الرواية حصري ممنوع النسخ نظراً لحقوق الملكية الفكرية
” الفصل الثاني “
مرت الدقائق عليه كالدهر وهو ينتظر خروج الحكيمه من غرفه زوجته .
بالداخل بعد ان فحصتها الطبيبه رمقت والدته غيث بنظرات غاضبه ثم تركت الغرفه لتخبر غيث بحقيقه الأمر .
- لازمن تنتجل المِستشفي ، هي فجدت دم كتير وحصل تهتك في شريان لازمن تعمل عمليه دلوك
هتفت زاهيه من خلفها قائله بصياح : كيف يعني تروح مستشفي ، الناس تجول ايه لم العروسه تروح المستشفي
هتف بغضب : ناس ايه يا حجه ، البنته لو ماتلحجتش دلوك هتموت
هتف غيث لانهاء الجدل القائم امامه : أني هنجلها المستشفي دلوك يا ست الحكيمه
ثم دلف لغرفته وحمل جسدها النحيل بين يديه وهم بها مغادرا منزله وهتف مناديا لشقيقه : - حمزه دور العربيه واطلع بينا علي مستشفي المدينه
ركض حمزه يلبي رغبه شقيقه الاكبر واستقل السياره جلس امام الوقود ، اما بالخلف جلس غيث وهو مازال يحمل زوجته محاوط لها بذراعيه ، يرتجف قلبه خوفا من فقدانها ، يلوم نفسه بانه هو الذي اودي بها الي هذا المصير ، فلم يرحم ضعف جسدها ، تذكر اللحظات الاولى بينهم كانه كان مجرد المشاعر لم يرفق بها ، ظل ينفض راسه يمينا ويسرا وكانه يحاول محو تلك الذكرى من ذاكرته للابد ..
وقف امام غرفه العمليات يزرع الردهه ذهابا وايابا الي ان انفتح الباب وغادرت الطبيبه تنزع عن وجهها الماسك الطبي ، اقترب غيث بلهفه متسألا:
- خير يا دكتوره
رمقته بغضب قائله بضيق : المدام نزفت دم كتير وعلقنا لها دم ، والعمليه الحمد لله عدت علي خير ولازم ترتاح شهرين ماتلمسهاش مفهوم
هتف غيث بتعالي : وها وانتي بتكلميني اكيده كيف ، اللي چوه دي مرتي يا حضرة الدكتوره
قالت بضجر : اللي عملته في مراتك زي ما بتقول دي وحشيه مش انسانيه
هتف ببرود : مرتي وتخصني مالكيش فيه بچا عاد
هزت راسها بسأم ثم غادرت المكان فلم تتحمل ذلك المتعجرف البغيض فوجوده يشعرها بالاشمئزاز .
اسرع غيث في خطواته يلحق بزوجته التي تغادر غرفه العمليات ممده علي السرير النقال استوقف الشاب الذي يجر السرير وهو من تولي تلك المهمه ودلف بها الي غرفه عاديه ، حملها برفق ثم وضعها بالفراش ودس يده داخل جيب جلبابه ثم اعطي الممرض بعض النقود ليغادر الغرفه اما هو فظل يتطلع لجسدها الساكن امامه بلا حراك بغضب جامح وهتف امام وجهها : لم انتي لساتك ازغيره ومش حمل چواز كانو بيچوزوكي ليه ، بسببك واحده ست تجف جصادي وتعلي حسها عليه بسببك انتي يا بنت منصور .
فتحت عيناها بوهن وانسابت دموعها بألم وانكسار ، فقد كُسر خاطرها وجُرحت مشاعرها وهان كرامتها بتلك ليله لا تاتي الا مره بالعمر ولذلك سميت( بليله العمر ) وها هي الليله ستظل عالقه بذهنها الي ان يتغمدها الله برحمته ..
في صباح اليوم التالي ..
أستعدت والده شجن لذهاب الي منزل ابنتها لتبارك زواجها ، وحملت صينيه الطعام اعلي راسها وسارت متوجه لمنزل عائله ” زهران ” ..
