متى تخضعين لقلبى
الفصل السابع
مضت الايام التاليه على كلاً من حياة وفريد على نفس المنوال ، تجنبت هى لقائه وتعمد هو الخروج باكراً والعوده بعد منتصف الليل ، وبالتالى كانت تتناول هى وجباتها الثلاث يومياً بمفردها وتقضى ما تبقى من يومها بين البحث عن فرصه سفر مناسبه لأخيها لإخراجه من البلاد وما بين اكتشاف شئ جديد فى المنزل ، وفى احدى الايام عندما لاحظت عفاف حاله الملل التى اصابت حياة نصحتها بالتوجه إلى مكتب السيد فريد اذا كانت من محبى القراءه فغرفه مكتبه تحتوى على كم هائل من الكتب ، ابدت حياة ترحاب شديد بتلك الفكره وقررت اكتشافها على الفور ، دلفت داخل الغرفه بتوجس فمجرد تفكيرها انها ملكيه خاصه لفريد لا يستخدمها احد غيره اربكتها ولكن عفاف شجعتها انه ابداً لن يعارض على استخدامها لها ، ورغم ذلك قررت الدخول فقط للبحث عن شئ ما تقرأه ثم الخروج فوراً
كانت رائحته المميزه تملئ المكان ، هذا اول شئ خطر ببال حياة بمجرد دخولها قبل ان تقع عينيها على محتويات الغرفه ، فتحت عينيها بأنبهار فالغرفه تجسيد حى للكمال والدفء بخشبها باهظ الثمن مع مكتب عصرى ومقعد جلدى مريح ووثير مع الكثير من التحف العتيقه والاكسسورات الثمينة ، اما ما جعل حياة تشهق بأعجاب هى تلك المكتبه التى كانت تحتل أركان الغرفه وتحاوط المكتب بنافذته وتمتد حتى السقف وتحتوى على مئات بل الالاف من الكتب المنظمه على حسب حقبتها الزمنيه ونوعها وتراثها ، تحركت حياة اول شئ نحو رف الادب العالمي فوجدته يحتوى على كثير من الكتب الفرنسيه ، زمت شفتيها معاً للأمام بتفكير وهى تلتقط احدى الكتب بتغليفها الجلدى العتيق بين يديها وتتأمله ، اذا لقد اتقن الفرنسيه فعلاً ، لقد كانت تتذكر كم تذمر فريد من كرهه لتلك اللغه وعدم قدرته على استيعابها وكم من خلافات نشبت بينه وبين والده بسبب ذلك الامر ولكن غريب كان دائماً يجبره على تلقى الدروس بحجه ان جميع تعاملاتهم مع شركات فرنسية وعلى ولى عهده ان يتقنها تمام الاتقان حتى يستطيع التعامل معهم فى المستقبل عند توليه اداره الشركات
هل يعلم انها كرهت اللغه والبلد بأكملها من اجله !! فكم ألمها ان يكون صديقها المفضل مجبراً على فعل شئ ما بالاكراه وبناءاً عليه رفضت هى الاخرى تلك اللغه رغم انها أيضاً اضطرت اسفه بحكم دراستها ان تتعلمها ولكنها أبداً لم تستغيثها فى طفولتها من اجله ، تنهدت بعمق من اثر تلك الذكرى واعادت الكتاب القيم إلى موضعه فوق الرف قبل ان يرن هاتفها داخل جيب ردائها ، التقطته تنظر به اولاً قبل ان تبتسم بفرح فيبدو ان مساعيها خلال الايام الفائتة قد أتى بثماره اخيراً ، أجابت بحماس على الطرف الاخر ثم استمعت له قليلاً قبل ان تجيبه بسعاده قائله:
-ايوه يا فندم تمام .. بالظبط زى ما بعت لحضرتك كده وان شاء الله الورق هيكون جاهز فى اقرب وقت ..
صمتت قليلاً ثم اجابته بحرص :
-طبعاً طبعاً .. ان شاء هيسافر لحضرتك قريب ..
انهت المكالمه وأغلقت هاتفها ثم قفزت عده مرات بسعاده وفرح ، فاخيراً استطاعت التحصل على فرصه خارج البلاد لأخيها بمعاونه صديقتها فى الخارج التى ما ان علمت بالتحول الذى حدث فى حياتها وزواجها من شخص ثرى حتى أسرعت فى مساعدتها على الفور ..
