رواية عاطفية مكتملة رواية وعد ريان بقلم الكاتبة أسماء حميدة الجزء 10 رواية رومانسية اجتماعية

pexels-photo-219616-219616.jpg

البارت_31

بعد إفصاح منصور لصقر عن سبب الإجازة المزعوم ، وهو البحث عن عروس لإتمام نصف دينه، وما كانت غير حجة واهية من منصور للحصول على إجازة طويلة نوعاً ما؛ حيث أنه ارتاب من المكان و البلدة بأكملها؛ بعدما حدث له على يد ريان، وزعره بعد واقعة الحديقة على يد صقر، فقد تلقفاه اثنتيهما أحدهما يعاقب، والآخر يظهر له في الظلام كالأشباح وما زاد الطين بلة تلك الزيجو التي ألصقت به فقد ظن منصور أن العروس إحدى أخوات تلك الفاتنات سواء أكانت زوجة الصقر أو ريان أو ماجد، ولكن لم يرنو إلى عقله أن الصقر سيتم إنتقامه بتزويجه من أخت هذا المدعو همام.
الصقر لهمام : جول لخيتك يا همام إن كتب كتابها ودخلتها إمعي آني وماچد في ليلة واحدة خليها تچهز حالها، وكل چهازها ولوازمها عليا آني.
منصور لهمام : إيه ده؟! هي أختك هتتجوز هي كمان؟! يا ترى مين اللي أمه داعية عليه ده؟!
صقر بإقرار : هو فيه غيرك يا منص😏؟!
منصور لاطمًا خده وهو على وشك البكاء : يا وقعتك السودة يا منص🙉.
همام للصقر : لاه، يا كابير مسعدة خيتي لا يمكن تجْبل بيه.
(ليه يعني يا ميمو ؟! ده مهما كان الدكتور منص 😂)
انتعش  الأمل داخل منصور مؤكدًا على حديث همام : عندك حق يا ميمو، ينصر دينك يا شيخ، أختك تستاهل واحد أحسن مني مليون مرة، واحد صعيدي أصيل إنما أنا مشكوك في نسبي أصلاً أمي الله يرحمها كانت دايماً تقولي إنها لاقتني على باب جامع.
(الله ده أمي و أمك قرايب يا منص 😂)
الصقر بشماتة فهو بالرغم من إنه لم يرى وجه مسعدة من قبل؛ لكونها منتقبة، حقًا لقد تعامل معها مسبقاً ولكن من خلف هذا الحاجز الذي منع الرؤية، فهو يقر أنها صاحبة جسد متناسق وقوام ممشوق، ولكن الجواب يظهر من عنوانه، فإذا كان همام أخاها، فماذا ستكون مسعدة إذاً؟!
(على فكرة بقى المنتقبات مزز جداً يا أخ صقر متخلنيش أقلب عليك😂)
صقر : خبرك إيه يا همام؟! من ميتى الحريم عندينا ليهم رأي في دِيّ؟! وبعدين هي هتلاجي أحسن من الدَكْتور منصور فين؟! دِه دَكتور، وكمان مجطوع من شجرة، يعني لا هيبجى ليها حمى ولا ديوله!!
همام باستعطاف : يا كابير دي خيتي الوحيدة، و أبوي سايبها أمانة في رجبتي، و معوزش أغصب عليها في دي بالخصوص، و بعدين الهدير ده عيجولي يا ميمو بجى ده شكل ميمو؟!
(أصيل يا ميمو 😂)
منصور : لا يا صقر باشا، أنا مع الأخ همام لازم ناخدوا رأي العروسة الأول قبل أي حاجة، الشرع بيقول كده.. و بعدين مسعدة تتجوز هدير و توجه بالحديث إلى همام : ألا إيه هدير دي يا ميمو؟!
أراد همام التفسير و لكن زجره الصقر بعينيه، فابتلع همام على الفور حديثه.
فأجاب الصقر : خالونا في المهم عاد.
اشاد منصور برأي همام بضرورة موافقة العروس أملًا في قول أخيها بأنها لن تقبل به زوجًا لها، وقد وضع الصقر في خانة اليك، فقبول العروس شرطًا شرعيًا، واضعًا نصاب عينيه أمرًا مفروغًا منه، غير قابل للجدال.
صقر : على جولك يا دكتور ناخدوا رأي العروسة الول، مع إني واثج إنها مش عتكسر كلمة جولتها.
فلقد كان الصقر هو المتكفل بمصاريف دراسة مسعدة طوال الأربع سنوات في معهد التمريض العالي، وهو واسطتها للقبول به، وساندها أيضاً للعمل في مستشفى سوهاج العام، وذلك بعد وفاة والدها هي وهمام،و عين همام غفيراً لديه، كما كان أبوه يعمل حارساً لدى عائلة الزيدي.
منصور بإندفاع : من هنا لغاية ما توافق لا سمح الله؛ يكون ربنا حلها من عنده.
(كشفت نفسك يا ابن الهبلة 😂).
فطن الصقر نية منصور المبيتة في حالة موافقة العروس التي يعلم صقر تمام العلم أنها ستوافق إذا أعلمها الصقر بنفسه أن هذا اقتراحه ، و أن منصور هو اختيار الصقر نفسه كزوج لها، بالطبع سيلجأ منصور إلى حيلة أخرى لفض تلك الزيجة، فقطع الصقر الطريق على منصور.
بتلعب مع مين يا منص، ده مرقع😂)
صقر : و لغاية ليه؟! ما أحنا فيها عاد.
ووجه صقر حديثه لهمام : هي مسعدة بتعاود من المستشفى ميتى؟!
منصور مقاطعًا : هي عيانة؟! لا ألف لا بعد الشر عليها، ويا ترى كانسر بإذن الله؟! ولا غسيل كلوي؟! لا يا كبير كده الجوازة باطلة، أنتوا لازم ترسوني على الدور من أوله، وبعدين اللي هتجوزها لازم تكون فرسة عفية، أمال إيه؟!
(يا واد يا أسد 😂).
همام متباهيًا بزهو شامخًا أنفه لأعلى : تف من خشمك، خيتي حكيمة كد الدنيا
صقر : ما جولتش يا همام؟! بتعاود ميتى؟
همام : خيتي في الدار من العشا يا كبير، إنت خابر إن بعد توصية چنابك عليها في المستشفيه، وهما ما عدوش إيبيتوها نبطشية.
انتصب صقر واقفًا وهو يربت على فخذيه بتسلية : هه يُبجى يلا بينا.
منصور ينتصب واقفًا بدوره : طب يا جماعة خطوة عزيزة.
الصقر مبتسمًا بزاوية فمه : لاه ما إنت چاي إمعانا.
منصور مستفسرًا : اجي معاكم  فين؟!
صقر : على الدوار.
ووجه حديثه الى همام : روح إنت يا همام چيب مسعدة، وحصلنا على الدوار.
منصور وقد علم أنه هالك لا محالة، فالصقر مصر على توريطه، فلعن حظه العسر الذي جعل قدماه  تطأ تلك البقعة من الأرض، وتلك الإجراءات اللعينة التي جعلت منه الطبيب المنتدب في تلك القرية، لاعناً ذلك النظام ( الانتداب) ومن بدعه.
(هتحبسنا يا منص الله يخرب بيتك 🙉).
منصور بمهادنة : ليه بس يا كبير تقلقوا العروسة من تربتها قصدي من نومتها!! ما الصباح رباح.
صقر : خير البر عاجله.
انيتا وقد سأمت الحديث فالأمر برمته لا يعنيها، وها قد تحسنت حالتها كثيراً مقارنة بالحالة التي أتت عليها محمولة بين يدي الصقر.
أنيتا موجهة حديثها إلى منصور : أباي عليك يا دكتور، ما تخلصنا عاد، هي موتة ولا أكتر؟!
منصور باستسلام : إنا لله وإنا إليه راجعون، على رأيك، لله الأمر من قبل ومن بعد.
(ربنا يجعلنا من محاسيبك يا شيخ منص 😂).
خرج الجميع من دار الطبيب، و منصور يسير معهم بعقل شارد، كمن يساق لحتفه، بينما الصقر كان يحمل أنيتا على ذراعيه كما كان حالها في المجيء، مع الفرق أنها الآن منتبهة يقظة على غرار حالتها منذ قليل، والتي كانت تحاكي الأموات.
صقر لهمام : إفتح الباب إنت، وروح إعمل اللي جولتلك عليه.
بينما توجه الصقر إلى المقعد الخلفي يجلس أنيتا بحنان واهتمام بالغ محيطًا جسدها بالغطاء، واستدار ليحتل مقعد القيادة، بينما وقف منصور متصلبًا بجوار السيارة، وداخله يحث قدماه على الهرب، ولكن عقله يخبره أن لا مجال للفرار فإذا كان هو طبيباً، فذاك صقر الزيدي بثروته ونفوذه وحصانته، ومهما ابتعد سيكون تحت طائلة قبضة الصقر.
(على رأيك يا منص كلها أوضة و صالة😂).
الصقر من أعلى سقف السيارة، قائلا : ما تركب يا دَكتور، ولا هنفضلوا الليل إبطوله واجفين إهنه؟!
صعد منصور السيارة إلى جوار الصقر على مضض، بوجه ممتعض وساد الصمت حتى وصلوا إلى الدوار.
نظر صقر إلى المقعد الخلفي، وجد الصغيره غافية،إلى جوارها كيس الأدوية الذي جلبه همام من الصيدلية، فقد كانت تحمله الصغيرة بعد أن أعطاها إياه صقر في منزل منصور.
ارتجل الصقر مغلقًا باب السيارة خلفه، يستدير فاتحًا الباب الخلفي، فوجد منصور لا يزال على حاله، جالسًا داخل السيارة غير منتبهًا لتوقف السيارة أمام مدخل الدوار بعد اجتيازها البوابة، ولا لخروجه منها.
صقر محادثًا نفسه : عشان تبجى تحلو يا خفيف. 😏
(إنت زعلك وحش أوي يا أخي 😅).
نقر الصقر على زجاج السيارة يلفت انتباه الشاخص في ملكوت ربه وعلى وجهه معالم الحزن والكآبة، منخرط التفكير وقَطعًا يفكر في حل تلك المعضلة.
أما منصور فقد إسودت الحياة في عينيه، و أمله الوحيد أن ترفض الكونتيسة مسعدة الزواج به،
و ما انتبه منصور لصوت نقرات أصابع الصقر، فإمتدت يده جبراً تفتح مقبض الباب، ينزل بقدمٍ مثقلة إلى محيط هذا الليث المنتقم،.
بينما مد الصقر ذراعيه حاملًا الصغيرة وكيس الأدوية، متقدمًا إلى داخل المنزل، بعد أن أمره بالانتظار لبرهة،  فبالطبع من اطاحت بعقله تنتظر بالبهو، قدومه مع صغيرتها.
وبالفعل عندما دق الباب كانت هي خلفه تفتح مسرعة، بعدما استمعت لصوت بوق السيارة، وهو ينبه الحارس على البوابة، فقام الحارس بفتحها على مصرعيها.
وكانت هي تختلس النظر من خلف زجاج الشرفة الموجودة ببهو الصالة، فلمحت بصحبته هذا الطبيب، متحاشية الخروج إليهما للاطمئنان على أنيتا، خوفاً من غضب الصقر.
انجيل بابتسامة عذبة استوحتها من ملامحه التي كستها إبتسامة مطمئنة، فعلمت أن أنيتا  أمورها تسير على خير ما يرام.
أنجيل : Wellcome , Baby كيفها دلوك؟
(هي الدبلجة مش بتبقى سوري باين🤔).
صقر وهو يناظرها بحالمية بعد بيبي : زينة، زينة جوي.
وتنهد تنهيدة مشتاقة.
(لا يا أبو الصقور انشف😅).
تنحنح الصقر متذكرًا وجود ذلك المتطفل اللزج منصور بالخارج قائلًا:  اطلعي إنتي دلوك، وآني دجيجة واحدة، وهچيب أنيتا، وچاي وراكي.
أزعنت أنجيل لأوامر كتكوتها، أعني لأوامر الصقر، وصعدت إلى الدرج تتهادى في مشيتها، ومع كل خطوة يشتعل أحدهم خلفها حماساً ونشوة، و سريعاً عاد لذلك الواقف أمام الباب.
صقر لمنصور : أدخل يا دكتور   و أشر له بعينيه إلى أحد الأبواب في البهو : استناني هبابة، هطلع…
