الرواية حصري على موقع مجلة الأسطورة، ممنوع النسخ نظراً لحقوق الملكية الفكرية
” الفصل التاسع “
بعدما انتهي من حمامه وابدل ثيابه غادر الغرفه دون ان يتطلع اليها ، فقد تلاشي وجدها خوفا من بطشه بها ، فهو الان كالحمم البركانيه ولايريد ان ينفجر بها فهي مازالت صغيره ولم تتحمل غضبه .
اراد ان يختلي بنفسه ويذهب الي جواده الاصيل الذي يشعر به دون ان يتفوه بشيء فهو صديقه الاصيل الذي لن يتخلي عنه مهما كان غاضبا يتحمله بكل تقلبات مزاجه ..
ولكن استوقفته تلك الطائشه التي لا تعلم عواقب فعلتها .
وقفت امامه قائله بصوت مهتز : بتهرب ليه ، أوچف چصادي وخبرني انتي اتزوچتني ليه ؟ لم انت لساتك بتحبها و
لم تكمل كلماتها ابتلعتها داخل جوفها عندما هوي بيده يصفعها صفعه مدويه اعلي وجنتها ليخرسها تمام
- چولتلك اتچي شري السعادي يا بت الناس ، أني ماحدش يچف چصادي ويحاسبني
غادر المنزل كالاعصار واوصد الباب خلفه بقوه ، اهتز جسدها وارتجفت اوصالها وهوت بقدمها تجلس ارضا ثم انكمش علي نفسها كالقوقعه وانسابت دموعها بنحيب يمزق نياط القلب ..
امطي جواده وضربه بقوه ليركض الاصيل مسرعًا علي غير العاده ،توجه به الي البحيره الذي دائما يذهب اليها اثناء غضبه ويجلس علي جانبها ويلقي بالحصي داخل البحيره
عندما اقترب من مياه البحيره راء انعكاس صورتها داخل المياه وكانها تنظر له بعتاب ، شعر بوخذه داخل صدره فتلك الصغيره لم تعرفه بعد ، لم ترا منه الا الوجه الاخر ، لم ترا الإ قسوته وجحوده ، لا تعلم بان داخله طفل صغير يريد الاحتواء ، يريد ان يضع راسه بحجرها وتتسلل اناملها الرقيقه بين خصلاته فهو يفتقد ذلك الاحساس ، يريد ان تضمه باحضانها الصغيره ليغمدها بحبه وحنانه ، داخله وجه خفي لا يظهره لاحد فهي لازالت صغيره ولكن هو يتتوق لتلك المشاعر ، لا يريد منها النبش بالماضي الذي يجاهد من اجل نسيانه ومحوه من تاريخ حياته ، ياليته لم يلتقي بتلك الجنيه التي بدلت حياته وقلبتها رأسًا علي عقب .
ظل قابعا مكانه يلقي بالحصي الي ان جان الليل واسدل ستائره ، نهض من مكانه ليمطي جواده ويعود به الي حيث منزله يصالح صغيرته البريئه علي ما صدر منه ..
دلف من باب الشقه بهدوء ليتفاجئ بها كما تركها ، هرول اليها بقلق ، انحني نجذعه يتفقدها وجدها فاقده للوعي ، حملها برفق ودلف بها الي غرفتهم ، اراحها بالفراش ثم ركضت بحثا عن قنانه العطر خاصته ، ونثر بعضها علي كفه ثم قربها من انفها لتيتنشقها ولكن أبت محاولاته بالفشل ، اننابه القلق ونهض بحثا عن هاتفه وجده اعلي الكومود ، التقطه بلهفه ثم صغط زر الاتصال بشقيقه ، وعندما اجابه هتف غيث بقلق
- حمزه كُنت چولتي چبل سابچ إنك أتعرفت علي دكتوره ، شچن فاچده الوعي ومش بتفوچ ، أرجوك يا حمزه اتصرف وخليها تيجي تفوچها ضروري يا خوي ماتعوچش
اغلق الهاتف مع شقيقه وظل جانبها يلمس بشرتها برفق ويداعب خصلاتها السوداء ثم همس بالقرب من اذنها : حچك علي ، غصبن عني امد يدي عليكي يا چلبي ، ايوه چلبي اللي اتخلع عليكي لم شوفتك اكيده ، أنتي لساتك ازغيره ومش فاهمه حاچه بلاش تفتحي الدفاتر الچديمه وانتي تاخدي عنيه وچلبي وعچلي وروحي گمان .
