اقتباس 1
انتفضت بفزع عندما أحست بذراع تحاوط خصرها و يد تكمم فمها و أحدهم يسحبها أسفل جذع الشجرة التي كانت قد تسلقتها منذ ساعة لتتمكن من مراقبة هذا الوقح ريان.
وذلك عندما رفض بكل عجرفة أن تلتقط له صورة لتزين مقالها الذي أراد زين أن تكتبه عنه مع بعض الأخبار عن أسباب اعتزاله الكتابة وتفرغه لحياة المال و الأعمال .
أدارها هذا الشخص بين يديه كدمية و هي مغمضة العينين تفتح عينيها ببطئ لتقابل عينين تشتعلان بالغضب و هو يطالعها بمزيج من الحنق و السخرية.
ولكن سرعان ما تحولت النظرات الساخطة لهاتين العينين إلى نظرات عابثة تتفحص جسدها بجرأة و صدرها يعلو و يهبط من شدة الخوف .
رفع إحدى يديه يستشعر بظهر راحتها ملمس بشرة وجهها التي تبدو كبشرة الأطفال، و هو مغيب من جمال عينيها الزقاوين.
وعندما ارتجفت شفتيها الكرزية و آاااه من كرزيتها ابتلع ريان رمقه، يبلل شفتيه بتلذذ، وهو يتخيل مذاقهما؛ فانتفض عرقه النابض بجانب شفتيه من ثورة مشاعره .
وما إن استشعرت وعد أنفاسه الحارة التي لامست وجنتيها حتى انتبهت على حالها تنفض يده عنها.
مبتعدة خطوة إلى الخلف حتى كادت أن تتعثر لولا أنه جذبها من ذراعها لتصطدم بصدره العريض، تستند بكلا راحتيها إلى دفء صدره العاري فتشابكت النظرات.
تتمتم بهمس: اللهم ما اخذيك يا شوشو يخرب بيت جمال أمك.
اقتباس 2
كانت همس تتطلع إلى شاشة هاتفها بعدما ولجت لمدخل هذا المنزل القديم، وهي ترغب في أن تستند بظهرها على أعلى جدار الدرج من شدة التعب.
وأثناء رجوعها إلى الخلف التوى كاحلها أثر ملامسة إحدى قدميها لدرجة من درجات السلم قد تآكلتها الرطوبة.
فإختل توازنها، ودار بعقلها العديد من السيناريوهات أقلها ضررٱ أن تسقط من أعلى الدرج فتصاب إصابة بالغة في رأسها أو بعمودها الفقاري أثر وقوعها على ظهرها.
أو ربما النهاية وتبتلعها دوامة الموت، ففي جميع الأحوال لن يحدث لها أسوء مما هي فيه.
رفعت همس كلا راحتيها لا إرادياً إلى وجهها تغطي عينيها، وخرجت من جوفها شهقة ليست خوفٱ لكن استعدادٱ لما هو قادم .
واحد . إثنان . ثلاثة .
ما هذا ألم يكن من المفروض أن يرتطم جسدها الغض بالأرض و ينتهي الأمر؟!
لكن عوضا عن هذا أحست بجسدها معلقٱ في الهواء .
لحظة ! لقد رفعت كفيها عن وجهها ولكنها ما زالت مغمضة العينين رفرفت أهدابها تحاول تقصي الأمر ولكن حال دون ذلك انخفاض الإضاءة في هذه المنطقة موقع الحادث.
حادث!! أي حادث !
أخذت تتلمس بيدها ما يطوق أسفل أردفها و خصرها !
لا! هذين ذراعين أم أنها تتوهم!!
جحظت أعينها بذعر حتى كادت أن تقفز من محجريهما، وهي تنظر لمن تلقاها بين ذراعيه.
فنطق صوتٱ بجانب أذنها أنفاسه تحرق صفحة وجهها، قائلا :
-يا بركة دعاكي يا أماه.
-اللهم صلي على النبي ، السما بتمطر نسوان .
همس برعب : أنت أتجننت ؟! أنت إزاي حضني كده ؟!
مصطفى بوقاحة :إيه ده هو اتحسب حضن؟!
ضغط بيده على اردافها بخبث، مستكملا ببراءة :
-ده يدوبك لامسة يد ، الحكم ده قابض على فكرة!!
“أنا رأيي كأسماء يعني🤨 ده ما شافش بربع جنيه تربية على رأي نوجا 😂” .
ارتجف جسد همس عندما ضغط على ……. وزادت عيناها إتساعا، إذ انعقد لسانها .
مصطفى : اظبطي كده في إيه مالك ؟ أنا بردو اللي حضنك و لا أنت اللي اتحدفتي علينا ..
كانت تهم بالصراخ و لكن استرعى انتباهها كلمته الأخيرة (علينا ) .
البارت_الأول
روايةوعدريان
الأسطورةأسماءحميدة
💞💞💞💞
في حي راقي من أحياء القاهرة.
تتسلل أشعة الشمس من نافذة إحدى الغرف لتداعب أهداب عينين زرقاويتين فتتململت صاحبتها لتضع كفها في محاولة لمنع وصول أشعة الشمس لها .
طرق على باب الغرفة لتنتبه وعد، فاستقامت بجذعها سامحة للطارق بالدخول، وما هي إلا مربيتها السيدة نجوى و التي تدعوها وعد بأمي أو نوجة.
هي تلك الرءوم التي عملت على رعايتها وتربيتها هي وأختها همس منذ أن كانت في الثانية عشر من عمرها وطالما أحست معها بحنان الأم الذي حرمت منه وهي فتاة صغيرة .
وما إن ولجت السيدة نجوى غرفة وعد حتى أشرق وجه من كانت غافية ببسمة بشوشة لهذه السيدة الحنونة.
وعد : أحلى صباح لأحلى نوجة.
نجوى : صباح النور للبكاشة الكبيرة، يله عشان تفطري قبل ما تنزلي.
وعد : الحج صحى يا نوجة ؟
ضربت نجوى على صدرها بحركة شعبية تنم عن دهشتها و استيائها.
نجوى : عزام بيه بقى الحج ،آه لو سمعك .
وأكملت نجوى هامسة : ده عمره ما ركعها.
زجرتها وعد : بتقولي حاجة يا نوجة.
اقتربت منها نجوى تمسكها من أذنها.
نجوى : بقى البيه صارف، ومدارس خاصة وبتاع، وكلية إعلام.
