عندما فتحت سالي باب المطبخ، استمعت إلى أخيها “أكرم” يصيح بصوتٍ عالٍ.
يقول باستياءٍ : – اللعنة!!
-لم أكن أتوقع هذا على الإطلاق، كما أنه شيء غير مقبول.
ارتجفت أوصال “سالي” وهي تتوقع انتقاد أخيها كونها حضرت إلى المنزل بصحبة “عبيدة”، فسألته بصوتٍ مذبذب:
-اهدأ “أكرم” ما الداعي لكل هذا الصياح؟!
-سأطلعك على الأمر.
“أكرم” بثورةٍ مضاعفة :- أيعني أنكِ كنتِ على علمٍ بهذا؟!
زوت “سالي” ما بين حاجبيها في دهشة، وهي تقول : – أعلم ماذا؟
نظر إليها “أكرم” بوجه مغيمٍ وهو يناولها هاتفه، فوجدته يعمل على صندوق الرسائل، وتلك الرسالة المفتوحة جاءته من رقم والدتهما.
وأثناء ما كانت “سالي” تتمتم بمحتوى الرسالة، لمحت “عبيدة” ينضم إليهما في غرفة المطبخ بعد الصياح المبالغ به الذي صدر عن “أكرم”، وإذا بأخيها يسبقها في الشرح:
-لقد أتت الخالة أم “محمود” منذ ساعة، وطلبت من والدتكّ أن ترافقها في زيارتها إلى أبيكِ بالمشفى، وأرسلت لي هذه الرسالة توضح فيها سبب عدم تواجدها بالبيت على وجبة العشاء.
ألقى “أكرم” بثقل جسده على الكرسي المتواجد بأحد الأركان، وهو يقول باستياءٍ:
-على جثتي.. أنا لن أضع في فمي الطعام الذي ستحضرينه “سالي”.
-يكفي أنني تحملت تلك المأساة طوال الفترة الماضية التي مكثتها أمي بعيداً عن المنزل بالمشفى.
-إلى هنا ولن أتحمل المزيد من هذا العطب الذي تعدينه… لا أريد أن أُنقل أنا الآخر إلى المشفى في حالة تسمم.
هدرت فيه “سالي” بحدة، بعد أن تملكها الحرج الشديد وقد كست الحمرة وجنتيها ريثما لمحت التسلية على معالم وجه “عبيدة” إثر استماعه لما قاله “أكرم” الذي لم يكتفي بل وجَّه حديثه إلى “عبيدة”، قائلاً:
-اللعنة!! إنك لن تتمكن من إلتقام ملعقة واحدة مما تصنعه يداها.
زجرته “سالي” بنظراتها، وهي تود أن تحط بالمقلاة على رأسه ليتوقف عن إحراجها بكلماته، ولكنه لم يشغل بالاٌ للأمر إذ استفاض يقول:
-لا أريد أن أخبرك بمدى سوء تلك المرة التي اقترحت فيها أن تعد لنا كيك للإفطار وبعد طول انتظار، ما خرج من تحت يدها لم يكن سوى عصيدة رثة لا طعمٌ لها ولا رائحة.
قهقه “عبيدة” عندما التقط رد فعلها على ما صرح به “أكرم” إذ تزايد غضبها وبدا من نظراتها أنها على وشك ارتكاب جريمة، ومن ثم أردف يقول:
-على رسلك يا “أكرم”.
-يستحسن بك أن تغير مجرى الحديث لإلا نضطر إلى نقل إلى المشرحة بدلاً من خضوعك إلى عملية غسيلٍ معوي.
-واطمئن لقد قررت أن أُريحك من هذا العذاب وسنذهب جميعًا لتناول العشاء في أحد المطاعم، كما أن الحق يقال.
-لقد أُجْهِدت “سالي” اليوم بما فيه الكفاية، فالعمل بالمزرعة كان شاقاً للغاية، ولا زال هناك أعمال كتابية سأحتاج فيها إلى مساعدتها.
ارتسمت معالم البهجة على وجه “أكرم”، وهو يقول بحبورٍ : – فكرة ولا أروع.
