الرواية حصري على موقع مجلة الأسطورة، ممنوع النسخ نظراً لحقوق الملكية الفكرية
كان “حسن” في أحلك لحظات حياته؛ إذ شعر بألمٍ مميت لا يمكن تحمله، هذا إلى جانب إحساسه بالبؤس والإهانة.
أخذ “حسن” يئن بوجعٍ، وبالرغم من هذا حاول رسم ابتسامة مكبوتة على ثغره حالما رأى “نوران” تقترب وعلى وجهها علامات القلق والحزن.
لم تستمع تلك العنيدة لنداء “عمران”، وهي تنحني باتجاه “حسن” تتلمس وجنته برفقٍ، تسأله باهتمامٍ بالغ : – “حسن”!! ماذا جرى لك؟ أين تشعر بالألم؟
وبمشهدٍ مكرر، وجدت ذراع “عمران” يطوق خصرها، رافعًا إياها بعيداً عن ذلك الجسد المُسجى أرضًا لا حول له ولا قوة.
ومن ثم مال “عمران” وهو يجلس إلى جوار “حسن” على ركبةٍ ونصف، يتفحص جسده وأطرافه بإيدٍ خبيرة، يقول بخشونة:
-ما مِن كسور.
-هل بإمكانك الوقوف على ساقيك؟!
“حسن” بوهنٍ : – أجل، ولكن امهلني لحظاتٍ لاسترداد أنفاسي، ولا تكشم وجهك هكذا.
ناظره “عمران” بامتعاضٍ : – ألا تنظر لما فعلته بحالك؟!
-كان من الممكن أن تكسر رقبتك، هذا إذا لم يسحق جسدك لو لم يتم السيطرة على الوضع قبل اقتراب الفرس من حافة المرتفع.
-حينها لم نكن لنتمكن من جمع أشلائك المتناثرة عند السفح.
-أنت محظوظ.
“حسن” بخزي : – لا أعلم ما الذي حدث!! فبمجرد ما إن انطلق الجواد وشعرت وگأنه قد تلبسه جن أو ما شابه، ولم أعد قادراً على إيقافه.
“عمران” بغضبٍ : – ألم يخبرك أحد أنه جوادٌ بريٌّ مشرس، لم يتم ترويضه بعد.
خفض “حسن” رأسه، يتمتم باعتذارٍ ضمني:
-بلى… ولكنني لم أشغل بالاً لتحذيراتهم.
-كان خطأي وحدي… ولم يجبرني أحد على هذه الحماقة.
“عمران” بحدةٍ أقل : – أعلم ذلك، نحمد الله أنه لم يحدث لك الأسوأ.
بينما غامت عينا “نوران” بالأسى، فرفع “حسن” رأسه إليها، يقول بطمأنةٍ:
-لا تقلقي “نوران”، أنا بخير، لا تحزني عزيزتي.
“عمران” بجفاءٍ : – عليها أن تشعر بالحزن على حالها وقبل الرجوع إلى القصر.
ظن “حسن” أن “عمران” يؤنبها على ما حدث له؛ فتحامل على حاله، وهو يقول:
-لا علاقة لها بما جرى.. كما أنني بأحسن حال.. هل يمكنك مساعدتي لأنهض؟
“عمران” بودٍ، وهو يستقيم بجذعه، ومن ثم بسط راحته إليه، قائلاً:
-على الرحب والسعة.
بصعوبة استطاع “حسن” الوقوف على قدميه وهو يكبت صيحةَ ألمٍ، يقول بشفاهٍ مزمومة من الوجع:
-ها أنا ذا أقف على قدميَّ.
لاحظت “نوران” انكماش معالم وجه “حسن” بصورة تدل على مدى توجعه، تقول بتعاطفٍ أثار غيرة هذا المثار من الأساس:
-لا تُكابر يا “حسن”، من المؤكد أنك تتألم، و…..
هدر فيها “عمران” بحدة، يقطع استرسالها، وهو يشير إلى السيارة القادمة نحوهم تلك التي يقودها الحارس الذي تبعهم بحنكةٍ تحسباً لأي طارئ، وهو يتوقع الأسوأ:
-اذهبي وافتحي باب المقعد الخلفي كي أتمكن بمساعدة الشباب من وضعه بداخل السيارة.
