من الفصل الثامن إلى الحادي عشر
الفصل الثامن
لاحظ جاسر أن والدته تتأمل شهد بينما تهمس كوثر فى أذنها ويبدو أنها تقص لها خرفاتها حتى تلهيه عنها ولا يخبر عزت عما فعلته فهتف بجديه حينما رمقها تشير تجاه شهد وتنتوى أن ترحب بها كما فعلت مع فرح : أنا بقول نخلى البنات تقعد مع بعض وترحب ببعض ويتعرفو فى الجنينه أحسن
إعترضت عظيمه : وه مسلمش عليها إياك
رفع حاجبه وعيناه تتحداها فهو الأدرى بخبثها:عندها برد يلا ياشهد خدى هند وبنات عمك وفرجيهم عالجنينه ولا إيه يا مدام كان اسمك إيه
تلعثمت فى الحديث فقد أدركت تلميحاته : هه أأ أأ أنا أنا هجيب عصير
أجابه بسخريه : لمين
إبتلعت ريقها بخوف : للرجاله
إبتسم بجانب فمه ساخرا منها: أنهى رجاله هو اللى زيك بيعمل حساب لرجاله
تعجب عزت من طريقته معها ومن معرفته بشهد فتسائل : جصدك إيه ؟!!
أشار لكوثر وهو يتحدث بحده : إسأل مراتك اللى هتخليك تطردنى من البلد طردت الكلاب
جحظت عيناه وهو لا يصدق ما يسمعه : ايييه
نظر الجميع تجاه جاسر حتى أن الفتيات لم يخرجن بل ظللن واقفات والجميع يخشى مما قد تصل إليه الأمور فجاسر ليس كياسين لا يهتم بالعادات والمقمات يفعل ما يراه صوابا فقط وغضبه قاتل
إستكمل جاسر حديثه المقتضب : تانى مره عرفها تفتح وتشوف بتكلم مين قبل ما تهدد وتقول كلام مش أده
تعجب عبدالرحمت متسائلا : جرى إيه يا جاسر بيه هى عِملتلك إيه
أشار نحوها بإحتقار : أهى قودامكم أهه إسألوها
تلعثمت كوثر بخوف : أأ أنا أنا مم مكنتش أعرف هه هو مين
جحظت عينا عزت وهو يهدر بها صارخا : عِملتى إيه يا بت المحروج
أجابه جاسر بسخريه لاذعه : أقولك أنا الهانم جايه المستشفى تردح معرفش ليه ولما قولتلها دى مستشفى محترمه والمرضى عاوزين هدوء شتمتنى وهددتنى وكان ناقص تضربنى كمان ولما حاولت أفهمها إن تصرفتها غلط قالتلى إنك هترمينى بره البلد لأنى فكرت أقولها إنها غلطانه لا وإيه لما لقت بنتك ساكته هددتها إنها هتقولك إن أنا وهى بينا حاجه غلط عشان يبقى حسابى مضاعف وبالمره بنتك تاكل علقه تمام مهو ازاى تسكت كانت عاوزاها تهزقنى هى كمان الظاهر إنك مش عارف تحكمها
غشى الغضب عينا عزت فأمسك بمعصمها بقوه ينهرها بغضب : يابت الفرطوس يومك أغبر
تعثرت فى فمها الكلمات وهى تبحث عن مخرج فحاولت بغباء ردعه عن عقابها بإتهام جاسر : أنا أنا هه هو دا دا بيدارى
سخر جاسر من حماقتها : مش بقولك لأ وغبيه لسه بتحاول لو أنا كداب إسأل دكتوره رقيه كانت واقفه معايا لما سمعنا الهانم بتردح ولما روحنا نشوفها مين دى وبتزعق ليه لقيناها جايه عشان تفرج الخلق على بنتك اللى معرفتش تفش غلها فيها هنا جايلها المستشفى
صاح عزت فيها : خبرك مطين بطين جبتيلى العار يا حرمه شوم
حاولت التحدث : أنا
ولكنه أمسكها من شعرها وهو يقذف بها على الأرض ويصيح : غورى من جدامى يا بوز الخراب وجريبك اللى ينحرج ديه جوليله ميورنيش خلجته بتى مهواش طايل ضفرها غورى
ركضت تتعثر فى جلبابها حتى سقطت على وجهها أكثر من مره ووصلت لغرفتها تبكى وتنوح على غبائها الذى دمر كل مخططاتها والآن لن تُذل شهد وهى من ذُلت
بينما أنكس عزت رأسه خزيا : حجك عليا يا جاسر بيه
وضع يداه فى جيب بنطاله ورفع رأسه بشموخ وهو يجيبه : محصلش حاجه المهم تبقى تخليها تقصر لسانها شويه وتعرف حدودها
فإستكمل عزت إعتذاره : وبتى محجوجالك
نظر لشهد فوجدها تنكس رأسها وحاجبيها مقتضبين فحدث عزت بجديه : بنتك مغلطتش فى حاجه كفايه إنها تربية أمها اللى مافى حد فى البلد ولا هنا اللى ما بيشكر فى الست ساميه وأخلاقها وماشاء الله سواء بنتك ولا بنات أعمامها ولا حتى أخوها الخلق كلهم بيحلفو بأخلاقهم وتربيه الست ساميه ليهم مش عارف ازاى تبقى متجوز واحده بالأخلاق والذوق ده وتاخذ حيزبومه زى دى
إمتعض عزت مجيبا : النصيب بجى
فسخر جاسر متمتما : آه هه مانا واخد بالى
تهلل وجه ساميه وهى تنظر لجاسر بإمتنان بينما إغتاظت عظيمه بشده فقد ظنت أنها ستستفيد من غضب إبنها ولو لمره واحده ويفسد هذه الزيجه ولكن لم يحدث
نظرت إليه شهد وهى ترغب فى القفز عليه وتقبيله من فرط سعادتها ولكنها كتمت رغبتها وركضت بصحبة الفتيات إلى الحديقه بينما كان قلبه يقفز عشقا وهو يراها سعيده هكذا وعيناها تنظران له بسعاده بالغه أعتطه الأمل من جديد
بينما تفاجأت هند بحسن المعامله وروعة صحبتهن فأحبتهن جميعا وكذلك هن وذلك ما أغضب عظيمه فهى لا ترغب لإبنتها فى التعرف على أحد حتى بتثنى لها السيطره الكامله عليها
____________
بعد مغادرة عائلة الأسيوطى لمنزل عائله الشهاوى عاد عز متأخرا من عمله فوجد الفتيات يجلسن بالحديقه فمر يلقى عليهن السلام فلاحظ ضيق رحمه وبدأ الجدال بينهما فتنهدت فرح وشهد بنفاذ صبر منهما ودلفتا إلى الداخل تاركان هذان المزعجان يتقاتلا حيث هتف عز بإنزعاج : يابت لسانك لأقطعوهلك
بينما تخصرت رحمه وهى تتمايل ساخره : لأ وأنا هقف أتفرج على جمالك أظن دا أنا هقطع ايدك قبلها
أمسك بمعصمها وجذبها نحوه بقوه حتى إرتطمت بجسده وهو يصر على أسنانه بغضب تحول فجأه لضيق حينما ثقلت أنفاسه وهو يتأمل وجهها عن قرب وهى ما إن شعرت بهذا القرب حتى أغمضت عيناها مستسلمه له وهذا ما جعل غضبه يشتعل من جديد وينفضها بعيدا عنه ثم إبتعد شبه راكضا إلى غرفته حيث تعجب الجميع من هيئته الغاضبه وعدم جوابه على أى أحد يناديه ولكن الجميع أدرك أن رحمه السبب حينما وجدوها تتبعه وهى مستشيطه من الغضب فيبدو للجميع أنهما تشاجرا كالعاده لكنها حينما دخلت ولم تجده صعدت إلى غرفته تطرق بحده ففتح الباب وهو فى قمة غضبه وإذا بها تصيح به : ياحيوااان بقى أنا تهنى بالطريقه دى
لم يعلم كيف رفع كف يده وهوى به على وجهها فقد تمكن الغضب منه حتى أصبح لا يرى الأمور بشكل صحيح ولكن سقوطها أرضا إثر هذه الصفعه جعل عقله يعمل من جديد فقد كانت صفعته قويه حتى أنه أدمى شفاهها وأطلقت صرخه قويه وسقطت مغشى عليها حينما إرتطم رأسها بالأرض فأتى الجميع مرتعبين من سماع صرختها وتصنموا جميعا حينما وجدوا عز يقف يبتلع ريقه بصعوبه وهو يقترب منها برعب ويحاول أن يجعلها تفيق فقدماه من الخوف أصبحتا كالهلام وعقله توقف عن العمل وغير مدرك لمن تجمعو حوله إلا حينما تحدثت والدته : يامرى مالها رحمه
هنا تنبهت حواسه فحملها ووضعها على الفراش ثم نظر لشهد فأدركت مقصده وأسرعت إلى غرفتها وأحضرت أدواتها الطبيه وطلبت من الجميع الخروج لتفحصها بينما وقف خارجا مستندا بظهره إلى الحائط رافعا رأسه لأعلى مغمض العينين لا يريد أن يتحدث أو يفكر يريد الصمت عله يهدأ حتى حينما سأله عمه عما حدث لم يجيب فغضب عبدالرحمن وصاح غاضبا : جرى إيه ياولد أنى بسألك عِملت لبتى ايييه
فحاولت ساميه تهدئته : اهدى ياخوى دلوك شهد تطمنا وإن شاء الله خير
فأجابها بحزن : خير منين عاد ما وعيتيش ليها وهى كيه الجتيله
حاول عزت مواساته : خلاص يا عبدالرحمن اصبر ودلوك نعرف إيه اللى جرى
فتسائل عبدالرحمن بضيق : طب هو ساكت ليييه؟!!
فأجابته ساميه بهدوء : همله لحاله دلوك موعيش له كنه مضروب على راسه
فرح : شكله تعبان أوى ومش قادر حتى يتكلم
صمت الجميع حينما خرجت شهد وهى تحاول أن تبتسم فأسرع عبد الرحمن بالسؤال : بتى جرى لها إيه
فأجابته بهدوء : اهدى ياعمى مفيش حاجه تخوف هى جالها هبوط عشان مكلتش حاجه طول النهار
تنهد عبد الرحمن بإرتياح وهو يسب رأسها اليابس فتعجبت شهد : ليه كده بس مهى بقت كويسه وفرخه شامورت مسلوقه بشوربتها المعتبره من إيد ماما هتبقى فل
فزفر قائلا بغيظ : جطيعه تجطع الريجيم عاللى بدعوه عاوزه تخس إيييه أكتر من إكده دى بجت معضمه
إبتسمت فرح : روق ياعمى وسيبها ترتاح وأهو درس تتعلم منه تحرم تهمل فى أكلها
بعد أن إطمئن الجميع عاد عزت وعبدالرحمن بصحبة فرح لمناقشة ترتيبات الزواج معها حتى تسرع فى شراء مستلزماتها فليس لديها كثير من الوقت بينما ذهبت ساميه إلى المطبخ تعد الطعام لرحمه وكوثر منذ أن ضربها عزت وهى متكوره على نفسها فى فراشها تخشى ما قد يحدث لها فيما بعد ولم يظل سوى شهد التى تنظر لعز بملام وهو منكس الرأس خجلا من فعلته فقد تسترت عليه أو هكذا ظن وحينما حاول أن يبرر لها ماحدث وجدها تقول : أنا مش عارفه إيه اللى حصل بالظبط بس الأكيد إن صوابع إيدك المعلمه على خدها كانت هتفضحك لو أبوها شافها
إكتسى وجهه بالحزن : أنا غلطان مفيش شك كان لازم أتمالك نفسى أكتر من كده ومنجرفش ورا غضبى مهما استفزتنى بس ياشهد البنى آدم طاقه ورحمه بتوصلنى لدرجه مببقاش شايف من غيظى منها
لامته قائله : عز البت خدها وارم بشكل مش طبيعى يعنى انت نزلت على خدها بكل قوتك لدرجه إن شفتها انفتحت ومن قوة الضربه وقعت والوقعه كانت قويه ومفاجأه دماغها اترزعت فى البلاط وانفتحت وخبطه زى دى ممكن تعملها إرتجاج فى المخ
إزداد ندمه ومعاتبة نفسه وهو يضرب يده فى الحائط فمنعته شهد : كفايه اللى جوه مش هتبقى انت كمان اهدى عشان نعرف نتصرف دلوقتى أى حد هيشوفها هيعرف إن اللى قولتهولهم كدب دماغها اتفتحت من الواقعه ماشى ونقول شفتها ماشى بس صوابعك المعلمه دى إيه
– أنا اللى يهمنى دلوقتى هى
– عملتلها اللازم وفاقت ولما سألتها سكتت شويه وقالتلى جالها هبوط مفاجئ مقتنعتش لأنى شوفت خدها وكان واضح إنه كف قبل ما يزرق ويورم وميبقاش باينله ملامح ساعتها خدت كدبتها وقولتهالهم مرضتش تقول الحقيقه عشان متضركش انت عارف لو عمك عرف هيولع فيك هو بيعتبرك إبنه مش إبن أخوه بس لحد رحمه وممكن يعتبرها مسألة تار
تنهد بإرهاق : طب ممكن أشوفها
– ادخلها وشوفها بس لو رفضت تكلمك اخرج فورا لتنفعل وتصرخ أو تعمل أى حركه مفاجأه والجروح تفتح
– حاضر
دلف إلى الداخل بهدوء ونادى عليها بصوت هامس : رحمه
فأدارت وجهها بعيدا عنه لكنه لم ييأس : ليكى حق تسمحيلى اتكلم معاكى
أدارت وجهها نحوه وهى تشير نحو وجنتها المتورمه وتحدثه غاضبه : شوهت وشى ياعز وارتحت
إقترب منها ثم مال عليها فإنكمشت خوفا ولكنها فتحت عينيها بذهول حينما أحست بشفتيه تقبل مكان صفعته برقه ثم همس بجانب أذنها : آسف
حينما تنبهت مره أخرى وإستفاقت من ذهولها وجدته خرج من الغرفه ودخلت شهد تسألها بإبتسامه هادئه : ها عامله إيه دلوقتى
فأجابتها بهدوء : الحمد لله أحسن
تعجبت من خجلها الواضح متسائله : مالك يابت ؟
فأجابتها بتوتر : هه مفيش
لم تعقب وسألتها : هببتى إيه خلتيه يعمل فيكى كده عز لا عنيف ولا عصبى لما توصل لكده يبقى أكيد طينتى الدنيا عالأخر
فنظرت لها مترجيه : شهد
– نعم
– اتصرفى ودارى عالموضوع مش عاوزه بابا ولا أى حد يعرف الحقيقه وساعدينى أغطى أى أثر لصوابعه قودام العيله لننكشف
– بسيطه بشويه مكياج هيدارى وعالصبح الورم هيكون فش بس مش هتقوليلى السبب
أنكست رأسها خزيا : شتمته
لوت شهد فمها ساخره : مش جديده غيره
فإستكملت بندم : لأ المره دى شتمته بجد وعليت صوتى عليه وشويه وكنت هديه بالجزمه
رفعت حاجبيها وهى تنظر لها بصدمه : يخربيت عقلك دا لو واحد غيره كان علقك من شعرك وأنا اللى بلومه دا لو أبوكى نفسه عرف هيديكى بالجزمه إحنا آه سيبنا البلد من زمان وعيشين فى المدينه ومتأثرين بيها بس برضو لسه العرق الصعيدى فى دمنا
تذمرت قائله : يووووه بقى أهو اللى حصل
فنهرتها شهد بحده : والله تستاهلى إنتى أصلا من ساعة ما رجع من شغله وانتى شايطه مش عارفه ليه
لمع الغضب بمقلتيها : أصلك ماشوفتيش السكرتيره بتاعته
فتعجبت شهد متسائله : وهشوفها ليه؟! ثم إنتى مالك بيها أصلا ؟! وشوفتيها فين ؟!
