من الفصل السابع عشر إلى الواحد والعشرون
الفصل السابع عشر ‘ذكرى أدم’
ابتسم مروان بينما نظر أحمد وأسر لسيف بغيظ شديد كل منهم له سببه، شعر سيف بالإحراج.
– أسف.
ثم وقف ليغادر:
– أنا ماشي بقي سلام.
مها: رايح فين؟ مش حتاكل.
– كل ده مش هاكل شبعت الحمد لله حروح الشغل بدل ما اترفد واقعد في البيت وتدوروا لي على عريس قصدي عروسة.
مها وهي تضحك على كلماته وتعلم انه يحاول اضفاء جو مرح ليقلل من التوتر المشحون به ارجاء المكان:
-لا يا حبيبي روح الشغل طبعا تترفد ايه بس خلي بالك من نفسك.
وقف أحمد هو الاخر:
-أنا كمان رايح المستشفى.
مروان: أحمد إستني يا ابني أنا عايزك لو مش هعطلك.
– لا يا عمي أنا حنتظر حضرتك تخلص الفطار.
مروان: أنا خلصت اصلا تعالي على المكتب عشان نعرف نتكلم.
تحركا نحو المكتب، ونهض أسر وصعد غرفته؛ فوجدت مها نفسها بمفردها تحركت هي الأخرى ونادت على الخادمة لرفع الطعام.
بداخل المكتب جلس مروان مقابل لأحمد فوجده يحني ظهره مخفض راسه وسند يديه على قدميه بعد ام شبك كفيه بتعمق ثم اردف.
مروان: ما ينفعش تقول لشمس ارفعي راسك وتوطيها انت ارفع راسك يا أحمد وافرد ضهرك.
تَنَهد أحمد بإحباط وفعل دون حديث فاكمل مروان.
مروان بنبره جادة حازمة:
– أنا عارف ان اللي حصل كتير عليك يمكن انت ما توقعتش ان هيثم يعمل كدة لكن أنا لأ يمكن بس هو عمل كدة اسرع من تخيلي. أنا وهيثم من وقت ما اتقدم لوالدتك مش بنطيق بعض وعمرنا ما اتجمعنا في مكان واحد لفترة طويلة وقت ما جه اتقدم لوالدتك أنا وأميرة كنا في حكم المخطوبين.
تبتسم لتذكرة بداية فترة حبه لأميرته ثم استرسل:
– كنا جيرانهم وأنا طبعا اكبر منها 4 سنين كل مرة اشوفها احس بحاجات غريبة لحد ما تخرجت وتأكدت ان ده حب وطبعا هي اشتغلت فترة حوشت شوية واستلفت من والدي شوية وبدأت شركة مع اصحابي وروحت كلمت حمايا وكان متفاهم وقولت له مش حتقدم رسمي الا لما اقف علي رجلي احترم صراحتى واني خبطت على بابه وكلمته، اعتبرني ابنه وأنا كمان عاملته زي والدي ومن يومها وأميرة بقت اميرتي وحياتي. هيثم اتقدم لوالدتك، في نفس الوقت، بعد ما خلص الجامعة على طول ما كنش لسه عمل شركته اتجوزوا وعمل شركة صغيرة وانت اتولدت كمان، واتجوزنا وانت عندك خمس سنين وشيلت انت شمس وكان عمرك وقتها 7 كنت كل ما اتقابل معاه ما ارتحش ابدا شركته كبرت بسرعة جدا لحد ما وصل زي ما انت شايف دلوقتي وأنا وهو فضلنا زي ما احنا مش بنرتاح لبعض لما أميرة كانت بتروح لكم كنت افضل قلقان لحد ما ارجع اخدهم كانت خالتك دايما تقولي ما تقلقش على شمس أحمد معاها.
ابتسم أحمد رغم تعبه النفسي، وبادله مروان الابتسام واكمل وهو يضحك بصوت واضح:
-وكنت بتغاظ جدا من الجملة دي
نظر له باستفهام، فأوضح مروان كلماته:
-كنت بقول ابن هيثم اكيد زيه وأنا كنت بعيد لحد وقت ولادة اختك الاولي الله يرحمها فاكر لما جيت ولا قيتك معاقبها
ابتسم أحمد بحنين، وارتفعت ضحكت مروان مرة أخرى:
-يومها طلبتها مني أنا فاكر كلامك يومها لحد دلوقتي ساعتها تأكدت ان أميرة عندها حق ولما قعدتوا معانا وقتها حمدت ربنا ان انت وسيف شبها هي في طباعكوا وتصرفاتكوا حتى يا ابني لما هاجمتني بعد خطف شمس وقبل سفري واتهمتني ان نسيتها ما زعلتش منك وما قدرتش اقولك اللي حصل خوفت عليك من القهر اللي أنا حسيته وقتها. انت كل يوم بتكبر في نظري اكتر يا أحمد، العلاقة بينك وبين شمس مختلفة من زمان مشاعركم كبرت قبلكم، فيه تواصل وجداني بينكم، عارف انها جرحتك بكلامها لكن هي مش في وقت نحاسبها هي مدبوحة واللي بتعمله ده حلاوة روح فاهمني يا ابني مش معقول نتفرج عليها لحد ما روحها تفيض كلها وتموت بجد.
انتفض أحمد صائحا:
-بعد الشر عنها يا عمي افديها بعمري والله.
ابتسم مروان بود:
– أنا متأكد يا أحمد يبقي الحل التاني اننا نقرب بحذر ونعالج جرحها ونتحمل اي خبطة تيجي منها.
– يا عمي أنا اتحمل منها اي حاجة الا انها تقول اسمه وتنادي عليه خصوصا انه هو اللي حرمنا منها واذاها وبعدها عننا.
نظر له مروان بنظرة ذات معني وأكمل:
-وحبها.
أحمد بنبرة حادة:
– اللي يحب عمره ما يأذي لو كان زي ما بتقول كان خاف عليها ما كنش حرمها من عيلتها.
-الغيرة عامية يمكن عمل كدة عشان تكون جنبه، بس اللي متأكد منه انه اذي نفسه وهو شايفها معَاه بس بتحبك انت.
التفت أحمد إليه واتسعت عينيه بصدمة فاكمل مروان
-ما انت اكيد شايف خوفها عليك واهتمامها بِك.
– شايف بُعْدَها وإنها كل يوم ابعد من اللي قبله.
– يبقي مش بتشوف يا أحمد وروح ركب نظارة، يا ابني هي بتبعد من خوفها عليك عشان شايفة انها قليلة بالنسبة لك، وللأسف ده حقيقي.
اجابه أحمد بجدية:
-شمس مش قليلة ابداً، شمس روحي، النور اللي رجع ينور حياتي تاني.
مروان: فكر بعقلك المرة دي يا أحمد مش بقلبك أنا ابوك مش جوز خالتك وبس انت دكتور ليك اسمك اللي كل مدي بيكبر ما شاء الله وهي مش معاها اي شهادة حتى الابتدائي مش بتفهم كلامنا العادي تخيل كدة لو اتجوزتوا وقابلت اصحابك واتكلموا معاها هتفهم كلامهم هتعرف ترد عليهم.
