زوجتي المجهولة


قعدة على السرير ودقات قلبي عالية من شدة الخوف والرعب.. كل لحظة بلف براسي ناحية الباب ..منتظرة يفتح في أي وقت ويدخل زوجي اللي معرفش اسمه ولا شكله حتى اللحظة دي.

اخدت نفس عميق وانا بقول لنفسي:

خليكي قوية يا همس انتي مش بتعملي حاجة غلط وده جواز على سنه الله ورسوله ومش بتعملى حاجة حرام.

رفعت راسي وبصيت للسقف بشرود بتذكر اللي حصل مع مرات ابويا.

-انتي هتتجوزي النهاردة.

بصيت ليها بصدمة وقلت:

انتي بتقولي ايه؟ اتجوز اللي هو ازاي.. انتي بتهزر.. اكيد قولتي هي مبسوطة النهاردة.. يلا أروح أنكد عليها.

بصت ليا وقالت بنبرة باردة زي قلبها:

اللي سمعتيه كويس.. النهاردة هيتكتب كتابك.

ربعت أيدي الاتنين على صدري وقلت ليها برفض:

وأنا بقولك لا.. أنا مش عايزه.. انتي عايزاني اتجوز واحد ولا شفته ولا حتى أعرف اسمي.. لا يا مرات ابويا.

صمتت شوية وبعدين ضحكت وقالت بسخرية:

صوتك طلع وبقيتي بتعرفي تقولي ليا لأ.. لأ بتاعتك كترت اوي اليومين دول من وقت ما توظفتي محاسبة في المستشفى يا همس.

قلت لها بقوة:

ايوه وان شاء الله هيجي اليوم اللي نعيش فيها انا واخويا بعيد عنك وعن ظلمك.

قربت مني وهي بترفع يديها عايزه تضربني بالقلم لكنها نزلت ايديها وقالت وهي تضغط على اسنانه:

لولا أن جوازك النهاردة كنت ضربتك وعلمتك الادب.. انا مش عايزه اي علامة على وشك وعلى جسمك النهاردة..

رجعت خطوة للخلف.. خايفة ترجع في كلامها وتمد إيديها عليا زي كل مرة لما اعارضها في حاجة.. قلت ليها:

انا مش هتجوز.. وده كلامي النهائي.

ابتسمت ابتسامة صفراء وهي بتقول بخبث:

هتتجوزيه ياهمس ورجلك فوق رقبتك.

ابنتها أدخلت بينا وقالت:

ما اتجوزه انا يا ماما وكده الموضوع اتحل.

لفت لبنتها وقالت بحدة:

مينفعش ما لو كان ينفع كنت جوزتك انتي.. بس هي مطلوبة بالاسم وهيدفع فيها مبلغ محترم.

ضربت بنتها على الأرض بقدمها بقوة وقالت:

ليه مينفعش يا ماما.. خلينا نطلع من الفقر اللي أحنا فيه.

ردت عليها بنفاد صبر:

معرفش والله علم علمك.

ثم إدارات رأسها ليا وقالت:

يلا جهزي نفسك عشان كتب الكتاب بالليل وهتمشي على بيت جوزك.

فقدت اعصابي وانا حاسه اني مجرد سلعة عايزه تبيع وتشتري فيها.. وقلت ليها بإصرار:

لا بقولك لأ.. افهمي بقا ولا اجبلك مترجم يترجملك كلامي.

ردت عليا بابتسامة ساخرة:

مش محتاجة.. عشان انا عارفة هخليكي توافقي ازاي.. مفيش غير اخوكي.

شهقت بمجرد ما جابت سيرة اسمه وسألته:

ماله اخويا.

ردت بخبث والابتسامة لسه على وشها:

عندك اختيارين يا تتجوزيه.. يا لأ

قاطعتها بسرعة:

تمام مش هتجوزه.. اتحلت خلاص

قالت بنبرة غير مريحة:

استنى لما تسمعي باقي الكلام..

حسيت بشيء غير مريح في كلامها واني هسمع كلام مش هيعجبني.. كملت كلامها بنفس النبرة اللي خلت قلبي يدق:

لو رفضتي كلامي ومتجوزتهوش يبقا تنسي عملية اخوكي اللي كمان اسبوع.

نظرت ليها بصدمة بحاول استوعب كلامها وقولت ليها بعد صمت دام عدة ثوان:

انتي بتقولي ايه.. احنا اتفقنا مع الدكتور والميعاد اتحدد.

قالت بصوت بارد:

صح اتفقنا بس الفلوس لسه متدفعتش.. هو انتي متعرفيش ان الفلوس اللي بأسم اخوكي في البنك سحبتها ومفيش ولا جنيه في رصيده.

زعقت في وجهها وانا بقول:

ازاي سحبتي الفلوس من حسابه.. ازاي.. انا هتصل بالبنك اكيد بتكذبي عليا عشان أوافق على الجوازة.

