رواية وعد ريان للأسطورة أسماء حميدة الجزء 2

pexels-photo-219616-219616.jpg

البارت_6

أثناء عودة محمد ووعد الى مكان مسكن وعد الجديد ببناية محمد الكائنه بمنطقتهم الشعبية في القاهرة.

كانت هناء اخت محمد وابنه عمته سارة قادمتان إلى منزل السيدة تحية ولم تكن هناء تعلم عن الأمر، فكل شيء قد حدث سريعاً بداية من اتصال وعد بمحمد وقدوم همس مع مربيتهما السيدة نجوى وعودة محمد مع همس ونجوى إلى الحارة.

كذلك مراسم الدفن كل هذا تم في أقل من أربع ساعات كانت فيهم هناء ببيت عمتها السيده فتحيو تقضي بضع ساعات مع ابنه عمتها سارة .

سارة التي تبلغ من العمر 16 عاماً فهي تدرس مع نجلاء في الصف الثاني الثانوي والتي نشأت وحب محمد ابن خالها ينمو كالنبتة في أعماق قلبها حتى اثمرت هذه النبتة عن بساتين من العشق.

وقعت عين العاشقة الصغيرة على فارس أحلامها مع فتاة أقل ما يقال عنها فاتنة فاشتعلت نيران الغيرة بداخلها ومادت الأرض تحت قدميها.

أسرعت ساره نحوهما كالطلقة التي خرجت توها من فوهة المدفعية وهناء خلفها  لا تعي شيئاً إلى أن وقعت عيناها هي الأخرى على محمد ومن معه فانطلقت خلف هناء.

هناء: بت يا سارة أنت يا بت، في إيه يا بنت المجنونه؟ استني.

لم تعيرها سارة أي اهتمام ومضت في طريقها إليهما .

عندما توقفت سارة أمام محمد و وعد.

سارة : ازيك يا محمد مش تعرفنا؟

محمد عندما توجه بنظره إليها .

محمد بغضب : إيه القرف اللي انت لبساه ده.

فقد كانت سارة ترتدي بنطال من الجينز المقطع (الموضة بقى يا بوب) وتيشرت قطني يلائم جسدها النحيل وتعقص شعرها الذي تمردت بعض خصلاته على هيئة كعكة.

سارة : ما له لبسؤ بس يا محمد؟! على العموم مش ده موضوعنا، مين السحلية قصدي مين الآنسة دي ؟!
محمد وقد احتدمت عينيه بلهب شديد.

محمد : إيه مش موضوعنا دي؟! أنت مش بتسمعي الكلام ليه؟! وبعدين صوتك ما يعلاش وأنت بتكلميني ، ومن الأفضل ما تتكلميش معايا أحسن.

التمعت عيني سارة بالدموع.
سارة : أنا عملت إيه لكل ده أنت ليه بتعاملني كده؟!

أسرعت سارة بالابتعاد عنهما صاعدة إلى بيت زوجة خالها الحنون تحية، وهي تكفف دموعها.

طرقت سارة باب الشقة.
تحية وهي تقترب من الباب :  أيوه يا اللي بتخبط مين؟

سارة : أنا سارة يا مرات خالي.

فتحت تحية الباب بوجهها البشوش كعادتها ولكنها عندما رأت حالة سارة ارتعد قلبها فهي تحبها مثل هناء ومحمد.

تحية وهي ترى نظرة الحزن والقهر بعيني سارة.

تحية : مالك يا بت يا سارة؟ في إيه حد ضايقك في الحتة.

سارة:  هو في غير اسم النبي حارسه ابنك اللي كل ما يشوفني يهب في زي وابور الجاز.

تحيه: يا دي محمد اللي شايلاه فوق دماغك وزاعقة!! هو أنتم مولودين فوق روس بعض؟!

صعد محمد ووعد وهناء إلى الطابق الموجود به شقة تحية.

بعد أن عرف محمد وعد إلى هناء واعلمها أنها جارتهم الجديدة التي ستسكن الشقه الشاغرة أمام شقتهم.

بينما همس ونجوى قد ذهبوا إلى الشقة المستأجرة بعدما أصرت عليهما تحية بالدخول وقدمت لهم واجب الضيافة.

طرق محمد باب شقة تحية ففتحت ساره وهي ترمقهما بنظرات غاضبة ولو كانت النظرات سهامًا لاخترقت أجسامهما.

علمت وعد من نظرات سارة وطريقتها في السؤال عن شخصها أنها تشعر بالغيرة على محمد وما هي إلا عاشقة لابن خالها الأحمق الذي يبحث عن الحب وهو أمامه فأرادت طمأنتها.

وعد  لسارة ببسمة حنون : أنا وعد زميلة محمد في الكلية، ومحمد مش بس زميلي.

اشاحت سارة بوجهها عنهما حتى لا يظهر عليها القهر.

سارة بحزن حاولت مدارته : أنا ما يخصنيش أعرف اللي بينكم.

وعد مستكملة : ايه يا عم القطر اهدى علينا شوية  ما انكرش أن محمد ابننا شهم وجدع وكل البنات في الكليه عندنا هيموتوا عليه، بس أنا تقدري تعتبريني زي هناء كده يعني محمد صديق وأخ عزيز.

كلمات وعد كانت ككلمات قاضي بمحكمة أثلج قلب أحدهم وقضى على آمال الآخر.

سارة وهي تحضن وعد إليها : حبيبتي يا وعد تصدقي والله والله، وربنا ان شاء الله هيسامحني على الكذبة دي، أنا من أول ما شفتك حبيتك.

وعد هامسة لسارة في أذنها :والنبي ياختي وأنا كمان.

ابتعدت وعد عن أحضان سارة قائلة:  بعد إذنكم هاروح اطمن على همس وماما نجوى.

محمد بلهفو : طب استني كلي لقمة معايا قصدي معانا.

سارة هامسة: استغفر الله العظيم.

تحية: سيبها ترتاح وأنا هابعت لهم الأكل مع البنات وأهم يونسوا بعض عشان ما يتحرجوش منك وياخدوا راحتهم.

همس شاكرة : مش عاوزين نتعبك معانا يا طنط.

تحية : تعبك راحة يا حبيبتي وشدي حيلك كده، كلنا لها.

