رواية قطرات الغيث بقلم فاطمة الألفي الفصل 10

الرواية حصري على موقع مجلة الأسطورة، ممنوع النسخ نظراً لحقوق الملكية الفكرية

” الفصل العاشر “
قبل ان يخلد حمزه للنوم ، شرد بحديث شقيقه وظل يتسأل داخله ، هل يتقبل والديه تلك الزيجه أم يعود ويقرر ما فعله شقيقه عندما آصر علي الزواج من عنود رغم عدم تقبل والديه ولذلك تركهم غيث وتزوج منما أختاره قلبه وعاد بعد عده شهور يجر أذيال الخيبه والندم علي ما أقترفه بحق نفسه وحق والديه .
تنهد بضيق ثم هم ليتوضئ ويصلي قبل ان يخلد للنوم لكي يشعر بالهدوء ويحاول ترتيب افكاره قبل ان يصارح والديه بم ينوي علي فعله ..


أما عن غيث فاكمل طريقه وتوجه الي المطبخ وأعد لزوجته صينيه الطعام ثم حملها وصعد ادارجه الي حيث شقته واغلق الباب خلفه ثم اقترب من غرفته فتحها بهدوء واقترب من زوجته ، جلس امامها اعلي الفراش وهو مازال يحمل صينيه الطعام بين يديه ، ثبتها علي أرجله ودنا منها ليطعمها بيده .
أشاحت وجهها ونظرت بعيدًا ، ابتسم من أجل فعلتها ثم قال : حچك تتچلعي ، بس لازمن تاكلي دلوك ، عشان خاطري كولي دي من يدي، وفكي التكشيره دي أومال ، مش هزعلك تاني مُهما حوصل يا ستي وتاچ رأسي
رفعت مقلتيها تنظر له بحب ثم همست بصوت خافت : مش هتمد يدك علي تاني
هز راسه نافيا ثم قال بصدق : تتچطع يدي لو أتمدت عليكي تاني يا حبيبتي

  • وها بعد الشر عنيك ، والله أنت اللي تاچ راسي يا سي غيث
    ضحك بقوه الي ان برزت نواجذه وهتف قائلا : سي غيث طالعه من خاشمك زي السكر ، بس أني مش عاوزك تچوليلي غير غيث وبس
    ضيقت جبينها ثم قالت : بس اكيده أمي غاليه تزعل مني
  • ربنا مايچيبش زعل ، مالكيش صالح بحد ، اللي أچوله يتسمع وبس ، يلا افتحي خاشمك وكولي بچا الله يرضي عنيكي
    انصاغت لاوامره وبدء غيث في اطعامها وهو يتطلع اليها ببسمه هادئه ، حالمه بايامه القادمه .

داخل منزل منصور الهلالي .
انتفض من نومه بفزع ثم نفث عن شماله ثلاث وهو يستعذ بالله من الشيطان الرجيم .
شعرت به زوجته ، ففتحت عيناها بنعاس وهمست قائله : مالك يا منصور ، أنت تعبان كفلنا الشر
هز راسه بالنفي ثم قال بصَوت متحجرج : لاع يا غاليه ، بس شوفت حلم عفش چوي
نهض تمسد علي ظهره برفق وهي تقول : بلاش تحكيه يا منصور احسن يتحچچ ، مادام كابوس عفش هيروح لحاله ، أستعذ بالله اكيده ونام
ترك الفراش بخطوات واسعه : لاع هتوضي وأصلي ركعتين واستني شوي الفچر هيادن هروح أصلي في الچامع ، وبعد اكيده هطلع علي الارض أشچر عليها
بس چَوليلي يا عاليه كيفها شچن بتك ، مابترحيش يشچري عليها يا وليه ؟
لوت ثغرها بضيق ثم قالت : وها يا راچل ، مااني جيلالك الحچه زاهيه خبرتني أهمل بتي تعيش وتطبع بطباعهم مش أفضل انط ليها كل شوي ، وأني يا خوي استحي اروح ، ناطره البت اللي تيچي

