البارت_15
-لقد أحببت (چاك) هذا من كل قلبي، لكنه استخف بي وبمشاعري.
قالت (سارو) الأخيرة بألم وهي تطبق جفنيها بقوةٍ، فجلست (ماتي) إلى جوارها تربت على ظهرها بحنوٍ وإشفاق، تقول بمواساة لرفيقتها:
-لقد ألحيتِ عليكِ وقتها لتحكِ لي، ولكن الآن بعد هذه الحالة التي أراكِ عليها لن أسألكِ عنه مرة أخرى، سنغلق أبواب الماضي ونبدأ من جديد.
أومأت إليها (سارو) وهي تستند برأسها إلى كتف رفيقتها التي لم تكن على استعداد لأن تفوت عرض كالذي فجره (ماركوس ألفريدو) عبر الهاتف، كما أن هناك ثأر بينهما لابد وأن تنههِ بأي وسيلةٍ كانت، لذا أردفت تقول بهدوءٍ يشوبه الاستعطاف:
-لقد مرت أعوام على ذلك (سارو)، وآن الأوان لنمد إيدينا ونقتنص من الحياة ما بخلت به علينا.
-كما أنكِ وافقتِ من البداية لذا أعطيتُ إلى هذا المعتوه كلمة، ومن المفترض أن نستعد الآن للحفل.
تعلم (سارو) أن صديقتها محقة، فلقد مر على تلك الواقعة سنوات ولكنها لازالت تتذكر هذا البغيض عندما صارحته بحبها بعد أن طالبته بحديث على انفراد.
فوافق بتململٍ، وقادها إلى حيث غرفة متطرفة بنهاية الحديقة التي أُقيم بها الحفل، وهي وبكل براءة وبعد أن أصبحا بعيدين عن الأنظار، اقتربت تضع يديها بنعومة على عينيه ترجوه أن يغمضهما، ففعل بنزقٍ وكأنما يود إنهاء الموقف السخيف هذا.
وقد كانت بالفعل مبادرتها تلك من أكثر التصرفات حماقة إذا همست بالقرب من مسامعه تقول:
-أعلم أن ما سأقوله غريب بعض الشيء ولا يجب أن يصدر من الفتاة، ولكنني لا أخجل من أن أقولها لك (أحبك، چاك).
قهقه (چاك) ملأ فيه ساخراً ولكنها استمرت في واصلة الغباء تناشده:
-لا تفتح عينيك أرجوك، فإن فعلت لن أتمكن من تقديم هديتي إليك.
أردف بوقاحة:
-وهل تحلو القبلة والإنسان يغض بصره هكذا؟!
(سارو) وقد تخضب وجهها بحمرة الخجل تقول بخفارةٍ:
-تأدب!
لوى ثغره بامتعاضٍ، بينما راحت تشدو بصوت ناعم إحدى الأغنيات الملائمة لمناسبة كهذه، ومن ثم أخرجت هديتها المتواضعة من حقيبتها البالية المدلاة بطوق على خصرها.
تنفضها واضعة إياها على نصفه العلوية تقيم ما إذا كانت قد أصابت نظرتها في صنع هذا القميص الصوفي الذي سهرت عليه ثلاث ليال تنسجه كي تقدمه له في عيد مولده وقد اشترت لوازمه من خيوط ورسوم من المال الذي تدخره بعد عناء من بيعها لمثل هذه المنتجات المغزولة يدوياً.
ولكنه لم يقدر لا مشاعرها الطفولية البريئة ولا حتى شكرها على مجهودها في إحضار هدية تعبت في إخراجها بهذا الشكل الرائع بل وبالقياس المظبوط وكأنه كان أمامها فعلياً وهي تعمل عليه.
إنما جذبه من بين يديها يلقه أرضاً بإهمال، وهو يطوق خصرها بيد واحدة، يقربها إليه عنوة حتى اصطدم جسدها النحيل وقتها بخاصته وهو يقترب منها بطريقة وحشية، يقول بانحدار ولم يبالي بقلبها الذي سُحق أسفل حذائه الثمين:
-منذ أول مرة ذهبت فيها إلى ملجأ الأيتام ومجهولي النسب هذا، وأنا أرى عينيكِ التي لا تحيد عني في دعوة مبتزلة ولكن عندما كنتِ صغيرة ظننتها براءة أطفال، ولكن على ما يبدو قد أتيت اليوم لتعرضي حالك بشكل صريح.
أخذت تدفعه بكلا راحتيها في صدره بكل ما أوتيت من قوة، ولكنه كالجبل لا يتزعزع عن موضعه.
ابتسم بتهكمٍ وهو يراقب محاولاتها الفاشلة في الخلاص، ولكنه لم يتركها إلا عندما رغب في ذلك، فحَلَّ وثاق خصرها الذي كبله بذراعه ومن شدة مقاومتها له وهي تدفشه بعيداً عنها، هوى جسدها أرضاً لتسقط أسفل قدميه وهو يقول باحتقارٍ:
-يؤسفني أن أخيب مساعكِ آنسة….. لا يهم فأنا حتى لا أذكر اسمكِ ولست مهتماً لأعرفه، فأنتِ بالتأكيد لستِ من نوعي المفضل.
