انه لم ينظر إليها حتى الان لذلك اردفت تقول بيأس وهى تضع أصابعها تحت ذقنه وتحرك رأسه فى اتجاهها :
-فريد بصلى عشان خاطرى .. قولى .. هتقدر تعيش من غير حياة !! لو انت تقدر تعيش من غير حياة فحياة مش هتقدر تعيش من غيرك .. متبقاش حياة من الاساس .. فريد انا بحبك .. لا انا مش بحبك انا فتحت عينيا على حبك وعشت وكبرت فى ضل حبك .. بتنفس حبك .. اهون عليك اعيش من غير نفسى .. من غير حياتى !!..
لانت ملامحه وظل يتأمل بتأثر وجهها ونظره عينيها التى تبوح بما لا تستطيع صياغته بالكلمات ثم سألها بنبره خافته كأنه طفل يتلمس من والدته الامان :
-يعنى انتى مش بتحبى وائل ؟!..
هتفت بعدم تصديق وهى تبتعد عنه خطوه واحده :
-وائل !!! وائل مين ؟!!..
اجابها فريد بجمود وقد عات ملامحه للتجهم :
-وائل الجنيدى .. رقمه كان على تليفونك لما هربتى .. ودايما كان بيسأل عنك ..
شهقت حياة بندم وقد تذكرت حديثه عن نيرمين واعطائها رقم هاتفها له ، ربما كان يعلم بمخططها واراد تحذيرها ، تجعدت ملامحها وهتفت بِه مستنكره تفكيره :
-وائل !!! هو وائل اللى اختارلى اسمى ؟!! وائل اللى كان رفيق طفولته ؟!!! وائل اللى كان بيدافع عنى لو اى حد قربلى ؟!!! .. وائل اللى لما كنت بحتاج لحد اشتكيله كنت بلجأله هو ؟!!!.. وائل اللى كنت بتحامى فيه ومنه من الدنيا ؟!!!.. وائل اللى لما بابا باعنى كنت بصرخ بأسمه عشان يلحقنى ؟!!.. وائل اللى كنت بنطق اسمه اكتر من اسمى ؟!!.. وائل الوحيد اللى سمحتله وحبيت لمسته ونبرته ونظرته ؟!!.. وائل اللى بيفهمنى من غير كلام ؟!!!. ولا وائل هو اللى قالى ان عندى ١١ نظره ليه لوحده ؟!!.. رد عليا يا فريد !!.. وائل هو اللى بحب اقول اسمه كل شويه عشان لما بنطقه بحس بالامان !!! .. ساكت ليه رد عليا وجاوبنى ؟!.. عشان احب وائل لازم تحصل حاجه واحده .. انه يكون فريد .. وانا معنديش غير فريد واحد .. فريد بتاعى انا .. اللى عشت كل ده معاه هو واللى بحبه من غير كل ده .. بحبه عشان هو فريد حياة .. اللى بحبه ومش عايزه من الدنيا غير حبه .. لا حبيت قبله ولا عايزه احب بعده ..
لانت ملامحه وانفرجت أساريره وارتخت عضلات جسده تحت لمستها وبدءت عينيه تومض بتلك النظره العاشقه لها ، تنهدت بأرتياح هى الاخرى بعد رؤيتها لتبدل ملامحه ثم رفعت ذراعيها تحتضن بكفيها وجهه وهى تغمغم بنعومه لتستجديه بعدما قامت بطبع قبله رقيقه فوق شفتيه:
-فريد .. حبيبى ..
انهارت اخر حصون مقاومته لها وهو يسمع تلك الجمله التى ظل ايام وليال يحلم بها وهى تنطقها من بين شفتيها الناعمتين ، اخفضت حياة ذراعها حتى وصلت إلى كفه ثم احتضنته بحب وسارت به حتى المقعد المنخفض والموضوع امام الفراش وجلست فوقه ثم جذبته برقه لتحثه على الجلوس جوارها ، أطاعها فى صمت وجلس جوارها تاركاً بعض المسافه بينهم ، ابتسمت حياة له بأشراق لتطمئنه ثم انهت المسافه بينهم والتصقت بجسده بعدما وضعت ذراعها فوق خصره لتحتضنه ، اقترب بوجهه منها مستنشقاً رحيق شعرها الذى اشتاقه كثيراً ثم تحدث بصوت أجش يقول :
-انتى صدقتى انى ممكن اسيبك بجد ؟!..
قطبت جبينها بعدم فهم وتوقفت أصابعها عن العبث بمؤخره عنقه ثم سألته بتعجب :
-قصدك ايه ؟!..