اخرج تنهيده حارقه ثم ابتعد عنها عندما استمع لرنين جرس الباب ، نهض بلهفه ليفتح لشقيقه الباب .
عندما فتح الباب تسمر مكانه ، جحظت عيناها بصدمه وهي تقف بجانب حمزه.
هتف حمزه وهو يشير اليها بالدخول : اتفضلي يا دكتوره ، ثم نظر الي شقيقه قائلا : هتفضل واچف مكانك ما تخبر الدكتوره وينها مرتك وبيها ايه ؟
تذكر شچن وحالتها ثم قالت بصوت خافت : اتفضلي معاي
سارت خلفه وهي تذفر انفاسها بضيق فلابد وان ذاك الهمجي عرضها للاذئ ، اشفقت علي حالتها فهي مازالت صغيره لن تتحمل كل هذا
اقتربت من فراشها ثم التقطت معصمها تتحسس نبضات قلبها ثم عادت تنظر له بضجر وهتفت قائلا : نبضها ضعيف ، وشكلها مابتتغذاش كويس ، محتاجه محلول ، ممكن تبعت حد الصيدليه يجيب محلول جلكوز عشان اعلقه وان شاء الله تفوق
أومي براسه ثم ترك الغرفه بخطوات واسعه واخبر شقيقه ان يجلب له ذلك المحلول وعاد يقف علي اعتاب الغرفه يخشي ان يتشاجر مع تلك الطبيبه التي التقي بها قبل عده ايام
رمقته وجدان بنظرات غاضبه وعندما اردت ان تتحدث معه قاطعها رنين جرس الباب ، ففضلت الصمت
ركض غيث ليجلب من شقيقه المحلول ثم اعطاه اياها ، لتبدء هي بغرسه داخل اوردة كفها ، وعندما انتهت نظرت له بحده قائله : هتفوق لم المحلول يخلص وياريت تهتم بصحتها اكتر من كده وتتغذا كويس لانها ضعيفه وواضح ان الاغماء اللي حصلها بسب مجهود بدني بذلته وكمان قله اكل
ابتلع ريقه بصعوبه ثم قال علي مضض : هنهتمو بيها اي أوامر تانيه
لوت ثغرها بضيق ثم قالت : لم المحلول يخلص تقدر تقفله من هنا وتسحبه من الكانولا وتغلقها
ثم غادرت الغرفه وهي تحمل الحقيبه الطبيه ، لحق بها حمزه قائلا : اتفضلي هوصلك
ثم القي نظره علي شقيقه : هوصلك الدكتوره ورجعالك
أوما له بخفه ، ليغادر حمزه منزل شقيقه برفقه وجدان ، فتح لها باب السياره ثم استقلت مقعدها بجواره وعاد هو الي حيث مقعده خلف المقود وقبل ان يتحرك نظر لها بامتنان : شكرا يا وجدان ، تعبتك معانا
قالت بضيق : ده واجبي يا حمزه ، بس ماكنتش اعرف ان ده يبق اخوك
نظر لها بتسال : انتي تعرفي غيث ؟
هزت راسها بأسي ثم قالت : عز المعرفه ، ده شخص همجي ، غريزته بتحركه ، شوفته قبل كده جايب مراته وهي لسه عروسه ماكملتش ساعات علي فرحها وعندها نزيف وتهتك وعملت ليها عمليه ، ده لا يمكن يكون بني ادم مافيش عنده ذره رحمه
نظر لها بحده ثم قال : من فضلك يا دكتوره ماتحكميش علي الناس بالظاهر ، انتي ماتعرفيش غيث كويس عشان تتكلمي عليه بالطريقه دي - طبعا ما انت لازم تدافع عنه مش اخوك ، اكيد عاجبك تصرفاته وراضي بيها
ضرب محرك القياده بغضب ثم اردف قائلا : وهو عمل ايه حرام ، اتجوز واخد شرع ربنا من مراته ، هو مايفصدش يأذيها ولا كان يعرف انها ممكن تتاذي وتروح المستشفي وتعمل عمليه ، ماحدش يعرف بالغيب يا دكتوره - بس اتجوز بنت صغيره وجسمها كمان لسه في مرحله النضوج و