-فعلى ما يبدو أنكِ تحبين أن تورطي حالكِ بالمتاعب گعزيزي “حسن”، ولكن لحسن حظه أنه قد أفلت، ولا أعتقد أنكِ محظوظةٌ مثله.
قالها “عمران” بغضبٍ ينبعث من رماديتيه، جعل أوصالها ترتعد خوفاً، ولكنها تحلت بثباتٍ زائف تقول : – أ.. أجل، إني ذاهبة.
“حسن” مردداً باعتذار : – أشعر بالأسف لما تسبب لكما به من إزعاجٍ.
شعر “عمران” بالدونية؛ إذ تحامل على من لا ذنب له بسبب غيرته عليها، وهو يؤنب حاله متعجباً!!، يتمتم بداخله دون صوت:
-يا الله “عمران”!! منذ متى وأنت بهذه الوضاعة؟!
-تحكم بحالك يا رجل، ولا تخلط الأمور ببعضها!!
رد “عمران” ببشاشةٍ، يقول:
-لا تُحمِّل نفسك فوق طاقتها، فكلانا معتاد على مثل هذه الوقائع بحياتنا.
-جلَّ ما في الأمر أنني حزين كون ما حدث سيكدر عليك صفو هذه الزيارة.
-ولكننا فرحين بصحبتك.
-وربى ضارة نافعة إذ سيتيح لنا هذا الحدث وقتاً أطول للاستمتاع بتلك الرفقة.
“حسن” بحبورٍ جراء هذه الحفاوة، يقول:
-أنت دبلوماسي وودود يا “عمران” أشكرك على كرم ضيافتك لي.
التوى ثغر “نوران” وهي تقول بما يشبه المناكشة : – أعتقد أنه احتجاز لا ضيافة.. على الأقل بالنسبة لي.
“عمران” ببرودٍ، وهو يوجه حديثه إليها، يناظرها بشزر:
-شيءٌ جميل أن يكون هناك مَن يفهم عليك!!
ومن ثم وجُّه بصره إلى “حسن”، متسائلًا بوجهٍ اختلفت معالمه كلياً من الجفاء وهو يبصرها، إلى ابتسامة مرحة ارتسمت أثناء حديثه مع “حسن” : – أليس كذلك؟!
“حسن” بغمزةٍ إلى “عمران”، وهو يحاول رسم ابتسامة واسعة على ثغره: – يا روعتك يا كبير.
قالها ومن ثم أخذ يمرر يده على فكه يحاول تحريكه بأنينٍ؛ إذ تلقى كدمة كبيرة على جانب وجهه أثناء سقوطه، ومن ثم أردف يقول بمرحٍ يشوبه الألم:
-يبدو أنني فقدت ضرسين وناب على ما أعتقد.
“نوران” بدعابةٍ:
-هذا أفضل من أن تفقد حياتك، ضرسين ناقصين أو زائدين لن يضروك في شيء.
“حسن” بحزنٍ مصطنع، يقول بمزاحٍ لا يتناسب مع حالته:
-كنت أُفَضِّل الموت عن هذه الخسارة الفادحة.
اقتربت “نوران” من “حسن” في حركة لم يتوقعها ذاك الذي فاض كيله عن الحد ترفع يدها إلى وجه “حسن”، وهي تقول:
-دعني أرى؟ افتح فمك.
وقبل أن تلمس يدها أسفل ذقن “حسن” كانت هناك قبضة كالملزمة تعصر معصمها، وصاحبها يقول، وهو يقرض على أنيابه بغيظٍ:
-ما بكِ أنتِ الأخرى؟! دعيه وشأنه… ألا يكفيكِ ما به حتى تضايقيه؟!
أردف “حسن” يقول رغم ألمه:
-لا “عمران”، دعها على سجيتها.
، أقسم أنني لا أتضايق منها، على العكس تماماً فأنا استصيغها، ولكن جل ما في الأمر أنني أخشى إقلاق “نادين”، إنها رقيقة وحساسة للغاية.
كان “حسن” يعبر عن شعوره تجاه “نوران” بحالميةٍ، جعلت كلاً من “عمران” و”نوران” يستشفان مدى تطور علاقته ب” نادين” وتعجبا لمثل هذه السرعة؛ فبالرغم علمهما بقوة تأثير جمال “نادين” على قلوب الرجال، ولكن سرعة استجابة “حسن” لجاذبيتها جعلتهما يندهشان فاغرين فاههما دون التعقيب بحرفٍ.
