ما إن بدأت “سالي” تتقدم من حصانها حتى رأت رأسه يلتف نحو الربوة وفي اللحظة التي وجَّهت فيها “سالي” نظرها إلى تلك الجهة، تهادى إلى مسامعها صوت خوارٍ يأتيها على مقربة.
ولوهلة هوى قلبها أسفل قدميها وتملكها خوف شديد وقد التقطت أنظارها البقرة الأم تهبط من فوق الربوة بأقصى سرعةٍ لها،
بقرةٌ قوية ذات قرون غليظة مدببة، تعلمها “سالي” جيداً فهي أشرس الماشية لديهم وقد أطلق عليها أبيها لقب “الأنثى الجامحة” لصعوبة السيطرة على نوبة هياجها.
ألقت “سالي” نظرة سريعة نحو جوادها، وزفرت نفاسها بخيبة عندما علمت أن المسافة بينها وبين البقرة التي سلطت قرونها الحادة في اتجاهها بهجومٍ شرس ينبأ بخطر مهلك لا محالة لن تِتح لها الفرصة كي تصل إلى جوادها وهي تسير حاملة هذا العجل الثقيل بين ذراعيها.
ولكنها نفضت عن رأسها تلك الفكرة المأساوية وهي تسرع باتجاه الجواد، ولا زال العجل في حضنها، لكن هناك شيء غريب حدث إذ تسلل إلى أذنيها صوت قرقعة سرجٍ وحوافر جواد يدنو بالقرب من مكان تواجدها، اختلط مع صوت حوافر الأم وهي تدعس على العشب بقوةٍ، فرفعت “سالي” رأسها إلى أعلى تتبين ما في الأمر.
وأثناء ما كان قلبها ينبض بلا توقفٍ بين ضلوعها من شدة الخوف لمحت “عبيدة” أعلى صهوة جواده، يسرع هابطاً من أعلى الربوة ولكن ليس في اتجاهها، وإنما كان يتبع ذات القرنين التي ظلت تراوغ في خطاها ما إن شعرت بمتتبعها.
وإذا ب “عبيدة” يلوح في الهواء بحبلٍ عُقِد طرفه بقبضته، وفي آخره خية حطت شركها بمهارة حول القرنين، وبسحبة قوية من ذراعي “عبيدة” المفتولين دفع تلك البقرة التي كانت تتجه مسرعة نحو “سالي” بعيداً عن طريقها.
رفع “عبيدة” صوته، يقول بصياحٍ:
-اسرعي “سالي”؛ فهي لن تستسلم بسهولة، ستجدين مقطورتي مصطفة عند نهاية السياج.
بينما ظل جواد “عبيدة” يقاوم جاهداً في السيطرة على تلك الأنثى الجامحة بعد أن ربط “عبيدة” طرف الحبل بسرجه، وكما توقع حدث بالفعل، إذ أخذت البقرة تعافر للخلاص حتى استنفذت طاقتها.
في ذلك الحين أسرعت “سالي” تضع العجل الصغير أعلى ظهر فرسها الذي امتطته بعجالةٍ، تعدو به بعيداً حتى انتهى بها الطريق إلى مكان تواجد المقطورة كما أرشدها “عبيدة”، وما إن وصلت إلى هناك وضعت ما بيدها برفق في الصندوق الخلفي للمقطورة وسحبت جوادها إلى الصندوق أيضاً.
وما إن انتهت سالي مما تفعل حتى وجدت “عبيدة” على مقربةٍ يعدو بفرسه عند قمة الربوة يهبط إليها.
رمقته “سالي” بنظراتٍ متضطربة، ولم تعاونها نظراته المستشطة على إيقاف تلك الرعشة التي أصابت ساقيها بالوهن..
ومن دون حديث سحب “عبيدة” جواده إلى الصندوق الخلفي، ومن ثم عاد إلى “سالي” يحدجها بأعينٍ تعصف بشراسة، وباتت تلك النظرات القاسية التي ارتسمت على وجهه وكأنها نقشت على حائلٍ صلب.
تحركت “سالي” من أمامه وهي تقول في محاولة منها لإيجاد ملاذٍ مؤقت لحالها من تلك العاصفة التي تنذر بوقوعها عيني منقذها ذات الخطوط الغائرة العميقة : – يُفضِل أن أبقى في الخلف مع العجل.