اجابها بأبتسامه خجله خفيفه :
-انا سمعت التسجيلات قبلك واتاكدت انهم عملوا عليكى لعبه بس مكنتش عارف تفاصيلها غير لما حكتيلى .. ومكنش قدامى غير كده يا تدافعى عن حياتنا .. يا اسيبك تروحى للى بتحبيه .. عمرى ما كنت هعمل زى بابا وأذيكى يا حياة ..
شهقت حياة بتسليه ثم سألته بمرح :
-يعنى انت ضحكت عليا عشان احكيلك .. واصلاً انا اختارت اللى بحبه فعلاً .. وبعدين انت عمرك ما هتكون زيه .. وكلامك دلوقتى اكبر دليل انك مش زيه ..
تفوهت بجملتها وحكت انفها بأنفه وهى تقول بنعومه :
-بحبك .. يا اغلى حاجه فى حياتى ..
اتسعت ابتسامته بسعاده حقيقه ورضا ثم بدء فى لثم شفتيها على الفور ، تجاوبت معه فى اللحظه التى لمس بها شفتيها وبادلته قبلته بأشتياق وشغف كبير ، ابتعد عنها على مضض وعينيه تنظر إليها بضياع ، تفهمت هى نظرته تلك فأومأت له برأسها متفهمه ثم قالت بهدوء لتطمأنه :
-حبيبى .. انا بقيت كويسه دلوقتى متخافش .. .. وبعدين انت مش ذنبك .. انا اللى خبيت عليك وبعدين انا كنت تعبانه من قبلها .. يعنى اللى حصل بينا ملهوش علاقه بنزول البيبى .. انا اسفه على اللى حصل بسبب غبائى .. وأسفه على الموقف اللى حطيتك فيه ..
نظر إليها بولع شديد ثم رفع كفها وقام بتقبيل باطن كفها بشغف ثم قال بحب :
-وانا اسف انى اتعاملت كده .. بحبك يا حياتى ..
قالت وهى تبتسم له :
-وانا بموت فيك يا روح قلب وعقل حياتك ..
طبع قبله خفيفه فوق شفتيها ثم عاد يقول بخفوت :
-حياة .. نجوى اتقب….
وضعت حياة إصبعها فوق شفتيه لتمنعه من الاستطراد ثم قالت بهمس ناعم :
-هششششش .. مش عايزه اسمع اى حاجه عنهم .. مش عايزه اسمع حاجه عند حد غيرنا ..
لمعت عينيه بشغف ورغبه وهو يعاود الاقتراب منها ، ابتعدت هى عنه قليلاً ثم قالت بخجل :
-حبيبى .. ممكن اطلب منك طلب ؟!..
اجابها فريد قائلاً بهمس :
-اطلبى يا عيونى ..
ابتسمت له بحب ثم قالت بنعومه :
-ممكن نبدء مع بعض من جديد .. عايزاك تصلى بيا الاول .. احنا اول مره معملناش كده بس انا عايزه اعتبر النهارده بدايه لحياتنا سوا ونفسى نبدئها برضا ربنا ..
اجابها فريد معترضاً بحرج :
-بس انا معرفش نصلى ازاى ..
ابتسمت له مشجعه ثم قالت بهدوء لتطمئنه :
-انا عارفه وهقولك .. بس اول حاجه تتوضأ سوا .. ايه رأيك ؟!..
اومأ لها برأسه موافقاً ثم تحركا سوياً نحو الحمام لبدء وضوئهم ، خرجت حياة بعدما تأكدت دون إظهار له من صحه وضوئه ثم خرجت ترتدى لباس صلاتها وتقف خلفه بعدما شرحت له ما بجب عليه القيام بِه ، شرع فريد فى اقامه الصلاه ثم بدء يتلو فاتحه الكتَاب بصوت مرتجف وهيبه يتمنى الا يخطأ فى تلاوتها ، اجتاحت حياة حاله من الفرحه والانتشاء والسعاده مع رجفه صغيره وقد تحقق حلمها اخيراً .
انتهى فريد من صلاتهم ثم التفت خلفه يجذبها لتجلس داخل احضانه ثم قال بحب وهو يتأمل وجهها بهيام :
-انتى عارفه انك حلوه اوى .. والطرحه لايقه عليكى ..
سألته حياة بمرح وهى تداعب بأصبعها عنقه :
-اممممم .. يعنى افضل لبساها على طول ؟!..
اومأ برأسه موافقاً وهو يعاود تأمل ملامح وجهها ثم قال رافضاً بأمتعاض :
-لا بس الطرحه مخلياكى احلى وبعدين هتخلى الناس تركز فى عيونك .. شوفى حل ..
اجابته حياة بمرح وهى تمسح فوق شعره بحنان :
-والله !! طب اعمل ايه يعنى ؟!.. افضل محبوسه هنا على طول ؟!..