– أنا مش عايز غيرها والله مش لازم اصحابي أنا بقيت كدة بسببها شمس اللي خلتني دكتور كانت رغبتها تميزت عشان لما ترجع تتأكد انها مهمة بالنسبة لي مش عشان يكون سبب بعدها عني، ولو على التعليم سهل انها تتعلم نبدء من دلوقتي واجيب لها مدرسين لحد عندها تكمل تعليمها وتدخل الجامعة كمان بس تفضل معايا لو بعدت يبقي بتحكموا عليا بالإعدام.
مروان وامتلأ صوته بالانكِسَار:
-واللي حصل لها يا ابني حتقدر تعديه ازاي وانت شوفته بعنيك
طالعه أحمد بصدمة، فاسترسل مروان:
– المحامي قالي كل اللي في التحقيقات لما لقيتك مش بتتكلم روحت للمحامي وعرفت كل حاجة، ومش بلومك على حاجة يا أحمد لأنك كنت ضعيف مغلوب على امرك زيها بالظبط.
اجابه أحمد بحزم:
– حقدر لاني شوفتها وهي بتدافع عن نفسها وعرفت انها فضلت سنين محافظة على نفسها وسط كل القذارة اللي كانت فيها أنا اكتر واحد عارف قيمتها وعارف انها أشرف بنت واكتر واحدة اسلمها اسمي وشرفي وأنا مطمئن. ده غير إني مش هرتاح الا لما اجيب حقها حقتله واخد تارها وتاري.
مروان: يبقي تستحملها يا ابني اديها الفرصة انها تفوق ولما تنزاح الغمة دي وتحط رجلها في الطريق الصح وقتها نكلمها وتكون انت كمان فكرت كويس الحكاية مش سهلة ابداً.
– أنا استحمل اي حاجة منها الا انها تكون لغيري لو غالي عندك يا عمي ما تخليهاش تجيب سيرته ادامي كفاية اني عارف انها بتعزه وبتخلف برحمته برغم كل الوجع اللي اتسبب فيه لينا كلنا وهي اولنا.
انهي أحمد كلماته ووقف ووالآه ظهره، اغمض عينه، ابتلع ما بفمه بألم، فوقف مروان تحرك نحوه وربت على ظهره بحنان ابوي.
-حاضر يا أحمد المهم عايزك تركز في شغلك وكمان عايزك قوي يا أحمد هي بتستمد قوتها منك.
– ما تقلقش عليا يا عمي حاضر.
خرج أحمد واتجه للمشفى، صعد مروان لغرفته.
انتظرت سما ان يدخل إليها آسر لفترة طويل وعندما أدركت انه لن يفعل ذهبت للمطبخ واحضرت بعض الطعام وصعدت لغرفته طرقت على الباب لم يجيب عليها ولكنها سمعت حركته بالداخل ففتحت الباب، دلفت ثم وضعت الصنية على الطاولة الصغيرة الموضوعة بأحد أركان الغرفة، ثم اقتربت منه وكان جالس على كنبة صغيرة بالغرفة فجلست جانبه وتحدثت
– أنا عارفة انك زعلان مني بس هي تعبانة ورافضة الأكل أنت كنت معاهم أنا عارفة إنك مش بتحب تاكل لوحدك بس بابا ودكتور أحمد والمهندس سيف وخالتو مها كانوا معاك.
ابتسم بتهكم ولازم الصَمْت اخذت نفس عميق واكملت
– أنا أسفه ماتزعلش طيب.
اسر: من زمان كنت خايف يجي يوم والاقي نفسي لوحدي ماما وبابا كانوا دايما بعيد ماما في دنيا تانية وبابا معاها دايما كنت أنا وانت ساعات اسأل نفسي ممكن في يوم انت كمان تبعدي وارجع اقول لأ استحالة سما تبعد عني حتى لما تكبر وتتجوز حتكون معايا باستمرار وتسأل عني استحالة تنساني، دايما بخاف من الوحدة وبخاف انك تحسي بها عشان كدة كنت طول الوقت معاكي اصحابي كانوا يقولوا عليا معقد عشان دايما ارفض اخرج معاهم وافضل معاكي ولما كنت اخرج معاهم اشرط عليهم يجيبوا اخواتهم البنات عشان اخدك معايا نادر لما كنت اخرج لوحدي وفي كل مرة اروح لوحدي كنت انت اللي بتتحايلي عليا اروح معهم وكنت بتحلفي انك مش حتكلميني اسبوع لو ماروحتش وقتها كنت بالعافية اخرج واقعد معاهم نص ساعة بالكتير اكلمك فيها اربع خمس مرات واجري ع البيت عشان بكون متاكد انك لوحدك حتى لو ماما وبابا موجودين بيكونوا في اوضتهم مش معاكي طول الوقت اخاف ماما تصحي وهي بتضرخ وانت لوحدك معاهم، النهاردة أنا حسيت بالوحدة كل اللي معايا تحت مش حاسس بهم محدش فيهم بيحس بوجعي محدش بيفهمني زيك فضلتيها عليا عشان بنت زيك أنا حسيت بالوحدة فعلا تصدقي، خفت فعلا لو انت كمان بعدتي مش حيفضل لي حد الفكرة نفسها وجعتني وخوفتني.
سما وامتلئت عينها بالدموع:
– أنا اسفة، والله ما فضلتهاش عليك، أنا اسفة ما تزعلش sorry طيب انت اكيد ما اكلتش تعالي افطر معايا.
آسر: اخرجي يا سما وخدي الأكل أنا حنام.
انسابت دموعها:
– أنا اسفة يا آسر ما تزعلش مني والله قلبي وجعني مش حبعد عنك والله دا انت اللي في القلب يا حبيبي مش انت اول حب في حياتي.
ابتسم آسر على كلماتها ألتفت إليها مبتسما؛ فانتفض عندما رأي دمعاتها
-ما تعيطيش طيب أنا خلاص مش زعلان.
القت نفسها بين ذراعيه وتعالت شهقاتها ضمها بحب وربت على ظهرها مبتسما وتحدث
-خلاص مش زعلان ما تعيطيش بقي.
سما: يعني مش زعلان وموجوع مني.
آسر: لا يا ستي في حد يزعل من الحب الأول بردوا دا انت السما كلها.
عاد وضمها مرة اخري بعد ان مسح دموعها:
– ما تعيطيش تاني.
اماءت راسها بالموافقة وحدثت نفسها
سما لنفسها: سامحيني يا شمس ما اقدرش اوجعه هو دايما اماني وسندي الحضن اللي بيساعني وقت تعبي وخوفي وحتى فرحي هو امي وابويا وإخواتي سامحيني مش حقدر اوجعه.
في سيارة أحمد يقود سيارته، يسترجع حديثه مع مروان، تتبدل ملامحه بين ضيق وإبتسام ثم ارتسمت بسمة على وجهه وحدث نفسه بدون صوت.