وعد : متشكره ليكم قوي، ربنا ما يحرمني منكم استاذن أنا .

طرقت وعد باب الشقة المقابلة ففتحت لها نجوى تستقبلها في أحضانها فخلعت وعد وجه الصلابة وأخذت شهقاتها تتعالى.

أسندتها نجوى وأجلستها على الأريكة القديمة الموجودة في صالة الشقة وهي ما زالت في أحضانها.

نجوى: عيطي يا وعد عيطي يا حبيبتي من ساعة اللي حصل وأنت واقفة على رجلك جبل وما عرفتيش تحزني على والدك.

أخذت نجوى تمسح على ظهرها حتى هدأت وتيرة شهقاتها واستكانت وعد.

وعد : ماما نجوى أنا مش قادرة أصدق اللي بيحصل لنا ده، كل اللي حصل ده مرة واحدة، أنا قلبي واجعني قوي على بابا ومش عارفة هنعيش إزاي من غيره ده كان كل حاجة لينا؟!

نجوى : ربنا يصبر قلوبكم يا بنتي، بس ربنا أكيد له حكمة في كده، وبعدين أنا رحت فين؟! أمال إيه ماما ماما اللي راحة جاية تقوليها؟! أنا صحيح على قدي وكنت باشتغل عندكم بس  والله والله أنت وهمس أغلى من نور عيني، أنا بدأت الشغل عندكم من وأنا اصغر منك كده، كنت الأول باشتغل عند جدك أبو الست سلمى (والدة وعد وهمس)  ولما الست سلمى اتجوزت كنت أنا وهي لسه صغيرين، هي كانت بتاعة 20 سنه كده واصرت تاخدني معها  وكانت الله يرحمها بتعاملني زي أختها، وأنا زعلت عليها زي أختي بالضبط، وهي على فراش الموت وصتني عليكي أنت وهمس، ولما اتجوزت عمك زكري  كانت واقفة معايا وجابت لي كل لوازمي
كأني من بقيت أهلها، حتى لما كنتوا بتسافروا في الإجازات بتاعة نص السنة وآخر السنة برة مصر كانت بتبعت لي مرتبي زي ما كنت شغالة في بيتها طول السنة بالظبط مش في اجازة.

انا عاشرتكم أكثر مع عيشت مع جوزي وابني، أنا ربيتكم أكثر ما ربيت مصطفى ابني، و أمي كمان ساعدتني في تربية ابني مصطفى، ما كانتش بتحب مصطفى يغيب عنها يلا ربنا يرحم الجميع.

وعد : ربنا ما يحرمناش منك يا أحلى أم في الدنيا.

دق باب الشقه فاستقامت وعد لتفتح الباب.

وعد : خليكي يا ماما نجوى، دي أكيد هناء أخت محمد.

فتحت وعد باب الشقه وجدت سارة وهناء تحملان كلاً منهما صينية بها العديد من أنواع الطعام.

افسحت لهمت الطريق ليدخلوا وكان محمد يقف أمام باب شقته.

محمد : عامله إيه يا وعد، والآنسة همس أخبارها إيه دلوقتي؟

وعد : الحمد لله يا محمد، همس لسه نايمة هاخش اصحيها.

محمد : طب هاستأذن أنا بقى، ولو احتاجتي أي حاجة كلميني.

وعد : متشكرة  يا محمد كتر خيرك سلام.

محمد : سلام.

أغلقت وعد الباب، والتفتت للتي تقف خلفها تزفر بحنق.

وعد : ما تهدي بقى، ما قلنا لك أخويا أخويا .
ساره وهي مطرقة رأسها بخجل : وأنا مالي أصلاً .

وعد : مالك يا بت؟! ده أنت حتى وأنت غيرانة أول ما عينك بتجي في عينه بتطلع قلوب، فوتي، فوتي قدامي أما نشوف لك حل في اللي أنت فيه.

ساره : هو باين علي قوي كده.

وعد : ده أنت مفضوحة.

سارة : أنت متأكدة إنك بت ذوات؟! والله أنا حاسة إنك متربية معانا هنا في الحارة.

وعد : تعالي تعالي لما أعرفك على الليدي همس.

سارة : يلا تعالي قبل الأكل ما يبرد.

دخلت وعد الغرفة التي بها همس تهزها برفق.

وعد :همس، همس قومي يا حبيبتي.

فتحت همس عينيها وهي تستكشف المكان.

أين هي؟! هذه ليست غرفتها!!
ثواني واستوعبت همس أن هذا ليس مجرد حلم هذا هو واقعهما المرير.

أغرورقت عيون همس بالدموع وارتمت في أحضان وعد.

وعد : قومي يا همس كلي معانا، أنت ما أكلتيش حاجة من الصبح.

همس : بابا يا وعد أنا مش قادرة أصدق إني مش هاشوفه ثاني.

وعد وهي تكوب وجهها بين يديها: همس دي إرادة ربنا وإحنا كلنا هنموت.

صحيح الفراق بيوجع، لكن إننا ندعي له ده أفضل من إننا نوقف حياتنا عند نقطة معينة.

أكيد بابا لو موجود مش هيرضيه حالتك دي، أنت عارفة كان بيحبك قد إيه، قومي نأكل مع بعض ونتوضا ونصلي وندعي له.

ابتسمت همس من بين دموعها فهي بالرغم من أنها شابة يافعة إلا أن بداخلها فتاة صغيرة هشة ورقيقة.

خرجت الاثنتان، فوجدوا الثنائي المرح هناء وسارة يتجاذبان الحديث مع السيده نجوى كأنهن يعرفن بعضهن منذ زمن طويل.

نظرت همس إلى نجوى.

همس : مامي نجوى مين دول؟!

التفتت كلاً من هناء وسارة إلى الصوت الرقيق والاثنتين في نفس واحد بعد جحوظ عينيهما من هيئتها همس وملابسها التي تنم عن الثراء ونبرة صوتها الرقيقة.

ساره وهناء في نفس واحد : أوف!! جمل يابا الحاج!! جمل.

اخذت الفتيات يتسامرن، واستمر حديثهن اثناء تناولهن الطعام وحتى منتصف الليل حتى يخففا عن وعد وهمس مصيبتهما ثم استأذنت كلاً منهما.