-وتقولي الحج إنما أنا بكلم مين!
-معرفش أنت مش زي هموسة أختك رقة، ودلع، والصرف باين، إنما أنت !!!!
وعد و هي تحاول تخليص أذنها من قبضة نجوى.
وعد : الله بقى يا نوجة ما لازم يعني أنشف كده شوية.
-أمال أنت عايزاني أطلع نايتي و صايصة .
دارت عينا نجوى في محجريهما قائلة : صايصة ، أنت يا بنتي بتجيبي الكلام ده منين ؟
عزام من الخارج : وعد، همس يله يا حبايب بابي نفطر سوى قبل ما أنزل الشركة.
وعد من غرفتها : اوكي بابي.
نجوى بتشدق: أوكي بابي!!
-امال مين الحج اللي كنتي بتقولي عليه من شوية يا صايصة؟!
أسرعت وعد تضع يدها على فم نجوى.
وعد : بس، بس هتفضحينا.
فتحت نجوى باب غرفة وعد و خرجت ووعد خلفها في نفس اللحظة التي انفتح بها باب غرفة همس.
همس لنجوى : جود مورنينج مامي.
نجوى : جود مورنينج وعد .
نجوى : صباح الخير يا بنتي .
وعد : جود مورنينج يا نايتي .
همس : وات ؟
وعد : جود مورنينج همس.
توجهت الفتيات إلى غرفة الطعام، تنضما إلى والدهما.
همس : جود مورنينج بابي.
عزام : جود مورنينج سويتي.
وعد : صباح الخير يا حتة.
عزام بذهول : حتة !
همس بفضول واستغراب : وعد، وعد إيه حتة دي ؟
وعد بتصويب : سوري يا حج، قصدي يا حتة من قلبي.
نظرات استياء موجهة من عينين مشمئزة مستاءة ومن غيره الملياردير عزام وحسرته على سوء تربية ابنته التي خالطت الغوغائين فاضت بها مقلتيه إذ تتقمص طفلته دور الولد متلبسة رداء البلطجة.
نظرت وعد لنجوى هامسة : طينتها صح ؟
عزام بصدمة : حتة و حج و طينتها!
ومن ثم أشار إليها بدونية، قائلاً بحنق :
-اسكتي خالص.
-الشئ ده كل ما يتكلم ضغطي بيعلى.
وعد مشيرة إلى نفسها باستغراب معقبة :
-أنا يا بركة!!
استقامت همس من مقعدها، وهذا الجدال والصدام الفكري بين شقيقتها ووالدها بات شيء معاد كلما اجتمعا كلاهما في مكان واحد.
التقطت همس على استعجال قطعة توست تضع عليها بعضا من المربى بطرف السكين في ارستقراطية، و تدسها في فمها تلوكها بروية ورقة.
همس بعد أن ابتلعت ما بفمها :
-بابي ممكن الكريدت كنت عاوزة اشتري شوية حاجات محتاجها.
دس عزام عزام يده في جيب سترته يخرج إحدى البطاقات الائتمانية، يناولها إياها، قائلاً بنبرة مناقضة لما كان يحدث بها وعد مبتسما لرقة وعذوبة صغيرته :
-اتفضلي يا قلب بابي.
طبعت همس قبلة رقيقة على خده قائلة:
-ميرسي داد .
عزام موجها حديثه إلى تلك المصيبة، قائلاً :
-وأنت يا وعد مش عاوزة حاجة ؟
وعد باندفاع :
-لا يا عمهم ،خيرك سابق.
هز عزام رأسه بيأس منها في حركة توحي بتقززه من لغتها البذيئة من وجهة نظره.
ومن ثم التقط المحرمة الموجودة إلى جانب طبقه على الطاولة يمسح بها يده، ملقيا سلام عابر، وقادته خطواته إلى خارج الفيلا، مستقلٱ سيارته قاصدا الشركة.
عندما دخل عزام إلى شركته وجد حالة من الهرج و المرج وأحد أفراد الأمن يهرع تجاهه في لهاث.
مسئول الأمن :
-عزام بيه ،في قوة من الأموال العامة في مكتب سيادتك، وطلبت من الموظفين إخلاء المقر.
وضع عزام يده على صدره وقد غامت عيناه من هول ما سمع فمن يعلق مع الأموال العامة لا نجاة له ولا منقذ، وفي لحظة مادت به الأرض فاقدا الوعي، وتم نقله إلى المشفى.
أمام غرفة العناية المركزة تقف كلٱ من وعد وهمس في حالة يرثى لها، ومعهم طاهر صديق والدهما ينتظرون خروج أحد من هذا الباب الموصود على من بالداخل؛ ليطمئنهم على حالة عزام.
وعد بعيون حمراء من شدة البكاء على آل إليه والدها، فطالما كان أبٱ حنونٱ حتى أنه رفض الزواج بعد وفاة والدتهما، حتى لا تعاني قرة عينيه من زوجة أب قد تكون قاسية بلا رحمة، وإنما اكتفى بذكرى زوجته عن جميع النساء.
وعد باكية : عمو طاهر ،ايه اللي حصل ده ؟
طاهر : والله يا وعد ، يابنتي أنا كنت في شركتي ولقيت زين بيتصل بيا و قالي الخبر.
-وإن عزام كانت الأموال العامة حطين عينهم عليه من زمان و اكتشفوا تلاعب في الضرايب، واختلاسات في مناقصات كان والدك متعاقد مع الحكومة عليها.
-ولما اكتملت الأدلة تم إصدار أمر بوضع جميع أموال و ممتلكات والدك تحت الحراسة بما فيهم الڤيلا، حتى العربيات بتاعتك أنت وهمس.
-ووقفوا كل بطاقات الأئتمان بتاعت والدك وبتاعتكوا أنتوا كمان.
في آخر الردهة المتواجد بها غرفة العمليات أتى زين ابن طاهر مهرولا بلهفة زائفة.
زين :
-بابا، عمو عزام أخباره ايه ؟
طاهر :
-والله يا بني مفيش حد عاوز يقولنا حاجة.
نظر زين إلى وعد و همس قائلاً :
-ربنا يطمنا عليه.
جذب زين ذراع والده مبتعدٱ به عنهما.
زين قائلاً وهو يزم شفتيه باستياء :
-أنت ايه اللي جابك يا بابا ؟
-إحنا مش قد اللطة دي.
-أموال عامة، ونائب عام، وليلة كبيرة، و إحنا ناس راس مالنا سمعتنا.
