الرواية حصري على موقع مجلة الأسطورة، ممنوع النسخ نظراً لحقوق الملكية الفكرية
شعرت “سالي” بالفرحة وهي تحتل المقعد الخلفي للسيارة، بينما جلست السيدة فاطمة بالكرسي الأمامي.
وما إن انضم إليهم “عبيدة”، حتى استشعرت “سالي” دفئاً لا يضاهى قد ملأ الحيز الضيق الذي يجمعهما في المحيط التقاربي المحبب هذا.
جاذبية عبيدة سيطرت على حواسها، وكل أفكارها بالابتعاد عنه وخططها لتجنبه دكت من أساسها وفي وقت لا يذكر، لا تنكر أن هناك جزءاً متعقلاً منها يحثها على أن تجنب حالها عواقب المخاطرة، بينما جزء طائش يشجعها على التمادي، حتى أصبحت كفراشة ضعيفة تتراقص حول ألسنة اللهب، تعلم أنها ما إن تتجاوز حدها ستحترق ولكن الضوء يجذبها حد اللعنة.
موجة من الفرحة اجتاحت سواحل بيئتها الجافة فغمرتها بإحساس حماسي عندما أخذت تفكر في احتفال الليلة بما ستعايشه به من مرح تتوق إليه.
شرد عقلها بآخر عيد ميلاد حضرته لرفيقتها “نوران” هنا، حيث أصرت على أن يكون حفلاً خاصاً يضم المقربين فقط حتى يسمح مضيفها الذي اعتاد على الاحتفال بعيد مولدها بأن تستمتع بفقرة رقص تتطبق فيها ما تعلمته في دروس الصالصا.
ابتسمت ببلاهة، عندما استحضرت هذا المشهد الذي ألحت فيه “نوران” على أن ينضم إليها “عمران” بباحة قصره ليكون شريكها في تلك الرقصة.
بالبداية رفض “عمران” رفضاً قاطعاً، ولكن مع إلحاح ومشاكسة “نوران” قبِل على مضض، وعندما صدح صوت المسجل باللحن الذي اختارته “نوران”، وشرعت في تلقين “عمران” بعض الخطوات البسيطة حتى انسجموا سوياً ما إن طبق “عمران” ما بثته إياه شريكته في الرقصة.
تنهدت “سالي” لاوية ثغرها؛ فحتى ما إذا كانت رفيقتها تضع مخططاً كهذا بحفل العام، فمن المستبعد أن تنال “سالي” فرصتها لتجرب شيء مثير إلى ذلك الحد؛ من جهة لا تجيد هذا النوع من الرقص الغربي ومن أخرى من سيسمح لها بهذا.
زوت ما بين حاجبيها بامتعاض، وهي تتخيل نفسها بموقف مماثل، واشتعلت وجنتيها بحمرة الخجل عندما تهيأت لها صورتهما معاً، و”عبيدة” يدعوها إلى مراقصته، فحتى وإن لم تُجِد الصالصا، فحتماً شخص مثله على علم بالبدائيات هذا إذا لم يكن يتقنها وببراعة.
أغمضت جفنيها تتذكر ذلك الموقف الذي جمعهما معاً، وعليه قد تسللت الحرارة إلى أوردتها عندما راودتها نفس الأحاسيس التي شملتها وهي بين يديه، يضمها إلى جسده.
أيقنت “سالي” أنها تتحين لحظة أخرى كالتي مضت فهي في اشتياق لقربه، كل كلمة تصدر عنه لها وقعها، كل حركة تصدر منه لها تأثير وصدى.
تأففت بصوت عال عن غير عمد، فرمقها “عبيدة” بنظرة من زيتونيته العميقتين بالمرآة الأمامية، تبسمت عينها تحت تأثير سحر لفته العابرة تلك.
فما بالها لو أطال النظر.
“عبيدة” مبرراً سبب تحديجه بها:
-يبدو إنك قد سأمت؟ ولكننا على وشك الوصول إلى مكان الحفل، على أية حال المسافة ليست بعيدة.
دقائق معددوة ولاحت إنارة المصابيح المدلاة من الأعمدة التي ترتص على كلا الجانبين داخل حديقة قصر “السوالمي”.
شقت السيارة طريقها إلى الداخل وعلى ما يبدو أن الحفل مقام بالبهو الخاص بالقصر، لا بحديقته وهذا يعني ان الدعوات مقتصرة على أقرب الأقربين.
ترجل الجميع من السيارة وولجوا إلى مدخل القصر الذي تصدح أجواءه بالإضاءة والمصابيح الملونة وأفرع الزينة المتناسقة معلقة هنا وهناك بشيء من الإبداع ينم عن الذوق الرفيع لمنظمة الحفل وموسيقى هادئة عمت الأرجاء تضفي المزيد من السحرا وتبعث الحماس والبهجة.
وكما توقعت “سالي” لم يوجد جمع هائل بل كان حفل من نوع خاص، والحضور مندمجين مع الأنغام وفجأة أطلت من يقام الحفل على شرفها.
