متى تخضعين لقلبى
الفصل الخامس
بعد انتهاء الفطور انسحب فريد مره اخرى إلى غرفه مكتبه وقررت حياة استئناف اكتشافها للمنزل ، فقبل مقابله عزه كانت تنتوى الدخول للمطبخ فهو من احدى هواياتها المفضله ، اما الان فهى تعلم جيداً ان وجودها بداخله شئ غير مرحب به ، اكملت جولتها بداخل المنزل ولم تملك الا الإعجاب به حقيقةً فكل ركن به مفروش بعنايه وذوق رفيع ، لم يتبق لها الا المطبخ لدخوله ، كان ينتابها الكثير من الفضول لرؤيته ورؤيه تأثيثه وتجهيزاته لذلك وقفت متردده تحاول الوصول لقرار ثم رفعت راسها بكبرياء وقررت زيارته فهو فى الاخير منزلها هى ، وما ان خطت بداخله حتى رأت ٦ أزواج من العيون تنظر لها ما بين مهتمم ومستنكر ، زوجان اصبحت تعرفهم جيداً اما الآخرين فغريبان كلياً
تنحنحت حياة بحرج وهى تقف فى مدخله وعلى الفور تقدمت نحوها سيده ممتلئه الجسد فى منتصف الخمسينات تقريباً قصيره القوام ذو ابتسامه دافئه احبتها حياة على الفور فبادلتها ابتسامتها بأشراق
تحدثت السيده بنبره اكثر دفئاً وهى تمد يدها فى اتجاه حياة لتحتضن كلتا يديها بحب متسائله :
-اكيد انتى بنت آمنه حياة .. قصدى حياة هانم ..
هزت حياة راسها لها بأيجاب ثم النفى وهى لازالت تحافظ على ابتسامتها الواسعه :
-لا طبعا انا اسمى حياة بس .. واه انا بنت امنه حضرتك تعرفيها ؟!..
مسحت المرأه على شعر حياة بحنان ونظرات الإعجاب تملؤها قائله :
-ماشاء الله .. آمنه عرفت تربى .. ليه حق فريد .. جميله خلقاً وُخلقاً ..
اخفضت حياة رأسها بخجل والاحمرار يغزو وجنتها فأضافت السيده متمتمه :
-صحيح نسيت اعرفك بنفسى .. انا عفاف المسئوله عن الطبخ والمطبخ هنا ..
ثم اشارت إلى رجل فى مقتبل الستينات من عمره كان يجلس على الطاوله بهدوء يتناول طعامه ولكنه نهض بمجرد دخول حياة ورؤيتها :
-وده بقى عمك رضا .. جوزى والجناينى بتاع الفيلا ..
اومأ براسه لحياة يحييها باحترام ووقار ولكنه تفاجئ من رد فعلها وهى تتقدم نحوه تمد يدها فى اتجاهه متمته:
-ازى حضرتك ياعم رضا ..
أجابها معجباً بسلوكها :
-بقيت احسن لما شفتك يابنتى .. ربنا يباركله فيكى ..
تمتمت حياة بخجل موجهه حديثها للسيده عفاف :
- لو حضرتك مش هتضايقى ممكن اقعد معاكم شويه ؟!..
اجابتها عفاف بترحاب لم تعهده حتى من والدتها :
-ياخبر ابيض !! انتى بتسأذنينى عشان تقعدى فى بيتك !! ده المطبخ كله ينور ..
ثم سحبتها بحنان لتجلس على احد المقاعد الموجودة به وللحق كان وثيراً وناعماً مثل مقاعد الاستقبال
لم تعلم كم شعرت حياة بالسعاده من ذلك الاستقبال الحميم فعلى الاقل شعرت انها فازت بصديق فى ذلك المنزل الكبير الجاف ، خرج عم رضا بعد قليل ولم يتبق سوى ثلاثتهم معاً ، كانت السيده عفاف تثرثر مع حياة دون توقف قبل ان تتوقف لتسألها بعبوس :
-شوفى انا اكلت دماغك ازاى ونسيت اسالك !! تحبى اعملك حاجه مخصوص للغدا النهارده ؟!! .. اكيد مش هتحبى تاكلى اكل فريد بيه من اول يوم كده ..
ضمت حياة حاجبيها معاً بتركيز مستفسره :
-ليه مش هحب اكله ؟!..