أجابتها رحمه بضيق : كنت عنده إمبارح فى الشركه
تنهدت شهد بنفاذ صبر ثم سألتها بضيق : بتهببى إيه هناك
فنظرت إلى أصابعها التى تعبث بها معا تحاول أن تخفى خجلها من عشقه الذى يشعر به كما تظن وعضت على شفاهها وهى تقص لها ما حدث : الصصراحه أأ أول إمبارح كككان قاعد قى الفراندا وونسى تليفونه
أحست شهد بإرتباكها فرتبت على كتفها بحنو وهى تبتسم لها مطمئنه فتنهدت رحمه وأكملت حديثها : تليفونه فضل يرن الفضول كلنى أعرف مين اللى عمال يرن ده لقيته إسم بنت فتحت عليها لقيتها بتستغرب أنا مين وفتحتلى محضر كأنى أنا اللى بتصل مش هى وفى الآخر لقيته رجع يدور عليه واتعفرت لما لاقانى رديت وجرى إتصل بيها وهو ملهوف وخرج قولت مبدهاش وروحتله مخصوص واتحججت إنى قريبه وقولت أعدى أسلم رحب بيا أوى بس هيا لما شافتنى كأن عقرب لدعها ولما طلبلى مشروب نظرتها ليا الصراحه رعبتنى خوفت أشرب تكون حطالى حاجه وطريقتها وهى بتكلمه ولبسها المستفز إيه ده حاجه تقرف وفى الآخر يجى متأخر النهارده وميحضرش العزومه لازم كان معاها مستحملتش
رفعت حاجبيها وهى تنظر لها متعجبه : ياااه دا فيلم هندى صينى يابانى متكلف
لوت فمها غاضبه: إنتى بتتريقى
فأجابتها شهد بهدوء حتى لا تنفجر بها : آه عشان إنتى هبله واضح إنها بترسم عليه ومش لاقيه منه رجا وإلا ماكنتش شاطت لما روحتيله الشركه دا غير إن عز مش نسوانجى وانتى عارفاه طول عمره دوغرى وإذا فكر يتجوز هياخد اللى تصون إسمه وشرفه مش زى ما بتقولى لبسها معرفش إيه كأنها بتقول اللى ما يشترى يتفرج دا غير إنك معندكيش ثقه فى نفسك ولا فيه ولو طفش هيبقى من تصرفاتك المزعجه
قضبت حاجبيها بغضب وهى تصيح : طبعا ماهو اخوكى لازم تقفى فى صفه
حركت رأسها يمينا ويسارا بحركه رتيبه وهى تلوى فمها بيأس : كده طب اتخمدى بقى بدل ما اورملك باقية وشك
وفى صباح اليوم التالى بفضل الأدويه وعناية شهد بها هدأت جراحها نوعا ما ولكنها ظلت بغرفتها طيلة اليوم حتى لا يراها أحد وما ساعدها هو تفهم ساميه للموقف فهى طيبه القلب عطوف ولكنها ليست ساذجه فهى تعلم أن رحمه تناولت طعامها بالأمس وشهد هى من لم تأكل كما أنها إذا أغشى عليها ضعفا فلم صرخت هكذا ووجه إبنها المذعور يؤكد أن له يد فيما حدث ولكنها لن تتدخل بينهما فكلاهما عنيد يابس الرأس وليسا صغارا فليتحملا نتيجه تصرفاتهما ويقودا علاقتهما الغامضه بنفسيهما بينما تعمد عز الإنشغال فى عمله حتى لا يفكر بالأمر فيكفيه أنه لم يزر النوم مخدعه ليلة الأمس بسبب تفكيره فيما حدث وإحساسه بالندم ولكن إنشغاله جعلها تضمر الحقد فى نفسها تجاهه لظنها أنه على علاقه بأخرى
بينما بدأت شهد يومها بخبر مؤلم فوالدها العزيز لم يرفض قريب كوثر بالأمس بسبب فعلتها مع جاسر لا فهو كان ينتوى ذلك لأن هناك من له مصالح تجاريه معه قد تقدم لخطبتها وسيدفع مبلغ لا بأس به وليس لها رأى فقد هو من يقرر فأحست بالدنيا تدور من حولها وغمغم الحزن عليها مما لفت إنتباه جاسر الذى ظن أنها ستأتى سعيده بعد ما حدث بالأمس ولم يستطع سؤالها عن سبب حزنها خشية أن تنهره لتدخله فى شؤنها وتذكر حديثه بالأمس مع رقيه بعد مغادرة كوثر للمشفى حيث لاحظ شرود شهد فسألها : رقيه
– نعم
سألها بقلق : شهد مالها
تنهد بضيق مجيبه : والله مانا عارفه حاولت أفهم مرضيتش تقولى هى لمضه آه لكن لما بتزعل بتبقى كتومه أوى بس أكيد أبوها السبب
تمتم بضيق : أبوها تانى
سخرت بحزن : هو فى نكد ف حياتها غيره هو ومراته الله يحرقها
تنهدت ثم أكملت حديثها بأسى : شهد غلبانه أوى وتعبانه فى حياتها ومبتتفكش إلا هنا
تنهد بغضب فأفعال عزت بها تدفعه إلى قتله ثم قرر أن يسألها وليكن ما يكون فذهب إلى غرفه الأطباء ليجدها وحدها تقف ظهرها له وتتحدث بالهاتف : ياماما اتصرفى أبوس إيدك يعنى إيه هتفضلى ساكته لحد إمتى أنا مش هتجوزه حتى لو بموتى مش أفضل العمر دا كله مستحمله أذاه على أمل يجى بنى آدم يخلصنى منه بقى وارتاح وفى الآخر يدبسنى فى واحد معرفوش عشان مصالحه أنا مش بهيمه بتبعوها للى يدفع أكتر هو أنا مش بنته ياماما أنا تعبت وخايفه أقول لعز لو وقف قصاده تانى هتبهدل كفايه بقى حرااام أنا تعبت تعبت
ثم سقطت أرضا تبكى بألم مما هيا مقبله عليه فلم يتحمل أغلق الباب خلفه وأسرع يحتضنها بقوه بينما هى حينما وجدت نفسها بين ذراعيه لم تبالى فقد أحست بأمان الذى لم تجده أبدا فحتى حضن والدتها مشوبا بالخوف من أباها وكذلك أخاها بكت كثيرا وهيا تنتفض حزنا حارقا حتى هدأت فى الأخير وحاولت أن تبتعد قليلا ولكنه لم يتركها حتى سمعها تطمئنه عليها بهدوء : خلاص بقيت كويسه
نظرت بعيون تقطر حزنا وهو يهمس : متأكده
أومأت له بخجل : امممم
– شهد
– نعم
– تتجوزينى ؟
إتسعت عيناها وهى تتمتم بصدمه : إيه
أعاد سؤاله بقلق : تتجوزينى؟
ظنت أنه يفعل ذلك من باب الشفقه فإقتضبت وهى تجيبه بضيق : متشكره يا دكتور لسه موصلتش لليأس لدرجه اتجوز شفقه
أجابها سريعا : مين قال
نهضت تهندم ملابسها : عن إذنك
أمسك معصمها ليوقفها وهو يؤكد : استنى بس أنا عاوز اتجوزك بجد
نفضت يدها من يده وحدثته بحده مبالغ فيها : كفايه لو سمحت أنا أفضل انتحر ولا اتجوزك انت بالذات شفقه
تعجب من حالتها وحديثها متسائلا : أنا بالذات اشمعنى
أدركت ما تفوهت به عن غفله فركضت إلى الباب ولكنه كان أسرع منها حيث وضع يده على الباب وهو ينظر لها بضيق ويتحدث بهدوء مخيف : مفيش خروج من هنا إلا أما أفهم
توترت من نظراته وإصراره : أأ انت تفهم إيه
– ليه أنا بالذات
توترت كثيرا وهى بهذا القرب منه فإبتلعت ريقها بتوتر واضح وهى تجيبه : أأ عع عشان عشان آه عشان أنت رئيسى فى الشغل ودا هيعقد الدنيا وأنا أنا عع عاوزه اتججوز جواز طبيعى فيه حب وواحترام مم مش شفقه
إزداد ضيقه من سوء ظنها وهو يحاول أن يوضح الأمر : ومين قالك إنه
قاطعه طرق على الباب فتأفف وهو يبتعد عنها ثم توجه إلى غرفة مكتبه وهو فى قمة غضبه تلك الحمقاء تظنه يشفق عليها ولا ترى عيناه التى تشتاق لرؤياها كل لحظه بينما وقفت هى تلهث لا تصدق ماحدث كادت تكشف نفسها وتخبره بعشقها له وخيم الحزن على قلبها فهو فقط يشفق عليها فتنهدت بحزن وفتحت باب الغرفه لتجد أحلام أمامها تنهرها لغلقها الباب وتسألها بحده لما أغلقته لم تبالى شهد بصياحها وتركتها وخرجت لتباشر عملها حتى لا تفكر بما حدث
تعمدت شهد أن تتحاشى التعامل مع جاسر قدر المستطاع بعد ما حدث كذلك عز ورحمه التى تكاد أن تجن وعقلها يخبرها أن سكرتيرته من شغلت قلبه وأبعدته ولا تدرى أن افعالها وأفكارها الخاطئه هى السبب ولا تعلم أنه يجهد نفسه فى العمل حتى يستقر ماديا بعيدا عن والده ويستطيع أن يتزوجها ولهفته على هاتفه وصياحه بها لأنه كان ينتظر مكالمه هامه من سكرتيرته فشركته تنفذ مشروعا هاما إذا ما أتمه على أكمل وجه سيُغير مجرى حياته سيجعله مستقلا لا يستطيع عزت أو كوثر التدخل فى حياته مجددا سيتطيع أخيرا إنقاذ شهد من طمع والده ورغم ما تفعله رحمه وتقودها غيرتها لإزعاجه إلا أنه يمنى قلبه بعشقها وهذا ما يدفعه لتحمل كل ما يمر به
مر الوقت سريعا بين تحضيرات العرس وفرح تتعمد ألا تلتقى بياسين فقد لكى تجعله يشتاق وتستمتع بلهفته وسؤاله عنها لكن ياسين كان يغضب من ذلك وهذا ما جعله سهل الإنصياع خلف عظيمه التى إستطاعت إستغلال غضبه وغباء فرح ببراعه حيث نصبت لها فخا وبأفعالها الصبيانيه وقعت به حيث حاكت عظيمه مكيدتها وأقنعت ياسين بإتمام الزفاف فى القريه حيث تعجب الجميع ولكنهم إقتنعو لأنه لا يصح أن يتم زفاف كبير القريه خارجها سيظن الناس أنه يتعالى عليهم أو هكذا إستطاعت عظيمه إقناعه وهو بدوره أقنعهم بينما كانت فرح سعيده بذلك فهى تعشق القريه وأعراسها وغفلت عما يحدث فى هذه الأعراس حيث تم الزفاف على طريقة هذه القريه فالرجال فى مكان والنساء فى مكان وإستطاعت عظيمه أن تنفرد بياسين لحظات قبل أن يلتقى بعروسه لتنفث سمها فى عقله وتتم خطتها الشيطانيه ولكنه حينما دلف إلى داخل غرفته ورأى فرح نسى كل شئ وتهلل وجهه فقد كانت ملاكا ساحرا فلم يفكر مرتان فإقترب منها سريعا وإحتضنها بشده لا يصدق أنها أخيرا أصبحت له ولكنه ضغط عليها دون أن يشعر فدفعته وركضت بعيدا عنه فركض خلفها وهى تضحك حتى قفزت على الفراش وهى تصيح به ضاحكه : إعقل يامجنون إعقل
وقف يلهث وهو يخبرها بسعاده : أعقل إيه بقيتى مراتى وفى بيتى وأوضه نومى وتقولى أعقل
كانا يمرحان غافلان عن تلك الحقود التى توقعت أنه لن يتمم خطتها وحينما سمعت صوت ضحكاتهما تيقنت أنه سيفسد مخطتها فقررت أن تجبره على ما تريد وجعلت أم الخير تنشر الخبر وتجعل الرجال ينتظرون حيث تعجب الجميع فقد ظنو أنه لن يفعل ذلك فهو رغم تمسكه بعادات قريته وتصرفاته وكأنه منهم إلا أنه من عائله الأسيوطى فمنذ الجد وهم لا يقدمون على هذه العاده كما أن عائله الشهاوى متبرئه من هذه العادات منذ زمن وقد أصبحوا ذو طباع مدنيه كما أن فرح تربت فى بلاد الغرب فكيف توافق على هذا ولكن إذا كان هذا قراره فلن يمنعه أحد
نزلت فرح من على الفراش وهى تركض ضاحكه فى كافة أنحاء الغرفه وهو يلاحقها مستمتعا بمشاغبتها له ولكن صوت طرق عنيف على باب الغرفه من زوجه عمه تخبره أن الرجال ينتظرون وهذا ليس وقت الدلال
فقضب حاجبيه وتحول وجهه البشوش لكتلة غضب
فتعجبت فرح متسائله : مالك؟ ومرات عمك عاوزه إيه؟ ورجالة إيه اللى مستنيه؟
فأجابها بجمود : مستنيين يتأكدو
إزداد تعجبها سائله : يتاكدو من ايه؟!
– منك
– مش فاهمه
تلعثم وهو يجيبها : عاوزين يعرفوا لو لو يعنى إنك إنتى لسه ببنت ولا لأ
صاحت فى وجهه بصدمه : نعم انت بتخرف تقول إيه
فرد على صياحها بصياح مماثل : مهو عيشتك الملخبطه السبب وفضلتى وسط طبقه من الناس بتقلدو الخواجات و
فقاطعته بغضب : استنى هنا طب هما عاوزين يتأكدو وانت إيه؟
أجابها بجمود : أنا بقول ننجز الوقت مش فى صالحنا
ثم نظر لها بمكر وهو يكمل حديثه : ولو مكسوفه هجيب سكينه وأعور إيدى وأوريهم اللى عاوزينه هما يرتاحو وأنا وإنتى قدامنا الليل طويل
قتلتها تلك النظره التى يخبرها بها أنه يتستر على الجرم الذى يظنها اقترفته فأجابته بهدوء وعينان خاليتان من الحياه : وعلى إيه انتو شكين أنا موجوده
إقتضب حاجبيه وهو ينظر لها بغير فهم : مش فاهم
أسقطت عنها ردائها وهيا تنظر له بجمود وكأنها لا تراه :اتفضل إعمل اللى انت عاوزه
– إيه دا ازاى تقفى كده قدامى إنتى اتجننتى
أسرع بتغطيه جسدها فتصرفها جعله يشعر أنه مقبل على إغتصابها ونسى تماما أنها زوجته
نظرت نحو الطاوله فوجدت سكينا بجوار طبق الفاكهه فأمسكت بالسكين ونظرت نحو ياسين وهى لاتزال نظراتها كالأموات : خلاص لو مش عاوز الحقيقى خلينا فى المزيف
إبتلع ريقه بخوف وهو يقترب منها بحذر : قصدك إيه ومال السكينه بالموضوع
لم يستطع أن يتحدث بعدما وجدها قطعت أعلى ذراعها بقوه وهيا تكتم ألمها والدماء تسيل بكثره وتقول : اتفضل الدم كتير أهوه إشبع منه
ركض نحوها وهو يصيح غاضبا : إنتى اتجننتى رسمى
نزع من يدها السكين وأسرع بإحضار صندوق الإسعافات الأولية وضمد جراحها بهدوء لكن لم تمهله عظيمه فرصه للتفكير أو التراجع فقد عادت تطرق الباب بقوه مره أخرى لتعيد على مسمعه ما قالته سابقا
فإبتعدت عنه فرح وهيا تنظر إليه بحسره : إسمع انت عاوز تتأكد وهما كمان أنا هساعدك
لم يستوعب ما تقول حتى وجدها قد خلعت كافه ملابسها واستلقت على الفراش متوسطه تلك القماشه التى لاحظتها منذ أن دخلا الغرفه ولكنها لم تبالى بها حتى علمت الآن لما هيا هنا فهو يشك بها منذ البدابه نظرت إلى الأعلى وهى جسد بلا روح تفكر كم كانت بلهاء غفلت عن حقائق عده لعشقها الجارف به فرغم ما مر من سنوات فقد كانت تحتفظ بقلبها من أجله ورفضت كل من حاول التقرب منها ولم تنتبه لما أصبح عليه ونسيت حديث شهد ورحمه عن كونه متمسك بالعادات وإنشغلت بالتجهيز للزفاف ومشاغبته بدلال لم يكن له أى سبب سوى العبث وغفلت عما ينويه من جهتها شردت فى هذه الأفكار بعد أن أخبرته بجمود : اتفضل أنا جاهزه
كاد أن يصرخ بها ويغطى جسدها العارى وينهرها على فعلتها لولا طرقات تلك اللعينه
فلم يجد هناك بد فإقترب منها وأنهى الأمر فى حين كانت تتحامل على آلامها فألم قلبها جعلها لاتشعر بشئ مما جعله يشك بها أنها قامت بذلك من قبل ولكن صدمته لم يكن يوزايها صدمه حينما تأكد منها حينما أيقن غباؤه فقد أهانها بشده وعلم أنها كانت مستسلمه لأنه قتل كبريائها ولم يعلم أنها تألمت ولكنها تحدته بالصمت كعقاب له فإبتَعد عنها ليجدها تنظر للأعلى جاحظه العينين لا تعطى أى رد فعل فإقترب منها قلقا : إنتى كويسه
أجابته بجمود دون أن يغمض لها جفن : آه
تنهد بإرتياح : الحمد لله
بينما اعتدلت لتجلس ثم سحبت الغطاء عليها وإلتفت به ثم وقفت تنظر له بإحتقار :مش خدت اللى انت عاوزه واقف ليه روح للى مستنيينك بس إبقى فكر فى جواب لسؤالى لما انت شاكك فيا اتجوزتنى ليه عشان تذلنى ولا عشان ترضى غرورك لإنى أهنتك أول مره شوفتك وأنا معرفكش ولا ليه أنا داخله أخد شور على ما تخلص باقى المراسم المهمه بتاعتك