وبطر جملته فإذا ذكر إسمها أمامه فربما تساءل هذا المنصور، كيف أنيتا؟! وكيف كانت تتحدث الصعيدية بطلاقة، والصقر لا يريد إثارت الجدل حول هذا الأمر في الوقت الراهن، فاستكمل : هطلعها ونزلك، استناني إنت في المُندرة.
سار منصور إلى حيث أشار الصقر يجر قدميه جرًا قائلاً بصوت هامس : اطلع يا أخويا، اطلع، ناس ليها بخت، وناس ليها مسعدة.
(قرار أوي إنت يا منص 😂).
صعد صقر الدرج على عجالة متوجهًا إلى قاعة أنجيل، ومد يده بصعوبة وهو يحمل الصغيرة إلى مقبض الباب يفتحه؛ فهو لا يريد ايقاظها فإذا طرق الباب بقدمه، أو ناداها من خلف الباب، ربما تستفيق أنيتا، وتكدر صفو اللحظة.
أخذ صقر يلوم حاله : إيه فيك إنت؟! ما تثبت! من ميتى وإنت إكده؟!
أخذ الصقر نفساً عميقًا محاولًا تهدئة تلك العواصف التي تغزو خلاياه بقوة، كاسحةً معها كل القيود مدمرة ثباته الانفعالي.
فُتِح الباب وتقدم الصقر إلى الداخل بحذر؛ لا إلا  تستيقظ تلك المشاغبة غافلاً عن الأخرى التي خرجت توها من المرحاض الملحق بالقاعة، وقد خلعت عنها مئزرها، تاركة إياه على السرير، ودخلت إلى الحمام ربما لتقضي حاجتها.
(مش عارفة الصراحة، المهم تكون شدت الفيسون😤).
تقدم صقر من التخت واضعًا تلك الغافية بحذر عليه،
بينما تقدمت أنجيل منه بهدوء، واضعةً كفها على كتفه من الخلف،
انتفض الصقر بتفاجئ ظنًا منه أن أحدًا قد هاجم دواره، واقتحم غرفتها، فعندما دخل إلى القاعة ولم يجدها، تساءل أين يمكن أن تكون؟! وبجزء من الثانية كان قد أمسك بتلك اليد وهو لا زال على وضعه، يجذب صاحبها، وهو يستدير استعدادًا لمهاجمته، وتم ذلك في سرعة، فشهقت متالمة من قوة قبضته على رسغها.
أنجيل :What’s the matter,baby ?It’s me anjel ما الأمر بيبي؟ إنه أنا، انجل.
الصقر بتوبيخ غير منتبهًا لما ترتدي : فيه حد يعمل إكده؟! كان هيبجى زين لو كنت اتغاشمت عليكي دلوك؟!
ادمعت أعينها من ردوده الجافة، وتصرفاته التي لا تجد تفسيرًا لها، فهي أرادت مشاكسته ليس إلا.
رق قلبه لها بعد ما لمح تلك العبرات التي يلوح طيفها  بمقلتيها، فأخفضت بصرها، وهمت لتبتعد،
ومع ابتعادها خطوة إلى الخلف، وهي تجذب مرفقها من قبضته المحكمة حوله، جذب انتباهه ما ترتديه، فقد كانت ترتدي قميصًا بيتيًا قطني باللون الأحمر يلتف حول جسدها ملاصقًا له، يرسم منحنياتها بدقه ناحتاً تفاصيل جسدها المشدود ببراعة دون أكمام كاشفاً مقدمة نهدها الغض، يصل طوله إلى ما فوق الركبة ببضعة سنتيمترات، مبيحًا ساقيها  وجزء لا بأس به من فخذيها (الراجل محروم بردو و من حق الكبير يتدلع 🦵👀).
يظهر من سيقانها أكثر مما يخفى، فبدت غاية في الجمال و الإغواء. وهي ما زالت مطرقة الرأس تحاول كتم عبراتها، ومنعها من الهبوط، مما أدى إلى احمرار أنفها و وجنتيها، فزادها ذلك جمالاً وفتنة، محاولةٌ جذب مرفقها من بين أصابعه، ولكن بعد رؤيته لها بتلك الهيئة، أبت أنامله فك حصار معصمها، ورفض جسده الانصياع لعقله، ولا لرغبتها بالابتعاد، ولكن على العكس اقترب منها تلك الخطوة التي ابتعدتها هي، وزادها خطوتين، فأصبح مشرفاً عليها بجسده، ملاصقًا لها، هبط بكفها الممسك به إلى جانبها، واليد القابضة أخذت تتحسس مرفقها وظهر يدها برقة.
رفعت رأسها إليه بوجهها المشرق المتورد، وقد خبت عبراتها، و لاح  بعينيها شيء آخر.
أما هو رفع كف يده الأخرى يداعب خدها الأيمن بحنان، يميل بشفتيه طابعًا قبلة على جبينها بأنفاس هادرة، وهي مأخوذة برقته وعطره الرجولي الذي تغلغل إلى أعماق روحها، ورطوبه شفتيه على جبينها
ومن ثم ابتعد بوجهه عنها قليلاً، فتاهت هي بزيتونيته التي قتم لونها برغبة ساحرة، ولما أحس هو بهيامها وحالة الخدر التي أصابتها بهذا الاقتراب، ابتسم لها بحنان وقد غزته أحاسيس عدة : النشوة والرغبة و شيء آخر لا يعرفه بعد، يشوب تلك الأحاسيس الثقة بالنفس التي افتقدها؛ بسبب هجر حبيبته الأولى له ، فبرغم وسامته وماله والمنصب الذي ناله مؤخراً، ولكنه كان يفتقد الثقه بالنفس في تعاملاته مع الجنس الآخر.
رفعت انجيل يدها تثقل كف يده الذي يتلمس بشرة خدها بنعومة، تتمسح به بإغواء مقربةً إياه إلى شفتيها طابعةً قبلة رقيقة بباطنه، وقد أثارت فعلتها تلك أحاسيس لم يختبرها هو من قبل، واخذ عقله يتوسله الإبتعاد، ولكن جسده يأبى بعناد، فاقترب برأسه إليها ناهيًا هذا الصراع، وقبل أن تنهي قبلتها المهلكة لكفه، أمال رأسه إليها، وقد حبست أنفاسه بإثارة هابطاً بكفه إلى عنقها يجذبها إليه، مستبدلاً كفه بشفتيه ملتقطاً شفتيها بين خاصته بروية ونعومة و إثارة يتلذذ مذاقهما، و هو ينهل شهدهما ولكن بتمهل مهلك، وكأن أمامه الدهر بأكمله  ليتابع ما يفعل، وهو يلف ذراعه الأخرى حول خصرها يقربها إليه باستمتاع.
صدرت عنها آهه تدل على استمتاعها هي الأخرى بقربه، لم تبادر وتركت له زمام الأمور، وبقيت تستقبل ما يفيضه عليها بلهفة مماثلة، وكأنها فتاة عذراء تتلقى توًا قبلتها الأولى من حبيب حلمت به وتمنته، وها هو لقائهما الذي طال انتظاره، ولا تعلم كيف هذا؟! لقد رأته اليوم، فقط اليوم!
تلك الآه التي صدرت عنها أشعرته بإكتماله، فتمادى متلمسًا أسفل ظهرها يضغط عليه بخفة، مقربًا إياها إليه أكثر، فأكثر، وهي مستندة بكفيها على صدره تتحسسه بإغواء، تستشعر نبضات قلبه أسفل باطن كفيها، فتحولت قبلته الناعمة الرقيقة إلى قبلات صغيرة رطبة كرفرفة الفراشات، تلتها قبلة مطولة يتنقل بها  ما بين شفاهها العلوية والسفلية بالتناوب، و يديه تعيث فساداً بجسدها، واليد التي تدعم عنقها إليه هبطت إلى نهديها يتلمسهما بإغواء ورغبة جامحة، ولكن برقة و حلاوة.
(يا حلاوة الصقر انحرف يا رجالة 😂كفاية عليكم كده 😏).
ولم يستفيقا من حلاوة ما هما فيه و ما يستشعرانه سوى على صوت أنيتا، وهي تغمغم أثناء نومها ظناً منهما أنها استيقظت من غفوتها، وكان الصقر أول من التف برأسه يناظر الصغيرة، فحمد الله أنها تواليهما ظهرها مبتعدًا على مضض بأنفاس متهدجة، قائلا بتحشرج (خد نفسك الأول ✋) : شوفيها، عجبال ما أشوف آني البلوة اللي تحت دي.
امأت برأسها إليه بإمتثال ولا زالت مأخوذةً بسحره، مخدرةً، تحمد الله أنه تم اختطاف ريان ( واطية، واطية يعني ✌️) وتشكر الظروف التي جعلت موسى يصر على قدومها مع ماجد ظنٌا منه أنه مسافر إلى نيويورك.
استوقفته انجيل قائلة : هتَچيني تاني.
(حد يناولني الشبشب 😂).
الصقر بهيام : لو چيتك تاني ما هجدرش ابعد يا جلبي.
تركها وهو منتشيًا، قلبه وجسده يطالبه بالعودة إليها، واختطافها في جولة أخرى أشد جموحًا، كشاب  مراهق خرج في نزهة مع الفتاة التي يحبها متهربان من المدرسة دون مراقبين، وعقله يلومه على ما فعل برغم من أنها أمام الله زوجته ولكن حسب تقاليدهم ما فعله خطأ كبير، ولو كان أحد آخر قام بفعلته لكان الصقر أول من سيدينه.
♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️
وعد ريان بقلم أسماء حميدة.
عند ريان ووعد بعد ما أخذت ذلك المسكن اللعين الذي افقدها الوعي، و أثقل رأسها وهوى جسدها على الفراش.
ريان : يا وجعة مربربة، نسيت أجولها على الجرعة بتاعت العلاچ.
اقترب ريان من التخت يستكشف نبضها واضعًا يده يستشعر عرقها النابض بعنقها.
ودون وعي وجد نفسه يتأمل ملامح وجهها الملائكي، وكم بدت جميلة ورقيقة وهادئة على عكس حالها وهي واعية متيقظة، لا يقصد بذلك جمالها، فجمالها لا خلاف عليه.
قام ريان بلف الرباط الداعم على قدمها المصابة.
(مش زي ما أنتم فاكرين خالص الراجل طلع محترم 😂بس مش قوي🤗).
و أراحها في نومتها  سانداً رأسها على الوسادة خلفها، وأثناء ذلك بات مقتربًا منها حد اللعنة، وبدأ في تلمس ملامح وجهها برغبة.
(لسه بشكر فيك يا واطي😂)
وهو هائمًا بها، و أنامله تتحسس شفاهها الكرزية، وهو يتنهد بشوق فمالا عليها يريد تذوقها، وعقله يصور له مدى النعيم الذي سيعايشه إذا استبدل أنامله بشفافه يستشعر أنفاسها داخل صدره.
(اظبط ياض 😂).
ولكنه اعتدل في وقفته ساحبًا يديه عنها، لاعنًا ضعفه أمامها مستغربًا حاله، فهو لم يمس إمرأة قط دون رغبتها، ولم يستغل أنثى من قبل.
ولكن هذه الوعد تطيح بعقله، ويطرب قلبه بقربها، يريدها ولكن أبت رجولته في استغلال هذا الوضع.
وقال متمتمًا بحنق : طلعتي لي من فين إنتي؟! وليه إنتي بالخصوص اللي بتعملي فيا إكده!؟! نايمة ولا على بالك!! طب آني هيچيني نوم كيف دلوك؟
ومن ثم وقعت عينيه على  تلك الأقراص اللعينة التي جعلت من الوضع خطرًا على كليهما فهي نائمة لا تعي شيئاً، وهو متأثراً مأخوذ بها تثيره هيئتها، وشيطانه يهيئ له أمورًا عدة ضد مبادئه  بعيدة كل البعد عن ما تحتمه عليه نخوته، و اصالة جذوره الصعيدية.
مد يده يتناول شريط الأقراص مبتلعًا هو الآخر قرصين منها، واستدار ملتفاً إلى الجهة الأخرى من السرير مضجعًا على جانبه واضعاً وسادة بينهما سانداً رأسه على راحته ووجهه مقابل لها يتأمل ملامحها.
حتى ذهب في ثبات عميق.
🌊🌊🌊🌊🌊🌊🌊🌊🌊🌊
على الجانب الآخر في تلك المنطقة الشعبية بالإسكندرية.
أحدهم اشتعلت به نيران لا يخمدها ماء بحر تلك المدينة العريقة.