كانت “نوران” ترتدي فستاناً باللون السماوي الذي أبرز سمارها الهادئ وسلط الضوء على زرقاويتيها اللتان تشعان ببريق مثير للجدل.
وهناك من يقف على بعد استدار يقابلها بعدما علا صوت التصفيق، ورماديتيه متسعتين بانبهار وهو يرمقها بوله شاخصاً بتفاصيلها ونظراته ترتفع متأملة كل إنش بها بداية من ثوبها المتسع من الأسفل ويضيق عند منتصف فخذيها حتى الصدر الذي زينته بسلسال ذهبي قد أهداها إياه بآخر عيد ميلاد لها منذ ثلاثة أعوام، وقرطان يتدليان من أذنيها يزينان عنقها الطويل وخصلات شعرها التي جمعتها بإهمال أعلى رأسها تمردت بعض من خصلاته لتحاوط وجهها، كل هذا جعلها تبدو گحوريةمن الجنة بإطلالة خاطفة للأنفاس.
تقدم “عمران” في اتجاهها بخطى وقورة ولكن ثباته مزعزع وعلى ما يبدو أنه قد فقد رشده، تلك الفاتنة بعثرت مشاعره دون جهد من قبلها، فكلما دنى منها خطوة تمرد قلبه اللعين الذي يناشده بأن يضمها إليه وفي حضور الجميع.
لحظة!!
لم أزاحت الستار عن ذراعيها ببشرتها اللامعة تلك؟!
سؤال أثار حفيظته لتتحول نظراته من الحالمية إلى أن اكتسحت الحمرة بياض عينيه گبركان ثائر على وشك الانفجار.
أما عن “نوران” فقد أصابها الارتباك الشديد ولا تعرف سبباً لتحول مشاعرها تجاهه إلى النقيض وكأن ذاك العقد بمثابة تعويذة ألقيت عليها وبمجرد أن لمحت نظراته المتمعنة شدت على جانبي ظهرها، تصرف انتباهها عنه، ولم ترى تبدل عينيه التي تفج بالغضب.
أصبح “عمران” خلفها مباشرة يميل هامساً إليها من بين شفاهه المزمومة، يقول باستشاطة:
-اتبعيني إلى الخارج.
التفت رأسها إليه من أعلى كتفها، تسأله بريبة : -لِم؟!
عقب “عمران” بنبرة آمرة : – نفذي ما قلته دون نقاش لا إلا اضطر إلى سحبك خلفي أمام أعين الحاضرين.
قالها وانصرف دون أن يجذب الانتباه إليه بينما من ترتجف أطرافها هولاً، خاطبت “سالي” ووالدتها السيدة “فاطمة” تقول بحرج :
-أعتذر منكما، يبدو أنني بحاجة إلى استخدام المرحاض، ثوان وسأعود.
انتبهت “سالي” على تعقيب والدتها التي قالت :
-بالتأكيد حبيبتي، عذرك مقبول.
بينما تسائلت “سالي” بدهشة :
-عم تتحدثان؟!
أجابتها “فاطمة” بعد انصراف “نوران” :
-ما بك شاردة منذ أن خرجنا من المنزل، هل هناك شيء حدث بينك وبين “عبيدة؟
“سالي” بتلبك : – لم “عبيدة” على وجه التحديد؟! كما أنني لست شاردة بل أشعر ببعض آلام الرأس ليس إلا!!
“فاطمة” بقلق : – كان يمكننا الاعتذار عن الدعوة ما دمت مريضة، أنت حقاً تجهدين حالك فيما يخص شئون المزرعة ولا أعلم ما الذي تريدين إثباته؟! ولمن؟!
“سالي” بنزق : – على أساس أنني كنت غير مهتمة بالسابق؟! كما أنه مالنا ويجب علي الاهتمام لأجل شئوننا.
الأم بود : – أعلم أنك قلقة بهذا الشأن ولكن من كنت محفظة بشأنه يرعى أمورنا على أكمل وجه، توقفي عن قلقك الزائد، إنه أهل للثقة.
زفرت “سالي باختناق، كيف ستبرر أن ما ينتابها قلق من نوع آخر، قلق لذيذ، وعندما فشلت في التعبير عما بداخلها أومأت إليها بالإيجاب تهادنها.
في هذه الأثناء تسللت “نوران” إلى ممر المؤدي إلى السلم الداخلي وعينيها تجوب المكان بدهشة، فمن أجبرها على الخروج لا أثر له بالخارج، لذا قررت الصعود إلى غرفتها بحثاً عن الهاتف.
ولكنها ما إن وضعت قدمها على الدرجة الأولى أحست بما قيد حركتها، ويد حاوطت خصرها من الخلف يرفعها عن الأرض، وحاملها يتراجع حاملا إياها وقبل أن تنفرج شفاهها بالصراخ، كمم آسرها ثغرها براحة يده، فجحظت عينيها برعب، وإذا به…….
رواية واحتسب عناق بقلم الأسطورة أسماء حميدة
👇
بالتوفيق
اعملى روايه عن الرعب أن كل الظروف ضد البطل وبيعافر .. وموتيه فى الاخر
الى لقاء اخر