كان هذا هو الخيار الأمثل بالوقت الحالي، لذا لم يناقشها “عبيدة” وإنما استقل المقعد الأمامي يستعد لقيادة السيارة، صافقاً بابها خلفه بعصبيةٍ مفرطة، وحالما أدار محرك السيارة قفزت بقوة على العشب وهي تأكل الأرض أسفل إطاراتها بقسوة، تتأرجح بحمولتها فوق الطريق الوعر المؤدي إلى المنزل مما ينم عن الحنق الشديد لقائدها.
أخذت “سالي” تهدهد العجل متمتمةً بحنوٍ:
-لا تقلق يا صغيري سيصير كل شيء على أحسن ما يرام.
قالتها وهي تُعدِّل من وضعية العجل بحيث استقر نصفه على فخذها، ولا تعلم ما إذا كانت تقول ذلك لتهدئ هذا المخلوق الصغير أم تربت على روحها لتهدئ من روعِ نفسها.
وما إن وصلت السيارة عند المبنى الرئيسي للمزرعة، وجدت “غانم” ذاك العامل الخاص مزرعتهم ذو الحاسة العجيبة يُقبِل في اتجاههما وبقفزة رشيقة انضم غانم إلى “سالي” بصندوق المقطورة يتفحص الخدوش العميقة الموجودة على طول قوائم العجل.
وحالما رفعه “غانم” عن الصندوق، قفزت “سالي” خلفه تتبعه إلى حيث يذهب، فهي تفضل التواجد في أي مكان بعيداً عن هنا حتى لا تكن مضطرة إلى مواجهة صاحب العينين الزيتونيتين الصارمتين، ولكنه لم يُمَكِّنها من الفرار إذ رفع صوته بالنداء يقول:
-“سالي”!! أرغب في التحدث إليكِ.
لا تدري لِم انتابها الخوف بالرغم من هدوء نبرة صوت “عبيدة” ولكن لم يكن هناك مفر من تلبية ما أراد،
وكانت تلك آخر محاولاتها للهروب إذ أشارت إلى “غانم” الذي أسرع مهرولًا بما يحمله بين يديه حتى يقم بإسعافه، وهي تقول:
-حسناً.. ولكن علي أن أطمئن على ما ستئول إليه حالة العجل.
هز “عبيدة” رأسه برفضٍ، يقول : – لا تقلقي سيهتم “غانم” بأمره.
وعندما فشلت هذه الحجة لتخلصها من خية الاجتماع به؛ لذا قررت أن أفضل وسيلة للدفاع هي الهجوم، فسحبت نفساً عميقاً تستجمع شتات نفسها، ومن ثم أردفت تقول بحدة:
-انصت إلي جيدا يا أستاذ “عبيدة”، لقد خرجت لتوي من مشكلةٍ كبيرة.
-وليس لدي أدنى استعداد للإنصات إلى ما تستعد لتلقيه عليَّ من محاضراتٍ ونصائح.
-جلَّ ما أريده الآن هو الاطمئنان على حالة العجل.
-فالوضع الحالي لا يحتمل أن نفقد أياً من ماشيتنا.
ألقت حديثها دفعة واحدة، ومن ثم والته ظهرها عازمة على الرحيل، ولكنه قبض على ذراعها، جاذبًا إياه ليعيدها إلى مكانها، وهو يقول بغضبٍ:
-قفي مكانكِ واستمعي إلي جيدًا، طريقتكِ هذه أحفظها عن ظهر قلب فلا تستخدميها معي، ولا تظني حالكِ قادرة على أن تلقي هجومكِ وتديرين ظهركِ لي وتنصرفي، وسأسكت وأُسَلِّم بالأمر الواقع.
-أنتِ خرقاء ولا عقل يملأ الهوة التي برأسكِ.
-ألا يكفيكِ ما حدث إلى والدكِ؟! لم تأخذي عظة مما صار معه؟!
-فكري بالأمر.. لو لم يَرْقبكِ “غانم” وأنتِ تمتطين جوادكِ متجهةً إلى المرعى لما علم أحد شيئاً عنكِ، فلو لم يأتيني ويخبرني بمكانكِ لكنتِ الآن في خبر كان.