-عمي عنده حق في كلمة قالها ازاي احسابها على كلام قالته في لحظة ضعف أنا عارف ان بابا داس عليها جامد لازم ارمي اللي حصل ورا ضهري وارجع تاني زي الاول واقوي لازم اصمد على الاقل لحد ما اوصلها لبر الامان هي لحد دلوقتي تايهة بين الماضي والحاضر لازم اوصلها للمستقبل كمان وأخليها تقدر تختار كمان وقتها بس لازم احترم قرارها سواء القرب او البعد وموتي، أنا معاكي يا شمس وحطلعك من الاوضة اللي مصممة تحبسي نفسك فيها.
شرد لثواني ثم تحدث بصوت كما لو كان يتحدث مع شخص اخر:
– ازاي نسيت اعرض التحاليل بتاعتها على دكتور مختص عشان الانميا اللي عندها ازاي نسيت يومها كانت تحاليل بتاعتها وحشة جدا لازم اعيد لها التحاليل دي تاني واعرضها على دكتور.
ضرب عجلة القيادي:
– ازاي نسيت؟ ازاي؟
مر اليوم دون جديد شمس بغرفتها وأميرة تشعر بالتعب ولازمت غرفتها تجلس معها مها مرة وسما مرة ويمر آسر عليها ليطمئن عليها يرافقها مروان.
خرج أحمد من حالة الحزن المسيطرة عليه واحضر معه بعض الابر وما سيحتاجه لسحب عينة الدم من شمس.
سما قررت التعامل مع شمس بحرص شديد كي لا تؤذي مشاعر آسر مرة أخرى.
أما سيف فشغلت سما تفكيره، كما راقه التشابه في تصرفاتهما، سئل نفسه هل هو اعجاب ام بداية حب ولكن فارق العمر بينهما كبير للغاية ثلاثة عشر عاما فجوة زمنية.
بالمساء بعد عودة أحمد من المستشفى انفرد بمروان واطلعه على حالة شمس وحاجته لاعادة التحليل الخاصة بها وانه يريد سحب منها عينات الدم وسيرسلها بنفسه للتحليل وافق مروان وصعد معه لغرفة شمس.
طرق مروان باب الغرفة سمحت له شمس بالدخول فدخل ومعه أحمد الذي ابتسم بانتصار فراودته فكرة يعيد عمل التحليل ويرغمها على الخروج من حبستها ويجعلها لا تنطق باسم ذلك الأدم مرة أخرى.
– مساء الخير يا شمسي عاملة ايه؟
تشعر بالحرج من أحمد تختلس النظر إليه ولا تطاوعها الكلمات للخروج فاهها من شدة توترها. فجلس مروان بجانبها وأردف
– شمس احنا محتاجين نطمن عليكِ وان صحتك كويسة عشان كدة أحمد حيقعد معاكي تمام، أنا ثواني وراجع تاني.
تركها مروان وخرج وترك باب الغرفة مفتوح لنهايته فنظرت شمس إلى أحمد بعدم فهم جذب احد الكراسي ووضعه امامها مباشرتا وفتح حقيبة الكشف امامها وجعل ظهر الحقيبة امامها بحيث لا تري محتوياتها وبدأ الحديث بصوت بالكاد مسموع.
أحمد بنبره مليئة بالحزم وهو يخرج بعض محتويات الحقيبة ثم تعمد ان تري الابر والانبوب:
– حابسة نفسك ومش راضية تاكلي وكأن عدم الأكل هيحل المشاكل، غير انك بتنادي على سي أدم.
نظرت لما بيده وسلطت نظرها على تلك الإبرة ثم نظرت إليه بخوف وانكمشت على نفسها وهي تتراجع بالفراش للخلف. شعر هو بالألم من اجلها ولكنه اصر على ما سيفعله كي تخرج من حبستها.
– اعتقد عرفتي عقابك هاتي ايدك.
شحب لونها ومدت يدها بطاعة عمياء، ما ان لمس يدها شعر برجفتها وخوفها فاراد ان يطمئنها قليلا.
– ما تخافيش قوي كدة حتوجعك شوية صغيرين.
بدء في وضع الحقنه فشعر برجفة شديدة بجسدها كاد ان يتراجع لولا حاجته لإعادة التحليل فتحدث بحزم وحاول تشتيتها بحدث اخر:
– اهدي أنا مش بضربك وقربت أخلص مش محتاج اقولك انك تنزلي بكرة على الفطار مش هقول عشا النهاردة بس من بكرة اشوفك في كل معاد اكل مفيش حبسة في الاوضة تاني.
انتهي وبدأ يجمع ادواته نظر بعينها وتحدث بنفس الطريقة:
– اسمه ما يجيش على لسانك تاني يا شمس وهو حتى لو كان لسه عايش ما يقدرش يلمسك ولا ياخدك من هنا وإلا كان حيوصل لنفس الحالة اللي هو فيها دلوقتي بردوا.
أماءت موافقة دون حديث اما هو فاخذ حقيبته وتحرك وقف امام باب الغرفة وهو يغلق الباب وأكمل
– اللي قولته يتنفذ انت ليكِ علاج الفترة الجاية لو ما سمعتيش الكلام حيبقي كله حقن، اه تليفونك يفضل في ايدك طول اليوم واي حاجة ابعتها تسمعيها وتعمليها.
أماءت موافقة فابتسم بانتصار ثم اغلق الباب اخذ نفس عميق واخرجه وهو يهمس لنفسه
– سامحيني يا شمسي كان لازم اعمل كدة عشان اخرجك من حالتك دي وعشان تبطلبي تجرحيني بسيرته.
مر اليوم لم يرسل أحمد إليها رسالته اليومية فاعتقدت هي ان هذا جزء من العقاب اما هو لم يجد ما يقوله وباي نبره سيتحدث فآثر الصمت ليلتها. لم تجد شمس مهرب من تنفيذ ما طلبه أحمد واشتاقت لسماع صوته الذي حرمها منه ليلتها، فهو لم يتركها باليومين الماضيين وأرسل لها كلمات بسيطة موجزة استمعت خلالها بنبرته وشعرت بمدي الألم والحزن الذي سكن قلبه ولكن كيف تبدل بهذه السرعة جفاها النوم لفترة طويلة حتى غلبها بعد معافرة .
بصباح اليوم التالي استيقظت واستعدت للنزول إليهم تشعر بالإحراج لا تعرف كيف يراها الجميع وكيف سيتعاملون معها. جلست على الفراش محتضنه نفسها بيدها تحرك جسدها بتوتر ظلت على حالها حتى دخل إليها مروان.
تحدث بلين وحنان:
– ياريت تعملي زي ما قولتي لسما امبارح وتنزلي تفطري معانا كلنا حنكون مبسوطين.
شمس: بجد! حتتبسطوا لو نزلت مش شايفين ان أحسن ابعد وابقي لوحدي.
مروان بنفي:
-اكيد لا يا بنتي حننبسط ببُعدك ليه يا شمسي حد ينبسط وشمسه مش في سماه بردوا. يلا يلا خلينا نفطر معاكي وحشنتا لمتنا والله حشوف أميرة كمان لو تقدر تنزل لانها تعبانة شوية تعالي يلا.
