الرواية حصري ممنوع النسخ
لعنة الله عليكن جميعاً معشر النساء!!
ولكن لم أهوائنا تقودنا إليكن؟! لم أجسادنا اللعينة تطالب بكن؟! لم نحتاجكن ونشتهي قربكن؟!
سبابٌ ولعنات كلها صدرت عن هذا الواقف ينظر بتيهٍ إلى انعكاس صورته بالمرآة شبه عاري إلا من سروالٍ قصير يستر عورته إلى منتصف فخذيه المعضلين.
نسيت أن أعرفكم على بطل آخر من أبطال روايتنا إنه “معتز”، نعم “معتز” فقط دون إضافات!!
مهلًا، يمكننا أن نضيف لقب، كابتن “معتز” أخصائي تغذية ومدرب أحمال بإحدى الأندية الرياضية، تخرج من كلية تربية رياضية جامعة الإسكندرية، في منتصف عقده الثالث، ممشوق القامة، مفتول العضلات وهذا بحكم عمله الذي يعشقه بشدة.
فمنذ أن خط الشارب وجهه وهو يحرص على ارتياد الچيم القريب إلى منزله، لا ينكب على المنشطات ولا محفزات النمو، كل ما به طبيعي دون تدخلات أو مكملات غذائية، إذا نظرنا إلى بطلنا ونحن نتقدم إليه من الخلف يمكننا أن نرى بوضوح عضلات ذراعيه الخلفية البارزة في تناسق .
وإذا أمعننا النظر إلى انعكاس صورته بالمرآة ستطير عقولنا ونحن نرى بروز العضلتين الأماميتين العلويتين.
وعندما نتوه بالوصف ونرتقي إلى الوجه سنشاهد ملامح وجه برغم وسامتها إلا أنها تتسم بالحدة، وأجفانه المثقلة بأهدابٍ كثيفة تخفي بين طياتها أعين ذات مقلتين سوادهما الحالك يوحي بالغموض ولكن بالحقيقة هو أبسط ما يكون، وربما عتمة عينيه ينم عن قهر وخيبة أمل، وبالهبوط قليلاً سنلمح ذاك الأنفٌ المعقوف، وتلك الشفاهٌ الغليظة، وذقن محددة بدقة.
سنتطرق إلى مأساة صديقنا “معتز”، فبعد تخرجه من الجامعة سعى للحصول على وظيفة تكفي ليعتمد على حاله كي يشق طريقه في الحياة، فهو من أسرة متوسطة الحال ليست بالثراء الذي يجعلهم يساندوه كي يتزوج من الفتاة التي أحبها أثناء دراسته بالجامعة، والتي تعرف عليها في أحد المقاهي القريبة من مجمع الكليات الخاص بجامعة الإسكندرية بمنطقة “الأزاريطة”.
كان اللقاء الأول بينهما أثناء انتظار بطلنا لصديقه “عبيدة” زميل الدراسة ورفيق الدرب الذي كانت توجهاته تختلف كليا عن “معتز” إذ كانت ميوله علمية بحتة فقرر أن يدرس بكلية العلوم.
وللحظ وقع “معتز” لزميلة رفيقه التي بدأ “عبيدة” أن يعجب بها بالفعل، ولذلك اتصل خصيصاً به كي يجد له وسيلة أو طريقة للتعرف عليها، لاسيما وأنها لا ترى “عبيدة” من الأساس، فأخبره أن ينتظره بالمقهى ذاته التي تفضل تلك الحسناء المكوث به بين المحاضرات تتحين موعد المحاضرة التالية.
وللحقيقة جمالها ملفت، ارستقراطية ومنمقة وحسنة المظهر، ولكن ما يؤخذ عليها في المظهر الخارجي سفور ما ترتديه وشعرها الذي تطلق له العنان فيفتتن بها الشباب ولكن إذا ما ارتدت ما يناسب دينها وعقيدتها وخففت من تلك المساحيق التي تتفنن في تطبيقها بمهارة على وجهها ستبدو عادية.