اجابتها عفاف مسترسله فى شرحها وهى تجعد انفها وتهمس كأنه سر حربى خطير :
-مانتى اكيد عارفه .. فريد بيه بيحافظ على صحته ازاى مش بياكل غير انواع اكل محدده كله خضار ومفيهوش ملح وحاجات غريبه كده وبعدها بيدخل الجيم ويقفل على نفسه مبيطلعش قبل ساعتين تقريباً كل يوم وممنوع حد يدخله .. تقريباً الجيم والمكتب محظورين اى حد يدخلهم وهو فيهم الا لو هو طلب ..
صمتت قليلاً لتزدرد ريقها وهى تتفحص حياة قبل ان تضيف بأبتسامه واسعه :
-طبعاً الكلام ده مش ليكى اكيد فريد بيه هيحب تكونى جنبه على طول ..
زمجرت مدبره المنزل القابعه بهدوء على احد المقاعد وتستمع لحديثهم دون المشاركه فيه :
-ست عفاف بيتهيألى كفايه كلام كده وتخلصى اللى وراكى ميعاد الغدا قرب ..
حدجتها عفاف بنظره حنق قبل ان تجيبها قائله :
-عزه .. انا بتكلم انا والهانم وانا بشتغل وهى مش معطلانى .. روحى بس انتى شوفى وراكى ايه بدل مانتى قاعدلنا كده ..
ضربت الاخيره الارض بقدمها غيظاً قبل ان تحدج حياة بنظره غل وتتجه نحو الخارج ، اعادت عفاف تركيزها نحو حياة متسائله :
-احنا وقفنا لحد فين ؟!.
-اه كنت بقولك ان فريد بيه محبش فى النيا دى حد قدك .. انا من ساعه ما جيت هنا وانا مش بسمع غير عن حبه ليكى ..
ارادت حياة فتح فمها للاعتراض وقول ملاحظه لاذعة ولكنها عدلت عن ذلك ففى النهايه لن تتحدث عنه امام موظفته .
فى تلك الأثناء كان فريد يجلس خلف مكتبه وعروق وجهه بارزه من شده الغضب وهو يتحدث فى الهاتف بعصبيه ، صاح بمساعده قائلاً :
-يعنى ايه يعلى علينا السعر هو لعب عياااااال ..
تعلثم المساعد فى نبرته قائلاً :
-ما .. ما يا فندم …..
قاطعه فريد بغلظه قائلاً :
-انت لسه هتمئمئلى اخلللللص ..
انهى فريد كلمته الاخيره بصراخ جعلت الرجل على الطرف الاخر ينتفض فزعاً ثم قال مسرعاً :
-يافريد بيه .. هو بيقول ان الشركه بره علت عليه وهو معندهوش استعداد يتحمل الخساره ..
جحظت عيونه للخارج بقسوه قبل ان يصمت قليلاً متفكراً قبل ان يقول يتوعد :
-الجنيدي ببلوى دراعى صح !!.. انا عارف كويس ان مفيش حاجه من دى حصلت .. هو فاكر كده بيضربنى يعنى !!!!هو كده جاب اخره معايا .. بس ورحممممه امممى ان ما كنت افلسه مبقاش فريد ..
حك ذقنه بيديه ثم تابع بصيغه الامر :
-اسمممع .. قدامك اسبوع وتكون ظبطلى مع الشركه الألمانية اللى عطياه التوكيل وتبلغنى ..
اجابه مساعده برعب :
-بس يا فريد بيه احنا كده بنعلن الحرب عليهم وعيله الجنيدي مش قليله فى السوق ..
صاح به فريد بغضب :
-نبيل !! اظبط معايا كده ولو بتخاف روح اقعد فى بيتك ..
سارع نبيل يجيبه مصححاً :
-يافندم انا خايف على ساعتك مش اكتر ..
اجابه فريد وهو يصر على اسنانه بشراسه :
-لسه متخلقش اللى يقف قدامى او يلوى دراعى ..
حرك كفه داخل فروه راسه مفكراً ثم تابع بنفس صيغه الامر :
- ظبطلى بس انت الشركه وانا هقولك بعدها هنعمل ايه ..
ثم اغلق الهاتف بنفاذ صبر وألقاه بقوه فوق سطح مكتبه وهو يتوعد لعائله الجنيدي ..