-وشوية و هتلاقي الدنيا مقلوبة، صحافة، وقصة.
انعقد جبين طاهر بعبوس، متسائلا :
-أنت شايف ايه يا زين ؟
زين بإبتسامة ماكرة :
-هي دي فيها كلام يا والدي اخلع فوراً.
-أقولك أنا هخلعك بالطريقة، و شوية وهحصلك.
“أنا كأسماء 🤦♀️: يا مان وااااطي أنت🙃”
اقترب طاهر و زين من الفتاتين وبعد لحظات.
زين ببر زائف :
-بابا أنت واقف من بدري، روح أنت وأنا هستنى مع وعد و همس لغاية ما نطمن على عمو عزام.
في تلك الأثناء رن هاتف وعد بإسم نجوى.
نجوى بنبرة مشغوفة :
-وعد يا بنتي أنت فين ؟
-باتصل على تليفون عزام بيه مقفول.
-وفيه ظباط جم هنا، وطلبوا مني و من كل الشغالين إننا نخلي الڤيلا !
وعد بصوت متحشرج من البكاء :
-ايوه يا ماما نجوى، سيبوا البيت.
نجوى:
-أنت فين يا وعد؟! ومال صوتك؟!
وعد :
-إحنا مع بابا في مستشفى ……..
ضربة نجوى على صدرها بتفاجئ ولا تعلم ماذا يحدث وكيف ينهار كيان كهذا بين يوم وليلة بل في لحظة :
-أنا جيه حالٱ.
أغلقت وعد الهاتف و إقتربت من همس تجذبها إلى ذراعيها تواسيها وتواسي حالها.
انتهى الفصل.
وعد ريان بقلم #الأسطورةأسماءحميدة .
وعد ريان بقلم الكاتبة أسماء حميدة .
البارت الثاني
في المستشفى.
بعد حوار زين مع طاهر و إغلاق نجوى المكالمة مع وعد انصرف طاهر بعد نصيحة ابنه زين بالتخلي عن ابنتي صديقه عزام الذي يرقد جسده على أحد أسرة العناية المركزة بين الحياة و الموت و طاهر و زين على أتم العلم بأن هاتين الفتاتين ليس لهما بعد الله غير الذي يرقد جسده متصلٱ بالأسلاك خلف الباب الزجاجي لا حول له و لا قوة .
و ذلك التخلي من أجل هدف أسمى من وجهة نظر الاثنين ألا و هو أن لا دخل لهم بمعركة لا ناقة لهم فيها و لا شاه .
في هذه الأثناء كانت نجوى تتجه صوب من تعتبرهما بناتها و لم تتخلى عنهما كما فعل طاهر رغم فقرها إلا أنها أبت أن تتركهما لمصير مجهول هي الآخرى لا تعلم عن هذا المصير شيئٱ .
اقتربت نجوى من همس و وعد فاتحة ذراعيها حاضنة الاثنتين مقبلة أعلى روؤسهما و عينيها تفيض دمعٱمن الحالة التي وجدتهما عليها و بعد لحظات رفعت رأسها لتسأل أكثرهما تماسكٱ : ايه اللي حصل يا وعد يا بنتي و الظباط اللي هناك مشوا الناس اللي في الڤيلا ليه ؟
وعد و الدموع تنهمر من فيروزيتيها على خديها بحرقة : معرفش . معرفش يا ماما نجوى ، كل حاجة حصلت بسرعة ، لقيت عمو حسن السواق بيتصل بيا و بيقولي أن بابي أغم عليه و نقلوه المستشفى ، و لما جه عمو طاهر قالي أن بابي متورط في حاجات في المناقصات بتاعته و حاجات تانية ما فهمتهاش ، مركزتش يا ماما ، كل اللي فهمته إن النائب العام حط كل أموالنا و ممتلكاتنا تحت الحراسة .
استكملت بتيه : أنا مش عارفة حتى هدفع تكاليف المستشفى منين ؟
اقترب زين قائلا : كده يا وعد امال أنا هنا بعمل ايه ؟
أجابته وعد و الحرج يبدو على محياها : و أنت ذنبك ايه بس يا زين ؟ أنا لا يمكن أسمح بحاجة زي كده .
و في هذه الأثناء كعادة لأي مشفى خاص اقتربت إحدى الممرضات من هذا الجمع .
الممرضة : طالبنكوا في الاستعلامات تحت .
هرولت وعد و خلفها زين متوجهان نحو مكتب الاستعلامات .
الموظف :آسفين يا فندم ، مطلوب مبلغ تحت الحساب لأن الفيزا اللي حضرتك عطيتيهالنا موقوفة .
أظلمت الدنيا أمامها فهذا ما كانت تخشاه و بتلقائية اتجهت يديها نحو السلسال المطوق لعنقها المرمري و سوارها تخلعهما .
قبضت يد زين على أصابعها .
زين : أنا هسيب لهم مبلغ تحت الحساب .
وعد بكبرياء : لا يا زين مش هينفع .
ناظرها موظف الاستقبال بأستغراب فتخضب وجهها بحمرة البكاء و الاحراج فتنحنحت وعد : زين لو فعلا هتساعدني في المشكلة اللي أنا فيها لازم اكتب لك شيك أو إيصال أمانة يضمن لك حقك .
التمعت أعين زين بالمكر قائلٱ بتخاذل : خلاص يا وعد مش لازم .
وعد : ارجوك يا زين متحرجنيش أكتر من كده و أنا هحاول في اقرب وقت اتصرف و أردهملك .
زين : خلاص يا وعد طالما مصممة .
ناولها زين قلم و انتزع أحد ايصالات الأمانة من دفتره الذي يحمله مع دفتر الشيكات و بجرة قلم وضعت رقبتها تحت سيف هذا الدنيء و هو أكثر من مرحب .
استأذن زين بعد ترك شيك في الاستعلامات كدفعة تحت الحساب مع وعد بالقدوم لزيارة عزام مرة أخرى.
بعد ساعتين خرجت إحدى ممرضات العناية مهرولة في الردهة تستدعي أحد الأطباء المسئولين عن الرعاية المركزة وخلفها همس و نجوى أما وعد بخطى مرتعدة و أقدام متيبسة توجهت ببطئ ناحية الباب الزجاجي لغرفة العناية و جدت جهاز القلب قد توقف .