عادت هناء و سارة إلى شقه السيدة تحية ، وجدتا محمداً جالساً في الصالة يشاهد التلفاز حتى دخلت الفتاتان.

محمد لهناء: البنات عاملين ايه يا نؤة؟

هناء: والله يا محمد صعبانين عليا قوي، وعد بالرغم من إنها تبان قوية، بس عينيها حزينة، وهمس دي اللي بسكوتة في نفسها كده يلا ربنا يصبرهم.

ساره بغضب من سؤاله عن وعد وهمس.
هناء: أنا نازلة.

واتجهت ناحية الباب لتفتحه.

محمد : إستني عندك رايحة فين؟

سارة : مروحة، هأكون رايحه فين؟!

محمد : استني هاوصلك، الوقت أتأخر.

سارة بهجوم : ما تتعبش نفسك كفاية عليك الأختين الحلوين.

محمد بحنق : بنت أنت!! اتلمي أنا ساكت لك من الصبح، كفاية الهباب اللي أنت لابساه ده.

ساره وهي تطرق الأرض بقدميها من الغيظ : أوف بقى.

محمد وهو يصفعها اسفل عنقها: أوف، يا أوزعة، يلا قدامي.

خرجت وهو معها يوصلها إلى منزل عمته فتحية.

كل يوم تأتي السيده تحية والفتاتان هناء وساره لمؤازرة وعد وهمس وللحق قمن بدورهن على أكمل وجه.

وذات مساء كانت وعد جالسة بشرود.
فجلست همس ونجوى بجوارها همس:what’s with you ?

وعد: الفلوس اللي معنا مش هتكفي غير إيجار شهر واحد للشقة، أنت عارفة إن إحنا ما كناش بنشيل كاش معانا كل حاجة بنحتاجها بندفع بالكريدت ، أنا هاروح بكرة لزين وأمري لله أخليه يشوف لي أي شغل، هو قبل كده عرض عليا اشتغل معاه في الجريدة بتاعته، بس انا ما كانش في دماغي.

وكمان مش حابة فكرة الجريدة بتاعته ولا اي جريدة من النوع ده، بس أنا ما عنديش خبرة وكمان ما اعرفش حد تاني غيره .

أطرقت همس رأسها بحزن فكما قالت وعد ليس لديهما خياراً ٱخراً.

في صباح اليوم التالي ذهبت وعد لمقابلة زين وعندما أخبرته مديرة مكتبه أن وعد بانتظاره  أمرها بأن تجعلها تنتظر لحين إنهاء بعض المكالمات الهامة الخاصة بالعمل.

أخذ زين يراقبها عبر شاشة المراقبة الموجودة في مكتبه وهي طيلة الساعة التي تنتظره فيها تفرك يديها بتوتر إلى أن رفعت يدها تنظر إلى الساعة، وهمت بالانصراف.

  رن محمد جرس هاتف مديرة مكتبه وأمرها أن تدع وعد تدخل إلى مكتبه.

دخلت وعد بخطوات متوجسة.

زين : آسف يا وعد كنت مشغول شوية النهاردة، عشان بعد ما سيبتكم في المستشفى جالي تليفون من بابا كان عاوزني أتابع مكتبه في كاليفورنيا عشان بعد اللي حصل لعمي عزام تعب شوية، ولما رجعت عرفت اللي حصل لأنكل عزام، الباقية في حياتك يا وعد.

وعد : حياتك الباقية يا زين أنا مش عاوزة أعطلك بس كنت جاية لك بخصوص الشغل اللي عرضته عليا قبل كده.

زين مدعياً الحزن: أنا آسف يا وعد، وقتها كنت محتاج ناس تشتغل معايا، بس حالياً عندي عمالة زايدة إلى جانب إني عندي أزمة مالية مش عارف هأقدر اعديها ازاي؟

وعد وقد فهمت أنه لا يريد مساعدتها كما أنه كان لا يجيب على اتصالاتها وقت وفاة والدها فهي أصبحت كالفيروس الذي يخشى الناس مخالطته.

وعد :  افتكرت إنك تقدر تساعدني، متشكرة قوي على اللي عملته معايا في المستشفى، وأنا بدور على شغل، وإن شاء الله هرد لك  الدين اللي عليا.

اتجهت ناحية الباب لتخرج ولكن كلمات زين أوقفتها.

زين :استني يا وعد في مقال كنت محتاج حد يسافر إسكندرية يعمله مع شخصية مهمة، الشخصيه دي كنت محتاج حد يعمل معها حوار.

وللأسف كل الناس اللي شغالة معايا جدولهم مليان، فدي فرصتك لو حابة تشتغلي معانا، وأهوه كمان تقدري تسددي اللي عليكي .

وعد بلهفة : it’s okay أنا ممكن أسافر ما عنديش مشكلة.

خط زين بقلمه عنوان ما بالاسكندرية وأعطاه إلى وعد.

زين: الشخصيه دي هي ريان موسى نصار  أكيد تعرفيه؟

وعد: سمعت عنه بس ,أنت عارف إني مش مهتمة بالبزنس قوي.

زين :هو كان كاتب مشهور بس بقى له سنة أو أكثر ما نزلش ليه أي عمل أو كتاب وحالياً بيدير شركات والده الملياردير موسى نصار كنت عاوزك تعملي معه حوار وتعرفي أسباب بعده عن الفن والأعمال الأدبية، وأي معلومة عن حياته الشخصية هتبقى سبق صحفي، لأنه معتم أي معلومة على الجانب الشخصي وعاوز كام صورة عشان نختار منهم واحدة او اتنين ينزلوا في المقال.

وعد : طب طالما هو رافض يتكلم في الصحافه والسوشيال ميديا عن حياته الشخصية، إزاي هاقدر أخد منه المعلومات دي؟!

زين :والله ده شغلك أنت عشان تقدري تثبتي نفسك معانا .

وعد بحرج: طب أنت عارف الظروف اللي مريت بها، أقدر أخد أي مبلغ عشان مصاريف الانتقال والسفر وكده؟!

أخرج زين بعض الورقات المالية فئة المئة جنيه وأعطاها لها.

وعد لنفسها :بتستغل الموقف يا زين؟! طول عمري باقول عليك شخص حقودي بس ما قداميش حل ثاني .

