هنا ولم تتمالك “نوران” حالها عقب تهكمه الواضح، وسفور تلميحاته، وهي تنزع يدها من قبضته، تقول بغيظٍ:
-لقد أخبرته بكل شيءٍ عن “نادين”.
“عمران” بذهولٍ : – ماذا؟
“نوران” بتأكيدٍ : – لقد وصلك ما قلته.
قبض “عمران” على ذراعها بقوة، وهو في حالة غضبٍ شديد إذ أنتوى إنهاء هذه المهزلة حتى لا يصير حديث البلدة بأكملها، ويُقَال أن قريبته تتسكع مع ضيفه.
لذا قرر بعد أن يتم فحص “حسن” من قِبَل الطبيب، أن يكشف له تاريخ “نادين” الحافل بالزيجات ولكن على طريقته؛ كي يقنعه بضرورة الابتعاد، عازماً على أن يُقِلَّه بنفسه إلى القاهرة حيث سيتم “حسن” فترة تعافيه، ومن ثم سيغادر البلد بأكملها وذلك بناءً على ما أخبره “حسن” بخصوص أنه يستعد لتوسيع أعماله في بلد عربي شقيق.
وفكرة ارتباط “حسن” ب”نادين” تعني حتمية سفر “نوران” معها؛ فمن المؤكد أنها لن تبقى هنا لحالها،
خاصةً وأن أباها أيضاً يقيم خارج البلاد، هذا بالإضافة إلى الضرر النفسي الذي ستتعرض له صغيرته جراء كل تجربةٍ تخوضها تلك الأنانية “نادين”.
في السابق كان يقتلي وهو يرى “نوران” تعاني، أما الآن وبعد أن جاءته بمحض إرادتها إلى عرينه فلن يتركها تبتعد.
“عمران” بثورةٍ : – مَن سمح لكِ بفعل هذا؟!
-ألم تكبري بعد وتتوقفي عن أفعالكِ الطائشة؟
سهمٌ مغموسٌ بسمٍ قاتل صوِّب بمهارة إلى صدرها، وهي توقن بأن هناك شيء ما في قلب “عمران” والدتها؛ وإلا ما انفعل بهذا الشكل!!
وعليه فقد علِمت “نوران” بأنه كان يريد التشكيك بحسن نوايا “نادين” أمام “حسن” ويوشي بها إليه، كأن يدعي بأن تكَتُم “نادين” عن سرد تفاصيل حياتها السابقة ل”حسن” نوع من أنواع الخداع حتى توقعه في شركها.
أجابته “نوران” بغصةٍ : – أنت تعرف “نادين” جيداً.. هي نادراً ما تحب الحديث عن حياتها الشخصية.
-لذا توليت عنها هذه المهمة حتى إذا ما علم “حسن” بالأمر باكرًا يمكنه إتخاذ قرارٍ إما بالاستمرار أو أن ينسى الموضوع برمته قبل أن تتعلق به “نادين”.
عض “عمران” على شفته بقوةٍ؛ يُوقِف نوبة من الغضب الشديد، قالباً عينيه بيأسٍ من بلاهة صغيرته، فهي تفكر بمَن جربت حظها مع الرجال خمس مرات أو أكثر، فهو لم يَعُد يذكر ولا يهمه الأمر ليُحصي.
“عمران” بانفعالٍ:
-أجل أعرفها جيداً.
-عقلها بروازٌ مغلفٌ بِكِسْوته وقلما تستخدمه.
- ولكن هذا لا يعطيكِ الحق بتنصيب حالكِ واصيةٍ عليها، اهتمي بشئونكِ أولًا.
جحظت عيناها من أنانية موقفه، وبغض النظر عما تشعره نحوه فتصرفه الآن ينم عن الإيثار وحب الذات؛ فإذا كان “عمران” يحب “نادين” كل هذا القدر لِم لَم ينتشلها مما هي فيه!! موقنة بأن شخص گ”عمران” قادراً على تحجيمها، فعقبت تقول بوجعٍ حقيقي:
-كفى “عمران”.. لا زال الوضع تحت سيطرتك ما دمت تحب “نادين”.
لم يلتقط “عمران” المغزى وراء حديثها، فأردف يقول بعدم استدراك:
-نعم أحبها، ولكنني أتجاهل ما مرت به من تجارب عاطفية، كما أن “حسن” صديق وضيف وهو من أفضل زبائني؛ لذا لا أرغب في أن أخسره.