فى تلك الأثناء كان فريد يجلس فى مكتبه بمقرعمله وشئ وحيد يستحوذ على تفكيره ، حياة خاصته ، لقد اشتاق إليها كثيراً فمنذ حديثهم الاخير سوياً وهو يتعمد عدم مواجهتها او الاحتكاك بها حتى يعيد ترتيب اموره ويمهلها بعض الوقت للاعتياد على فكره زواجهم ووجوده بجانبها ، فقد كان يقضى يومه كاملاً فى العمل ويذهب للمنزل فقط فى المساء عندما يتأكد من خلودها للنوم وبعد فتره يتسلل إلى غرفتها بهدوء دون علمها ليتأملها قليلاً قبل ان يخلد هو الاخر إلى نوم متقطع يظهر فى اغلبيته مقتطفات من الماضى الحزين
قاطع تفكيره دخول والده العاصف لغرفته ، لوى فريد فمه متشدقاً قبل ان يقول بسخريه واضحه :
-مادام دخلت عليا دخله المخبرين دى يبقى فى مصيبه .. قول اللى عندك ..
حدقه والده بنظره غيظ قبل ان يقول بحنق واضح :
-نفسى تبطل قله ادب وتحترمنى شويه !!!..
لوى فريد فمه متأففاً قبل ان يجيبه بتهكم مرير :
-معلش اصل محدش ربانى وانت عارف .. امى ماتت وانا صغير ومرات ابويا كان كل همها ازاى احصلها ..
ارتبكت ملامح غريب من تلميحات فريد قبل ان يجيبه بنفاذ صبر هارباً من الصدام مع ابنه الوحيد :
-خلاص خلاص .. مش هى دى مشكلتنا دلوقتى .. انت ايه اللى عملته ده مع عيله الجنيدي ..
اجابه فريد بغرور وهو يعود بجسده إلى ظهر مقعده ليجلس فى تعالى واضح ويضع ساق فوق الاخرى :
-عملت اللى المفروض يتعمل معاهم من زمان ..
هز غريب راسه عده مرات بأسف قبل ان يقول بغضب جلى :
-انت بتستعبببط !!! مش هيسبوك بعد اللى عملته فيهم !! انت مش خايف على نفسك ..
اجابه فريد وهو مازال محافظاً على نبرته الواثقه وهدوئه :
-اعلى ما فى خيلهم يركبوه .. يبقوا يورونى يقدروا على ايه وروحهم فى ايدى دلوقتى ..
اجابه غريب متوسلاً :
-يابنى لو انت مش خايف على نفسك انا خايف عليك .. بلاش عند مع ناس زى دى!!..
قفز فريد من مقعده بغضب ثم توجهه نحو والده يقف امامه بشموخ وهو يضع يديه فى جيوب بنطاله قائلاً بشراسه :
-خلى خوفك لنفسك . وبعدين انا حلفت برحمه اغلى حاجه عندى انى ادفعه تمن اللى عمله قديم وجديد .. كفايه ان حسابه اتاخر لدلوقتى بسببك ..
انهى جملته ثم التفت بجسده يتجه نحو النافذه لينظر منها بجسد متصلب ، سمع صوت والده يتنهد بيأس قبل ان يقول منهياً ذلك الحديث :
-خلاص اللى انت تشوفه اعمله .. بس ع الاقل زود عدد الحراسه معاك شويه.. اه واعمل حسابك الاسبوع الجاى حفله التجديد السنوى مع الشركه الفرنسيه .. والحفله هتكون على شرفك انت ومراتك عشان يتعرفوا عليها ..
ادار فريد جسده نحو والده بهدوء ثم رفع احدى حاجبيه مستنكراً قبل ان يجيبه ببرود :
-لا مش عايز ..
صاح به غريب وقد سأم من تصرفات ابنه تجاهه الامباليه :
-هو ايه اللى مش عايز !!!! ده شغل ومستقبل شركات انت المسئول عنها !! الخميس الجاى الحفله فى الفيلا تكون موجود انت ومراتك ومش عايز اعتراض ..
انهى جملته ثم تركه وانصرف صافقاً الباب خلفه بقوه ..
انتظرت حياة حتى المساء وعوده اخيها للمنزل حتى يكون بكامل تركيزه قبل ان تقرر الاتصال بِه ، جلست فى غرفتها وعلى حافه فراشها ثم أمسكت هاتفها وانتظرت ان يأتيها الرد من الطرف الاخر ، كانت على وشك خوض كافه التفاصيل معه عندما سمعت وقع خطوات كثيره فى الخارج فلم تود المجازفة بأى حديث قد يفسد مخططها لذلك اثرت الحرص على حماسها فقالت لاخيها بنبره منخفضة :
-بص الكلام مش هينفع فى التليفون انا لازم اشوفك بكره .. فضى نفسك وقابلنى فى البيت ..