ضحكت وقالت:

ما هو انا مضته على توكيل وعن طريقه سحبت كل الفلوس.

قلت ليها بصدمة وانا مش عايزه أصدق كلامها، اول حاجة عملتها مسكت الفون واتصلت بالبنك واول ما الموظف رد على سؤالي.. قفلت السكة وبصيت ليها بصدمة وانا بقول:

هبلغ عنك وهطعن في الامضة.. اخويا شاب مش بيتحرك ومريض وانتي خلتيه يمضي بالغصب.

ضحكت بقوة وهي بتقول:

تعرفي تثبتي اثبتي.. معاكي فلوس توكلي محامي.. طبعا معاكيش.. اقولك جربي ترفعي قضية وياعالم بعد كام سنه يا تخسر او تكسب.. وفي خلال الوقت ده هيكون اخوكي مات وشبع موت يا همس.. حكمي عقلك واسمعي كلامي و اتجوزي الراجل.. النهاردة كتب الكتاب.

عيوني اتملت بدموع القهر والظلم وهمست بألم:

خلي عندك في قلبك رحمة.. اخويا لا حول له ولا قوة.. بلاش تدخليه بينا.

هزت كتفيها ولوت شفتيها وهي تقول:

اوعدك اول ما تتجوزي هدفع فلوس العملية.. هسألك تاني موافقة على الجوازة دي.

ميلت راسي إلى الخلف وقلت بألم:

موافقة.

أول ما قلت موافقة زغرطت العقربة اللي بلاني بها بابا قبل ما يموت.

وعلى بالليل لبست فستان ابيض اخترته ليا مرات ابويا.. دخلت عليا الأوضة وسألت:

جهزتي ولا لسه.

اومأت براسي في صمت وبعدين همست:

ايوه.

ومن غير ما تتكلم مسكت أيدي وبعدين قالت:

يلا بينا. المأذون والعريس برا.

أول ما طلعت وشوفت العريس انصدمت وشهقت وقلت ل مرات ابويا بهمس:

ده العريس.. ده من سن ابويا الله يرحمه.

ردت عليا بنفس النبرة الخافتة:

ده مش العريس… ده وكيل عن العريس. ويلا ورايا من سكات وامضي على العقد.

مضيت على العقد وعيوني مليانة بالدموع ومكنتش شايفة حاجة قصادي وبعد ما أصبحت زوجة رسمي.. سمعت زغروطة من مرات ابويا وبعدين قالت:

يلا على بيت جوزك.

خرجت ورا الرجل وانا حاسه بظلم وغضب على الوضع اللي اتحطيت فيه مجبرة.. المفروض النهاردة تكون أسعد ليلة في حياتي.. لكن للأسف لا.. النهاردة اتعس يوم عشته من يوم ما مات بابا.

ركبت العربية وركب جنبي الراجل الغريب وقال للسواق يطلع واعطي له العنوان.

انصدمت لما عرفت احنا راحين فين.. سألته بخفوت:

دي المستشفى اللي شغالة فيها مبقاليش أسبوع.

من غير ما يلتفت قال وهو ينظر أمامه:

عارف.. وعارف كل حاجة عنك من أول ما تولدتي لحد دلوقتي.

شعرت بالحيرة.. ف سألته:

انا مش فاهمة حاجة.

رد عليا:

كلها ساعة وتفهمي كل حاجة وكل المطلوب منك.

ذهبت إلى المستشفي واتفاجأت لما وقفني قصاد عيادة النساء.. قلت ليه بخفوت:

احنا ليه جايين هنا؟

رد عليا وهو بياخد نفس:

شوية اسئلة من الدكتورة وشوية تحاليل عشان نشوف هينفع النهاردة ولا نأجل ليوم تاني.

سألته بحيرة:

ايه اللي ينفع ومينفعش ده.

-بعدين لما تخلصي وتروحي القصر.

ثم أشار لي بالدخول إلى الغرفة.. دخلت بخطوات مترددة.. خايفة وحسه اني ماشية نحو مصير مظلم نهايته مرعبة.

بعد مرور بعض الوقت الطبيبة.. دلف هذا الراجل إلى الداخل وسأل الطبيبة: ينفع الليلة

ردت عليه الطبيبة:

الفترة دي مناسبة ليها جدا.. دي فترة التبويض المثالية ليها.

انصدمت من اللي سمعته وقلت:

هو في ايه بالظبط؟

رد عليا هذا الراجل الذي أجهل اسمه حتى الآن:

كل اسئلتك هيجاوب عليها البيه الكبير.

قلت له بحدة:

انا مش هتحرك من هنا الا لما تجاوبني انت.

أخد نفس عميق وقال:

بصي يا بنتي انا عبد المأمور.. تعالي معايا وهناك البيه هيقولك المطلوب منك.. وفكري في مصلحك اخوكي لو رفضتي تيجي معايا دلوقتي.

قلت ليه بصدمة:

هو انت كمان تعرف ظروف اخويا.