وما إن إستدارت مبتعده عنه حتى هتف بلهفه : استنى
فأجابته دون أن تنظر نحوه : عاوز إيه هاخد شور ولو لسه ما شبعتش أنا موجوده
كان كلامها يقتله فهيا أصبحت تتعامل معه وكأنه مغتصب أو الأسوأ كأنها زانيه تعاشره بمقابل أنهى الأمر مع الرجال وعاد حزينا لم يستطع مواجهتها
بينما تدثرت وهى منكمشه على نفسها وأعطته ظهرها بينما ظل هو ينظر إليها بحزن وندم فإقترب من الفراش وحاول الحديث معها ولكن بمجرد أن لمست أطراف أنامله كتفها حتى إرتعد جسدها وإنكمشت أكثر فإبتعد ونام مواليها ظهره
ظلا كلاهما حزينا حتى بلغهما سلطان النوم فى وقت متأخر من الليل لم يشعرا بالوقت من تعب قلبيهما
إيمى عبده
الفصل التاسع
سبب ما حدث إنزعاج للجميع حتى أن عز أراد إيقاف الأمر ولكن والده وعمه منعاه فإذا منع أحدهم ياسين من تنفيذ ما يريد سيشاع بين الناس أنهم يخفون أمرا ما ونظرا لكون فرح كانت بعيده عن عائلتها منذ زمن فى بلاد غريبه فسيصدق الجميع الأمر كذلك صديقه كرم لأنه رأى صواب رأى عزت وعبدالرحمن فصمت عز على مضض كذلك جاسر حينما حاول أن يصعد ليمنع ياسين حيث منعه والده فهو أكثر ما يخشاه هو أن تهتز صورته أو صورة عائلته أمام الناس لذا لن يسمح لأحد بنشر شائعات عن إبن أخيه وزوجته وبعدما خرج ياسين من الشرفه إلى الرجال ملوحا بتلك القماشه الملطخه بدماء فرح ودوى صوت إطلاق النار وعلت الزغاريد كان كل فرد فى العائله يشعر بالغضب ولكن سيتغاضى الجميع منعا لإشعال المشاكل فلازالت فرح عروس وإذا حدث خلاف وتطلقت مبكرا ستسوء سمعتها وبوجود عظيمه وأم الخير اللتان سيتفننان فى تشويه صورتها وصورة عائلتها لذا سيصمت الجميع
حدوث هذه العاده ليس بجديد عليهم ورغم رفضهم لها إلا أنه إذا ماتم تنفيذها بمعرفه سابقه لم يكن سيعترض أحدهم لكن المفاجأه وخاصه أن أم الخير أشاعت أن ياسين سيفعل ذلك لأنه لا يثق بفرح أو بعائلتها ولكنها المصالح فقط من جعلته يتزوجها تلك الشائعه التى نشرتها بأمر من عظيمه لحفظ ماء الوجه فبهذه الزيجه يعد رافضا لإبنتها وتنفيذ ياسين الفعلى للأمر مس كرامتهم وجعل الجميع ينظر لهم بفوقيه ذلك الإحراج جعل نفوسهم تحمل الغضب مما حدث
ظل جاسر مستيقظ يفكر غاضب فقد تجنبته شهد لأيام عده منذ آخر حديث بينهما ولكنه كان ينتظر الزفاف ليلتقيها والآن بعدما فعله ياسين وشائعة أم الخير لن تنظر فى وجهه حتى فلو كان هناك أملا ضعيفا لتشعر به فقد تبخر الآن وما إن سطع نور الصباح هاتف رائف الذى إستيقظ فزعا إثر صوت الهاتف ونهض يبحث عنه بعيون لا يكاد يستطيع فتحها وأجاب بلهفه : ألو أيوه مين
فاجابه جاسر سريعا : إهدى يا رائف دا أنا جاسر
تنهد بإرتياح ثم تثائب وهو يجلس ويحاول أن يستيقظ : خير أكيد مصيبه
أجابه بضيق : انت بتنجم ولا إيه
تنهد بكسل : مش محتاجه أنا دايما اللى بتصل انت مبتتصلش بيا إلا لما تطربق على دماغك ولما تتصل فى توقيت زى ده تبقى إتقندلت ها إتحفنى بالجديد
تنهد جاسر بتعب ثم قص عليه ماحدث فوجده يهتف بغيظ وقد إختفى النوم من عينيه بعد ما سمعه : أقطع دراعى من لغلوغه إما كانت أمك ورا الحكايه دى
زفر بضيق :أنا شاكك فى كده برضو
أجابه بجديه : شاكك لأ أنا بقى متأكد مع إنى محضرتش بس ياسين كان بيحلم بالليله دى وكان بيتمنى يعمل فرحه هنا وبعدها يسافروا شهر العسل فجأه يغير رأيه بين يوم وليله ويخلى فرحه فى البلد بالطريقه دى أكيد لعبت فى دماغه كالعاده ومش بعيد تكون دبسته فى الحكايه دى
عقب على إستنتاجه : تصدق آه الناس كانت هتمشى وفجأه لقيت أم الخير بتلف على الحريم والرجاله وتبلغهم يستنو
سخر بغيظ : شوفت وأم الشر دى مبتمشيش خطوه من غير أمر أمك والناس عندكم عارفين إن عليتكم بطلت العاده دى من أيام جدك وعيلة الشهاوى كذلك فمحدش كان متوقع ده يحصل والكل كان مروح عادى
قبض يده وهو يطرق بها على حافه الشرفه ويصرخ بصوت مكتوم : ااااه هتشل يا رائف مش ناويه تبطل أذيه فى الخلق بقى
لوى فمه بسخريه : هه متبقاش عظيمه وبعدين إن كنت زعلان على ياسين وفرح فإطمن دورك جاى مهى مش هتعتقك
هتف به غاضبا : يا أخى أنا متصل بيك تهدينى مش تولع دماغى زياده
أردف بضيق : ولو هديتك بكلمتين دا هيغير اللى حصل كده فرح وياسين علاقتهم إدمرت رسمى معتقدش واحده زى فرح تربيه بره وأبوها وأمها كانو متعلمين ودايما رافضين للعادات دى هتعديله عملته الهباب دى بالساهل دا غير أن ياسين ساعات بيتغابى ومبيعرفش يعبر صح وممكن تفتكر إنه عمل كده لأنه مش واثق فيها ودى هتبقى أنيل
نظر فى الأفق البعيد ثم تنهد بحزن معقبا : على أد مانا متغاظ من ياسين على أد مهو صعبان عليا دا لو خسرها يموت دا كان عايش بس على أمل رجوعها دا سفرها دمره خلاه مش طايق البلد باللى فيها هج ورجع أنيل من الأول
تنهد رائف بضيق : عارف ياجاسر للأسف عارف وأكبر دليل حكاية ميرا ولا نسيت
– لأ منستش ربنا يسترها
– انت ركز معاه شويه عشان خطط أمك مش هتوقف لحد هنا أكيد بتحضر لمصيبه تانيه هى وأم قويق اللى سحباها وراها فى كل حته
فأجأبه بضيق : يا جدع الست دى مرض ومقوياها على الأذى
حدثه بمرح : إطلق عليها جابر هيعلقها من شوشتها ههههههه
فأجابه قائلا : دا يتمنى بيتلكك لها أصلا ههههههه
– مادام ضحكت تبقى روقت روح انت بقى ناملك ساعتين وراك يوم طويل
تعجب جاسر متسائلا : وانت إيش عرفك إنى منمتش
فأجابه بهدوء : واضح إن الموضوع واكل عقلك من بالليل روح نام وأنا هقوم أفوق وأشوف اللى ورايا طيرت النوم من عينى الله يسامحك
– هههههه كده طب تصبح على خير
فأجابه ساخرا : صباح الخير يا أخويا
____________
لم يخمد لعظيمه جفن فقد كانت تمنى نفسها بعد ما حدث وتلك الشائعه المسيئه التى جعلت أم الخير تنشرها بين الناس أن تنتهى هذه الزيجه وتتشفى فى فرح ولكن لم يحدث ورغم أنها متأكده من شرف فرح فوالدتها كانت لا غبار عليها ولن تسمح أن تكون إبنتها بلا حياء حتى ولو عاشت فى وسطا مختلفا ولكنها أرادت إفساد ليلتهما وتدمير علاقتهما للأبد لأن فرح مثقفه وعلى وعى كافى فلن تسامح أبدا هذه الإهانه التى تعرضت لها وقريبا ستنفصل لو لم يكن اليوم فالغد وتصبح الساحه خاليه أمام هند مجددا ولم تفكر أن بفرح أو دونها لن يرى ياسين هند سوى أختا فقط ولكن ما جعلها تستشيط غيظا حينما وقفت بجوار باب غرفة ياسين ولم تسمع شيئا وتفاجأت بالأعيره الناريه وصوت الزغاريد فظنت أنه زيف الأمر حتى لا يخسر فرح ولا تستطيع أن تقول شئ فالجميع سيسألها كيف علمت ولن تستطيع القول بأنها من دبرت كل هذا وكانت تتنصت عليهما وما أن سطع نور الصباح حتى أرسلت أم الخير لتوقظهما التى جعلتهما ينتفضا فزعا إثر طرقها الحاد على الباب فأسرع ياسين يفتح الباب وعيناه جمر من النار فوجد أم الخير تقف امامه ببرود فصاح بها غاضبا : جرى إييه الجيامه جامت يا اللى تتحرجى فى جهنم
أجابته ببرود رغم غضبه الجارف : وه ياسيدى وأنى ذنبى إيييه دا جدك بيشيعلك عشان الخلج اللى تحت
صر على أسنانه بغضب فهو يعلم أنه ليس الجد من أرسلها كما أنها تستفزه بلا مبالاتها الحمقاء : خلج إيه يا جدرى
أجابته بسخريه : أهل العروسه وكبارات البلد جايين يباركو على إيه مخبراش
نظر لها بحده : أجولك جايين يباركو على إييه
لوت فمها بضيق : جول ياسيدى
إتسعت عيناه وهو يصيح بها : على جنازتك اللى عطلع دلوك يابت المحروج
ورفع مداسه وهم بإلقائه فى وجهها ولكنها كانت أسرع منه فى الركض فزفر بغضب : أعوذ بالله إيه البلوه دى لأ وعندها ميتن سنه وفيها صحه عيل عنده عشر سنين هم إيه ده اللى فارسنى إن إسمها أم الخير كانو سموها أم النكد أوووف كنت ناقصها أنا
دلف إلى الداخل فوجدها قد تجهزت للنزول فتعجب:إنتى لحقتى غيرتى هدومك
أجابته بهدوء صقيعى : آه عن اذنك
إقتضب حاجبيه متسائلا : على فين؟!
فاجابته بجمود : نازله للضيوف
إقترب منها بهدوء وإبتسم : طب مفيش صباح الخير
أجابته بلامبالاه : صباح الخير
فأمسك يدها وجذبها بهدوء نحوه ونظر فى عينيها : يافرح اعذرينى أنا كنت محاصر ومرات عمى وقفالى عالباب
لوت فمها وهى تجيبه بلا مبلاه : مش مهم
إزداد ضيقه وهو يحدثها بحده : ازاى ده أنا عارف إنك
قاطعته بجديه : أستاذ ياسين إحنا بينا عقد يلزمنى أديلك حقك وقت ما تعوزه وانت بتنفز العقد حتى لو بطريقه غلط فأنا مش من حقى أعترض
نظر لها بذهول غير مصدقا ما تقوله : عقد وحق إيه اللى بتقوليه دا اللى بينا دا جواز مش مشروع بنفذه سوا
عادت للامبالاتها وهى تجيبه : مش فارقه
تنهد بيأس : يافرح ادينى فرصه أوضحلك أنا
قاطعته بحده : خلصنا هتغير وننزل للناس ولا أنزل لوحدى
لم تتحمل كرامته إصرارها على البرود فتجمد وجهه وحبس مشاعره وأصبح باردا مثلها وترك يدها: لأ ثوانى وهغير وننزل سوا
نزلا سويا حيث إستقبلهما عظيمه وهند وأم الخير أسفل الدرج وحينما وقفا أمامهن حتى يلقيا عليهن السلام وجدا عظيمه تتأفف وهى تنظر لفرح بحقد وتحدثها بحده : جلع بنات ماسخ لساتك جايمه دلوك
فأجابتها فرح بملل : آه
إزدادت حدتها وهى تستكمل : اومال لو عروسه صوح عتجومى ميتى
– بكره بالليل
إستشاطت غضبا من برود فرح فنظرت إلى ياسين : شايف مرتك بتحدتنى كيف
فأجابها بضيق : صباح الخير يامرات عمى
لاحظت ضيقه وعدم إهتمامه بما قالت فحاولت أن تهدأ ورسمت على وجهها الطيبه : صباح الخير يا إبنى ربنا يعينك على ما إبتلاك
فعقبت فرح بسخريه: آمين يارب ولا أقولك إدعيله ربنا يخلصه منى أسهل
صرت على أسنانها بغيظ : بت جليله الحيا إنتى مش عامله حساب لحد
فأجابتها فرح بتحدى :آه
نظرت هند لياسين وهى مبتسمه : صباح الخير يا إبن عمى
فأجابها بهدوء : صباح الخير عن إذنكم هروح أسلم عالرجاله
فحدثته عظيمه بإبتسامه مصطنعه : اتفضل يا إبنى
بينما نظرت هند لفرح بإبتسامه حنونه : صباح الخير ياعروسه
فأجابتها فرح ببرود : أهو صبااح
فتراجعت هند ظنا منها أنها كالبقيه تكرهها وذهبت إلى المطبخ حينما رمقتها والدتها بحده وهى تعقب : عروسه ليه يابتى خلى الطابج مستور
فهمت أم الخير ما تلمح له عظيمه فسايرتها لتزعج فرح : ليه ياستنا ماشوفنا الدليل وطلج النار إمبارح
فنظرت إلى فرح بسخريه : تلاجيها عامله عمليه من إياهم
فعقبت فرح بتهكم : إيه دا وإيش عرفكم الظاهر كنتو عملينها سابق ولا مين عارف مش يمكن بنتك المصونه جربتها
ألجمتهما الصدمه فلم يتوقعا تلك الجرأه ولم تعطيهما الفرصه للرد فدلفت للداخل لتحيى النساء التى أتت لمباركتها وبعد أن رحلن جميعا ولم يتبقى سوا زوجتا عمها وبنات أعمامها
جلست بجوارها ساميه وهى تبتسم بحنان : مبروك ياعروسه
فأجابتها فرح بإبتسامه هادئه : الله يبارك فيكى يامرات عمى
لوت كوثر فمها بسخريه : يارب ترفعى راسنا بقى ومتفضحيناش مع أهل جوزك
فأجابتها بحده : ملكيش فيه
– نعم
فأجابتها فرح ببرود : اللى سمعتيه إنتى مش جايه تباركى وباركتى طرقينا بقى أصلنا عرسان جداد ومش عاوزين إزعاج
جحظت عيناها بصدمه فقد ظنت أنها قد إنكسرت بعدما حدث بالأمس ولكنها لازالت قويه لا تهتم لأحد فوقفت وخرجت تشتعل بنيران غضبها بينما كتمت الفتاتان ضحكتهما ورمقتها ساميه بعتاب :ليه إكده
فوضعت فرح يدها على رقبتها : معلش ياماما أصلها خنيقه
إبتسمت ساميه : طيب أنى هجوم بجى أحصلها
فنظرت لها بضيق : ودا كلام ياماما الدنيا كوم وانتى كوم تانى خالص إنتى خط أحمر بالنسبه ليا يعنى مقدرش أبدا أزعلك مهما تقولى ولا تعملى
ضمتها ساميه إلى صدرها وربتت على ظهرها بحنو : تسلميلى ياضى عينيا عمرك ماحسيتينى إنك مش بتى
إبتعدت عن ساميه وأظهرت ضيقا وهى تعقب : ولزومه إيه تفكرينى بقى دلوقتى
فضحكت شهد : سيبكم من جو الدراما النكد ده خلينا فى المهم إيه الاخبار ياعروسه
تعجبت فرح متسائله : أخبار إيه؟!
فاجابتها شهد بمرح : أخبار الطقس هتكون أخبار إيه أخبار الجواز
فنظرت ساميه بحزن تجاه فرح : طمنينى عليكى يابتى
فاجابتها فرح بإبتسامه مصطنعه ولكنها أجادتها وإستطاعت إخفاء حزنها : فل زى الفل
فإبتسمت ساميه : ربنا يسعدك ياحبيبتى كان نفسى أجعد وياكى بس عمك جال منطولش
فنظرت لها فرح بترجى : طب سيبى البنات معايا شويه
– بس إكده ماشى وهخلى عز يبجى ياجى ياخدهم
بعد أن غادرت ساميه أخذتهما فرح وصعدت بهما لغرفتها وأغلقت الباب بقوه جعلتهما ينتفضان و تعجبتا تصرفاتها فقد ظنا أن ياسين زيف الأمر لذا هى تضحك ولا تبالى ولم يعلما أنها تجيد إخفاء مشاعرها فنظرت لها شهد تسألها بجديه : مالك فى إيه هو العريس مزعلك
فأجابتها بسخريه : عريس هه آه العريس
تعجبتا الفتاتان وسألنها سويا : ماله؟!!
فأجبتهما بصياح غاضب :زفت
ففزعتا من صياحها المفاجئ وعقبت رحمه : يالهوى خضتينى
بينما رفعت شهد حاجبيها بتعجب مستفسره : عمل إيه إوعى يكوم كان عنيف معاكى
نظرت لها فرح بحزن : العنف ولا الحنيه بتبقى بين إتنين مع بعض بس إحنا مكناش كده هو كان قاضى وصدر حكمه وناوى يجلدنى بس حكمه خانه وطلعت بريئه لغى قلبه وحكم عقله وعقله خانه
فسألتها رحمه : هو زعلك أوى كده؟
فأجابتها بأسى : تصدقى فاتت سنين نار حبه فى قلبى مش عاوزه تنطفى لا ببعد ولا بوجع ولا أى شئ لكن هو فى لحظه خمد نار حب العمر كله
نظرتا متعجبتان وهما يسئلاها بلهفه : ازاى؟!!!