حرر فريد خصلات شعرها من تحت حجابها بعدما ازاحه من فوق رأسها ثم اجابها بهيام قائلاً :
-ياريت .. لو عليا عايز اخبيكى ومحدش يشوفك غيرى ..
احتضنته بحب وأسندت رأسها فوق كتفته مغمغه بطاعه :
-وانا مش عايزه حد يشوفنى غيرك ..
شدد فريد من لف ذراعيه حولها ثم قال بعد فتره من الصمت ممازحاً :
-حياة .. هتوحشنى اوى حياة المطيعة وحضرتك كمان ..
رفعت رأسها تنظر نحوه شرزاً مجعده انفها ثم سألته متصنعه الغضب :
-يا سلام والله !!! عجبك الدور اوى ؟!.. وانا كل يوم اقول دلوقتى يحن .. دلوقتى يزهق .. او حتى يتعصب بس اقول ايه بحب تلاجه !!!! ..
دوت ضحكته عالياً من تشبيها ثم قال بهمس وهو يقترب منها ويتلمس بشفتيه وجنتيها :
-طب مفيش واحده حضرتك اخيره .. بصراحه كانت بتطلع من لسانك حلوه اوى ..
ضغطت فوق شفتيها وابتسمت بخجل ثم اسبلت عينيها وهى تنظر داخل عسليته قائله بأغراء شديد :
-اللى حضرتك تؤمر بيه ..
تنهد بحراره ثم قال هامساً وهو يرفعها بين ذراعيه ويتحرك بها نحو الفراش :
-حضرتى يؤمر انك تفضلى جوه حضنى يا سلطانه قلبى وروحى ..
اتسعت ابتسامتها وقد علمت ان جملته الاخيره تلك هى طريقته الخاصه فى الاعتذار منها عما تفوه به سابقاً والذى لم تعد تذكره من الاساس ، وكيف تفعل وهو بدء يبث لها بكل نعومه وحنان أشواقه وحبه ليمحى اى ذكرى سيئه قد نالت من مشاعرهم المقدسه ..
بعد فتره وضعت حياة رأسها فوق صدره ثم هتفت بدلال واناملها تتحرك فوق صدره العارى :
-فريدى ..
طبع قبله فوق شعرها ثم اجابها بحب :
-عيون فريدك ؟!..
رفعت رأسها تنظر إليه ثم قالت بتذمر طفولى :
-فريد … انا جعانه ..
رفع احدى حاجبيه بأستنكار ثم سألها بعدم فهم :
-طب اعمل ايه ؟!!..
نظرت نحوه شرزاً متصنعه الضيق ثم اجابته بأعتراض ممازحه :
-معرفش المفروض تتصرف .. يكون فى اى احساس يعنى اقولك جعانه تقولى حاضر يا حبيبتى ثوانى والاكل يكون عندك هنا .. فريد خليك رومانسى ..
امتعضت ملامحه وتمتم بحنق غير مستسيغ جملتها :
-انتى بالنسبالك الرومانسيه فى ان الاكل يجيلك هنا !!!! .. يعنى هى دى طموحك ؟!..
هزت رأسه موافقه ثم قالت بدلال فطرى مدعيه الحزن :
-اها رومانسيه .. مش كفايه انى مأكلتش من الصبح مستنياك .. وبعدين مانت عارف لما بتزعل منى مش بعرف اكل .. سبنى بقى أعوض ..
كانت محقه فيما تفوهت به فقد لاحظ شحوب وجهها الشديد وفقدانها الوزن منذ الحادثه الاخيره وحتى عندما كانت تشاركه وجباته كانت تتظاهر بتناول الطعام دون تناول شئ حقيقى لذلك زفر بأستسلام ثم سألها مدلالاً :
-ماشى يا ست حياة تحبى اجبلك حاجه معينه ؟!..
صفقت يديها بسعادة من مجاراته لها ثم قالت بحماس :
-اى حاجه منك حلوه .. بس بسرررعه ..
نطقت جملتها تلك وهى تدفعه من فوق الفراش لتحثه على التحرك ، ارتدى بنطاله مسرعاً ثم توجهه إلى الاسفل وهو يحرك رأسه بعدم تصديق لمطاوعته لها .
فى الاسفل وقف فى منتصف المطبخ واضعاً كفه فوق خصره ويده الاخرى تحك فروه رأسه ببلاهه ، ماذا يصنع لها فأخر علاقته بالمطبخ هو احضار الماء من داخل الثلاجه ، الثلاجه نعم ، هذا ما هتف به داخلياً وهو يتحرك نحوها فربما يجد ما يسد جوعها بداخلها ، بالتأكيد سيفعل ، هذا ما فكر به بأنتصار وهو ينحنى بجزعه لينظر داخلها .