  • يا وليه يا مخبله أنتي ، دي بتك وحچنا نروح نطمنو عليها ، ناسيه اياك اللي حوصل وانها راحت المستشفي من اول يوم زواچ ، هنستنو لم يعملو ايه تاني في البت ، أني چلبي متوغوش عليها وبعد الفچر هروح لغيث الارض واستنظره لازمن اتحدت امعاه وگمان أچوله يچيبها تزورنا ، ولا اللي بيتزوچو بينسو دار ابوهم اياك
  • وماله يا خوي چابله وچوله بس بالهداوه يا منصور ، أحنا عاوزين بتنا تعيش زينه ، يعلم ربنا انها اتوحشتني چوي بس هعمل أيه في تحكمات الست زاهيه
    هتف منصور بضيق : زاهيه تحكم علي دارها مش علينا يا غاليه ، وأني هتكلم مع راچلها بتك في عصمة راچل هو بس اللي يحكم عليها
    هصلي ركعتين الاول اهنيه وبعدين اطلع علي الچامع ، عاوزه تنعسي انتي كملي نومك
    نهضت هي الاخري قائله : وهيچي منين النوم خلاص ، هچوم أعچن عشان أخبز علي ماالبنته يصحو

أشرقت شمس الصباح تسلط اشعتها الذهبيه علي الحقول الخضراء والطبيعه الساحره ، فبعض الفلاحين يزرعون حقولهم الخضراء ويرؤن زرعهم النضر ، ثم يجلسون قليلا ليرتاح جسدهم وهم يستظلون تحت الاشجار الكبيره .
كان منصور بذلك الوقت ، جالسا ينتظر قدوم غيث زوج أبنته يرتد ان يتحدث معه بأمر أبنته ولكن طال أنتظاره فهوي بجسده ارضا يستظل بشجره البرتقال .

أما عن غيث فترك زوجته نائمه وغادر شقته بعد ان ابدل ثيابه وهبط الدرج الي حيث توجد والدته ، قبلها بحنو وجلس جانبها يخبرها بان تترك شچن نائمه ولا تيقظها ، فهي مريضه ويجب عليها الراحه بالفراش وهو لم يتاخر فيعود مبكرا ، يريد ان يصطحبها الي القاهره لكي تتنره ويعلم ما امره به شقيقه ، من اجل تحسين نفسيتها والتقرب اليها دون قيود وتحكمات الأهل ..
لم يعجبها زاهيه حديث ابنها ، رمقته بنظره حاده ثم قالت بضيق :

  • من أولها اكيده يا ود بطني ، هتبدي بت غاليه علي أمك ، وهو أني تعبت مرتك ومرضتها ، ماالبنته من يوم ما دخلت الدار وهي مريضه
    ابتسم بلطف والتقط كفها يطبع عليه قبله حانيه ثم رفع مقلتيه الزيتوني وقال : ماعاش ولا كان اللي يچول اكيده يا ست الناس كلهاتها ، ماحدش يچدر ياخد مطرحك في چلبي يا أم غيث ، أني بچول أكيده عشان شچن مريضه صوح وكانت الدكتوره اهنيه البارحه وچالت لازمن تغير چو عشان صحتها تتعدل ، وأن كان علي شغل السرايا في بنته كتير في البلد يتمنو يشتغلو اهنيه واهو تكون مساعده للناس ، وانتي تتشالي علي الراس يا ست الناس ، وشچن كيف ماچولتي مريضه وازغيره مش حمل كل دي
    قاطعته بصرامه قائله : وماتنساش اني اللي اخترتها وزوجتهالك ، چولت ازغيره وتربيها علي يدك وتكون كيف العچينه اللينه تشكلها كيف ما بدك ، مش تعمل كيف ما عملت بنت البندر وخدتك منينا ولا ناسي اياك
    ضغط علي انيابه بغيظ وحاولت التحكم بغضبه ثم قال وهو ينهض من جانبها يخشي ان ينفعل ويغضبها : اني ورايا مصالح في مصر وچولت أخدها امعاي بالمره ، اني دلوك رايح اشوف المحصول اللي هيتباع وهعاود طوالي ، سلامو عليكو
    ضربت كفها باخر قائله وهي تلوي ثغرها بضجر : والله عال يا بت منصور ، سحرتلو اياك عشان يچف چصادي ويچول اريحها ومش اتعبها ، ماشي يا ود بطني أني هعرف أمشي مرتك علي العچين ماتلخبطوش وبكره تچول زاهيه چالت ..