قالها وهو يتجاوزها متوجهاً ناحية باب الغرفة، ومن ثم التفت إليها ويده تدير مقبض الباب، يقول بخشونة تعمدها:
-هاااي! أنتِ! هل ستبقين بأرضكِ تنتحبين لباقي العمر، أم ماذا؟!
-اذهبي من حيث أتيتِ ولا تهربي مرة أخرى من الدار، وإلا سلمتكِ بيدي.
-انسيني (سا….).
لم يكمل جملته لتفهم مقصده الأخير أكان يريد أن يكمل واصلة تهكمه أم شيء آخر! ولكن صوت تصدع قلبها الذي صرخ يلومها على ما صنعته به، يقول : – بالطبع كان مستمر في تكييل كلماته السامة أيتها الغبية.
-انفدي بجلدكِ من هنا ولا تلتفتي وراءكِ.
وقتها لم تعلم مَن تفترش الأرض بجسدها مِن أين له بكل هذه القسوة، فقد أتت إلى هنا بعد أن ظنت أنها مميزة بالنسبة إليه، فكما قال كان يراها وهي تتابعه بأعين يملأها الحب الخالص دون رياء أو طمع.
وعلى غرار ما حدث بيوم حفل عيد ميلاده فهو لم يقابل نظراتها سابقاً بالتجاهل، وإنما ما كانت تبوح به عينيه من قبول ونظرات تشجيع هو ما جعلها تتحلى ببعض الشجاعة كي تأتي إلى هنا، ولكن بعد ما تفوه به الآن لا مجال لأي شعور نقي تجاهه، كل ما يستحقه هو الكراهية والنفور.
صديقتها محقة لقد مضى وقت كثير.
هذا صحيح، ولكنها لازالت تشعر بألم في صدرها كلما تذكرت، ماذا تفعل وجراح قلبها وأنوثتها ما زالت تنزف حتى الآن؟!
وبالرغم من كل تلك السنوات التي مضت لم تتحرك مشاعرها تجاه أي رجل!
ولم تشعر تجاه أحدهم بما كان يتملكها من أحاسيس عندما كانت عينيها تقع عليه من بعيد، ولكنه خيب أملها به.
بل وعندما غادرت تلك الغرفة المقيتة التي شهدت على صدمتها في حبها الأول والأخير، وجدته يستقل السيارة مع إحداهن وذلك بعد أن ركضت تعدو إلى بوابة القصر المقام به الحفل وعينيها تفيض بالدموع أنهاراً، وعندما رأته معها التفتت تواليه ظهرها حتى لا يرى المزيد مما جنته يداها وعانى منه قلبها.
لحظة!! لقد طفق بمخيلتها هذا النقش المرسوم على اللوحة التعريفية للقصر الذي ذهبت إليه عند استماعها للعنوان الذي دونه رفيقه، كان في مقاطعة… شارع…… ڤيلا رقم 5.
قطبت جبينها، معاودة الشرود وبات كامل تركيزها منصب على تذكر باقي الحروف المنقوشة التي بدأت ب(..Alph).
لا! لا (سارو) من غير الممكن أن يحدث هذا، لا بل إنه مستحيل.
وكزتها (ماتي) تقول بإلحاحٍ:
-حباً في الله (سارو)، إنه مجرد دوراً تمثيلي لن يدوم سوى لبضع ساعات قليلة، و بالمال الذي سنجنيه على إثره يمكننا مغادرة هذا الخندق ونستأجر شقة أوسع في مكان أرقى ونوسع نشاطنا.
-إلى جانب ذلك فمن المستحيل أن يكون (چاك) هذا هناك!
-وحتى إذا كان، فهو حتماً لن يتذكركِ بعد كل هذه السنوات، وحماقة منكِ إذا كان لا زال يؤثر بكِ رؤية وغد كهذا بعد ما حدث، حتى ولو لم تطلعيني على القصة كاملة ولكن هيئتكِ عندما تذكرته تقول الكثير.
ارتد رأس (سارو) إلى صديقتها سريعاً، وهي تسألها بتلهفٍ:
-(ماتي) لقد قلتِ أن (ماركوس) شريك بالنصف هو وأخيه في ميراث آل (ألفريدو)، صحيح؟
(ماتي) بتأكيدٍ:
-أجل، وما علاقة هذا بما نتحدث عنه الآن؟!
(سارو) بتململ:
-اجيبيني أولاً، هل معنى حديثك هذا أن (ماركوس) وأخيه (چا….
(ماتي) بتعقيب : – (چاكوب)!!
استكملت (سارو)، تقول:
-(ماركوس) و(چاكوب) ليس لديهم إخوة آخرون؟
رفعت (ماتي) رأسها تحملق بالسقف في ضجرٍ، وهي تقول:
-لن أجب حتى تخبريني هل سنذهب إلى الحفل أم لا؟!
تعرفها (سارو) جيداً، فالإلحاح لن يجد معها نفعاً لذا أجابتها داحرة آمالها : – لا.