التفت “عبيدة” إلى “سالي”، يسألها:
-هل يناسبكِ هذا الاقتراح؟
كانت تتهرب بنظراتها عنه وتمنت لأول مرة في حياتها لو أنها كانت تُجيد الطبخ مثل والدتها؛ حتى لا تُوضع في موقفٍ مخزي كهذا، ولكنها أومأت بالإيجاب.
استأذنها “عبيدة” في أن تلحق به إلى غرفة المكتب ليُتما عملهما، حارصاً على انتظارها كي لا يحدث صداماً بينها وبين “أكرم”.
وبعد جهادٍ شاق مع النفس تمكنت “سالي” من تَقبُل “عبيدة” كزميل لها بالعمل، وساعد في ذلك التناغم الفكري بين اهتماماتهما والرغبة المزدوجة لكليهما في العمل لمصلحة المزرعة.
بعد انقضاء ساعاتٍ من العمل المتواصل، اكتشفت “سالي” متعة جديدة وهو الإحساس بالرضا لم تستشعره من قبل وهي تعمل جنباً إلى جنبٍ مع” عبيدة”.
ولكن ما كدر صفو تلك العلاقة أنها بدأت تشعر بالإعجاب تجاهه، وكلما مر الوقت يتزايد هذا الشعور بداخلها، وباتت محاولتها في إخفاء هذا التحول الجذري ناحيته تبوء بالفشل، إذ أنه ضبطها تختلس النظرات إليه، واكتشفت شيء آخرى أن هذا ال”عبيدة” خجولٌ للغاية أو ربما توجد أخرى بحياته، ولا تنكر انزعاجها لتلك الفكرة.
انتهت جلسة العمل، فأردف “عبيدة” يقول:
-لقد حان موعد العشاء ومن الأفضل أن نُسرع قبل أن يبدي “أكرم” تذمره.
تمتمت “سالي” بحرجٍ : – أحتاج إلى تبديل ثيابي.
“عبيدة” بتفهمٍ : – خذي وقتكِ، وأنا أيضاً سأفعل.
توجهت “سالي” على الفور إلى غرفتها، وهي تتحاشى اللقاء ب”أكرم” حتى لا تصب عليه جم غضبها.
فتحت الحاوية الصغيرة التي كانت تستخدمها للاحتفاظ بكتبها وأشيائها الخاصة التي تحولت بعد ذلك إلى حافظة لملابسها منذ الوقت الذي قررت فيه “فاطمة” نقل دولابها إلى غرفة المكتب، بدأت تُخرج بلا اهتمام أول شيء وقعت عليه عيناها، وهذا شيء ندمت عليه لاحقًا بعد أن هبطت الدرج العلوي؛
لتجد “عبيدة” في كامل حلته يرتدي منطالاً كلاسيكياً باللون الأسود، وقميصاً من النفس اللون يشمر أكمامه حتى مرفقيه بحيث ظهر ساعديه القويين ذوي العروق البارزة، واضعاً أطراف قميصه داخل المنطال، محاوطاً خصره بحزامٍ جلديٍّ لامعٍ باللون البني وحذاء أنيق بلونٍ مماثل.
نظرت “سالي” بشيء من النفور إلى ملابسها غير المتوافقة إذ كانت ترتدي منطالًا من الجينز باللون الأزرق القاتم وقميص مزقرش بخطوطٍ حمراء رفيعة، وغطاء رأسٍ لفته بإهمال، وبالرغم من جمالها الفاتن إلا أنها أحست بالدونية إذ بدت بمظهر فتاةٍ ريفية لا تفقه شيء عن التنمق.
استقل الثلاثة سيارة “عبيدة” وطوال الطريق لم يكف “أكرم” عن طرح الأسئلة على “عبيدة” الذي أجابه برحابة.
وبعض نصف ساعة من استنزاف “أكرم ل”عبيدة” صف الأخير سيارته بجوار أحد المطاعم الفاخرة، وهو يتوجه ناحية “سالي”ليفتح عنها الباب الضخم للمطعم ذو الطراز العتيق، وهو يقول متمتمًا بمرحٍ بعد أن مال إليها قليلاً:
-يا الله متى يتوقف تدفق هذا السيل من الأسئلة؟!