قاطعها قائله : غيث ماشافش مراته ولا يعرفها قبل كده ، دي من اختيار الست الوالده ، لكن الغلط الاكبر علي اهلها انهم زوجو بنتهم في العمر ده ، كمان اللي حصل دي ضمن العادات والتقليد هنا ، يعني غيث ماكتش ينفع يصبر عليها واهلها مستنين يطمنو علي بنتهم ، عارف ان ده شي غلط ومش راضي عنه بس لسه في عقول بسيطه ومترسخ عندهم العادات دي ولازم يعملو بيها وكانها عرف لازم يحصل
هتفت بغضب : ده اسمه انتهاك لشخصيتها وحريتها ، ازاي بعد التقدم اللي وصلنا ليه لسه في عقول مريضه بالشكل ده ، فين الوعي الكافي وفين حقوق الانسان - مااقدرش أجزم ان كل العقول اللي هنا تفكيرها قديم ، بس في تطور بيحصل وفي عقول للاسف لا يمكن تتغير وتتبدل كده في يوم وليله
- انا بدات اخاف من العادات المختلفه بينا ، انتو ليكم عادات وتقاليد تختلف عننا تماما ، انا مااقدرش اعيش واتعايش في البيئه دي يا حمزه
نظر لها بابتسامته الهادئه ثم قال : افهم من كلامك انك موافقه ترتبطي بيه بس اللي مخوفك ان العادات اللي في الصعيد مختلفه عن عادات القاهره
ابتسمت بخجل ثم قالت بتوتر : حمزه انا بجد خايفه من الحياه هنا - ولو قولتلك ماتخفيش وطمنتك ان فكري انا شخصيا مختلف ومش معقد ولا عندي عادات ولا تقليد ولا عرف ولا اي شي في الكون ممكن يحركني غير تفكيري انا وبس ، مش مطلوب منك غير تصدقي قلبي وتسمعي كمان لقلبك ، وحاجه اخيره ماتحكميش علي غيث من الظاهر ليكي وبس ، ها ممكن اعرف ردك ايه ، موافقه تكملي حياتك معايا
همست بصوت خافت : خايفه من هنا - ماتخفيش يا حبيبتي وانتي معايا ، اوعدك لم هتعيشي هنا وتتأقلمي علي الحياه والناس مش هتحسي انك غريبه بالعكس هتحسي انك وسط اهلك وناسك ، وان كان علي عقول الناس بتتغير مع مرور الوقت وكل واحد وتفكيره مالنا احنا بالناس خلينا فينا آحنا وبس
ابتسمت برقه ثم قالت : موافقه يا حمزه اديك عمره كله وانا مطمنك ان مع راجل يصوني ويحافظ عليه
غمرته السعاده ثم قال : انا مش عارف اعمل ايه دلوقتي من فرحتي بيكي
، من النجمه هبلغ الحج والحاجه لم نطمن علي مرات غيث واديهم خبر ان رايد اتجوز من الدكتوره اللي خدت چلبي من أول ماعيني شافتها ، وبعدين تخبري اهلك اننا رايدين نزوركم ونطلب يدك لشاب حلويه طول بعرض وظابط جد الدنيا
ضحكت بخفه ثم قالت : الموضوع ده محتاج اخد اجازه وانزل القاهره اتكلم مع ماما وبابا ، بس في حاجه لازم تبلغ بيها غيث بخصوص مراته
نظر لها باهتمام : حاجه ايه ؟ - شجن حالتها النفسيه مش كويسه ، محتاجه تغير جو ، محتاجه تبعد عن اي ضغوط ، كمان ممكن حالتها تستدع تزور طبيب نفسي ، اتكلم مع غيث بهدوء انا ماعرفتش اتكلم معاه ، كل اللي هي اتعرضت ليه حاجه كبيره علي سنها وفوق طاقتها ، ياريت ياخد بالكلام ده
هز راسه بالايجاب ثم قال : هياخد بيه ، بقولك انتي لسه ماتعرفيش غيث ، غيث ده شخص حنين جدا وقلبه طيب جدا جدا وبكره هتعرفيه .