عقبت (ماتي) سريعاً:
-أجل كان لديهم أخ ثلاث، ولكنه مات بحادث منذ العام الماضي.
(سارو) باستفسارٍ : – ماذا كان اسمه؟
(ماتي) بتوسلٍ وقد أوشكت على البكاء : – سنذهب؟
هدرت فيها (سارو) بحدة، وهي تضيق عين القطة خاصتها، تقول بتحذيرٍ : – (ماااااتي)!
(ماتي) باستفاضة:
-(چاكر) وكانوا يدعونه (چاكي)، مات برصاصتين أثناء مناورات مع إحدى عصابات المافيا.
تمهلت (سارو) للحظات ومن ثم أخذت تفكر هل من الممكن أن يكون (چاك) هو واحد من أبناء هذه العائلة؟!
وبالرغم من العهود التي قطعتها على حالها بأنها لن تعاود التفكير به، إلا أن فكرة كون أن (چاك) قد يكون هو فقيد آل (ألفريدو) أصابتها بوخزة في قلبها أشبه بغرز نصل سيف مسموم أخترق قفصها الصدري وباتت عملية التنفس أشبه بالاحتضار، وكان لوقع هذه الخاطرة أثر بالغ عليها إذ شحب وجهها كمَن أوشك على الاختناق.
إثر شرودها المفاجئ هذا والشحوب الذي احتل وجنتيها الورديتين، ربتت (ماتي) على ظهر يدها، تقول بقلقٍ حقيقي وهي تستشعر برودة أطراف التي صارت كالثلج:
-(سارو)!! هل أنتِ بخير؟!
انتبهت (سارو) عندما التقطت (ماتي) كفها تفركه بين راحتيها محاولة بثها بعض الدفء، والأخرى تستغرب حالة (سارو)، فلا زالوا في فصل الصيف والجو حار، إذاً لِم تسلل الصقيع إلى تلك المتجهمة، فهي بالطبع تجهل ما يجول الآن بخلد مَن توقفت خفقات نابضها.
لم تجب (سارو) على تساؤل (ماتي)، ولكنها هزت رأسها بنفي، وهي تتمتم:
-(ماتي)! اعطيني شربة ماء، أشعر بظمأ شديد.
نهضت (ماتي) على الفور تركض باتجاه المطبخ الصغير التابع لشقتهما المستأجرة تحضر لها زجاجة مياه من البراد المستهلك خاصتهما، عائدةً على الفور ويدها تعبث بغطاء الزجاجة تناولها إياها، فالتقطتها (سارو) تتجرع منها بشراهة حتى سال الماء من بين شفتيها على الجانبين، وكأنها كانت تسير لأيامٍٍ في صحراء قاحلة ولم تجد ما تروي به عطشها .
جففت (سارو) تلك القطرات المتساقطة بظهر راحتها وهي ترفع بصرها إلى هذه الواقفة تناظرها بوجلٍ بينما رمقتها (سارو) بامتنان، تقول:
-أدام الله المحبة بيننا، ودامت جمعة شملنا، أنا لا أعرف من دونكِ ماذا كنت سأفعل (ماتي)؟!
جذبت (ماتي) رأسها تضمها إليها وهي لازالت أمامها بينما لفت (سارو) ذراعيها حول خصر تلك المؤازرة، فقالت (ماتي) بحنوٍ:
-ولا أنا (سارو)، يبدو أن الله وضع كل واحدةٍ منا في طريق الأخرى، وألقى بالمحبة في قلوبنا، لنكن سنداً لبعضنا.
-أنتِ أختي (سارو)، ولا يوجد شيء على وجه الأرض يجعلني أنفركِ أو ابتعد عنكِ.
جذبتها (سارو) تجلسها إلى جوارها وهي تقول:
-(ماتي) هل تعرفين (چاكر) هذا؟! هل يمكنكِ أن تصفيه لي؟!
زوت (ماتي) من بين حاجبيها بدهشة، وهي تقول:
-حباً في الله (سارو) لقد أتلفتِ اللحظة الرومانسية التي عايشناها تواً بسؤالك غير المتوقع هذا!
(سارو) قائلةً بالتماس:
-لا بأس، سأعوضكِ، فقط اجيبيني!
(ماتي) بامتثال، ولكنها بالفعل ليس لديها معلومات تذكر عن (چاكر) هذا:
-صدقيني لا أعلم شيء عنه، فالمشاع أنه كان على خلاف مع أخوته حتى من قبل وفاة أبيهم، ولم يكن يظهر على الساحة وهناك تعتيم بشأنه عبر مواقع التواصل الاجتماعي ومحركات البحث على جوجل.
(سارو) بإحباطٍ : – وماذا عن أخويه؟!
(ماتي) بدهشة، تقول:
-ألا تعرفين مواصفات (چاكوب ألفريدو) و (ماركوس ألفريدو)؟!
-الأخبار لا حديث لها إلا عنهما وصورهما تملأ كل المواقع خاصةً (چاكوب) وذلك بعد انتشار خبر طلاقه من زوجته (ناتاشا)!
