نوران” باستفسارٍ:
-هل خربت الصورة بعد كل ما سردته؟
زفر “حسن” يستجمع شتات نفسه، ومن ثم أردف يقول : – لن أنكر تفاجئي بالأمر، ولكنني أعتقد أنني وقعت ل” نادين” بالفعل، فقد أسرتني بزرقاويتيها.
ابتسمت “نوران”، تقول ببشاشةٍ:
-نعم، فعينيها تشع براءةً وسكينة.
“حسن” بتأكيدٍ : – فعلاً.. وربما من حسن حظي أنها لم تقابل الرجل المناسب حتى الآن.
أومأت “نوران” في إيجابٍ، معقبةً:
-أجل فهي حساسة ورقيقة، ولا ترجو من الحياة إلا أن تعيش سعيدة.
“حسن” بهيامٍ : – لاحظت ذلك، إنها ترغب في الاستقرار والهدوء وتفتقر إلى الصلابة.
-عزيزة، وتشع أنوثةً ودلالاً، ويمكنها أن تكون بأفضل حال ما إن تكمل طريقها مع الشخص المناسب.
وأثناء تبادلهما الحديث ظهر من اللا شيء أحد عمال المزرعة، وعلى ما يبدو أنه المختص بالإسطبل، وهو يرمح وراء زوج من الجياد الجامجة اللذان أثارا الجلبة بالمكان.
ومن على بعدٍ اقترب فرسٌ يحمل خَيَّاله على ظهره، وفي هذه الأثناء لم يتبين كلاً من “حسن” و”نوران” ماهية الفارس إلا عندما أصبح على مسافةٍ لا بأس بها، وهو يصرخ عليهما.
“غالب” بصوتٍ عال : – ابتعدا عن الطريق.
قالها وهو يسابق الريح ليصل إلى مكان وقوفهما، فاستجابت “نوران” على الفور، وهي تخطو السياج المعدني الفاصل بين الساحة الواسعة التي اتضح فيما بعد أنها مخصصة لترويض الأحصنة، جاذبةً ذراع “حسن” ليحذو حذوها ولكنه لم يستجيب، وإنما التفت إليها يسألها باهتمامٍ:
-هل أنتِ بِمأمنٍ الآن يا آنسة “نوران”؟!
لا تعلم لِمُ انقبض قلبها؟! فأجابته بصوتٍ مذبذبٍ، إذ أصبحت في حصارٍ، ولا تستطيع العودة إلى القصر كما أمرها “عمران” من قبل: – ليس في عدم وجود “عمران”.
“حسن” بقلقٍ عليها إذ شحب وجهها، متسائلاً:
-أين عساه أن يكون؟!
تمتمت “نوران” بريبةٍ : – لا أعلم ولكنني لا أظنه في الجوار، فهو يستيقظ لمتابعة أعماله منذ شروق الشمس.
حاول “حسن” تبديد مخاوفها، ينتزعها من تلك الحالة، وهو يقول بليونةٍ : – وأنا أيضاً أفعل ذلك عندما أكون في المدينة لمتابعة العمل في مصنعي.
زاغت عينا “حسن” في اتجاه الخيول، وهو يقول بأعينٍ تلمع بالحماسة:
-أترين هذا الفرس الرائع؟
اتجهت أنظار “نوران” حيث يشير مُحدثها، فازبهلت وهي تحدق بذاك الجواد الرمادي ذو الغرة الصفراء، وهو يتحرك بسرعةٍ مفرطة.، يحاول الإفلات من حصار الحارس بل ويسعى إلى مهاجمته، ولكن مروض الخيل هذا يبدو متمرساً في مجاله ويسيطر على الموقف ببراعةٍ ورباطة جأش يستحق عليها التقدير.
وبحركة سريعة انحنى الحارس فوق ظهر الفرس الجامح، في تأهبٍ لإحكام الحبل حول عنق الفرس.
ومن ثم عقد الحارس الحبل في طرفة عين يقذفه إلى أعلى على مسافة محسوبة ليطير الحبل في الهواء، ويستقر في جزء من الثانية كطوق حول عنق الجواد الذي أخذ يزمجر برفضٍ، وهو يتراجع إلى الخلف، ولم يتوقف عن الدوران بحركةٍ جنونية، ولكن يدا الحارس استماتت على طرف الحبل المُقيد للفرس.