و بلحظة كان يمر أمامها شريط من الذكريات لها و لوالدها و أختها و والدتها المتوفاة خرجت منها آه مكتومة وهي تضع يدها على شفتيها المرتجفتان و شلالٱ من الدموع يعرف طريقه على وجنتيها .
في حين أتى طبيب العناية مسرعٱ يستخدم جهاز الصدمات الكهربائي و هناك ثلاثة أزواج من العيون تراقبه عن كثب .
الطبيب لطاقم التمريض : واحد.. إتنين….تلاتة….
كان يعلو مع صوت الطبيب صوت أزيز جهاز الصدمات و لكن دون جدوى.
تماسكي يا وعد هذا ما حدثت به نفسها .
أخرجها من صدمتها و صمتها صرخة مدوية خرجت من نجوى مع صوت ارتطام شئ بالأرض : الحقيني يا وعد .
وما كان صوت الارتطام سوى جسد همس و هي تفترش الأرض فاقدة الوعي تدافع إليها إثنان من أفراد التمريض وتم نقلها للغرفة المجاورة مع شرح الطبيب لحالتها : عندها صدمة عصبية و أنا عطيتها مهدئ و إن شاء الله هتفوق كمان ساعتين .
توجهت وعد إلى نجوى في محاولة منها للثبات فما هو آتي يشيب له شعر الرأس : ماما نجوى،اول ما تفوق همس خديها و امشي من هنا بسرعة ،شوية و خبر الوفاة هيتسرب و البوليس و الصحافة هيملوا المستشفى.
…………………………..
وعد ريان بقلمي أسماء حميدة .
بعد اسبوع في الإسكندرية .
رن هاتف مصطفى برقم والدته فأجاب على الفور .
مصطفى : ست الحبايب اللي غايبة و قاطعة بيا .
نجوى : قلب امك ، بص يا درش انزل قوام الشقة اللي في البدروم و طلع منها السرير اللي تحت عشان تنصبه جمب السرير اللي في اوضتك فوق .
مصطفى : خير يا أماه انت هتأجري الاوضة بتاعتي للطلبة و لا ايه بقى كده يانبع الحنان طمعتي في اوضتي .
نجوى : لا والله ، ياحبيبي مش القصد .
مصطفى : بااااس يبقى هتجوزني شوفي و أنا اللي دماغي راحت، يله انا اللي مفيش سلكان بس يا أماه السرير اللي تحت ده مش هيستحمل .
نجوى : شوفوا الواد ،خلص يا ابن زكري انزل مفيش وقت انا قربت على البيت بسرعة الله يرضى عليك .
مصطفى : طب فهميني في ايه طه ؟
نجوى : ماتخلص يا اللي تنشك في قلبك .
أغلقت نجوى الهاتف و توجهت بنظرها إلى سائق السيارة الأجرة .
نجوى : القمة اللي جاية يا سطا عند البيت الأخضر اللي هناك ده .
السائق : عنيا يا حجة .
توقفت السيارة و فتحت نجوى الباب المجاور لها و هبطت من السيارة مع نزول همس من المقعد الخلفي ، و كانت تصاحبها نظرات السائق .
السائق بصوت غير مسموع : خسارتك في الاسود يا أبيض هو فيه كده ؟!
اسرع السائق لإخراج الحقائب من السيارة و وضعهم بجانب الرصيف .
أضاء مصطفى كشاف هاتفه و هو يهبط الدرج للوصول إلى الشقة الموجودة بالبدروم و التي جعل منها والده مخزنٱ لمواد البناء يوجد بها بعض الاثاث الغير مستخدم و يختزنه وقت الحاجة .مصطفى وهو يعبث بجيب بنطاله : أف أديني نسيت المفتاح فوق أما أطلع أجيبه قبل ما الغالية تيجي وشبشبها يزغرط على وشي .
رواية وعد ريان بقلم أسماء حميدة
البارت_3
روايةوعدريان
الأسطورةأسماءحميدة
أثناء صعود مصطفى لجلب مفتاح شقة المخزن .
كانت همس تتطلع لشاشة هاتفها بعدما و لجت لمدخل المنزل القديم وهي ترغب أن تستند بظهرها على أعلى السلم من شدة التعب و أثناء رجوعها إلى الخلف لتتكأ على جدار السلم التوى كاحلها أثر ملامسة قدميها لدرجة من درجات السلم تآكلتها الرطوبة فإختل توازنها و دار بعقلها العديد من السيناريوهات أقلها ضررٱ أن تسقط من أعلى الدرج فتصاب إصابة بالغة في رأسها أو بعمودها الفقاري أثر سقوطها على ظهرها أو ربما النهاية و تبتلعها دوامة الموت ، في جميع الأحوال لن يحدث لها أسوء مما هي فيه .
وضعت همس كفيها على وجهها و خرجت من جوفها شهقة ليست خوفٱ و لكن استعدادٱ لما هو قادم .
واحد . إثنان . ثلاثة .
ما هذا ألم يكن من المفترض أن يرتطم جسدها الغض بالأرض و ينتهي الأمر و لكن بدلٱ من ذلك أحست بجسدها معلقٱ في الهواء.
لحظة ، لقد رفعت كفيها عن وجهها و لكنها ما زالت مغمضة العينين إلى جانب انخفاض الإضاءة في هذه المنطقة موقع الحادث ، حادث ! أي حادث .
( ما أنت متشالة على كفوف الراحة يا حبيبتشي)
عودة .
أخذت تتلمس بيدها ما يطوق أسفل ساقيها ( ساقيها واخد بالك أنت ساقيها ، ها) و خصرها ، لا هل هذين ذراعين ؟ أم أنها تتوهم .
فتحت عينيها بذعر تنظر لمن تلقفها بين ذراعيه ، فنطق صوتٱ بجانب أذنها ، أنفاسه تحرق صفحة وجهها : يا بركة دعاكي يا أماه ، اللهم صلي على النبي ، السما بتمطر نسوان .
عودة عند الأخ مصطفى عندما كانت همس محمولة بين يديه .
همس برعب : أنت أتجننت ؟ أنت إزاي حضني كده ؟
ارتجف جسد همس عندما ضغط قليل الرباية على لمؤاخذة خصرها .
جحظت عينيها و انعقد لسانها و تصنمت بين يديه من وقاحته .
مصطفى : ايه ده هو اتحسب حضن ، ده يدوبك لامسة يد ، الحكم ده قابض على فكرة .
أخذت تتململ بين يديه محاولة التخلص من قبضة هذه اللعين ، بماذا يهزي هذا الوقح .