تحركت حياة خلفه مرتديه تيشرته البيتى ثم وقف تراقبه وهو غارقاً بنصفه العلوى داخل الثلاجه ، حاولت كتم ضحكتها قدر المستطاع حتى خرج من داخلها ويده تحمل علبه ما ، تسمرت نظرته فوقها بمجرد رؤيته لها وهى ترتدى تيشرته الذى كان يرتديه منذ قليل وبالكاد يغطى خصرها وتنظر نحوه بتسليه ، ابتلع لعابه بصعوبه وهو يضع ما فى يده فوق الرخامه بأليه شديده ثم تحرك نحوها يرفعها من فوق خصرها ويضعها فوق الطاوله الخشبيه ، جلست حياة فوقها وقامت بسحب علبه المعجنات ووضعتها فوق ساقيها والتى كانت تصنعها عفاف يومياً لها وتضعها فوق الطاوله لتحثها على تناول الطعام ، وضع فريد كلتا كفيه فوق الطاوله وعلى جانبيها ليحاصر جسدها بين ذراعيه ثم انحنى بجزعه نحوها قليلاً وهو يسألها بصوته الاجش :
-التيشرت ده بتاع مين ؟!..
اجابته حياة بوميض تسليه واضح فى عينيها وهى تتناول احد معجناتها اليوميه المفضله “كرواسون” :
-امممم .. بتاعك ..
عاد فريد ليسألها هامساً بعدما استمع لجوابها :
-ولما هو بتاعى بتلبسيه ليه ؟!.. وبعدين فى ركن فى الدريسنج فوق متلمسش .. حنى عليا والبسى حاجه منه ..
اخفضت حياة رأسها بخجل فهو يتحدث عن القمصان التى اختارها لها ولم ترتدى واحداً إلى الان ثم قالت بأحمرار :
-حاضر ..
نظر فريد إليها مطولاً وإلى عنقها وبدايه كتفها الظاهر من ياقه تيشرته الواسعه ثم قال بتفكير وهو يقترب بشفتيه منها :
-بس عارفه .. التيشرت احلى .. غيرت رأيى خليكى لبساه ..
ابتسمت بسعاده ثم رفعت يدها نحو فمه لتحثه على تناول المعجنات معها ، ابعد فمه متفاجئاً بتقطيبه ثم قال بغيره :
-حياة .. انا خايف تكونى بتحبى الكرواسون اكتر منى ؟!! ..
قطبت جبينها مدعيه التفكير ثم اجابته ممازحه :
-لا يا حبيبى .. انت الاول وبعد كده هو .. وبعدين ده مش كرواسون .. ده مينى كرواسون ..
ابتسم لها ببرود ثم قال بملامح ممتعضه :
-انا اسف يا مينى كرواسون انى معرفتكش ..
قاطعته حياة قائله بخفه :
-لا آسفك مرفوض .. بص هو قالى مش هيقبل اعتذارك غير لما تاكل منه معايا ..
حرك رأسه رافضاً بشده ثم قال بنبره عابثه وهو يقترب بشفتيه من شفتيها :
-ما تسيبك من البتاع ده وتركزى معايا ..
أبتعدت حياة عنه مسرعه ثم قامت بوضع احدى المعجنات بين شفتيها لتصنع حائل بينهما ثم غمزت له بأحدى عينيها بأستفزاز ، ضيق فريد عينيه نحوها ثم رفع احدى حاجبيه بتحدى صامت ، هل تجبره على اكلها ؟! ، اذا فلتتحمل نتيجه لعبها معه ، هذا ما فكر به وهو ينحنى برأسه ببطء شديد ثم بدء يقطم قطعه المعجنات المحتجزة بين أسنانها قطمات صغيره للغايه بتلذذ وترو شديد وهو ينظر داخل عينيها ، تابعت حياة ما يقوم به بشغف كبير وهى تفكر بندم ليتها لم تتحداه فهى لن تستطيع الصمود حتى ينتهى مما يفعله كأنه يلتهم شفتيها هى وليس قطعه المعجنات ، بدءت أسنانها ترتخى فوقها منتظره وصوله إليها خصوصاً واحدى يديه قد تحركت وبدءت تتجول فوق ظهرها بحريه ، أسقطت حياة المعجنه من بين أسنانها ثم هتفت بأستسلام :
-خلاص خلاص .. انت كسبت .. مش عايزاك تأكلها خلاص ..
ابتسم فريد بأنتصار ثم التهم شفتيها على الفور ، بادلته حياة قبلته بشغف وجنون حتى انقطعت انفاسها ، ابتعدت عنه بعد قليل وهى تلهث ثم اخذت نفساً عميقاً لتسمح لرئتيها ببعض الهواء النقى ، بدء فريد يوزع قبلاته فوق وجهها وعنقها بنعومه شديده ، غمغمت حياة بأعتراض خافت وهى مغمغضه العينين محاوله الابتعاد عنه :
-فريد احنا تحت ..
