رواية واحتسب عناق بقلم الأسطورة أسماء حميدة الفصل 48

الرواية حصري على موقع مجلة الأسطورة، ممنوع النسخ نظراً لحقوق الملكية الفكرية

جحظت عينا “نوران” برعب عندما شعرت بمهاجمها يحكم حصاره حولها، يقودها إلى الزاوية، بينما المستشاط غيرة همس إلى جانب مسامعها يقول آمراً : – كفي عن الحراك.

أخذت تزمجر باعتراض، وهي غير قادرة على التحدث بسبب كفه المطبق على ثغرها، ولم يمتثل “عمران” لنظراتها المتوسلة عندما التف رأسها إليه بشكل جانبي، وإذا به يدخل بها إلى مكتبه صافقاً الباب خلفهما بعد أن ركله بقدمه، يحط بجسدها أرضاً، فاستدارت ترمقه بحنق، تصيح بغضب جم : – وربك لقد فقدت صوابك على الأخير!!

قالتها وهي تتراجع خطواتين إلى الخلف باتجاه الباب الذي غُلِق منذ قليل، متخذة حذرها فهيئته لا تبشر بالخير على الإطلاق، وما زاد الأمر سوءاً ما عقبت به تواً، ولكنه لم يدعها تستمتع بمأمنها إذ قطع تلك المسافة الفاصلة بينهما في خطوة واحدة يأكل الأرض أسفله كالنار في الهشيم.

همت تواليه ظهرها، تخطط للهروب، فإذا به يقبض على ذراعها بقوة آلمتها، يشد عليه بحدة مجبرا إياها على مواجهته يقول باستنكار : -أجل لقد أفقدتني صوابي بالفعل، ولكن هل يضايقك إذا اخبرتيني إلى أين أنت ذاهبة  بهيئتك تلك؟!.

زوت “نوران” ما بين حاجبيها بدهشة تقول بعدم استدراك، محاولة التحكم بحالها لا إلا تصرخ من شدة الوجع بسبب ضغط أطراف أنامله على بشرتها حتى شعرت بأن أصابعه قد نفذت إلى عظامها : – ما بها هيئتي؟!

ارتسمت على شفاهه بسمة جانبية ساخرة، يقول من بين شفاهه المزمومة : – وماذا عن ذراعيك السافرتين؟!

قالها وهو يكف يده عنها، فرفعت راحتها الأخرى تمسد موضع قبضته، خافضة رأسها، شاهقة بنزق؛ عندما رأت تلك الآثار التي خلَّفتها أصابعه على بشرتها، تقول بامتعاض : – اللعنة!! كيف سأخرج إلى الضيوف بهذا الشكل؟!

دنى، فتراجعت، وسبة اعتراض نبست بها شفاهها؛ حالما اصطدم ظهرها بالباب، ليرفع “عمران” ذراعيه يستند بكلا راحتيه إلى حلقي الباب وهو يرمقها بتسلية، يقول : – ومن قال أنني سأسمح لك بالخروج إليهم بهذا الثوب مرة أخرى ملاكي؟!

مال رأسها إلى جانب واحد، تناظره بحاجب مرفوع، تسأله بتهكم : – بأي صفة؟!

اقترب يهمس بأذنها، متمتماً : – اعتبريها تحكماتٍ، بل أمر غير قابلٍ للنقاش.

رفعت راحتيها تحاول ردعه عنها، دافعة إياه بنفور مصطنع، فقربه جعلها على استعداد لتنفيذ ما قد يأمرها به دون تفكير، ولكن ضاعت محاولاتها هباءً؛ فهو لم يتزحزح من أمامها ولو بقدر إنش واحد بل ظلت أنفاسه العطرة الدافئة تداعب جانب وجهها ويديها المستقرتين على صدره المعضل تشعر بهدر خافقه الذي يتسابق مع وقع نابضها المتعالية ضرباته.

أسبلت أهدابها تستمتع بتلك اللحظة، فعلى أية حال هو حلالها.

وحاله لم يكن أفضل منها إذ ضغط جفنيه بقوة محاولاً إستعادة رباطة جأشه ولكن هيهات فصغيرته قد دمرت كل ذرة ثبات، همس يقول بوله : – أنت دافئة ومثيرة نوري.

همهمت وهي مغيبة، فأضاف : – الرابطة بيننا أبعد ما يكون عن ذكر الصفات، أنت لي.

أفرجت عن أهدابها بترو، وقد لامس اليأس بصوته وتر حساس بعاطفتها الأنثوية التي دوماً ما تشعر باكتمالها في حضرته، فعلت راحة يمينها تتلمس ذقنه النامية شعيراتها برقة، تقول بتساؤل : – وما دمت تقول أنني مهمة بالنسبة إليك، لم تعاملني بمثل هذه القسوة؟!

تنهد بشوق يقول : – عن أي قسوة تتحدثين؟! “عمران السوالمي” ضائع بك!!
-قربكِ لعنة “نوري”، لعنة أود الخلاص منها، ولكن يبدو أنني فشلت.

رمقته بحسرة : – إلى هذا الحد لا ترغب في وجودي؟!

نفى على الفور : – كلا… لا أرغب بهذا… حتى عندما قررت ذلك.. لم يطاوعني هذا المتمرد.

قالها وهو يرفع يده مثقلا ظهر راحتها يسدل كفيهما المعقودين معاً، يضغط يدها الصغيرة على صدره جهة اليسار، مستكملا : – هذا هو حاله عند أي اتصال بيننا أكان عن قرب أو كنتِ على بعد أميال.