-أريد سبباً واحدًا يجعلكِ تُقدمين على هذا الفعل الأحمق؟!
-كيف لكِ أن تحاولي أخذ هذا العجل الجريح من أمه، لا وبمفردكِ أيضاً؟!
-ألم تتمكني من إعمال العقل لتُقَدِّري خطورة الموقف؟!
ماجت أوداجها تثور بغضبٍ جامح، وهي تحاول تبرير موقفها، فعقبت تقول بجفاءٍ:
-سببٌ واحد؟! هناك أسبابٌ عدة جعلتني أقوم بذلك يا هذا، أولاً لأن الوليد كان مصاباً بجروحٍ بليغة.
-ثانياً الأم لم تكن في الجوار عندما وصلت إليه وقد تطلب مني الأمر ما يزيد عن نصف ساعة حتى أحل وثاق قيده، وخلال هذه الفترة لم تظهر؛ حتى أنني أعتقدت أنها بقرةٌ صغيرة لا تفهم معنى الأمومة.
-ثالثاً وهو الأهم لا يحق لوغدٍ أيًّا مَن كان أن يمسك يدي بتلك الطريقة، وليس من شأنك تأنيبي على تصرفاتي لا أنت ولا أحداً غيرك.
قالتها وهي تنفض ذراعها من قبضته بحدة وقوة، بينما لمعت عيناه بسرورٍ، وَرَقَّ صوته بحبورٍ إذعانا لثورتها المفاجئة التي قابلته بها، وما زاد من غضبها أنه أثار عجبها عندما عقب بتسليةٍ يقول : – هل ترين أن هذه ألفاظ تليق بفتاةٍ مهذبة مثلكِ؟!
أجابته سالي بصوتٍ أقل حدة، وهي تقول:
-أنا زهرةٌ شائكة كما ذكرت في السابق.
قالتها وهي تميل برأسها إليه ترمقه بنظراتٍ متحدية لعينيه اللتان ارتفع حاجبيهما بتهكمٍ صريح، ولكنه همس قائلاً بشغفٍ : – أتوق لمعرفة ما الذي تخفيه تلك الأشواك.
قالها وبحركةٍ مباغتة امتدت يده سريعاً لتقبض على رسغها، ومن ثم جذبها إليه حتى استقر فمه على وجنتها، وفي محاولةٍ غاضبةٍ منها للمقاومة ارتفعت كلا راحتيها إلى صدره بتلقائية تدفعه بعيداً عنها، ولكن دفء أنفاسه وعمق نظراته جعلت الخدر يسري بكامل جسدها، يسلب إرادتها، قامعاً أي تفكير لها في المقاومة.
وعليه قد لانت ضغطة يدها على صدره العريض ذو العضلات القوية، واليد المقاومة أصبحت مستكشفة، وما كانت تفعله بحدة وجفاء صار يحدث بلينٍ ورقة؛
إذ انتشر بسائر جسدها ضعفٌ ذو مذاقٍ مختلف تشعر به لأول مرة، وهي تسبح في دوامة من المشاعر المبهمة حيث تمنت دوام تلك السعادة ذات الأثر الجديد كي تستمتع بكل لحظة منها.
أصبحت ساقيها كالهلام، وهالت الأرض من تحت أقدامها، وخافقها ما عاد تحت السيطرة إثر شدة الاستجابة لحركته البسيطة تلك، لم يعانقها وإنما اكتفى بتقريبها إليه، شفاهه لم ترطب وجنتها ولكنه جعلها تظن أنه سيفعلها.
فقط أراد أن يرى مدى استجابتها، ويعلمها أنها مهما انتصر عليه بالحديث فهو صاحب الكلمة العليا على لسانها السليط الذي لم يقوى على إطلاق قذيفة واحدة من كلماتها السامة وهي بقربه، وليس لسانها وحسب وإنما كل خلية بجسدها تحت تأثيره الآن.
لا يمكنه إنكار عِظم سطوتها على جوارحه فبعدما رفع يديه عنها شعر بدفئها يغادره، أما عنها فقد سلبها بعده كل ثباتٍ، وأحست بضياعٍ كبير، وهي تحاول أن تبتلع لترطب جفاف حلقها الذي يبس جراء الحرارة التي سرت بأوردتها متدفقة إلى بشرتها لتكسو وجهها بحمرة قانية زادت من تورده،
وعينيها زائغتين تجوب المكان حولها فبالرغم من وقوفهما بمكان محجوب عن الأنظار إلى أنها شعرت بانتفاضة جسدها خوفاً من أن يكن قد رأهما أحد في وضعهما المشين هذا، ولا قدرة لديها لتحديد ما إذا كانت رجفتها تلك هلعاً أم صقيع شملها عقب تحريره لها؟!
