رواية متى تخضعين لقلبي مكتملة بقلم شيماء يوسف الفصل التاسع

pexels-photo-984944-984944.jpg

متى تخضعين لقلبى
الفصل التاسع

مضت الايام الثلاث التاليه على فريد فى محاولات مميته للاعتذار من حياة ولكن ذهبت جميع محاولاته ادراج الرياح فقد تحولت إلى حياة اخرى لا يعرفها ، حياة خاضعه ، كانت تشاركه جميع وجباته وتستمع إلى جميع اوامره بصمت ، وكان اقصى رد فعل يصدر منها رداً على اعتذاره او حديثه هو ايماءه خفيفه من رأسها او نظره عتب ممزوجه بالكثير من الحزن ثم تمضى فى طريقها كأنها مُغيبه ، شعر كأنه يحارب على ثلاث جبهات ، شعوره المضنى بالذنب عما بدر منه فى تلك الليله ، وحزنه الشديد على حالتها التى اوشكت على دفعه للجنون ، اما اسوئهم فكان ذلك البركان الذى يشتعل بداخله عندما يتذكر ما تفوهت به اثناء رعبها منه ، كانت كلماتها واضحه لا تحتاج إلى تفسير ، كان يحترق بناره كطائر العنقاء ويتحول إلى رماد قبل ان ينبعث مره اخرى من رماده ليعيد الكره ، مئات الاسئله التى تدور فى عقله يومياً دون اجابه ، ما الذى فعلوه بها اثناء غيابه !! اقسم لنفسه بكل ما يملك وما لا يملك اذا كانت شكوكه صحيحه سيقوم بحرق من أذاها حياً حتى يهدء تلك النار التى تستعر بصدره ولكن اولاً ينتظر خروجها من تلك الحاله اللعينه ويضع حلاً لذلك اللغز ثم ليأتى وقت الحساب .


فى احد الايام كانت حياة وكعادتها فى الايام السابقه تستغل فرصه خروج فريد وعودته متأخراً فى استخدام غرفه مكتبه للقرءاه ولم تدرى سبب شعورها بالراحه بداخلها ولكنها كانت تفضل المكوث بها عن غرفتها ، جلست فوق الاريكه الوثيره الموضوعه بعنايه فى جانب الغرفه وأشغلت ضوء المصباح الخافت و سرحت داخل تفاصيل تلك القصه التى تتحدث عن بطل يحاول بشتى الطرق اكتشاف نفسه بعد ان قضى نصف حياته مع زوجه لا تفهمه ووظيفه تقتل شغفه ، تثابئت عده مرات قبل ان تذهب فى نوم عميق وهى تحتضن الروايه بين ذراعيها كأنها كنز ثمين .

عاد فريد فى وقت متأخر من الليل وتوجهه مباشرة نحو غرفه مكتبه ليضع بخزنته بعد الاوراق الهامه ، دلف إلى داخل الغرفه وتفاجئ بنور خفيض يأتى من احد أركانها ، رمش بعينه عده مرات قبل ان يستوعب وجود حياة تنام منكمشه داخل الاريكه وهى تحتضن كتاب ما بين ذراعيها ، وضع حافظه اوراقه فوق مكتبه بهدوء ثم توجهه نحوها وانحنى بجزعه فوقها يزيح احدى خصلات شعرها حتى يتسنى له رؤيه قسمات وجهها الناعم ، كانت مستلقيه هناك بهدوء تمثل كل ما لديه من احلام ، عدل من وضع جسده ثم جلس على ركبتيه حتى يصبح فى نفس مستواها ويمتع عينيه برؤيتها ، زفر مطولاً وهو يفكر كم يتمنى لو كان بديلاً لذلك الكتاب الذى يقبع هناك قريياً جداً من قلبها ويستمع إلى دقاته ، فليس من العدل ان ينعم ذلك الكتاب بدفء جسدها بينما هو يظل وحيداً يعصف به الشوق والغيره من مجرد جماد ، تنهد بألم ثم مد كفه ببطء يتلمس برقه وجنتها ثم انزلقت يده نحو شفتيها الناعمه يتحسسها بشغف قبل ان يهتف بأسمها هامساً بنبره حانيه وهو يهز جسدها بنعومه:
-حياة ..
حركت جفونها ببطء تفتحها وهى تنظر إليه بعدم استيعاب ثم انتفضت من مقعدها برعب وهى تحتضن جسدها بكلتا ذراعيها وتقف فى مواجهته بملامح ناعسه ، حاول فريد طمأنتها فتحدث مسرعاً وهو يرفع كلتا يديه فى وجهها باستسلام قائلاً بصوت أجش ناعم لا يزيد عن الهمس :
-متخافيش .. انا بس دخلت الاوضه لقيتك نايمه هنا قلت اصحيكى ..