أخذ “غالب” يدور بفرسه حول الحارس الذي كان يقوم بترويض هذا الجواد الأرعن الذي ارتكز على قدميه الخلفيتين يشب بالأماميتين رافعاً حوافره باتجاه “حسن” الواقف على مقربة من “نوران” ولا يفصلهما سوى السياج.
صاح بهما “غالب” والحارس في صوتٍ واحد : – احذرا.
وفي الحال قفز “حسن” خلف السياج، باسطاً ذراعيه أمام “نوران” يتراجع إلى الخلف مجبراً إياها على التقهقر، كَرد فعلٍ احتراذي لما تلبس الفرس من حركاتٍ عدائية، إذ أخذ يحاول الهجوم على كل مَن أمامه بعنفوانٍ.
وعندما شد الحارس على طوق عنقه أخرج الفرس لسانه يلتقط أنفاسه، وهو موشكٌ على الاختناق.
وبحكمةٍ أرخى الحارس الحبل بعد إذعان الفرس، فقد كان من المكان أن يقتل “حسن” وكذلك “نوران” بالتبعية؛ فالسياج الذي تحتمي خلفه منخفضٌ للغاية.
دنى الحارس من الحصان يربت برفقٍ على ظهره وعنقه، متمتماً ببعض الكلمات وكأنها تعويذةٌ سحرية، وفي الوقت ذاته كان “غالب” يترجل عن صهوة فرسه يتحرك بخطى حسيسة في اتجاه أحد الأعمدة المثبت بمنصفها خطاف ضخم، يقبض على لجام من بين عدةٍ معلقة بالخطاف، يقترب بخفةٍ كالطيف من الفرس الجامح.
وبسرعة خاطفة امتدت يدا “غالب” باللجام حول عنق الحصان وادخل الشكيمة بين فكيه بحنكةٍ.
تنفس “حسن” الصعداء، وهو يقول براحةٍ:
-حسناً لقد بدأت عملية الترويض الآن، وسيمتثل الفرس…. تلك الشكيمة بمثابة اللاهية في فم الرضيع.
اتسعت حدقتا “نوران” باستمتاعٍ فقد كان ما قاله “حسن”، إذ أخذ الجواد يمضغ الشكيمة باستكشافٍ، وبدلاً من أن يهيج لافظًا تلك القطعة المعدنية التي استقرت بين شدقتيه، أخذ يلوكها في فمه وهو يستمتع بتلك التجربة الجديدة، وفي غفلةٍ ممَن وضعوا اللاهية في فمه، انخفض الحارس يثبت أغلال حديدية بأقدامه.
وما كاد الحارس أن ينهي ما بدأه حتى تنبه الفرس حالما حاول تحريك قوائمه غير مدركٍ لما فعله الحارس به، حتى استحالت الساحة إلى حلبة مصارعة.
أخذ الغبار يتطاير هنا وهناك من أسفل حُدَّى الجواد الذي ظل يثب بشكلٍ هيستيري والحمم تندلع من عينيه وأخذ يصهل بشراسةٍ، وكالعدوى انتقل الهياج إلى الفرس الذي كان يمتطيه “غالب” إذ أخذ يقفز هو الآخر بعصبية وكأنه يشارك رفيقه الوجع وعمت الفوضى في الاسطبل المجاور، وبدأت الخيول بداخله بالصهيل بشكلٍ مروعٍ.
ولكن كان أغرب ما في الأمر أن الحارس انصرف دون أن يشغل باله، فجواد “غالب” مقيد بالعمود المعلق به الخطاف، بينما تحرك “غالب” بخطى ثابتة ورزينة يتكأ على جدار حوض المسقى الخاص بالخيل، عاقفاً ركبته يستند بباطن قدمه إلى الحائط خلفه، وهو يضع يده بجيب قميصه يخرج علبة لفائفه، يدس إحداها بين شفتيه، يشعلها بتروٍ، نافثاً دخانها لأعلى.
وهو يرتكز بظهره على الجدار باسترخاءٍ ولا مبالاة، تاركًا الجواد في نوبة حراكٍ، ظنت “نوران” حينها أنها لن تنتهي.