ازدانت وجنتيها بحمرة الخجل وهي تبتسم بتردد، تقول بدلال : – الضيوف يا كبير السوالمية؟! هذا لا يصح!! يجب أن نخرج إليهم قبل أن يتسائلوا عن غيابنا.

“عمران” بلوعة : – فليذهب العالم دونك إلى الجحيم، أريد أن أشعر بك الآن، ولا حيلة لي في كبح رغبتي هذه، دعينا نجرب؟

شهقت بحرج، وهي تحدق به وعلى ما يبدو أن كبير ناسه قد خرج عن نطاق السيطرة، إذ من الواضح أنه جادٌ فيما يقول، وأكد حدسها ذاك البريق المطل برماديتيه الذي شعّ وهجه على ملامح وجهه وهو يحثها : – لا تخجلي صغيرتي، عيناك تطالب بالوصال.

لوت “نوران” ثغرها، تقول بتشدق فها قد عاد إلى عنجهيته : – أحقاً؟! على ما يبدو أنك واهمٌ أيها المغرور!!

أومأ بالإيجاب يقول بثقة استمدها من هيمنته الملحوظة، فجسدها يرتجف باستجابة تنكرها، يعلم أن ما بها أبعد ما يكون عن العوف، إنها تشتاقه كما هو الآن.

“عمران” بثبات : – أخشى أن تكوني مضطرة إلى تنفيذ رغبتي؟

“نوران” بتعاطف زائف، تقول بعناد وكبريائها المجروح هو ما يجيب بلسان حالها فقد نفرها بالأمس عندما كانت بحاجته، بل وسدد إليها لكمة قاسية بمنتصف جبهة عوزها إلى دفء ذراعيه : – مسكين “موري”!! أتعتقد أني أتوق إلى معاودة التجربة؟! حالتك تصعب على الكافر يا صديقي!!

أفرج عن أسر يدها وهو يحط بيده على خصرها يحاوطه جاذباً جسدها إليه بخشونة، وتعاليها قد أثار سخطه، يقول بهزىءٍ : – أنا واثق مما أقول، بل أراهن بأنك تحترقين توقاً ولهفة.

ارتسم الذعر على معالم وجهها وهي تقول بقوة واهية : – دعني “عمران”.

“عمران” بتحدي : – وإلا؟

“نوران” متجاهلة سؤاله، تقول بحنق : – قلت دعني، بل وعليك أن تعتذر أيها الهمجي.

“عمران” بصدمة مصطنعة : – أوه!! أعتذر؟! هذا أمر يحتاج إلى رجل شجاعٍ للغاية ملاكي!!

“نوران” بتبرم : – أليس هذا ما تدعيه؟!

ضغط “عمران” على شفته السفلى بوقاحة مردفاً، وعيناه تتشرب ملامحها بإفتتانٍ، بدايةً من زرقاويتيها الساحرتين، وجنتيها المصطبغتين باللون الوردي، هبوطاً إلى أنفها الصغير المنمق، وجمرتي النار اللتين يتطلع هذا العاشق لسلب دفئهما إذ ارتكزت نظراته على شفاهها الممتلئة يتأملهما باشتهاء،
يقول : – ألستِ من يصفني دوماً بالهمجي؟!

  • اضيفي إلى نعوتكِ “الصفيق” أيضاً، فكلمة اعتذار لم تُدرج بقاموس ثقافتي، ولا علاقة لها كوني على قدر من الشجاعة مما يجعلني أتذوق حمرة شفاهكِ وأمام الجميع.

“نوران” بغيظ، وهي تصر على أنيابها : – أتعلم لم أكن على دراية بمدى صحة هذا النعت.. ولكنني بت على يقين بأنه اللقب الأمثل لتصرفاتك الرعناء.. وسآخذ بنصيحتك وأعتمد أيضاً لقب الصفيق هذا، فأنت لم تتلقى ساعة تربية أيها الوقح.

اندلعت نيران غضبه من سلاطة لسانها، وهو يزم شفاهه قائلاً باستنكار : – أخطأتِ في التوقيت صغيرتي لتعبثي مع كبير ناسه كما تقولين، وهذا يحتم علي أن ألقنكِ درساً كي تبدي بعض الاحترام لمَن هم أكبر سناً منكِ.

قالها وأصابع يساره تعبث برباط شعرها، تغوص ما بين خصلاته، وهو يشدد من حصار يمينه حول خصرها يلصق جسدها به، وسخطه مما تبديه من تبجح عمته عما بها من هلعٍ، متجاهلاً تلك العبرات التي ترقرقت بمقلتيها، وهو يثبت رأسها، يميل بخاصته إليها ممرراً لسانه على شفتيه وبات عقله مغيباً على الأخير.

تمتمت “نوران” بضعفٍ تلومه : – “عمران” لقد وعدتني أنك ستعتني بي.

“عمران” بصدق حتى وإذا لم يكن قادراً على التحكم بعنفوانه، هامساً : – هذا ما أحاول فعله “نوري”، لا تبخلي صغيرتي ولن أتجاوز، صدقيني.

صم أذنيه عن توسلاتها، وهي تزجره قائلة : – ابتعد عني أنا أمقتك، ولا تتوقع أنني سأجعلك تتمادى معي وتستغلني.

وإذا بها…….

👇

الفصل التاسع والأربعون

1 فكرة عن “رواية واحتسب عناق بقلم الأسطورة أسماء حميدة الفصل 48”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top