(سارو) بإيماءة نفي:
-أنت تعلمين لم أكن أشغل بالاً لهؤلاء، ولا أخبارهم تعنيني.
(ماتي) بلوية ثغر : – وما الذي جد في الأمر؟!
زفرت (سارو) بحنقٍ، تقول بنزقٍ:
-خلصنا (ماتي) لا أريد أن أعرف شيئاً، دعيني الآن.
(ماتي) بمهادنة:
-لو كان هناك وحدات بباقة الجوال كنت أريتكِ صورهما ولكن الوصف لن يكون دقيقاً، على العموم (چاكوب) هذا طويل القامة ذو شعر أسود وعينيه تقارب خاصتك في اللون و(ماركوس) متوسط القامة له عينين بنيتين و….
قاطعتها (سارو) إذا أن وصف هذا ال (چاكوب) ينطبق على (چاك) وكذلك اللقب مقارباً لاسمه ولكنها لا تتذكر بقية النقوش على لوحة تعريف القصر، لذا سألتها:
-هل لدى آل (ألفريدو) ڤيلا في مقاطعة….
فركت (ماتي) جبينها براحة يدها، ومن ثم أجابت:
-بالتأكيد فطبقة كتلك تمتلك قصوراً في كل أنحاء العالم.
(سارو) بإلحاحٍ مريب : – بالتأكيد أم من الممكن؟
(ماتي) بضيق:
-لِم كل هذه الأسئلة والتحريات؟!
(سارو) بعدم تأكد:
-لدي شك بأن (چاك) الذي حكيتُ لكِ عنه، قد يكون هو نفسه (چاكوب) أو (چاكر) هذا، ولكنه على الأرجح (چاكوب).
(ماتي) بضجر:
-حتى لو! فهو لن يتذكركِ، فقد أختلف شكلكِ كثيراً عن ذي قبل، عندما كنا في سن المراهقة كان شعركِ قصيراً وجسدكِ نحيف ولم يكن وجهكِ بهذه الاستدارة.
-بالسابق كنتِ فتاة مراهقة أما الآن فأنتِ أنثى ناضجة.
-قارني بين صوركِ القديمة وهيئتكِ الحالية.
انتفضت (سارو) تهب مستقيمة من مجلسها تقول بغضبٍ:
-أنتِ لا تفهمين ما أعنيه! لا يهمني إن تعرَّف علي أم لا.
-أنا لا أريد رؤيته سواء تذكرني أو لم يفعل.
-أنا لن أذهب برفقته مهما حدث، اذهبي أنتِ إذا شئت.
(ماتي) بتعقلٍ:
-لاحظي أنك لا زلتِ غير متأكدة من أنه نفس الشخص.
-إلى جانب هذا أنا لست شقراء ولا ينطبق علي الوصف الذي اشترطه (ماركوس) في اتفاقه الذي تم بموافقتكِ، إلى جانب هذا لقد وعدته بأن شعر المرافقة سيكون حقيقياً وليس مصبوغا أو مستعار.
(سارو) بتعنتٍ:
-حسناً اخبريه بأننا قد ألغينا الاتفاق، فليبحث بمعرفته عن البديلة.
(ماتي) في محاولة لإقناعها:
-(سارو) فكري بعقلكِ لا بقلبكِ.
-إلغاء الاتفاق يعني تخلينا عن كل هذا المبلغ، هذا إلى جانب تفويت فرصة ثمينة كتلك ربما تغيير مسار حياتنا كلياً.
هزت (سارو) رأسها برفض، فعقبت (ماتي) تقول:
-(سارو) يجب عليكِ أن تسترخي وتهدأي، وتحاولي أن تفكري بعقلانية.
-حتى و إن كان ما تشكين به صحيح، وكان (چاكوب) هو نفسه (چاك)، ولا زال للآن وبعد كل هذه السنوات يؤثر بكِ وقادر على جرحكِ مرة أخرى.
-فتلك معضلة كبرى بل كارثة، وآن الوقت لكي تواجهيها وتتغلبي على هواجسكِ به.
كل ما تقوله (ماتي) تقر (سارو) بمنطقيته ولكنها لن تفتعل المشاكل بسبب وهمها به، وفي المقابل هي غير مستعدة لمواجهته مهما كلفها الأمر وتصر على ذلك، وستبقى على موقفها، لن تذهب برفقته سواء أكان هو (چاك) أم لا.
تُرى هل انتهى الأمر عند هذا الحد؟!
أم ستستخدم (ماتي) ذكائها وحيلها في إقناع رفيقتها (سارو)؟
🔥🔥🔥🔥🔥🔥🔥🔥
*في القلعة عند (كيتي) وصياد الوحوش.
تململت (كيتي) في فراشها بعد غفوة استمرت من ساعة لساعتين لا أكثر.
تمطأت وهي تفرد ذراعيها لأعلى، تشعر بعدم الراحة في تلك الثياب، فهي معتادة على ارتداء ملابس بيتية أكثر راحة في هذا الحر القائظ.