هرول غيث بجواده الي حيث المزرعه الخاصه بالمحاصيل ، وعندما وصل الي هناك ، ترك جواده يذهب الي الاسطبل خاصته ودلف هو داخل الحقول ليتفاجئ بوالد زوجته يتكي بجوار احدي الاشجار ، اقترب منه بخطوات واسعه وعندما دنا منه وجده نائما .
تنحنح غيث بصوته الاشج ، فتح منصور عيناه ونظر حوله ليجد غيث امام
ثني غيث ركبتيه وجلس امامه يمد يده يصافحه بود : كيفك يا عمي

  • بخير يا ولدي ، نحمدو ونشكر فضلو
    ثم استرسل حديثه قائلا : كنت ناطرك يا ولدي
    هتف بتسأل : خير
  • ماتخذناش يا ولدي ، رايد اطمن علي بتي ، من يوم مااتچوزت وأني ماخبرش عنها حاچه واصل ، أني چلبي متوغوش عليها بردك
    ابتسم له بود ثم قال : حچك طبعا تچلچ علي بتك ، وتيچي تنورنو يا عمي في أي وچت وان ماتشلشك الارض أشيلك علي دماغي يا عمي
    ربت علي كتفه بحنو : تسلم وتعيش يا ولدي ، بس أني رايد تيچي دار ابوها نطمنو عليها كلهاتنا اتوحشناها يا ولدي ،اني خابر انها لساتها عروسه بچالها سبوعين ، بس دي حته من چلبي يا ولدي ومن يوم ما غابت عن عيني وأني ما بنامش ، رايدهم يكونو سعدا ومبسوطين بس نطمنو انكم بخير
  • امعاك حچ يا عمي ،اني كنت هخلص كام موصلحه في الارض واعود طوالي وكنت ناوي اخد شچن وننزلو مصر أخر النهار ، هنعدو عليكم چبل ما نروح مصر
    هتف بقلق : مش خير يا ولدي
  • خير يا عمي ما تچلچش ، كنت رايد شچن تغير چو وتشوف الدنيا
    لاحت ابتسامته الهادئه ثم قال : ومالو يا ولدي ربنا يسعدكم ، ههملك تشوف مصالحك واني كمان اشوف مصالحي وناطرك في الدار يا ولدي
  • حاضر يا عمي
    غادر منصور المكان بخطواب متبطئه وظل غيث ينظر اليه الي ان اختفى عن انظاره تنهد بعمق ثم سار الي حيث عمله ليكمله بنشاط ويعود منزله مبكرا لكي يصطحب زوجته الي منزل اهلها قبل ان يتوجهون الي القاهره ..