مضى الوقت وجاء موعد وجبه الغذاء سريعاً ، دلفت حياة غرفه الطعام على مضض فوجدته يجلس على قائمه الطاوله باسترخاء ينتظرها ، نظر إليها بتمعن يتأمل ملامحها المتجهمة فاسترخت تقاسيم وجهه على الفور ، حتى وهى فى حالتها تلك تستطيع تبديل بنظره منها ، فكر بحب انها اصبحت كالمخدر بالنسبه له ولكن مخدر من نوع اخر ، مخدر يجعل الزمن يتوقف عن الحركه وينسى معها ماضيه وما يخشاه من حاضره مستقبله.
قررت هى تجاهله والتصرف بلامبالاه مثله ، لذلك توجهت مباشرة نحو احد المقاعد البعيده عنه نسبياً لتجلس فوقه بهدوء ، نظر إليها ملياً اولاً نظره خاليه قبل ان ينطق جملته متشدقاً :
-بصى كده كويسه هتلاقى انى الحمدلله معنديش مرض معدى .. ولا احنا فى نص الشهر والقمر بدر فخايفه اتحول واقوم اعضك !!..
نظرت إليه بصدمه قبل ان تستوعب حديثه ، انتظر هو رد فعل منها ولكن دون فائده لذلك تمتم بنفاذ صبر قائلاً بتهديد:
-هتتفضلى تقعدى جنبى من نفسك ولا تحبى اجى اشيلك ..
قفزت من مقعدها على الفور بمجرد سماع جملته فكلاً من نبرته ونظرته كانت توحى بجديته التامه ، جلست فى المقعد المجاور له دون ان ترفع نظرها نحوه حتى لا ترى نظراته البارده التى يرمقها بها منذ الصباح ،
فى تلك الأثناء دلفت السيده عفاف داخل الغرفه تحمل الوعاء الخاص بالطعام ، وضعته فوق الطاوله وشرعت فى بدء عملها عندما تحركت حياة من مقعدها وهى تتحدث بود :
-متتعبيش نفسك يا دادا انا هكمل ..
قبض فريد على معصم يدها بقوه يمنعها من الحركه وهو يرفع نظره إليها بنظره غاضبه اصابتها بالارتباك ثم تحدث بنبره منخفضة ولكن حاده :
-اقعدى مكانك .. انا مش جايبك هنا تشتغلى ..
فتحت فمها لتعارضه ولكنه نظرته التحذيرية التاليه التى رمقها بها مع زياده ضغطه على معصمها جعلتها تتراجع ، عادت تجلس فوق مقعدها بغضب قبل ان توجهه نظره معتذره فى اتجاه السيده عفاف فبادلتها الاخيره نظرتها بايماءه خفيفه من راسها وأبتسامه متفهمه قبل ان تشرع فى استئناف عملها والخروج بهدوء من الغرفه بعد استئذانه ،
امسكت حياة بملعقتها لتبدء فى تناول طعامها قبل ان تعقد حاجبيها معاً بأشمئزاز !!! ان الحساء يحتوى على جميع المكونات التى تكرهها فعلاً ، دفعت الوعاء بعيداً عنها قليلاً فهى لن تتناول ذلك الطعام تحت اى ظرف كان ، كان فريد يراقب ما تقوم به بتركيز تام وعندما دفعت الوعاء من امامها حدثها بنبره آمره :
-حياة كملى أكلك انتى مش طفله !!!! ..
حدجته بنظره غاضبه قبل ان تجيبه بحنق قائله وهى تقلد نبرته :
كويس انك عارف انى مش طفله !.. ولا اقولك تعالى اكلنى غصب عنى زى ما اتجوزتنى غصب ..
شعرت بالانتصار عندما رأت اثر الصدمه واضحاً على ملامحه ولكن سرعان ما تحولت نظره انتصارها إلى قلق عندما وجدته يرفع احدى حاجبيه بتحدى ويضع معلقته فوق الطاوله وهو يستعد للتحرك ، شهقت برعب وهى ترفع كفها فى اتجاهه لتوقف وهى تتمتم برعب :
-اوعى تقرب منى انا مش هاكل اكل الناس العيانه ده ..