ما إن أطلقت العنان لذراعيها، أجفلت وها قد عاودها الألم مجدداً، فخفضت يديها تفرك جفنيها بحرصٍ في تثاؤب، ومن ثم أفرجت عن أهدابها لتصطدم عيناها بأخرى سوداوين فضوليتين.
قطبت جبينها بتركيز وهي تتأمل ملامح وجه صاحبهما.
أجل! تذكرت، إنه ذاك الصبي الذي رأته يعوم مع (أرون دانييل) في بركة السباحة بالأمس، فهو كما قدرت إذ يبدو طفلاً صغيراً لا يتعدى عمره السبع سنوات، كان جالساً إلى جوارها على طرف التخت.
(كيتي) ببشاشة:
-هاي، صباح الخير.
بادلها الصغير الابتسامة، يرد عليها التحية:
-صباحك جميل (كيتي).
اتسعت ابتسامتها، وهي تقول بنبرة ودودة:
-هو جميل فعلاً، وخاصةً عندما يفتح المرء عينيه ويرى ملاكاً مثلك.
زوى الصغير ما بين حاجبيه، يقول بتساؤل:
-كيف علمتِ بهذا؟! هل تعرفيني؟!
مطت (كيتي) شفتيها إلى الأمام، وهي تقول بعدم إدراك:
-عفواً!! ماذا تقصد؟!
شعرت (كيتي) بتوجس الصبي، وقد تلبك وكأنه لا يجد ما يقول، فبادرت تتجاذب معه أطراف الحديث، فعلى ما يبدو أنه كان يرمي إلى شيء ما، لم تلتقطه، لذا قرر التزام الصمت المتحفظ مثل أبيه، وداخلها سؤال ملح، أين هي والدته؟!
ولكنها قطعاً لن تتطرق بالحديث عند هذه النقطة، لذا سألته في اتجاه مغير لتمتص نوبة توجسه، وقد وقع ناظريها على سلسال معلق برقبته يحمل حرف (A) :
-هيا يا صغيري! أنت تعرف اسمي، أليس كذلك؟!
الصبي بتأكيد:
-أجل، (كيتي)!
(كيتي) بنظرة رضا؛ فها قد بدأ يتجاوب معها، فأردفت تسأله بسلاسة:
-هل أخبرك به (أرون)؟
هز الصبي رأسه بالرفض وهو يقول بجدية، وكأنها اتهمته بشيء شنيع:
-لا، أقسم أنه لم يفعل، وكذلك لم أسأله.
اعتدلت (كيتي) ببطئ، ترفع جذعها عن السرير، تسند ظهرها على الوسادة خلفها، ومن ثم بسطت راحتها تداعب خصلات شعره الأسود الناعم وهي تقول بلين:
-لا تقسم، فأنا أصدقك، وحتى وإن فعلت، فما الخطأ بهذا؟!
أطرق الصبي رأسه قائلاً بحزن:
-لكنني حقاً لم أفعل!
خفضت (كيتي) يدها تصقل ذقنه، رافعةً رأسه إليها، تقول بمهادنة:
-لِم الحزن يا صديقي؟! أعلم أنك لم تسأل.
-حسناً، اخبرني كيف عرفته إذاً؟!
الصبي ببراءة : – خمنته.
(كيتي) بعدم إقتناع، ولكن هناك إحساس بداخلها يؤكد أنه لا يكذب، ربما هي مخطئة، ولكن لا بأس في ذلك، ربما ألقى عليه هذا ال (أرون) بعض التعليمات حتى لا يفصح عن مصادره؛ لذا فهو يخشى التصريح، فأردفت تقول بتشجيع:
-يبدو أنك ذكي ولماح، هلا أعطيتني الفرصة لأجرب؟!
الصغير بثقة:
-لا تحاولي لن تعرفي اسمي.
(كيتي) بدهشة كيف عرف أن اسمه هو المعني بالفرصة؟!
يبدو أنه لماح فعلاً، أو ربما لأن حديثهما يدور عن الأسماء!
تجاوزت تلك التساؤلات، وهي تقول بطفولية:
-لا، هذا ليس عدل، لا تشوش على أفكاري.
أومأ لها الصبي بتسلية، وبصرها مركزٌ على الحرف الموجود بالسلسال ولكن بعد أن تحدته، ندمت على فعل ذلك إذ لم يحضر بذهنها أي أسماء ذكور تبدأ بحرف (A).
فكرت في التراجع؛ لذا همت لتصرح بخزي عن فشلها في ذلك، ولكن ما كادت أن تفعل حتى طفق بمخيلتها اسم (آدم) منقوش بحروف من نور وكأنها كانت غافية وأتتها رؤيا، لينطق لسانها على الفور:
-(آدم)!!
صفق الصغير باستحسان، يقول:
-ها قد أصبتُ.
التمعت عينيها بدهشة، رافعة إحدى حاجبيها بتعجب فهي مَن فكرت بالاسم، وهي مَن ذكرته، فلِم خص نفسه بالثناء؟!
نفضت رأسها، وهي تسخر من حالها، قائلة:
-ما بكِ (كيتي)؟! إنه طفل صغير، لابد وأنه أخطأ بضمائر المخاطب، توقفي عن تلك الحماقات، واكبري قليلاً.