مصطفى : اظبطي كده في إيه مالك ؟ أنا اللي حضنك و لا أنت اللي اتحدفتي علينا .
كانت تهم بالصراخ و لكن استرعى انتباهها كلمته الأخيرة ( علينا).
ارتجف صوتها وهي تتمسك به و تطوق رقبته بذراعيها عكس ما كانت عليه منذ لحظات قائلة : اتحدفت عليكوا ؟ هو في حد تاني هنا ؟ أنا مش شايفة حد تاني، أنتوا عفاريت .
بينما هو عندما أصبحت بهذا القرب منه حد الهلاك أثارت بداخله مشاعر لم يختبرها من قبل .
أخذت أنفاسه تتسارع ما به ليس رغبة و لكن حالة من النشوى لم يشعر بهذا الكمال من قبل كيف لرجل يشعر بإنه امتلك العالم بمجرد احتوائه لأنثى بين ذراعيه هو لا يعرفها و لم يرها من قبل ولكن الاحساس الذي يستحوذ عليه الآن أسمى من أي وصف أنه يحلق في سماء وردية أو كما دعت عليه الغالية( أنشك في قلبه ، دعوة الأم يا جماعة كله الا الأم ).
اقترب بأنفه ينهل من عبير رائحتها التي تشبه حدائق الزهور .
انتبه على حاله قائلا : أنت هتفضلي مكلبشة فيا كده كتير .
احمرت وجنتيها من شدة الخجل ، أكان ينقصها حمرة الخدين لتزداد بريقٱ .
همس : سوري نزلني يا ………
مصطفى : درش .
همس : طب نزلني يا دبش .
مصطفى مذهولٱ : دبش ، ربنا يسامحك اسمي درش ، درش ، على العموم أنا مرتاح كده .
انفعلت همس صارخة في وجهه : نزلني يا حيوان أنت .
أشتعلت عسليتي مصطفى عندما نعتته بحيوان و لاحظت همس ردت فعله تلك .
همس بتراجع فهي مكبلة بين يديه ، و هيئته مخيفة كأنه سينفث نارٱ من فمه : لو سمحت نزلني يا أستاذ درش .
مصطفى و قد التمعت عينيه بتسلية.
و شفتيه تلامس أذنها مما أصابها برعشة : تاني قوليها تاني .
همس : لو سمحت نزلني .
مصطفى : لا مش دي التانية .
همس متأفأفة : لو سمحت نزلني يا أستاذ درش .
مصطفى : التانية ، التانية .
همس : تانية ايه؟! .
مصطفى : يا حيوان .
انفرجت شفتيها ببلاهة ما هذا الكائن ألم يغضب منذ قليل بسبب قولها هذا ، هراء ! ما هي فيه هراء ! هذا ما كان ينقصها .
…………………………………….
في مكان آخر لم نذهب إليه من قبل بولاية من الولايات المتحدة الأمريكية حيث تحقيق الأحلام فهناك الحياة رغم رتابتها إلا أن من جد هناك سيجد.
يجلس بطل قصتنا ريان موسى أو كما يلقبونه ( ريان موشيه ) في غرفة أخيه رضوان الذي توفى في حادث سقوط طائرة أثناء عودته من موطن أجداده مصر قبل ستة أشهر .
وبالرغم من أن ريان لم يقم بزيارة مصر و لو مرة واحدة إلا أن أخيه رضوان كان دائم الزيارات إلى مصر .
Flash back:
قبل ستة أشهر .
رن هاتف ريان برقم أخيه رضوان .
ريان : .How’s going ,bro( كيف الحال ،يا أخي ).
رضوان : all done ,ghost.( كله تمام يا شبح).
ريان : when do you want to come back
, ?
متى تنوي العودة ؟
رضوان بالصعيدية : السبوع الچاي .
ريان : waiting for you
في انتظارك
Back
هذه كانت آخر زكرى بين ريان و أخيه رضوان و بعدها بأسبوع في اليوم الذي حجز به رضوان تذكرة العودة إلى أمريكا و بعد أن استقل الطائرة و كادت أن تصل إلى وجهتها حدث عطل بالغ بها أدى إلى سقوط الطائرة في المنحدرات الغربية بمنطقة سيبرانيفادا في ولاية كاليفورنيا قبل المطار ببضعة أمتار بالرغم من محاولات طاقم الطائرة الوصول بها إلى مطار كاليفورنيا إلا أن إرادة الله قد نفذت و ظهر اسمه في قائمة الوفيات بحادث الطائرة المنكوبة.
لم يكن رضوان بالنسبة لبطلنا أخٱ فقط و إنما كان الابن و الرفيق .
التقط ريان صورة أخيه الموضوعة على الطاولة بالقرب من سرير أخيه و أخذ يمرر أطراف أنامله على وجه أخيه كأنه يراه و أثناء شروده سقطت الصورة و انفصل الإطار عن الزجاج مد يده ليلتقط الصورة وجد معها ورقة مطوية وكانت الصدمة عن ماهية تلك الورقة …..
البارت_4
روايةوعدريان
الأسطورةأسماءحميدة
توقفنا عند بطل القصة عندما كان بغرفة رضوان شقيقه المتوفي ممسكٱ بصورة أخيه مشتتٱ .
لماذا كان أخيه دائم التردد على مصر و ما سر تعلقه بها لطالما كان يسمع أن من يشرب من ماء النيل يعود إليه و لكنه لم يقتنع بهذا ، أنها تراهات .
حتى من كان يربطهم بمصر هو ابن عمهم ماجد وقد جاء للعيش معهم منذ عامين .
إذٱ ماذا كان يربط رضوان بمصر ؟
فحتى عندما كان ماجد ابن عمهم هناك لم يكن يذهب لزيارته بالرغم من أن إقامة رضوان أثناء زيارته لمصر كانت في قريتهم بالصعيد في منزل جدهم نصار وهو ميراث والدهم موسى ولكنهم لم يهتموا بهذا الإرث في مصر نظرٱ لثرائهم الفاحش.
أثناء إنشغال ريان في دوامة الأفكار حول سبب زيارات أخيه (رحمة الله عليه )المتكررة لمصر سقطت صورة أخيه من بين يديه فإنفصل الزجاج عن الإطار.
مد ريان يده ليلتقط الصورة وجد معها ورقة مطوية و كانت الصدمة عن ماهية تلك الورقة إنها عقد زواج بإسم أخيه المتوفي و فتاة تدعى سوسن عبد الحميد الزيدي .