وهو من قام بإشعالها عندما أخذ يتلاعب معها رغبة في وصالها  و أملًا في تدليلها له.
(والواد قلبه بيوجعه وعايز حد يدلعه😂)
أخذ يقطع الغرفه ذهابًا واياباً يجلس على  التخت برهة، لاعنًا نفسه كونه اختلق تلك التمثيلية ولإدعائه الغضب منها، والآن لا يعرف ماذا يفعل؟!
أيهاتفها ثانية أم ينتظر قليلاً علها تقوم هي بالإتصال؟!
وهكذا يقوم زافراً بثورة وكأن الفراش زرع بأكمله أشواكًا ، لا يريحه مجلسه، ولا تطفئ ناره وثورته تلك الجولات المتقطعة التي يأخذها بمحيط الغرفة.
وعلى الجانب الآخر بعد إغلاق وعد الهاتف بوجهها جلست شاردة لا تعرف ماذا ستفعل؟ وماذا سيكون رد فعله عندما يعلم بما أمرت به أختها؟!
مصطفى لنفسه وهو ينتصب مكملاً دورانه بأنحاء الغرفة غاضباً من نفسه ومنها : يعني إيه هفضل قاعد متكتف كده؟! هو اللي هنعمله في الناس هيطلع علينا و لا إيه؟! طب اطلع لها أكلها قلمين؟
-لا، لا، قلمين إيه؟!
-طب اطلع لها أخدها بوستين.
(اتلم يا ديشة😂بقى).
-لا ما بدهاش بقى.
و مد يده ملتقطًا الهاتف ودون تفكير قام بالضغط على رقمها، فاستمع إلى رنين الجرس على الخط الآخر، مما يعني أنها لم تكن تضعه على قائمة الرفض، ومن المفروض أن يصبر هذا روع أغواره، ولكن ما شغله الآن مع من كانت تتحدث بالهاتف؟! سؤال تردد بذهنه.
ما إن وجدت همس شاشة هاتفها تضيء باسمه، حتى التقطته مسرعة تضغط على زر الإجابة.
همس : ألو يا مصطفى؟!
مصطفى متنهدًا بلوعة فبذكرها لإسمه أخمدت تلك النيران التي احرقته لمدة ساعة كاملة من الترقب والانتظار والغيرة، وكأنها قد طيبت جراحه فقط بكلمة منها، فالليث الجريح الذي ظل يقطع الغرفة ذهاباً و إيابًا يسب ويلعن أصبح الآن قطة وديعة.
مصطفى بثبات جاهد لإتقانه : أيوه يا آنسة همس.
بعد وضعه لهذا اللقب الذي يسبق اسمها تبينت أن إتصاله بها لم يكن شوقاً ولا لهفة، بل ربما استكشافاً لسبب اتصالها هي به.
مصطفى مستكملاً : رنيتي عليا من شوية؟
همس بتردد متخبطة : ايوه، آسفة لو كنت أزعجتك.
مصطفى بإدعاء : أصلي كنت نايم، وبعدين إذ فجأةً عطشت فقمت أشرب ، وببص على الساعة افتكرت إني إتأخرت على المحل لقيتك رنة  عليا.
(كان فيه حاجة إن شاء الله 😂).
همس بغضب مستتر فقد كان ينام هنيئاً، وهي جافاها النوم حنيناً إليه وتوترًا لما حدث فجأة، فبين ليلة وضحاها أصبح اسمها إلى جانب اسمه في قسيمة واحدة برابط مقدس، لا ترغب بحله، ولا تعرف سبيلًا لإعتياده و الإمتثال له، و أيضاً لا تعلم رد فعل من حولها على ما حدث، فماذا سيحدث  ان علمت نجوى والعم زكري؟
إذا كان هذا رد فعل وعد، فماذا سيكون رد فعل الباقيين؟!
و من جهة أخرى غضبه هو منها، وروحها النازقة لإيلامه، وتلك المشاعر التي استحوذت عليها وتخالجها في كل رمشة عين ولقائهما الأسطوري، ولكن بعد علمها بأنه كان ينام قرير العين، أرادت أن تؤرق مضجعه.
همس بخبث أنثوي جديد عليها : أصل كنت حابة أسألك عن حاجة كده.
مصطفى مسترسلاً وهو يتخذ وضعيته المفضلة، ولكنه يرد بإقتضاب : سامعك، إتفضلي.
همس : هو الطريق من هنا لسوهاج ياخد قد إيه وقت بالعربية؟
مصطفى مسايرًا حتى تحين فرصة لمعرفة بمن كانت تتصل، ولذلك هاتفها كان يعطيه مشغولًا : مش عارف الحقيقة، أصلي ما سافرتش سوهاج قبل كده، بس بالتقريب  ممكن من تمن ل عشر  ساعات، ليه هو إنتي كلمتي الآنسة وعد؟
همس : أيوه من شوية، وقالت لي إنها هتبعت عربية تاخدني الصبح.
اجابتها أثلجت صدره، إذًا كانت مشغولة مع أختها، ولكن مهلًا، هل ذكرت شيئاً عن سفرها؟! وضجت رأسه بثلاث كلمات : الابتعاد، الرحيل، الفراق.
مصطفى مجيبًا بثورة بعد أن هب معتدلًا في جلسته، فقد كان مضجعاً فوق التخت على بطنه، مستنداً بمرفقيه على الفراش، ويديه أسفل ذقنه كالعادة طبعاً : نعم يا ختي؟ تسفري فين؟!
همس بعد ما توصلت إلى ما تريد وهي تبتسم بخبث : إيه يا مصطفى؟! هو إنت ما سمعتنيش؟ بقولك وعد هتبعت لي عربية الصبح عشان أسافر لها.
مصطفى : ده اللي هو إزاي يعني؟! ومين هيسمح لك بكده؟!
همس بإدعاء عدم الفهم : مش فاهمة؟! يعني إيه مين هيسمح لك كده؟ هو المفروض مين يعترض على إني مسافرة لأختي؟!
مصطفى بغضب : على رأيك؟! طب حضرتك بالنسبة للمقطف اللي إنتي على ذمته إيه ظروفه؟!
همس : مين المقطف ده؟!
مصطفى بتسرع : أنا.
هنا ولم تتمالك همس حالها من الضحك وقد ادمعت عينيها، وهو يستمتع برنين ضحكتها هائمًا، وتناسى ما قالت وعلى وجهه إبتسامة بلهاء.
مصطفى : إنتي إزاي كده؟!
همس بعد أن هدأت نوبة ضحكها : اللي هو إزاي يعني؟!
مصطفى : كل حاجة فيكي ما لهاش زي.
همس : مش فاهمة؟!
مصطفى عائداً لثورته : بت إنتي، ما تاخدنيش في دوكة، ما فيش سفر، و تبع جملته قائلا برقة : مش ممكن أسيبك تبعدي عني، همس إنتي بتاعتي، ومش هسمح لحد يفرقنا.
(سايكو سايكو يعني😂).
همس مبتسمة : طب والحل يا زوجي العزيز؟!
مصطفى بفرحة: قوليها تاني.
همس : هي إيه دي؟!
مصطفى : زوجي العزيز.
همس : إنت صدقت!! دي ظروف اتحطينا فيها، وأكيد يعني القصة دي ليها نهاية.
مصطفى وقد جثمت فوق صدره جبالًا من الهموم والألم، لا زالت تعتبر زواجهما حدث بخطأ يجب تصحيحه، و لكنه يعتبره هبة من الله إليه وحظاً سعيداً قد ابتسم له.
مصطفى : بس أنا الموضوع بالنسبة لي مش زي ما إنتي معتبراه.
همس : أمال إنت بتعتبر اللي إحنا فيه ده إيه؟!
مصطفى ملمحًا لما حدث بينهما : اللي أنا حسيته معك مش مجرد لعبة، ولا جوازة اتدبست فيها، ولا أنا حسيت منك ان إنتي كرهاني أو حابة تخلصي من الورطة دي زي ما بتقولي.
همس وهي تشعر بالخجل، و قد علت خدودها حمرة متوهجة، و أرادت إنهاء الحديث : معلش يا مصطفى، أنا مضطرة أقفل دلوقتي عشان وعد بترن عليا، باي.
و قطعت الإتصال فوراً، وأخذ هو يتنفس بغضب يشوبه القلق والخوف، ولا يعرف ما يخبئه القدر لهما، ولكنه مصرًا على إبقائها إلى جواره، أو بقاءه إلى جوارها فهي زوجته وحسم الأمر.
✋✋✋✋✋✋✋✋✋
هبط الصقر إلى حيث ينتظر ضحيته الآثمة منصور.
يدخل إلى المندرة، فوجده يجلس وهو يهز إحدى ساقيه بتوتر.
صقر بإبتسامة شامتة : إمنور يا دكتور.
منصور متمتماً : الدكتور، وسنين الدكتور.
صقر : بتجول حاچة يا دكتور؟! منصور بإبتسامة سمجة : أبداً، بقول لك البيت منور بأصحابه.
صقر : كان بودي أضيفك بس اديك واعي كل الناس اللي شغالين إهنه منهم اللي روح داره، ومنهم اللي نعس.
منصور : لا واجبك واصل يا كبير، بس لا مؤاخذة في السؤال.
صقر : لا مؤاخذتك إمعاك، إسأل.
منصور : هو حضرتك شاغل دماغك بيا ليه؟ وليه مصر تورطني الورطة دي؟!
صقر بحدة : ما توعى لحالك، وللي عتجوله يا دكتور، كيف شاغل دماغي بيك؟! وإيه اورطك دي عاد؟! مش إنت اللي كنت عتجول إنك عاوز أجچازة لچل ما تدور على عروسة، ده چزاتي إني حليتها لك، ولجيتلك اللي عتدور عليه، ده بدل ما تشكرني!!
(مش سهل يا أبو الصقور، قلبت الترابيزه على الراجل 😂)
منصور بسماجة : لا والله!! الواحد من غيرك مش عارف كان هيعمل ايه!! روح يا شيخ ربنا يديك على قد نيتك.
صقر بتفسير مبطن : الچزاء من چنس العمل، وإنت واد حلال يا دكتور، وتستاهل اللي يچرى لك أجصد كل خير إن شاء الله.
منصور متمتما : مش مرتاح لك.🤨
صقر : إنت مش إملاحظ إنك عتحدت حالك كتير اليامين دول؟! بس ربك چابر وهيكرمك من وسع مع مسعده، صبرت ونولت😜
منصور : أنا كنت دايماً اسمع الناس تقول آخرة الصبر القبر، ما قالوش مسعدة 🤔.
صقر : كل الطرج تؤدي إلى روما.
وفي تلك الأثناء دخل همام من باب الدوار الذي تركه منصور مواربا،ً وخلفه سيدة تتشح بالسواد  لا يظهر منها شيئاً، حتى عينيها مغطاة بشيء ما يشبه الشبك، ذلك الشيء الذي تضعه المنتقبات على أعينهن أسفل النقاب.
(أظن المعلومة وصلت عشان ما أعرفش اسمها إيه الصراحة 🤔ربنا ينعم علينا بيه إن شاء الله🙏).
منصور متمتم : أهلاً 😭هي دي الليلة السودة اللي بتبان من أولها، و أهي ختمت.
الصقر لمسعدة : كيفك يا مسعدة؟
مسعدة بصوت رقيق : نحمده على كل حال يا صجر باشا، خيرك إمغرجنا.
منصور متمتمًا : هو من ناحية خيره مغرقنا فهو طافح الصراحة 😁
الصقر زاجرًا منصور بعينيه مخاطبًا مسعدة : إنتي خابرة يا مسعدة إني هاعتبرك كيف أختي الصغيرة تمام، وآني بعتبر حالي كابيرك بعد همام.
مسعدة : شرف ليا يا كابير، ربنا يديمك للبلد كلتها.
الصقر : وآني هطبج المثل اللي هيجول اخطب لبتك ولا تخطبش لولدك، وعشان إكده آني بطلب يدك لولدنا الدكتور منصور زينة الشباب.
منصور بصوت مرتفع نسبيًا : متعفيني يا عمي.
الصقر متحمحمًا بعدما أطرقت مسعدة رأسها بخجل وحزن : ما تاخذيهوش يا مسعدة، أصل الدكتور عيتكسف كيف البت البكر.
منصور يميل عليه قائلًا : مين ده اللي بيتكسف؟! ده أنا بجح.
الصقر مجيبًا : خابر، ورفع صوته نسبيًا : خابر إن الفرحة ما سيعاكش.
منصور : ده أنا من كثر الفرحة هيجيلي جلطة.
الصقر موجهًا حديثه لمسعدة : ها ما جولتيش رأيك يا عروسة؟!
لم يصدر من مسعدة أي ردة فعل، ولا يظهر من وجهها شيئاً ليستنبط الصقر أو غيره من الحاضرين ما توحي به معالمها.
الصقر ناهيًا الأمر : السكوت علامة الرضا، نجروا الفاتحة.
وإذا بمنصور….