الطفل بامتعاض، يقول:
-لمعلوماتك، أنا لم أخطئ.
(كيتي) بعفوية:
-فيمَ الخطأ؟ أنت……….
قاطعها (آدم) بما جعل الكلمات تتوقف بحلقها عندما قال:
-بالضمائر!!
لحظة! هل كانت تفكر بصوتٍ عالٍ، فسمع ما دار بينها وبين نفسها، لم يدع لها الفرصة لتتعجب إذ مال إليها ينظر بعمق داخل عينيها، يقول بجدية:
-لا تتبعيه، فهو لا يعرف عنها شيئاً.
لا!! أيقصد….
سألته وقد جحظت عيناها بعدم تصديق:
-ماذا تعني؟!
(آدم) بعبوس : – (إبرام)، ولكن لا تخبري (أرون).
أصبحت على مشارف الجنون، هل تواصل (إبرام) مع (أرون) كي يسأل عنها عندما لم ترد له خبراً منذ أمس، لذا الصبي على دراية بهذا الاسم؟!
لكن وحتى إن حدث هذا، ف (إبرام) لا يتمتع بالأخلاق العالية ليفضح أمره أمام شخص مثل (أرون) أو لأي شخص آخر، ليعترف هكذا وببساطة أنه قام بابتزازها لتقبل المجيء إلى هنا في مقابل أن يدلها على طريق (سارة).
فأسرعت تسأله بريبة:
-(آدم)، هل اتصل (إبرام) على هاتفي؟! أو تواصل مع (أرون)؟!
هز (آدم) رأسه بنفي، يقول:
-هاتفكِ مغلق منذ أمس وحاولت أن أعيد تشغيله لكي استمتع بالألعاب لكن (أرون) أخذه من يدي، وقال أن ما أفعله شيء خاطئ.
-و(إبرام) هذا لم يأتِ إلى هنا، ولم يحاول الوصول إلى (أرون) بأية وسيلة.
مدت (كيتي) يدها تلتقط كف الصبي وهي تقول بالتماس:
-إذاً اعلمني كيف عرفت بشأن (إبرام)؟ ولا تقلق لن أخبر (أرون) بأنك اطلعتني على شيء.
أطرقت الصبي رأسه ينظر إلى يدها التي احتضنت كفها، وهو يقول بأسى:
-حالتكِ سيئة (كيتي)!!
-كيف كان الأمر هناك؟!
قالها وهو يؤشر بيده الحرة إلى اتجاه مبهم، أو ربما لانشغالها بما قال لم تدرك ماذا يعني، فسألته : – هناك!! أين؟!
(آدم) بإثارة : – عند الإفريز الصخري.
ما زالت مشتتة وتبحث عن إجابة لسؤالها السابق لذا تجاوزت ما قال، لتعاود تكرار ما تريد له إجابة:
-اجبني أولاً (آدم)، كيف علمت بشأن (إبرام)؟!
(آدم) قائلاً بامتعاض:
-بالرغم من أنني لا أحب المساومات ولكنني سأجيبكِ، ولكن لا تنسي أنك وعدتيني بألا تخبري (أرون)!
أومأت (كيتي) بتأكيد وهي تقول:
-لا تقلق، وعد!
(آدم) بإبهام : – لدي قدرة خارقة ولا تسألي عن ماهيتها لأنني لن أفصح، ولا تقلقي (أرون) و(إبرام) لا يعرف كلاً منهما الآخر.
قدرة خارقة!! ما هذا الهراء!!
وهناك شيء آخر، لِم يردد (أرون)؟! من دون لقب!!
همت لتسأله، فقاطع محاولتها وهو يقول بإلحاح:
-هيا (كيتي)، اخبريني كيف كان إحساسكِ هناك وأنتِ تتسلقين الصخور؟! حتماً شعرتِ بالمتعة والإثارة؟
(كيتي) بصدق:
-على العكس تماماً (آدم) كانت تجربة شاقة ومخفية، وسأصدقك القول لن أفكر في معاودة التجربة مرة أخرى.
(آدم) بثقة:
-هذا لأنكِ فتاة، ولكنني رجل ولا أخاف شيئاً.
تمهل لبرهة ثم أضاف:
-سأفعلها يوماً ما.
مجرد تخيل أن طفل صغير گ (آدم) سيقدم على تجربة كهذه جعلها تشعر بالذنب، وتملكها الذعر، فقالت ترشده:
-لكن لابد وأن تلتزم باحتياطات الآمن، و…..
صدح صوت خشن أجش تعرف صاحبه، وهو يقول بغلاظة:
-(آااادم)، ماذا تفعل هنا؟! ألم أخبرك بألا تقترب من هذه الغرفة؟!
هرع الصبي يحط بقدميه أرضًا يركض نحو (أرون) يلف ذراعيه حول خصره، رافعاً رأسه إليه يقول بالتماسٍ:
-لم أزعجها (أرون) أقسم على ذلك.
-لقد وجدتها مستيقظة عندما أتيت إلى هنا.
-أليس كذلك؟!