ابتسمت” سالي”، مردفة : – عليك بالصبر حتى ينفذ وقوده.
قالتها بصوتٍ مرتفع، وهي تنظر إلى “أكرم” بوعيدٍ ومشاكسة.
وما إن انتقوا طاولة للجلوس عليها حتى اقترب شابان في مثل عمر “أكرم” ربت أحدهما على كتف أخيها بخشونةٍ، يقول:
-يا لها من مفاجأة!! لقد كنا نخوض في سيرتك توا.
شاكسهما “أكرم” وهو يضحك محاولاً الابتعاد عن مطرقة أراد الآخر تسديدها إليه بمزاحٍ، يقول : – ما الذي أتى بكما إلى هنا؟!
أجاب أحدهما : – لقد أقنعنا والدي بعد مجهودٍ مضني بأن يصحبنا في جولة للتنزه.
-يمكنك أن تأتي معانا بعد الانتهاء من وجبتك، أو من الأفضل الانضمام إلى طاولتنا.
قالها وهو يجذب ذراع “أكرم” ليحثه على القدوم.
التفت “أكرم” إلى “سالي” ينظر إليها بالتماسٍ كي تسمح له بمرافقة صديقيه وعينيه تلمعان باللهفة، فابتسمت له، قائلة:
-يمكنك الذهاب إذا كان في مقدور والد أصدقاءك إيصالك للمنزل.
عقب الولد الثاني، يقول بترحيبٍ:
-لا تقلقي آنستي؛ فهو لن يمانع في ذلك.
كان الصمت هو اللغة السائدة بعد رحيل” أكرم”، وبالرغم من استيائها منه ولكنها تمنت أن يكون متواجداً بينهما حتى يكسر حاجز السكون الذي أثار توترها.
وبعد وقت بادر “عبيدة”، يقول بمرحٍ بعد أن لاحظ التورد المفاجئ لوجنتيها:
-لِم أنتِ صامتة؟! هل لا زلتّ غاضبة من مشاكسات “أكرم”؟!
-يجب أن تعتادي الأمر، فالصبية في مثل سنه دومًا ما يميلون إلى مشاكسة الإخوة الأكبر منهم في السن.
تحمحمت “سالي” تجلي صوتها، وهي تقول:
-مطلقاً.. لقد اعتدت على مزاحه الخشن هذا، فهو يشاكسني هكذا طوال الوقت.
قالتها وهي تتهرب بنظراتها عنه إذ تكتمها عن الإفصاح عما شعرت به من حرجٍ جعلها تبدو كالبلهاء، فعزيزتنا “سالي” لا تجيد الكذب؛ لذا أضافت:
-كما أنه لم يكذب فأنا بالفعل طباخة فاشلة لا تجيد سلق بيضة.
ناظرها “عبيدة” بتفاجئٍ مصطنع، يقول:
-يا لا الحظ السيء!! ؛ ف”غالب” أيضاً لا يجيد الطهي.
بادلته “سالي” نظراته المتفاجأة بأخرى صارمة، وهي تقول بامتعاضٍ:
-وما علاقتي أنا بهذا؟!
لوى “عبيدة” ثغره، يقول بعجبٍ:
-لقد أخبرني “غالب” من قبل أنه يحب ابنة الجيران وتقدم لها بالفعل، ومن النظرات المتبادلة بينكما وطريقة تعامله معكِ يمكنني أن استشف من هي الفتاة المقصودة.
تمهل ومن ثم استكمل، يقول باستفسارٍ:
-أنتِ… أليس كذلك؟
أرادها أن تنفي، ولكنها أجابت بابتسامة جانبية ساخرة، تقول بتهكمٍ سافر:
-هذا إذا كنا ننوي الزواج بالفعل ولا أعتقد أن هذا قد يحدث.
-ولكن إذا كان هذا مُقَدَّرٌ، فكون أن أحدنا يتقن الطهي أم لا؟
-ذلك أمر سابق لأوانه، كما أنه ليس من شأنك التدخل في شيء كهذا!!