اوقفها بجانبه وضمها إليه وحاوط ظهرها بيده واخذ يدها بيديه وتحرك بها للاسفل.
اما بالأسفل على مائدة الافطار رفع أحمد نظره إلى مروان وشمس وهم على الدرج ابتسم بانتصار فهمس إليه سيف الجالس بجانبه و المتابع لحالته من بداية جلوسه وترقبه لنزولها وكأنه موقن من تواجدها معهم اليوم.
مال عليه سيف وحدثه هامسا:
-مش مطمن لك يا ابو حميد اللي يشوفك النهاردة ما يشوفكش امبارح من النقيض للنقيض بتخبي على سيفوا حبيبك ماشي يا عم يسهلوا.
– ما تاڤورش يا سيفوا
– لا ده مزاجنا النهاردة عال العال.
– بس بس نزلت اهي.
اما سما فتوترت بشدة، نظرت باتجاه أسر الذي تابع هبوطهما بمشاعر مضطربة ومتعددة لدرجة انه لم يلاحظ حالة سما ونظرها إليه.
جلست شمس بتوتر على المائدة ولفت انتباها ما ان اعتدلت قطعة الشيكولاتة الموضوعة بجانب الطبق تلقائيا نظرت إلى أحمد الذي ادعي انشغاله بهاتفه وعلى وجهه ابتسامة سعيدة أعادت شمس نظرها لقطعة الشيكولاتة، شردت لدرجة إنها لم تستمع لكلمات مها
– نورتي من تاني يا شمس أنا هطلع افطر مع أميرة واديها العلاج خليك انت مع الولاد النهاردة.
أماء لها مروان وتابع شمس التي لازالت شاردة لا تعلم لما عادت بذاكرتها لبداية رحلتها القاتمة بالوكر فتذكرت حياتها هناك بعد ان مضي الشهر الاول
الماضي:
أدم: مش بتاكلي ليه؟
تفاحة: مش هاكل مش عايزة الاكل ده مش بحبه.
أدم بعصبية:
– الاكل ما فيهوش بحبه او لأ الموجود يتاكل يا تفاحة.
– شمس اسمي شمس مش تفاحة.
– وبعدين معاكي ما تتعبنيش قلنا انسي شمس بقيتي تفاحة وكلي انت اصلا تعبانة لازم تاكلي عشان تخفي.
– مش هاكل فول مش بحبه عايزة الأكل التاني.
أدم بعصبية اكثر:
– بقي لك شهر بتاكلي فول افتكرتي النهاردة انك مش بتاكليه.
-كنت خايفة وفاكرة اني هرجع، ولو عشان تعبانة عادي يمكن اموت وارتاح.
ثم تحدثت برجاء:
-رجعني يا أدم اكيد كلهم قلقانين عليا والله مش هقول لهم عليك.
رد عليها بغيرة:
– عايزة ترجعي ،ترجعي لمين هاه؟
– ارجع لهم كلهم، كلهم يا أدم بابي ومامي.
اقترب منها بعصبية:
– ولمين تاني؟
تراجعت قليلا بخوف:
-ولأحمد اكيد زعلان جامد وبيدور عليا.
امسك ذراعها بعنف واردف:
– قولت كام مرة اسمه ما يجيش على لِسَانك.
– sorry sorry Adam (اسفة اسفة يا ادم).
وصل أدم لاقصي درجات العصبية:
– اسمها اسفة او حَرَّمت بطلي عوجت اللِسَان دي وكُلي يا تفاحة.
أجابت بإصرار:
– شمس ومش هاكل.
– كُلي أحسن لك بمزاجك بدل ما تكلي بالعافية يا تفاحة.
– شمس ومش هاكل
تحدث وهو ينظر حوله يبحث عن شيء:
– كدة يبقي اتحملي اللي حيحصل لك.
نظرت له بخوف:
-انت حتعمل ايه؟
-هاتشوفي.
لم يجد حوله ما اراد فخلع حزامه ولفه حول يده
تحدث يؤكد على كل كلمة:
-كُلي يا تفاحة.
شحبت تحدثت وهي تتراجع للخلف:
– شمس ومش هاكل.
انهت جملتها وشعرت بأول ضربة على جسدها ولأول مرة يضربها أدم ولم تكن الاخيرة.
– كُلي يا تفاحة
شمس وتشعر بألم ضربه لها بجانب الم مرضها:
– شمس ومش هاكل.
بعد اجابتها هوى بحزامه عليها مرة اخري بدأت تبكي بصمت وحاولت الصّمود فعاد أدم ما قال
– كُلي يا تفاحة
بكت بخفوت:
-شمس ومش هاكل.
زاد أدم هذه المرة هوي على جسدها ثلاث ضربات متتالية بكت شمس فعاد ما قال
– كُلي يا تفاحة
صَمَتت ولم تجيب ولكنه لم يتردد وضَرَبَها عدة مرات حتى تحدثت.
– حاضر هاكل هاكل خلاص.
– اسمك ايه؟
– شمس
أجابها بضربة قوية واعاد عليها السؤال
– إسمك ايه؟
– تفاحة، اسمي تفاحة
بكت قهر كما لم تبكي من قبل ولم يرضي او يتوقف عند هذا الحد القي حزامه على الارض بعنف وتحدث بصرامة.
– كُلي.
اقتربت من الطبق واكلت القليل ثم اعتدلت.
نظر إليها بحدة وصرامة:
– الطبق يخلص كله.
ردت بوهن شديد وهي تضع يدها على معدتها:
-مش قادرة والله بطني وجعتني قوي.
اخذ حزامه مرة اخري ولفه على يده وضرب به الارض ضربة بالرغم من صغر سنه رجت المكان:
-كلي بالذوق والطبق يخلص بدل والله اضربك ضرب عمرك ما كنت تتخيليه.
من شدة رعبها لم تستطع الحديث اقتربت من الطبق وبدأت في تناول ما فيه كان الم بطنها يزداد مع كل مرة تتناول بها الطعام ولكنها لم تستطع الاعتراض فجسدها يؤلمها من المرض ومن الضربات التي تلقتها منه ظلت تضغط على نفسها حتى شعرت بألم حاد بمعدتها وبحاجتها لإفراغ ما اكلت فأسرعت إلى الحمام تقيأت ما تناولته جن جنون أدم وما ان خرجت فزع بها.
عنفها بغضب عارم وصوت حاد:
– بتعندي بتاكلي وبعدين ترجعي هتاكلي تاني وابقي عيدي الحركة دي تاني وربي حَرِنِّك علقة اخلي جسمك يوجعك باقي عمرك.
اجهشت شمس بالبكاء قهرا ثم وقعت مغشي عليها.