أرادت أن تفتك به أو على الأقل أن تصفعه على وجهه فإذا كان الأمر هكذا، لِم يعلقها به!! أم يريد أن يستولى على الجمل بِرِكَابه، ضارباً عصفورين بحجرٍ واحد “الأم وابنتها”!!
لذا أردفت تقول ببرودٍ تستخدم نفس سلاحه:
-لا تُعَقِّد الأمور هكذا .. من يدري؟! لربما قد تكتسب نسيبًا جديداً.
-واحد إضافي لن يغير في الواقع شيئاً، فبعصرنا هذا قد تُقْدِم المرأة على الزواج من ست.. سبع رجال، لقد انتهت الأعراف القديمة التي تُلْزم المرأة بالزواج لمرةٍ واحدة حتى إذا طُلِقت أو توفى عنها زوجها.
-وما دامت لا تخطأ فهي حرة بتصرفاتها.
زوى “عمران” ما بين حاجبيه يرمقها بدهشةٍ، وكأنها تنين برأسيْن:
-هل معنى حديثكِ هذا أنها تنوي تحطيم الرقم القياسي؟!
-افيقي “نوران” الزواج ليس لعبة.
-لقد ظننت أنكِ قد تتأثرين بهذا.
قالها وهو يبسط راحته رافعاً خصلة مدلاة من شعرها يعيدها خلف أذنها إذ لا يرغب في أي عوائقٍ تحول دون النظر إلى بحر عينيها، بينما ردت “نوران” تقول بتهكم وهي تبعد رأسها عن مرمى يده بجفاءٍ:
-كُف عن الإدعاء، ولا تشغل حالك بي، فأنت لست مضطراً إلى إقحام أنفك بمشاكلي.
-كما أنني لا أفهم لم تعتقد أنني قلقة بخصوص “نادين”!!
-فإذا أرادت الزواج ب”حسن” أو بغيره.. لم أعد أهتم.. لقد اعتدت الأمر.
تتحدث عن الزواج وگأنه شيءٌ عادي وواجبّ الحدوث، فإذا الأمر هكذا لِم هو متوجسٌ من إتخاذ خطوة كتلك!! فسألها بسخرية:
-وهل ستتزوجين أنتِ أيضاً؟!
اللعنة!! هل يعتقد أنه إذا لم ينجح الأمر مع “نادين” سيدير الضفة عليها؟! لقد چُنَّ على الأخير!!
زمت “نوران” شفاهها باستشاطةٍ، تقول بتأكيدٍ:
-وما المانع في ذلك؟! نعم سأتزوج.
اهتزاز حدقتيها أنبأه بأنها تكابر، فسأل ولا زالت ابتسامته الساخرة تنضح بالتحدي:
-ولِم كل هذا الخوف المرسوم بعينيكِ؟
-وبمَن قررتِ الزواج؟! ب” أيمن”؟
كتمت غيظها تناظره بمجابهةٍ، وهي تقول:
-“أيمن” أو غيره… وربما لم تفلح التجربة سأتزوج مرة أخرى.
إلى هذا الحد ولن يُمرِّق سخافتها؛ إذ امتدت يده التي كانت تداعب خصلاتها منذ قليل لتقبض على شعرها بقوةٍ، وهو يقترب منها، قائلاً بأعينٍ تُطلق الشرر:
-حذاري وأن يشطح خيالكِ، فبجميع الأحوال لا يمكنكِ أن تصبحي نسخةً مصغرة منها، أنا لن أسمح لكِ بذلك.
ابتسمت بالرغم الخوف الشديد الذي تملَّكها جراء تحوله المرعب هذا، تقول بسفورٍ إدَّعته:
-على رسلك “موري”… أنت تفقد أعصابك سريعاً!!
-تُرى كيف ستتحمل فكرة أن يستأثر بي “أيمن” في الفترة القادمة وربما إلى الأبد؟
-أشفق عليك حقاً.
حمقاء!! ولكنه يعلم مدى عنادها.. لذا خفف من شدة قبضته على شعرها ولكنه لم يفلته بعد، بل دنى بوجهه إليها حتى لم يعد بينهما مسافة تذكر، يقول رافعاً حاجبيه:
-لا تبتأسي صغيرتي، هذا لن يحدث.