الآن عرفت أخي سبب زياراتك إلى مصر .
مهلٱ ، عبد الحميد الزيدي أليس هذا قاتل عمي طه ،فقد قتله عبد الحميد ثأرٱ لأخيه حيث قد وقع خلافٱ بين أخو عبد الحميد الزيدي والد سوسن و طه والد ماجد و عم ريان على قطعة أرض فقد قامت بينهم مشادة كلامية أدت إلى التطاول بالإيدي فقام طه بشد أجزاء سلاحه و إطلاق النار على عم سوسن فأرداه جثة هامدة .
و في الصعيد الثأر يا سادة ،فالدم لا يمحوه إلا الدم وما كان من عبد الحميد سوى أخذ ثأره من قاتل أخيه و قد كان ،قتل طه عم ريان .
كل هذه الأحداث دارت منذ أكثر من 38 عامٱ ، كان موسى والد ريان مازال شابٱ أنهى دراسته توٱ بالجامعة و كان طه أخوه الأكبر .
أخذ المقربون من أهل موسى يحثونه لأخذ ثأر أخيه طه من المدعو عبد الحميد الزيدي و لكنه أبى فقد كان المخطئ أخيه طه عندما اتبع وساوس الشيطان بقتل نفس وكما قال الله تعالى ( من قتل يقتل ) و حقنٱ لدماء الثأر قام موسى بالهجرة إلى أمريكا مما جعله معيرة بين رجال البلدة .
وبعد فترة تزوج من إحدى المصريات المغتربات هناك و أنجب ريان و بعده بست سنوات أنجب رضوان .
لم يسمح لأبنائه بالسفر إلى مصر و عندما توفى موسى أخذ رضوان بالتردد على مصر حتى وقوع حادث الطائرة المشئوم .
وقت هجرة موسى والد ريان إلى أمريكا كان مازال شابٱ في مقتبل عمره و لا يمكنه الاعتناء بماجد ابن أخيه فكان وقتها رضيعٱ كما أن أمه و أخواله قطعوا علاقتهم به فهو جبان من وجهة نظرهم فقد رفض الثأر لأخيه و لكن عندما شب ماجد بدأ موسى و ريان بالتواصل مع ماجد سرٱ .
و أحقٱ للحق ماجد لم يرث من أبيه العنفوان و لا التعصب و التمسك بالعادات البالية كالثأر مثل أخواله و لمن يثأر فقد كان أبوه القاتل .
بعد وفاة والدة ماجد قام ريان بإرسال تذكرة السفر و إنهاء أوراق هجرة ماجد إلى أمريكا ليكون بجوار أبناء عمومته يشدوا أذره و يشد أذرهم فقد كان ريان و ماجد دائمي التواصل عبر النت وكانوا يعتدون المحادثات الصوتية و المرئية معٱ يوميٱ حتى جاء ماجد للاستقرار معهم .
عندما استفاق ريان من شروده في الماضي انتفض واقفٱ ، إذا كان أخوه متزوجٱ في مصر فمن الممكن أن يكن له أبناء من زوجته و نظرٱ لحيثيات هذه الزيجة لابد من تحري الأمر بنفسه فإذا كان لأخيه أولاد من تلك السوسن لن يترك لحمه يربيه غيره ( العرق الصعيدي نط حتى لو كان تربية خواجاتي ) أو يترك أبناء أخيه لعادات اهلهم الموروثة أو يتركهم يتخبطون كما عانى ماجد في صغره .
و بحركة سريعة ضغط زر الاتصال بماجد الذي كان يدير معه الشركات و الاعمال .
ريان : book me aticket on the plane to egypt as soon as possible, majed
……..,………………………
قبل أسبوع عند وعد .
بعدما أعلن جهاز ضربات القلب توقف الحياة عن جسد أبيها المسجى على سرير العناية المركزةو فشل الطاقم الطبي إنقاذ الحامي لهاتين الضعيفتين و انهيار همس و توصية وعد لنجوى بأخذ همس و الهروب من هذه الدائرة المغلقة عليهما بوصمة العار من جراء الإتهامات التي أنهالت على أبيهم من كل حدب و صوب و ما توقعته وعد قد كان .
بمجرد إفاقة همس و تسللها هي و نجوى من أحد أبواب المشفى الخلفية كان قد توافد عدد من الظباط و أعداد من الصحفيين منهم من هم تابعون لبعض الجرائد الصفراء التي تسعى حول الفضائح كالجراد فلم يتركوا لها فرصة للحزن على أبيها و لم يكن لديها خيار سوى الصمود .
قامت وعد بالاتصال على أحد زملاء الدراسة بالجامعة و التي كانت وعد تعلم بحقيقة مشاعره نحوها فما كان يشعر به محمد نحوها لم يكن شعور زمالة أو صداقة و لكن كان شعوره ابعد من ذلك بكثير و بالرغم من ارتياح وعد لمحمد إلا أن مشاعرها نحوه لم تتعدى مشاعر الإخوة ليس لضعف إمكانياته المادية كونه من أسرة فقيرة تقطن أحد الأحياء الشعبية بمدينة القاهرة يكفيه فخرٱ تفوقه الدراسي في ظل ظروف أسرته البسيطة و إلتحاقه بكلية الإعلام فهو نموذج للشاب الطموح و إنما هي أحكام القلب يا سادة.
فطالما كانت وعد تقرأ العديد من القصص و الروايات الرومانسية و تمنت عندما ترى فارس أحلامها للمرة الأولى أن تشعر بدقات قلبها تتسارع تهافة عليه و رجفة اليدين أرادت أن تشعر بإحتباس أنفاسها عندما يتغزل بعينيها و..و..و..
ما من هذه الأحاسيس راودتها لا مع محمد و لا غيره من زملاء الجامعة لذا حجمت علاقتها بمحمد في إطار الصداقة حتى لا يطيح خياله و يرسم مستقبله معها بأحلام وردية لم و لن تكون هي بطلتها لأنها و بكل بساطة ليست من هؤلاء الفتيات اللآتي يبتهجن بدوران الشباب في فلكهن فاحترم محمد شخصيتها و برغم ما يكنه لها من مشاعر و أحاسيس إلا أنه التزم بتلك المسافة التي خلقتها وعد في علاقتهم معا و لكنها تعلم أنه لن يتخاذل أبدٱ عن الوقوف بجانبها في محنتها .