فاقت شمس من ذكرياتها مع الماضي تشعر بحاجتها لإفراغ معدتها انتفضت واسرعت إلى الحمام وهي تضع يدها على فمها، انتفض ايضا أحمد ومروان. يناديا عليها واسرعا خلفها في ظل تعجب الجميع لفعلتها خرجت شمس من المرحاض بعدما افرغت معدتها تشعر بالتعب فوجدت اباها وأحمد يسنداها واجلساها بادر مروان بالحديث
مروان: انت تعبانة يا شمس حاسة بايه؟
تحدث أحمد بقلق وتوتر حاد:
– ردي يا شمس قولي مالك اقولك تعالي نروح المستشفى احسن.
ردت بوهن:
-كويسة والله معدتي وجعتني شوية بس بقيت كويسة دلوقتي.
كاد ان يتحدث أحمد ولكن قطعه صراخ والدته عليه من الدور العلوي.
– أحمد الحقني يا أحمد تعال شوف خالتك مالها؟ يا سيف يا أحمد حد يلحقني يا ولاد.
اسرع الجميع إليها ومعهم شمس التي كانت بالنهاية لشعورها بالتعب دخل الجميع إليها وغفلوا عن شمس التي لم تستطع عبور باب الغرفة ووجدوا أميرة ملقاه على الأرض وبجانبها مها تبكي، فحملها أحمد ووضعها على الفراش وطلب من سيف احضار حقيبته الطبيه ففعل سيف مسرعا اسعفها أحمد وبعد قياس الضغط والسكر استطاع افاقتها بالنهاية وسط انتباه الجميع.
فتحت أميرة عينها ببطء وابتسمت بوهن عندما راتهم جميعا حولها وهي تكاد لا تستطيع فتح عينها.
مروان وهو لم يتجاوز صدمته مما حدث:
-ايه اللي حصل يا أميرة ووقعك كده؟
ردت بوهن وبصوت يكاد يكون مسموع:
– حلمت بشمس وهي صغيرة واقفة بتصرخ وتعيط قمت مفزوعة وسمعتك بتصرخ باسمها قمت اجري عليكم ما حستش بحاجة بعدها.
دارت بنظرها بأرجاء الغرفة باحثه عنها فلم تجدها
أميرة بنفس حالتها:
– هي فين يا مروان مش معاكم ليه؟
انتبه أحمد انه لم يعاونها احد لعبور الباب فانتفض من مكانه للخارج قبل ان تكمل أميرة جملتها فوجدها جالسة على كرسي قريب من الغرفة تنساب دموعها بضعف وعجز لم تشعر بوجوده الا عندما مسح لها دموعها رفعت وجهها إليه.
أحمد بأسف:
-أنا اسف اتشغلت بتعب خالتوا أسف.
لم تعلم ما عليها قوله نظرت إليه بدون تعبير ولم يتنظر هو رد منها جذبها برفق لتنهض ثم حاوط ظهرها بيد واخذ كفها بالأخرى لتتجاوز الباب وما ان رفعت رأسها تقابل وجهها مع وجه آسر الغاضب والثائر وكأنه يوجه لها بنظراته اتهامات كثيرة انقذها من نظراته كلمات أميرة.
أميرة بوهن:
-تعالي يا شمس.
اسرعت إليها شمس ضمتها والدتها فأخفت شمس وجهها بحضن والدتها، فزاد ذلك من غضب آسر لتجمع الدموع بعين سما هي لا تحقد على شمس ولكن تمنت كثيرا ان تنعم بتلك اللحظات بِلهفة والدتها، بحضنها وقت حاجتها، ببث الأمان والحب لها وقت حاجتها إليه. اخذ آسر بيد سما واحكم قبضته عليها برفق وكأنه يؤكد لها انه معها لن يتخلي عنها اقتربت هي منه حتى كادت ان تلتصق بظهره تحتمي به من مشاعرها الحزينة لاحظ ذلك سيف وتعاطف معها و حزن لحزنها اما أحمد فكانت عينه معلقة على شمس لا يري سواها يقتله الالم من اجلها ,قطع الصّمت صوت مروان
– طيب يلا تعالوا ننزل ونسيب أميرة ترتاح تعالي يا شمس.
أميرة: لا سيبها معايا عايزاها في حضني يا مروان.
اغلقت سما عينها وشددت من اغلاقها فجذبها آسر له وضمها بحنان تحت نظرات سيف المتابعة لهم.
مروان: خلاص خليكي يا شمس. يلا يا جماعة ننزل احنا على تحت خلي بالك من ماما يا شمس ولو احتاجتم حاجة اندهي علينا.
تحركوا جميعا للأسفل ذهب أحمد وسيف لعملهم وخرج مروان دخلت سما غرفتها رافقها اسر.
آسر: انت زعلانة ليه دلوقتي مش كانت صعبانة عليكي وماكنتيش عايزاها تفضل لوحدها اهي قاعدة مع ماما عشان ماما كمان ما تكنش لوحدها واهي تلحقها لو تعبت.
اجابته بشرود:
-كان نفسي في يوم استخبي في حضن ماما وأنا خايفة أنا مش متضايقة من شمس والله وزعلانة عشانها كمان بس … بس غصب عني لما بشوف تصرفات ماما وبابا معاها بحس بغيرة عشان ما شوفتش الاهتمام ده منهم.
آسر بمزاح:
-وأنا مش مكفيكي بقي.
نظرت له دون حديث واجابته عينها الذابلة ووجهها العابس فجذبها إليه وحدثها بجدية
– أنا حاسس بيكي على فكرة كل اللي جواكي ده جوايا بس أنا من وقت ما وعيت وفهمت اللي بيحصل قررت اكون قوتك وامانك أنا حضنك الدافي يا سما أنا ابوكي وامك كمان مش اخوكي بس, أنا مش عارف اذا كانت شمس ظالمة ولا مظلومة بابا وقت تعب ماما بينسي الدنيا كنت فاكر انه بيهتم بشمس زي ماما لكن لقيته نسيها النهاردة.
نظرت له بعدم فهم فاجابها:
– ايوة كان خايف عليها وجرى مع أحمد عليها وقت افطار لكن لما ماما تعبت ما اخدش باله منها ما افتكرهاش ما شافش غير ماما أحمد كان بيسعف ماما وركز معاها وده طبيعي كدكتور معاه مريض مش بيشوف غيره أنا دورت عليها اشوف حتعمل ايه هتدخل واحنا مش مركزين معاها ولا فعلا هاتخاف تمر من الباب, كنت فاكرها بتمثل عارفة حاجة جوايا كان نفسها يكون ده تمثيل بس شوفت الخوف في عينها كانت بتدور بعينها على حد يساعدها تتخطي خوفها وما لقتش شوفتها لما بعدت وقعدت بره.
سما بعتاب:
-وسبتها يا اسر لوحدها طاب ليه ما ساعدتهاش؟
آسر: صدقيني ما قدرتش, كمان كنت عايز اشوف بابا حيعمل ايه؟
ابتسم بتهكم مسترسلًا:
– بس طلعت زينا اتاثر لما خد باله انه نسيها بس ساب أحمد هو اللي يهتم بها وفضل مع ماما بس.
سما: تفتكر بابا بيعمل كده ليه؟
آسر: مالوش غير احتمالين يا اما خايف من الفراق او اننا درجة تانية.