طبع عده قبلات متفرقه على طرف فمها ثم سألها هامساً بنبره مغريه :
-عايزه تطلعى ؟! ..
فتحت عينيها على توقف قبلاته تنظر داخل عسليته والتى استحالتا للون الداكن من شده مشاعره فرأت وميض الرغبه بهم ، حاولت ايجاد ارادتها للاعتراض وقبل فتح فمها للموافقه سبقتها رأسها تتحرك رافضه دون وعى منها ، كان ينتظر هو اجابتها تلك ليبدء بمشاعره تسطير عشق من نوع اخر ، عشق خاص بهم لم تعلمه الا يده ولم تحبه سوى منه .
فى الصباح استيقظ كلاً من فريد وحياة على رنين هاتفه الذى دوى داخل الغرفه معلناً عن ورود اتصال جديد إليه، مد فريد ذراعه ليسحبه من فوق الكومود ثم اجاب بصوته الناعس بعدما علم هويه المتصل :
-ايه الجديد ؟!!..
اجابه سمير قائلاً بحماس :
-اخدت اول ٤ ايام يا باشا .. وغالباً هيتجددلها تانى بعدهم ..
هنا اعتدل فريد من نومته ثم قال بشراسه آمراً وقد استعاد كامل وعيه بعد سماع ما أرضاه :
-نفذ اللى اتفقنا عليه والنهارده .. وارجع بلغنى ..
استمع إلى موافقه رجله الأمين ثم اغلق الهاتف ووضعه مكانه ثم عاد ليستلقى فوق الفراش مرةً اخرى ، سألته حياة بصوتها المتحشرج بسبب النعاس مستنكره :
-فريد !! انت مش هتروح الشغل ؟!..
اصدر صوتاً من حنجرته يدل على النفى ثم قال وهو يقترب منها بنبره طفوليه تائهه:
-عايز انام فى حضنك شويه ينفع ؟! ..
فتحت ذراعيها وهى تبتسم وتحرك رأسها له موافقه وعيونها تلمع بحب، اخفى هو رأسه فى المسافه الواقعه بين كتفها وعنقها مغمضاً عينيه ومستمتعاً بالهدوء الداخلى الذى يجتاحه منذ البارحه من بعد سماعه اعترافها بحبه ، ياله من حلم بعيد ظل ايام وأيام يركض إليه ويسعى إلى تحقيقه حتى اصبح اليوم حقيقه ملموسة بين يديه ، المرأه الوحيده التى احبها فى حياته والتى وقع فى غرامها منذ اللحظه الاولى التى رأها فيها اصبحت الان ملكه بقلبها وعقلها وجسدها ، تنهد بأرتياح شديد ثم سألها بصوت مكتوم :
-حياة انا مش بحلم صح ؟! .. يعنى كل اللى حصل بينا من امبارح ده حقيقه ؟!..
حركت ذراعيها تحاوطه وتشدد من احتضانها له لتطمأنه ثم قامت بطبع قبله ناعمه فوق مقدمه شعره قبل ان تستند بذقنها فوق رأسه متمته بحب :
-لا يا حبيبى مش بتحلم .. انت هنا دلوقتى ونايم جوه حضنى بعد ٤ اسابيع اتحرمت فيهم منك ..
لاحت ابتسامه سعاده فوق شفتيه ثم سألها ممازحاً :
-انتى عداهم ؟!..
اجابته بجديه شديده :
-باليوم .. لا بالساعه كمان .. صدقنى لو قلتلك معرفش عدوا عليا ازاى .. بس كنت بصحى كل يوم على امل ان النهارده تحصل معجزه ترجعنا لبعض زى الاول ..
طبع قبله فوق عنقها ثم غمغم قائلاً بضيق :
-كله بسببهم ..
صمت لوهله ثم اردف يقول بهدوء :
-حياة .. عايز اقولك على شويه حاجات حصلت ..
قالت وهى تمسح فوق شعره بحنان :
-قول يا قلب حياة ..
اخذ نفساً عميقاً ثم قال بهدوء :
- انا عارف انى اتأخرت فى الخطوه دى .. وعارف ان تأخيرى ده كان السبب فى خساره حاجه مهمه اوى لينا احنا الاتنين .. بس مكنش ينفع اتحرك وأوقف نجوى عند حدها وانا مش ماسك حاجه فى ايدى او أوعدك بحاجه مش متأكد منها .. عشان كده كل مره كنتى بتسألينى هعمل ايه معاها مكنتش بلاقى رد .. وعشان كده برضه كنت سايبها تغلط كمان عشان اخلص منها بشكل نهائى .. بس دلوقتى اقدر اقولك ان نجوى اتقبض عليها .. وانها مش هتقدر تتدخل فى حياتنا تانى ولا هتعمل مشاكل ..