تنهدت بحزن : لحظه ماقالى إن الناس عاوزين يتأكدوا إن كنت بنت ولا لأ سألته وأنا بتمنى ميبقاش زيهم سألته إن كان عاوز يتأكد هو كمان
إقتضبت شهد فقد أدركت ماحدث بينما سألتها رحمه : وقالك إيه؟
أجابتها بعيون دامعه : قالى مش وقته خلينا نخلص من الموال ده وكل حاجه عملها بعدين كانت بتأكد إنه زيهم وصدمته لما إكتشف إنى بريئه كانت أكبر دليل لحظتها بس بطلت أدورله على مبررات وعرفت إن خلاص كده كله إنتهى وأنا هعيش هنا بمزاجى وهحرق كل اللى يضايقتى هما جايين يطلعو فيا عقدهم بس على مين
فإبتلعت رحمه ريقها وهى تسألها : ومش خايفه؟
فأجابتها بجمود : لأ
لكن شهد نظرت لها بخوف : بس بابا هيبهدل الدنيا
فأجابتها فرح ببرود : ولا يهز فيا شعره أنا اللى مريت بيه إمبارح كفيل بإنه يخلينى جسد وقلب ميت ميهمنيش من حد وأهى فرصه بنت عمه الغاليه تواسيه ويتجوزها
صاحت بها رحمه غير مصدقه : يتجوزها دا إيه وانتى
فأجابتها فرح بسخريه لاذعه : حبيبتى أنا تخليص مصالح بين العيلتين ودا اللى سكت عمى وخلاه وافق والست عظيمه وبنتها كانو بيرسمو يتجوزها ودلوقتى عاوزين يطفشونى أو يحرقو دمى وأنغص عليه حياته فيدور عليها ميعرفوش إننا مفيش بينا حياه من أصله
نظرتا لها بحزن بينما كان ياسين يسترق السمع حينما صعد إلى غرفته بعد أن إنتهى من الزيارات ولم يكن يعلم أن معها أحد وكاد أن يفتح الباب حينما سمع صوتها وهيا تصرخ فتوقف ليسمع ما الذى أغضبها هكذا وكانت كلماتها خنجر مسموم ينحر أوردته فقد طُعنت فى كرامتها ولن تسامحه بسهوله فإبتعد وذهب إلى الحديقه فى ركن بعيد وإستلقى على ظهره ينظر إلى السماء حتى غلبه النوم وإستيقظ ليلا فى وقت متأخر وذهب إلى غرفته فوجدها نائمه إستلقى بجوارها بصمت وهو ينظر لها يتأملها حتى غفى بجوارها
إستيقظت فرح فوجدت نفسها بين ذراعى ياسين فإبتسمت بهدوء فلأول مره تكون بهذا القرب منه تأملت ملامحه بشوق هى تبدو بارده جامده لا تهتم كارهه له بعدما حدث لكنها فى الحقيقه هشه ضعيفه عاشقه له رغم كل شئ تبحث عن أمانها بجواره لكنها تريده أن يندم أولا حتى لا يكرر إهانتها ولكن هل ستستطيع فقناعها البارد يتصدع بوجوده فحاولت النهوض والإبتعاد حتى لا تضعف ولكنه متمسك بها بقوه وظلت تحاول حتى إستيقظ فجمدت حركتها ولم تستطع فعل أى شئ وهو يتأملها بهيام ثم إقترب منها وقبل جبينها ونهض صامتا فتعجبت من فعلته كانت تظن أنه سيحاول التقرب إليها أوالإعتذار ولكن لا لا شئ
ظلا صامتان حتى النظرات يتفادينها حتى حينما نزلا سويا لتناول الطعام مع العائله كانا كالغريبان
جلست عظيمه بجوار فرح متعمده فعلم الجميع نيتها ولكنهم انتظروا لكى يتأكدوا منعا للمشاكل فقد تكون مصادفه ولكن عظيمه لا تعلم المصادفات فنظرت إلى فرح من أعلاها لأسفلها: باه وديه إسمه إيه ديه
تعجبت فرح متسأله : هو إيه ده؟!
طرقت عظيمه على فخذ فرح بحده شديده : ديه
فصرخت فرح متألمه وهى تبعد يدها عنها : اااه إيدك
زفر راشد بضيق فقد بدأت زوجته فى مضايقه فرح ولم يمر على الزفاف سوا يوم واحد :جرى إيه يا عظيمه
فأشارت نحو فرح بغيظ : موعيش لخلجاتها
فنظر لها جاسر متعجبا : مالها؟!
فأجابته هند موضحه : جصدها عالمنطلون
تحسست فرح بيدها موضع صفعتها وأحست بألم شديد فيدها كانت فولاذيه ولكن ما آلامها أكثر هو صمت ياسين على مايحدث
نظر جاسر إلى فرح ثم نظر لوالدته : دا بنطلون جيبه ولابسه بلوزه واسعه عليه ثم مفيش داعى للغيره هيا صحيح أحلى منك ستين مره لكن مفيش داعى للغيره دى أد بنتك إحترمى سنك عالأقل
إستشاطت عظيمه غيظا : وه انت عتشتغلها محامى ولا إييه
فلوى فمه ساخرا ثم عقب : لأ بس بالنظر بينكم هدومها حشمه أكتر من جلبيتك اللى مش مفهوملها دى جلبيه ولا بدله رقص
صاحت عظيمه غاضبه : باه انت اتجنيت ولا إييه عتجول إكده ليا أنى أمك
فأجابها ببرود : أهو أحسن ما الغريب يقولها
فنظرت لفرح بحده : هى العروسه كلت عجلك انت كومان والا إييه
كانت تلميحتها جارحه ولكنه لازال على صمته فقررت فرح أن تدافع عن نفسها وتكف عن إنتظاره ففعلته يوم الزفاف أكدت لها منزلتها المتدنيه عنده لن تتحمل أكثر هذه المهزلة فأجابته بهدوء مستفز : والله كتر خيره أهو طلع حد فى البيت ده بيقف جنب المظلوم و كفايه أنه شايف هدومى محترمه مش زى ناس بتتلكك وهدومها ولا بلاش
صرت عظيمه على أسنانها بغضب ثم رمقتها بحقد : خلجاتى زينه وعجبانى وكل الحريم بيلبسو إكده وجال على رأى المثل كل اللى يعجبك وإلبس اللى يعجب الناس
فعقبت فرح على حديثها بسخريه : والله أنا المثل عندى مختلف خالص وأنا بحب امشى عليه
تعجبت عظيمه من حديثها متسأله : مثل إييه ديه؟!
أجابتها بسخريه : كل ما يليك وإلبس اللى يسترك ويداريك
فغرت عظيمه فاهها بذهول : هااه
بينما أشاح ياسين بوجهه ليخفى إبتسامته فهى مهما حدث تظل قويه لا تهاب أحد أما باقى العائله فجميعهم ضحك على هيئة عظيمه مما جعلها تنظر إلى ياسين بغضب : جرى إييه يا ياسين ماتعلم مرتك تحترم كبارات العيله ولا خليص عتدجلعها على جفانا
إستمر صمته وهو يتناول طعامه بلا إكتراث لأحد
إبتسمت هند بتوتر وهى تحاول أن تهدأ الوضع :وه يا أمه ياسين زين الرجال وفرح زين
قاطعتها قهقهت فرح الساخره ثم نظرت لها: الأوض فوق فاضيه إطلعو وإرحمونا من المناظر المقرفه دى
ثم نظرت إلى عظيمه : إبقى علمى بنتك لما تتغزل فى راجل متجوز بلاش عالأقل تعمل دا قدام كبارات العيله ههههههههههه دلوقتى بس عرفت ليه متجوزهاش عشان الفيلم الزباله اللى عملتيه ليلة الفرح مكنش ينفع تعمليه معاها وإلا المستور هينكشف
ألقى ياسين معلقته على الطاوله بقوه وهو يصيح بفرح بحده : فرح
فنظرت له ساخره : إيه دا طلعلك صوت يا هه ياعريس
فأجابها بغضب : عشان لسانك بدأ يخوض فى الأعراض
لم تهتم لغضبه وإستكملت سخريتها : ههههههههه والله لأ راجل أهوه طب متشممللتش وقولت الكلام ده ليه لما خاضو فى عرضى يا هه يا زين الرجال
أشاح بوجهه فهو لن يستطيع مواجهتها الآن فهى لاتزال ثائره مما حدث بينهما
لم تنتظر أكثر ونهضت وغادرت المكان وخرجت شبه راكضه إلى الحديقه تحاول أن تنعم بهواء نظيف تتنفسه ولكنه ركض خلفها نادما يبحث عن كلمات تسعفه ولكن لا يوجد
وجدها تجلس على المرجوحه فبدأ بتحريكها ببطأ فقالت بهدوء حزين : من فضلك سيبنى لوحدى
تعلثم فى الحديث وهو يقول بندم : أأ أنا أأ أنا آسف
– على إيه بالظبط
– على كل حاجه
تنهدت ببطأ ثم سألته : وبعدين؟
– طالب منك فرصه تانيه
– ها وبعدها تمشى ورا خزعبلات وعادات عبيطه وتذلنى تانى مش كده
فأجابها بلهفه : مش هيحصل
فتحدثت بضيق : لأ هيحصل طول ما الثقه منعدمه بينا
وقف عن تحريكها وهو يسألها بقلق : إنتى أأ إنتى مبتثقيش فيا؟
فأجابته بضيق : أثق ازاى إذا كنت انت نفسك مبتثقش فيا
فعقب سريعا : لأ بثق
فسخرت قائله : آه بأماره ليلة الفرح
فحدثها بندم : حقك عليا فرح أنا عمرى ما إعتذرت لحد ولا إترجيت حد دا لوحده مش كفايه يثبتلك إنك مميزه أوى عندى أرجوكى
فصمتت ولم تعقب فزفر بضيق وأوقف المرجوحه وجذبها نحوه وهو يميل برأسه نحو أذنها وسألها بحزن : طب أفهم من سكوتك دا إيه فى أمل ولا لأ ؟
لم تجد جوابا مناسبا فهى رغم عشقها له لن تسامحه بهذه السهوله خاصه بعد ما حدث منذ قليل فهو حتى لم يدافع عنها أمام تلك الشمطاء ولكنها أيضا لن ترفضه نهائيا فقلبها لا زال متعلق به لذا آثرت الصمت ثم نهضت سريعا ودلفت إلى الداخل بينما وقف ينظر فى إثرها بندم ثم جلس مكانها على المرجوحه فاردا ذراعيه مستندا برأسه للخلف ناظرا للسماء حتى أته صوت جده الحاد : واد يا ياسين
فزفر بضيق وهو يعتدل ثم نهض وذهب يساعده فنفض الجد يداه بغضب : بعِّد يا ولد فاكرنى ختيرت ولا إييه أنى أجدر أمشى لحالى
فأجابه بملل : أيوه طبعا ياجدى
نهره جده بضيق : انت عتاخدنى على كد عجلى ولا إيييه
تأفف ياسين بضيق وهو يرجوه : جدى وربنا فيا اللى مكفينى مش رايق أنا أقعد أدادى
رفع الجد حاجبه وهو يسأله: وه واما انت موجوع إكده يبجى هى كيفها بجى
قضب ياسين حاجبيه وهو يسأله : قصدك مين؟
– مرتك يامخبل
اقتضب حاجبيه أكثر وهو ينظر له بإستغراب بينما أكمل الجد : متفكرنيش غفلان صوح أنى جليل ما بجعد وياكم الله يهده المرض بجى بس دريان بكل حاجه واللى عِملته يجل منيك جبليها
تعجب سألا : يقل منى ازاى؟!
نظر له بجانب عينيه يسخر منه بضيق : لما متأمنش للحُرمه اللى شايله إسمك من أول ليله تبجى عتعمل عيله وياها كيف ولما تهملها لمرت عمك تبجى ملطشتها وانت موجود تبجى إيييه ياواد ولدى بجى جاسر هو اللى يحاميلها وانت جاعد كيه الدبشه
تأفف وهو يعقب : آه دا انت عندك تقرير مفصل بقى أكيد جابر بس هو لحق عرف ازاى
نهره بضيق : متتمجلتش عليا ياواد انت جابر ده ولدى اللى مخلفتوتش بوك كان تاعبنى وعمك زى جلته وانت وجاسر عتخلصو عالباجى
تصنع الحزن وهو يسأله بمرح : ليه بس دا أنا حبيبك
فأجابه الجد بهدوء : ياولدى انت زين الناس بس لو تشغل عجلك وتنسى علام مرت عمك الله يحرجها
– طب ماجاسر مش تربيتها ومش عاجبك برضو
– جاسر راجل صوح بس غبى واخد خيته بذنب أمها
تنهد ياسين بضيق : الصراحه رغم إنها مبتخالفش أمها بس بحسها غلبانه
أكد الجد : هند منكسره وأمها عملاها خدامتها وعمك وولده وجودهم زى جلته محدش فيهم واعيلها ومهملينها لعظيمه تحكم وتتحكم فيها دا حتى العلام يا ولدى مخلتهاش تفك الخط عشان تفضل سحباها وراها
– طب وأنا أعمل إيه لو إدخلت هتلبسنى فى الحيط ومش بعيد تطلع إشاعه جديده عننا وأنا وفرح علاقتنا بايظه لوحدها
– هى مورهاش غير الأوشعات كفايه أوشاعه الفرح
إقتضب جبينه وهو يسأله متعجبا: إشاعه إيه؟!!
رفع الجد حاجبيه وهو ينهره بضيق : وه انت على طول مدريانش بحاجه إكده اومال كبير البلد كيف يا حزين
زفر بضيق : بطل تبكتنى وفهمنى إشاعة إيه
فأجابه بهدوء : أم الخير نشرت فى الفرح إنك شاكك ف مرتك عشان إكده عاوز تتوكد وتعرف الخلج لو هى لساتها بت ولا له وإنك إتجوزتها لأجل مُصلحه بينك وبين عيلتها والخلج كانو مش مصدجين هما دريانين بحجد عظيمه وأم الخير بس اما عِملت اللى عِملته أكدت حديتها وخليت الكل يتحدت عنيها
جحظت عيناه بقوه وهو يهب واقفا كالإعصار فلم يهتم الجد وأكمل لومه :شوفت آخرتها ليها حج مرتك متعديهاش على خير
إحمرت عيناه وهو يصيح بصوت جعل حوائط المنزل ترتجف :جاااابااااااااار
إيمى عبده
الفصل العاشر
بينما فى الداخل كان راشد ينهر عظيمه :عاجبك إكده
فاجابته ببرود : وه ماهى اللى لسانها فالت
– وانتى لسانك إييه؟
فنهرته بحده : جرى إييه انت عتبكتنى
– له بس إكده وكفينا
فسالته بقلق : جصدك إيه؟
فاجابها بتحدى : شيخ البلد كان كلمنى وعاوز يناسبنى
ففزعت قائله : وه مين ديه دا كنه إتجن البلد كليتها خابره انها لياسين
فصاح بها غاضبا : جنيتى إياك ياسين اتجوز
– معتعمرش معاه
فعقب جاسر : والبركه فيكى طبعا
بينما صاح راشد فيها : إنتى إما إرتجعتيش عن جنانك ديه الله فى سماه لدوجك حسرتها
إتسعت عيناها وهى تسأله بخوف : جصدك ايه؟
لكن نظرته التحذيريه كانت أكبر جواب لها بينما غفل الجميع عن هند تلك المسكينه البائسه المنسيه وكأنها قطعة حجر يحركناها كما يرغبان دون النظر لها فتسللت من بينهم وذهبت إلى غرفتها تبكى حالها
ولكن صوت ياسين الغاضب جعل الجميع ينتفض ويخرجوا مهرولين حتى فرح التى صعدت إلى غرفتها نزلت تركض وتجمع كل من بالمنزل وهم يقفون غير مستوعبين ما يحدث بينما ركض جابر نحوه يتمتم : خبر إييه؟
فأجابه ياسين بصوت مخيف : أم الخير
إتسعت عيناه بغضب وصك على أسنانه سائلا : مالها؟
أجابه بهدوء مرعب : عاوزك تسجيلى الجنينه بدمها
– من عينيا
فعقب ياسين سريعا : دلوك
أومأ بالموافقه وإستدار فوجدها تركض خارج المنزل حين سمعت ما قيل وعلمت ما سيحدث ولكن جابر كان أسرع منها وأمسك برأسها جارا إياها وهى تصرخ وتستغيث بعظيمه التى حاولت أن تجعل أى منهم يمنعه بلا فائده فركضت إلى ياسين تنهره فرأت عيناه تنذرها بغضبه القاتل فإبتعدت بينما ألقى جابر بأم الخير أرضا ثم توجه إلى غرفته القديمه فعلمت ماذا سيفعل فركضت زاحفه ولكنها لم تستطع الفرار فقد أحضر سوطه وأمسك بها وجرها حتى ألقاها مجددا فى وسط الحديقه على مرأى ومسمع من الجميع وإنهال عليها بالسوط وهى تبكى وتصرخ وتستغيث بلا فائده حتى ركضت فرح تمسك بيداه وهى تصرخ : كفايه حرام عليك انت مش بنى آدم هتموتها
فأجابها بجمود : بعِّدى من إهنه
فرفضت بقوه ثم نظرت إلى ياسين تترجاه : قوله كفايه أرجوك
صك ياسين على أسنانه بغضب ثم أشار بيده إلى جابر بالتوقف ثم وجدها تقترب من أم الخير لتساعدها ولكن أم الخير دفعتها وهى تصرخ بها : بعِّدى عنى بجى بعد ما خلتيه يجطعنى جايه تعملى فيها طيبه بعِّدى يابوز الخراب
فذهب ياسين إليها وأمسك بيدها يساعدها أن تنهض بينما تنظر هى لأم الخير بذهول فأمسك وجهها وأداره لها بهدوء : إنتى كويسه
أجابته بإرتباك مما حدث : أنا أنا كنت بساعدها
تنهد بهدوء ثم أخبرها : فى حاجات كتير متعرفيهاش فأحسنلك متدخليش عشان ما هينوبك إلا التعب والإهانه
زفر جاسر بضيق ثم نظر لوالدته بحده و قال للجميع بصوت واضح : أنا بقول كفايه بقى ونسافر أحسن لو طولنا شويه كمان هنولع فى بعض
فنظر له ياسين مؤكدا: عندك حق كل واحد يحضر شنطه هنسافر الصبح
تنهدت هند بإرتياح لأنها ستتخلص من العريس ولكن إرتياحها لم يدم حينما صاح والدها : جابر شيع لشيخ البلد ياجى هو وولده
فنظرت له عظيمه بغضب فهو سيدمر كل ما تفعله ولكنه لم يبالى بغضبها أو برأى هند فقد قرر ونفذ دون الإعتبار لرأيها أو إحساسها فكل ما يرغب به هو التخلص من البلبله التى تسببها عظيمه بأفعالها بين الناس فسمعته وسمعة عائلته على المحك
لم تجد عظيمه من يجعله يتراجع عن قراره فهى لا أهميه لها لديه وولدها دائما ضدها أما ياسين فيتمنى ليتخلص من أفعالها مع فرح فذهبت إلى والد زوجها علها تستميل قلبه