البارت_32

بعد استدعاء الصقر لمسعدة، ومشوراتها في أمر زواجها من الطبيب منصور، لم يصدر منها أي ردة فعل تنم عن الرفض أو القبول.
فقال صقر ناهياً الأمر : السكوت علامة الرضا نجروا الفاتحة.
منصور : يا صقر باشا الأمور ما تتاخدش كده، إحنا ندي العروسة مهلة قيمة شهر، شهرين كده تفكر، وأكون أنا كمان جهزت نفسي، وخفض صوته، أو خلعت.
صقر : تچهز إيه؟ إنت مش جولت إنك هتاخد الإچازة علشان تتچوز، وبعدين الدار اللي إنت جاعد فيها آني اللي مخصصها سكن مغتربين، وبجولك دي هَدِّية مني لمسعدة، وهكتبها بأسمها، وفرحكم هيكون إمعاي آني وماچد، و بكرة تاخد عروستك وتتدلى المركز تچيبوا الشبكة.
الصقر موجهًا حديثه لمسعدة : جولتي إيه يا عروسة؟
أجابت مسعدة بما جعل منصور على وشك البكاء : اللي تشوفه يا كابير.
فعندما دخلت مسعدة مع أخيها همام، ووجدت الطبيب منصور لدى كبيرهم صقر الزيدي، الذي تتحاكى كل فتيات الكفر عن وسامته وتعني هنا منصور، فالصقر لا خلاف عليه😎 وخفة ظله المعهودة والتي جعلت منه محور لحديث أهل الكفر، وحلم للعديد من فتيات البلدة، فهو حقًا وسيم ومحبوب من كل أهل الجهة والجهات المجاورة.
كما إنها تراه كل يوم في الصباح الباكر عندما تتوجه إلى عملها، فيكون هو في تلك الأثناء متوجهًا بدوره إلى الوحدة الصحية التي يتوافد إليها عددًا لا بأس به من الجماهير، وبالطبع هو لا يعرفها من جهة نقابها، ومن جهة أخرى ليس لها تعامل معه، أما من حيث الجماهير المتوافدة على الوحدة، فمنهم من يأتيه لعلة أو مرض، ومنهن من تأتي لتعرض حالها عله يفكر بها كزوجة، ومنهم من طلب يده لإبنته أو إحدى أقاربه، من باب المثل الذي أَعْمله الصقر حين طلبها إليه، وحالها كحال معظم الفتيات في البلدة كبيرها هو من يقرر و هي امتثلت لأوامر الكبير.
فعندما أتت مع أخيها لم تكن تتوقع أن الصقر يستدعيها لهذا الأمر، فإذا كان الصقر يفوق منصور وسامة إلا أن منصور بروحه المرحة، وتواضعه، وشخصه الهين اللين، طيب المعشر، يجعل منه حلم لها تتمنى تحقيقه.
(البت بتكرش على الدكتور من زمان بقى😏).
وبعد إجابتها تلك أنهت حجة منصور بالتمهل.
رفع الجميع كفوفهم تأهبًا لقراءة الفاتحة، إلا منصور.
فمال عليه الصقر قائلاً : چرالك إيه يا دَكتور؟! ما تجرا الفاتحة، ولا ما حافظهاش؟!
منصور : لا حفظها، بس عندي ظروف.
(ظروف إيه دي يا منص؟! 🤔أوعى يكون اللي في بالي 😱).
الصقر بعدم استيعاب : بتجول إيه إنت؟! ثم استكمل مستدركاً بتسلية : طب مش كنت تجول من الول؛ كنا خطبناك لهمام؟! 😂
منصور بعد ما توصل إلى ما يرنو إليه الصقر : لا، لا، لا، أنا راجل أوي على فكرة.
(ما إنت اللي موضحتش نوع الظروف يا منص😂).
كانت مسعدة تستشعر نفوره منها منذ قدومها، ولكن بات حدثها يقينًا عند امتناعه عن تلاوة الفاتحة، وجدال الصقر معه بصوت خفيض، وباتت تتساءل إذا كان لا يرغب بالزواج منها، لِما تحدث الصقر بهذا الشأن؟! ولم أرسل إليها من الأساس؟!
رفع منصور كفيه مجبرًا لقراءة الفاتحة، والتي تمنى أن تكون تلك الفاتحة على قبره، وروحه هي من تقرأها عوضًا عن قراءة فتحته على مسعدة أخت همام، ولكن مهلًا لن يستسلم، سيفكر في خطة محكمة للفرار.
وبعد الإنتهاء من قراءة الفاتحة.
منصور : طب يا جماعه بالإذن أنا بقى علشان ألحق أحضر نفسي.
الصقر مربتًا على كتفه : ما هينفعش تِروِّح.
لما كل خططه تبوء بالفشل بسبب هذا اللئيم؟! أم إنه بات مكشوفًا له.
(مكشوفًا؟! 😏قول مفقوسًا، مفضوحًا ، أول مرة أشوف دكتور غبي 🤦‍♀️).
منصور بارتياب هامسًا للصقر : ليه بس حضرتك؟! فاتحة وقرينا! إيه هنقرا القرآن كله؟! ولا هتبقى فاتحة، وكتب كتاب، ودخلة الليلة دي(والله الفانز أكثر من مرحبين بموضوع الدخلة ده بس أنا لا أحبذ أصلهم مزعلني هبابة 😂) و لا إيه؟! كده كتير على فكرة، هي العروسة معيوبة؟! ما تقولي اللي فيها؟!
صقر : معيوبة ده إيه؟! دي زينة البنتة، ثم رفع صقر صوته :أما بخصوص كتب الكتاب، والدخلة ما تستعجلش عاد، و بردك ما هينفعش تروح النهاردة، لأن من الفچر هبعت نفرين يفضوا الدار؛ عشان في عمال هتروح تظبط المُطرح، نجاشة ولوازمه، وهبجى أخليهم يعملوا لك كشف حساب ياعريس.
منصور بهمس : طب مين هيحاسبني أنا على الطلعة دي؟! ده أنا هخدم البشرية خدمة عمرها، وهضحي بنفسي من أجل الآخرون.
الصقر بهمس مماثل : اللي عند ربنا ما هيروحش.
ثم رفع صوته قائلًا : همام ابعت عوض دار الدكتور، جصدي دار خيتك، مربتًا على كتف منصور بعنف مما جعل الآخر يرتد إلى الأمام فكاد أن ينكفأ على وجهه ساعلًا بقوة : يچيب شنطة أبو نسب، هتلاجيها چار الباب طوالي، وخليه يحطها له في الاوضة اللي چار البوابة الجبلية عشان يبجى هو كمان چاري، واطمن عليه في الرُوحة والچاية.
(إيه يا أبو الصقور ليه كده يا أخي؛ ده لو جوز أمك مش هتعمل معه كده، أهدى شوية على منص😂).
واستدار موجهًا حديثه لمسعدة : وإنتي يا عروسة، اعتبري حالك في أچازة مفتوحة من المستشفى، وبكرة من النچمة تچيبي اللي يلزمك من دار أخوكي، وتاچي تجعدي إهنه مع البنتة؛ عشان تنزلوا تشتروا لوازم الفرح، وما تعوليش هم أي حاچة.
مسعدة : تشكر يا كابير، بس آني عاينة جرشنات ورثي من حتة الأرض اللي أبوي الله يرحمه فاتها ، من لمن حضرتك جولت لي إن مصاريف علامي حضرتك متكفل بيها، وأخوي الله يكرمه رفض إني أساعده بأي حاچة منيهم، ولا احط ميلم أحمر في الدار لا من فلوس ورثي و لا فلوس شغلي.
(راجل ياض يا ميمو👌).
الصقر : معوزش حديت كتير، خلص الكلام، رُوح يا همام رَوِّح خيتك عشان تحضر حالها، وتاچي الصبح؛ عشان تروح مع عريسها تچيب الشبكة، وإنت كمان بكرة أچازة؛ عشان إتروح إمعهم، ما هيصحش إيروحوا لحالهم.
منصور متمتمًا : روح يا شيخ، إلهي يخرب بيتك، خراب مستعجل بعلم الوصول.
😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂
عند مصطفى وهمس.
بعدما أغلقت معه الهاتف بحجة أن أختها على الإنتظار، أخذت الأفكار تتزاحم بمخيلته.
فقد كانت والدته دائمة الحديث عن كلتيهما، همس ووعد، ولكن من كانت يجذبه الحديث عنها هي تلك الليدي همس، فباتت أحاديث السمر بينه وبين والدته عنها، مع ذكر القليل عن وعد، ومن بين تلك الأحاديث التي كانت تقصها والدته، بات مكونًا فكرة عن شخصية وعد، فهي فتاة قوية الشخصية، وبنت بلد، وأكثر نضوجًا، بحكم أنها تكبر همس بعامين إلى جانب دراستها في جامعة حكومية، فقد تشربت شخصيتها طبقات عدة، وتعرفت أشخاص مختلفي الطباع.
كما ان همسه تحتكم لرأيها بكل كبيرة، وصغيرة، وإن الفتاتين مخزن لأسرار كلٌ لنظيرتها، فماذا لو أرادت وعد إبقاء جنيته جوارها، وحرمته رؤياها، و الأخطر إذا علمت وعد بزواجهما، وكيف تم؟ و تحت أي ظروف وقع؟ فماذا سيكون رد فعلها؟ هل ستقلب كفة ميزانه التي رجحت، بعدما مَنَّ عليه الحظ بها، وابتسمت له الحياة أخيراً.
خاصةً و أن كل شيء جاء سريعاً، فلقد التقاها منذ يومين فقط، واليوم أصبحت زوجته، و يالا سوء حظه فبنفس اليوم تأتيه مكالمة وعد تلك التي ستقضي على ما كان موشكاً لرسمه لحياته معها.
وبعدما كان مصطفى يستعد للنوم، فقد قاربت الساعة على الحادية عشر ليلاً، وقد هبط والده إلى شقة البدروم ودخل الغرفة الأخرى؛ لينام آخذًا قسطًا من الراحة.
أما هو قام بارتداء ملابسه، وخرج يجلس في المقهى المقابل للمنزل، في موقع يجعله مراقباً لبوابة البناية، فبدا كحارس أمن، أو أمينًا لأحد المخازن، فهو يخشى أن تأتي تلك السيارة التي ذكرتها جنيته بتوكيل من أختها، وتحرمه نعيمه الذي لم يتذوق منه سوى قطرة.
جاء إليه نادل المقهى.
حوكة : إيه يا معلمي؟! صاحي لغاية دلوقتى يعني؟!
مصطفى : اكتم يا حوكة؛ عشان شياطيني حاضرة، ومش عاوز أعملها معك، روح هات لي قهوة دوبل.
لم يتفوه العامل بكلمة، وأسرع يحضر ما طلبه مصطفى، إتقاءً لشياطينه الحاضرة، فهو بالرغم من رباطة جائشه، إلا أن غضب مصطفى جحيمي.
بقى مصطفى هكذا تتلقفه الأفكار مبتلعة إياه داخل دوامتها، و عبارات عدة تجول برأسه بدايتها جميعاً ماذا لو…..
وفي تلك الأثناء، مر عليه أحدهم وهو المعلم سلطان أحد سماسرة الشقق والعقارات .
قام المعلم سلطان بإلقاء التحية على رواد المقهى وخص مصطفى بالذكر.
المعلم سلطان : سامو عليكوا أرجالة، أحلى مسا عليك يا درش.
مصطفى منتبهًا : أحلى مسا عليك يا سُلْطة، اسحب لك كرسي وتعالى عاوزك في مصلحة.
جذب المعلم سلطان أحد كراسي المقهى، وهو يجالس مصطفى على نفس المنضدة.
المعلم سلطان : أؤمر يا درش؟!
مصطفى بحماس : ما يأمرش عليك ظالم، بص يا سُلْطة عاوزك تشوف لي شُقة تكون قريبة من هنا، بس يكون ريحها حلو، وبراح ومش مجروحة( يعني هنا أن بها بعض الخصوصية، أي لا تكن منافذها مكشوفة للجيران، أصله بيغير على المزة😂) وما يكونش فيها شغل كتير، ويستحسن استلمها على السكن على طول، وآه تكون في شارع عمومي مش في الزخانيق (يعني شوارع جانبية).
المعلم سلطان : إنت عاوز شُقة الأحلام بقى يا درش؟! ويا ترى عاوزها تمليك ولا إيجار؟!
مصطفى : لا يا سُلطة، إيجار إيه، توتو على كبوته، بس تراعي الديشة في السعر حبتين.
سلطان : عينينا ليك يا ديشة.
(و أنا كمان بضم عونيا لعنين المعلم سلطان، ده الديشة ابن الجيهة🙋).
مصطفى : ده العشم بردو يا سُلطة، بقولك عاوز حاجة مرتاحة مش أي كلام، ولو في حاجة تحت إيدك، يبقى نعتمد و نروحوا نعينوها وقتي.
المعلم سلطان : ايه يا معلم ديشة؟! داخل سخن يعني؟! ويا ترى عايز الشُقة بالعروسة ولا من غير؟!
مصطفى : لا يا سُلطة، أمن إنت المطلوب، وسيب الطلعة بتاعت العروسة دي علينا.
المعلم سلطان وهو ينتصب واقفاً : طب يلا بينا فيه شُقة في شارع…..، صاحبها لسه ملغيني النهاردة الضهرية عليها، عاوز يبيعها عشان جات له سفرية برة وهيهبأ، و كان شاريها عشان يتجوز فيها وموضبها، بس أهل العروسة بتاعته أما عرفوا إنه هيطير على برة، أجلوا الفرح؛ عشان ما يتجوزش البت ويسيبها لوحدها ويسافر، وما رضيوش يخلوه ياخدها معاه، أصلها وحيدة أمها وأبوها.
مصطفى بضجر من كثرة حديثه، فما يشغل باله الآن أبعد من ثرثرة سلطان، وأسباب صاحب الشقة.
فهو متخوف من ترك نوبة حراسته، فيعود ويجدها قد رحلت، ويريد أن يذهب لرؤية الشقة وإذا توفرت بها المواصفات المطلوبة، سيمضي عقدها اليوم.
وضع يده يؤمن على حافظة نقوده بجيبه، ففيها بطاقة الائتمان الخاصة به، والذي كان يدخر بها كل قرش يفيض من أجره أثناء عمله وهو طالب بكلية التجارة، وقد كان يعمل إلى جانب دراسته كعامل معمار مع والده، قبل أن يقوموا بشراء ذلك المحل حتى يُكَوِّنوا ما يكفي لشرائه، و ادخر ما تبقى في تلك البطاقة، وذلك طوال عشر سنوات؛ فكان يحلم بشراء سيارة فاخرة، بعدما استقرت حالتهم المادية في الآونة الأخيرة، فلديهم منزل دورين، ومحل كبير لمواد البناء ومستلزماته وهو يُدر عليهم ربحًا كثيراً؛ مما جعله طوال العامين الماضيين يلح على والدته بترك العمل، ولكنها كانت تتمسك بأمانة صديقتها، وللحق شكر مصطفى الله، أنها لم تفعل.
أخرج مصطفى حافظة نقوده، مؤمنًا على بطاقة الائتمان، وبطاقته الشخصية، وبطاقة همس أيضاً، والتي أعطاه إياها المحامي في القسم، بعد إتمام عقد الزواج، وهي نظراً لحالة التيه التي تملكتها نسيت السؤال عنها، وخيراً أنها لم تفعل.
ولكن الآن العقبة الكبرى كيف سيسيطر على الوضع حتى يعود.
فرقع مصطفى بأصابعه قائلًا : هي دي، ما لهاش حل تاني.
المعلم سلطان : هي إيه دي يا مَعْلَمة؟!
مصطفى : اتكى عالصبر يا سُلطة، عشان إنت روشت أمي معاك، وأنا دماغي عاضضها كلب دلوقتي.
ثم رفع مصطفى صوته مناديًا : ولا يا حوكة.
عامل المقهى حوكة : أؤمر يا مَعْلَمة؟!
مصطفى : ناولني الجنزير (سلسلة حديدية) اللي بتقفل بيه القهوة، والقفل.
حوكة : مش مترجم يا معلم.
مصطفى وهو يصفع حوكة على عنقه بخفة : يلا الجنزير اللي بتكلبش بيه الباب لما بتقفل.
حوكة : أيوه يا معلمي، واخد بالي، ليه بقى؟! 🤔
مصطفى : يا حوكة همد إيدي عليك، روح هات اللي قولتلك عليه.
ذهب حوكة لإحضار الجنزير والقفل، وناولهما لمصطفى الذي توجه بدوره إلى بوابة البناية، بعدما أغلقها بمفتاحه، وقام بإدخال السلسلة من بين فتحات الحديد بجانبي الباب المنقسم إلى درفتين، يحكم غلق القفل على السلسلة لمنع دخول أو خروج أحد من و إلى البناية.
حوكة مستغرباً : ده ليه يا مَعْلَمة؟! مصطفى : ما يشغلكش، مفتاح القفل ده معاك صح؟!
حوكة : أيوه يا معلمي.
وضع مصطفى يده على كتف حوكة يقوده إلى التحرك ثانية ناحية المقهى، ثم التف به ويده لا زالت على كتف الصبي، وهو يشير ناحية البوابة، موجهًا نظر الفتى إليها.
مصطفى : شايف القفل اللي في السلسلة يا حوكة؟
حوكة بتساؤل : انهون؟!
قام مصطفى بصفعه مرةً أخرى على عنقه : ياض اللي كلبشت بيه السلسلة.
حوكه : آه، آه شايفه يا معلم، بس خف إيدك الله يبارك لك.
مصطفى : لو القفل ده اتفتح لغاية ما ارجع، هافتح دماغ أمك 10 غرز.
حوكة : آمين يا مَعْلمة، بس ليه بتجيب سيرة شاهنده طه؟!
مصطفى بعدم استيعاب : شاهنده، مين ياض؟!
حوكة و هو يُعدِّل من ياقة قميصه بزهو : أمي .
مصطفى : شاهنده؟! وتجيب حوكة؟! عجبتُ لك يا زمن.