دهشة تملكتها من حالة البرود التي عليها “غالب”، ولم تتمكن من تفسير موقفه الغريب هذا إلا بعد اللحظة التي كان ينتظرها “غالب” إذ تباطأت حركة الجواد بعد أن أنهكت قواه من فرط الجهد الذي استنفذ كل طاقته.
وحينها فقط، اقترب غالب يربت على أرداف الفرس، يقوده إلى فتحةٍ بالسياج.
ومن ثم أطلقه إلى البراح في المرعى الخلفي، وكأنه يفسح له العنان ليرثي حاله ويتأقلم مع الوضع الجديد، وهو يقول بمرحٍ:
-يكفي ما حدث معك هذا اليوم يا صغيري.
أخفض الفرس رأسه يسير الهوينة إلى حيث أرشده صاحبه الذي صاح على الحارس يقول:
-إلينا بالجواد الثاني حتى ننتهي من هذه القصة.
بينما أردف “حسن” بحماسٍ:
-ياله من جواد جسور.. فقط لو يسمح لي “غالب” بركوبه.
أجابه “غالب” بتهكمٍ بعد أن استمع إلى مطلبه:
-لا تأخذك الحماسة يا هذا.
“حسن” باندفاعٍ سيدفع ثمنه لاحقاً:
-أعلم أنك فارسٌ بارع، ولكنني لست سيئاً إلى هذا الحد.
ناظره “غالب” بحاجبٍ مرفوع، لاويًا ثغره، وهو يقول في الوقت الذي اقترب فيه الحارس وإلى جواره الفرس الآخر، مشيراً بعينيه إلى جواده والجواد الذي بحوزة الحارس:
-أيهما ستختار؟
“حسن” بغشمٍ مشيراً إلى الجواد الذي يقف بخنوع زائف إلى جانب الحارس، يقول بتحدٍ أهوج : – ذاك؟
هز “غالب” رأسه برفضٍ، يقول محاولاً إثناءه عن الفكرة : – لن تتمكن من تلجيمه، إليك بالآخر، وهذا بالرغم من أنني لا أسمح لأحد بركوبه غيري.
-ولكن ذلك أفضل من أن تقع من أعلى صهوة الآخر، وتتسبب لنا في إشكال كبير.
أبى “حسن” التراجع وهو يتقدم بظهرٍ مفرود نحو ما أشار إليه مسبقاً، ولم يستمع إلى رجاء “نوران” وهي تقول : – لا تتغاشم يا “حسن”، ما تُقْدِم عليه فعلاً طائشاً غير محمود العاقبة.
لم تصل كلماتها إلى مسامعه، واقترب موجهاً حديثه إلى “غالب” : – دع الحارس يضع سرجاً فوق ظهره.
قهقه “غالب”، يقول موجهًا أمره إلى الحارس، بنبرة صوتٍ ساخرة : – ألم تسمع ما قاله صديقنا؟!
-نفِّذ على الفور.
الحارس بتوجسٍ : – سيدي… لكن…
“غالب” بعدما لمح الإصرار بعين “حسن”، قائلاً بقلة حيلة : – هو مَن اختار؟! ويبدو أنه لن يتراجع.
ومن ثم التفت إلى “حسن” يسأله لآخر مرة:
-ألن تُعْدّل عما برأسك؟!
“حسن” بإصرارٍ : – كلا.
الحارس زافراً بضيق من تحكمات هذا الأبله:
-يا سيدي تريث؟
-أليس من الأحسن أن ننتظر قدوم الكبير؟
-هذا الفرس حتى ليلة أمس كنا قد يأسنا من ترويضه.
أتم الحارس جملته وهو يشير إلى الفرس الذي وقع عليه اختيار “حسن” الذي لم يعر انتباهاً لتحذير الحارس، وإنما أردف يقول بنزقٍ:
-لِم التمهل!! “عمران” لن يمانع، وهو مَن رحَّب بفكرة قدومي إلى هنا، وقال لي أن أتصرف وكأنني في ملكي.
-وبناءً على هذا فأنا أرغب بامتطاء هذا الجواد.
“غالب” بعدما قَلَّب الموضوع برأسه، مصدرًا أمرًا إلى الحارس، وهو يشير إلى اسطبل الخيول:
-افتح الباب، واجلب ذاك الحصان الهادئ الموجود بالزاوية.