بحثت عنه ووجدته يجلس فى الحديقه فبعد حديثه مع ياسين لم يود رؤية أحد وخاصه هى لذا حينما وقفت أمامه ترتسم الحزن والطيبه أحس كأن الموت يتربص به فرؤيتها تجعله يشعر بالإعياء
تصنعت الإحترام قائله : أستسمحك ياعمى
نظر لها بضيق :خير يا عظيمه
– يرضيك اللى ولدك عيعمله ديه
– عمل إييه عاد
– عاوز يجوز البت لإبن شيخ البلد
يعلم نيتها السيئه وسبب رفضها لهذه الزيجه فتصنع التعجب متسائلاء : وه وانتى عاوزاها تبور ولا اييه
أجابته سريعا : له مجصديش بس يشوفلها جوازه زينه
فتسائل بمكر : وجوزتها من إبن شيخ البلد عفشه فى اييه
لم تجد جوابا مقنعا فقالت : طمعان فينا
سخر من إجابتها : هه طمعنجى بناله بيت فلسنجى سكنله فيه
قضبت حاجبيها بضيق : جصدك إيه يا عمى
فأجابها بحده : طول عمرك عينك فارغه وميملهاش إلا التراب حاجده وكارهه وناكره الجميل وعتطلعى لغيرك وتاكلى حجه
إستنكرت حديثه : عتجول إيه ياعمى
– عجول إن ولدى اللى علاكى بسكوته لو كسر رجبتك من لول مكنش كل ديه حوصل خاف على هيبته وسط الناس واتبلينا بيكى
شحب وجهها وإتسعت عيناها خوفا مما يقول فهى تعتقد أن لا أحد يعلم بالحقيقه بينما الجميع يعلم بحقيقتها المخزيه فى حين إستكمل حديثه : فكرانى غفلان له يابت أخت الغاليه لجل خاطر بوكى الضغلبان وفضيحته بين الخلج الله فى سماه ماكنتى عتعتبى برجلك إهنه والتمثيليه اللى عِملتيها كانت أى دايه تجدر تكشفها يا يا بت الأصول إحنا غيرك إنتى وأمك خابرين عيالنا زين ونعرف المليح من العفش وهند عتبور ولا عنجوزهاش ياسين معنولهلكيش حتى لو فضحيتنا كلياتنا معنعدهاش تانى يا عظيمه وهملى فرح لحالها
تركها وغادر بينما ظلت هيا واقفه تنظر إليه بحقد فقد أهانها ولم يساعدها فعادت إلى غرفتها غاضبه ولم تجد سوى حليفتها الحقود أم الخير لتساعدها فذهبت إليها وجدتها تتأوه بشده إثر ضرب جابر لها فساعدتها تضمد جراحها وإتفقتا على الإسراع فى التخلص من فرح وكذلك العريس ولكن زوجها كان أسرع منها فلم يمهلها أى فرصه فحينما حضر العريس مع عائلته إتفقو على كل شئ وأحضر المأذون وكتب كتاب هند فتدمرت كافة خطط عظيمه ولكن أم الخير جعلتها تهدأ فسيفعلان كل ما يلزم قبل إتمام الزفاف لدفع ياسين وفرح إلى الطلاق ثم إفساد زيجه هند ليصبح لا مفر من تزويجها من ياسين
فى حين أن صاحبة الشأن تجلس فى غرفتها حزينه شارده لا يهتم بها أحد فقد تناثرت حياتها بين أم طامعه وأب متباهى ولكن ما آلمها أكثر هو صمت جاسر التى ظنت للحظه أنه سيحميها ولكنه إستسلم سريعا تنهدت بيأس ثم وقفت أمام النافذه تنظر للسماء ونجومها الساطعه وتتذكر ذاك الشاب الذى أزهر قلبها بعشقه منذ الصبا ولم تدرك ذلك إلا حينما رحل فقد ظنت أن مشاعرها تجاهه هى مشاعر اخوه وصداقه ولكن طيفه الذى لا يختفى من قلبها وذكراه التى جعلتها تحيا حتى اليوم أكدا لها أنه كان عشقا ضاع ولن يعود
بعد رحيل العريس وعائلته ذهب كل فرد إلى غرفته وبعد أن دلف ياسين إلى غرفته وجدها تجلس شارده حزينه حتى أنها لم تشعر به حينما دخل الغرفه فإقترب منها بحذر ووضع يده على كتفها يحركها ببطأ مناديا بهدوء : فرح فرح فرح إنتى سمعانى
لم تجيب فصاح مناديا : فررررح
ففزعت فى مقعدها ونظرت نحوه بغضب بينما وقف هو بشموخ ينظر لها وكأنه لم يتسبب لها توا فى أزمه قلبيه وضعت يدها على قلبها وهى تلهث حتى هدأت ورمقته بنظره قاتله ثم ذهبت نحو الفراش فلم يجد ما يقول فتسطح على الفراش هو الآخر بجوارها وكلاهما ينظر فى إتجاه مختلف تأبى عيونهما الإستسلام لسلطان النوم حتى آذان الفجر فتفاجئ بها تنهض من جواره وذهبت للتوضأ وتصلى فإعتدل يشاهدها ولاحظ أنها أثناء السجود ظلت وقت أطول من اللازم وجسدها ينتفض وصوت أنين خافت صادر منها فنهض مسرعا لظنه أنها أصابها سوء ولكنه تصنم فى مكانه حينما إقترب ووجدها ترفع رأسها وعيناها حمراوتان فسقط على ركبتيه وهو ينظر لها فقد كانت تشكوه للخالق العظيم فإبتلع غصته وهو ينظر لها بحزن حتى إنتهت من صلاتها ونهضت تلملم سجادتها ورغم أنه أمامها فهى لا تراه فنهض بتعب وأمسك يدها قبل أن تعود إلى الفراش وجد عيناها لا تنظران نحوه وكأنه لا وجود له فإجتذبها نحوه يضمها بشده وهو يبكى ندما وكأن دموعه أزابت جليدها فتفاجئ بها تربت على ظهره بحنو فإبتعد ينظر إليها فوجدها تبتسم بهدوء : سامحينى يا فرح
فأجابته بهدوء : محصلش حاجه تستاهل اللى بتعمله دا كله كان حقك وأى إن كانت الطريقه اللى أخدته بيها فهو حقك أنا اللى وجعنى شكك فيا مش اللى حصل عارف لو عملت اللى حصل ده وانت متأكد إنى أشرف من أى أفكار سيئه فى دماغك مكنتش هزعل بس سؤال انت بتطلب السماح دلوقتى عشان إتأكدت إنى بريئه من سوء ظنك ولا عشان إيه
فأجابها بحزن : فرح أرجوكى أنا تعبان النوم هجرنى طول الليل وقلبى واجعنى
فنظرت له بعتاب : ودا تأنيب ضمير لإحساسك بالذنب
تهدج صوته وهو يرجوها : يافرح إدينى فرصه تانيه أرجوكى نظرتك دى بتقتلنى
إستنشقت الهواء وزفرته بقوه : ماشى يا ياسين هديك فرصه تانيه بس تفتكر أنا لو جرحت كرامتك كنت هتدينى فرصه تانيه
أجابها بإبتسامه هادئه : كنت هزعل وهغضب وأثور بس لما أهدا كنت هسامحك إنتى متعرفيش إنتى إيه بالنسبه ليه يا فرح إنتى روحى اللى اتردتلى نبض قلبى اللى رجع يدق من جديد أرجوكى
تنهدت بتعب : حاضر روح إتوضا وصلى الأول وتعالى ننام شويه أحسن ورانا بكره معمعه
قضب حاجبيه متعجبا وهو يسألها : قصدك ايه؟!
فأجابته بإبتسامه بالكاد تظهر على ثغرها : انت ناسى السفر وأكيد معارفنا اللى هناك هيجو يباركو أول ما نوصل
حدثها بإقتناع : عندك حق
ذهب يتوضأ بينما تمتمت بخفوت : فرصه يا ياسين فرصه واحده وإن فشلت المره دى إنسانى خالص
جلست على الفراش تشاهده وهو يصلى فى خشوع حتى سلم ثم نظر نحوها بإبتسامه رضا فوجدها تبتسم له : حرما
أجابها بهدوء : جمعا إن شاء الله
أعطته ظهرها وإستلقت على جنبها : تصبح على خير
فامسك يدها يُدرها نحوه : استنى هنا
إقتضب جبينها متعجبه : إيه !!
فإبتسم بمكر : سمعت إن من يومين كان فرحنا
فأجابته بغيظ : آه بيقولو بس فى واحد غبى نكد علينا
تنهد بهدوء وهو يقترب منها قائلا بهمس : أديكى قولتى غبى خلينا نبتدى من جديد وهوريكى الفرح بيبقى ازاى
نظرت له بغضب : آه انت عشان كده طلبت السماح
إبتعد عنها سريعا وهو يقول بجديه : لأ طبعا أنا مستعد ما ألمسكيش تانى أبدا إلا لو طلبتى أنا مستنتكيش العمر كله عشان كده
فإعتدلت فى جلستها وهى تسأله بحده : اومال كنت هتتجوز شهد ازاى
فاجابها بهدوء : مصالح يا فرح ويأست من إنك ترجعى
فإزداد غضبها : آه قولتلى يعنى لو إتأخرت يوم كنت اتجوزتها
فأجابها بضيق : لأ طبعا أنا كنت رافض رغم محاولات عمك بس لما قابلتك فى بيتكم ومعرفتنيش خدتها تحدى بس لما هديت رجعت لعقلى
نظرت له بحب وهى تنهره بخجل : انت على طول متسرع كده
فإبتسم بسعاده وهو يرى نظرتها له ثم إقترب يهمس لها : سيبك من اللى فات بقى ها مش عاوزه تعرفى هيجو بكره يباركولنا على إيه
أجابته بخجل : إيه
ونكتفى بهذا القدر فليس للمراره طاقه
(((((******))))))
عادت عائله الأسيوطى إلى المدينه وقد سبقتهم عائله الشهاوى بالأمس فقد قرر عزت الرحيل مبكرا مع عائلته لمنع أى تصادم فبعد شائعة ليلة الزفاف وما حدث خشى من حديث الناس ورد فعل فرح كما أن الجميع تعجب من غياب كوثر وكثرت الأسئله فهو منعها من الخروج نهائيا بعد ما فعلته مع جاسر فقد خشى إذا رآها فى الزفاف أن تفسد الزيجه برمتها
____________
عادت شهد إلى عملها فوجدت رقيه ترحب بها بشده وتنبعث منها رائحه تعلمها جيدا فنهرتها : يخربيت مخك فسيخ إنتى إتجننتى
فأجابت بضيق مصطنع : إتجننت عشان برحب بيكى
– بالفسيخ
– آه وبعدين متقلقيش أنا بس دوقت نسيره وهتمزمزى الباقى وأنا يادوب هدوق على خفيف
– والأملاح ياهانم
أجابتها بكذب : هه أأ آه عالجتها خلاص
ولكن بعدما تناولت واحده قررت أن تتوقف لأنها وجدت رقيه تناولت بالفعل ثلاث وحدات وبهذا المعدل ستضر بصحتها فأخبرتها أنها إكتفت ولفت الباقى وهى تصر على التخلص منه لكى تمنعها من إستكماله ونادت عم حمدى وأعطتهم له وجمعت البقايا لتلقيها بسلة المهملات فصُدمت مما رأت فقد كانت السله معبئه بالبقايا فلم تكن قطعه صغيره كما أخبرتها
_______________
لم يستطع جاسر إنتظار الغد لكى يراها وبمجرد وصوله ذهب إلى المستشفى متلهفا للقائها وإذا به يشتم روائح نفاذه أثناء دخوله غرفة الأطباء فتسائل بغضب : إيه اللى بيحصل هنا بالظبط؟
فنهضت شهد فزعا : يالهوى دكتور جاسر
أجابها بضيق : آه ياعملى الإسود حصلت تطبخو هنا
فغرت فاهها ببلاهه : هاه
إقترب منها وعقب على هيئتها ساخرا : ريحة البصل مفحفحه
فسألته بحذر : البصل بس؟
لاحظ أنها حينما فتحت فمها لتتحدث إزدادت الرائحه فأشار لها لتقترب فتصنمت مكانها لذا غضب ونهرها : ماتقربى هو أنا هكلك
فأجابته بخوف سريعا : حاضر
لكنها حينما إقتربت قبض على فكها بقوه وجذبها نحوه ففتحت فمها غصبا فتفشت الرائحه فدفعها بعيدا وهو يخرج من جيب بنطاله منديلا ويسعل به بقوه فسألته رقيه بقلق : انت كويس؟
نظر تجاه شهد بإشمئزاز : إيه ده إنتى إنتى اوووف إنتى مبتغسليش سنانك أبدا
نظرت له شهد ببلاهه مجددا وكأنه فضائى فأسرعت رقيه بغباء لتزيل سوء الظن : لا انت فاهم غلط دا إحنا كنا بناكل فسيخ
أمسك بمعصم رقيه وعيناه تبرقان بالشر فإبتلعت ريقها خوفا من نظراته فقد وقعت فى الفخ بينما تحدث هو بغضب من بين أسنانه : فسيخ هاه أنا مش مانعك منه
لم تعلم رقيه كيف تبرر فعلتها فتلعثمت وهى تبحث عن الإجابه : بب أأ يي اوووه يعنى لا مخلل ولا فسيخ
قاطعها ضاغطا أكثر على معصمها : ولا طماطم حتى إنتى داخله على ولاده وأنا محذرك مليون مره ومحمد بيراقبك تقومى تسهينا وتاكليه فى المستشفى
– أى أى من نفسى
– قصدك من طفستك إنتى مابتوبيش كل ولاده لازم تتطلعى روحى
تسائلت شهد : هو حضرتك اللى بتولدها؟
نظر لها بضيق وهو يجيب : آه أنا اللى بدبس فيها من الأملاح بتبقى مبهدله والدكاتره بيخافو يقربوا منها
تعجبت قائله : إيه بتعض
لوى فمه ساخرا : لأ بتنزف ولو جرالها حاجه محمد هيولع فيهم مع إنها هى اللى غلطانه عندها أملاح بزياده عملالها إلتهابات وبرضو بتسف حوادق
صاحت رقيه تستعطفه : إيدى يا جاسر والنبى
فنظر لها بغضب : هكسرهالك عشان تحرمى
فنظرت له برجاء : وتهون عليك أختك رقيه
– تهونى أوى مهو مبقاش الفدائى اللى يولدك وإنتى ولا فارق معاكى جوزك أصلا يومها بيبقى على آخره بيدور يقتل حد وأنا مش ناوى أضحى بنفسى عشانك
نهرته شهد : لاااا كده انت مأفور الدكتور محمد دا أطيب خلق الله
نظر لها بإستهزاء ثم سألها : إنتى شوفتيه يوم ولادتها؟
فاجابته : الصراحه لأ
– تبقى تسكتى
أتى عليهم محمد فتعجب مما يرى متسائلا : فى إيه ياجاسر ماسكها كده ليه
جذب جاسر معصم رقيه بإتجاه محمد ووضعه بيده : شم ريحة بوقها وانت تعرف
إقترب محمد منها فأبعدت وجهها عنه لكنه إستطاع إشتمامها فصاح بها : يانهارك مش فايت فسيخ وبصل إنتى عاوزه تموتى
فإستعطفته قائله: آخر مره والنبى
فإزداد غضبه وأمسك بمعصمها الآخر وهو يصيح فى وجهها : كل مره آخر مره هتشلينى
حاول جاسر تهدئته : اهدى يامحمد
تمتمت شهد بصوت شبه مسموع : انت بعد ما شعللتها بتقوله اهدى
فرمقها جاسر بغضب : بتبرطمى تقولى إيه؟
فأجابته بلامبالاه : بكح عن إذنكم
فنهرتها رقيه : هتبعينى ياجزمه
تنهدت بيأس : وعاوزانى أعمل إيه دا جوزك دا غير إنك قولتيلى إنك عالجتيها وهتدوقى عينات واتاريكى واكله نص كيلو قبل ما أجى
حذرتها بخوف : اسكتى اسكتى
سخر محمد بغضب : تسكت ليه سمعينى الدرر اللى الهانم بتعملها بقى بتقرطسينا كلنا يارقيه طب بلاش اللى ف بطنك اللى ف البيت دول مش خايفه عليهم لو جرالك حاجه بلاش هما أنا يارقيه مش فارق معاكى وانتى عارفه إنك النفس اللى بتنفسه عاوزه تدمرينا كلنا عشان عِندك
تحولت سخريته الغاضبه لحزن فعضت رقيه على شفاهها ندما :حبيبى أنا أنا أسفه كان نفسى
صك على أسنانه ثم صاح بها : رقيه متستهبليش إنتى بتتعمدى لمجرد إنك تتحدينى حتى فى صحتك لمجرد إنى أجبرتك تمنعى الحوداق يابنت الناس إعقلى وافهمى أنا خايف عليكى إيش حال اما كونتيش دكتوره وفاهمه
– خلاص بقى أسفه
– واصرفها منين دى
مل جاسر من تكرار الأمر فهى ستندم ثم تعاود الكره : مفيش إلا حل واحد
نظر له محمد بلفه : إيدى على كتفك
فأجابه بهدوء : تعالج الأملاح قبل الولاده
– تمام وأنا معاك
فصاحت رقيه : لأ
فنهرها محمد : لأ دماغك إنتى تتكتمى خالص وهتتعالجى ورجلك فوق قفاكى عشان تحرمى وأنا فوق دماغك مش هتفوتى جرعه علاج واحده
تذمرت قائله : يووووه انت عارف إنى بكره الأدويه أأ جسمى جسمى بيتعب منها
– لا والنبى هتتعالجى برضو
فتعجبت شهد متسائله : إنتى رافضه ليه
فأجابها محمد : مبتحبش الدوا شوفتى التفاهه
– بس كده
– آه
– طيب أنا راحه أشوف اللى ورايا مش ناقصه جنان هى
غادرت لعملها وتعمدت تجنب جاسر تماما مما جعله يشعر بالضيق
وبعد يومِ عمل شاق وورديه مرهقه عادت شهد من عملها فى السادسه صباحا إلى المنزل مجهده تفرك عيناها كالأطفال فسمعت حركه فى غرفة رحمه ذهبت لتقصى الأمر فوجدت رحمه تلقى بملابسها من الخزانه على الفراش فوقفت أمامها تسألها متعجبه : بتعملى إيه يا رحمه عالصبح
كانت رحمه منهمكه فيما تفعله فأجابتها دون النظر إليها: بنقى طقم حلو نقى معايا بصى دا أحلى ولا ده وأقولك ده أحسن من الإتنين
وجدتها تعرض عليها تصاميم مختلفه وهى متوتره فسألتها بحذر : وانتى بتنقى طقم ليه دلوقتى؟
فأجابتها دون تفكير : عشان خارجه طبعا
تعجبت شهد سائله : خارجه فين الساعه دى
– راحه لعز
إتسعت عيناها بخوف ثم نهرتها : نهارك مقندل هتروحى أوضته الساعه دى تبقى لسعتى
أوضحت رحمه مقصدها : اوضه مين أنا بتكلم عالشركه