مصطفى وهو يصفعه على عنقه عدة مرات بأخوة : مش مشكل، شاهنده، شاهنده، استبينا، المهم إني سايب مكاني أسد.
حوكة : عيب عليك يا معلمي!! مصطفى : طب سلام يا ابن شاهنده.
و رحل مصطفى مع المعلم سلطان إلى حيث الشقة المنشود.
🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿
والحمد لله يا جماعة اليوم التاريخي ده انتهى على خير.
ما بين ماجد الذي حَدَّث عمه على الهاتف، و أخباره بما جعل موسى يحجز على أول طائرة قادمة إلى مصر في مساء اليوم التالي.
وخلود ماجد إلى النوم على الاريكة في القاعة حتى يكون بجانب صغيرته؛ تحسباً لأي انتكاسة بحالتها.
وريان الذي أنتخ جانب وعد بعد بلبعته لقرصين من البورشام اللي مش عارفة اسمه.
ومنصور الذي توجه إلى الغرفة بالجهة القبلية من الحديقة مجبراً، وهو يسب ويلعن الصقر بأفظع الشتائم التي جاءت في قاموس البشرية منذ قابيل وهابيل، مرورًا بإبن البقعة، وذلك لتوريطه مع غراب البين، كما أطلق عليها منصور بينه وبين نفسه.
(ماشي يا منص بكره تبوس رجلي عشان اخلي الغراب يرضى عنك😂).
و مسعدة التي كُسِرت فرحتها ولكنها وافقت على الزواج منه؛ ثأرًا لكرامتها.
وهمس التي خلدت إلى نوم عميق، بعدما جعلت مصطفى زي ما حضرتكم شفتم كده، بيلف حوالين نفسه.
والأخ محمد الذي أشعلت به صغيرته نارًا وبراكين من جهنم، بعد آخر جملة ألقتها وفرت هاربة إلى غرفة هناء( تفتكري هيستناني يا نوجة؟!) وهي تعني بها علاء ابن عمها، وتركت خلفها أسد ثائر يتوعد لها بالكثير.
وصقر الذي بات على مشارف الجنة، بعد أعوام من صيامه عن صنف حواء، فكانت سنين عجاف.
وانجيل التي عوضها القدر بعد حرمان وعذاب الماضي بكتكوتها، الذي صار بطل أحلامها المنحرفة تلك الليلة، كما كانت له.
(بس انجيل أكتر شوية، الصقر لسه ولد ولود 😂🤝).
🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿
أشرق الصباح على أبطالنا، ونبتدي يوم جديد، ومش عارفة الصراحة هيخلص على إيه 🤗؟! بس لعله خير إن شاء الله.
استيقظ ريان وهو يشعر بثقل جاسم فوق صدره، وشيء ما يقيد حركته، فتململل بنومته، وما زالت عينيه مغلقتين، لا يتذكر ما حدث بعد تناوله لتلك الأقراص، ولا يعلم إذا كانت تلك أقراص مسكنة.
(أو أبو صليبة؟! 🤔مش قادر يحدد الراجل الصراحة😂).
أم تلك أقراص مخدرة تندرج في جدول الأدوية الممنوع تداولها دون إذن من الطبيب.
فتح ريان عينيه بنعاس، وفي تلك الأثناء بدأت هي الأخرى في الاستيقاظ، بعد شعورها بحركة ما أسفلها، فاتحة أعينها هي الأخرى تنظر إليه بفيروزيتيها اللتان كادتا أن تقفزا من محجريهما عندما وجدت نفسها تعتلي شيء ما معلقة فوق التخت، وما كان هذا الشيء سوى جسد ريان الذي ما إن انفرجت أهدابه، حتى استمع إلى صوت صرخة مدوية، أصمت أذنه فقام بدفعها بحركة مباغتة غير مقصودة، ولكن كان ذلك بسبب السرينة التي اطلقتها وعد بالقرب من أذنه.
فسقطت على ظهرها من أعلى الفراش، وقدميها معلقة فوقه.
بينما هب هو يعتلي الفراش جالسًا علي ركبتيه ينظر إليها من أعلى وكأنها تنين برأسين.
ريان :إيه فيه؟! صرعتيني الله يحرجك.
رفعت وعد رأسها وهي لا زالت على ظهرها متكئة بمرفقيها على الأرض، ترفع الجزء العلوي من جسدها بمساندة ذراعيها، واضعة إحدى يديها خلف ظهرها تمسده بألم : يخرب بيت أمك، إنت ناطرتني النطرة دي ازاي؟!
(يخرب بيت أمك🤔!! إنتي سرسجية أبت ولا إيه 😂)
ريان : لمي لسانك اللي عاوز حشه دِه، مالك بدياها نكد على الصبح ليه يا فجرية إنتي؟!
وعد : هو الصراحة الحديث معك ممتع، بس مش شايف إن فيه حاجة وقعت منك؟!
ريان بأعين جاحظة وهو يضع يده ليتأكد من سرواله ظنًا منه أن هذا ما تعنيه.
ريان : لاه ما فيش حاچة وجعت.
وعد متأفأفة : طب إيدك معايا الله يكرمك؛ عشان الفقرة التالتة والرابعة من العمود الفقري مش لاقياهم .
ريان بعدم فهم : بتجولي إيه إنتي؟! وعد : يا عم قومني الأول، وبعدين استفسر.
مد ريان يده ليعاونها على النهوض، وهي تستند بإحدى ذراعيها إليه، والأخرى على الفراش منزلة قدمها المصابة بحرص، وما أن اجلسها على حافة الفراش، أخذت تتأكد من ملابسها، بالرغم من تأكدها التام إنه لم ولن يفعلها، كما أنها كانت نائمة، ولم تكن مخدرة، فلو حدث شيء ما كانت على الأقل تذكرته وكأنها اضغاث أحلام، ولكن هذا لا ينفي كونه شاركها الفراش.
وعد بعصبية : إنت إيه اللي خلاك تنام جنبي؟!
ريان بتسلية : نعم ياختي؟! ليه هو إنتي مش فاكرة حاچة واصل؟!
(إيه أوعى تكون سلبتك أعز ما تملك، إحنا بناتنا بنات عائلات محترمات😂)
وعد بريبة أتراها أخطأت في ثقتها به؟! وقام هو باستغلالها : إنت تقصد إيه بالظبط؟! مش فاهمه؟!
ريان بعدما لاحظ تغير معالم وجهها : لاه ما جادرش اجول.
وعد وهي تلطم خديها : يا نهار أسود، إنت عملت ايه؟! عملت ايه؟! الله يخرب بيتك.
ريان وهو يدعي الخجل يهز رأسه يميناً ويسارًا بأسف مصطنع : آني ما عِملتش، إنتي اللي عِملتي، بعد ما اخدتي البرشام ده، اتحولتي، وجعدتي تعملي حاچات استغفر الله العظيم، وآني أجولك يا بت الناس اعجلي، تجولي ما إنت اللي مز يا ريو، يا بت الناس ما يصحش إكده تجوليلي، وفيها إيه بس، لحد ما….. وبعدين إنتي ليكي عين تتكلمي بعد أما أجوم من النوم ألجاكي نايمة النومة اللي كتي نيماها دي؟!
وعد بنبرة موشكة على البكاء، فقد كانت تعتليه بالفعل، يعني أنه صادق في ما يقول، وهي من أغواته.
وعد بعويل : يافضيحتك يا وعد.
ريان بعد ما رأى الحالة التي أوصلها إليها بعد تلاعبه بها، اقترب منها يضع يده على مقدمة رأسها : إهدي، إهدي ما فيش حاچة حصلت آني عهزر إمعاكي.
وعد بعد استدراكها لما يقول : وحياة أمك.
وفي تلك الأثناء اقتحمت صابحة الغرفة بعد استماعها صوت صراخ وعد منذ قليل، و ذلك بعدما استيقظت ووجدته امامها، وهم على تلك الوضعية.
صابحة : مالك يا جلبي عِمل إيه فيكي؟!
واقتربت منها صابحة تزيحه من أمامها، وهي تفتح ذراعيها إليها، والأخرى تجاريها، وتلقي بنفسها بين أحضان صابحة.
وعد بتمثيل فماذا ستقول لها؟! أنها استيقظت وجدته يشاركها الفراش!
فقالت بإدعاء : آه ياني يا صبوحة، أنا خلاص ما بقتش قادرة على العيشة دي، لازم يطلقني.
والآخر يشاهد بأعين متسعة.
و صابحة تنظر إليه بإستياء ، ومن ثَم تعاود النظر إليها مرة اخرى بس ياجلب صبوحتك، ما تعمليش في حالك إكده، كُلَّك ما يستهلوش،
(صدقتي يا أختشي 😂)
وعد : لا يا صبوحة، لازم يطلقني، يعني لازم يطلقني.
والآخر يتنقل بعينيه فيما بينهما وكأنه يشاهد عرضًا مسرحي لريا وسكينة.
صابحة بفضول : فهميني بس عِمل إيه؟!
وعد بتأتأة : عِمل ايه؟! عِمل… آه اللي عمله يا حبيبتشي لا يتقال ولا يتحكى.
صابحة وهي تضرب على صدرها : ضربك؟!
وعد تهز رأسها بنفي بعد أن رفعت رأسها مبتعدة عن أحضان صابحة وهي تدعي الحزن : يا ريته كان ضربني، و لا عمل اللي عمله يا صبوحة.
صابحة وهي تجذبها مرةً أخرى إلى أحضانها تربت على ظهرها بمواساة : يا جلب صبوحتك.
ورفعت نظرها إليه تسأله بإتهام : عِملت إيه في البت؟!
ريان ينظر إلى كلتهما بغيظ، ولكنه استدرك الموقف فهي ليس لديها سببًا لتقوله : أهي عندك اسأليها عاد.
فتوجهت إلى وعد بالحديث : ما تجولي يا بتي عِمل إيه؟!
وعد بشحتفة : قال إيه عاوز يتجوز عليا، شوفتي يا صبوحة؟!
صابحه بهجوم موجهة حديثها إليه : يا حومتي، بجى عاوز تتچوز على لهطة الجشطة دي؟ /ده آني بذات نفسي أتمناها.
(جرى إيه يا صابحة؟! 🤔ابتديت أشك فيكي على فكرة 😂).
ريان وقد تملكته الغيرة، فحتى النساء معجبات بها و بجمالها.
وقام بجذب صابحة من ياقة جلبابها من الخلف، فقامت من مجلسها برهبة، وهي توجه حديثها لوعد : بس إنتي مكبرة الموضوع إشويتين، ما طالما الراچل مجتدر، وهوه عيني سخنة عليه كيف الحيطة اآهه من حجه مثنى وثلاث ورباع، دِه شرع ربُنا عتكفري عاد و لا إيه؟!
(يا بت يا مؤمنة 😂).
ناظرتها وعد بصدمة، بينما نظر ريان إلى وعد بتشفي، و كأنما يقول لها أرأيت صبوحتك؟!
ولكن قول صابحة هذا لم يمنعه من دفعها أمامه وهو لازال ممسكاً بها من الخلف ناحية الباب، قاذفاً بها إلى الخارج، يغلق الباب في وجهها بعنف، في مشهد كوميدي لا مثيل له.
وتوجه بالنظر إلى تلك المنكمشة على حالها، يمنع حاله من الإبتسام على هذا الثنائي المرح، فقد بات مدمن لمشاكستها.
🌊🌊🌊🌊🌊🌊🌊🌊🌊🌊
بالإسكندرية بعدما عاد مصطفى ليلاً، وقد قام بمعاينة الشقة التي أراه إياها المعلم سلطان، وقد أعجبته كثيراً.
حقًا إنها لا تعني شيئاً مقارنة بالڤيلا التي كانت تسكنها، ولكن تلك الشقة لا بأس بها.
فقام بكتابة عقد ابتدائي، ودفع عربون (مقدم) لصاحب الشقة، واتفقوا على أن يستلم المالك باقي ثمنها عند تسجيلهم للعقد بالشهر العقاري.
ومنذ عودته وهو يجلس على إحدى درجات السلم و رأسه يميل إلى الحائط خلفه، ويرفع ساقيه يضع قدمًا فوق الأخرى على درابزين السلم، يسد الطريق على من يريد الهبوط من الطابق العلوي، وقد غفت عينيه قليلاً ، ولم ينتبه سوى على صوت والده الحاج زكري ويده التي تهزه برفق، فرمش بأهدابه في محاولة منه لفتح عينيه.
الحج زكري : إيه اللي مقعدك كده يا مصطفى يا ابني؟!
فتح مصطفى عينيه في محاولة لاستيعاب ما يقوله والده : أبدًا يا حاج، أصل ، أصل، اسكت يا حج إنت ما تعرفش!!
الحاج زكري : ما اعرفش إيه؟! أمك جرى لها حاجة؟!
مصطفى : لا يا حاج نوجة تمام الحمد لله.
الحاج زكري : أمال في إيه؟! وإيه اللي منيمك هنا؟!
مصطفى : أصلي بالليل سمعت دوشة كده برة على السلم، فطلعت أشوف إيه، اتخيلت بحد قلت يمكن حرامي، فقفلت البوابة، وقعدت شوية خفت ليرجع تاني، فغفلت وأنا قاعد، بس إنت صاحي بدري ليه النهاردة يا حج؟! النهاردة الجمعة.
ففي يوم الجمعة تكون عطلة المحل والمحلات المجاورة التي تعمل في هذا المجال.
الحج زكري : هطلع شوية على القهوة عقبال ما أمك والضيفة ما يصحوا، وأجيب فطار سخن من عربية الفول ونفطروا كلنا سوى، خش إنت رايح جتتك شوية من النومة دي.
مصطفى بتسرع : لا أنا مرتاح كده.
الحاج زكري : اللي هو إزاي يعني؟! ما لك يا مصطفى؟! حالك مش عاجبني اليومين دول؟!
مصطفى منتهزاً تلك الفرصة ليمهد لوالده، فإذا كانت والدته تعلم بإعجابه بها، فلا ضير من إعلام والده بالأمر.
مصطفى غامزًا لوالده بإبتسامة : أقول لك إيه بس يا حاج؟! إبنك باين عليه وقع ولا حدش سمى عليه.
الحاج زكري بعد فهمه لمغزى حديث ولده : ودي مين سعيدة الحظ اللي وقعت زينة شباب الحتة؟!
اقترب مصطفى يقبل يد والده بإحترام، وقام الحاج زكري بالتربيت على ظهر ولده بحنو.
مصطفى : ربنا يعزك يا حاج ويديك الصحة ويطول لنا في عمرك.
الحاج زكري : ما تاخدنيش في دوكة، مين دي اللي عليها القصد والنية؟!
مصطفى مشيراً إلى أعلى : الحورية اللي حطت علينا من الجنة.
الحاج زكري باستحسان : براوه عليك يا درش، نمس زي أبوك.
مصطفى وهو يشيح بيده : ما تزيطش بقى يا حاج، إيش جاب نوجة لسد النهضه؟!
(الله يخيبك يا درش أمال إيه ست الحبايب وبتاع 😂).
الحاج زكري وهو ينكزه في كتفه بمرح : عندك حق يا ديشة.
(كده بردو يا حاج؟! 🤔صحيح كلكم مصطفى أبو حجر😂).
مصطفى بغيرة : جرى إيه يا حاج؟! إحنا هنقطع على بعض ولا إيه؟! والمصحف أسيح لك عند نوجة؟!
الحاج زكري : قلبك أبيض يا درش، دي نوجة دي حتة من قلبي.
(بعد إيه يا حاج؟! 😂)
مصطفى مصفقاً بيديه : حلاوتك يا حاج 👏.
الحاج زكري غامزاً : هروح أنا وأنت خش بقى، شكل الحرامي مش نازل دلوقتي، مش ده بردو الحرامي اللي إنت ضربت عشانه الوالد جنش، وعبد الرحمن صاحبك؟!
مصطفى وهو يحك مؤخرة عنقه بارتباك مطاطئًا رأسه : هوه يا حاج.
(كده يا درش بتعترف من أول قلم ويا ريتك خدته😂).
الحاج زكري وهو ممسكًا بكم قميص مصطفى الأبيض : وهو بردو اللي إنت لابس له الحتة البيضا دي، وحلق له و متقمع؟!
مصطفى : حصل يا حاج.
الحاج زكري : وهوه…….
مصطفى مقاطعاً : اتكل على الله انت يا حاج.
خرج الحاج زكري بعد مشاكسته لولده مصطفى، وأخذ الآخر ينفض ثيابه من أثر جلوسه على الدرج يهندم من ياقة قميصه، مرجعًا شعره إلى الخلف، فبدا زي ما حضراتكم شفتوه كده في الصورة 😂، وهو يخرج هاتفه ليحدثها فاستمع إلى صوت بوق سيارة بالخارج، وفي نفس تلك اللحظة استمع لصوت فتح باب الشقة العلوية.
فبعد طرد ريان لصابحة بوقت قصير.
ذكرته وعد بوعده لها ليلاً، بأنه سيتواصل مع مكتب تأجير السيارات الذي تعامل معه ماجد ليرسل سيارة بسائقها لهمس.
فقام ريان بمحادثة ماجد الذي ما أن استمع إلى رنين هاتفه، خرج إلى الشرفة؛ ليحادث ريان كي لا يقلق صغيرته، وقد علم ريان منه كيفية التواصل مع هذا المكتب مسجلًا الرقم على هاتفه، وقد اخبره ماجد بأن يوافيه الى الحديقة بعد قليل لأمر هام.
وها قد وصلت السيارة، بعدما هاتفت وعد أختها تعلمها بالأمر، و إعطائها رقم السائق للتواصل معه، ومده بالمعلومات عن اللوكيشن، وعندما جاءت همس لتهبط الدرج، وجدت من ينتظرها أسفله بهيئته المهندمة تلك و ذقن حليق بطلة رجولية جذابة، يشبه في هيئته هذه الممثل الشهير.
(لما تقوليش أحمد عز، صح 🙊😂).
اهتز ثباتها، وأخذت تهبط درجات السلم بارتباك واضح، وما إن أصبحت في مقابلته، حتى…….