-فأنا لست كريماً كل هذا القدر.
قالها وهو يكوِّر قبضة يده الحرة، يلكم الحائط خلفها بجانب وجهها حتى ظنت أن قبضته اخترقت الحائل الأسمنتي الصلد، ومن ثم حدق بعينيها يقول بثقةٍ هو أهلٌ لها:
-لا “أيمن”… ولا جيش بأكمله من الرجال قادر على أن يسلبني ما هو ملكي، ما لي سيظل لي ولو اضطررت إلى القتل في سبيل ذلك.
تقسم أنها رأت برماديتيه هيئة سفاح قادر على تنفيذ وعيده، ولكنها لن تستسلم إلى مكره، إذ ابتسمت بزاوية فمها تقول بهزئٍ:
-واثقٌ بحالك أنت “موري”!!
-ولكنني لا أعلم من أين أتتك فكرة أنني قد أصير ملكك؟!
هز “عمران” رأسه بنفي، يقول بثباتٍ:
-لن تصيري فأنتِ كذلك بالفعل، لقد راهنت عليكِ كل هذه السنوات وكما قلتِ أنني لا أقبل الخسارة.
قالها وهو يلف ذراعه حول خصرها يشدها إليه بعنفٍ يلصق جسدها به، يتأمل وجهها بيأس يناقض الثقة المفرطة التي يتحدث بها عن أحقيته فيها وكأن هناك حرب ضارية تعتمل بداخله.
وكلما حاولت التملص من بين يديه يستميت في احتجازها بين ضلوعه حتى شعرت بتقطع أنفاسها، وهي تحاول التنفس بصعوبة، وبالرغم من صوت العقل الذي يحثها على مقاومته إلا أنها تمنَّت بقرارة نفسها أن يطول عناقه الخشن هذا، وتبقى نظرة الخوف من فقدها بعينيه إلى الأبد.
شد “عمران” على خصلاتها، فارتد رأسها إلى الخلف، وهو يحدق فيها بنظراتٍ تتوهج ببريقٍ فضي، يقول كاشفًا الحقيقة عارية نِصاب أعينهما، فما أردف به هو حال كليهما:
-لقد شيَّدتِ حواجزاً هشة تتحامين أنت وقلبك خلفها خوفاً من الاختراق، ولكن لا تثقي فيما عمدت على بناءه… بعد اليوم لا ملاذ لكِ غيري.
أنهى عبارته وهو يطلق صراحها، يتجاوزها ببضعة خطوات، ومن ثم التفتت إلى مَن تحجرت بأرضها تحاول تنظيم أنفاساً ضاعت في قربه، يقول بعدم اكتراث وگأنه يعاني انفصاماً بالشخصية:
-اسرعي.. لن نقضي اليوم بأكمله في مهاترات، فلديَّ أعباء علي أن أنهيها.
استدارت عيناها بمحجريهما، وهي تتمتم بصوتٍ غير مسموع : – مجنون!! أقسم على هذا.
تقدمت بسيقان كالهلام، وهي تقول باستياءٍ:
-لا أعلم سر معاملتك لي بهذه الطريقة؟!
“عمران” بإفصاحٍ : – هوني عليكِ يا “ملاكي”، لن يطول هذا كثيراً بعدما صرتِ بكل هذا النضج وأصبحت أمام ناظري امرأة مكتملة الأنوثة، فلا مجال للتغاضي عن الأمر، لي سنوات وأنا أترقب هذا.
-ويعلم الله أن ما عاد الثبات يجدي نفعاً.
قالها وهو يستدير بكامل جسده إليها ومقلتيه تخبرها بِخُور قواه، ومن ثم أمسك بكفها الصغير بين خاصته يقودها معه إلى الخارج.
بينما لم تجد “نوران” ما تقوله، تخشى أن تسأله فيلاوعها، ولكن ما لا يمكنهما تجاوزه أن هناك أجواء من الشغف قد حفتهما بعد هذا الاعتراف الناقص، هالة روحانية شملتهما ولم تكن موجودة من قبل.
أما عنها فبالرغم من كل مقاومتها لهذا الإحساس المخيف الذي تولد بداخلها له، إلا أنها كلما حاولت أن تنجو من شِباكه يعاود فرض سيطرته على وجدنها فتعلن راية الاستسلام.