وصلت وجهتها في غضون دقائق ، لتقف امام الباب تدقه برفق
بعد لحظات قليله وجدت الباب ينفتح علي مصراعيه وتطل من خلفه زاهيه ، رسمت الابتسامه علي محياها ثم هتفت مرحبا بها :
- يا الف اهلا ومرحب بام العروسه ، اتفضلي يا غاليه الدار دارك
تهللت اساوير الاخيره ورفعت كفها تضعها علي فمها لتطلق الزغاريد وتصدح بارجاء المنزل
وبعد ان استردت” غاليه ” انفاسها هتفت بتسأل : وينهم العرسان لساتهم نايمين اياك
سحبت يدها برفق ثم قالت : تعي بس اجعدي وخدي نفسك
ثم حملت عنها صينيه الطعام ووضعتها اعلي المائده ثم قالت : وها ليه تاعبه حالك اكيده ، خير ربنا كتير والحمد لله - ربنا يزيدكم كَمان وكمان ، بس دي عوايدنا
__
في ذلك الوقت كان يصف سيارته بداخل حديقه المنزل الواسعه ، وحمل زوجته كالريشه بين يديه وسار بها بخفه ليصعد الي حيث شقته قبل ان يراهم احد .
اما عن غاليه فعادت تتسأل وهي تقترب من حماة ابنتها قائلا : بدي اطمن علي البنته يا أم غيث
ابتلعت ريقها بتوتر ثم همت تجلب لها مشروب الضيافه : لازمن اضيفك الاول يا غاليه ، انتي مش رايده تجعدي امعاي ولا ايه - لاع يا حجه ماتجوليش اكيده ، دي جعدتك مايتشبعش منيها ، بس جلب الام عاد ، بدي اطمن علي بتي
قررت ان تصطحبها لاعلي وتدق الجرس امام والدتها : طيب يا غاليه جومي بينا نطلع نشچر عليهم
سار سويا صعدوا لدرج حيث الشقه المنشوده ، وقفت زاهيه تضغط جرس المنزل
اما عن الداخل .
فبعد ان دلف بها داخل الشقه ، اراحها بفراشها ودثرها بالغطاء ، ثم نهض ليدلف داخل المرحاض يريد ان ينعش جسده تحت المياه البارده ..
واثناء وجوده اسفل المياه استمع لرنين جرس المنزل ، زفر بضيق ثم جفف جسده علي عجاله ، وارتدي جلبابه وسار بخطوات واسعه يفتح الباب ، تفاجئ بَوجود والدته ووالدة زوجته ، عندما راءته زاهيه لاحت ابتسامتها الواسعه ثم اطلقت الزغاريد ، واقتربت منه تضمه لصدرها تبارك له : مبارك يا ولدي
هتفت غاليه وعيناها تترقب وجود ابنتها : مبارك يا ولدي ، امال فين عروستنا لاستها نايمه اياك
تبادل النظرات بينه وبين والدته لتهتف زاهيه قائله : ادخلي شوفي بيتك
دلفت غاليه لداخل ولحقت بها زاهيه بعد ان ربتت علي كتف ابنها
اما غيث فجلس باقرب مقعد يزفر بضيق ويخلل انامله بين خصلاته المبتله شارد الذهن .
لطمت صدرها عندما وجدت ابنتها ممده اعلي الفراش شاحبه الوجه مغمضه العينين لم يصدر منها الا انين مسموع .
- وها بتي فيكي ايه يا نضري ، ايه اللي صابك يا حبيبتي
وقفت زاهيه تربت علي كتف غاليه قائله : بتك بخير ما تتخلعيش اكيده
- البت وشها اصفر كيف الملونه ومابتنطجش بكلمه يا ام غيث
هتفت زاهيه بحده تلك المره : بتك ازغيره وماتحملتش اللي بيوحصل دلوك تبج زينه ، همليها انتي دلوك ترتاح
ابتلعت ريقها بصعوبه وعادت تنظر لابنتها بحزن فليس بيدها فعل شي
سحبتها زاهيه من رسغها لتغادر الغرفه ثم قالت بأمر : سيبي بتك تعيش يا غاليه ، هي اللي ضعيفه وماتحملتش اللي بيحصل في الجواز ، كان دورك توعي بتك ، هي دلوك مخضوضه بس هي زينه وغيث ولدي هيراعيها ماتحمليش هم واصل
غادرت منزل ابنتها منكسه الراس ، تشعر بمراره داخل حلقها ، لا تلوم الا نفسها التي أصرت علي اتمام تلك الزيجه ، فوجدت عائله زهار تريد ان تناسب عائلتهم البسيطه لذلك لم تضيع تلك الفرصه الذهبيه ، الان خيم الحزن صفيحه وجهها تخشي ان يصيب ابنتها مكروه بسبب تلك الزيجه .