نجحت “سالي” في إثارة غضبه بتهكمها الصريح لذا قال بهدوءٍ ظاهري بعد أن تملكته رغبة شديدة في مضايقتها:
-شيء محزن حقاً!!
-تُرى هل تشعرين بالنقص عندما تقارنين بينكِ وبين رفيقاتكِ في مهارة الطبخ؟!
علمت أنها ضربته في مقتل لذا يحاول الانتفاض كصقرٍ جريح؛ ثأراً لكرامته، فأجابته ببرودٍ:
-على الأرجح لا، ويمكنني أن أجد لك عروسًا من بينهن تهتم بتلك التفاصيل السخيفة، فأبعد طموح البهائم هو علفها.
لاحت بعينيه ابتسامة جريئة وهو يقول بثقةٍ:
-وهل تعتقدين أن شخصاً مثلي بحاجة إلى وسيط إذا أراد الزواج؟!
-كما أن الرجال أرواحٌ تحتاج إلى الزاد، وبما أن علينا أن نشقى ونكد لتوفير حياة كريمة لأُسرنا فيحق لنا أن نتلقى التقدير المرغوب من قِبَلِكن، أليس كذلك؟!
فهمت “سالي” أنه يتسلى لغضبها، فرسمت ابتسامة عريضة على ثغرها تناقض معول الضجر الذي يغلي بداخلها، تقول:
-لا شك أن في أن يكن هذا تفكيرك، فجميعكم لا تختلفون، ولا تهتمون بشيء سوى راحتكم.
أرجع “عبيدة” ظهره إلى الوراء، يرمقها بنظرة شمولية، ومن ثم قال:
-أرى أن الزهرة الشائكة عادت من جديد ولكنها هذه المرة تفتقر إلى إيجاد الحجر الذي تقذفني به، لذا تلعي بأسبابٍ واهية.
“سالي” بغيظٍ : – أنت السبب… ففي كل مرة تتحدث فيها معي تحرص على أن تبرز الأشواك والمخالب أيضاً، كما أنني لا ألعي.
-ولكنني أرى أنه من غير المجدي التحدث معك في حقوق الزوجة ما دمت ترى أن ما تتفضل المرأة بتوفيره لراحة زوجها أمراً إلزاميًّا وحق مكتسب.
-النساء أيضاً بشر يحتجن إلى أن تكن لهن حياة ومكانة… الزواج مشاركة ولا يقع العبأ فيها كاملاً على المرأة، لابد وأن يكون الزواج متعاون ويكمل قصورها إن أخفقت بشيء.
ظل يناظرها بإمعانٍ، وهو يرسم على شفاهه ابتسامة دافئة هَدَّأت من تأثير ثورتها، ومن ثم عقب بجدية:
-ربما أنا السبب فعلاً، ولكنني بت متأكد أنني أحب أن أراكِ غاضبة؛ تبدين أجمل حينما يتحول وجهكِ إلى اللون الوردي وينبعث الصدق والصراحة من مقلتيكِ وهذا مزيج جذابٌ حقاً.
أو كان ينقصها هذا الإطراء الذي سحق بداخلها أية حصون تحاول أن تِشيدها بينهما؟!
ومع وقع هذه المجاملة غير المتوقعة من شخص گ “عبيدة” أطرقت “سالي” رأسها إلى طبقها بخفارةٍ ولم تُجِب، ودت لو كانت گفتيات جيلها الخبيرات كي تتمكن من الرد على عبارته بأخرى مرحة.
لمس “عبيدة” خجلها وما كان حاله أفضل منها إذ تفاجئ هو الآخر مما جرى على لسانه دون ترتيبٍ مسبقٍ وبصدق، فقال مقترحًا:
-ما رأيكِ أن نتمشى قليلاً بالجوار قبل عودتنا إلى المزرعة؟
قالها ولم ينتظر جواباً بل استقام من مجلسه بعد أن وضع حفنة من النقود على الطاولة، وهو يستدير ساحباً الكرسي الخاص بها بكياسة وذوق، يجبرها على الامتثال إلى دعوته، ومع استجابتها الجديدة لجاذبيته المفرطة وجدت نفسها تومأ برأسها في إيجابٍ كموافقة منها على اقتراحه.