فى تلك اللحظه فُتح باب غرفتها بقوه ورأته يقف امامها يسألها بوجهه عابس وعيون مكفهره :
-انتى بتكلمى مين ؟!..
انتفضت هى على صوت اقتحامه لغرفتها ثم وضعت يدها فوق قلبها برعب قبل ان تمد يدها الممسكه بالهاتف نحوه وهى تقول برعب :
- محمد اخويا .. خد اتاكد بنفسك ..
ارتبكت نظرته قليلاً وظهر التوتر على قسمات جسده قبل ان تلين نظرته ويدير جسده المتصلب لها خارجاً من غرفتها .
تنفست الصعداء بعد خروجه واغلقت الهاتف مع اخيها بتعجل ثم اخذت تذرع الغرفه ذهاباً واياباً بتوتر ، هزت رأسها عده مرات بتصميم لتشجع نفسها داخلياً ، ستذهب لتخبره ولن تتهاون فى حريتها فعهد تحكم والدها انتهى وابداً لن تعيد تلك التجربه معه ، فوالدها كان يمنعها من الخروج بمفردها الا من اجل الدراسه والعمل بالطبع بسبب العائد المادى للأخير حتى يرتاح من طلباتها ، اما عن خروجها مثل مثيلتها من الفتيات كان ممنوعاً عليها منعاً باتاً ففى منطقه ان البنت ذات الدين والُخلق الجيد مكانها فقط فى المنزل !!!
على كلاً انها شاكره لسماحه لها باكمال دراستها دون تعنتات ، ولكن كل ذلك انتهى الان ولن تسمح لأحد اخر التحكم فى حياتها
بعد قليل هبطت إلى الطابق الارضى بعدما استجمعت شجاعتها واستعدت لمواجهته تبحث بعينيها عنه ، فى الاسفل لمحت بعينيها مدبره منزله تخرج من غرفه مكتبه ممسكه بفنجان قهوه فارغ فعلمت انه بداخلها لذلك توجهت على الفور تجاه الغرفه ثم توقف امامها تسالها بهدوء قائله :
- فريد جوه ؟؟!!!..
اجابتها عزه بجفاء قائله :
-اها فريد بيه فى المكتب ..
هزت حياة راسها عده مرات وتركيزها منصب على مواجهتهم وهى ترفع راسها بتحدى ممسكه بقبضه الباب وتهم برفع يدها الاخرى لتطرقه ، اوقفها صوت عزه مره اخرى قائله بنبره خاليه :
-فريد بيه طلب محدش يزعجه !!! ..
نظرت إليها حياة من فوق كتفها وهى لازالت ممسكه بقبضه الباب ثم رفعت احدى حاجبيها لها بتحدى قبل ان تدير مقبض الباب وتدلف إلى الغرفه دون استئذان وهى توجه إليها ابتسامه مغيظه قبل ان تصفق الباب فى وجهها
كان فريد يجلس خلف مكتبه عاقد حاجبيه معاً بشده وهو ينظر بتركيز فى شاشه كمبيوتره المحمول عندما سمع باب غرفته يُفتح ويُغلق دون استئذان انتفض من مقعده وهو يصيح قائلاً :
-مين اللى بي…
انهى جملته بمجرد وقوع نظره على الباب ورؤيته لها تدلف الغرفه بتوجس ، لانت ملامحه المتجهمة قبل ان يتحرك فى اتجاهها يسألها بقلق :
-حياة !! فى حاجه حصلت ؟!…
اخذت نفساً عميقاً قبل ان تبرر دخولها الهمجى ذلك قائله :
-مفيش وانا عارفه انى دخلت من غير ما اخبط ع الباب .. بس هما قالولى بره انك مش عايز حد يزعجك .. وانا كنت هقولك حاجه واطلع على طول ..
تبدلت ملامحه على الفور ثم اضاف بنبره حانيه وهو يتأمل نظرتها المرتبكة رغم حركات جسدها المتصلبة :
-حياة .. انا قصدى محدش يزعجنى منهم ..
اطرقت براسها للأسفل فى محاوله منها لكتم ابتسامه خفيفه كانت تهدد بالظهور على شفتيها من اثر ذلك الانتصار الصغير ولكنها سيطرت عليها بالاخير ثم تنحنحت عده مرات قبل ان تقول بنبره هجوميه استعداداً لما هو ات :
- انا عايزه اروح لماما بكره أزورها .. وعلى فكره ده مش ….