اما عن غيث فظل جانبها يترقب انتهاء المحلول ، وعندما انتهي سحبه من يدها برفق وظل يتطلع لملامحها البريئه ، تملمت في نومها ، وفتحت عيناها ثم عادت غلقها ثم فتحتها ثانيا ، لتجد وجهه قريبًا منها انتفضت للخلف عندما تذكرت الصفعه التي لازلت تؤلم وجنتها
اقترب منها ودنا من وجنتها يطبع قبله عميقه يريد ان يمحي اثر صفعته ليجدها ترتجف بخوف ، وضع ذراعه يضمها اليه وقال بصوت هامس : حچك علي ، اللي حوصل غصبن عني ، بلاش يا حبه العين تفتحي في الچديم لان ادفن وراح لحاله ، والله يا بت الناس من يوم مابچيتي مرتي وانا هملت الماضي ورا ضهري ومش هطلع لورا تاني
ابتعد عنها بعد ان طبع قبله اعلي جبينها ونهض من جانبها قائلا : هجيب الوكل واوكل بيدي
غادر الغرفه بلا غادر الشقه باكملها وعندما هبط الدرج التفي بشقيقه يصعد الدرج ، وقف حمزه يربت علي كتفه ثم قال : خود مرتك وسافرو اي مكان تغيرو چو يا خي ، الدكتوره بتچول مرتك نفسيتها تعبانه
همس بحزن : بسببي كل اللي هي فيه بسببي اني ، لا عارف اجرب منيها ولا ابعد عنيها واهملها لحالها ، دلني يا ولد ابوي اعمل ايه ، وجودها معاي بيظلمها وهي لساتها عود اخضر ، لو طلچتها هكون بظلمها ولو عاشت معاي بردك بظلمها بغضبي وچسوتي عليها
- أجولك انت محتاج ايه يا غيث وتسمع من خيك
- چول يا ولد ابوي
- تروح لدكتور نفسي وبلاش تچولي انك مش مچنون لاني خابرك زين يا خوي مافيش حد في زينه عچلك.، بس الدكتور النفسي دي هتچوله علي اللي تاعب چلبك ومخليك مش مرتاح ولا عارف ترتاح ، الحل عنديه يا خوي صدچني ، گمان مرتك الدكتوره بتجول انها خايفه منيك هي محتاچه تچرب منيها وتحتويها بچلبك الطيب بلاش تشوف چسوتك اللي مالكش يد فيها ولا هي ليها ذنب فيها ، حط حديتي ودوره في راسك وربنا يعملك الصالح يا خوي
اكمل صعود الدرج ولكن استوقغه سؤال شقيقه : بتحب الدكتوره دي يا حمزه
دار وجهه وتطلع له ثم قال : بحبها يا خوي ورايد اتچوزها
هتف بضيق وهو يهز راسه : بلاش يا خوي تچرر اللي خيك عمله سابچ ، بنات البندر لا هم توبنا ولا احنا توبهم
👇