البارت_33

بعد إتصال وعد بهمس وإخبارها بشأن السيارة التي أرسلتها إليها.
ارتدت همس ملابسها المكونة من منطول جينز باللون الغامق( بلو بلاك)، وتيشيرت قطنيًا نسائيًا باللون الأسود، وأطلقت العنان لشعرها.
(ما هي فاكرة درش نايم بقى😂).

و أخذت حقيبتها الصغيرة وبها بعض من الأشياء الضرورية من ملابس وخلافه، وتوجهت تفتح باب الشقة، فلم تشاء ايقاظ نجوى فالوقت لازال باكراً.

و أغلقت الباب خلفها بهدوء لم يخفى على الحارس القابع بمدخل البناية، والتي لم تكن تعلم بوجوده، ولم يلوح بخيالها أن هوسه بها أطاح بعقله، وجعله طوال الليل مرابطاً بالمقهى، وعيناه مثبتة على مدخل البناية، وحتى بعدما عاد من جولته الاستكشافية لمنزل الزوجية الذي ذهب برفقة المعلم سلطان لمعاينته، ظل ما تبقى من الليل بذلك المقهى حتى قام الصبي حوكة بلملمة ما أسدله أمام المقهى من كراسي، ومقاعد، وخلافه، فاضطر مصطفى لقضاء ما تبقى من الليل على درج السلم متأهباً تحسباً لقيامها بتنفيذ ما قالت، عازماً هو على تنفيذ ما يريد، و أمامه حلين لا ثالث لهما، إما اثنائها عن قرارها بالسفر إلى أختها وعد، وإما…..

هبطت همس درجات السلم وعيناها مثبتة عليه بهيئته المهندمة، وذقنه الحليق، فبدى أكثر وسامة.
(بدى، لا حسبي ده مز، مز👌، يعني ما فيش كلام يا رب🙏 البوب حجي ما يقرا البارت ده 😂).

وكلما اقتربت خطواتها منه كلما اهتز ثباتها، وخاصة أن هذا المكان له معهما ذكرى، لم يمضي عليها سوى ساعات قليلة، مما زاد ارتباكها وما إن أصبحت أمامه حتى علت وجهها إبتسامة يشوبها التوتر والقلق قائلة : جود مورنينج، مصطفى.

مصطفى و قد قرر التخلي عن الدور الذي تقمصه بالأمس عندما إدعى غضبه منها، راداً عليها ببسمة و وجهٍ بشوش : صباح الزبادي، يا معذب فؤادي، يا زبادو فراوله أنت.

ناظرته همس باستغراب فقد ظنت أنه سيظل على بروده معها كما حدث بالأمس أثناء تناولهم العشاء، وذلك بعد ما اقتحم الغرفة دون استئذان، وهي تبدل ثيابها.
مصطفى مستكملاً : حديثه على فين يا هموستي؟!
مصطفى : ما أنا قولتلك إمبارح إني مسافرة لوعد.
مصطفى وهو يقترب منها بخطوات متمهلة؛ فزاد توترها.

وهي تتفرس ملامحه في محاولة لاستكشاف نواياه، فهل ما زال غاضباً بشأن ما حدث؟! أو ما سيحدث؟! وهي تعني بشأن سفرها.

سرعان ما تحولت نظراتها المستكشفة إلى أخرى هائمة، فهو حقًا وسيم.

اما هو ظل يقترب بثبات يبتسم لها بثقة، بعد ما لاحظ نظراتها الهائمة إليه، فبدت كالمخدرة.

مد مصطفى يده ملتقطًا كفها بيدٍ واحدة، وهو ينظر إلى عمق عينيها قائلاً بتسبيل : يعني القمر بتاعي عاوز يسافر ويسيبني .

رفع كف يدها يقبل باطنه، وعينيه ما زالت مثبتة على جارتي العسل خاصتها، فلم تستطع  الرد، وكأنها فقدت النطق مع انتفاض جسدها برجفة، عندما لامست شفتيه باطن كفها، إنتقل صداها إليه؛ فبثت به ثقة فوق الثقة.