ادمعت سما:
-الفراق لا يا آسر ما تقولش كده تبقي معانا وبعيد بس ما تمشيش وتبعد خالص.
ضمها إليه:
-بقول احتمال، مش لازم يبقي حقيقي يا حبيبتي تعالي ننزل نفطر انت ما اكلتيش حاجة.
سما: مش عايزة ماليش نفس.
آسر: ماعنديش الكلام ده اسمعي كلام بابا اسر ويلا.
ضحكت وهي تمسح دموعها وأماءت له موافقة.
هبطا سوياً وهم في طريقهم للمطبخ نادتهم مها اقتربت منهما حاوطتهما بيديها بحنان اموي ووضعت يد على كتف سما والأخرى بأعلى ظهر آسر وتحدثت بمرح:
– لما احضنكوا أبقي اقصر شوية عرفنا انك طويل ولا انت بتغيظنا يعني.
ضحوا ثلاثتهم فتحدثت مها:
-أنا كنت هطلع لكم اصلا، كنتم رايحين فين الأول.
تحدثت سما باحراج:
-كنا رايحين المطبخ.
مها وعلى وجهها ابتسامة :
– طيب مكسوفة ليه ده بيت جدكم يعني بيتكم تعالوا نفطر سوا أنا كمان ما اكلتش.
دخلوا سويا المطبخ وضعت مها الطعام لهم بالداخل وطلبت من الخادمة تنظيف المكان بالخارج كانت تود الحديث معهم بحرية.
– أنا حاسة بيكوا أنا عارفة انكم مش عارفيني ولا متعودين عليا الظروف يا ولاد ساعات بتخلينا نعمل حاجات ما كناش نتوقع اننا نعملها وساعات بنعيش اللي يوجعنا اكيد ربنا له حكمه في كده “لو علمتم الغيب لاختارتكم الواقع” امكم عدت بظروف صعبة الفراق وحش قوي يا ولاد عارفين أنا كنت من الاول موجوعة عليها وعلى غياب شمس لكن حسيت اكتر لما اتوجعت زيها لما اتخطفت رنا, لما بيموت لك غالي قلبك بيوجعك وبتحزن بس بنبقي عارفين انه بين ايدين ربنا بين ايدين العدل وانهم في مكان احسن بتعرف تبعت لهم اللي ينفعهم.
نظرا إليها بعدم فهم فابتسمت بحنان:
– ايوة بنبعت لهم دعاء خالص من القلب صدقات بنتاكد ان ربنا رحمان ورحيم بهم اكتر مننا لكن اللي بيبعد بالاجبار من البشر وجع قلوبنا يبقي اضعاف عليها
اشارت على قلبها مسترسلة:
– ده عمره ما بيرتاح وجعه كل يوم بيزيد عن اللي قبله قسوة وجحود البشر مالهاش حدود وفي ناس قلوبهم سودة وجاحدة وفي ناس يتعلم منها الشيطان، أمكم الحنية كلها ما شوفتهاش زمان كانت ازاي.
اخذت نفس عميق وابتسمت بحنين:
– كانت ليا زي اسر بالنسبة ليكِ.
نظرا إليها باندهاش واضح، فتحدثت موضحة:
– من غير ما تستغربوا كدة امكم اصغر مني اه لكن حنيتها ملهاش حدود من صغرها ساعة ما ماما توفت وهي سندي حضنها اماني كل ما ماما كانت توحشني او اكون محتاجها الاقي حضنها لما بنتي الاولي ماتت كنت مسافرة لكن خوفها عليا وكلامها واهتمامها كان موجود كانت دايما بتكلمني وتحاول تهديني وتهون عليا.
اسر باستفهام:
-هو حضرتك كان عندك بنت تانية غير رنا؟
مها وحاولت اخفاء حزنها:
– ايوة وماتت وهي رضيعة كان قلبها تعبان سافرت بها أنا وباباها وفضلنا شهور في المستشفيات لكن في النهاية ربنا استرد وديعته.
اخذت نفس عميق:
-وجعي على خطف رنا كان اكبر بكتير من وجعي على بعد بنتي اللي ماتت بحبهم هما الاتنين زي بعض بس مطمنة على الاولي انها بين ايدين رب كريم لكن رنا لا كنت خايفة على أحمد بالرغم انه راجل وقوي لكن كان بينهم مقيد وضعيف. امكم بتحبكم قوي هي لحد دلوقتي مش مصدقه ان اختكم رجعت مش بتحبها اكتر منكم بس لسه قلبها موجوع عارفين هي موجوعة عليكم لأنها عارفة أنها قصرت معاكم كل ما كانت تقعد معايا عينها ما كانتش بتنزل من عليكم واول ما تبصولها تحول نظرها حكيت لي كل حاجة عنكم عن حزنكم لبعدها وتعبها عن الخوف اللي كانت بتشوفه في عينكم منها وانتم صغيرين بعد كل نوبة صريخ تجي لها الحالة اللي وصلت لها دي مش عشان بعد شمس بس لا عشانكم انتم كمان هي مش قادرة تتكلم معاكوا خايفة ما تعرفش توصلكم احساسها.
بكت سما فجذبتها مها إليها وربتت على ظهرها بحنان:
-ما تعيطيش يا حبيبتي اللي جاي احسن ان شاء الله ومن النهاردة ليكم أُمْيِن لو ممكن يعني تعتبروني ام ليكم مع أميرة.
علت شهقات سما وهي تتشبث بحضن مها اكثر فشددت مها من ضمها انسابت دموعها وجذبت آسر ايضا إليها وربتت على ظهره بحنان وتحدثت بمزاح.
– ايوة كدة كل ما احضنك ابقي اقعد عشان انت قصير قوى.
ضحكوا جميعا وسط تاثرهم ثم اعتدلوا مسحت كل منهما وجهها واكملت مها
مها: اعزمنا يا آسر على شاي أنا عارفة انك احسن حد يعمل شاي
اعد اسر الشاى وجلسوا ثلاثتهم يتحدثون بمرح لم يشعروا به من قبل مر الوقت بهم سريعا استمتعت مها بالجلوس معهم وتمنت لو كانت رنا معهم بالتاكيد ستكون جلستهم اكثر سعادة
اما بالاعلى بغرفة أميرة بعد ان غادر الجميع تركت أميرة شمس مختبئة بحضنها حتى شعرت انها هدأت
أميرة: تعالي يا حبيبتي نامي جنبي وفي حضني.
التفت شمس حولها واستلقت بجانبها ضمتها أميرة بحنان واحتواء، ظلت تربت على ظهرها حتى غطت شمس بنوم عميق ولأول مرة تشعر بتلك الراحة ظلت تنظر إليها أميرة باشتياق وحنين حتى استغرقت في النوم هي الأخرى.
مر اليوم مختلف على الابناء الثلاثة فقد شملت مها كلا من أسر وسما بحنانها واهتمامها، واحتوت أميرة ابنتها شمس وجبرت بعض جراحها، بالمساء بعد عودة أحمد وسيف تحدث مروان مع أحمد.
مروان: ما قولتش يا أحمد تحاليل شمس اخبارها ايه.