قاطعها فريد قبل ان تكمل جملتها بنبره هادئه :
-مفيش مشكله شوفى عايزه تنزلى الساعه كام وبلغى السواق قبلها ..
فتحت فمها بأندهاش فقد كانت تعد نفسها لرفضه فسألته بأستنكار :
-ايه ده يعنى انت موافق انى اروح بسهوله كده ؟!!…
ابتسم لها بأعجاب من سؤالها الطفولى ثم أجابها قائلاً :
-مفيش مشكله زى ما قلتلك السواق هيوصلك وقت ما تحبى وانا بليل بنفسى هاجى اوصلك ..
عقدت حاجبيها معاً ثم اجابته معترضه :
-بس انا مش عايزه حد يوصلنى !! انا بعرف امشى على فكره ولوحدى !! ..
وضع فريد يديه فى جيوب بنطاله قائلاً بلا مبالاته المعتاده وهو يرمقها بنظره محذره :
-حياااة !! مش عايز مناقشه كتير ده اخر كلام عندى !!! والقرار قرارك يا حد يكون معاكى يا لاء !! اختارى ؟!! .
التفت بجسدها واتجهت نحو الباب وهى تضرب الارض بقدمها من شده الغيظ وتتمتم بكلمات حانقه لم تلتقط أذنه منها شئ ولكنه ابتسم لااراداياً من مظهرها الطفولى الغاضب ، تنحنح محاوله تنقيه حلقه والسيطره على رغبته فى احتضانها
ثم تحدت بنبره آمره وهى على اعتاب الخروج قائلاً :
-اعملى حسابك الخميس الجاى فى حفله للشركه على شرفنا .. حضرى نفسك ..
التفت تنظر له بعيون غاضبه قبل ان ترفع راسها بتحدى قائله :
-مش هروح .. اتفضل احضرها مع نفسك !!..
رأت التسليه واضحه فى بريق عينيه قبل ان يجيبها بنبره تهديد منخفضة :
-تمااام براحتك !! اهى فرصه برضه البسك بأيدى واشيلك لحد هناك ..
شهقت بفزع وفتحت فمها مندهشه من وقاحته معها ثم اضافت بنبره حاده مرتبكه :
-انت .. انت انسان مغرور .. ووقليل ذوق واناااااا ..
قاطعها بمرح مقلداً نبرتها وهو يلوى فمه بنصف ابتسامه ويتقدم منها حتى اصبح على خطوه واحده منها قائلاً :
-بتكرهينى عارف ..
تشدقّت بحنق قائله بأشمئزاز :
-كويس انك عارف انى بكرهك وجداً كمان ..
ومضت عينيه ببريق غريب وهو ينظر لداخل عينيها مباشرةً
ثم أجابها وهو يمد كلتا ذراعيه يستند بهم فوق الجدار ليحكم حصارها ويمنع يدها من الامتداد لفتح الباب والخروج قائلاً بصوت أجش وعينيه تضيق فوق وجهها :
- عارفه يا حياة ايه اللى مصبرنى على كل اللى بتعمليه ده ؟!…
لم تجيبه بل اغمضت عينيها بقوه تضغط عليهم محاوله تجاوز الشعور الذى بدء يتسلل إليها من انفاسه الحاره التى تقع عليها وهى تحرك راسها نافيه ببطء و تبتلع ريقها بصعوبه بالغه ، فأضاف وهو يقترب بوجهه اكثرمن وجهها :
-عشان العيون دى اللى فى كل مره بتشوفنى فيها بتقولى حاجه واحده بس .. ” محتاجالك يا فريد ” .. وانا وعدتهم من زمااان انى ما عمرى ما هتخلى عنهم ..
فتحت عينبها بصدمه قبل ان تشرد بنظرها نحو الفراغ ويشحب وجهها ، انتهز هو فرصه صمتها واقترب منها يطبع قبله حانيه فوق وجنتها ، انتفضت بفزع من اثر قبلته وقد إعادتها لمسته للحياه ثم دفعته بكلتا يديها وهى تصرخ به بقوه قائله :
-متلمسنييييييش .. انت فاهم اوعى تقرب منى او تلمسنى تانى ..