اتجه بها ناحية السيارة، فاستوقفته متسائلة وعينيها تلمع بشغف:
-“عمران”… هل تراني جميلة بنظرك؟
“عمران” بصبوٍ، وهو يرفع راحتها إلى شفاهه يلثم ظهرها بعمقٍ : – بل فاتنة ملاكي.
ارتجف جسدها استجابةً للفتته اللطيفة تلك، وهي تبتسم بخجل : – ممتنة لمجاملتك الرقيقة هذه، وأتمنى أن أستطيع مجاراتك في هذا.
عض “عمران” على شفته السفلية بوقاحة، يقول بلهوٍ : – دعي الأمر لي، ولا تجهدي حالكِ “نوري”.
وقبل أن تدرك مقصده مال بجذعه بحركة مفاجأة، يضع ذراعاً خلف ساقيها، والأخر يدعم ظهرها، يحملها على يديه وكأنها لا تزن شيئاً، وذلك بعد أن فتح باب المقعد الخلفي، يدس جسدها المثير بداخل السيارة.
فهو لن يستطيع التركيز على القيادة؛ وهي تجلس بالمقعد المجاور له.
” نوران” بتساؤلٍ : – لِم لا تريدني أن أحاول في استمالتك كما تفعل الآن؟
-والأهم لِم تريد أن تبعدني عنك ما دمت مصر على أنك لن تسمح لي بالابتعاد؟! حتى أنك جعلتني أجلس في هذا المقعد عنوة.
لا زال يشرف عليها بجسده هي مستكينة بالمقعد، وهو يميل إليها يقاوم لا إلا ينقض عليها مقتنصٌ شفاهها بقبلةٍ يبثها فيها ما يجاهد لإخفاء، ولكن عوضاً عن ذلك قَبَّل مقدمة شعرها يقول:
-هذا حالي من دون دلالكِ، فماذا إن فعلتِ؟!
-ابعدتكِ كوني مشغوفاً بكِ حد اللعنة، ولن أُحْسن وأنتِ إلى جواري.
ما به معذبها اليوم؟! أنه كالثمل الذي يكشف ما بداخله دون تحفظاتٍ، ولكن ماذا سيحدث إذا عاد المخمور بسحرها إلى وعيه؟!
سألته “نوران” بإلحاحٍ : – هل أنت مغرمٌ بي إلى هذا الحد؟!
قَلَب “عمران” عينيه بيأسٍ، يجيب على سؤالها بآخر : – ألا زلتِ تسألين؟!
تريد إجابة صريحة، وعد قاطع، ولكنه يضن، فأعادت سؤالها على مسامعه بشكلٍ آخر:
-هل تهربك هذا يعني لا؟
حدقها “عمران” بهيامٍ، ولكنه كما تقول يتهرب، يريدها أكثر من أي شيء ولكنه خائف، فأجابها بحياديةٍ : – وهل يوجد رجلٌ على وجه الأرض من الممكن أن تقع عينيه عليكِ ولا يغرم بكِ؟!
“نوران” بإحباطٍ : – ما لي أنا وما لهم؟
-إني أسألك أنت… أسأل “عمران السوالمي”؟
استقام بجسده وهو يغلق الباب المجاور لها ومن ثم استقل المقعد الأمامي خلف عجلة القيادة.
يرمقها بنظرةٍ متعمقة عبر المرآة الأمامية للسيارة، فرأى الحزن يرتسم على وجهها الجميل بوضوحٍ، لذا استدار إليها بجذعه، يقول بالتماسٍ علَّها تفهم عليه:
-“نوري”… أنا هنا الكبير… وهناك أمور شتى تجهلينها، وأنا لن أستطيع تجاوزها وأهدم ما بنيته عمرًا بأكمله، ما لي سأتمسك به ولن أفرط به أبدا.
لن تُلِح أكثر من هذا… وإن كان حديثه يحمل أكثر من معنى فهي لم تدرك المقصود من كلماته الأخيرة، أكان يعنيها بها أم يرمي إلى مكانته وما حققه، ولكن بجميع الأحوال لا شك في أنها إنذار، لذا سألته : – هل هذا تحذير؟
قالتها وزرقاويتيها تتأملانه ربما تستشف شيئاً من تعبيرات وجهه، ولكنه مُحيرٌ، إذ عقب يقول : – ليس بالمعنى المفهوم، ولكن لا يمكنكِ تجاهله.