التفت “حسن” إلى “نوران” وأعينه تنضح ببريق الغضب، بينما كانت “نوران” شاردةً تتخيل عاقبة مغامرة خرقاء كتلك، وبنظرة من زرقاويتيها إلى “حسن” علمت أنها لن تُحسن في إيقافه عند هذا الحد، ولِم قد تحاول!!
فالرجال جميعهم لا يقبلون تدخل النساء في رغباتهم ولا يُقِّرون بحكمتهن، إلى جانب هذا فهي لم تُرِد أن تقلل من شأن حسن، وهي تحاول إسكات صوت العقل تتمنى أن يكون “حسن” قد وُلِد فارسًا على صهوة حصانه ولا يحتاج إلى توجيهاتٍ.
“حسن” باستشاطة : – قلت هذا.
هز الحارس رأسه بيأسٍ، وهو يتمتم بآسى:
-هذا المكلوم من دون عقل، أرجو ألا يؤذي نفسه.
بينما هذا العنيد اقترب يقفز بمهارة ورشاقة على ظهر الجواد، بعدما امتثل الحارس مُجْبرًا على عقد السرج فوق صهوة الجواد.
رفع “غالب” إحدى حاجبيه يومأ باستحسانٍ بعد تلك قفزة الثقة تلك، وهو يقول بتشجيع:
-هيا فلِتُرِنا براعتك.
في البداية بقى الجواد ثابتاً في مكانه، وقد استقر “حسن” فوق صهوته بظهرٍ منتصب كأحد نجوم الأكشن.
بينما تشدقت “نوران” وقد التوى ثغرها بابتسامةٍ جانبية، تتمتم بهزئ:
-يا لا سخافة الرجال!!
تحركت شفتيها بهذا الانتقاد دون صوت بعدما استشفت مكر الفرس الذي خالف جميع التوقعات وبقى ساكناً إلى أن غمزه “حسن” بقدمه ولكن الفرس لم يمتثل بل تضخمت أذناه وهو يكشم شدقتيه، وهذا ما أنبأ الجميع بحتمية وقوع كارثة.
أما عن “حسن” الذي قُبِض صدره، أصرَّ على الخوض بتجربةٍ معروفٌ نهايتها وما كان منه إلا أن عاود الكرة بوكز باطن الفرس بقدمه ولكن بقوةٍ أشد، وما إن فعل حتى انطلق الجواد كقذيفة هوند يقفز فوق السياج الذي تحتمي به “نوران”.
وقبل أن تستوعب ما يدور حولها، وجدت ذراعٍ قويٍّ يحاوط خصرها من الخلف، وقدميها ما عادت تلمس الأرض، وإذا بجسدها يطير في الهواء، ومن ثم حطَّ ثقله على شيءٍ مرتفع، وهناك حائلٍ ما ملاصقٌ لظهرها ينبض بشدة، والذراع التي التفت حولها تلصقها بصاحبه في لقطةٍ رأتها من قبل بمشهدٍ رومنسي بأحد الأفلام التي تُحَاكي فرسان الأزمنة العتيقة.
وبالرغم من حالمية الموقف إلا أن عيني “نوران” اتقدتا بغضبٍ مكبوت مما فعله “عمران” وأمام مرآى من الجميع كما أنها لم تنسى ما بدر منه قبل انصرافه، وگأنها كانت تفضل أن تلقى حتفها بدلاً من أن ينقذ “عمران” حياتها للمرة التي لا تعلم عددها!!
أما على الجانب الأخر فقد ظل الفرس القابع على ظهره مَن تسبب بهذا الموقف السخيف يعدو بلا رادعٍ.
فالتفتت” نوران” برأسها من أعلى كتفها تنوي تسديد بعض الكلمات الغليظة لمنقذها، ولكن ماتت الكلمات على طرف شفاهها، وهي ترى الجمر المشتعل برماديتيه.
أخذ عمران يسب ويلعن بأبذئ الصفات وعينيه تتابع انطلق الفرس بعدائيةٍ، و”حسن” قد بدأ يفقد اتزانه من أعلاه.