أو ربما كلاهما معًا!!
ابتسم “عبيدة” جراء تشتتها الواضح وهو يقول بصوتٍ أجش بينما نزلت كلماته عليها كدلوٍ من الماء البارد : – يمكنني القسم بكل يمين معظم أنكِ نقية لم يمسكِ رجل… لا “غالب” ولا غيره.
-وهذا التقارب البسيط كان أول تجربة لكِ مع الجنس الآخر.
جحظت عينا سالي لوقاحته أكان يضعها تحت الاختبار كتلميذ أجدب، وهو يستمتع بإجراء تجاربه المخزية عليها، ودت لو يمكنها صفعه على وجهه ولكنه لم يجبرها على الاستسلام لدفء جسده هي مَن يقع عليها اللوم كاملاً، فتمتمت تقول بارتباكٍ:
-لِم تقول هذا؟
“عبيدة” بتفسيرٍ : – لأنه إذا كان حدث معكِ ذلك بالسابق، لكان الأمر سيبدو رتيباً، ولن تكون تلك هي حالتكِ.
“سالي” بمراوغةٍ : – ربما خانك حدسك؟
هز “عبيدة” رأسه برفض، يقول بأعين براقة:
-كنت سأكتشف ذلك، كما أن عيناك البريئتان تفضحانكِ وتجزمان بصدق ما أقول.
تحاشت “سالي” النظر إليه، وهي تشعر بالخزي جراء دعوتها له ليستكشف مكنوناتها، وأخذت تؤنب حالها كونها استجابت إليه بكل هذا الاستسلام والضعف.
نظرت “سالي” بداخلها وقد ألمها ذاك العقل الباطن الذي يبكي بحرقةٍ في إحدى زوايا أغوارها، فأرادت أن تصفعه كلماتها ما دام ما فعله تحت وطئت هواجسه ب”غالب”، لا لأنه شعر أمامها بالضعف كما حدث معها؛ لذا أردفت تقول : – من حسن حظك أن “غالب” لم يرى ما فعلته.
رفع “عبيدة” حاجبه بتهكمٍ، يقول : – ربما أنتِ مَن يحالفها الحظ، ما فعلته كان شيء متبادل يا “سالي”.
جزت على أنيابها بضيقٍ، وقد تفاقم غضبها وراودها خليط من الأحاسيس المضطربة فلم تعي ما إذا كانت قد أحبت إحساسها وهي بين ذراعيه أم باتت تمقت هذا الشعور وتود أن تركله بركبتها ما بين ساقيه؟!
ثوان واجهته بِحيرةٍ، ومن ثم اعتمدت طريقة أخرى غير الهجوم وهي الطريقة الوحيدة التي تتناسب مع هذا الموقف، فمزيدٍ من الحماقة سيكلفها الكثير، وربما زادت من هدر كرامتها لذا لاذت بالفرار، وتبعتها ابتسامةٌ واسعة ارتسمت على ثغره كلها شعور بالنصر.
جلدت “سالي” حالها كثيراً وهي تشعر بالدونية، مقرة بأنها لن تسمح لمشاعرها بالانجراف نحوه وستوقف سيل انجذابها له حتى لا تقع في حبه، وهذا من المتوقع حدوثه إذا لم تتخذ حذرها.
تمتمت “سالي” بداخلها : – حاذري ولن يحدث ما تخشينه.
مر الوقت بتثاقل على أبطال روايتنا بحيث بات بعضهما في تخبطٍ لا يعلم حقيقة شعوره گ”نوران” و”سالي”، وآخرون مشغفون گ “عبيدة” و”غالب”، بينما “عمران” فقد حملته السعادة على جناحيها بعد أعظم ما حققه من انتصاراتٍ.