ثم استدارت برعب لتفتح الباب بيد مرتعشه وركضت إلى الخارج بجسد منتفض تاركه فريد يشعر بالصدمه من رد فعلها الغير مفهوم
فى صباح البوم التالى كانت آمنه تجلس فوق الطاوله الصغيره تقوم بتحضير أشهى المأكولات وهى تدندن اغنيه قديمه بسعاده ، خرج عبد السلام من غرفتهم ينظر نحوها شرزاً قبل ان يتشدق جملته بغيظ :
- ايوه ياختى حضرى ما هى ست الحسن بتاعتك جايه النهارده ..
حركت امنه راسها يميناً ويساراً فى حنق ثم استغفرت ربها وآثرت الصمت ولكنه تعمد استفزازها مضيفاً : - ايه مش اللى عاجبك الكلام ولا بتكلم غلط ولا يمكن كلامى دلوقتى مبقاش جاى على هواكى بعد ما ناسبتى الباشا !! ..
زفرت آمنه بضيق وهى تلوى فمها قبل ان تجيبه قائله :
-يا حول الله يارب .. انا عايزه اعرف انت ايه عايز تجر الشكل وخلاص !!! ما تسيب البت فى حالها مش كفايه من ساعه ما اتجوزت محدش عبرها ولا سأل عليها !!!..
قاطعها وقد بدءت نوبه صياحه المعتاده قائلاً بصوت يصم الاذان :
-مالها ياختى ما هى قاعده فى فيلا والخدم تحت رجليها هتعوز ايه تانى !! انا بقول بس بدل مانتى مهتمه بيها والاكل الحلو مظهرش غير بقدومها كنتى تعملى حاجه لابنى الغلبان الشقيان ده هو اولى !!..
قاطعته امنه بنفاذ صبر معترضه :
-وهى مش بنتك يا راجل !! وكمان لو كنت نسيت أفكرك مين اللى أنقذ ابنك الغلبان ده ..
قاطعها بصوته الجمهورى قائلاً ؛
-وهو مين اللى كان هيضيع ابنى غير الست بنتك وعمايلها ؟!!!! ..
اجابته امنه بحنق :
-طب والوصلات اللى كانت عليك مين انقذك منها يا عبد السلام !!.. ياخى اتقى الله بقى وكفايه كده ..
مر كفه داخل شعر يحك قررتها بتفكير ثم تمتم بخفوت :
-عندك حق بس المره دى البت وقعت واقفه بجد .. شكلنا اتسرعنا المره اللى فاتت بس الحمدلله انها باظت ..
صاحت به آمنه وهى ترميه بنظرات اشمئزاز واضحه قائله:
-عبد السلاااااام .. قفل ع السيره الهباب دى لمصلحتك .. وأتوكل على الله شوفْلَك حاجه تعملها خلينى اكمل شغلى ..
رمقها بنظرات حانقه قبل ان يقول بغيظ :
-ادينى سايبهالك وماشى وهروح اقعد ع القهوه ..
تمتمت امنه بخفوت قائله :
-فى ستين ….
ثم عادت للتركيز على ما كانت تقوم به قبل مناقشتها معه ..
انقضى يوم حياة سريعاً مع والدتها التى اهتمت بسؤالها عن ادق تفاصيل حياتها فحاولت حياة قدر المستطاع اعطائها اجابات منطقيه مختصره دون التطرق إلى اى مواضيع جانبيه فظنت آمنه ان ابنتها تتجنب الحديث معها فى اى شئ يخص زواجها خجلاً منها اما عن حياة فقد تنهدت براحه عندما توقفت والدتها عن سيل الاسئله التى غدقتها بها منذ وصولها ، صمتت قليلاً ثم سألتها بإستفسار وهى تلكز ابنتها من مرفقها بمرح:
-صحيح قوليلى ؟!! عجبتك الهدوم اللى اخترنهالك ؟!..
قطبت حياة حاجبيها معاً بتركيز قبل ان تسألها مستفسره :
-هدوم ايه ؟!!.
اجابتها آمنه بحماس والابتسامه تعلو ثغرها فخراً :
-الهدوم بتاعتك اللى هناك فى الفيلا ..
ازدردت ريقها بعجاله ثم اضافت قائله :
-فريد حب يعملهالك مفاجأه .. كلمنى وقالى أقابله واختار معاه كل اللى بتحبيه عشان انا ادرى بذوقك يعنى .. حتى فستان الفرح سالنى لو بتحب حاجه معينه وافتكرت ساعتها الفستان اللى كنتى كل شويه تدوشينى بشكله وتورينى صور شبهه وخلانى اقابل واحده مصممه كده ده اسمها .. ووصفتلها على قد ما اقدر .. بس الحق يا حياة ان الفستان طلع احلى من اللى كنتى بتوصيفه .. انا مرضتش احرقلك المفاجأه ساعتها بس دلوقتى اقدر اتكلم براحتى بقى ..