انصرفت وعد وهي تفكر ماذا عليها ان تفعل؟!
عادت وعد إلى المنزل وجدت كلاً من همس ونجوى بانتظارها.

همس : روحتي عند زين؟!

وعد: أيوه، واستلمت الشغل ومضطرة أسافر بكرة إسكندرية، فيه مؤتمر هناك لازم أغطيه، بس مش هأقدر اسيبكم هنا لوحدكم والفلوس اللي اخذتها سلفة من المجلة عند زين يا دوبك تقضي مصاريف السفر.

نجوى: خلاص كلنا نسافر الاسكندرية، همس هتيجي تقعد معايا وأنت كمان تبقي جنب الشغل اللي كلفتك به المجلة.

وعد: كتر خيرك يا ماما نجوى، إحنا مش عايزين نتقل عليكي.

نجوى: ولا كلمة، بلا تتقلوا بلا تخففوا أنتم بناتي، والبنات ما تبتش بره حضن أمهم .

انطلقت الفتاتان تحتضنا تلك السيدة الحنون، كم أنت رحيم يا الله!!

في صباح اليوم التالي كانت وعد وهمس والسيدة نجوى يودعن تحية وهناء وسارة.

محمد :يعني خلاص نويتوا تمشوا؟

وعد : إحنا تعبناكم معانا قوي، وأنا لقيت شغل في إسكندرية، ناس معرفنا جابوه ليا، وهنقعد هناك عند ماما نجوى.

هناء : هتوحشيني قوي يا وعد أنت وهمس.

همس : i’ve missed you since no يا هناء أنت وسارة .

وعد : و أنتم كمان هتوحشونا .

سارة قارضة على اسنانها هامسة لوعد : ما تخفي يا قطة!! إيه هتوحشونا دي؟!

رفعت وعد صوتها: قصدي أنت كمان هتوحشيني يا هناء أنت وسارة وطنط فتحية.

سارة : أيوه اظبطي كده.

وعد هامسة لنفسها: الله يكون في عونك يا محمد.

محمد :خلي بالك من نفسك يا وعد.

وعد: لا أنا هامشي أحسن بت المجنونو تولع فينا.

محمد: مين دي؟!

وعد: سارة.

محمد : احنا كلنا بنحبك, سارة وهناء وامي و و .

وعد :اثبت يا بوب ما توأوأش ، البت بتدخن من كل حتة.

محمد: ما لك يا وعد؟! أنا مش فاهم حاجة!

وعد:  و يفيد بإيه البوح مدام البعيد لوح؟!

محمد: ايه؟

وعد: مكرونة وبانيه .

ذهب محمد برفقة السيده نجوى ووعد وهمس واستقوقف لهن سيارة أجرة وأوصلهن إلى محطة لتستقلن القطار المتجه إلى الإسكندرية .

ومن هنا قابلت همس من سيكون نائبتها الأزلية درش.

بعد وصول القطار إلى وجهته الاخيرة بمحطة مصر بالإسكندرية، توجهت السيدة نجوى وهمس إلى منزل نجوى وهنا قابلت همس مصطفى أثناء انتظارها للسيدة نجوى بمدخل البناية.

أما وعد فبعد أن قامت بتغيير ملابسها بدورة المياه في محطة مصر توجهت إلى العنوان الذي أعطاه إليها زين لتنجز مهمتها فهي لا تعرف متى سيقرر هذا الريان مغادرة مصر.

فأمثاله لا يتركون أعمالهم معطلة كثيراً، كما أن تلك المهمة ثقيلة على قلبها، وتريد أن تنجزها لتنال باقي أجرهها وبهذا تكون حصلت على عمل بشكل دائم .

عندما ذهبت وعد إلى العنوان المكتوب بالورقة كانت أحد القصور التي يمتلكها (آل نصار) في كل معظم دول العالم فمن كثرة الترف، لهم في كل دولة بيت بل قصر.

أخذت تنظر إلى صورة ريان بهاتفها والتي نسختها من على جوجل لإنها لم تكن تعرفه بالفعل.

استأذنت وعد من حارس الأمن الواقف على البوابة أن يبلغ سيده برغبتها في مقابلته وعندما سألها الحارس إذا كانت قد حددت موعد مع مدير أعماله من قبل، وعندما نفت له ذلك.

اتصل الحارس بسيده فرفض السماح لها بالدخول لمقابلته.

وعد لنفسها ماذا سأفعل الآن؟  سأفشل بأول مهمة وكلها لها زين وتخسر هذا العمل؟!

أخرجت هاتفها واتصلت على زين بضع ثواني وأتاها الرد.

زين: ها يا وعد قابلته؟!

وعد : روحت العنوان والأمن اللي على البوابة بلغوه وهو رفض إني أقابله.

زين بخبث:  مش مشكلتي أنت عارفة إنك مش هتقدري تلاقي شغل في حتة تانية، وأي شغل ثاني هيبقى بهدلة ليكي، وأنت مش واخذة على البهدلة ، وكمان المرتب اللي هتاخديه مني هاتقدري تعيشي به أنت وأختك، وواحدة واحدة تسددي ديونك.

سبته وعد في سرها بأفظع الشتائم والألفاظ النابية التي تعرفها.

وعد بمهادنة : طب قل لي أعمل إيه يا زين؟

زين: الصحفي الشاطر هو اللي يروح للخبر مش يستنى الخبر يجي له.

وعد في سرها :اه يا ابن الكلب، عامل لي فيها عمرو أديب!؟

زين :ارشي الحارس، لاغيه، اتصرفي.

وعد الى هنا وكفى.

وعد :ألاغيه؟! ايه اللي انت بتقوله ده؟!

زين: إيه؟! بقول لك لاغيه ,ضحكة حلوة، نظرة كده ،ما قلتلكيش صاحبيه.

وأغلق الهاتف في وجهها.

ابتعدت وعد عن البوابة وهي تسير بجانب السور وقد أقرت انها لن تفعل ذلك وأثناء سيرها وجدت شجره تميل فروعها على سور الحديقة المحاوطة للڤيلا فقررت أن تتسلقها وتدخل الڤيلا خلسة تلتقط له صورتين حديثتين وتكتب كم خبراً قديماً مما قراءته عنه وانتهينا.