محمد رادٱ على اتصال وعد : السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .
وعد هاتفيٱ : و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته .
محمد : وعد في إيه، مال صوتك ؟
وعد : اسمعني يا محمد مفيش وقت أنا في مصيبة .
محمد بقلق حقيقي : يا ستار يا رب في ايه يا وعد قلقتيني ؟
وعد : أنا عوزاك تجيلي عند البوابة الخلفية لمشفى ……و تتصرف لي في مكان إن شالله أوضة و صالة بس يكون ليها حمام خاص بها .
محمد : اعتبريه حصل ، العمارة اللي أنا ساكن فيها مع اهلي فيها شقة فضيت امبارح من السكان و للحظ صاحب الشقة ساب مفتاحها مع والدتي عشان لو السمسار جابلها سكان ، بس لمين ؟
وعد : مش وقته يا محمد ، لما تيجي هحكيلك .
محمدو هو يخرج من باب شقته مسرعٱ.
محمد : مسافة السكة يا وعد .
خرج محمد من البناية متوجهٱ إلى إلى أول الشارع مشيرٱ لإحدى سيارات الأجرة.
محمد للسائق : سلاموا عليكوا يا أسطى لو سمحت وصلني عند البوابة الخلفية لمستشفى ………. بس بسرعة و حياة أبوك .
وبعد مرور خمسة عشر دقيقة كان محمد قد وصل إلى عنوان المشفى الذي وصفته له وعد فوجد………
استوووووووب
تفتكروا محمد هيساعد وعد و لا هيتخلى عنها بعد طلبها الغريب بالنسبة له ؟
و يترى الأخ درش هيعمل ايه مع البسكوتة .
ما تستخسروش التفاعل و الكومنتات .
تفاعل يعني تشجيع يعني بارت جديد .
البارت_5
بعد أن وصل محمد إلى العنوان الذي وصفته له وعد وجدها هي و فتاة تشبهها تستند إلى سيدة كبيره في السن.
اقترب محمد منهم.
محمد بقلق : فيه إيه يا وعد؟ إيه اللي حصل؟
وعد : بابا، يا محمد تعيش أنت.
محمد بحزن : لا إله إلا الله، البقاء لله يا وعد.
وتوجه ببصره إلى السيدة نجوى : البقاء لله يا هانم.
نجوى : و نعم بالله يا إبني.
وعد : محمد، عوزاك تاخذ همس أختي و ماما نجوى الشقة اللي قولتلي عليها، و أنا هشوف هعمل ايه في إجراءات الدفن و الحاجات دي.
محمد : أنا فعلا هاخد آنسة همس و مدام نجوى أروحهم و هجيلك بسرعة.
شكرته وعد و كادت أن ترجوه ألا يترك أختها و نجوى لحالهما و لكن تذكرت عندما اتصلت بطاهر صديق والدها و ابنه زين ولم يجيب أيا منهم كأنها وباء يخشوا على أنفسهم منه.
فردت وعد شاكره : أنت حقيقي و نعم الأخ و مش عارفه هقدر أردلك جميلك ده إزاي.
أحس محمد بحزن عميق داخله فهي لازالت تضعه في خانة الأخ و ليكن هو لن يتخلى عنها و هي في تلك الظروف.
محمد : أديكي قولتي و نعم الأخ يعنى مفيش ما بنا جمايل.
أسرع محمد و استوقف سياره أجرة ليقل كلا من همس و نجوى إلى حيث المنطقه التي يقطن بها ليقيموا بها ومن خلال لجوء وعد الى الابتعاد عن حياه الترف وبعد ما تداولته وسائل الاعلام وبعض الصحف الصفراء من اخبار عن تورط والدهما مع الاموال العامه علم محمد ان الزمن قد دار على هاتين اليتيمتين فلم يزيد على وعد كلمه واحده حتى لا يسكب الملح على جرح لم يندم بعد.
فلقد اخذتهما الدنيا تحت رحاياها أو كما يقول البعض لو دامت لغيرك ما اتت إليك.
وصلت سياره الاجرة الى مقر سكن وعد وهمس الجديد في المنطقه التي تختلف كليا عما عاشوه من قبل.
خطت همس مع السيده نجوى الى العماره السكنيه المتواضعه التي قادهم اليها محمد.
صعدت همس سلم العماره وهي إلى الآن تشعر وكأنها تعاني من كابوس وسيأتي اليوم الذي تستيقظ منه.
طرق محمد احد ابواب الشقق السكنية لهذه البناية، ففتحت لهم سيده في نهاية عقدها الخامس ولم تكن سوى والدة محمد التي هاتفها أثناء ذهابه لملاقة وعد وقص عليها ما حدث مع وعد وأختها فهما أصبحتا يتيمتا الأم والأب وليس لهما سند، إلى جانب ما تداولته وسائل الإعلام عن تورط والدهما رجل الأعمال عزام، وأوصاها بحسن ضيافتهما فهما حتى ولو كان ما أوشيع عن والدهما صحيح فما ذنبهما في ذلك، وكما قال الله تعالى (لا تزر وازرة وزر أخرى).
سابقآ قد قص محمد لوالدته ما يكنه لوعد من مشاعر حب بريئة، وحكى لها عن نقائها وبراءتها، وأنها لم تكن مثل قريناتها اللاتي يعلقن الشباب بحبال الهوى الذائبة ليثبتن جاذبيتهن ولهفة الشباب عليهن.
في ذلك الوقت الذي أفصح محمد فيه عن مكنون قلبه قدرت تلك السيدة البسيطة أخلاق وعد، وبالرغم من تعلق ابنها بها لم تعطيه وعداً كاذباً.
السيدة تحية والدة محمد ببسمة حنون: اتفضلي يا همس يا بنتي، اتفضلي يا ست نجوى عقبال ما محمد يشوف الشقه ناقصها إيه، ولو محتاجه نضافة نبعتوا حد ينضفها، إحنا عارفين إنها مش قد المقام بس على عيني والله.
همس بعرفان: معلش يا أنتي، محتاجة أرتاح شوية، ميرسي لذوق حضرتك.
السيدة تحية جاذبة لها من ذراعيها ضامه لها إلى صدرها مثلها كمثل أي سيدة مصرية أصيلة من أمهاتنا وأخواتنا الطيبات الحنونات اللاتي يتعاملن مع كل الناس بمحبة صادقة وقلوب نقية، وفقرهن وقلة إمكانياتهن لم تفقر قلوبهن ولكن زادتهن محبة.