اتسع فمه بأبتسامه انتصار ثم تحولت بتسليه وهو ينظر إلى ملامحها الغاضبه ، فهو يعلم جيداً ان مذاق الطعام لم يعجبها ولكنها ارادت اللعب معه وعدم الاعتراف. ، زمت هى شفتيها بحنق وهى تفكر بغيظ لقد خدعها ، اذا عليها ان تكون اكثر يقظه عندما تتعامل معه فى المستقبل ، اعادها من افكارها صوته العميق يسألها بأهتمام ونبره حانيه :
-ليه مطلبتيش من المطبخ حاجه انتى بتحبيها ؟!..
اجابته بحنق :
-وانا اعرف منين يعنى !! كنت بحسبك بتاكل زى الناس ..
رمقها بنظره غير مفهومه قبل ان تعود إليه نظرته البارده مره اخرى :
-الناس هى اللى مش بتاكل زيى !!!
تمتمت بخفوت :
-مغرور
فريد :
-سمعتك ..
اجابته بحنق :
-ميهمنيش .. انا كده كده بكرهك ..
اهتزت نظرته قليلاً قبل ان يجيبها بصوت هادئ ونبره تملؤها التهكم المرير :
-مسمعتهاش من امبارح ..
ثم وضع المحرمه فوق الطاوله بعد ان مسح بها فمه وتركها وخرج من الغرفه ..
قررت حياة قضاء ما تبقى من يومها داخل غرفتها حتى تتجنب لقائه ، وفى المساء عند حلول موعد العشاء رفضت النزول بحجه انها ليست جائعه ولكن بعد العاشره بقليل أعلنت معدتها العصيان الكامل عليها فهى لم تتناول شيئاً يُذكر منذ صباح البارحه لذلك قررت التسلل إلى المطبخ بهدوء لعلها تهدء من احتجاج معدتها قليلاً ، صادفت السيده عفاف التى كانت على وشك إنهاء عملها والذهاب لمخدعها ، عندما رأتها فهمت على الفور سبب هبوطها فابتسمت لها بتفهم تمتمت حياة بخجل تقول :
-دادا .. انا جعانه ..
استجابت السيده عفاف لطلبها على الفور وقامت بوضع مائده كامله امامها ، تناولت حياة طعامها بهدوء ثم جلست تتسامر قليلاً مع السيده عفاف عندما شعرت بخيال شخص ما يقف عند مدخل المطبخ ، علمت من هو من رائحه عطره المميزه ، التفت تنظر إليه فوجدته يرتدى زى رياضى اسود يتناسب تماماً مع عضلات جسده ويضع منشفه صغيره حول عنقه وتبدو على ملامحه الارهاق فعلمت انه قد انتهى للتو من تمارينه ، تحدث على الفور بلهجته اللاذعه :
-بيتهيألى مش ناويه تقضى الليل كمان فى المطبخ ..
ثم تحرك فى اتجاهها بعد انتهاء جملته يُمسك بذراعها ليجذبها نحوه ويتحرك بها للخارج دون كلمه اخرى ، نفضت يدها من قبضته فور خروجهم من المطبخ ورفعت راسها بكبرياء تسبقه للاعلى ، كانت على وشك دخول غرفتها عندما اوقفها صوته يقول بأستهزاء :
-مكنتش اعرف ان القاعده مع الخدامين والحرس حلوه كده !! .. الصبح حاولتى تحمى واحد وباقى اليوم قاعده مع التانيه !! ..
التفتت وعادت بخطواتها للوراء حتى توقفت امامه مباشرةً ثم وضعت احدى أصابعها فوق فمها بتفكير قبل ان تميل برأسها نحوه وتقول بثبات وعيونها تطلق شرراً نحوه :
-الخدامين دول امى وامك منهم يا فريد بيه يا ابن رحاب هانم ..
شعرت بذلك العرق بجانب صدغه قد بدء فى البروز من كثره ضغطه فوق اسنانه لذلك قررت الانسحاب على الفور ولكنه سرعان ما تدارك غضبه فأجابها بسخريه وهى تدير مقبض باب غرفتها :
-حياة هانم طلعت عن شعورها وبتقول امى وامك !! واضح ان تعب رحاب هانم معاكى مجبش نتيجه ..
انهى جملته الاخيره وهو يضغط علي كلماتها بقوه فهمت مغزاها جيداً ،توقفت يدها عن تدوير المقبض ثم التفتت تحدقه بنظرات حانقه قائله له بغيظ :
-بكرهك ..