وبالفعل تسلقت الشجرة ونزلت من فوق السور، ورشاقتها مكنتها من ذلك.

اختبأت وعد فوق إحدى الأشجار اليافعة بالحديقة بالقرب من المسبح وهي تدعو الله أن يشعر هذا الوسيم بالحر او الملل فيقرر الخروج إلى الحديقة وتتمكن من التقاط بعض الصور له.

مرت ساعة وهي على نفس الحال إلى انت تيبست قدماها، وفجأة حدث ما توقعته إذ خرج ريان وهو يرتدي  بنطال قصير وقميص بدون أكمام فاتحاً أزراره الأمامية، وبدا وسيماً للغاية.

وعد لنفسها: في ايه يا بت مالك؟! ما تثبتي كده.

قامت وعد بالتقاط صورتين له وما إن همت بالتقاط الثالثة كان هذا الوسيم يخلع عنه قميصه ويقفز إلى المسبح الموجود في حديقة الڤيلا.

التقطت له عدة صور بعد ان كانت تسعى لالتقاط صورة او اثنين وجدت نفسها تلتقط له ما يقرب من فيلماً كاملاً ستعطي لهذا الوقح زين بضع منها وتحتفظ بالباقي لنفسها.

ماذا تقولين يا وعد؟! لا يهم ستفعل ما تريد الآن، وستفكر فيما بعد لم فعلت ذلك؟!

أم أنها تخشى أن تعرف السبب، فلقد دق القلب وأحبت العين قبل اللقاء وسلام اليدين.

هزت وعد رأسها؛ تنفضه من تلك الأفكار، وفتحت حقيبتها لتستبدل فيلم الكاميرا فانشغلت عمن تراقب لدقيقتين .

اما هو فمع ضوء الشمس ولمعة فلاش الكاميرا لاحظ وجود أحد المتلصصين أو ربما قاتلاُ مأجوراً، وما رآه من بريق لم يكن سوى سلاحاً مصوباً نحوه.

فخرج من الماء وتسلل بخفة بينما هي كانت منشغلة باستبدال الفيلم.

دقيقتين!! دقيقتين فقط!؟

انتفضت بفزع عندما أحست بذراع تحاوط خصرها ويد تكمم فمها وأحدهم يسحبها أسفل جذع الشجرة التي كانت قد تسلقتها منذ ساعة لتتمكن من مراقبة هذا الوقح ريان.

وذلك عندما رفض بكل عجرفة أن تلتقط له صورة لتزين مقالها الذي أراد زين أن تكتبه عنه مع بعض الأخبار عن أسباب اعتزاله الكتابة وتفرغه لحياة المال و الأعمال .

أدارها هذا الشخص بين يديه كدمية و هي مغمضة العينين تفتح عينيها ببطئ لتقابل عينين تشتعلان بالغضب و هو يطالعها بمزيج من الحنق و السخرية.

ولكن سرعان ما تحولت النظرات الساخطة لهاتين العينين إلى نظرات عابثة تتفحص جسدها بجرأة و صدرها يعلو و يهبط من شدة الخوف .

رفع إحدى يديه يستشعر بظهر راحتها ملمس بشرة وجهها التي تبدو كبشرة الأطفال، و هو مغيب من جمال عينيها الزقاوين.

وعندما ارتجفت شفتيها الكرزية و آاااه من كرزيتيها ابتلع ريان رمقه، يبلل شفتيه بتلذذ، وهو يتخيل مذاقهما؛ فانتفض عرقه النابض بجانب شفتيه من ثورة مشاعره .

وما إن استشعرت وعد أنفاسه الحارة التي لامست وجنتيها حتى انتبهت على حالها تنفض يده عنها.

مبتعدة خطوة إلى الخلف حتى كادت أن تتعثر لولا أنه جذبها من ذراعها لتصطدم بصدره العريض، تستند بكلا راحتيها إلى دفء صدره العاري فتشابكت النظرات.

تتمتم بهمس: اللهم ما اخذيك يا شوشو يخرب بيت جمال أمك.

البارت_7

عودة لمحمد.
بعدما قام بتوصيل وعد وهمس والسيدة نجوى إلى محطة القطار واستقلوا القطار إلى الاسكندرية.

ذهب الكل إلى وجهته، فقد قصدت السيدة نجوى وهمس منزل زكري والد مصطفى وزوج السيدة نجوى، وذهبت وعد لإتمام المهمة التي سافرت من أجلها إلى الإسكندرية .

أحس محمد بانقباضة صدره لفراق من أحب في صمت؛ فكم هو مؤلم أن يكون الشخص عاشقاً حتى النخاع ومن أحب لا يشعر بنيران قلبه الذي أضناه العشق، فسلاماً على قلوب أحبة عانت، ولم ترتوي بقرب الحبيب.

أخذته قدماه إلى شاطئ النيل يشكوه الشوق والضنا فقد غادرت معذبته ولم يذق في حبها طعم الهنا.

وبعد جولة من السير هائماً على كورنيش النيل لا يعرف له وجهة لم يجد بدٱ من العودة إلى منزله، فقد مرق الوقت دون أن يشعر.

صعد محمد إلى منزله وطرق الباب؛ لكي يعطي بعض الخصوصية لمن بالداخل فقد كانت سارة ابنة عمته مع أخته هاجر منذ أمس لعلمها بمغادرة وعد وهمس في الصباح الباكر، وأرادت أن تقضي الفتيات الاربعة مزيدٱ من الوقت، فلقد تعلقن ببعضهن ولكل واحدة منهن جاذبيتها التي ميزها الله بها دونٱ عن غيرها.

استمع محمد إلى صوت تلك الصغيرة سليطة اللسان سارة فقد ذهبت زوجة خالها السيدة تحية إلى السوق، وتوجهت هاجر لشراء الخبز من الفرن الكائن بأول الحارة .

سارة ظنٱ منها أن الطارق هي هناء ابنة خالها.

سارة: إيه يا زفتة مش معاكي مفتاح؟! تلاقيك نسيتيه يا مخبلة.

كانت تلك هي الجملة التي قالتها سارة، وهي قابضة على قفل الباب تفتحه وأولت مَن بالباب ظهرها عائدة مرة أخرى إلى الداخل .