عندما علم “معتز” بأنها نفس الفتاة قرر التنحي من أجل صديقه، ولكن على ما يبدو أن ل “هند” رأي آخر إذ بدأت بالفعل تستجيب لمحاولة “عبيدة” في التودد إليها، ولكن لم يكن “عبيدة” مساعها على الإطلاق بل بادلته الحديث؛ لتعرف منه معلومات أكثر عن هذا الوسيم الفَتيّ الذي رأته معه بالمقهى، وبعد أن توصلت إلى ما تريده من معلومات بدأت بالتنكر للأول، وأخذت تركض خلف من لفت نظرها منذ الوهلة الأولى خاصة وأنها تمكنت من الوصول إلى حسابه الشخصي عبر الفيسبوك.
تلاقى الغريبان بعد أن كثفت “هند” مجهوداتها واستخدمت كل حيلة لجذب انتباه المثار من الأساس ولكنه ظل يقاوم حتى آخر وقت؛ لا إلا يخسر “عبيدة” عشرة العمر، ذاك المتواضع الذي دوماً ما يخفي عمن دون المقربين حقيقة ثراء عائلته ليعيش حياة البسطاء دون إدعاءات كاذبة.
ولكن للقلب أحكام والمكر الأنثوي لا يقاوم، وبالفعل افترق الرفيقان اللذان جمعتهما السنون وقطعت حبال الود امرأة.
صان “معتز” عهدها حتى وإن أخلف مواثيق الصداقة مُرغماً، كدَّ حتى استطاع جمع مبلغ من المال يكفي لسداد قسط إحدى الوحدات المخصصة لإسكان الشباب، وتزوجا بعد قصة حب استمرت لأربع سنوات منذ عامهما الثاني بالجامعة ودامت إلى ما بعد التخرج بعامين.
في بداية زواجهما كان “معتز” أسعد رجل بالحياة، مر العام الأول فالثاني وهما في عيشة هنية رغدة إلى أن بدأ الوضع الاقتصادي العالمي في التدهور وكذلك حال البلد وأصاب مجال عمله الركود وهذه طبيعة الظروف، ولكنها بدأت بالتحول وهذا بالرغم من سعيه الدؤوب في تحسين الوضع ولكنها كسرت حيز الثقة فبات الفتور هو السائد بينهما.
مرت خمس سنوات وأصبحت لقاءاتهما الحميمية مجرد أداء واجب من الطرفين، تأتيه بطلب، مرة تلبي وعشرة تتعذر وهو بحكم تكوينه يحتاجها أشد الحاجة حتى وإن ظهر معدنها بعد الضائقة التي مر بها ولكنه أحبها بصدقٍ، ورجولته تئن لأنوثتها، ولكنها دوماً تتمنع.
هزت ثقته بحاله فبات الذي كانت الفتيات تتهافتن لكسب وده، مجرد صورة وداخله فتات رجولة مهزومة، وزادت كسرته عندما هداه عقله بعد حديث متكرر مع والدته أعربت فيه عن كونها تفتقد لحفيد من ابنها الوحيد فقرر مفاتحة عزيزته “هند” في تغيير مخططتهما بتأجيل فكرة الإنجاب، وخاصة أن أوضاعهما المادية بدأت بالتحسن.
الأوضاع لم تكن سبباً في طلبها هذا ولكنها تخشى لو أنجبت أن يعرقل المولود تطلعاتها ومسيرتها المهنية وكذلك حفاظاً على رشاقتها وتناسق جسدها.
ومع إلحاح “معتز” برغبته في الإنجاب وتزايد الخلافات بينهما في هذا الشأن، استجابت “هند” على مضض، وتوقفت عن أخذ وسيلة منع الحمل التي كانت تحرص عليها.
مر عام واستقر “معتز” بعمله الجديد ولكن لا بشائر للحمل، بالرغم من تأكده من أنها قد امتنعت بالفعل عن تناول تلك الأقراص اللعينة.
انتابه القلق فاقترح عليها الذهاب إلى الطبيب لمعرفة السبب في كل هذا التأخير، وبعد أن خضع كلاهما للفحوصات الطبية، كانت الصدمة.
الطبيب بعملية:
-أستاذ “معتز” كم مر من الوقت وأنتما متزوجان؟!