قالها (آدم) وهو ينظر إلى (كيتي) بأعين تسالها الدعم، فلم تتوان، إذ قالت تأمن على حديثه:
-إنه يقول الحقيقة، لقد استيقظت بمفردي.
لم يعر (أرون) لتعقيبها أي انتباه، بل وجه خطابه إلى الصغير، يقول بأمر:
-اذهب أنت الآن (آدم) لتتناول فطورك، (سامنتا) قد أعدته إليك بالأسفل.
أومأ الصبي بإيجاب دون حديث، ومن ثم أهداها ابتسامة مترددة، قبل أن يخطو برأس مطرقة نحو الباب ومنه إلى الخارج يغلقه خلفه.
ارتجفت بخوف عندما لمحت معالم الغضب المرسومة على وجه (أرون)، فها هي مجبرة لتواجه هذا المتجهم مرة أخرى، اقترب بخطوات ثائرة ينقض عليها، قابضًا على ذراعها بقوة فجأة أجفلتها، ليسألها هادراً فيها بحدة:
-عمَّ كنتِ تستجوبينه؟
ارتعبت من حالته المخيفة تلك، فمنذ رأته وهو يفتعل معها المشاحنات ولكن تلك المرة الثانية التي تلحظ بها تحوُّل عينيه بهذا الشكل القاسي، بالمرة الأولى أعتقدت أنه يُخيل لها ولكنها الآن تجزم أنهما عينا ذئب.
حاولت الابتعاد عنه حتى نهاية التخت، إلا أنه جذبها بقوة، أو هكذا ظنت، لو تعلم أنه برغم غضبه الشديد منها، ولكنه يستخدم معها أقصى درجات الرأفة، فبشرية مثلها لن تحتمل نوبة سخطه العادية.
أما عنها فلم تعافر بعد هذه القوة التي جذبها بها ليرتطم رأسها بفخذه، فهو لا زال واقفًا إلى جوار السرير.
شهقت بألم وهي تغطي جبينها براحة يدها بحماية وتوجع، ولكنه لم يتأثر بما تعانيه الآن، وظل على حاله، والوجوم الصرف جليًا على معالم وجهه، والغضب الأهوج ظاهراً بوضوح في نغمة صوته، والغيظ متجسداً في قبضة يده المُحكمة على ذراعها.
فأجابته وها قد بدأت الدموع تقطر من عينيها، وهي تنفي بشدة ظنه بها:
-لم أسأله ولم أتطرق إلى شيء، فبالرغم من فكرتك المشينة عني، إلا أنه ليس من شيمي استغلال سذاجة الأطفال.
رمقها بنظرات غير مصدقة، يسألها بشك:
-لا أصدقكِ! حقاً ما تقولين؟!
نظرت إليه (كيتي) بلوم، تقول:
-صدقني (أرون) أنا أقول الحقيقة.
تردد صوت (شيزار) يغمغم بذهن (أرون)، يقول بمجون:
-دعك من العنف يا رجل؛ فعلى هذا النحو سنخسر رفيقتنا أيها الأهوج، تبدو صادقة وفاتنة أيضاً، انظر إلى تقسيمات جسدها المثير.
شدد (أرون) من قبضته على ذراعها… يزأر نافضاً أفكار هذا الماجن من رأسه، وهو يسألها بحدة:
-عمَّ كان حديثكما إذاً؟! لقد سمعت صوتكما عند دخولي وأنتما تتبادلان الحوار؟
أجابته (كيتي) بتلبكٍ:
-لا شيء مهم، كان يسألني عما حدث معي عند التلة؟!
ردد، وتقسم أنها رأت الرعب مطل من عينيه:
-التلة؟
-ما الذي كان يريد معرفته؟!
أجابته بثبات، فتلك هي الحقيقة:
-كان يستفسر عن تجربتي في تسلقها، و أخبرته ببشاعة الأمر، ولكن على ما يبدو أنه يود الذهاب إلى هناك والتجربة بنفسه.
تتمتم (أرون) بهمس : – سحقاً!!
رمقها بخشونة، ومن ثم سألها بحدة:
-أرى أنكِ قد تعفيتِ؟!
تلاعبت بها الأفكار، ليقودها عقلها إلى أن تسأله بلطفٍ:
-أشكرك على اهتمامك لقد أصبحت بحالاً أفضل، هلا سمحت لي بالرحيل من فضلك؟
رد عليها (أرون):
-كُفي عن هذه النغمة لقد مللتها، سترحلين عندما يناسبني ذلك، وحتى هذا الحين لا أريد أية استفسارات، وحاذري من أن تثيري غضبي.
-سيأتي (توماس) لفحصكِ، فلا تفعلي شيء أحمق أمامه.
أهدته ابتسامة ملتوية خادعة، وهي تقول بتهكم :
-ممَّ تخشى سيد (أرون)؟!
-أن أركع أمامه على ركبة ونصف، أتوسل إليه كي يساعدني، فأنا أسيرة صياد الوحوش.
-لست غبية إلى هذا الحد، وطالما هو صديقك فلا أعتقد أنه إذا علم بأمر كهذا، قد يقدم على مساعدتي، فأنت رجل مثله.