كانت تعلم أن محمد لن يعود الآن، فهي تحفظ مواعيد ذهابه إلى العمل، فبعد تخرجه عمل موظفٱ صغيرٱ بالعلاقات العامة لإحدى الشركات ،بعدما بحث كثيراً عن وظيفة في جميع الصحف لتناسب مجال دراسته، ولكن أين له بدعم أو وساطة ليجد هكذا عملٱ؟!

وقد منعته كرامته كرجل عاشق أن يطلب من وعد يد المساعدة فوالدها في ذلك الحين لم ولن يصعب عليه شيئٱ.

ولكنه خشى أن تفسر مشاعره تجاهها طوال فترة دراستهم، أنه يطمع بمركز وأموال أبيها وليس ما يكنه لها من حب خالص لذاتها.

اتسعت حدقتي عينيها وتسمرت سارة بأرضها ، ففي أثناء أستدارتها علمت أن الطارق ليست هناء ولكنه محمد .

أخذ منها الأمر دقيقة حتى تستوعب ما عليها فعله ، فبعد أن قضت ليلتها هي وهناء يتسامرون مع وعد وهمس والسيدة نجوى والسيدة تحيه والدة محمد في الشقة التي استأجرتها الفتيات ، و بعدما تبادل الفتيات أرقام الهواتف ليطمئن على بعضهن البعض .

عند الفجر قاموا بتوديعهما، وذهب محمد لتوصيلهما ، عادت الفتاتان سارة وهناء ومعهما السيده تحية إلى شقة السيدة تحية لينالوا قسطٱ من النوم .

وعند دقات الساعة الحادية عشر استيقظت السيده تحية، وذهبت إلى السوق لإحضار طعام الفطار والغذاء.

وقامت هناء بإيقاظ سارة وأعلمتها أنها ذاهبة إلى الفرن حتى تجلب الخبز .

وعندما دق الباب خرجت سارة تفتح ظنٱ منها أنها هي.

فقد كانت سارة لازالت بإحدى مناماتها القصيرة التي كانت ترتديها أسفل فستانها المحتشم الذي حضرت به إلى منزل خالها رحمة الله عليه.

وبالرغم من كونها غير محجبة فهي لازالت في عامها السادس عشر وقد تعدته ببعض الأشهر فبعد شهرين ستتم السابعة عشر ربيعآ ، هي تعلم أن عليها ارتداء الحجاب وكانت ستقدم بالفعل على تلك الخطوة ولكن الله لم يأذن بعد .

كانت منامتها القصيرة تكشف عن ساقيها البيضاء حتى ركبتيها ، بدون أكمام وفتحت صدر واسعة بعض الشيء.

محمد وقد بلغ به الغضب منتهاه كيف لها أن تفتح الباب بتلك الهيئة ، ماذا لو كان محصل الكهرباء مثلٱ أو أي رجل آخر ، وحتى لو كان هو ، فهو لا يحق له أن يراها بملابسها هذه .

و برغم انها توليه ظهرها إلا أن الفكرة ذاتها جعلته في قمة الغضب ، إلى جانب ما يعانيه بالفعل من آلام قلبه على فراق من أحب .

وكما يقول الشاعر اللي هو أنا طبعاً : ما قدرش على الحمار اتشطر على البردعة.

محمد بصوت جحيمي : أنت يا هانم؟! أنت إزاي تفتحي الباب وأنت كده؟! إيه وصل بيكي الإستهتار أن مابقاش فارق معك أن حد يشوفك بالشكل ده؟!

الظاهر إن عمتي ما عرفتش تربي , ده لو هناء اللي عملت كده كنت قطعت رقبتها.

لا ، لن تسمح له أن يتهممها في أخلاقها ، إلى هنا وستضع قلبها أسفل قدميها داعسة عليه بحذائها.

من يظن نفسه لينعتها بقليلة الرباية؟!

التفت سارة إليه وقد نست ما ترتديه ، أو لماذا نعتها وسبها في أخلاقها، وتقدمت منه خطوة كقطة شرسة ستهجم عليه بأظافرها.

وبرغم لمعة عينيها بالدموع ، ولكن لا ضعف بعد الآن ، فإذا كان مشغول بغيرها وحب آخرى منعه من رؤية من سواها ، ولكن عند كرامتها وكبريائها لابد وأن تضع خطٱ أحمرٱ.

سارة : على فكرة أنا مش هأقول لك إني كنت فاكراك هناء اللي نزلت تجيب عيش من الفرن ،واللي دايما بتنسى مفتاحها كل ما تنزل ويا أنا يا مرات خالي نفتح لها ، وإني كمان عارفة ومتاكدة إنك بتروح الشغل الساعه تمانية وما بترجعش إلا الساعة خمسة، لأن حتى لو غلطت إني ما تأكدتش إن هناء هي اللي على الباب ، فده مش معناه إني قليلة الرباية لإني إتربيت في بيتكم مع أختك.

فلو كنت ما تربتش في التقصير منك أنت.

و إبتسمت بسخرية مستكملة:
يا اللي بتقول عليا إني زي اختك الصغيرة.
أوووووووبا قصف جبهة.

قالت ما قالته دفعة واحدة، ولم تستطع بعدها السيطرة على الدموع التي خانتها وفرت هاربة على خديها ، و أقسمت بداخلها أنها لن تخطو إلى هذا المنزل ما حيت.

يكفيها ألم قلبها؛ فلم تجني من عشقه سوى الشقاء والحزن والضعف وهذا ضد شخصيتها .

أما هو فقد أحس بالغضب من نفسه؛ منذ متى وهو قاسي إلى هذا الحد؟!

إنها مدللته الصغيرة التي كان يجلب لها الحلوى مثلها مثل هناء ، كان يهتم بهما الاثنتين ، إنهما عيناه وهو الجفن الحارس لهما ، كان يكبرهما بخمس أو ست سنوات، ولكنه يعتبرهما ابنتيه.

كانت والدته وعمته يحملان بأحشائهما في جنياتيه الصغيرتين .

وكأن والدته وأخت زوجها اتفقتا على أن تضيئا حياته بحوريتين من الجنة
فهو يتذكر جيدٱ عندما حضر والدته آلام المخاض .