زفر بعمق وقال:

انا قولتلك قبل كده اننا نعرف كل حاجة عنك.. يلا قومي وتعالي معايا وهناك هيتجاوب على كل اسئلتك.

قمت ومشيت وراه زي المغيبة مش مصدقة اللي بيحصل ليا.. ركبت العربية وفضلت العربية ماشية لحد ما وقفنا قصاد قصر مهيب مشفتش زيه غير في الأفلام.

العربية وقفت وانفتح الباب ليا وقال ليا الراجل الغريب:

انا مهمتي انتهت لحد كده.. وربنا معاكي يا بنتي.

خرجت وانا مضطرة واول ما وقفت قصاد البوابة انفتحت لوحدها وظهر شخص امامي فجأة وأشار لي في صمت لكي امشي خلفه. تحركت خلفه وانا ألعن حظي.

توقف الشخص امام باب غرفة عتيق فتح الباب وأشار لي بالدخول وبمجرد ان أصبحت في الداخل أغلق الباب خلفي.

الغرفة كانت شبه مظلمة ولم استطع تمييز ملامح الشخص الجالس امام المكتب.

سمعت صوت عميق:

اجلسي هناك على هذا الكرسي في الزاوية وولعي الاباجورة على الطاولة اللي جنبك.

وعندما ظللت في مكاني.. تحدث هذه المرة بنبرة قاسية:

لا أريد تكرار كلامي مرتين.. انتي متعرفنيش كويس.

تنهدت فأنا مجبرة على تنفيذ ما يقول وانا اجلس الكرسي واضيء الاباجورة.. أصبح الأن هو يراني وانا لا.

همست لنفسي:

انا مجبرة على تنفيذ كلامه.

نفذت ما قاله لي.. ثم ترددت وأنا أسأله:

ممكن أعرف ايه اللي بيحصل؟

-كل اللي عايزه حفيد ليا وفي المقابل هسفر اخوكي وهعالجه برا في أحسن المستشفيات ولما تجيبي لي الحفيد هخليكي تسافري لاخوكي وهشتري ليكي شقة وهجيبلك وظيفة وهديكي عشرين مليون تأمني بيهم مستقبلك.. ده في حالة لو وفقتي تتمي الزواج وتديني الطفل.. اما لو موافقتيش انسى ان اخوكي يعمل أي عملية.. ادامك دقيقة هتفكري في كلامي واسمع الرد.

الدقيقة عدت وفضلت ساكته.. سمعته بيقول:

اسمع الرد.

شعرت بغصة في حلقي والكلام خرج مني بالعافية:

موافقة.. موافقة.

رد عليا:

يبقا نحتفل.

وضغط على رز في مكتبه وقال:

واحد عصير.

لم تمر عدة ثوان ودلفت سيدة تحمل صينيه عليها كوب عصير وضعته على الطاولة. ثم انصرفت في الحال.

سمعت صوته يأمرني:

اشربي العصير.

تناولت الكوب على مضض ورشفت ما فيه أريد الانتهاء من هذا الكابوس الذي اعيشه بسرعة.. وعندما انتهيت قال لي:

اخرجي وعندما تصبحين في الخارج ستجدين خادمة سوف تدلك إلى غرفتك وبعد قليل سيأتي لكي حفيدك لكي يتم زواجه منك.

عودة إلى الحاضر وهي في الغرفة تنتظر مجيء المدعو زوجها.

وفجأة انقطع النور وغرقت الاوضه في الظلام.. فهمست بتوتر:

لازم النور يقطع دلوقتي.. وليه حسه بخمول غريب في جسمي وعايزه انام.. غريبة دي.

تنهدت وأنا اضع رأسي على الفراش وهمست:

ريحي نفسك شوية.

اغلقت عيني وتمتمت بهذيان:

انا حرانه اوي. هو انا شربت ايه بالظبط.

وفجأة سمعت صوت باب الغرفة يغلق جامد وسمعت صوت أقدام شخص تقترب مني.

حاولت رؤية ملامح هذا الشخص في الغرفة الشبه مظلمة.. الا من الضوء القمر القادم من الشباك.

الرؤية كانت ضبابية امامي ولم استطع تبين ملامحه. حاولت النهوض ولكني سمعت صوت أجش مثير:

متتحركيش.. تعرفي انك الزوجة رقم عشرون لي.. واتمنى من كل قلبي ان نتيجة الليلة دي تكون مثمرة.

تمتمت بهذيان:

بتقول ايه؟

اكمل قائلا ضاحكا وكأني لما أسأله شيء:

وأول زوجة لي مشوفهاش.. معرفش ايه اللعبة اللي بيلعبها جدي معايا..بس تعرفي انا مش ممانع على اللي بيحصل ده. القليل من التغيير. مش هيضر

خلص كلامه واقترب منها وفقد السيطرة على نفسه أمام تلك الفتاة التي لم يقابلها من قبل ولم يراها حتى الآن. وأتم زواجه بها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top