السيدة تحية : أبداً ومن نبى النبي نبي ما يحصل لازم تدخلوا تاخدوا واجبكم.
السيده تحية غامزة إلى محمد واضعة مفتاح الشقه الشاغره في يده : روح يا محمد خلص وشوف هتعمل إيه .
أسرع محمد إلى محل البقالة أسفل بنايتهم وابتاع الضروريات على قدر امكانياته والتي قد تحتاجها الفتاتين وتكفيهم حتى يتدبرا أمرهما، وعاد إلى الشقة المتواجدة أمام شقته هو و والدته وأخته هناء التي تبلغ من العمر 16 عام.
وكانت أخته في هذا الوقت عند عمته في إحدى البنايات المجاورة فقد توفى والد محمد منذ أكثر من عشر سنوات وقد أفنت تلك السيدة شبابها لرعاية أبنائها.
قام محمد بوضع ما جلبه في براد الشقة ورتب ما معه من خزين قد وضعته والدته في مطبخ الشقه قبل مجيئه من زيت وسكر وأرز وشاي مما لديها فقد اقتسمت تموينها الشهري بينها هي وأبنائها، وهاتين الفتاتين.
وبعد إنتهاء محمد من مهمته دق باب شقته وأعطى لوالدته المفتاح وأسرع لمساندة وعد في محنتها.
أسرع محمد بالعودة إلى وعد لمؤازرتها.
في هذه الأثناء كانت وعد تشعر بالتيه من أين تبدأ حتى أتتها النجدة الإلهية فقد وصل محمد، ووجدها تقف منزوية خلف نظاراتها الشمسية في أحد الأركان تختبئ من عدسات الكاميرات.
أسرع اليها محمد يقول : وعد إيه اللي موقفك كده؟! تعالي نخلص الإجراءات، إكرام الميت دفنه.
وعد بأعين تحتبس دمعها من شدة الحزن والتخبط : الحمد لله يا رب، محمد ما تسبنيش أرجوك أنا تايهة، ومش عارفه أعمل إيه .
أخرج محمد هاتفه واتصل بأحد رفاقه في الحارة الشعبية التي يقطنها محمد: السلام عليكم يا حسن، أنا قصدك في خدمه على السخان، اوصل لغاية الحج رمضان شيخ الحارة واستاذنه في عربية تكريم الموتى وهات العربية بالسواق وتعال لي على مستشفى…….. اللي في شارع…….. وأول ما توصل إديني رنة .
أغلق محمد مكالمته مع حسن. والتفت إلى وعد.
محمد : بطاقتك يا وعد، واصلبي طولك كده، وما تخافيش أنا معاكي.
أمسكت وعد حقيبتها تفتحها باحثة عن هويتها الشخصية بأيدي مرتجفة.
دست أصابعها الرقيقه بحقيبتها التي بدت وكأنها بئر عميق تبحث عن البطاقة كإبرة في كومة قش إلى أن استخرجتها وأعطتها لمحمد وأسرعت خلفه.
ذهب محمد إلى مكتب الاستعلامات وخلفه وعد.
تحدث محمد إلى موظف الاستعلامات مستفسرا عن الإجراءات التي يلزم عليه فعلها لاستلام الجثة ودفنها، ومحمد بلباقته وحسن تصرفه استطاع إنجاز تلك الاجراءات اللعينة .
وخلال ساعه كان حسن يعطي رنة لمحمد كإشارة منه للاستعداد، فقد اتى حسن.
أسرع محمد مهرولاً ناحية البوابة الخلفية للمشفى، مد يده يسلم على حسن الذي يعتبره بمثابة الأخ الذي لم تنجبه أمه ورحب بسائق السيارة.
محمد : إيدك معايا يا حسن، وأنت يا اسطى رجب، آجرني، الثواب اللي هنعمله مع المرحوم هيقعد لنا في صحتنا لأنه ما عندوش ولد، معندوش غير جوز ولايا ، بينا نستره.
وكعادة ولاد البلد الجدعان تكاتفوا في حمل الصندوق الذي به الجثمان لتوصيله لمثواه الأخير.
استقلوا ثلاثتهم السيارة السائق بمكانه وبجواره حسن، وأبى محمد أن يترك وعد بالخلف في السيارة وحدها، فذهب واستقل خلفها حتى لا يتركها وحدها فريسة للأحزان.
محمد : شدي حيلك يا وعد، ما فيش حد عاوزة تبلغيه عشان يحضر الدفنة.
لاحت بسمة حزينة على وجه وعد.
وعد باكية : لا يا محمد إحنا ما لناش حد برغم الهيلمان ده كله.
أطرقت رأسها : ما بقى ليا غير همس، وهمس مش هتقدر تحضر موقف زي ده، دي أول ما الدكتور أكد خبر الوفاة وقعت من طولها، بعد الدفنه تبقى تيجي تزوره.
حرك محمد رأسه مؤيدا لرأيها.
بعد أن أتم الثلاثة رجال المهمة حتى النهايه جلست وعد بجانب قبر والدها تشكوه همها فوضع محمد يده على كتفها بحنو يخلو من أي أحاسيس متدنية كل ما يتمناه أن يراها سعيدة ولا يحب أن يراها بهذا الضعف.
محمد : قومي يا وعد لسه المشوار طويل وأنت قدها أنا واثق من كده.
التفتت له وبعينها نظرات شاكرة محبة لأخ ولد من رحم الشدة.
وعد : مش عارفه من غيرك كنت هاعمل إيه ، اللي عملته معايا دين في رقبتي.
محمد محاولاً التخفيف عنها : أقول لك تعملي ايه، قومي بينا نروح عند خالتك تحيه تأكلنا لقمة ألا عصافير بطني بتصوصو.
نتفاعل بقى..
يمكنكم أن تقرأوا أيضاً رواية واحتسب عناق بقلم الكاتبة أسماء حميدة 👇👇
رواية واحتسب عناق بقلم #الأسطورة_أسماء_حميدة الفصل الأول
👇الجزء الثاني من رواية وعد ريان للأسطورة أسماء حميدة
رواية وعد ريان للأسطورة أسماء حميدة الجزء 2
رواية رائعة وممتعة، استمري
حبيتها كتيييييييير كتيييييييير ❤️
جميلة وموقع سهل وبسيط بالتوفيق ان شاء الله
روووعه ياسومه بجد روايا رائعه تسلم ايدك يابرنس❤️❤️