خرجا سوياً يسيران الهوينة، وهما يهبطان بضعة درجات السلم الخاص بالمطعم وتسرب إلى مسامعهما صوت جلبة في الجوار، فتسائل “عبيدة” يفتح مجالاً للحديث:
-تُرى ما صوت هذا الصخب؟!
التفت “سالي” برأسها إليه تجيب:
-يبدو أنهم يقيمون مُولدًا بالقرب من هنا.
“عبيدة” بحماسة : – هل تودين الذهاب إلى هناك؟
تمتمت “سالي” بتلعثمٍ : – لا أحب الأماكن الصاخبة.
لم يفتها نظرة الخيبة التي أطالت بعينيه، فأضافت تقول : – يمكننا أن نذهب إلى هناك ولكن ليس لوقت طويل.
“عبيدة” ببشاشة : – بالطبع، فيجب علينا العودة مبكراً.
-بجميع الأحوال ليس من الجيد الرجوع بمفردنا في وقتٍ متأخرٍ من الليل حفاظاً على شكلك أمام الجيران، خاصةً وأن “أكرم” ليس معنا.
أكدت “سالي” على حديثه تقول باستحسان:
-هذا أفضل فعلاً.
لن تنكر “سالي” أنهما قضوا وقتاً ممتعاً كان فيه “عبيدة” مُراعياً للغاية، ولم تشعر بالانزعاج وهي برفقته كونها لا تحبذ التواجد في الأماكن التي تعج بروادها.
حثها “عبيدة” على تجربة بعض الألعاب التي تعتبر نشاط ترفيهي في احتفالات كهذه، وتباريا لدى لعبة التصويب بالبندقية التي تعادلا فيها فإذا كان “عبيدة” يجيد النشان، ف”سالي” تعتبر الصيد إحدى الهوايات التي تبرع بها.
توقف “عبيدة” عند أحد الزوايا الخاصة ببيع العرائس والدمى وهو يُفاضل ما بين المعروض، ومن ثم تمتم بصوتٍ غير مسموع:
-ما لك “عبيدة”؟! كيف ستتمكن من معرفة إياها ستحبذ؟!
تأفف بحيرةٍ، ولم يجد بداً من سؤالها:
-هل أعجبكِ شيئاً من بينها؟
اتسعت حدقتي “سالي” بدهشةٍ، تسأله:
-هل قصدت هذا القسم لتبتاع لي هدية؟!
ابتسم “عبيدة” وجاء دوره ليحمر وجهه خجلاً وهو يقول : – أتمنى ألا تَرُدِيني؟
ومع لفتته الرائعة تلك لم يكن منها إلا أن أشارت إلى إحدى العرائس، تناشد البائع:
-هل يمكننا أن نأخذ هذه من فضلك؟
التفت إليها “عبيدة” بوجهٍ بشوش وزادت بسمته اتساعاً، عندما لمح السعادة على وجهها وبات كل ما يشعره بقربها شيئاً محيراً بالنسبة إليه.
بعد أن أعطى “عبيدة” إلى البائع ثمن ما اشتروه، قررا العودة لذا اقترب منها وهما يشقان طريقهما وسط الحشود وكلما وجد رجل على مقربة ظل يُحجِّز عليها كالسد المنيع.
وعندما لم يجد مفراً، وضع يده على كتفها يحاوطها بحمايةٍ إلى أن اجتازا هذا التجمع الهائل غير عابئٍ بما فعلته حركته التلقائية تلك بقلب هذه الصغيرة الذي ظل يقرع بعنفٍ حتى بعد أن أسدل ذراعه عنها فور وصولهما إلى بر الآمان.
بدأ “عبيدة” يحادثها في أمور تخص العمل إلى أنها لم تستجمع كلمة مما قال، وبقى ذهنها مركز مع “عبيدة” كرجل.
بدأت الأمور تأخذ منحنى آخر.
انتظرونا.
رواية واحتسب عناق بقلم الأسطورة أسماء حميدة، الرواية حصري على موقع مجلة الأسطورة، ممنوع النسخ نظراً لحقوق الملكية الفكرية
👇