هزت حياة رأسها ببطء فقد حلت لغز تلك الملابس الرائعه القابعه داخل خزانتها وحتى الان ترفض ارتدائها بسببه ، اعادها من شرود تفكيرها صوت اخيها يدلف إلى المنزل ، فقفزت على الفور تستقبله بسعاده وحماس ثم تمتمت لوالدتها بعجاله :
-مانا احنا فى الاوضه جوه .. متخليش حد يدخل علينا ..
ثم جذبت اخيها من مرفقه تدفعه نحو الغرفه بحماس ، فى الداخل قصت على اخيها الذى كان يستمع إليها بتركيز وحماس كافه تفاصيل تلك السفريه المنتظره ثم اطرق برأسه فى حزن متسائلاً :
-ماشى يا حياة بس انا هجيب مصاريف السفر دى منين ؟!.. انتى عارفه ان الشغل يادوب ..
ربتت على كفه بحنوبقبل ان تجيبه بنبره مطمئنه :
-متشغلش بالك بكل ده انت عارف انى كنت محوشه شويه فلوس من شغلى وانا هتكفل بكل حاجه ..
ثم مدت يدها داخل احدى جيوب بنطالها وأخرجت بطاقه إلكترونيه وضعتها فى كفه قبل ان تضيف :
-دى الفيزا بتاعتى ان شاء فيها اللى يكفى كل المصاريف خدها استخدمها وأتوكل على الله بس بالله عليك يا محمد فى اسرع وقت انا ما صدقت الفرصه دى تجيلى ..
هز راسه لها متفهماً قبل ان يحتضنها ويطبع قبله حانيه على جبهتها ويقول :
-مش عارف اقولك ايه ع اللى بتعمليه معايا .. بس ان شاء الله هردلك كل فلوسك دى وزياده ..
لكزته فوق وجنته برفق قبل ان تجيبه بمرح قائله :
-يا واد انت هتكبر عليا .. يلا قوم شوف وراك ايه تعمله معندناش ووووقت ..
قفز اخيها على الفور فى حماس وهو يتمتم بسعاده :
-حاضر يا اجدع اخت فى الدنيا ..
ابتسمت حياة بسعاده لرؤيتها سعادته واضحه فوق ملامحه ثم أوقفته بصوتها الناعم ترجوه قائله :
-محمد متنساش انت وعدتنى .. محدش يعرف حاجه لحد ما تسافر ..
هز رأسه لها متفهماً قبل ان يخرج من غرفتها ويتركها تزفر براحه وسعاده من تحقيقها اول خطوه فى سبيل حريتها .
فى المساء هاتف فريد حياة يطلب منها الاستعداد للخروج فهو على وشك الوصول إليها ، ودعت والدتها التى اقتربت منها بحزن قائله:
-ملحقتش اشبع منك يا حياة كنتى خليكى شويه كمان معانا ..
اجابتها حياة وهى تربت على كتف والدتها بحنان مبرره :
-معلش يا ماما فريد كلمنى و قالى انه خلاص فى الطريق وان شاء الله هبقى اجيلك تانى .. وانتى كمان ابقى تعالى زورينى بلاش تسبينى لوحدى هناك ..
كانت آمنه على وشك اجابتها عندما قطع حديثهم صوت والدها الذى كان يقف على عتبه المنزل يستمع لحديثهم قائلاً بسخريه :
-سبيها تروح لجوزها !! .. دلوقتى بقى فريد اللى كانت عامله دوشه ١٠ سنين وهى تقول مش عايزاه مش عايزاه دلوقتى مش قادره علي بعده ..
التفت حياة بحده تنظر إليه وعلامات الحنق تبدو ظاهره على ملامحها قل ان تقرر اثاره غيظه قائله بسخريه وهى تتحرك فى اتجاهه وتقف على مقربه منه :
-طب وانت زعلان ليه كده يا بابا .. يمكن عشان المره دى معرفتش تطلع غير بوصلات الامانه فالموضوع بالنسبالك خسران !!!!! ..
صُدم عبد السلام من ردها فتلك كانت اول مره تقف حياة فى وجهه والدها ، صدح صوته بقوه يرج أركان المنزل صارخاً فيها بعنف :
-انتى قليله ادب بنت ….. وشكلك افتكرتى انك اتجوزتى ومحدش هيقدر عليكى ..