لوى فمه بسخريه مجيباً وهو مازال يقف امام باب غرفته :
-عارفه ايه الناحيه التانيه للكره ؟!.. خلى بالك تلاقى نفسك واقفه عندها من غير ما تحسى ..
انهى جملته الاخيره ثم دلف غرفته واغلق الباب خلفه بهدوء تاركها تشعر بالرعب مما هو قادم ..
دلفت إلى غرفتها واغلقت الباب خلفها برفق ، واستندت بثقل جسدها فوق الباب ثم اغلقت جفونها بحزن قبل ان تضع كلتا كفيها فوق وجهها لتخفى ملامحها من شده خجلها، فكرت بضيق يالله !! ماهذا الذى تفوهت به منذ قليل !! ايعقل انها أقحمت احب انسانه إلى قلبها فى صراعهم العقيم ونقاشهم الملغم !! ، شعرت بوخز الدموع داخل مقلتيها بسبب شعورها المتزايد بالذنب ، اللعنه على ذلك الفريد ، انه يستطيع اثاره غضبها واخراجها عن شعورها بكلمه واحده منه ، انزلقت بجسدها إلى الارضيه الخشبيه لتجلس فوقها وهى تضم ركبتيها إلى قفصها الصدرى وتحاوطهم بذراعيها وهى تستند بذقنها عليهم مطلقه لدموعها العنان ، فكرت بحزن ان كل ما وصلت إليه حتى الان يعود فضله بعد الله إلى والدتها الثانيه رحاب التى سخرت منها منذ قليل
ففى الحقيقه كانت تعاملها بحنان اكثر من طفلها الوحيد ، حتى عندما قرر السيد غريب والد فريد ان يعهد بتربيته إلى معلمه خاصه لتعليمه كافه أصول الاتيكيت متعللاً انه لايثق فى خادمه لتنشئة ولى عهده اصرت امامه السيده رحاب ان تتلقى حياة نفس التنشئه وتحضر معه كافه الدروس حتى تتعلم كيفيه التصرف كسيده مجتمع منذ صغرها ، وبالطبع لم يكن فريد ليتركها فوافق والده مجبراً، وعندما حان موعد دراستها الاكاديميه اصرت على صديقه عمرها ووالده حياة ادخالها مدارس الراهبات لتتلقى افضل تعليم للفتيات فى ذلك الوقت وبالطبع تكفلت بكل مصاريفها فى مراحل تعليمها الاولى ، حتى بعد وفاتها علمت حياة انها آمنت مصاريف دراستها حتى المرحله الاعداديه وعندما انتقلت بعد ذلك إلى المدارس الحكومية كانت قد حُفر داخل ذاكرتها كل ما تعلمته منذ صغرها فكان يُعجب بأخلاقها ورقتها وفطنتها فى التعامل كل من يراها ، والآن هكذا يكون رد الجميل لها ؟!، السخريه من ذكراها ؟!، فكرت بضيق وحزن انها منذ وصولها إلى ذلك المنزل وهى تشعر بالغضب على الدوام حتى انها أصبحت لا تعرف نفسها فالطالما كانت هادئه ذات نفسيه متوازنه لاتسمح لايا كان ان يؤثر بسلوكها حتى والدها ولن تسمح لفريد الان بان يحولها إلى شخص فظ مثله ، هذا ما قررته وهى تجفف دموعها وتنطلق نحو الباب المشترك بينهم .
طرقت الباب عده طرقات دون اجابه ، طرقته للمره الاخبره قبل ان تقرر التوجه نحو الحمام وتبديل ملابسها عندما وجدت الباب يفُفتح ويقف فريد قبالتها وهو لا يرتدى سوى منشفه بيضاء على خصره واُخرى صغيره فوق عنقه وشعره يبدو مبلللاً ، شهقت بفزع من مظهره والاحمرار يزحف نحو وجنتيها قبل ان تبدء فى مهاجمته متناسيه كل ما ذكرت به نفسها منذ قليل :
-ايه ده !!! ايه قله الادب دى انت ازاى تفتحلى وانت كده ..
نظر لها بحاجب مرفوع متعجباً من هجومها الغير مبرر قبل ان يجيبها متشدقاً :
-حياة .. انتى اكيد مخبطيش ع الباب كل ده عشان تقوليلى انى قليل الادب ؟!! ..