بعد قبلته الخاطفة لكف يدها هبط به أسرٌا إياه بين كفيه يتلمس خطوط باطنه بسبابته، ولا زالت عيناه مسلطة عليها قائلًا بنبرة رجولية دافئة وصوت متحشرج : طب لو قولتلك إني مش عاوزك تسافري، هتسافري بردو و تسبيني؟

لاحظ هو اهتزاز حدقتيها بتفكير، ففك أسر عينيها هابطٌا بنظراته إلى كف يدها، يتابع حركة سبابته على باطن كفها، وهو يبتسم بخبث، هو يستطيع أبقائها بالقوة، ولكنه لا يريدها جواره رغم إرادتها، لا يريدها تابعة له، يريد قرار بقائها نابع من شخصها، لا من سلطته عليها، كما أنه يعلم أن دون القوة لن يستطيع إثنائها عن السفر، ولكنه يريد أن يصل إلى هدف آخر.

همس بتوتر فهي حقاً لا تريد الإبتعاد، ولكن يجب عليها السفر كما طلبت أختها، ليس لكون هذا أمر من وعد واجب النفاذ، ولكنها تحتاج إليها، و تريد أن تعطي عقلها فرصة للتفكير، ولن يحدث هذا ما دامت في قربه، فقلبها بات يسيطر عليها ويشوش تفكيرها.

فتحت فمها لتتحدث قائلة : يا مصطفى افهمني…….

رفع سبابته عن كف يدها واضعاً  إياه على شفاهها يمنعها من استكمال الحديث، وهو يهبط بكف يدها يعيده جانبها، ولكنه لا زال يأسره بكفه الآخر، مقتربًا منها أكثر مستغلًا تشتتها وتشوش أفكارها، بما تريد، وما يجب عليها أن تفعل، ساحباً إياها من تلك الأفكار المشتتة متجها بها صوب الهدف.

رفع سبابته عن شفاهها يلتقط كفها الآخر زافرًا أنفاسه الساخنة المعطرة برائحة النعناع، العائدة لتلك الحلوى التي دسها في فمه عند سماعه لصوت فتحها لباب الشقة.
(الواد متعطر وجاهز😂).

فهو يعلم من كاتمة أسرارها (الست الوالدة) أن تلك هي حلواها بنكهتها المفضلة، قائلاً وهو على نفس هدوءه : طب يرضيكي اسيب مراتي حبيبتي، تسافر لوحدها مع راجل غريب؟!

فقالت همس بخدر من قربه : ده السواق، يا مصطفى.

استكمل مصطفى : عارف يا قلب مصطفى إنه السواق، بس راجل.

رجفة أخرى أحس بها مصطفى، بعد تلقيبه لها بقلب مصطفى.
(طب وعهد الله أنا لو مكانها، وقال لي يا قلب مصطفى أنهار، أنهار مين؟! ده أنا يغمن عليا، و ابقوا فكروني أشيل الكومنتين دول، عشان هتنفخ أو أطلق أيهما أقرب 😱).

ها قد بدأ مصطفى يدنو من هدفه :طب افرضي يا عمر مصطفى السواق طلع مش تمام؟! وصدرت منه حاجة كده ولا كده؟! و إنتي معاه في عربية لوحدكم؟! على طريق صحراوي؟! تفتكري ممكن ساعتها يحصل إيه؟! و إنتي وقتها هتتصرفي إزاي؟!

بات هو الآخر يتخيلها في موقف مماثل.
(أيوه يا ديشة بقى، 👍مش واخدة على هدوئك ده😂، متقلقنيش عليك، اهوه هيتحول اهوه 👏).

ومع تخيله هذا احتدم بداخله نيران مدمرة طفت ألسنتها على ملامحه، فبدأت ملامحه بالتحول، ولكنه حافظ على ثباته الظاهري، حتى لا يخيفها.

أما هي فارتجف داخلها لتلك التخيلات، التي رسمها هو، فتصورتها هي حقيقة أمامها، وباتت تتساءل ماذا لو حدث هذا بالفعل؟!
(لاعِيب طب و ربنا لاعِيب👌😂).
👌👌👌👌👌👌👌👌👌👌
وعد ريان بقلم أسماء حميدة.

عودة إلى منصور الذي بقى طوال الليل يفكر في خطة محكمة للهرب، نعم سيضحي بمستقبله المهني، ولكن لن يتزوج من جوال الفحم الذي رآه أمس.
(أقسم بالله هرقعلك صداغك🤛).

سيغادر ولو أدى به الأمر إلى أن يعيش مع مطاريد الجبل، فذاك عنده أهون، من أن يفني زهرة شبابه مع أخت همام تلك المسعدة .

منصور لنفسه : لا يا منص، أنا مش ممكن أسكت على كده، إبن الصرمة لبسني مع غراب البين دي،  و في قعدة و احدة خلاني قريت فاتحة، هفضل متكتف كده لغاية ما ألاقي نفسي مخلف منها سبع عيال؟! سبع عيال ده إيه؟! سبع مقاطير شبه خالهم ميمو.

عند تصوره لمستقبله هذا معها، انتفض واقفاً من جلسته على الأريكة الموجودة بالغرفة القبلية، المحددة بها إقامته من قبل الصقر، يمد يده ملتقطاً الحقيبة العائدة إليه، والتي جلبها له عوض من الدار التي كان يمكثها، و الآن فلم تعد إليه تلك الدار.

فتح باب الغرفة بحرص، ينظر يميناً ويساراً، قبل أن تطأ قدماه عتبة الغرفة، يستكشف ما إذا كان أحد بالخارج، زافرًا بارتياح يبتسم  قائلاً بهمس مبتهج : yes، فلت منيهم فلت منيهم.

خرج مسرعًا وهو يتلفت في جميع الإتجاهات كاللصوص، وها قد دنى من البوابة القبلية للدار، و هو يحمد الله أنه لا يوجد حارسًا عليها.

مد يده يجذب المقبض الحديدي للبوابة ظناً منه أنها مغلقة، ولكن يا له من حظ، فبالتأكيد اليوم يوم حظه، فقد وجد الباب يفتح دون أدنى معاندة من القدر.
(بلاش، أفتكر إني قولتلك بلاش😂).

منصور : طب وعهد الله، أنا أمي داعية لي في ليلة القدر، وهي كاشفة راسها، لا كاشفة راسها ده إيه؟! دي وهي قالعة بلبوص، طب ما هي متيسرة أهه؟! أمال أنا كنت معقدها ليه؟!
(أحيه، أمك كان ما لها يا منص؟! 🤔حبكت تدعي لك وهي اسم الله على مقامك 😂)

خرج من البوابة ملتفتاً يعطي ظهره إلى الخارج يغلقها خلفه، لإ لا يراه أحد من الداخل، وهو يحاول الفرار.

منصور : باااااس، كده تمام أوي، أخلع أنا بقى، وأبقى قابلني يا أبو الصقورMeet in The hell   (نلتقي في الجحيم).

وما إن التف مطلقًا العنان لساقيه، حتى اصطدم بشيء ما، رافعًا رأسه ليرى هذا العائق،.

فوجده همام😁 مشرفاً عليه بقامته الطويلة، كاشر الوجه، بأعين مستفسرة، وإلى جانبه تلك المسعدة التي ألصقها به الصقر عنوة.

منصور بأعين جاحظة متمتماً : فقر من يومك، لف وارجع تاني.

وبالفعل استدار عائداً من حيث اتى، وهو يقول بصوت مرتفع حتى يصل إلى مسامع همام، وهو متوجهاً بنظره إلى الخلف : إيه يا جماعة في حد يسيب البوابة مفتوحة كده، ما فيش إحساس بالمسؤولية، مش خايفين حرامي يخش يخلص علينا جميعاً إن شاء الله، خلينا نخلص.

و هو على تلك الحالة، اصطدم مرة أخرى بشيء ما.
(هو بغباوته بوشه العكر، لا عكر إيه؟! استغفر الله العظيم، إيه يا سمكة؟! 🤔انتي هتكفري قصدي بوشه القمر😂).

الصقر قائلاً بتسلية، وهو يقف شامخًا، يناظره بتشفي، فقد كان يراه من الأعلى من خلف ستار شرفة غرفته التي بالجهة القبلية من المنزل، و تطل على النيل في منظر طبيعي خلاب.

وما إن رآه الصقر، هبط الدرج بخطوات واسعة، فهو يعلم أن إذا رآه منصور، سيعاود أدراجه دون أن تنبث شفاهه بكلمة.

عندما اتجه منصور ببصره أمامه  ليرى ما حال دون تقدمه هذه المرة أيضاً، وجد الصقر امامه يقف بشموخه المعتاد، يرفع أحد حاجبيه وهو يناظره بتسلية قائلاً :  معرفينش من غيرك كنا هنِعمله إيه يا دَكتور؟! بس تفتكر في حد بالغباء دِه؟!

بدأ منصور بالتعرق لتظهر قطرات الماء الساخنة تنسدل من أعلى رأسه على جبينه قائلاً بتهتهة : ده إنت؟! آه والنبي إنت صح.

الصقر مستكملًا بنبرة تهديدية واضحة : هو فيه حد ممكن خياله المريض، يصور له إنه يعمل حاچة زي إكده؟!

منصور بريبة : حاجة إيه؟! لاء، أوعى تفهمني صح، قصدي غلط، واستكمل قائلًا ببراءة : أنا كنت بقفل البوابة، ثم ازدرد لعابه قائلًا : آه والله.

الصقر و هو ينظر إلى الحقيبة التي بيده : لاه في دي ، صادج من غير يمين، بس ما تجلجش ما حدش يستچري يعملها.

منصور بتساؤل : هي إيه دي؟!

الصقر : إنه يفكر ولو بس تفكير، ثم اشاح بسبابته في الهواء مستقراً بها على يمين جبهة منصور مستكملًا : أو يخطر في باله، إنه يدخل دوار الصجر بدون إذن، أو حتى يخرچ منيه.

منصور وقد علم أنه هالكًا لا محالة، فأراد تغيير الموضوع، وهو يتجنب إصبع يده المثبت على جانب جبهته، يدير رأسه إلى همام ومسعدة قائلاً:  ميمو، حبيبي، إنت فين يا أبو نسب؟! اتأخرتوا كده ليه؟! قلقتوني عليكم.

وتوجه بنظره إلى مسعدة قائلاً : ازيك يا مسموستي.

همام باستهجان قائلاً : إيه مسموستك دي عاد؟! هتچلعها وآني واجف؟! اتحشم يا واكل ناسك إنت.

منصور بقوة مزيفة : إيه في إيه؟! ده أنا قاري فاتحة، يعني نص كتاب، بس واضح إنه غير مرحب بيا في العيلة دي يا صقر باشا؟! ، فأنا هضطر آسفًا إني انسحب واعفيكم من الحرج، وممكن تعتبروا الفاتحة دي، وكأنها لم تكن.
(لا حدق ياض🤔😂).

الصقر موجهًا حديثه لهمام : چرى إيه يا همام؟! ما تبجاش دجة جديمة إكده يا راچل، الدَكتور بردك عيتكلم صوح، دِه جاري فاتحة!!.

همام وكأنه على إتفاق مسبق مع الصقر، وكأن الصقر يضرب بالدف، والآخر يواليه بالرق :يا كابير ما چانبك  شايف عاد، إحنا مفيش عندينا الكلام الفارغ ده، أما يبجى يعجد عليها، يبجى يتحدت وياها
كيف ما هو عاوز، لكن دلوك الكلام بحساب.

الصقر وهو يحك ذقنه وكأنه يفكر في حل لقضية هامة أو أمر مُلِح : لاه يا ميمو، في دي بالخصوص إنت إمحبكها، والراچل ما غلطش بس تاهت و لجناها.

وجه منصور بصره إلى الصقر مشيرًا إليه قائلًا لهمام : اسمع علك تستفيد.

الصقر : الدكتور ما هيخلصهوش زعلك.

منصور : ده ميمو ده، حبيبي.

الصقر مستكملاً، بينما منصور يهز رأسه بإستحسان، وكأنما يستمع لغنوة بصوت أم كلثوم، حتى  قال الصقر : عشان إكده الراچل عيصلح غلطته، وبدل ما تبجى شبكة، تبجى شبكة، وكتب كتاب ✌️.

توقف رأس منصور فجأة، وهو يرتد ببصره إلى الصقر، فكادت رأسه أن تنخلع من موضعها قائلًا بنبرة أقرب للبكاء :  غلطتي إيه حضرتك؟! ده أنا ما شفتش منها صُباع، تقول لي غلطة؟!

الصقر قائلاً : آني عامل عليك و عاتل  همك.

منصور : لا ما هو واضح.

الصقر مستكملاً : عشان تاخد راحتك في الحديت، وتچلعها كيف ما إنت عاوز.

منصور مقلدًا للهجة الصعيدية : ما عاوزش.

(تچلعها هنا، تعني تدلعها مش زي ما أنتم فاهمين هه؟! عشان بس الإخوة العرب دماغهم ما تروحش لبعيد😂).

الصقر متجاوزًا ما قاله منصور بتجاهل : يبجى على بركة الله نكتبوا الليلة.

منصور : ليلة إيه يا عمدة 😂؟! قصدي يا صقر باشا، انا مش مستعد.
(تاني إنت يا اخ منصور🤭؟! أنا ابتديت أشك فيك جامد 😂والفانز كذلك 😂).