ثم رفع كفه لاعلى فى محاوله لصفعها ولكن أوقفه صوت فريد الهااادر ممسكاً بيده المرفوعه قائلاً وعلامات الغضب تبدو ظاهره على وجهه وعينيه :
-عبد السلام بيييييه !!!!! انا مراتى متربيه احسن تربيه ..
ثم قام بالضغط بقوه على كف والدها المرفوع حتى شعر بالاحمرار قد بدء يغزو وجه غريمه من شده الالم وأضاف بنبره غاضبه منخفضة وهو يضغط على شفتيه بقوه :
-ثم ان مش مرات فريد بيه رسلان اللى حد يفكر يمد ايده عليها حتى لو كان ابوها فاهم !!! ..
ثم نفض يده بقوه شعر معها عبد السلام بذراعه على وشك الخروج من مفصله ، تحرك فريد من امام الباب يحتضن يد حياة التى وقفت خلف والدتها متسمره مما كان والدها على وشك فعله معها ومن رد فعل فريد ثم سحبها نحو الخارج وهو يقول بنبرته الآمرة :
-دادا آمنه .. لو عايزه تشوفى حياة هتلاقيها فى بيتى ..
ثم سحبها للخارج نحو السياره دون النظر خلفهم .
دلفت حياة داخل السياره بهدوء دون ابداء اى رد فعل ، صفق فريد الباب خلفها بقوه ثم استدار ليحتل المقعد المجاور لها ويأمر سائقه بالتحرك ولازال ذلك العرق بجانب صدغه ينبض بقوه من شده الغضب ، زفر بقوه عده مرات فى محاوله منه لاستعاده جزء من هدوئه قبل ان يتحدث مع حياة التى لم تبدى اى رد فعل حتى الان ، هتف بأسمها بنبره حاول قدر الإمكان اخراجها طبيعيه وهو يمد يده ليحتضن كفها فى توجس متأهباً لرفضها ولكنها فاجأته بتقبل يده بهدوء غير معتاد ، هتف بأسمها مره اخرى بنفاذ صبر ولكن أيضاً لم يصدر منها اى رد فعل فقط ضغطه خفيفه على يده المحتضنه يدها ثم استندت برأسها على النافذه وسمحت لنفسها بالعوده إلى سن السادسه ..
” تذكرت ذلك اليوم فى قصر غريب عندما كانت تتلوى تحت قبضه والدتها وهى تمشط لها شعرها قائله بطفوليه :
-يا ماما يلا بسرعه عشان الحق اروح لفريد قبل الدرس ما يبدء ..
ضحكت آمنه بمرح وهى تحاول جاهده إتمام مهمتها مع قله صبر طفلتها قائله بمرح :
-ايوه يا ست حياة .. كأن الدنيا دى مفيهاش غير فريد ليل ونهار عايزه تجرى عليه .. اتفضلى يا ستى روحيله ادينى خلصت ..
ركضت حياة على الفور فى اتجاه الباب المؤدى إلى الحديقه عندما أوقفتها يد والدها الغليظه تسحبها للداخل مره اخرى ويجرها خلفه بقسوه قائلاً :
-مفيش حاجه اسمها فريد تانى ..
ثم توجهه بحديثه لوالدتها :
-انتى يا ست آمنه معندكيش نخوه ولا احساس بتشجعى البت على قله الادب !! عايزاها تحط راسنا فى الطين !!
سألته آمنه مستنكره عاقده حاجبيها معاً :
-قله ادب ايه دى يا عبد السلام اللى بتتكلم عليها ؟!..
أجابها بصراخ وهو مازال ممسكاً بذراع حياة التى كانت تحاول جاهده الافلات من قبضته المؤلمه :
-ايوه قله ادب .. ليل ونهار سيباها قاعده لوحدها مع ابن الباشا ومحدش عارف بيعملوا ايه .. بتك دى مش هترتاح غير لما تجبلى العار وتخلى ناسى فى البلد يعايرونى بيها !..
شهقت آمنه بفزع وهى تضع يديها فوق فمها تحاول استيعاب حديث زوجها الغير متزن ثم اجابته بأستنكار ممزوج بإشمئزاز قائله :
-عار ايه يا راجل!!! دول عيال !!! انت بتتكلم على بنتك اللى مكملتش ٦ سنين !!!! انت بتقول ايه ..
صاح بها بصوت جهورى افزع كلاً من حياة التى بدءت تبكى من شده الالم ووالدتها :
-ايوه هو ده اللى عندى واعملى حسابك تلمى هدومك انا خلاص جبت شقه ايجار ومن بكره هنتنقل ليها .. وأقسم بالله لو بوقك اتفتح او اعترضتى لارمى عليكى اليمين دلوقتى وارميكى فى الشارع انتى وعيالك !! ..