“معتز” بترقبٍ:
-لنا خمس سنوات وستة أشهر دكتور، هل هناك خطب ما!! أو ظهر شيء مقلق بنتيجة التحاليل التي أمامك؟!
الطبيب باستفاضة:
-بالحقيقة السيدة “هند” تحليلها ممتازة، ومبدأياً لا يوجد لديها أي مشكلة في الإنجاب.
بدأ جبين “معتز” بالتعرق وجف حلقه ولم يتمكن من إخراج كلمة من جوفه حتى يستفسر؛ فالمقدمة التي يلقيها الطبيب على مسامعهما الآن لا تبشر بالخير، وتلك ال”هند” اعتدلت بجلستها تضع ساقاً فوق الآخر بعجرفةٍ، ترفع أنفها المدبب بشموخ، وتلوح بعينيها الخبيثتين نظرات النصر المشوبة بالشماتة وكأنه عدوها وليس زوجها الذي جاهدت للإيقاع به.
ومن ثم استكمل الطبيب بأسف:
-المشكلة الحقيقية لدى سيادتك يا أستاذ “معتز”، أنت….
ومع ابتسامة ساخرة ارتسمت على ثغر “هند” التي رمقته بتقليل، انتفض “معتز” من جلسته، يضرب على سطح المكتب بكلا راحتيه وقد استعرت سوداويتاه بجحيمٍ جهنمي، وهو يهدر فيه بحدة:
-هل جُننت؟! أنا شخص طبيعي وليس لديَّ مشكلة في هذا الموضوع على الإطلاق.
الطبيب بتوجس، يقول بمهادنة ومراعاة فتلك لم تكن أول حالة ترده على هذا النحو، وهو كرجل مُقدراً لقرينه الذي إنهار كبريائه أمام أنثاه، لذا أردف بتضامنٍ:
-اهدأ يا أستاذ معتز كي أتمكن من إطلاعك على الحالة!!
“معتز” ولازال على حاله، بل وزادت ردة فعل “هند” من اندلاع حرائق غضبه التي تخفي بمكمنها كسرة لا قيامة لها بعد الآن:
-عن أي شيء تريد إخباري؟! أنت تريد أن تقول إنني لست رجلاً!!
الطبيب بتبرير:
-يا أستاذ “معتز” المشكلة الظاهرة أمامي بالتحاليل لا علاقة لها بقدراتك الجنسية، كما أنني مندهش،كيف مر عليكما كل هذه الفترة وأنتما متزوجان ولم تكتشف حقيقة وضعك الصحي؟!
- التحاليل تنص على أنك لو كنت قد جئتني قبل سنة واحدة كان من الممكن معالجة حالتك.
-جنسياً لا مشكلة لديك، لكن تحليل العينة التي أُجريت للسائل المنوي، تأكد على أن الحيوانات المنوية القادرة على التخصيب لا تتعدى 1٪ وإذا حدث حمل، وهذا احتمال شبه معدوم، سيكون الجنين الناتج عن تخصيب هذه النسبة غير طبيعي.
-بمعنى أن ناتج الحمل سيكون جنيناً مشوهاً أو لديه نسبة إعاقة!!
توجست مَن كانت تنفض ريشها كالطاووس بزهوٍ، فحتماً سيصب كامل غضبه عليها، ولكن بعد ردة فعلها تلك كان يمين الطلاق هو المنقذ لما تبقى لدى معتز من كرامة.
استفاق “معتز” من شروده، وهو يمد يده إلى هاتفه، يريد الاتصال للمرة التي لا يذكر عددها بصديقه المخلص “عبيدة” عله يمنحه الغفران بعد أن يعلم جزاء غدره به.
ولكن لو عَلِم “معتز” ما جناه بحق “عبيدة” الذي فقد الثقة بكل من حوله، وبالجنس الآخر تحديداً ما تجرأ ليفكر بالغفران.
وهذا هو السبب الحقيقي وراء النظرة السوداوية ل “عبيدة” تجاه كل ما هو مؤنث.
#رواية_واحتسب_عناق بقلم #الأسطورة_أسماء_حميدة
👇