منصور مستدركاً : قصدي مش مؤهل نفسياً.
(إيه ده؟! 🤔انت سمعتني يا منص 😂).
الصقر : كلام إيه ده يا دكتور؟! آني عجولك كتب كتاب، ما جولتش دخلة، وجبل الدخلة ابجى اجعد ويا العروسة، وشوف اللي يناسبك جصدي اللي يناسبها.

بينما تقف مسعدة تتلظى بحرج، بالطبع يصل إليها مغزى الحديث، فهي حكيمة ولديها خلفية عما يتحاوران (بس عاملة من بنها، وتحية لأهل بنها، و آسفين 🙏القافية حكمت).
أنهى الصقر حديثه قائلاً : روح إنت يا دَكتور، غير خلاجاتك دي اللي بايت بيهم من عشية، واحلج دجنك (ذقنك)، عشان تنزل ويا عروستك، وهمام، همام هه😉 عشان تچيبوا الشبكة.

وربت على كتفه قائلًا : إمبارك يا عريس.
🤗🤗🤗🤗🤗🤗🤗🤗🤗🤗
بينما عند سارة ومحمد الذي بقي ليله يتقلب على تخته، وكأنه يفترش بالجمر، و أي نار تعادل نار وعذاب الغيرة ورهاب القلق من فقدان الحبيب.

وبينما هو على تلك الحالة، سمع صوت صراخ مدوي وعويل يأتي من الخارج، فخرج مسرعًا يستقصى الأمر، وكذلك الفتاتان هناء وسارة اللتان خرجتا بدورهما لاستكشاف ما يجري بالخارج، ولم تكن سوى تحية و إلى جانبها على الأرض هاتفها المحمول، تلطم خديها بكلتا راحتها.

توجه محمد مسرعًا إليها، وهي شاخصة بعد أن أطلقت تلك الصرخة المدوية، و تنظر ناحية سارة بحزن وشفقة.

ظل محمد يهزها في محاولة منه لمعرفه ما في الأمر.
(إنت غبي يا بوب، ده الفانز فهموا، وهم چاست متابعين، ما بالك إحنا عِشرة يعني المفروض تكون فهمت دماغي 😂)
قائلًا : إيه يا أمي؟! مالك في إيه؟!

و أيضاً لا إجابة : يا أمي، ردي الله يخليكي، فهميني إيه اللي حصل؟!

تحيه وكأنها فقدت النطق، ولكن نظراتها المصوبة نحو سارة كانت أبلغ من أي حديث.

مال محمد إلى الهاتف الساقط أرضاً، يلتقطه فوجد من كان على الهاتف قد قطع الاتصال، فأخذ يقلب بالهاتف باحثاً عن آخر رقم في سجل المكالمات، ولكن وجده بدون اسم.

فقام سريعا بمحاولة الإتصال به و لكنه وجد الرقم مشغول.

وفي تلك الأثناء رن هاتف سارة الموضوع على المنضدة الموجودة بالصالة، فقد تركته سارة على الشاحن قبل خلودها إلى النوم.

اتجهت سارة بأقدام مثقلة ناحية الهاتف، تلتقطه بإيدي مرتجفة من هيئة زوجة خالها، ونظراتها التي توحي بوقوع خطب ما، ليس بهين، وهذا الخطب بدون شك يطالها.

نظرت سارة إلى رقم المتصل على شاشة هاتفها بأعين قاتمة، وجدت أن المتصل هو علاء ابن عمها، فالتقطت الهاتف تضعه على أذنها، وهي تجيب بصوت مخنوق : السلام عليكم، أيوه يا علاء.

عندما ذكرت إسم هذا السمج من وجهة نظره، تنبهت حواسه متقدمًا منها يلتقط الهاتف من على أذنها، ولكن الآخر قد أطلق السهم مجيباً عليها (ابن الجزمهSon of shoe😂)
بما جعل أوصالها ترتعد، و أطرافها تتراخى، وجسدها يهوي ساقطة أرضاً على ركبتيها، تضع كلتا راحتيها على فمها، تكتم صرخة متالمة لفقدان السند، وما سند الفتاة يا سادة، غير عمودها الداعم الأب، ومن غيره سندًا لها.

أجاب محمد على الهاتف ليخبره من على الطرف الآخر بالخبر المؤلم، فطالما كان زوج عمته أباً ثانيًا له.

كانت عيناه تتابع تغير معالم وجهها إلى أن تهوى جسدها أسفل قدميه،

ترك الهاتف من يديه على المنضدة، يخر جسده إليها، راكعاً لها على ركبتيه، وهي تهز رأسها برفض وعدم تقبل.

فجذبها وهي تستند برأسها إلى صدره بتيه ، وهو يلف ذراعيه حولها يحيطها بإحتواء أب فقدته، و أخ لم يُولد قبل أن يكون حبيب، يواسيها ببعض الكلمات، وجسدها ينتفض بين ذراعيه.

خرجت منها آهة مدوية تنم عن ألم عميق، تتصاعد حممه من أعماق جوفها، ماراً بقلبها، يخرج مع الآهة التي أحرقت صدرها، ليليها نوبات ونوبات من الألم.

محمد بمواساة، وهو لا يقل عنها حزناً : أهدى يا حبيبتي، أهدى، إنتي كده بتعذبيه.

سارة بكلمات غير مترابطة وغير مفهومة : بابا، بابا يا محمد، طب أشوفه، واديني عنده، هم مش فاهمين، هو لما يشوفني هيقوم يروح معايا.

و تحية وهناء تزداد شهقاتهما بالدموع، مع كل كلمه تخرج من فمها حزناً على هذا الرجل الحنون، و ألماً للحالة التي عليها سارة، و استحضرا لموقف مماثل عند وفاة زوج تحية ووالد محمد وهناء،  وهو يهددها بين ذراعيه كطفلة صغيرة، وجسديهما يتأرجح معاً، وهو يحاول السيطرة على نوبة الحزن الهستيرية التي إنتبتها يقبل أعلى رأسها بحنو.

والأخرتين لا يكفان عن البكاء والنحيب محمد موجهًا حديثه إليهما : إيه يا جماعة ده؟! قضاء ربنا هنكفر ولا إيه؟! أنا حزين أكتر منكم على عمي، بس اللي أنتوا بتعملوه مش هيرجع اللي راح، وإنتي يا سارة لازم تبقي قوية على الأقل عشان خاطر عمتي، ولا عايزاها هي كمان يجرى لها حاجه بعيد الشر، من حزنها على عمي، وكمان على الحالة اللي إنتي فيها، قومي يا هناء خديها تغسل وشها وتتوضا وتصلي له ركعتين، وإنتي يا أمي غيري هدومك عشان نروح لعمتي المستشفى، ولا هنقعد هنا نحزن، ونسيبها هي هناك لوحدها، ولسه في إجراءات لازم تخلص.

فقد كان وفاة والد سارة إثر حادث انقلاب إحدى سيارات النقل الجماعي، أثناء توجهه في الصباح الباكر إلى عمله،  ولم يأتيهم الخبر سوى الآن، فلا بد و أن جثث الضحايا في حالة يرثى لها، لذلك أخذ الأمر بعض الوقت للتعرف على أصحابها، و إبلاغ ذويهم.

سارة بتوسل وبكاء و أعين تفيض بالدموع أنهار :لا يا محمد، خدني معاك عاوزه أشوفه لآخر مرة.

بالطبع لن يجعلها توضع في مشهد كهذا.

محمد بنبرة قاطعة :إنتي مش هتتحركي من هنا، وعمتي كمان مش هتحضر دفن ولا غيره ، أمي هتيجي معايا عشان تاخدها، وهي شوية وجاي لك، ولازم لما تيجي تشوفك قوية، إكبري شوية، وبعدين قصة الإجراءات والدفنة دي بتاعت الرجالة، وطلوع الستات ورا المتوفي حرام.

أراد محمد إثنائها عن رغبتها في المجيء نظراً لبشاعة وهول ما ستلقى، فاستخدم معها الحدة في الحديث، مشيرًا إلى هناء بعينيه لتاخذها للوضوء والصلاة، علا لجؤها الى الله يطفئ نيرانها وحزنها.

وتوجه هو مع أمه التي قامت بوضع عباءة سوداء على جسدها استعداداً للذهاب.
😪😪😪😪😪😪😪😪😪😪

بعدما أجرى  ريان إتصالاته مع مكتب تأجير السيارات بالإسكندرية، ليبلغهم برغبته في استئجار سيارة بسائقها، و إعطائهم العنوان ورقم همس الذي تلته عليه وعد، و استكمال إجراءات  الدفع الإلكتروني.

هبط إلى الطابق السفلي ومنه إلى الحديقة، بعد إخبار ماجد له بضرورة حضوره للحديث في أمر هام.

وعندما خرج إلى الحديقة وجد ماجد يجلس على أحد المقاعد الخشبية المصنوعة من عيدان البامبو شاردًا وهناك أصوات ،  بالجهة القبلية للحديقة.

ريان لماجد مشيراً برأسه إتجاه الصوت : إيه في؟!

ماجد بتوتر : ما خابرش، آني لمحت الصقر من هبابة رايح الناحية اللي إهنكة بس معرفش إيه في؟! ……فوتنا دلوك من صجر وخلينا في اللي كت عاوزك فيه.

جلس ريان في المقعد المقابل لماجد يحادثه بانتباه فيبدو أن هناك أمر هام، فقد بات كلًا منهما يفهم على الآخر دون حديث.

ريان : إيه في يا ماچد؟! مالك إكده مش على بعضك؟!

ماجد : آني كلمت عمي إمبارح.

ريان : وإيه فيها يعني؟!

أراد ماجد إلقاء ما بجوفه دفعة واحدة : عمي جچاي بكرة الفچر.

ريان بأعين جاحظة : كيف ده؟! آني لساتني مكلمه من عشية، وجال إن جدامه وجت عجبال ما ياچي.

ماجد وهو يفرك كفيه بحرج : ما آني جولتله إنك إتچوزت.
(لبس ريو🤔؟! لبس ريو👍 يلا بالشفا).
👌👌👌👌👌👌👌👌👌👌
عودة عند جوز الزغاليل والسواق اللي ملطوع برة😂

أخذت عينيها تهتز بمحجريهما، وقد تملكها الخوف من تلك التخيلات التي هيأها لها في صورة تتجسد واقع أمام عينيها، في مشهد للفنان القدير حمدي الوزير (بريأكشنه المعروف واللي عاوزه أشوفه في الكومنتات 😂)،

وهي بديل العنصر الأنثوي في ذلك المشهد (عشان مش فاكرة الصراحة الريأكشن كان لمين بالضبط في الحقيقة 😂).

فانقبض قلبها رعبًا وقد أصاب مصطفى هدفه.
(وجون وجون وجون، روعة يا ابني روعة، الله عليك يا حبيب والديك😂).

رفع مصطفى كفيها المحاصران بين راحتيه قائلاً ببراءة : مالك يا قلبي إيديك بتترعش كده ليه؟!

هي بعقل مغيب : أنا خايفة أوي يا مصطفى؟!

جذبها مصطفى من كفيها إليه يفرقهما، وهو يحاوط بهما خصره يضمها إليه، وبعدما استقرت راحتيها على ظهره من الخلف، تستند برأسها على كتفه بتيه، تلتمس الأمان بمحيطه، رافعاً كفيه عن راحتها، يحاوط كتفيها يضمها إليه بحنان، وهو يتأوه بلوعة، وإحدى راحتيه تدعم رأسها من الخلف إليه، وشفاهه بالقرب من أذنها، و أنفاسه الحار،، الساخنة، المعطرة، تداعب جانب عنقها.

قائلاً بنبرة مطمئنة أقرب إلى الهمس : بقى خايفة، وأنا جنبك، ده عمري كله فدا لحظة خوف تحسيها، ساعتها حياتي كلها ما يبقاش ليها قيمة، لو ما كنتش قدامك مش في ضهرك بس.
(خبيث انت يا مصطفى😂)

رفعت رأسها سريعًا إليه قائلة بإقرار : أنا عندي حل يا مصطفى.

اللهفة التي رآها بعينيها لذلك الحل، (وكأنها اكتشفت طريقة عمل الكيكة الإسفنجية عشان ما بعرفش أعملها صعبة مش بتظبط 👌) أعلامته أنه لم يحرز هدفًا فقط، وانما انتهت المباراة لصالحه.

فلما الاستعجال على الإحتفال، فلينل الكأس أولاً.

اعاد رأسها إلى موضعه قائلاً بنبرة متأثرة لقربها منه : قولي يا قلب مصطفى.

رفعت رأسها إليه مرة ثانية قائلة : إنت لازم…..

بعدما رفع بصره إليها، وهي بهذا القرب قائلاً : فعلاً أنا لازم أعمل كده………
(لا يا ديشة إنت أخلاقك باظت خالص 😂).

👇👇👇👇

رواية رومانسية اجتماعية رواية وعد ريان بقلم الكاتبة أسماء حميدة الجزء 11 رواية عاطفية مكتملة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top