تقدم كل من الحارس و”غالب” يعاونان “عمران” في مساندة “حسن” الذي شعر بأن كل عظامه وعضلاته تئن حالما حاولوا وضعه بالسيارة.
بعد وصولهم إلى القصر وجدوا “نادين” في انتظارهم، وعندما رأت “حسن” يستند بوهنٍ إلى “غالب” و”عمران” تجعدت معالم وجهها الجميل بكربٍ، وهي تحملق ب”حسن” ونظراتها لم تفارقه، فهرعت إليه تطالب داعميه:
-دعوه يجلس على هذا الكرسي.
قالتها وهي تركض إلى المرحاض المتواجد بالدور الأرضي الذي لمحت بداخله حاوية صغيرة معلقة على أحد جدرانه تلك المخصصة لأدوات الإسعافات الأولية.
عادت “نادين” مسرعة، تجلس على المقعد المجاور ل”حسن” وبيدها ما يلزمها لتضميد جراحه الظاهرة، ومن ثم بدأت مهمتها بعناية فائقة.
تصنم “عمران” في مكانه لبرهةٍ يتابع تملق “نادين” أو هكذا ظن وكذلك حملقة “حسن” بها في هيامٍ، وقد علت شفاهه ابتسامة ساخرة وهو يمسح على وجهه بنزقٍ، يجزم بأنه رأى هذا المشهد المبتزل عدة مرات في كثير من الأفلام الرومانسية الهابطة، ولكن ما لم يستطع إنكاره أن “نادين” تمتلك قدة على تكوين العلاقة وكسب قلب أي مَن تريد ودون أدنى جهد.
قد يكون ما تفعله “نادين” الآن مع “حسن” بدافع الشفقة أو ربما تكون مشاعرها تجاهه سطحية، ولكن رقتها وفيض إحساسها نعمة تحسدها عليها كثير من النساء، ولولا تأثر نفسية صغيرته بنمط حياة “نادين” لبات متابعة مشهد كهذا أكثر متعة بالنسبة ل “عمران”، وعند هذه النقطة وُئِّدت الابتسامة المرتسمة على شفاهه، وهو يقول بحدة طفيفة:
-سأذهب لارتداء ثيابٍ أخرى، وبعدها سأخرج لمتابعة العمل.
-وإذا كانت هناك ضرورة لتواجدي يمكنكِ الاتصال بي يا “نادين”.
ومن ثم وجَّه حديثه إلى “نوران” التي ترقب مشهد “حسن” و”نوران” بأعينٍ تقطر قلوباً، وهي تتخيل تبديل الأوضاع، فتكون هي و”عمران” بطليّ معزوفةٍ رومانسية كتلك.
ولكنها عادت تتمتم بابتهال إلى الله؛ كون “عمران” لم يكن بموقف “حسن” الذي وبالرغم من تدليل “نادين” له إلا أنه حتماً يشعر بألمٍ شديد، فلو حدث ما رأته بأم عينها للهمجي خاصتها لتوقف هادرها عن النبض حالما أوشك الفرس بإسقاط مَن يعتليه من أعلى التلة.
“عمران” بنبرةٍ أقل حدة بعدما لاحظ نظرات التمني بأعين صغيرته، وهو يجلد حاله؛ فعلى الرغم من عشقه المتيم لها إلا أن هناك حاجز بداخله يمنعه من أن يغدق عليها من فيض مشاعره تجاهها، وبعد أن كان ينتوي عقابها، صار قلبه يؤلمه عليها :
- “نادين”، هلا ذهبتِ إلى غرفة المكتب؟! ستجدين مفكرة صغيرة بجانب الهاتف الأرضي مدونٌ بها رقم طبيب الوحدة.
-اتصلي به كي يأتي لمعاينة “حسن”.
انتبهت “نادين” حالما وجَّه إليها الحديث وليتها لم تفعل؛ إذ جحظت عيناها وهي تشخص به وبتقسيمات عضلات صدره ذو الشعر الكثيف وذراعيه المفتولين، وتلك كانت النظرة الاستكشافية الأولى بعد أن أعطاها قميصه لترتديه فمنذ قليل، ولكن كان قلقها بسبب ما دار من أحداث لم يمكنها من الالتفات إلى كل تفصيلة به كما الآن.