وحملها والده الى المشفى وأمره بالتوجه إلى عمته وزوجها كونهما أقرب الأهل إليهم، فهم يسكنون معهم بنفس الحارة .

وأوصاه أن يخبرهما بأن والده أخذ والدته لأقرب مشفى لتضع حملها .

ولكون أبيه لن يستطيع الإهتمام بوالدته و بصحبته طفل صغير ، وهي تصرخ من الألم الذي داهمها عند الفجر، فطمئنه والده وأخبره أن يوافيه الى المشفى بصحبة عمته وزوجها ، و التي قد حدد لها الطبيب هي الآخرى ميعاد الوضع بعد والدته تحية بأسبوع .

ولكن عندما حضرت عمته بصحبتهما إلى المشفى الذي سبقه والده إليها ، ورأت ما تعانيه زوجة أخيها من ألم الولادة انتابتها حالة من الخوف والرهاب ، أدت إلى نزول ماء الجنين ، فاضطر الأطباء إلى توليد الاثنتين في نفس الوقت ، والدته بغرفه الولادة الطبيعية ، والآخرى في غرفة الولاد القيصرية.

وعندما خرج الطبيبان كلاً منهما من غرفة الأخرى بالطفلتين ، اندفع الوالدين للاطمئنان على زوجتهما.

أما محمد ذهب ليرى المولودتين، وقتها كان طفلاً صغيراً، وجل ما يريده هو رؤية الصغيرين، فكما يقال انهما ولدتا على يديه .

عودة.

عندما رآى محمد حالة سارة جراء ما اسمعها إياه، آلمه قلبه عليها.

حتى لو أخطأت ، كان يجب عليه توجيهها برفق، فما ذنبها هي بما هو فيه؟! بجميع الأحوال هي صغيرته .

ماذا صغيرته ؟!
عن أي صغيرة يتحدث ؟!

نظر لها بهيئتها المهلكة تلك، وتسائل متى أصبحت جنيته الصغيرة أنثى مثيرة إلى هذا الحد؟!

جسدها الملفوف وساقيها الممتلئتين ببياضهما الناصع ، خصرها المياس، ومنحنياتها الخطيرة المثيرة، وشعرها المموج الأشعث من أثر النوم، وخدودها الوردية بجمال رباني .

مد يده يجفف دموعها وقد فطر قلبه نظرة الحزن والقهر التي شملته بها.

وبلحظة لم يعي على حاله عندما تحولت اليدين التي كانت تواسي إلى يدين تداعب وجنتيها بحنان، وهي ما إن أحست بلمساته على خدها حتى تبخرت وعودها التي قطعتها على نفسها بالابتعاد ولملمة ما تحطم من قلبها على أمل أن يشعر بها يومٱ.

أما هو فقد فقد صوابه بعد رؤيته لها بهذه الهيئة الساحرة ولم يشعر بحاله إلا وهو يميل بوجهه مقتربٱ منها ، و تلاقت العيون ، عينيها العسليتين التي تحيطهما طاقة من اللون الأخضر كأنها طوق يجذب الناظر اليها.

وما زالت يديه على خدها وكأن جسده ينجذب إليها دون إرادة منه، فارتفعت يده الآخرى تحط على خصرها بنعومة وما زال رأسه يميل إليها ببطء قاتل ، وعينيه تنتقلان ما بين عينيها تارة وإلى شفتيها تارة آخرى ، وكلاً منهما يتنفس أنفاس الآخر دون تلامس .

إلى أن استفاقت سارة على حالها عندما سمعت وقع أقدام أحدهم على السلم وصوت بدا قادم من بعيد ، فقد كان الاثنان وكأنهما بعالم آخر، بمكان آخر، وأيضٱ ظروف أخرى .

وكان الصوت ما هو الا صراخ هناء عليها .

هناء: بت يا سارة!! أنت نسيتي باب الشقه مفتوح؟! زمان القطط اللي على السلم دخلت بهدلت الدنيا جوه .
…………………………………….

عند الباشا ريان ووعده ، بعدما التقطها من فوق الشجرة.
ريان ببحة صوته الرجولية وما زادها سحر حشرجة صوته من فرط اثارته و فيض مشاعره عندما غرق في بحر فيروزيتيها .

ريان : Who are you? And,what brings you here?
من أنت؟ و ماذا أتى بك إلى هنا ؟

وعد بهيام : جيت لقدري يا أخرة صبري.

كيان : What are you shaming?
بماذا تهزي؟

وعد : What, كمان يا وحش المجرة و والله العظيم هابوسك من بؤك انت حر.

منع ريان حاله من الابتسام بسبب تغزلها الصريح به وتصنع الغضب صارخٱ بوجهها .

ريان : I don’t understand any thing from you,pronounce , are you athief ? or may be some one sent you to kill me..
أنا لا أفهم منك شئ، ربما تكوني لصة، أو ارسلك أحداً لقتلي.

شهقت وعد فهذا الشئ لم تحسب حسباناً له، أين كان عقلها عندما فكرت في ان تخطو تلك الخطوة؟!

للأسف أيقنت الآن أنها في خبر كان، فماذا سيمنعه من تسليمها الى الشرطة؟!

بالنهاية هي مَن أوقعت نفسها في هذه المصيبة.

يمكنه اتهامها بالسرقة أو ربما في محاولة لقتله، فرجال الأعمال دائماً محاطون بمكائد ومخاطر من قِبَل أعدائهم.

ها قد اكتملت المصائب فقد أُتهِم أبوها من قبل بسرقة مال عام وتهرب ضريبي واختلاسات.

وهي ستزج في السجن بسبب غبائها بتهمة السرقة أو ربما بمحاولة القتل.

وعند هذه النقطة، أحست بتباطئ ضربات قلبها ورعشة في أوصالها، وبدأ العرق يتصبب على جبينها.

أما هو فمن شهقتها وتعبيرات وجهها وجملتها الأولى التي نطقتها بلكنة إنجليزية متقنة، علم أنها تفهم عليه جيداً ، وفطن أنها لم تجيب عليه مرة أخرى بالانجليزية لأن ليس لديها رد على حماقاتها تلك، و أن وراء اندفاعها ودخولها بتلك الطريقة سببٱ قوي.