قبل ان يذهب حمزه لعمله ، قرر ان يخبر والديه بأمر ارتباطه بالطبيبه التي سرقت لُب قلبه منذ الوهله الاولي .
جلس بجانب والده ثم ربت علي ارجله قائلا : كيف صحتك يا بوي
ابتسم عبدالرحمن بود ثم قال : بخير ياولدي ، نحمد ربنا ونشكر فضله

  • ربنا يديك الصحه يا بوي
    احضرت زاهيه صينيه الشاي واعطت كل منهما الكوب خاصته ، ارتشف حمزه القليل من كوبه ثم نظر لوالدته قائلا : تسلم يدك يا ست الكل
  • تسلم وتعيش يا ولدي ، ثم اردفت قائلا : اللي چولي يا ولدي مش ناوي تفرحنا ونچوزوك يا حبيبي ونفرحو بيك
    ابتسم حمزه قائلا : باينها طلبتيها ونولتيها يا أماي
    هتفت بتسأل : يعني ايه يا ولدي
  • يعني نويت والنيه لله اكمل نص ديني يا أماي
    هتف عبدالرحمن قائلا : حاطط عينك علي حد يا ولدي
    أوما براسه ثم قال : أيوه يا بوي ، دكتوره أهنيه في ميستشفي المدينه
    ضيقت والدته حاجبيها بضيق ثم هتفت بغضب : من وين الدكتوره دي ، من بلدنا اياك ؟.
    هتف حمزه بجديه : لا مش من بلدنا من القاهره واستلمت شغلها اهنيه
    قالت بغضب : گمان مش من اهنيه ومهمله اهلها وبلدها وساكنه اهنيه عشان شغلها ، والله عال يا حضرة الظابط ، بتعشچ بت البندر اللي عايشه لحالها ، هي دي اللي هتصونك وتصون عرضك وشرفك ، اسمع يا ولدي انت تنسي خالص الحديت الماسخ دي ، كفايه اللي حوصل لخيك من بت البندر
    قاطعها قائلا بثبات : يا أماي اسمعيني زين ، الدكتوره دي بت ناس ومحترمه وعايشه اهنيه في سكن المغتربات واني سالت علي اهلها ومش كل الناس زي بعضيها بلاش تحكمي عليها من چبل ما تشوفيها ، هي غير خالص مرت غيث السابچه ، واني لا يمكن أهمل اهنيه ، اهنيه اهلي وناسي وشغلي ثم نظر الي والده واسترسل قائلا : ماتحضرنا يا بوي
    هتف عبدالرحمن بلطف قائل : أنت اللي رايد تچوزها يا ولدي وچلبك أختارها وأني لا يمكن أغصبك دي چواز
    نهضت من جانبه قائلا بحزم : وأني مش مواچفه علي بت النبدر ، مالهم البنته اهنيه عشان تفكر تتچوز من بره بلدك وسلوهم غير سلونا وحياتهم غير حياتنا ، أسمع اما أچولك لو عملتها يا حمزه لا أنت ولدي ولا أعرفك ، مش عشان بچيت ظابط هتخرج عن طوعي لاع أني أمك وكلمتي تمشي عليك واللي بچوله يتنفذ لو عاوز تكسب رضاي
    _ يا أماي اسمعيني
    هتفت معترضه : ولا كلمه زياده ، اللي عنده چولته
    ثم غادرت المكان كالاعصار وهي تندب حظها في أولادها
    اما عن حمزه فجلس باستسلام بجانب والده ، ربت عبدالرحمن علي كتفه ثم قال : هملها دلوك يا ولدي ، تبات نار تصبح رماد ، ربنا هيحلها من عنده ما تشيلش هم
    هتف بحزن : ورايا شغل يا بوي ، لازم أوصل المركز
    طبع قبله حانيه علي كف والده ثم قال : دعواتك يا بوي
  • ربنا امعاك يا ولدي ويريح بالك چادر يا كريم
    غادر حمزه المنزل وقلبه منفطر بسبب حديث والدته واصرارها علي هدم سعادته ، فهو حقا يعشق تلك الطبيبه ولا يريد ان يتخلي عنها ، سيظل يعافر من أجل اقناع والدته بها وقطع ذلك الوعد علي نفسه لن يستسلم بعد ، فمازال باول الطريق ولن يتراجع ..

👇

الفصل الحادي عشر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top