بعد ان غادرت غاليه المنزل ، اقتربت زاهيه من نجلها هاتفه بتسأل : مرتك عامله ايه دلوك
تطلع لوالدته بضيق ثم قال : الدكتوره عملت ليها عمليه ، البت لاستها ازغيره ومش حمل جواز ولا نيله ، ادي البت اللي جولتلي كيف العجينه تشكلها علي هواك ، البت ضعيفه ومش متحمله ، وجال ايه الدكتوره جالت مالمسهاش واصل لمده شهرين ، امال انا اتجوزتها ليه
تنهدت بضيق ثم ربتت علي كتفه واردفت قائله : برضك مرتك وتحت طوعك تشكلها كيف ما بدك ، اسمع كلام امك ، انا رايدالك الصالح ، وسيبك من كلام الحكيمه ، هي يومين تلاته وهتلاجيها جامت من رجدتها كيف الفرسه العفيه ، البت لاستها عود اخضر وهتتحملك بس انت كون لين معاها اليومين دول
تأفف بضيق ثم نهض عن مقعده متجها نحو الغرفه الاخري : انا مانمتش ومحتاج اريح شويا ، وياريت توكليها عشان تصلب حيلها انا مابحبش العيه
أومت بخفه ليدلف غيث الغرفه المجاوره ويغلق الباب خلفه ثم مدد جسده اعلي الفراش وعيناه تحملق بسقف الغرفه ، يتذكر ما حدث معه قبل عامين .
فلاش باك ..
كان يمطي جواده ويركض به داخل حدود مزعته ، يمر علي المحاصيل الزراعيه الخاصه بعائلته ، واثناء عودته استمع لصهيل جواد قوي ، ركض بجواده خلف ذلك الصهيل ليجد فرسه بيضاء زمجرت ترفض التحرك وفتاه ملاقاه ارضا ولكن فاقده للوعي ، ترجل من اعلي جواده يتفقد حالة تلك الفتاه ، رفع خصلاتها البنيه كسلاسل الذهب التي تداري وجهها ، ازاح خصلاتها ليجد اسفله وجه مستدير ابيض ناصع وانف مستقيم وشفتيه منتكزه وذقنها الصغير محفور داخله غمزه الحسن ، ربت علي وجنتيها برفق يريد ان يرا جمال عيناها التي تخفيهم ، لتبربش عده مرات ، قال بصوته الاجش : يا أنسه فوجي
فتحت عيناها ببطئ ليتطلع هو لكمال حسنها ، فقد أسرته بجمالها الاخذ للعيون ، كانه يتطلع داخل بحيره بصفاء عينيها الزرقاء الممزوجه بالاخضر
شعرت بالم يحتاج جسدها همست بصوتها الرقيق متألمه : أه ، انا فين ؟
لاحت شبح ابتسامه جانبيه اعلي ثغره قائلا وهو يمد كفها ليساعدها علي النهوض : كيفك دلوك
تاهت هي الاخري بملامحه الرجوليه وصوته الغليظ
وتاملت كفه الممدود لها ، وضعت كفها برقه بين راحته ، لينهضها بقوته ويتطلع لقصر قامتها قائلا بلهفه : صابك شي
ابتلعت ريقها بتوتر في حصاره وقالت وهي تنفض الغبار العالق ببنطالها الاسود القصير الذي يظهر جمال ساقيها و نضارة بشرتها البيضاء
جف حلقه واشاح بانظاره مبتعده عنها وهو يهتف بجديه : واضح ان الفرسه وجعتك اهنيه ، انتي أول مره تركبي خيل .
ضحكت برقه ثم ارفت قائلا : فعلا وشكلها هتكون أخر مره
ابتسم لتلك الجنيه الرقيقه ثم قال : وليه الاخيره ممكن اعلمك
لمعت عيناها بفرحه ثم هتفت بسعاده : بجد
- چد الچد كَمان
ثم اردف بتسال : انتي مش من اهنيه
هزت راسها نافيه : لا انا من القاهره ، بس هنا بنقضي اجازه الصيف مع أهل داد
ضيق حاجبي بتسأل : مين داد
ابتسمت برقه ثم قالت : بابا
عاد يمطر عليها بعض الاسئله : مين والدك ، انت بت مين ؟
مدت يدها تريد مصافحته وهي تفصح عن هويتها : (عنود ماهر الشنداوي)
فاق من شروده عندما توصل لاول ذكري جمعت بينه وبين زوجته السابقه .
انتفض من فراشه كانه صعق بماس كهربائي ، غادر منزله بخطوات واسعه ، متوجها الي أسطبل الخيل ، سحب جواده ” الاصيل “
اعتلي بجسده اعلي صهوة الجواد وامسك اللجام يضربه برفق ليركض به جواده الي حيث خلوته التي ينعزل بها دائما عن الناس .
👇