رفعت إحدى حاجبيها وهى تتعجب : شركه إيه دا ميصحاش دلوقتى إلا بتوع اللبن أو الغلابه اللى زى ووراهم نبطشيات
تذمرت قائله : يوووه هتساعدينى ولا لأ
– مش اما أفهم الأول
تنهدت بضيق ثم أوضحت : مش عز كان وعدنى يشغلنى معاه فى الشركه أول ما أخلص
– آه
– وأدينى خلصت ونجحت وهو ولا حس ولا خبر
– قوم إنتى بقى قررتى من دماغك وهتطبى عليه
– آه
– جك أوه عز لسه نايم فى أوضته جوه دا غير إن أكتر حاجه بيكرهها التدبيس وبعدين هو مش مطنش بس مشغول يروق الاول وبعدها هيظبطلك شغلانه محترمه فى الشركه
– آه وأقعد أنا أستنى بقى لحد ما سكرتيرته المقصعه تاخده منى وأنا واقفه اتفرج زى الهبله
إبتسمت شهد بخبث : ااااه إنتى راحه عشان كده
فاجابتها بثقه : اومال
– لأ فالحه طب ما كده عز هيزعل
صاحت رحمه بغضب : إنتى بتغظينى
تنهدت بيأس ثم أوضحت لها : يابنى آدمه هيزعل عشان شكك فيه مش عشان السكرتيره
– مش مهم المهم أخلص منها
– إيه الشر ده دا أنا معرفتكيش
رسمت على وجهها ملامح شريره فبدت كطفله ساذجه تحاول أن تبدو ناضجه : لااا مانا لما بقلب ببقى فظيعه ببقى شريره شر
لوت شهد فمها ساخره : ياشيخه اتنيلى دا نص كلامك وتهديداتك عيالى بقى دى طريقه تفكير واحده متخرجه من الجامعه لأ وفنون جميله كمان يا ماما إنتى كبيرك تشتغلى فى حضانه ومتعلميش العيال إنتى كفايه تلعبى معاهم وممكن يكون فى أمل تتعلمى معاهم
جلست على الفراش بضيق فسألتها شهد بقلق : جرى ايه؟
أجابتها بهدوء : افقدتينى حماسى
أمسكت ضحكتها لكى لا تغضبها : أ إيه ياختى إنتى قلبتى فصحى
لوت فمها بتذمر طفولى :آه
تنهدت شهد ثم جلست لجوارها وهى تبتسم وربتت على ظهرها بحنو : عز اليومين دول مشغول أوى وأكيد لما يفضى شويه هيناقش كرم ويبلغك
– وكرم ماله
– الله مش شريكه يابنتى دا غير إن تخصصه هو اللى هتشتغلى فيه
كتفت معصميها أمام صدرها وهى تتذمر : ومشتغلش مع عز ليه
– مالك إنتى ومال الرسومات الهندسيه والدبش والطوب
– يوووه مهو كده مش هبقى قريبه من عز والبت الملزقه دى هتاخده منى
تأففت شهد من عنادها : تاااانى لآ أنا أروح أنام أحسن
غادرت شهد الغرفه ظنا منها أن رحمه ستفكر مره أخرى ولكن رحمه فعلت ما يمليه عليها عقلها وإرتدت ملابسها وغادرت متجهه إلى الشركه
_____________
إستيقظ كرم بسبب رنين هاتفه المتكرر فأجاب بصوت ناعس : أيوه مين
فأجابه فرد الأمن المسؤل عن وردية الحراسه الآن فى الشركه فتعجب كرم وسأله بقلق عن سبب إتصاله وكانت إجابته صادمه : فى واحده بتقول إنها بنت عم البشمهندس عز وورتنى البطاقه بس أنا معنديش أوامر قولتلها مينفعش دا غير إنه مش موجود والشركه فاضيه ولسه بدرى على ميعاد مجيه قعدتلى عالباب ومصره متمشيش بس حضرتك الناس بدأت تروح أشغالها وكل من عدى بكلمه وأنا لا عارف أمشيها ولا أدخلها
تعجب كرم من حديثه متسائلا : وإسمها إيه دى؟
– رحمه
ظن للحظه أنها مكيده أو خدعه ظن أحد منافسيهم للوصول لأوراق الصفقه الجديده ولكن حينما أخبره بإسمها قفز مكانه بصدمه : نهار إسود طب إقفل وأنا هتصرف
وبعد ان أنهى المكالمه مع فرد الأمن تمتم بضيق :أستغفر الله العظيم دى إتجننت ولا إيه أنا أكلم عز أحسن
بمجرد أن سمع صوت عز أسرع بسؤاله : انت فين
فأجابه عز بسخريه : فى سويسرا بستجم
تنهد بضيق : بتكلم حد
فأجابه بهدوء : هكون فين يعنى فى أوضتى لسه يادوب مخلص صلاة الصبح من ضغط الشغل إمبارح تعبت وراحت عليا صلاة الفجر
فحدثه بحذر : طب عاوز أبلغك حاجه بس تكون هادى ومتنفعلش
إنتفض قلبه بخوف وهو يسأله بلهفه : تبقى مصيبه إيه الشركه ولعت؟
– اعوذ بالله منك لأ
– اومال إيه إخلص
قص عليه ما أخبره به فرد الأمن فصاح عز غاضبا وحاول كرم تهدئته دون جدوى
أسرع عز فى إرتداء ملابسه ليذهب إلى الشركه كذلك كرم لكى يمنعه من التهور
وصل عز الشركه بأسرع ما أمكنه فالطريق يعج بالبشر والجميع متجه إلى عمله وجدها جالسه على الرصيف متكئه بوجهها على يديها وكل من يمر يتطلع إليها سواء رجال أو نساء فشياكتها المبالغ فيها لا توحى بأنها متسوله أو تشكو من شئ
أوقف سيارته بقوه أمامها فتعالت أبخرة التراب إثر إحتكاك العجلات فسعلت ثم وقفت تحرك يدها أمام وجهها لتبعد الغبار عنها بينما ركض هو نحوها وأمسك يدها جاراً إياها خلفه ودخلا إلى السياره ثم قادها إلى داخل مبنى الشركه وتوقف بالكراج ثم ضرب على المقود بحده فإنكمشت هى وأحست بالندم لعدم إستماعها لنصيحة شهد
رمقها بغضب ولم يتحدث حتى يهدأ فإبتلعت ريقها وصمتت تنتظره ليفضى غضبه ولكنه أسند رأسه على المقود وأغمض عيناه لعدة دقائق ثم إعتدل وحدثها بهدوء دون النظر إليها : ممكن أعرف إيه اللى جابك هنا فى ساعه زى دى
أجابته بخوف : كك كك ككنت جج جايه ععشان الشغل
قضب جبينه وهو يسألها : شغل إيه؟
– أنت ووعدتنى تشغلنى معاك أأما أخلص دراستى وو أنا جيت أهوه
قبض يده بقوه وهو يسألها : ومكلمتنيش فى الحكايه دى فى البيت ليه وجايه بدرى أوى كده ليه
إبتلعت ريقها بخوف وهى لا تدرى كيف تجيبه أتخبره أنها تختبره وأنه حينما أتى راكضا الآن إليها نجح فى الإختبار فصمتت قليلا تبحث عن كذبه فوجدته يزفر بغضب فأجابت سريعا :كنت بوريك همتى
نظر لها بغير فهم : أفندم!!
نظرت إلى يديها وهى تفركهما ببعض بتوتر : انت من فتره وانت بتتجنبنى عاوزنى أكلمك فى البيت ازاى وجيت بدرى عشان أثبتلك إنى نشيطه وأد الشغل
نهرها بحده : تقومى تيجى من النجمه قبل الشركه ما تفتح بساعتين وزياده دا حتى الساعى مجاش
أنقذها من إستجوابه كرم الذى توقف بسيارته بجوارهما ونزل سريعا فنزل إليه عز متسائلا: إيه اللى جابك دلوقتى
فأجابه بهدوء ما لبس أن تحول إلى سخريه : قولت أجى لعل وعسى تشبطو فى بعض كالعاده تفتح نفوخها ولا حاجه
– تصدق أنا بفكر أفتح نفوخك انت
– روق بس إيه الحكايه
روى عز له ما قالته بلا إقتناع ثم لوى فمه ساخرا : فكرانى داقق عصافير ومش عارف جايه ليه
– بتحبك ياعز وبتغير عليك
– ياكرم إحنا محتاجين كل ثانيه من وقتنا دلوقتى وانت عارف هركز أنا فى الشغل ولا خناقات البنات
– ياسيدى متقلقش هيا هتشتغل معايا أنا
– غلبان انت أوى وهى هتقعد ساكته كل شويه هتنطلى تعمل مشكله معاها
– طيب قولها إنك هترفدها
– آه عشان كل تلات ثوانى تسألنى ها رفدتها ولا لسه
– هههههههههه
– إضحك يا أخويا إضحك
– أنا عارف إنها شاطره فى شغلها وصعب تلاقى سكرتيره زيها والوقت كمان مضغوط ومحتاجينها بس الصراحه لبسها وتعاملها معاك مستفز ورحمه ليها حق الصراحه
– وأنا مالى بلبسها أنا كنت ولى امرها متندعق بجاز ولو على طريقتها أنا بعرف أصدها كويس ولو لقيت حد فى شطارتها هاته وأنا أنقلها
– وتفتكر رحمه هتوافق عالنقل
– تولع بجاز أنا محروق دمى شغل ليل ونهار عشانها وهى تافهه ومش فى دماغها دا غير إنى مقدرش أرفدها من غير سبب لو إشتكتنى هلبس فى الحيط الدنيا مش سايبه فى نقابه ودى عامله ليها حقوق
– روق جرى إيه
– جرى كتير وأنا زهقت مش مقدره تعبى أبدا
– أُخطبها عشان تريحها
– آه وننفصل بعد يومين والدنيا تطربق وتضيع منى خالص
– وليه تنفصلو
– انت ناسى كوثر اللى هتموت وتدبسنى فى بنت أختها مش هتنام إلا اما تفركشها وبإيد رحمه نفسها
– ازاى ده؟
– كوثر واطيه اتوقع تألف أى كدبه ورحمه هبله وبتصدق أى حاجه
– طب والعمل؟
– أنا مستنى امورى تتظبط والصفقه دى اللى هتظبها لما نخلصها إن شاء الله ناوى أكلم عمى وأول ما أخد الموافقه هبعت للمأذون فورا
– طب ما كوثر برضو ممكن تخططلكم
– هتكون بقت مراتى يا كرم ومش هستنى إسبوع والفرح طوالى وهنقل بيها بعيد عن كوثر وأفعالها
– وأمك وشهد؟
– معايا طبعا ولو إنى مظنش ماما هتوافق مهما حصل هو جوزها وبتحبه ورغم كل أفعاله عمره ما أهانها ولا مد إيده عليها بيلطش لشهد بس
– أبوك دا غريب جدا
تنهد بحزن : لولا كوثر وجدى كانت حياتنا بقت أفضل
تملمت رحمه من الإنتظار فنزلت من السياره وذهبت نحوهما تتسائل : فى إيه لاطعنى فى العربيه وبترغو فى إيه
فأجابها عز بإستخفاف : بنحدد مصيرك
رمقته بضيق بينما إستكمل قوله : هتشتغلى من النهارده مع كرم وإبقى هاتى أوراقك بكره مبسوطه كده
تذمرت قائله : طب ما تشغلنى معاك انت
أجابها بحزم : معنديش شغل ليكى تخصصك عند كرم وهو هيدربك معاه
أومأت بحزن :طيب
أشار لها بيده : اتفضلى بقى على فوق أما أوريكى مكتبك
رفعت حاجبيها متعجبه وهى تسأله : دلوقتى؟!
أجابها بغيظ : آه ما خلاص كلها ساعه والموظفين ييجو تكونى عرفتى مكتبك وتاخدى فكره عن الشغل
– ماشى
أنكست رأسها بحزن وذهبت لتحضر حقيبتها من سيارته فمال عز على كرم هامسا : ودينى لأطفشها
ثم إعتدل وذهب إلى سيارته ليغلقها بينما ضحك كرم وهو يضرب كفيه ببعضهما
إيمى عبده
الفصل الحادي عشر
إهتمت رحمه بالإنتقام من سكرتيرته وغفلت عن أباها الذى لم تخبره شيئا والذى ثار حينما علم بخروجها مبكرا دون إذنه ولا يعلم عنها شئ وهاتفها فتفاجئ بها قد نسيت هاتفها تحت كومة الملابس الملقاه على الفراش ولم يهدأ إلا حينما هاتفه عز يخبره بما فعلت فقرر عبدالرحمن عقابها بشده ولكن عز رفض وأخبره أنه هو من سيعاقبها وسيجعلها تنسى فكرة العمل من الأساس ليس رفضا للعمل ولكن بسبب الاسلوب الذى تبعته للحصول على العمل دون الإعتبار لأحد حيث بدأ يطلب منها تصميمات ومهما كانت رائعه يرفضها ويخبرها أن يعيدها حتى أتى يوما ونسيت مشبكا للورق بالتصميم وتعجلت فى إرساله فثنيت الأوراق دون قصد وبعد دقائق أرسل لها أن التصميم فاشل ويجب إعادته فأخذته وعادت مكتبها غاضبه من فشلها كما تظن ومن نظرة التشفى التى تراها فى عين سكرتيرته كلما رفض تصميما لها ولكنها صُدمت حينما وجدت كل شى على حاله وكأنه لم يفتحه من الأساس فكرت أن السكرتيره هى السبب وأنها تؤثر عليه ليرفض عملها حتى دون النظر إليه فشكته إلى كرم فهو ليس شريكه فقط بل أقرب أصدقائه يكادا يكونا إخوه فإستنكر شكواها : لا يارحمه مش معقول
أصرت على الشكوى : زى مابقولك كده طب بص إبعت تصميم من بتعوك ولا واحد قديم تكونوا منفذينه قبل كده وهتشوف
وافق لتهدئتها : ماشى أنا وياكى بس عز ميعملش كده إنتى ظلماه
لمعت عيناها بالتحدى : هنشوف
وبالفعل نفذ خطتها ولكنه كتب فى ورقه بخط كبير أن هذا التصميم من تصاميمه هو ووضعها على التصميم دون أن تراها رحمه وأرسلها وما هى إلا دقائق وعادت بالتصميم مرفوضا فوضعته أمامه وهى تخبره بغضب : شوفت أديه رفضه أنا قولتلك الحيزبونه دى واكله عقله
كان فى ذهول كيف حدث هذا وحينما أفاق من صدمته حدثها بهدوء : طب إهدى وأنا هشوف الحكايه دى
ثارت غاضبه : لأ مش ههدى ومش هتشوف حاجه ولو مش عاوزنى ألف غيره ممكن أشتغل معاه هو فاكر نفسه إيه
حاول تهدئتها وهو لا يدرى كيف يقنعها : ياستى إهدى إنتى أشوفه الأول
ذهب إلى مكتبه ينهره بغيظ : ياغبى يا أحول أنا كاتبلك بالبونط العريض إنه تصميمى تقوم ترفضه وتأكدلها ظنونها
زفر بضيق : يوووه يا كرم وأنا إيش عرفنى أنا أساسا مفتحتش التصاميم أول ما بعرف إنه شغلها برفضه
زوى فمه وهو يرمقه بإستهزاء : لأ فالح طب ارفض عشره ووافق على واحد تبقى مبلوعه اديك انكشفت ياحلو
لوح بيده بلامبالاه : أحسن خليها تسيب الشغل
رفع حاجبه بترقب وهو يخبره : هى عاوزه تسيبه فعلا بس ناويه تشوف غيره عند غيرك يا فالح ورحمه صغيره وحلوه والشركات مليانه شباب دا لولا إنى منبه إن محدش يهوب ناحيتها وقولت إنها مرتبطه من وراها كانو وقفولها طابور
ضرب براحتا يديه على سطح مكتبه بغضب : انت بتقول إيه
لم يبالى بغضبه وإسترخى فى جلسته وهو ينظر له بإستهزاء : بقول إن كنت نايم اصحى أول يومين إشتغلتهم بقى يجيلى كل شويه موظف شكل لحجج تافهه عشان يشفوها ويكلموها أنا عارف إنك رافض شغلها عشان غيرتها العاميه بس متخليهاش تتحداك لتندم دا غير إن شغلها ممتاز فعلا جرب تقبله وتنفخ فى صورتها شويه ساعتها هتفتخر بنفسها وهتنسى موال السكرتيره دا خالص
جلس بهدوء يفكر بجديه فى الأمر : تفتكر؟
اومأ برأسه وعيناه تنذره : حاليا دا الحل وإلا هتضيع منك
– طيب إبعتهالى وأنا هتصرف
غادر كرم وأقنعها بصعوبه أن تذهب إلى عز الذى تملص من فعلته بإخبارها أنه كان يختبر قوة صبرها على العمل وقد أثبتت كفائه وسيأخذها على محمل الجد منذ الآن فصاعدا ولإثبات ذلك سيجعل قرار الموافقه أو الرفض لتصميمها فى يد كرم فيصبح كل شئ أمامها وإذا أخطأت سيعدل خطئها لتتعلم منه وهذا لا يعنى أنه سيكف عن الإرسال فى طلبها دائما ليطمئن عليها وعلى عملها فتهلل وجهها وعادت إلى مكتبها سعيده ولكن السكرتيره رأتها بهذه السعاده ظنت السوء وكادت أن تُجن فذهبت لمكتبها لتفتعل معها شجار فلم تجدها فقد خرجت تجرى مكالمه هاتفيه مع والدها فهو منذ أن بدأت العمل وهو غاضب منها وهى تحاول بإستماته مصالحته ولا تكف عن مهاتفته وتدليله حينما تعود إلى المنزل وعادت لتجد هذه السكرتيره الحمقاء توبخ زميلتها بالمكتب بطريقه توحى لمن يشاهدها أنها خادمتها وليست موظفه مثلها بالشركه فوضعت رحمه السماعات بأذنها وهى تقترب من الخلف ودفعت السكرتيره بكتفها فسقطت أرضا ولكن رحمه لم تنظر لها حتى بل نظرت للأخرى وهى تسألها بهدوء : إنتى كويسه أسفه كنت هخبطك بالغلط
بينما تنظر لها الأخرى بذهول وفاهها مفتوح على آخره وتبدل نظراتها بين رحمه وتلك الساقطه على الأرض فأعادت رحمه سؤالها : بقولك إنتى كويسه
اومأت لها بالموافقه فأشارت لها رحمه بالرحيل وإلتفتت تتصنع الصدمه وهى تنظر إلى السكرتيره الممسكه بظهرها تتألم من إثر السقوط وتحاول النهوض وهى تصرخ : ياعاميه كسرتيلى ضهرى
فرفعت رحمه إحدى السماعات من أذنها وهى تنظر لها بإبتسامه سمجه : معلش بتقولى حاجه أصل الأغنيه صوتها عالى أوى بس تحفه تحبى تسمعى
نهضت تتمتم بكلمات غير مفهومه ولكنها على يقين أنها غالبا تسبها ونظرت إليها حتى إبتعدت ثم نظرت إلى كرم المتابع بشغف ما يحدث وسألته بإهتمام : مشوفتش تليفونى
قضب جبينه : هه لأ ليه؟!