– مش كويسة يا عمي عندها انميا حادة ومشاكل تانية بسبب عدم تعرضها للشمس وسوء التغذية، عرضت التحاليل بتاعتها على زمايلي وكتبولها ادوية وفيتامينات وكل فترة لازم نعيد التحاليل نتاكد انها بتتقدم وحالتها بتستقر.
شرد لثواني فقطع مروان شروده متسائل
مروان بقلق:
-في حاجة في التحاليل مخبيها شكلك ما يطمنش يا أحمد.
– لا ياعمي مفيش صدقني هي شمس فين؟
اتت مها فاجابت هي على سؤاله:
– فوق مع أميرة من الصبح قاعدة معها هنادي عليها عشان نتعشي كلنا سوى.
أحمد : تمام أنا طالع اغير وانزل صعد أحمد لغرفته فوجد سيف شارد بعالم أخر طالعه بتعجب ثم تركه ودخل الحمام وبعد فترة خرج فوجده لازال شاردا جلس يراقبه لبعض الوقت ثم تحدث بتعجب.
-سيف انت كويس، سيف؟
لم يسمعه فنادى عليه بصوت عالي بعض الشئ:
– سيــــــف.
أجابه بشرود:
-بتنادي يا أحمد.
– بتنادي يا أحمد! بقالي ساعة بنده، انت مالك في مشكلة في الشغل.
– لأ.
– متضايق من حاجة؟
– لأ
أحمد بدهشه:
– انت كمان بترد باختصار من غيرمجادلة انت عيان يا ابني؟
– يوه يا أحمد عايز حاجة.
تحرك إليه وجلس بجانبه:
-في ايه مالك؟ حصل حاجة؟
– مش عارف يا أحمد حاسس بحاجة غريبة.
– حاجة ايه يا سيف ما تتكلم هو أنا هاتحايل عليك انت متغير كده ليه؟
– انت عارف إن سما شبهي قوى.
نظر أحمد له بدهشة وترقب ولم يتحدث، واسترسل سيف وهو شارد بعالم أخر:
– شوفت امبارح على الفطار كانت ازاي ولا لما اتكسفت وطلعت جري على فوق حسيتها طفلة في نفسها، عارف الصبح حسيت انها زعلانة وماسكة في اخوها الطويل ده كأنها ماسكة في باباها وبتستخبي فيه.
رد عليه أحمد بكلام ذو معني:
– ماهي فعلا طفلة اصغر منك ثلاثة عشر سنة
نظر له سيف ولم يتحدث وعاد لشروده فاكمل أحمد:
-كلامي مش عاجبك، صح؟
اجابه دون ان ينظر إليه:
– السن مش عيب وأنا مش كبير يا أحمد أنا حاسس بِها وبعدين ما انت بتحب شمس وفي فروق كتير بينكم منها السن.
– وجه المقارنة مش موجود يا سيف, شمس اصغر مني بسبع سنين وده فرق معقول كبرنا مع بعض عشت تفاصيلها حتى لما اتخطفت كنت بحس بها حبنا اتولد معانا وكبر معانا وده مش بيحصل كتير، لكن اللي انت حاسس به ناحية سما ده إنجذاب شوية وهيروح لحاله، هي صعبانة عليك عشان انت مريت بحاجات شبها وعارف ده بيوجع ازاي وعندك فراغ عاطفي لازم تملاه.
– يعني انت حكمت خلاص ان ده اعجاب او صعبانة عليا وبس كده حطيت النهاية.
ابتسم له وربت على كتفه:
– نسيت فراغ عاطفي، لا ما حكمتش ولا حاجة أنا بس خايف تعيش وهم وتصّدم وتوجع قلبك على الفاضي بص حكم عقلك وقلبك استني شوية وبعدين احكم على مشاعرك بس حاول تفهم نفسك تمام ويلا يا بطل عشان نتعشى.
الفصل الثامن عشر ‘وعيد’
بالأسفل بعد ان تناولوا الطعام تفرقوا كل منهم بمكان خرج أسر للحديقة ومعه كتاب يقرأه وجلست سما مع مها وجلس سيف بعيدا يراقبها ويفكر في حديثه مع أحمد صعد مروان ليطمئن على اميرته جلس أحمد بالقرب من شمس وتحدث معها بلطف.
– شمس انت عارفة امبارح سحبت منك دم صح.
أماءت له مؤيده فاسترسل:
– أنا وديت الدم ده وحللته ولقيت انك لازم تاخدى علاج عشان جسمك ضعيف.
نظرت له باهتمام تشعر انه يود قول شيئا ما يقلقه:
– العلاج لازم تاخديه بانتظام في نوع منه لازم حقن.
نظرت له برجاء وتوسل، فاكمل مدافعًا عن نفسه:
-والله مش عقاب ومش أنا اللي كاتبه ده دكتور زميلي وده تخصصه وما ينفعش يتاخد غير حقن.
ادمعت وعلقت عينها عليه ففهم انها لازالت معتقده انه يعاقبها:
– والله ابدا مش عقاب صدقيني.
اخذ نفس عميق:
– للاسف الحقن دي تقيله شوية حتوجع بس انت قوية وحتستحملي انت تحملتي اكتر من كده بكتير يا شمسي.
اخذ يدها بين كفيه بحنان:
– لو عليا ابعد عنك اي وجع بس لازم تاخدى الحقن دي عشان صحتك…
لم يكمل لدخول اسر بحدة بحديثهم.
– مش بتعدوا اي فرصة من غير ما تقربوا بالشكل ده أنا مش فاهم ازاي بابا ساكت ولا انتِ فعلا زي ما اتقال عليكِ.
وقف أحمد وتحدث محذرا:
– احترم نفسك وانت بتكلم الكبار لا أنا ولا هي صغيرين ولو حد ممكن يحاسب التاني يبقي احنا نحاسبك اختك دي اكبر منك بعشر سنين.
اتي صوت مروان حاداً:
-ايه اللي بيحصل؟ صوتك عالي ليه يا اسر؟ هو ده الادب!
-هو مش غلطان يا بابا أنا السبب، والله لما أحمد لاقاني خايفة حب يطمني وآسر فهم غلط أنا اسفة والله.
أحمد بحدة:
– لا مغلطتيش هو اللي..
نظرت إليه برجاء وتوسل، ضعف أمام نظرتها تلك ولم يستطع اكمال ما أراد؛ فأغلق عينيه وأخذ نفس عميق ثم أخرجه مسترسلًا:
-تعالي اوريكي العلاج هيتاخد ازاي.
تحرك فوجد أسر يتبعهم؛ فسأله بتعجب
– انت رايح فين؟
أسر بحدة:
– جاي معاكم ولا عايزين تبقوا لوحدكم؟
كتف يديه أمام صدره ونظر إليه بتحدٍ، أراد استفزازه، ولكنه أوقع نفسه بالخطأ، وتحدث بما وضعهما بموقف سيء أمام الجميع.
– مش حينفع تاخد الحقن دي قصاد حد.