شعر بجسدها يتصلب تحت ذراعه بمجرد ذكره لاسمها فأردف يقول بنبره متفهمه :
-انا عارف انك بتضايقى من سماع اى حاجه عنها .. بس انا عايز احكيلك على كل اللى حصل ..
رغم انقباضه صدرها التى شعرت بها بمجرد سماعها لاسمها الا ان سعادتها لطلبه مشاركتها طغى على ضيقها منها لذلك تحدثت تقول بنبره مختنقه من السعاده :
-طول مانت معايا مفيش حاجه ممكن تضايقنى ..
ابتسم بأنتشاء لشعورها ذلك فأردف يقول بهدوء :
-هى حصلت حاجات كتير مش عارف أرتبها هحكيهالك زى ما هى .. اولها .. ان نجوى كانت السبب فى حادثه التسمم بتاعتك .. .. فى الاول انا شكيت فى جيهان بس بعدها الراجل اللى اعترف على عزه كلامه ودانى فى سكه تانيه فى الاول كان صعب اعرف هى مين بس بعد كده بدءت خطواتنا كلها تروح فى اتجاه نجوى رغم انه عطانى اسم مستعار .. وطبعا شكى زاد لما لعبت فى ملفك .. وبعدها اتاكدت بس مكنتش عارف اوصل لدليل لانها كانت مأمنه نفسها كويس .. بس فى الاخير عرفنا نوصلها .. حياة نجوى عملت حاجات كتير وحشه اوى واخرها ان نجوى خلت نيرمين مدمنه عن قصد ..
شهقت حياة بصدمه ثم سألته بعدم تصديق :
-تسممى انا !!! وبعدين نجوى ونيرمين !!! بعد اللى عملوه فينا سوا !!! مش معقول !!!..
حرك رأسه داخل تجويف عنقها مؤكداً ثم اردف يقول بنبره متصلبة :
-تخيلى .. لولا ان الولد اللى اتفقت معاه عليها اعترف ليا يمكن كنت استغربت زيك .. بس اقولك بصراحه .. هى دى نجوى .. طول عمرها بتعمل كل حاجه عشان مصلحتها وبس .. عمرها ما حبت ولا هتحب حد غير نفسها .. عرفتى بقى انا ليه بكرهها ؟!..
اجابته بخجل لا تصدق ظنونها بهم سوياً فى يوم من الايام :
-عرفت .. طب ونيرمين حصل فيها ايه ؟.
اعاد رأسه للخلف حتى يتسنى له رؤيته خجلها الذى ظهر واضحاً فى نبرتها ثم قام بطبع قبله متفهمه فوق ذقنها وعاد ليخفى رأسه داخل عنقها مرة اخرى مستطرداً حديثه :
-نيرمين بقالها حوالى اسبوعين فى مصحه .. اكيد جيهان مش هتسيب بنتها تضيع منها .. ونجوى اتحبست ٤ ايام على ذمه التحقيق بعد ما اللى اجرته عشان يسممك اعترف عليها وبعد ما اتمسكت فى المطار بمخدرات .. بس وحياتك عندى لهدفعها تمن اللى عملته فيكى واللى عملته فى ابنى اللى ملحقتش افرح بيه بسببها هى ونيرمين ..
اجفلت حياة وتوقفت يدها عن تمسيد شعره ثم قالت بتوسل :
-فريد .. عشان خاطرى أنساها بقى .. بص مادام انت معايا انا مسامحه الدنيا كلها .. كفايه انت عليا وكفايه اننا نعيش سوا مبسوطين ..
لم يقتنع بحديثها بالطبع فأردف يقاطعها معترضاً :
-لو انتى مسامحه انا مش مسامح فى فرحتى اللى ضيعوها منى قبل ما اعرفها ..
أبعدت جسدها عنه قليلاً حتى تستطيع رؤيته ثم قالت بتبره شبهه متوسله :
-عشان خاطرى انساهم .. لو بتحبنى بجد انساهم .. انا عايزه ابدء صفحه جديده من غيرهم .. من غير خططهم ولا غلهم ولا انى حتى اسمع اسمهم بينا .. فريد طول مانت بتفكر فيهم هما هيفضلوا بينا ولو فضلوا بينا مش هنعرف نرتاح ولا نعيش حياتنا طبيعيه .. عشان خاطرى وحياة اغلى حاجه عندك أنساها عشان ربنا يكرمنا من جديد ونقدر نفرح ..