أخرجت الطرف الآخر من السمعات من جيب سترتها وحركته فى الهواء وهى تبتسم بسخريه : أصلى عاوز أسمع أغانى شويه يمكن مودى يتظبط
لم يتمالك نفسه وهو يقهقه عاليا من فعلتها الطفوليه
(((((((*******))))))))
أصبحت هند أكثر ذبولا من ذى قبل رغم تيقنها من أن الزواج أفضل حل لها لتبتعد عن عائلتها التى لا تهتم لأمرها أبدا ولكنها لا تعلم لما الخوف ينهش قلبها هل لأنها مقبله على حياه جديده مع شخص غامض أم لأن سوءاً سيحدث أو لأن القلب لازال ينبض بعشق الماضى
فى حين كان والدها يشعر بالذنب بعد أن نهره صديق مقرب له على فعلته فهو لم يحل المشكله بل زاد الأمر سوءاً كما انه لم يلقى بالاً لرأى إبنته التى أهملها منذ زمن فجلس مهموما شاردا فقد تمت زيجتها وقريبا ستزف إلى زوجها وسيحمل ذنبها إذا ما كانت الشائعات حول زوجها المنتظر حقيقه فالبعض يقول أنه مزواج ومسرف والبعض الأخر يقول أنه سكير وسليط اللسان والأسوأ أنه علم أنه بلا عمل يعتمد على مال أبيه ولا يحترم من هم أكبر منه يشعر انه تسرع بغباء
لاحظت فرح ضيقه فجلست بجواره تسأله بهدوء : مالك ياعمى؟
أجابها بحزن : زين يابتى مبياش شى
لاحظ إرتباكها وضيقها : متضيجيش منى أنى بس مليش روح للحديت دلوكيت بس عاوزك تعرفى إنك إنتى كيه بتى له إنتى أغلى شوى كومان
رفعت حاجبيها وهى تنظر له غير مصدقه وتشير إلى نفسها مستفسره : انا؟!
أجابها مؤكدا : اومال إنتى مرت الغالى
قضبت حاجبيها وتهى تتعجب : غريبه دا أنا ساعات بحس إنكم
قاطعها خجلها فقد أحست بالحرج مما كادت أن تقوله بينما إستكمل هو : إنتى إيه جولى مطيجينش بعض مش إجده
أجابته بحرج : صراحه آه
تنهد بحزن : يابتى لما أتبلى بحُرمه كيه مرتى دى بتبجى كل حاجه مجلوبه ومسيره هياجى اليوم اللى تعرفى فيه كل حاجه
لم تجد ما تخفف به عنه فصمتت فهى لا ترغب فى الخوض فى حديث يحرجها فالجميع هنا تعتبرهم أهلها وتحبهم وكذلك هم ماعدا أم الخير وعظيمه التى كانت غاضبه لأن ياسين وفرح علاقتهما فى تحسن مستمر والجميع يحبها ويحترمها فبدأت تنشر حديثا عن كون فرح مدلله ولا تصلح زوجه تراعى زوجها ومنزلها فإضطرت فرح للمشاركه فى أعمال المنزل مع العلم أن عظيمه لم تشارك يوما بهذا الأمر فلديهم خدم كذلك أم الخير وهند وكانت فرح تجاهد لتظهر تفانيها فى المنزل ولا تدرى أن الأخرى تتعمد إذلالها لتجهدها وتجعلها مهمله فى الإهتمام بياسين الذى أصبحت تفرغ سموم رأسها بعقله لتجعله يثور على فرح وبدأت خطتها تكلل بالنجاح فقد أصبحت فرح مهمله فى الإهتمام بنفسها حتى أنبهتها هند حينما سمعت والدتها تحاكى أم الخير عن خطتهما فهى أحبت فرح كما أنها لا تريد الزواج من ياسين ليس فقد لانها تراه كأخ لا بل لأنها ستظل بهذا المنزل ولن تتخلص من تسلط والدتها أبدا
لذا قررت فرح اليوم ألا تعمل وتزينت وذهبت إلى ياسين الشركه لتفاجئه ويقضيان اليوم سويا وتسللت خارجا بمساعدة هند التى بدأتا صداقه سريه بعيده عن عيون عظيمه وأم الخير
______________
كان ياسين غاضبا من إهمال فرح له وظنه أنها لازالت غاضبه ولم يصفى قلبها تجاهه وأرسل إلى جاسر ليبوح له بما يزعجه عله يجد له حلاً وبينما هما يتحدثان تفاجئ بسكرتيرته تخبره أن فرح أتت لزيارته لم يصدق أذناه وأسرع فى إستقبالها ووجه بنبض بالسعاده وحينما قرر جاسر الإستئذان دلف رائف إلى داخل المكتب وما إن رأى فرح حتى هتف غير مصدقا : مش معقول ميرا إنتى بتعملى إيه هنا
– هاااه
هذا ما صدر منها وهى لا تعى ماذا يقصد بينما إستكمل بغباء : يابنتى ياسين إتجوز خلاص بقى ولا هو مدكيش خبر
أدركت أن ياسين على علاقه بأخرى وهذا الأبله يظنها هى فرمقت ياسين بغضب ثم ركضت مسرعه للخارج وتبعها ياسين فتعجب رائف وهو ينظر إلى جاسر : هو ماله؟!
أجابه بإبتسامه شر : اما يديك العلقه التمام هتعرف ماله
قضب جبينه متعجبا : ياسلام ليه يعنى
فأجابه بتشفى : عشان دى مش ميرا دى فرح
برقت عيناه غير مصدقا : يارااجل
أومأ برأسه مؤكدا : آه وتقريبا زعلانه منه وتقريبا روحه طلعت عشان يراضيهيا وتقريبا كانت قربت تلين وتقريبا انت خليتها خل والأمور بينهم إتقندلت أكتر من الأول
– أوبااا لا كده أنا أهرب بقى
– أنا رأى تجهزلك تُربه أحسن
لوح بيديه بصوره ضاحكه : ياخسارة شبابى دا أنا لسه مدخلتش دنيا
بينما ظل رائف يبكى على ما سيحل به وجاسر يرعبه حتى يضحك على هيئته المضحكه كان ياسين يركض خلف فرح ليشرح لها الأمر وبصعوبه أقنعها أن تخرج معه إلى أحد المطاعم ليتناولا الطعام ويشرح لها الحقيقه فقد كانت هناك فتاه تعرف عليها فى الخارج فقط لأنها نسخه من فرح ولكن طباعها كانت مختلفه تماما فلم يتحملها وتركها لكنها ظلت تطارده فظن أنها مهووسه بعشقه ولكنه علم بالصدفه أن التشابه بينها وبين فرح لم يكن مصادفة كذلك مطاردتها له ليست عشقا فقد كانت زميله دراسه لفرح وكانت تغار من جمالها ومحبة الأخرين لها فظنت أنها إذا أصبحت مثلها ستحصل على مرادها فلجأت لعمليات التجميل وأصبحت شبيهه لها وأصبح البعض ينجذب لها ولكن طباعها الرديئه كانت تجعلهم ينفرون منها سريعا وحينما تعرفت على ياسين وجدته الفتى المناسب لتكيد به الأخرين ولكنه كغيره لم يتحملها وحينما تركها وقرر الرحيل غضبت بشده وبدأت فى تهشيم كل ما تطاله يدها فقد يأست الحصول على ما تريد وحينما وجدها هكذا تركها وإبتعد حتى تفضى غضبها بدلا من أن تقتله فأمسكت به وهى تصيح وتملص منها بصعوبه وأثناء ذلك سقطت حافظته وحينما رحل جلست تضرب الأرض بيديها وقدميها حتى هدأت وحينما رأت حافظته أخذتها وهى تنوى الثأر منه ولكنها تفاجأت بصوره لفرح وهى صغيره لم تتغير ملامحها كثيرا وخلف الصوره إسمها وتاريخ الصوره فلمعت عيناها بالحقد وقررت ألا تتركه مهما حدث حتى تنتقم من فرح وظلت تطارده حتى أتى يوم ووجدتها عائلتها فقد كانت هاربه من مصحه نفسيه فهى مريضه منذ زمن وعندما ظنت عائلتها أنها طابت أخرجوها وعادت للدراسه ولكن بعدما تحولت بفعل عمليات التجميل لأخرى شكوا بالأمر وقامو بمراقبتها وعلمو أنها عادت لجنونها فقامو بإيداعها بالمصحه مجددا ولكنها هربت وإلتقت صدفه بياسين
كان ياسين يآسا من العثور على فرح وكان يتتبع أى خيط للوصول إليها وحينما علم حقيقة ميرا حاول من خلالها الوصول لعنوان فرح ولكن للأسف بعدما كانت رحلت لأن صاحبة البنايه متعصبه وتكره المسلمين ولم يعلم أحد أين ذهبت
إستمعت إليه فرح بقلب مفطور فقد إنتظرت رؤياه فقد رفضت كل من تقرب منها حتى تعود للوطن وتلتقيه وكم حزنت حينما علمت أنه عريس شهد المنتظر وحينما علمت أنه عدل عن رأيه وسيتزوجها هى غضبت وثارت لأنه لم يهتم لرأيها فلسوء حظه التمرد يجرى بدمائها ولكنها تعشقه لذا سامحته على ما بدر منه ليلة زفافهما رغم رفضها لهذه العاده
عادا إلى المنزل ممسكان بيدى بعضهما والسعاده تطل من مقلتيهما ورأتهما أم الخير فأبلغت عظيمه ليشتغل بركان حقدها وتفكر فى خطه تفرقهما بها خاصه بعد أن لاحظت علامات الحمل الباديه على فرح التى لم يدركها أحد وقد منعتها من رؤية الطبيب بحجج واهيه وإشغالها بالأعمال حتى لا تعرف بحملها حتى تتمكن من التخلص منها ومن حملها وفعلت المستحيل لتمنع أى أحد من معرفة الأمر حتى حينما لاحظ الجد تعب فرح وقرر أن تزور الطبيب جاهدت عظيمه لتلهيه عن الأمر وتجعله يتراجع وهى تؤكد له أنها مصابه بالبرد فقط
((((((((******)))))))))
عاد جاسر إلى المشفى وجلس إلى مكتبه وشرد بمعشوقة قلبه وما حدث منذ يومان فى موعد إنصرافها حيث وقفت برفقة رقيه على أعتاب المشفى وبرقت عيناها تشتهيه : الله شكله مغرى أوى
إبتسمت رقيه وهى تسألها : ها هتجيبى أد إيه
خبأت شهد لهفتها : مش هجيب
إستاءت رقيه وحاولت تشجيعها لشرائه : ليه دا جامد زى ما بتحبيه وسعره هايل لو رحتى السوق هتلاقيه الضعف فرصه يابنتى
تنهدت شهد بحزن : هه فرصه عاوزانى أجيبه وكوثر تسم بدنى وتاخده تطفحه هيا وأنا أقف أتفرج وأحرق فى دمى
– طب خدى ربع كيلو أزأزيه فى السكه
زوت فمها : أولا الراجل مش هيرضى يدينى ربع كيلو ولا نص حتى بالسعر ده ثانيا لو حد شافنى وقالهم هيطرشوهولى أول ما هوصل
زفرت بضيق : كده طب إستنى هجيب ونروح سوا
إشترت رقيه الخوخ والتفاح وشهد تنظر له بتمنى ورغبه من يرى نظراتها يقسم أنها تعانى حرمانا كبيرا فيها تبدو كمن لم يرى الطعام منذ أشهر
كان يراقبها بقلب ممزق فيبدو أنها تعانى وأدرك لما تتناول الطعام هنا بهذه الشراهه
أعطتها رقيه ثمره : خدى واحده أهه كوليها قبل ما نخرج
– هاتى
إختطفتها سريعا وهيا تمسحها جيدا فى معطفها وتنظر لها برغبه قاتله وتقضمها بتلذذ غريب
– كنتى غسلتيها
– وانا لسه هستنى اسكتى خلينى اتمتع بيها
إعتصر قلبها على حال شهد : ياحبيبتى خدى كمان واحده
– هاتى
– طب ما تستنى شويه هغسلك حبه وكليهم قبل ما نروح
– لأ لو اتاخرت ثانيه عن معادى هدبح عالباب
زفرت بضيق : ربنا يعينك يا شهد وياخدك ياكوثر وأبوكى قبلها
زوت فمها بسخريه : لأ اطمنى هما معتقين أنا اللى هفيص بدرى بدرى بس الموت لسه مقررش يرحمنى لسه منهم
نهرتها بحده : بعد الشر إن شاء الله هما وربنا يرزقك بإبن الحلال اللى يعوضك
رفعت حاجبيها معترضه : وإبن الحلال ده هيجى منين هو أبويا بيعرف ولاد حلال أكيد هيحدفنى مع واحد من عينته عشان مسلسل العذاب يكمل
ربتت على كتفها بحنو : خلى أملك فى ربنا كبير
– ونعم بالله بس عزت الشهاوى أبوه وأمه الفلوس من الآخر اللى يدفع أكتر هو اللى هيشيل وشكلها هتختم على واحد من قرايب كوثر عشان تتقندل أكتر ولا شريكه الجديد اللى تقريبا وافق عليه أصله غنى أوى بس أكيد نفس الطينه
– ليه كده
– مهو مشاركه ومنسجم معاه يبقى زيه أنا ماشفتوش قبل كده بس كرهاه عارفه كنت بضايق لما بلاقى واحده تتمنى تموت وتتزف لقبرها قبل ما يجوزوها واحد كرهاه بس دلوقتى خلاص مبقتش حتى أستغرب لانى بقيت كده كفيانى بقى عذاب كمان هيبقى جواز طب ده وأبويا بعرف أخلع بالشغل لكن اللى هيبقى جوزى يعنى كلى على بعضى له عارفه يعنى إيه مش قادره أتخيل إن واحد زى ده يلمسنى أصلا حاسه ساعتها هستسلم واشرب جاز خلينى اولع بقى
كانت تبكى حال صديقتها اما هو فكان يقبض بيده طارقا بحده على الحائط يرغب فى أن يقتل هذا الأبله الذى جعلها تعانى
أشارت شهد لها : يلا لأتاخر وتبقى حكايه
– يلا
بعد أن رحلتا ذهب لبائع الفاكهه وإشترى كم كبير منها بنفس المواصفات التى سمعها منهما ووضعها فى سيارته وذهب إلى المنزل فقابلته هند ووجدته يحمل أكياس عده ولم تعلق لكنها وجدته يقترب منها على إستحياء طلبا للمشوره فأخبرته كيف يتصرف حتى لا تفسد هذه الفاكهه دون أن تسأله عن سبب شرائه لهذا الكم الكبير أو لمن سيعطيها
فإبتسم لها بإمتنان وهم بصعود الدرج ولكنه وجد والدته أمامه تنظر بلهفه لما يحمله لظنها أنها هدايا حتى سحبت أحدهم من يده فجأه فوجدت الفاكهه فنظرت له بوجه ممتعض : إيه ديه خوخ وتفاح
أجابها بملل : آه
فهتفت فى وجهه بغيظ : ديه بدل ما تجيبلى هِدمه جَديده ولا حتة دهب
– ليه ناقصه مجايب لو عاوزه روحى هاتى لنفسك وهاتى الكيس دع مش لكى
ضاعت عيناها بخبث : اومال لمين
– ملكيش دعوه
تركها تشتعل غيظا وذهب إلى غرفته وأفرغ الأكياس فى ثلاجه غرفته وجلس على الفراش يفكر : طب أديهملها ازى دى
آه أنا أخدهم وأعزم المستشفى كلها وأنقى شويه كويسين لها فى كيس وأدهملها زبها زى غيرها
طب هيكفى
آه أنا أعزم القسم بتاعى بس
آه هو ده أجيب أكياس وأعبيها تمام كده
قضى ليلته يقسم الفاكهه بعدد أفراد القسم وجعل كيسها أكبر من الكل ولونه مختلف حتى يسهل عليه معرفته وإنتقى أفضل الثمرات ووضعها لها
إبتسم وهو يتذكر سعادتها حينما أعطاها الفاكهه وكأنها وجدت الكنز المدفون ولم يُثقل عليها بالعمل حتى تتمكن من إلتهام الفاكهه فقد ظلت تأكل حتى إنتفخت معدتها ولم تُنهى ما لديها فعبثت بطفوليه لأنها لا ترغب فى هدر المتبقى وإذا به يلاحظها ويدرك الأمر فعرض عليها أن تستخدم ثلاجته الشخصيه بمكتبه فتهلل وجهها وكادت أن تحتضنه من فرط سعادتها لولا أن أدركت نفسها سريعا مما جعله يشعر بالضيق فقد تمنى لو إحتضنته فعلا
رأته رقيه يجلس شاردا فجلست أمامه وهى تمنع ضحكتها حتى إنتبه فضحكت بقوه جعلته يغضب : جرى إيه يا رقيه أراجوز قودامك بتضحكى على إيه
بعد أن جاهدت لتجمح ضحكاتها : أسفه والله بس عمرى ماتخيلت إن الحب يبهدلك كده
إستنكر حديثها ولكنه لم يستطع إخفاء الأمر عنها : حب إيه إنتى كمان أأ إنتى عرفتى منين؟!!