احتقن وجه اسر من شدة الغضب ونظرت شمس لأحمد بصدمة فتحدث اسر بحدة وانفعال شديدين.
– وانت اللي حتديها الحقن دي؟
أدرك سوء موقفه مع كلمات أسر الغاضبة، فغضب لما يرمي إليه بكلماته، يدفع عنها ظنون أخيها:
– أنا دكتور وإياك تفكر فيها أو تتكلم عنها بالطريقة دي تاني.
كل هذا تحت انظار الجميع وترقبهم فاقتربت مها من أحمد ربتت على ظهره قائلة
-أسر صح يا أحمد ما ينفعش اللي بتقوله انت صحيح دكتور بس أنا ممكن اديها الحقن دي.
أحمد والعصبية مسيطرة عليه وصوت انفاسه ترج المكان من حدتها:
-أنا اصلا ما كنتش حعمل كده بس هو مستفز خلي الكلام اخد طريق مستفز زيه.
نظر إليه اسر بغضب فاقتربت سما تلطف الاجواء وحدثت أحمد
سما: هو مش قصده يا دكتور، اسر بس عصبي شوية وفهم غلط.
اقترب منهم سيف وتحدث اخيرا وهو لا يرى سوى سما
– حصل خير خلاص يا أحمد بقي ما تعملهاش مشكله.
اقترب منهم مروان وجذب يد شمس حاوط كتفها بيده تعالي معانا يا أحمد وريني العلاج ومواعيده وأنا هتابع معها معلش تعالي معانا يا مها.
صعدوا لأعلى تناولت شمس أدويتها تحدث أحمد واخبرهم بما عليهم اتباعه ثم تركهم وتلته مها، بالنهاية تبقي مروان مع شمس، لا يعلم كيف يبدأ الحوار معها، انكمشت هي بخوف ظنا منها انه قد يعاقبها ويضـربها وعندما رأي حالتها فضل الحديث مع أحمد بدلا منها.
مروان: ماتخافيش يا شمس أنا عارف ان اللي حصل تحت مش غلطك نامي دلوقتي وأنا حكلم أسر ومش حزعق له أو ازعله اطمني.
تركها واغلق الباب خلفه وتوجه لغرفة أحمد طرق الباب ودخل بعد ان سمحا له سيف وأحمد الذي بدأ هو الحديث
– والله يا عمي ما كنت هعمل كده أنا كنت هوريها العلاج وهفهما ان ماما هي اللي هتديها العلاج ده وهطمنها وكنت ببعده عنها لاني بحس انه هيحرقها بنظراته حضرتك مش بتشوف قلقها اول ما بيقرب منها خصوصا وأنا بكلمها بحس انه حيولع فينا.
ابتسم مروان :
– بيغير على اخته منك واعتقد ده حقه.
نظر أحمد إليه باندهاش، فاسترسل مروان معاتبًا:
-بس أنا فعلا زعلان يا أحمد كلامك كان غريب لدرجة اني فعلا ما قدرتش اتكلم.
أحمد وتملك منه الاحراج:
– أنا اسف بس والله كنت بستفزه بس أنا اسف اوعدك مش هيتكرر تاني.
تحدث سيف بطبيعته المرحة مقلد طريقة سما بالحديث:
-خلاص يا عمي ما كنش قصده ولا ايه يا دكتور.
ضحك مروان على طريقه سيف تبعه أحمد الذى اعتذر مجددا.
– أنا اسف تاني يا عمي، والله كنت بطمنها بس المهم يا عمي شمس لازم تتعرض لأشعة الشمس في الاوقات اللي قلت لحضرتك عليها، والأدوية، والتحاليل الدورية مهمة.
مروان: خلاص يا أحمد حصل خير ما تقلش أنا هتابع ادوية شمس.
تركهم مروان ثم توجه إلى غرفة أسر تحدث معه بلين
-: ممكن اقعد معاك شوية.
– اكيد يا بابا اتفضل، ياريت المرة دي ماتقولش اني غلطان زي كل مرة.
-: لا يا حبيبي مش غلطان وأحمد اعتذر واكد انه ما كنش حيعمل كده اصلا وأنا اكيد ما كنتش هسمح بده، بس أنا ليا عندك طلب.
– اتفضل يا بابا اكيد
– اختك ضعيفه محتجاك جنبها عارف ان اللي بطلبه منك مش سهل انك تحس بها من يوم وليلة بس على الاقل بلاش الحدة في معاملتك لها بلاش نظراتك دى اهدي عليها يا ابني.
أسر برد قاطع:
-طول ما هو قريب منها وهي بتسمح له هتفضل موضع شك لو عايزني اغير تعاملي معاها فعلا تعالي نرجع بيتنا مش قولت لينا بيت هنا يبقي نعيش فيه.
– طيب تقدر تقولي لو رجعنا بيتنا ازاي نسيب خالتك لوحدها بعد تصرف جوزها، بلاش خالتك والدتك مش شايف انها اتحسنت من وقت ما جينا هنا ونوبات الصريخ ما بقتش تيجي لها، انت ما تعرفش امك وخالتك كانوا ازاى زمان كانوا زيك انت سما واكتر كمان، انت عمرك ما كنت اناني يا أسر من يومك وانت كبير ومفضل اللي حواليك على نفسك وبعدين شمس كمان أنا مش عارف رد فعلها حيكون ازاى لو رجعت البيت لازم اسال دكتور علي الأول.
-تمام وأنا اوعدك يوم ما نرجع بيتنا ابقي اتعامل معاها عادي.
مروان بقلة حيلة:
– ماشي يا اسر على الاقل خف عليها شوية افتكر انها اختك.
تركه مروان وذهب لغرفته وهو متأكد ان أسر لن يتراجع عن موقفه وانه سيكون أكثر حدة معها وذلك يضاعف قلقه عليها.
مرت عدة أيام تتجنب شمس الجميع تجلس على استحياء واصبحت مها تجلس مع سما واسر يوما وتطمئن عليهما قبل النوم وشمس ترافق أميرة يوميا حتى موعد الغداء اصبحت نظرات أسر لشمس اكثر حدة وشراسة ، سيف متابع لسما بهدوء دون ان يلاحظه احد اما أحمد فقد شعر بمدى الحرج الذي سببه له ولشمس واصبح يتعمد التأخر في المستشفى وان يعود على موعد النوم يسجل لشمس يوميا على البرامج ويؤكد عليها تناول الدواء ويعتذر لها عن هذا اليوم.
مر اكثر من أسبوعين، دون جديد سوي زيارات أحمد ومها وسيف بانتظام لرنا التي تساءلت مرار عن شمس بكل زيارة، كما تحسنت حالة رنا كثيرا. وبيوم عاد أحمد بمنتصف النهار مجهد وبشدة أراد ان يغفوا قليلا ثم يعود لعمله مرة اخرى ولكنه بمجرد عبوره البوابة، وجد شمس بالحديقة تتلفت حولها بذعر؛ فاقترب منها احتواها بين ذراعيه وحدثها يحاول تهدئتها.
– شمس اهدي في ايه؟ ايه اللي حصل؟ مالك؟