ناظرها بشك، فما هي مشكلتها مع الرجال؟! أتراها معقدة منهم؟! أم حطم أحدهم قلبه؟!
عند هذه الفكرة وغزته مشاعر غريبة يجهل ماهيتها، فأراد أن يسكت هذا الصوت الذي صدر بداخله ليوجِّهه كي يتعرف على أسباب ما يشعره نحوها بشكلٍ كلي، فوجد نفسه يهدر فيها، ولكن الأمر كان المقصود به أفكار (شيزار) اللعين:
-كف!!
قلبت عينيها بملل، وهي تشيح بوجهها عنه، إذ قررت أن تعامله ببرود مماثل ومن ثم مالت بجذعها إلى الخلف تتكأ بساعديها على السرير، وهي تهز كتفيها بلا مبالاة أغاظته.
لذا دنى يرتكز بركبته على حافة السرير، يميل إليها، متلمسًا ذقنها برقة وكأنه يريد أن يريها بعضاً من سطوته عليها ولكنها تحاشت النظر إليه، فرفع رأسها لأعلى يجبرها على مقابلته.
للحظة ارتابت لفعلته، إذ باتت تعلم ألاعيبه جيداَ، فلم تنقاد وراء غريزتها الغاشمة، وواجهته تنظر في عينيه بثبات، ولكن هو!! أين هو!!
لقد أصبح تائهٌ بعمق رماديتيها ومقلتيه تلمع بلوعة، ينتظرها أن تبادر بأي ردة فعل كما عودته.
ولكنها خيبت ظنه وحافظت على جمودها، فشعر بمرارة نحر رجولته التي كان يعتز بها وعلى يد مَن؟!
تلك الصغيرة التي بالكاد قد تجاوزت العشرين من عمرها، ولا يعطيها سناً أكبر من ذلك.
اتقدت عيناه بسخط عندما تململت أسفله تزيح براحتها الصغيرة كف يده، ريثما بدأت أصابعه تتحسس وجنتها بنعومة، قاذفة به إلى بحر الحرمان بفعلتها تلك، وهذا بعد أن كان يُمني نفسه بلمسة من شفاهها على خاصته.
هم يستقيم بجذعه عنها، وهو يسدل قدمه المعقوفة أرضًا، يبتعد عن السرير خطوتين، يواليها ظهره العريض متخصراً بكلا راحتيه على الجانبين، رافعاً رأسه لأعلى، يزفر أنفاسه بتهدجٍ، محاولاً استعادة رباطة جأشه التي حَلَّت وثاقها تلك الصغيرة.
ومن ثم التفت إليها يلقي على مسامعها تهديداً صريح، وهو يقول:
-إذا صدر منك أي شيء أمام (توماس)، فاعلمي إنكِ لن تحصلي على أفلامكِ وأغراضكِ الثمينة، أسمعتِ؟!
تباً لك، ولأفلامي!!
هذا ما أرادت أن تلقي به في وجهه، ولكنها عدلت عن ذلك، فهو لا يحتجز الأفلام التي صورتها له فحسب، بل معها أيضاً تلك الأفلام التي عملت عليها ما يقارب الأسبوعين، هذا إلى جانب مشقة انتقالها ما بين هنا وهناك.
وماذا عن (إبرام)؟!
والمعلومات التي قال أنه يعرفها عن مكان (سارة)؟!
فهي بالطبع لم تأخذ حديث الصغير بشأن (إبرام) على محمل الجد.
والكاميرا التي ظلت تدخر ثمنها لعام كامل؟! إنها بحوزته أيضاً.
قررت أنها ستتخلى عن بعض من تجاهلها له لتعقب على تهديده الأخير بكلمات موجزة:
-أجل سمعت، كلامك واضح.
رمقها بشك، فهو كان يعتقد أنها ستجادل كالمعتاد، وإذعانها هذا أثار تحفظه.
للحظات ظلت تناظره بثبات، تجبر حالها على مواجهة نظراته المثيرة للارتباك وها قد عاود نابضها يهدر بقوة، وهذا ما إن لانت حدة ملامحه، وباتت تمقت إحساسها بالضعف أمام رجولته الطاغية.
على مَن تضحك وتدعي الثبات؟!
إذا كانت قادرة على فعلها منذ لحظات فها قد خارت دفاعاتها وهي ترى لمعة عينيه الساحرة، ولا يعلم (أرون) نفسه لِم يشعر بالاستمتاع الآن؟!
أما عنها فقد تسارعت أنفاسها وأخذ صدرها يعلو ويهبط بوضوح انتشى له هذا الذي يضعها بأعينه المتفحصة تحت عدسات مكبر، لذا مَن عجزت عن التحكم بمشاعرها، قامت…..
هل ستتحسن الأمور بين (أرون) و(كيتي) أم أن لدى كل واحد منهما أسباب تحول دون ذلك؟!
حتى تحترق النجوم
انتى حقا مبدعه يليق بيك لقب الاسطوره حقا
روايه ممتعه وشيقه