غمزته بمرح : عينيك قالتلى
قضب جبينه متعجبا : ازاى ده!!
تنهدت بهيام : عنيك بتقول مش شايفه غيرها
فسألها بلهفه : طب وهيا؟
أجابته بمكر : عينيها بتقول مش شيفاك أصلا
هوى قلبه أرضا : إيه
لم تتمالك نفسها فهيئته الفزعه مضحكه بحق : ههههههههه بهزر تقريبا كده هيا بتكابر
أردف بأمل : يعنى
فأكدت ظنه : آه بس ظروفها الهباب مقيداها دى عندها أب ومرات أب عاوزين الحرق
عقب بحماس : أتأكد بس وأنا مخلهمش يهوبو ناحيتها أبدا
– ماشى بس استنو لما أقوم بالسلامه ولا هتضحكو عليا وتعملو فرح من غيرى
إبتسم لها : وإحنا نقدر دا إنتى الخير والبركه يارورو
وصل محمد أمام الباب وسمعه يدللها فإستنكر ذلك : رورو !! دا أنا مبقولهالهاش انت بتعاكس مراتى عينى عينك كده
نظر له بطرف عينيه ثم أردف بمزاح : آه الصراحه تستاهل حد يلاقى كرونبه كارفه على كوره كفر وميغازلهاش
إنفعلت رقيه : كده طيب اللى يبقى يساعدك
ثم نظرت إلى محمد مستنكره : وانت ساكتله
قضب جبينه متصنع الغضب : لآ ازاى اسكتله متقولش كده على حبيبتى أم عتريس
صاحت فيه : مييين!!!
أراد إستفزازها أكثر : خلاص يا أم جعفر
وقفت غاضبه : امشى يا محمد شكلك هتولدنى قبل أوانى
لم يبالى بغضبها وإستكمل سخريته : متزعليش يا أم بُرعى بقى
تذمرت بشده وهى تغادر الغرفه : امشى يا محمد أحسنلك ولا أقولك أنا اللى ماشيه إشبع بصاحبك بقى
حرك حاجبيه بمرح : أشبع مشبعش ليه
بعد أن غادرت نهره جاسر : ليه كده
فاجابه بشرود عاشق : أعملها إيه بتبقى قمر وهيا متعصبه
لم تكن قد رحلت بعيدا وهيا تستمع لغزله فتباطأت لتسمع أكثر
جاسر : بس العصبيه غلط عليها
غمزه محمد : منا هراضيها برضو أحلى ما فى عصبيتها ساعه الصُلح
ضحك بقوه ثم سأله : حتى وهيا شبه الكوره الأرضيه كده
تنهد بإشتياق : والله لو فيها إيه رقيه دى الهوا اللى بتنفسه وبعدين هيا بقت كده مش عشان تفرحن
ى بطفل
– لسه بتحبها بعد السنين دى كلها
جلس مسترخى على الكرسى وهو ينظر للأعلى : قول بعشقها بدوب فيها عارف أحلى حاجه فى بناتنا إيه
– إيه
– إنها امهم
إبتسم بود : ربنا يباركلكم فى بعض
– اللهم آمين
لم تتمالك دموع فرحتها هيا تعلم أنه يحبها ولكن تعبيراته هذه جعلتها تطفو فوق بحور الغرام بموجات عاشقه
((((((******))))))
ضغطت عظيمه على فرح بالأعمال المنزليه لكى لا تعطيها فرصه للراحه ولاحظت نفورها من أنواع معينه من الطعام فأصرت عليها أن تقوم بطهوها مما جعل معدتها فى حالة هياج وحينما عاد ياسين من عمله أشعلت فتيل الغضب بداخله وهى توهمه بنفور فرح منه ورغبتها فى تركه غضب ولكنه قرر ألا يعير لحديثها أى أهميه وصعد الى غرفته وكلمات تلك الحقود تصدع برأسه فإقترب من فرح وجدها غير راغبه فيه وما زاد الأمر سوءاً أنه حينما إقترب أكثر صاحت فيه بأنها لا تحتمل رائحته وأفرغت على ملابسه ما بمعدتها ثم ركضت لتغتسل وحينما عادت كان كالوحش الثائر ورفضها له مجددا جعله يثور ويفرض نفسه عليها بالإكراه مما تسبب لها فى أضرار جسديه ونفسيه ولكنها أخفت آلامها حتى لا تستمع لكلمات عظيمه الحاقده والتى لم يخفى عنها الأمر بل تلذذت بالتنصت عليهما وهى تصرخ مستغيثه وباليوم التالى أنهكتها اكثر بالعمل حتى تتمم خطتها
تعجب الجد من حالها فسألها بحنان : مالك يابنيتى؟
فاجابته بصوت بالكاد يسمعه : مفيش
– مفيش كيف دا إنتى مجدراش تصلبى طولك
إبتلعت غصتها وهى تجيبه : شويه إجهاد بس
– إكده طب إطلعى أوضتك إرتاحى
دلفت عظيمه وسمعت حديثه فأردفت بغضب : ترتاح دا إييه بلا تجصيع بنته هو أنى وبتى هنشتغلها خدم تجوم تساعد بدل جعدتها دى
تنهد بضيق : البت مرضانه
– وانت صدجتها دى بتجلع
زفرت فرح بضيق : خلاااص طالعه و قايمه أشوف اللى ورايا
نهضت بصعوبه وهيا تستند إلى الحائط حتى وصلت إلى الباب وأمسكت بمقبضه وإعتصرته بين أناملها الصغيره عل الألم يهدأ بينما دلف ياسين للداخل حزينا نادما فوجد أمامه زوجة عمه تشعل غضبه تجاهها من جديد ولكنه كان يرمقها بغيظ فهيا من أثارته ضدها حتى فعل فعلته بها وأراد أن يقطع لسانها الذى ينفث السم
كاد أن يجيبها بحده لولا صوت إرتطام قوى فإستدار ليجد فرح ساقطه أرضا تسبح فى دمائها
إنخلع قلبه وهو يصرخ بإسمها حملها وأسرع بها للأعلى بينما وقفت تنظر لهما تلك الأفعى بتشفى فقد نالت ماتريد أجهدتها كثيرا وأغضبته أكثر ليعتدى عليها ليسقط حملها الذى لاحظته عليها ولم يعلم به أحد فلو تم هذا الحمل للنهايه فلن تستطيع التخلص منها أبدا
نادى جاسر الذى فحصها وخرج غاضبا وهو ينظر لياسين الذى سأله بلهفه : ها طلع مالها وقعت كده ليه وإيه الدم ده
بينما أجابه جاسر بجمود : المدام سقطت
فعقب ياسين بعدم فهم :سقطت إيه دى مخلصه دراسه من زمان
صك جاسر أسنانه بغضب وصاح به : انت غبى كمان طبعا لازم أتوقع كده من متخلف زيك مهو لو بتفهم مكنتش عملت اللى عملته
نهره قائلا : انت مجنون بتزعق كده ليه
– يا اخى طب انت كارهها ولا بينكم مشاكل الطفل ذنبه إيه بس تصدق كده أحسن بدل ما يطلع مشوه نفسيا بسبب غبائك
أتى الجد الذى صعد حينما علم بما حدث ووجدهم يصيحون فى بعضهما فتسائل بغضب : جرى إيه يا ولد منك ليه بتزعجو ليه ومالها البنيه
أشار جاسر نحو ياسين بغيظ : إسأل البيه
رمق الجد ياسين بغضب وهو يسأله : عِملتلها إيه إياك تكون ضربتها
أجابه جاسر بحده : أسوأ البيه بياخد حقه منها غصب وهيا حامل
جحظت عينا ياسين وهو يتمتم غير مصدقا : إيه حامل
نهره الجد بضيق : له يا ولدى الحاجات دى بالمسايسه مش غصب وبلاش منيها دلوجت خالص عشان العيل
أومأ ياسين برأسه وبسمه مشرقه تشق وجهه : حاضر هعمل كل اللى تقوله بس تقوم بالسلامه
حدثه جاسر بجمود : ملوش لازمه
تعجب ياسين سائلا : ليه؟!
نظر له بعيون مشتعله بالغضب وهو يصيح : عشان بغباوتك موت إبنك وإحمد ربنا إنها لسه عايشه هيا كمان
تراجع ياسين حتى إصطدم بالحائط وهو يتمتم بصدمه : يعنى إيه سقطت
صاح جاسر بغضب : اومال أنا بهاتى فى إيه من الصبح
صعد راشد إليهم حينما علم بما حدث وسمع ماقيل فضرب راحتيه ببعضهما وهو ينظر إلى ياسين بحزن : لا حول ولا جوه إلا بالله ربنا يعوض عليك يا ولدى
رمق جاسر ياسين بسخط : تصدق وتأمن بالله انت ما تستاهل ضفرها
نظر الجد إلى ياسين بأسف : استغفر الله جولتلك يا ولدى متمشيش ورا حديت حد مسمعتنيش طول عمرها مرت عمك حجوديه وعاوزه تكوش على كله ولولا بتها ملهاش رأى من غير أمرها كنت جوزتهالك مكنتش عاوزك تبجى زى عمك اللى عرفت تضّحك عليه وفضلت السكينه سرجاه لحد مافاج لجى نفسه عبد ليها ومش عارف يخلص بس الحمد لله إبنه طلع راجل كان نفسى تبجى فى نص عجله وتعرف حبيبك من عدوك
كان جاسر يستمع إلى حديث جده بغضب فتلك المدعوه بوالدته لا تعى عن الأمومه شئ وقلبها وعقلها يملؤهما الحقد فلم يحتمل وتركهم وغادر بينما أنكست والده رأسه خزيا فقد تجبرت عظيمه بسبب ضعفه
صعدت لهم عظيمه تبدى حزنا زائفا بعد أن تأكدت من نجاح خطتها حينما أخبرها أم الخير بموت الجنين فقد كانت تتنصت عليهم كعادتها
وقفت تربت على كتف ياسين بوجه حزين ولكن عيناها تلمع بالحقد : معلش با ابنى تتعوض بس هيا تبطل تنطيط الحاجات دى عاوزه الراحه
نظر لها الجد بعضب : انزلى على تحت
خطت تجاه الغرفه : اما اطمن عليها ألا
وكادت أن تدخل لها حتى تتشفى لولا يد ياسين التى منعتها فقضبت جبينها متعجبه :جرى إييه
جحظت عيناه بغضب وهو يضغط بيده على معصمها : إياكى تدخليلها
تلوت بين يديه بألم وهى تحاول الفكاك من قبضته لكنه ضغط أكثر وهو يصيح بها : خابره لولاشى إنك مرت عمى كنت ولعت فيكى بجاز ولولمحتك بتطلعيلها بس بعد إكده هفجعلك عينيكى الجوز
نفض يدها بغضب بينما صاحت به مستنكره : إييييه له بجى انت اتجننت شايف ياعمى
تصورت أن الجد سينهره لكنه رمقها بإحتقار وغضب : شوفتى العمى يابعيده بجى تجتلى الجتيل وتمشى فى جنازته
وضعت يدها فى خصرها ولوحت بالأخرى : وأنى مالى مهيا اللى معتبطلش تنطيط
ضرب الجد بعصاه الأرض بقوه وهو يصيح : ينط فى كرشك كلب مسعور إياك فكرانى مخبل إنتى من ساعة ما زودتى العيار معاها وأنى شاكك إنك محضره لمصيبه ولما تعبت وسألتك مالها جولتليى جلع مايص تلاجيها بَردت وهيا بتتمايص مع جوزها ولما جولت نخلى جاسر يكشف عليها عملتى البدع عشان ميحصولش وادينى فهَمت السبب دلوك
إتسعت مقلتا ياسين بذهول : يعنى إنتى كنتى خابره وهيجتينى عليها عشان تسجط للدرجه دى إنتى شيطانه لييييه ليه حرااام عليكى دا أنى عدك أمى إسمعى من إهنه وجاى ملكيش صالح بيا ولا بمرتى نهائى
نظر لها راشد بمقت : انزلى من إهنه محدش طايجك
دايما كسفانى ومزغرانى والله لولا العيال كنت طلجتك من زمان غورى على تحت
نزلت وهيا تزداد حقدا على فرح لقد نجحت خطتها حقا ولكنها تم كشفها وأصبح وضعها فى خطر حتى أن زوجها الذى لا يستطيع التصدى لها قرر أن يتخلص منها لذا فلابد لها من الصمت الآن حتى تفكر كيف تستعيد كل شئ ويكفى أن ما حدث سيجعل زواج ياسين فى خبر كان ففرح لن تسامحه على قتل إبنها مهما طال الأمد
بينما جلس ياسين على الأرض بجوار الباب يستند إلى الحائط حتى لا يسقط فالأرض تدور به وقد فقد توزانه
نظر له عمه بغضب قاتل وهو نادم بتزوجيها منه وحينما هم بالرحيل توقف إثر سماعه لصراخها
إنتفض ياسين واقفا وكأن صراخها أحيا جسده ليهب لنجدتها
كانت الصدمه حينما دخل وتبعه الجد وعمه إلى الغرفه
فمنذ أن أنهى جاسر فحصه وعلمت بسقوط حملها جلست صامته تنظر فى الفراغ يحاول عقلها إستيعاب ما حدث وتذكرت كل ما مرت به منذ أن تزوجت ياسين فإشتعلت النيران بقلبها المتمرد الذى إستسلم له وإستكان حتى تظل بجواره فقلبها الساذج متيم بعشقه لكن بعد موت ابنها الذى لم يرى النور بعد فلا قيمه لأحد فلن يكون معشوقها اغلى من فلذة كبدها صاحت بأعلى ما لديها من صوت وهى تلقى بأغطيه الفراش على الأرض وتقطع فى ثيابها كالمجنونه
ركض ياسين نحوها يحتضنها بقوه وهى تضربه وتخدش وجهه بغضب وعيناها لاترى أمامها من كثرة الدموع وهو يتمسك بها أكثر بينما وقف عمه وجده ينظران لهما بحسره وهند التى أتت راكضه إثر سماعها لصراخات فرح المؤلمه وقفت تبكى على حالهما
سحب الجد إبنه وحفيدته إلى الخارج تاركا ياسين مع فرح فهو وحده الأقدر على إبتلاع حزنها
ظلت تبكى وتنوح وهى تضربه على كتفه حتى خارت قواها وسكنت من التعب فإبتعد عنها وهو ينظر لها بندم ولكنه وجدها كالجثه بلا روح تنظر له ولا تراه تتنفس ولكنها بلا حياه عيناها جوفاء لا حياة فيها حاول التحدث إليها و مواساتها ولكنها صامته بلا حركه كالتمثال إرتعب لهيئتها فأمسك بكتفها يحركها بقوه حتى تفيق ولكن بلا امل فتنهد بيأس ودثرها فى الفراش فأغمضت عيناها وراحت فى ثبات هادئ بينما ظل يتأملها فى صمت حتى تعب وتسطح بجوارها ونام
إيمى عبده