لم يعقب على حديثها ولكنها رأت لمحه من اللين فى نظرته فأستطردت تضيف وهى تعود لتحتضنه بحب وتقبل رأسه :
-وحياة ولادنا اللى ان شاء الله ربنا هيفرحك ويعوضك بيهم .. اوعدنى على الاقل متعملش حاجه من غير ما تقولى فى الموضوع ده بالذات .. لانه يخصنى زى ما يخصك ..
تنهد فريد مستسلماً ثم قال على مضض بعدم اقتناع:
-اوك .. عشان خاطرك هأجل الموضوع ده شويه ..
كانت تعلم ان جملته تلك هى اقصى ما ستصل إليه اليوم لذلك تقبلته برضا ثم غمغمت بعشق :
-يسلم خاطرك .. ربنا ميحرمنيش منك ابداً ..
اجابها فريد بحب :
-ولا منك يا حياة قلبى ..
بعد عده دقائق من الصمت استوعبت حياة كل ما تفوه به فريد هتفت اسمه بتفكير :
-فريد !!! .. عايزه اقولك حاجه .. انت فاكر بليل لما قلتلك وائل كان عايز يقولك حاجه بخصوص نيرمين وانا وقفته .. تفتكر عرف عنها حاجه وكان عايز يبلغك ؟!.. اكييد ده السبب اللى خلاه يكلمنى ..
اخذ فريد يفكر بتمعن فى حديثها ثم قال بهدوء :
-ممكن .. خصوصاً ان حاول بعدها كذا مره يكلمنى .. عمتا هبقى أفضى فى يوم واكلمه اشوف عايز ايه .. بس خليكى انتى بعيده عنه وعن الموضوع ده فهمانى !!!..
ابتسمت حياة لغيرته الخفيه ثم قالت موافقه ففى كل الاحوال لم ترد أحزانه من اجل لا شئ :
-حاضر والله مش هدخل فى حاجه تانى انا وعدتك وبعدين انا اتعلمت درسى خلاص .
اعتلى ثغر فريد ابتسامه رضا بعدما استشعر صدق حديثها ونبرتها ثم اردف يقول بنبره خجله :
-حياة .. عايز اعترفلك بحاجه كمان ..
اعتراف اخر منه ؟! انه حقاً يوم سعدها .. بالطبع تريد الاستماع إلى كل اعترافاته وكل مكنونات صدره بلا توقف لذلك قالت مندفعه بحماس :
-انا سامعاك بقلبى وروحى ولو عليا مش عايزاك تبطل كلام ..
شدد من احتضانه لها ثم قال دفعه واحده :
-دادا آمنه هى اللى ساعدتنى اوصلك .. وكل الكلام اللى حصل بينك وبينها كان بأتفاق بينا .. بصراحه لما شافتنى هتجنن عليكى كده ومش عارف اوصل لمكانك هى قالتلى ان ليكى زميله فى مدينه تانيه ساعات كانت بتقعد عندكم ايام الدراسه وممكن انتى تلجأيلها بما انها مش من هنا .. وفعلا بعتت حد يتأكد من كلامها ولما بلغنى انك عندها جتلك على طول .. بس قبلها مامتك قالتلى اعمل عليكى التمثيليه دى عشان دى الحاجه اللى كانت هترجعك معايا ..
شهقت حياة بذهول ثم قال بعدم تصديق :
-ماما !! وانت ؟!.. بجد !! يعنى انتى مهددتهاش !!.. ولا كان فى حد عايز يطلعها من البيت ؟!..
اصدر صوتاً من حنجرته يدل على النفى فأردفت حياة تقول بتأكيد :
-اه طبعاً وانا مستغربه ليه .. اصلاً ماما طول عمرها فى صفك وكان لازم تساعدك ..
صمتت قليلاً ثم استطردت قائله بعدما تغيرت نبرتها للخجل هى الاخرى :
-فريد عارف .. بصراحه انت مكنتش محتاج تقولى اى حاجه .. انا من اول لحظه شفتك فيها قدامى هناك كنت عارفه انى هرجع معاك من غير ما تطلب .. لان كان فيه جزء جوايا بيتمنى كده والحمدلله انه اتحقق حتى لو كان التمن صعب علينا .. كفايه انى معاك دلوقتى .
تنهد فريد بحراره وابتعد عنها قليلاً رافعاً رأسه فى اتجاهها ثم بدء يقبلها بحنان ، بادلته حياة قبلته بعشق ورغبه حتى ابتعد عنها ثم قال بعيون داكنه :
-فى حاجه اخيره لازم تعرفيها ..
لم تجد صوتها لتجيبه فقط اومأت برأسها مستمعه فتنحنح هو قائله بجديه شديده :
-حياة .. انا عايزك تعرفى كويس وتتأكدى انى عمرى ما لمست واحده قبلك .. لا بأرادتى ولا غصب عنى .. لا وانا واعى اوغلطه .. فاهمانى .. وبعدين حياة العك دى كلها انا سبتها من ساعه ما تعبتى ..