ازدرد ريقه بقوه قبل ان يضيف بتوعد :
-ومن بكره الحال المايل ده هيتعدل وهشوف البت دى اللى عايشه عيشه البشوات هتتربى ازاى ..
ثم نفض ذراع حياة من قبضته وخرج صافقاً باب الملحق خلفه بقوه ، انتظرت حياة خروجه ثم ركضت نحو الحديقه وهى لازالت تبكى حتى وجدت فريد يجلس بهدوء تحت شجرته المفضله ، هتفت بإسمه بصوت باكى تشتكى له من والدها قائله من بين شهقاتها المتلاحقة :
- فريد . بابا زعقلى .. وقالى .. قالى انى هجيبله العار .. وانه هيخلينى امشى وكمان بكره .. هنروح .. هنروح بيت جديد..
قاطعها صوت فريد الطفولى يهدئها وهو يمسح فوق شعرها بحنان قائلاً بأصرار :
-متخافيش يا حياة .. انا هحميكى منه ومش هخليه يعملك حاجه وبعدين انا دلوقتى هكبر وهتجوزك واخليكى تعيشى معايا انا وانتى وماما بس بعيد عنه وعن بابا ..
هزت رإسها له بحماس موافقه وهى تمسح بكف يدها دموعها المنسابه فهى تثق به وتعلم انه بطلها وحاميها الاول ، تنهدت بعمق وهى تفكر فيبدو ان قوة ذلك الصغير لم تكفى لردع والدها عما انتوى القيام بِه وبالفعل فى اليوم التالى انفصلت حياة عن فريد دون حتى وداع ..
افاقت من شرودها على توقف هدير السياره وصوت فريد العميق يحثها على النزول ، دلفت إلى الداخل فوجدت الهدوء يعم ارجاء المنزل فاستنتجت ان ساعات العمل قد انتهت وذهب كل موظفيه إلى مخدعهم ، راقب فريد ردود افعالها الهادئه بقلق فهو يفضل حياة الثائرة عن تلك التى لا يصدر منها اى رد فعل ، رفع رأسه للاعلى ثم تنهد بتعب وهو يمرر يده داخل خصلات شعره ويضغط على شفتيه قبل ان يقول آمراً بنبره خرجت حاده دون وعى منه :
-حياة .. مفيش روح لهناك تانى .. فاهمه !! ..
التفت تنظر إليه وعيونها تنطق بالشرر قبل ان تنفجر وتصرخ به بقوه وهى تدفعه بكلتا يديه للخلف قائله :
-ملكش دعوووووووه .. انت بالذات ملكش دعوه … مش عايزه منك حاجه .. فاهم يعنى ايه مش عايزه منك حاجه .. متجيش دلوقتى تدينى أوامر .. روح واختفى زى ما اختفيت زمان .. حياة كبرت ومش محتاجالك فاهم !!! انا قادره ادافع عن نفسى لوحدددى متعملش فيها بطل ليا .. كنت فين زماااان .. كنت فين وانا عندى ١٤ سنه !!!! كنت فين وهو …
ابتعلت ما تبقى من الكلمات بداخلها وهى تشهق بقوه وجسدها يرتجف من شده الغضب ، ظل فريد ينظر إليها بصدمه يحاول استيعاب حديثها وسبب ذلك الانهيار الغير مبرر ، تقدم خطوه منها يمد كلتا يديه ويحاول احتضانها ولكنه تفاجئ بها تلكمه فوق صدره بقوه وهى تصرخ بأستياء :
-متقريش منننننى .. قلتلك ميه مره متقربش منى .. فاهم .. ابعد عنى ومتقربش منى .. مش عايزه حد يقرب منى فيكم .. سيبونى فى حالى .. وانت ارجع مكان ما كنت مختفى مش عايزاك فى حياتى ..
قاوم فريد لكماتها المتتالية وانهيارها وهو يشدد من احتضانه لها حتى استكانت وهدئت بين ذراعيه ثم قامت بمسح عبراتها المنهمره بكثره قبل ان تدفعه برفق وهى تمتم بنبره منهمكه :
-انا كويسه لو سمحت سيبنى ..
فك حصارها من بين ذراعيه وتركها لتتجه نحو الدرج وملامح وجهه يكسوها الصدمه يحاول عقله استيعاب كلماتها وما تفوهت به للتو .