همس الظلام
في قرية نائية، بين جبال شاهقة وغابات كثيفة، عاش رجل عجوز يدعى “أحمد”. كان أحمد معروفًا بحكاياته المرعبة عن قصر مهجور على قمة تل مرتفع، يُقال إنه مسكون بأرواح شريرة.
كان القصر قد بناه ثري غريب الأطوار قبل عقود، لكنه اختفى فجأة مع عائلته دون أثر، تاركًا وراءه قصصًا عن وحوش غامضة وأصوات مخيفة.
لم يجرؤ أحد على الاقتراب من القصر، خوفًا من لعنة تحوم حوله. لكن أحمد، الذي لم يخف من شيء في حياته، قرر ذات ليلة ممطرة أن يستكشف القصر ويحل لغز اختفاء صاحبه.
صعد أحمد التل ببطء، بينما كانت الرياح تعوي وتزمجر حوله. وصل إلى القصر، فوجده ضخمًا مظلمًا، نوافذه فارغة مثل عيون فارغة تحدق به.
دخل أحمد بحذر، وسمع صوت خطواته يتردد في الأروقة الفارغة. فجأة، انطفأت مصابيحه، تاركًا إياه في ظلام دامس.
شعر أحمد بالخوف يزداد في قلبه، لكنه واصل طريقه معتمدًا على حاسة اللمس.
وصل إلى غرفة واسعة، وفجأة، سمع صوت همس خافت يناديه باسمه. التفت أحمد يمينًا ويسارًا، لكن لم يرَ أحدًا.
ازداد الهمس وضوحًا، وكأنّه آتٍ من كل مكان ومن لا مكان. شعر أحمد بالرعب يجمد عروقه، وبدأ يتعرق بغزارة.
حاول الهروب، لكن الأبواب والنوافذ كانت مغلقة بإحكام. شعر وكأنّه محاصر في قفص من الظلام.
ازداد الهمس قوة، وتحول إلى صراخ مرعب. رأى أحمد أشباحًا تتحرك في الظلام، وعيونًا حمراء متوهجة تحدق به.
فقد أحمد صوابه، وبدأ يصرخ ويبكي. سقط على الأرض مرهقًا، وفقد الوعي.
في الصباح التالي، وجد بعض الرعاة أحمد ملقىً أمام بوابة القصر. كان فاقدًا للوعي، لكنه على قيد الحياة.
نقل الرعاة أحمد إلى القرية، وعندما استيقظ، روى لهم ما حدث معه في القصر. لم يصدق أحد قصته، لكنهم لاحظوا علامات الخوف والرعب على وجهه.
منذ ذلك اليوم، لم يجرؤ أحد على الاقتراب من القصر المسكون مرة أخرى. وازدادت حكايات أحمد المرعبة عن لعنة القصر وأرواحه الشريرة، لتُصبح جزءًا من أساطير القرية التي تُروى من جيل إلى جيل.