كانت “نادين” تتقلب بفراشها، تشعر بخزي ما فعلت أو ما اضطرت لفعله، وهي تدعو على “عماد” بأن يُسحق قبره بدشمةٍ من المفرقعات ترسله تواً إلى جهنم من دون حساب هو وذاك الاستغلالي الذي جاءهم على العشاء كي يتفاوض على المزرعة ولم يكن دينه للبغيض “عماد” يشمل المزرعة فحسب.
وإنما المجحوم بأمر الله استغل معرفته بحكم المحكمة بالوصاية ل”نادين” على كل ما يخص “نوران”.
وبموجب التوكيل الرسمي العام الذي حررته “نادين” ل”عماد” فقد استخدمه هذا الخسيس في توقيع رهنية الشقة والسيارة اللتان آلت ملكيتهما ل”نوران” بعد وفاة “نادين” بسند بيع مشروط إلى هذا المتبجح الذي عقد معه “عمران” جلسةً مغلقة بمكتبه في وجود “نادين”.
كان هذا الضيف الثقيل يجالسهما واضعا ساقاً فوق الأخرى، يحدثهما بكل ثباتٍ وثقة، بادئاً عريضته بأنه لم يظهر كل هذه الفترة حتى تنتهي مهلة الرهنية ويمكنه أخذ ما رُهِن له بوضع اليد ما دام لم يتم سداد الدين في الفترة المحددة.
كادت “نادين” أن تشق ثيابها من عار ما فعلت فقد سلمت زمام أمورها هي وابنتها إلى شخص لا يمت للرجولة والإنسانية بصلة، وزاد هلعها عندما استدعى “عمران” محامي العائلة الذي أقر بأحقية الدائن في البيت والمزرعة والسيارة ولكن لحسن الحظ أن “نوران” صعدت إلى الغرفة التي تقيمان فيها بقصر السوالمي فور انتهاء العشاء، والآن لا تعلم “نادين” كيف ستخبرها بالوضع!!
أما مَن يتسطح على فراشه ولا يكاد يتوقف هادره عن النبض، ولم تكف البسمة من الارتسام على شفاهه حتى وإن شعر بحقارة استغلاله للموقف، فبعد أن فاجئهم المحامي بسلامة موقف الدائن، دعى “عمران” ابنة عمه “نادين” للحديث على انفراد وكان هذا ما دار في الغرفة المجاورة للمكتب.
“نادين” بخزي، وأعينها تتوسله كي يجد لها حلاً ينقذها من هذه الورطة الكبرى : – ما العمل الآن يا “عمران”؟ افتني بالله عليك، لقد توقف عقلي عن العمل.
جلس “عمران” على المقعد المقابل لها بتهدلٍ، يتصنع الحزن الشديد، وهو يقول بقلة حيلة:
-تطلبين مشورتي الآن بعد خراب مالطا!!
-ظننت أنه ربما يكون لديكِ حل، لذا طلبت الحديث معكِ لحالنا كي نرتب سوياً ما سيخرج من يدكِ لتفعليه.
ألقت “نادين” بحمل جسدها على المقعد الذي خلفها، تقول بيأسٍ : – لي فترة منذ أن علمت بالأمر وأنا أُقَلِّب تلك المعضلة برأسي ولم أتوصل إلى نتيجة.
“عمران” بمكرٍ : – وكيف سيكون الحال الآن؟!
-بالنسبة للسكن لا تعتلين همه يمكنكما المكوث أنتِ و”نوران” عندي حتى تتمكني من تدبير سكنٍ.
“نادين” بخجلٍ : – أشكرك بالطبع، ولكن كيف سأتمكن من تأمين سكن وقد ذهب كل ما امتلكه في مهب الريح؟!
“عمران” بدهشةٍ مفتعلة : – لا أموال في البنك؟!
هزت “نادين” رأسها بالنفي مطرقةً إياها أرضًا؛ فافتر ثغره بابتسامةٍ خبيثة أسرع في وئدها حالما رفعت بصرها إليه، تقول بحسرةٍ:
-يبدو أنني انتهيتُ؟
أومأ “عمران” بالإيجاب، يرسم الحزن ببراعة، يقول بآسى : – للأسف.
ترى ما هي خطة “عمران”؟
وكيف ستكون العلاقة بين “عبيدة” و”سالي” بعد ما جرى بينهما؟
واحتسب عناق بقلم الأسطورة أسماء حميدة
👇
عااااااااش