كما علم أيضٱ أنها ليست سارقة؛ فلو كانت قد قدمت إلى من أجل السرقة، ما الذي جعلها تصعد إلى الشجرة لو كانت كذلك، لحاولت الدخول إلى القصر وأخذت ما تطوله يداها.

وهي أيضٱ ليست قاتلة فلو كانت، لم تكن  لتلج إلى قصره من الأساس ، وهناك كاميرات مراقبة تحيط بسور القصر من جميع النواحي وتملأ الأرجاء داخل القصر وخارجه وفي الحديقة، وبكل مكان، وليست كاميرات خفية بل إنها كاميرات ظاهرة للعيان.

إذٱ إنها ليست بقاتلة محترفة ولا حتى سارقة وما يحيره ماذا أتى بها إلى هنا؟!

في حين أن كانت هي له كالكتاب المفتوح يعلم ما بداخلها ، كان هو بارد من الخارج، لا يظهر على معالمه شيء، وللآن هي لا تعي أنه يفهم حديثها جيدٱ .

حسنٱ يا صغيرة ، أتريدين اللعب ؟
فلنتسلى قليلٱ ، ولِمَ قليلٱ فالمهمة التي جاء من اجلها وهي البحث عن زوجة اخيه الراحل ستستغرق أسبوعاً كاملاً كأقل تقدير.

و هذه السوسن هي الآخرى تجبره على المكوث بمصر.

اللعنة!!
،ألم تجد تلك السوسن شخصاً آخراً تتزوجه سوى أخيه الذي تلطخت يد عمه بقتل عمها ، فقام أبوها بقتل عمه؟!

إنها رحلة عجيبة!! وأي قدر غريب أتى به إلى مصر ليقابل أحمق نسائها بل أحمق نساء العالم أجمع؟!

من جهة زوجة أخيه ومن جهة أخرى تلك التي لا يعلم عنها شيئا؟!

في ثواني قرر إعطاء الحمقاء التي أمامه سببٱ للسكوت وفي نفس الوقت يعطيها فرصه للكلام؛ فقد استمتع بمغازلتها له.

لقد أطربت أذنيه وحركت مشاعر الرجل الذي بداخله ، بالرغم أنها ليست أول إمراة وليست أول مرة يستمع بها إلى عبارات الاطراء و الغزل، ولكن هذه المرة لها مذاق مختلف .

رآى أجمل نساء العالم والأكثرهن اثارة و جرأة ، ولكن لم يحركن بجسده شعرة ، ولم تهفو روحه إليهن كما هو الآن .

انتظر ريان ، أنت لا تعلم عنها شيئٱ ، وليكن، ولكني سأسعى لفتش كل أسرارها والغوص في أعماقها وربما اكثر من ذلك، وكان هذا حديثه مع الذات.

ريان بصوت مسموع : Damn,that idiot looks like she doesn’t know English.
اللعنه على تلك الحمقاء يبدو انها لا تعرف الانجليزيه .

اما تلك البلهاء فقد ابتلعت الطعم .

وعد بعد أن أطمأنت على أنه لا يفهم من لغتها العربية شيء .

وعد : الله ينور عليك يا حتة ، هو كده ، نو انجلش .

فقد قررت أن تدعي الغباء لتكسب بعض الوقت وربما تستطيع الهرب .

أما هو ، بماذا تهزي هذه الفتاة؟ وماذا تعني بحتة ؟ أهي مدح أم ذم ؟

ولكنه علم ما يدور بداخلها فهي تهادنه لأمر في نفسها وما هو سوى انها تتحين الفرصة للهرب ، فأراد إحباط محاولتها لمجرد التفكير في الإبتعاد عن ناظريه دون إذن .

فرقع بإصابعه في اشارة منه للفت انتباهها ، وبالفعل اتجهت أنظارها إليه فأشار لها على كاميرات المراقبة ، كأنه يقول لها إياكي ، فلقد تورطتي وانتهى الأمر لقد التقطت لك تلك الكاميرات فيديو بمحاولة اقتحامك قصري دون إذن أو بمعنى آخر ، أنت أسيرتي فنجاتكي بيدي وهلاككي بإشارة من إصبعي .

نعم ، هذا ما كان يريد أن يوصله لها ، وهي فطنت ما يريد قوله دون أن ينطقه لسانه ، فهو لم يقولها بالإنجليزية إنما اكتفى بلغة الإشارة.

وهو يشير إلى الكاميرات حتى يوهمها بإنه اقتنع بعدم فهمها للانجليزية، والتقطت هي الرساله دون حديث .

صار أمامها بعد أن أعطاها أشارة أخرى بأن تتبعه ، فصارت خلفه تتمتم .
وعد : يااالهوووي عليكي يا وعد ،شوال نباها مقفول .

وهو بعد أن أولاها ظهره أخيراً استطاع الإبتسام على ردود أفعالها وكلماتها، وبرغم الحزن الظاهر بعينها إلا إنها حقٱ خفيفة الظل.

مهلا لقد عرف اسمها، وعد!! وعد!! ما أجمله من إسم له نكهة خاصة كصاحبته .

أما وعد وهي تحاول مجارات خطواته السريعة.

وعد :  قطعت نفسي يا اسمك إيه، لا وماشي فرحان لي بعضلاته دي ، هو مش ناوي يستر نفسه؟! الانسان مننا دددعيف .

فعندما لاحظ ريان وجود أحد أعلى الشجرة ، خرج من المسبح ولم يكلف نفسه عناء ارتداء شيئاً أعلاه ، إذ كان همه الأكبر هو الإمساك بمن يختبئ قبل فراره.

علِقت جملتها الاخيرة برأسه، يحاول أن يفسر مغزاها ، مهلٱ عضلاته إنها تتغزل به ثانية .

ماذا !!! أتشعر بالضعف في حضرته ؟ لذيذة ، شهية ، ومرحة تخطف القلوب .

وما إن وصلوا إلى داخل الفيلا، أصدرت معدتها صوتاً ينم عن الجوع ، فهي لم تأكل شيئٱ منذ أن إستقلوا القطار فجرٱ ، وها قد اقتربت الساعه من السادسة مساء .
وما كان منها إلا أن …….

👇

رواية وعد ريان للأسطورة أسماء حميدة الجزء 3

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top