رفعت “نادين” بصرها إلى عمران”، تقول بامتنان : – شكراً لك “عمران”، يمكنك الذهاب إلى عملك وأنا سأعتني به حتى يأتي الطبيب.
وبالرغم من تعجب “نادين” من هيئة “عمران” وهو يقف عاري الصدر، إلا أنها عندما حوَّلت بصرها إلى “نوران” تحلقت عينها وهي ترى ابنتها ترتدي القميص ذاته الذي كان يستر جسد “عمران” في الصباح، لتقول بمكرٍ أنثوي:
-قميص رائع “نوران”!!
“نوران” بتأتأة : – إنه…
قاطعتها “نادين” مشغوفة : – سنتحدث فيما بعد ولكن اذهبي الآن، وتعجلي في طلب الطبيب.
انصرف كل منهم إلى وجهته إذ خرج “غالب” لاستكمال عمله، وصعد “عمران” إلى غرفته لتبديل ملابسه، واتجهت “نوران” إلى غرفة المكتب لتستدعي طبيب الوحدة، ومن ثم عادت إلى الردهة تزامناً مع هبوط “عمران” من أعلى الدرج الرخامي.
في ذلك الحين كانت “نادين” ترفع كوباً من الماء، تقربه إلى فم “حسن” الذي تمتم بحبٍ:
-هل قلقتِ عليَّ؟!
نكست “نادين” رأسها بخفارة، وهي تبلل شفتيها بطرف لسانها ومن ثم أجابته:
-أعلم أنك قوي ولكن دون إرادة مني وجدت قلبي مشغوفٌ عليك عندما رأيتهم يحملونك إلى هنا.
ضغط “حسن” على شفته السفلى يقول بصبوٍ:
-يسلم لي قلبك الحنون.
اندفعت” نوران” باتجاه “عمران” تقف خلفه وأمسكت بذراعه، ولكن ما إن ألقت نظرة بإتجاه عصفوري الغرام حتى تجمدت بمكانها دون حراكٍ مأخوذة بما يدور بين “حسن” و”نادين”، فالتفت إليها “عمران” يرمقها بقلقٍ لثباتها المريب هذا، يسألها : – ما بكِ “نوران”؟! تكلمي؟!
تحمحمت “نوران” تجلي صوتها، ولم تجد سبباً تقوله عما بها من شوقٍ للقاءٍ مماثل لذاك المُنعقد أمام أعينها حتى أنها تناست ما أرادت قوله إليه، فتمتمت دون ترابط : – لقد قال الدكتور “سامح” أنه آتٍ على الفور.
“عمران” بإيجازٍ : – جيد.
ناشدته “نوران”، وهي تسأله بنظراتٍ تتمنى لو أنه يلبي مطلبها ولا يخذلها : – هل يمكننا التحدث لبضعة دقائق؟
“عمران” بعدم اهتمامٍ، أصابها بالجنون : – ليس الآن، ربما لاحقاً.
زفرت “نوران” تقول بامتعاضٍ : – ألا يمكنك معاملتي بطريقة أفضل.
قلب “عمران” عينيه بيأس من كثرة تذمرها، وهو يقول بتبريرٍ:
-لِم ترسمين تلك التكشيرة على وجهكِ؟!
-أكل هذا لأنني على عجلةٍ من أمري؟!
أومأت إليه باقتضاب دون تعقيب، فأشار إليها لتتقدمه : – تعالي معي أيتها المتذمرة.
هزت “نوران” رأسها برفضٍ، تقول بغصة:
-اذهب أينما تشاء لقد عدلت عن الفكرة.
-سأبقى لأتابع تلك المشاهد الرومنسية الرائعة.
“نادين” باستمالة، بعد أن زاد حرجها بسبب تلميحات “نوران” وگأنما ما تبرزه من اهتمامٍ ل”حسن” غير واضحٍ للأعمى : – من فضلك خذها من أمامي يا “عمران”.
” عمران” بدفاعٍ : – سأفعل.. بالرغم من أنها تنير أي مكان تطل به.