اومأت له رأسها موافقه بخجل ثم تمتمت بأحراج قائله :
-بس انت عمرك ما قلتلى ده ..
اجابها مبتسماً وهو يتأمل احمرار وجنتيها :
-وادينى بقولك اهو .. انا من زمان وعدتك انى عمرى ما هتجوز واحده غيرك .. وانا عند وعدى لاخر يوم فى عمرى ..
عانقته حياة بحب واخفت وجهها فى كتفه وهى تغمغم بصوت مختنق من السعاده متأثره بحديثه :
-انت عارف .. انا كل يوم بتأكد ان قراراتك هى اللى صح .. واولهم انك صممت نتجوز حتى لو غصب عنى .. عشان وقتها انا كنت غبيه وبعاند نفسى قبل ما بعاندك .. فريد انا بحبك بجد ..
شدد هو من لف ذراعيه حولها ثم اجابها بهيام :
-وانا بحبك اكتر يا قلب وروح وعقل فريد ..
طبعت قبله فوق وجنته ثم تمتمت بدلال :
-ربنا يخليك ليا ..
فى المصحه خرجت جيهان من غرفه الطبيب المعالج لابنتها وهى تجر اذيال الخيبه ورائها فبعد مرور ما يتعدى الأسبوعان لا يوجد اى تحسن ولو طفيف فى حالتها وها هو الطبيب يخبرها الان بعدم استجابتها للعلاج او بالأدق عدم رغبتها فى تقبل العلاج او استعدادها للشفاء من ذلك الادمان ، لماذا حدث ذلك لابنتها بينما ابن غريمتها على قيد الحياة يتمتع بكل تلك السلطه والنفوذ والصحه ؟!، هذا ما فكرت به بحقد وهى تتذكر زيارتها لمنصور الجنيدى منذ عده ايام وكيف أقنعته حتى يعطيها مهله اضافيه من اجل خطه تهريبه بعدما شرحت له نيتها فى قتل فريد وبالطبع وافقها بحماسه فهو من زُج به داخل الحبس من الأساس وفى النهايه هو ايضاً يريد الانتقام ، هزت رأسها بحسم ، نعم لن تتوانى عن الخلاص منه ، ستنهى حياته ثم حياة غريب بعدها وتأخذ إرثها وابنتها وتترك البلد بأكملها ولكن اولاً وقبل كل شئ عليها التخطيط جيداً حتى تكلل خطتها بالنجاح دون اى اخطاء .
فى الصباح التالى وبالتحديد فى مشفى السجن العام ، خطى فريد داخل احدى العنابر المحجوزة بها نجوى بخطوات ثابته ، دلف الغرفه وتوقف امامها يتأملها وهى غافيه بضعف فوق احد الافرشه القذره فى غرفه تملئها رائحه الرطوبه والعفن ويتشاركها معها عدد من المرضى الاخريين ، انحنى بجزعه فوقها ثم همس اسمها بنبره خفيضه لايفاظها فألتفت برأسها تنظر نحوه فى الحال ، فيبدو انها لم تكن غافيه من الاساس او ربما هذا ما خَيل إليه ، حدجها بعده نظرات محتقره يتأمل كل ما وصلت إليه خاصةً وهى تهتف اسمه بعدم تصديق كأنه طوَّق نجاتها :
-فريد !! ..
هز فريد رأسه موافقاً ثم قال بشماته :
-ايوه فريد اللى اتبليتى عليه وزورتى صوره وامضته عشان تخربى بيته .. ايه رأيك وانتى مرميه كده وسط الزباله من غير حد يسأل عليكى .. جربتى احساس حياة اللى كنتى عايزه تسمميها وتخلصى منها ؟!.
جحظت عينى نجوى للخارج ثم هتفت بعدم تصديق :
-انت ؟!..
هز فريد رأسه بشراسه وهو يرمقها بنظرات كارهه قائلاً بنبره عدائيه شديده :
-عارفه انا جيتلك ليه مع انى مش طايق اشوف وشك ؟! .. عشان فريد لما بيعمل حاجه مبيستخباس زى الفار .. بيواجهه ..
اانحنى برأسه اكتر حتى وصل إلى اذنها ثم اردف يقول هامساً بداخلها :
-كده حق حياة ونيرمين رغم ان حق نرمين ميهمنيش .. فاضل حق ابنى اللى راح بسبب خطتك القذره .. وصدقينى لولا وعد قطعته لحد مهم عندى كان زمانك بتدفعى تمنه دلوقتى كمان ..
انهى جملته تلك واعتدل فى وقفته ثم رمقها بعده نظرات مشمئزة قبل مغادرته ذلك المكان بأكمله .