اللعنة!! أيجب أن تتوسله؟! هذا ما دار بعقلها وهي تتراجع عما عزمت عليه بإغلاق باب الإلحاح، تعود إلى مواربته : – تكلم “عمران”، لم تُأْثِر الصمت؟
“عمران” بإيجازٍ : – فيم؟
“نوران” باستماتة : – عن ما قلته توًا!! عن الطريقة التي تعاملني بها الآن؟! عن واقعٍ ترفضه.
“عمران” بجمودٍ : – هلا انتقلنا إلى موضوع آخر؟
“نوران” بإصرارٍ : – ما قلته ليمكنني التغاضي عنه، تصريحاتك الأخيرة تعني الكثير.
-هل تريدني أن أتجاوز كل هذا وكأنك لم تقوله؟!
“عمران” بإيجازٍ، وگأنه غير مهتم : – إذ استطعتِ فافعلي، أما أنا فمسئول عن كل كلمة تخرج من فمي.
“نوران” بحنقٍ شديد : – يبدو أنك ندمت على ما قلته، يا لا سخافتي وأنا مَن كنت أنوي أن أكون لطيفة معك.
“عمران” ساخرًا : – عن أي لطف تتحدثين؟! كل ما تفعلينه هو تحطيم قلبي.
قالها “عمران” بتراچيدية هابطة، فردت على تلاعبه بها بجفاءٍ : – وهل لك قلبٌ من الأساس؟!
-أنت أناني “عمران”.
“عمران” بضيقٍ : – إلى هنا وكفى… من لا قلب له هو مَن كان يحتويكِ وأنتِ صغيرة عندما كنتِ تبكين.. أنا.. لا “نادين” التي ضاعت بعالمها مع الرجال، أنا… أنا فقط.
“نوران” بحنينٍ لأيام ولَّت : – لن أنكر فضلك.. وأتذكر مدى تعلقك بي وأنا صغيرة.. كنت تحبني فعلاً… هل تغيرت مشاعرك تجاهي الآن؟
ما كان نقطة في بحر عشقه لها أما الآن فلا مقارنة، ما ولَّى حرف بقصيدة عشقه الغاشم لها أم الآن فإحساسه بها تخطى كل حدود المعقول، نعم تغيَّرت مشاعره تجاهها، فأجاب بصدقٍ أصابها بخيبة : – أجل.
تأففت “نوران” باستشاطة، وهي تعقب:
-ردودك تغلق بوجهي باب النقاش.
“عمران” بإبهامٍ : – هل هذا وعد منكِ بالكف عن المناقشة بالوقت الحالي؟
لم ترد بل أشاحت بوجهها عنه، فأضاف يقول وهو يدير محرك السيارة : – إذا بقينا هنا لوقتٍ إضافي لن أتمكن من السيطرة على حالي.
ما قاله يحمل التهديد ولكنه يعني المعنى المباشر، ألا وهو لقد نفذت باقة الصبر وهما الآن على نظام كشف الحقائق، إذا مكثا هنا حتماً سيعترف لها بحبه.
التقط “عمران” قبعته القشية الموضوعة أمامه أعلى التابلوه الخاص بالسيارة، ومن ثم التفت إليها وجدها تجلس بامتعاضٍ، فكبس ما بيده على خصلاتها السوداء الحريرية التي انسلت من أسفل القبعة بشكل فاتن تضفي مزيداً من السحر إلى ملامح وجهها الجذاب.
بينما رفعت يدها بضيقٍ تنوي انتزاعها، وهي تقول : – لا أريد منك شيئاً… دعني وشأني.
“عمران” بابتسامةٍ حانية : – لا تكوني عنيدة صغيرتي حتى لا تضرر بشرتك البرونزية بفعل أشعة الشمس.
رمقته “نوران” بنظرةٍ جانبية، وهي تمط شفاهها بحنق كالأطفال، تقول بنزقٍ : – وكأنك مهتم؟
“عمران” بمشاكسةٍ : – أجل وللغاية.
رواية واحتسب عناق بقلم الأسطورة أسماء حميدة، الرواية حصري على موقع مجلة الأسطورة، ممنوع النسخ نظراً لحقوق الملكية الفكرية
👇