ومن ثم غمز “عمران” إلى “حسن” بعينه، يقول:
-عش يا صديقي، فأنا متأكد أنك لن تكون بحاجةٍ إلى الطبيب ما دامت” نادين” تهتم بك، أليس كذلك؟
رمقت “نادين” كلا من “نوران” و”عمران” بنظرات مستاءة : – ما بكما أنتما الاثنان؟!
بينما رد “حسن” الغمزة بأخرى، يقول باستحسانٍ : – للحقيقة أنا ممتنٌ لما حدث فقد مر زمن طويل لم تَحُم فيه امرأة جميلة بهذا الشكل حولي وتعتني بي.
“نوران” بمشاكسةٍ : – أسمعتِ يا “ناندو”؟!
-يبدو أن الكل يؤيد كلامي، فعليكِ أن تلوعيه حتى لا يرى نفسه عليكِ.
“نادين” بثقةٍ : – لستُ أنا هذه المرأة إطلاقاً، ولو أنه يبدو كأنما سُحِقت عظامه بمطرقة ما كنتُ لاهتم بأمره.
“عمران” بتهكمً : – يا ثباتكِ الانفعالي!!
قالها بابتسامةٍ ساخرة، ومن ثم أضاف:
-حسناً.. عليَّ أن أغادر الآن وسنلقاكما فيما بعد.
ومن ثم وجَّه “عمران” حديثه إلى “نادين”، يقول بكرم:
-لا تنسي أن تؤكدي على الطبيب بضرورة انضمامه لنا على العشاء، إذا لم يكن لديه زيارات منزلية لمرضاه.
-وأمريهم بالمطبخ أن يعدوا طعمًا وفيرًا إذ ربما ينضم إلينا مَن أتى للتفاوض بشأن مزرعتكِ، وسأعود أنا و”نوران” باكراً قبل موعد العشاء.
أومأت إليه” نادين” بالإيجاب وهي تعيد ترتيب أولويات ما طلبه منها عمران، شاكرةً له كونه يعاملها كصاحبة بيت لا ضيفة، ولكن ما زاد من اضطرابها أنها ولأول مرة يتم إسناد مهام كتلك إليها، فإذا كان أَحَب شيء إلى قلبها هو الاهتمام بوليفها.
ولكن عدا ذلك فهي لا تفقه شيئاً عن إدارة شئون گقصر بعراقة قصر آل السوالمي ولا تعلم ما يجب عليها أن تأمر بإعداده من وجبات كضيافة لمَن سينضموا على العشاء بمنزل كبير البلدة.
وهناك شيء آخر، ماذا عن دائنها الذي ورَّطها معه مَن لا تجوز عليه المغفرة “عماد”؟!
وترى هل سيتم معالجة الأمر أم سيفتضح كل شيء أمام “نوران”؟!
والأهم كيف ستكون ردة فعلها حيال ذلك؟
وقبل أن تتفوه “نوران” بأي كلمة تعقيبًا على ما أصدره “عمران” من قراراتٍ خصَّ بها “نادين” التي تعلم “نوران” بتشتتها الآن، وجدت يد قوية تسحبها قابضة على معصمها تقودها إلى الخارج.
حاولت “نوران” تفتح مجالاً للحديث، تقول بتركيزٍ، تجاهد لتخمن الحالة المزاجية لآسرها : – يا الله ما حدث ل”حسن” شيء مروع، ويبدو أنه في حالةٍ لا يحسد عليها.
“عمران” بتهكمٍ يشوبه الضجر، معقباً:
-أنا أحسده على تورد وجنتيه جراء اهتمام “نادين” به.
“نوران” باستياءٍ : – هذا قول سخيف!!
-سواء أكان “حسن” أو غيره، كانت نادين ستتأثر لحالته، فبرغم كل شيء لا يمكننا إنكار أنها رقيقة وهشة.
“عمران” بتبجحٍ : – ولا تنكري أنتِ أيضاً أن “نادين” بدأت في نصب الشرك حوله، وها قد وقع الأبله بفخها.
-جلَّ ما أفكر به، كيف سيبدو حالما يعرف بقصص زيجاتها المتعددة؟
هنا ولم تتمالك “نوران” حالها عقب تهكمه الواضح، وسفور تلميحاته، فقامت……..
رواية واحتسب عناق بقلم الأسطورة أسماء حميدة
👇