ارتبكت من نبرته ومظهره العارى وعضلاته البارزه وبدء الاحمرار يزداد فوق وجنتيها ففى كل الاحوال تلك هى مرتها الاولى التى ترى أمامها رجل نصف عارى ولديه كل ذلك الكم من العضلات المصقوله ، انتظرها لتتحدث ولكن دون فائده لذلك تحدث مره اخرى بعد ان تبدلت ملامحه للاستمتاع وهو يرى ارتباكها فهتف باسمها :
-حياااااااة ..
اجابته مغيظه وهى ترفع راسها نحوه بتحدى وثبات :
-فرييييييد !!
التوى جانب فمه بأبتسامه صغيره قبل ان يجيبها بنبره مشاكسه:
-عيون فريد !! انا معنديش مشكله افضل واقف كده للصبح بس انتى شويه وهيغمى عليكى من الكسوف فقولى عايزه ايه من غير كل التوتر ده ؟!! ..
فركت باطن كفيها بتوتر قبل ان تقول بتعلثم وهى تشعر بحراره جسدها تزاد تلقائياً من كثره الضغط :
-انا بس كنت عايزه اقولك انى ..
صمتت قليلاً محاوله استجماع شجاعتها فأخر ما كانت تتوقعه هو ان تقف امامه تطلب منه السماح ، سألها بنفاذ صبر يحثها على تكمله جملتها:
-ها كنتى عايزه تقولى انك ؟!….
رفعت نظرها إليه ثم قالت بخجل :
-كنت عايزه اقولك انى اسفه على الكلام اللى قلته من شويه ، وأسفه انى جبت سيره ماما رحاب فى كلامنا .. انت اكتر حد عارف انا بحبها قد ايه ومكنش ينفع اقول كده ابداً ..
هل لمعت عيونه للتو ام انها كانت تتخيل ذلك ؟؟، لم تتلقى منه اى رد ولكنها رأت تبدل ملامحه تماماً فقد تحولت من التجهم إلى شئ اخر لم تفهمه ثم سريعاً إلى الاسترخاء حتى انه بدا اصغر سناً وهو يقف امامها ، وقف ينظر إليها ملياً يحاول تفسير ما يراه امامه وما تفوهت به للتو ! هل لذلك السبب يبدو عليها اثر البكاء ؟!! كم تبدو شهيه بأنفها الاحمر ووجنتيها وعيونها الدامعه ، انها تثيره إلى اقصى درجه دون ان تعلم ذلك حتى ودون اى جهد يُذكر منها ، انتظرت حياة اى رد فعل منه ولكن دون جدوى لذلك سألته بتحدى وهى تعاود رفع رأسها فى كبرياء :
-دورك على فكره ..
اعاده صوتها الرقيق من تأمله فسألها بعدم فهم :
-دورى فى ايه بالظبط ؟..
اجابته بكبرياء :
-انك تعتذر منى على اللى قالتهولى من شويه ..
نظر إليها بصدمه كأنها تطلب منه المستحيل ، لوت فمها بأحباط قبل ان تتحول نظرتها إلى خيبه الامل ، حسناً ما الذى كانت تنتظره منه ، ان يتخلى عن غروره ويعترف لها بخطئه ، لو كانت تلك شخصيته ما كان اجبرها منذ الاساس على الزواج منه ، التفتت تعود إلى غرفتها تجر معها إحباطها عندما اوقفها صوته العميق يقول بصوت ملئ بالعاطفة :
-حياة .. انتى اغلى عندى بكتير من ان انى ازعل على اللى قلتيه من شويه ..
تنهد بحراره قبل ان يكمل حديثه بصوت أجش :
- وصدقينى انتى فى عينى اكبر من انك تعتذرى حتى لو ليا .. و حتى لو غلطتى انا اعتذر عن غلطى وغلطك بدالك ..
فاجأها اعتذاره وحديثه فالتفت تنظر إليه ودون وعى منها بأبتسامه واسعه مشرقه وعيون تلمع بالرضا ، بادلها ابتسامتها بابتسامه حقيقه لم تزر شفتيه منذ زمن بعيد ولم تعلم ان بأبتسامتها تلك قد اضاءت له ليلته المظلمه ..