وبحركةٍ سريعةٍ خلع “عمران” قميصه عن جسده يلقيه إليها بحدة، قائلاً بصوتٍ خشن لا يقبل الجدال : – ارتدي هذا والآن، ولا تتفوهي بكلمةٍ واحدة حتى ننهي هذه المهزلة.
بإيدٍ مرتجفة التقطت القميص، تدس فتحة عنقه برأسها تسدله عليها، بينما انطلق عمران بحصانه كالسهم خلف الفرس الآخر، وهو يصيح بصوتٍ جعل مَن وصل إليه صداه، يهرع بتشتتٍ في كل اتجاه:
-إليَّ بندقية التخدير؟
اهتدى الحارس يلتقط البندقية من جرابٍ معلق بباب الاسطبل، يلقيها في الهواء إلى “غالب” الذي قفز فوق صهوة حصانه ببراعة، يلتقط ما أُلقيا نحوه بمهارةٍ.
وصوت دقات قلب “نوران” قد شق عنان السماء؛ فمن جهة المستشاط غيظاً خلفها، ومن جهةٍ أخرى اقتراب الجواد الحامل لجسد “حسن” من قمة الربوة وإذا لم يتم إنقاذ الموقف بحكمة قد يخسر هذا الأحمق حياته.
تعسر عليها التقاط أنفاسها ولا تعلم ما إذا كان هذا من شدة هول الموقف أم من استجابة جسدها المخزية لدفء أحضانه؟! ولولا الصراع الدائر لكان إحساسه هو الآخر أشد جموحٍ مما يلوح بفكرها من أشياءٍ ليس هذا وقتها على الإطلاق.
تبدد بداخلها أي شعور بالغضب تجاهه، وكل ما بها الآن هو، فقط هو بجاذبيته المفعمة بالحيوية، ولولا إعادته لما قال على قربٍ من مسامعها ما انتبهت، إذ أردف بحثٍ:
-“نوران”!! إليكِ باللجام.
قالها عندما لمح “غالب” يقترب بجواده على بعد أمتارٍ قليلة، وبما أنه الأقرب لموقع الحدث، رفع “عمران” صوته وهو يلتفت بجذعه إلى الخلف دون أن يحرر خصرها يناشد “غالب”:
-اقذف البندقية، لن تتمكن من اللحاق به.
نفَّذ “غالب” على الفور، وما إن استقرت البندقية بيد “عمران” حتى شد أجزائها، وهو يلف ذراعيه حول كتفي “نوران” يحاول ضبط زاوية النشان، وهو يقول بأمرٍ موجَّهٍ إليها : – ميلي برأسكِ إلى الخلف حتى لا تتأذي من ارتداد الفارغ.
تمتمت “نوران” : – اللعنة!!
وما إن فعلت حتى انتفض جسدها برعشةٍ خفيفة إثر ملامسة الجزء الظاهر من عنقها لصدره القوي الدافئ.
وفي تلك الأثناء دوى صوت قذيفة عن قرب وما كانت سوى طلقة امبول المخدر الذي اخترق فخذ الفرس من الخلف بعدما أوشك على الاقتراب حافة المنحدر بمترين لا أكثر.
وإذا بالجواد يتوقف فجأة بوهنٍ، وهو يعلو بأماميته رافعاً معه جسد “حسن” الذي طار في الهواء، ومن ثم هوى على العشب يتدحرج عدة مرات إلى أن استقر جسده أرضًا وسط شبق من الغبار.
شد “عمران” على لجام بجواده الممسكة به “نوران”، وللحظ لم تتمكن من سحب يديها فآل الأمر إلى تشبُث قبضتيهما معًا باللجام.
هدَْأ “عمران” من سرعة عدو الجواد؛ لا إلا يدعس بحوافره جسد “حسن” الذي يتلوى على الأرض بألمٍ.
وما إن تباطأت خطوات الجواد حتى استطاعت “نوران” تخليص حالها من قبضته، تقفز مسرعةً من على صهوة الجواد، تركض باتجاه “حسن” غير عابئة بزئير “عمران” وهو يحثها بألا تفعل.
وإذا ب”عمران”……………
رواية واحتسب عناق بقلم الأسطورة أسماء حميدة، الرواية حصري على موقع مجلة الأسطورة، ممنوع النسخ نظراً لحقوق الملكية الفكرية
👇
اسلوب اكثر من رائع