تنهدت براحه ثم لانت قسمات وجهها قبل ان تتحدث بصوت هادئ مبرره تصرفها :
-انا كنت قاعده هنا بقرا كتاب وبعدين محستش بنفسى ومعرفش ازاى نمت ..
هز رأسه لها عده مرات وهو يحرك جسده بتوتر واضعاً يده داخل جيوب بنطاله ، تحركت بجسدها بهدوء فى اتجاه الباب عندما اوقفها صوته يسألها قائلاً بحزن :
-حياة !!! ..
التفت بجسدها تنظر إليه ببطء ثم شاحت بنظرها بعيداً عنه ، تنهد هو مطولاً وتقوس فمه ثم اضاف بأحباط متسائلاً :

  • انتى هتفضلى ساكته كده لامتى ؟!..

لوت فمها بتهكم مرير ولم تعقب على حديثه وهى تحرك راسها جانباً وتخفض نظرها ، تنهد هو بألم ثم استطرد حديثه قائلاً بيأس :
-انا عارف انك زعلانه منى ومفيش كلام ممكن ادافع بيه عن نفسى بس على الاقل قولى اى حاجه .. اصرخى .. زعقى ..

رفعت رأسها مره اخرى تنظر إليه ثم أبعدتها عنه مره اخرى ، رفع رأسه لاعلى قليلاً وزفر عده مرات قبل ان يضيف بنبره شبهه حاده مملؤءه باليأس قائلاً :
-حياة !! انا عمرى ما شفتك كده !! قولى اى حاجه !! مش دى حياة اللى انا اعرفها !!!..

اقتربت منه ببطء وهدوء وهى تنظر إليه بعيون لامعه حتى توقفت امامه ثم سألته بصوت منكسر :
-انت عايز حياة ازاى ؟! ..
أجابها بأندفاع وقد بدءت تتجاوب معه :
-عايز حياة اللى اعرفها !! اللى بتعاند معايا !! اللى بتصمم تعمل اللى هى عايزاه .. اللى زى موج البحر قويه وبتاخد اى حاجه فى طريقها ..

أصدرت صوت من فمها ينم عن السخريه وهى تلوى فمها بسخريه ثم اجابته بعدما ازدرت لعابها وحاولت السيطره على ارتجاف شفتها السفليه وصوتها الملئ بالدموع :
-حياة خلاص انت عرفتها مقامها وقوتها كويس .. عرفت انها مهما كانت قويه بحركه واحده منك تقدر تغلبها ..

رفعت كلتا ذراعيها تلوح بهم فى الهواء وهى تضيف بمراره :
-عشان كده انا قدامك .. بسمع كل الكلام .. باكل زى ما تحب .. وبنام وقت مانت تحب .. ومش بتحرك غير لما انت تحب .. بأختصار كده بعمل كل حاجه زى مانت عايزها !!
صمتت قليلاً بسبب دموعها التى اوشكت على الانهيار ثم اضافت بصوت متحشرج :
-فاضل حاجه واحده بس اعملها عشان ابقى الزوجه المطيعة المثاليه .. نكمل اللى انت بدءته يوم الخميس .. ومتخفش المره دى مش هيطلعلى حتى صوت ..
انهت جملتها وبدءت تحل آزار قميصها وهى تبكى بصمت
صرخ بها فريد بقوه وهو يمد كفه يغلق آزار ردائها قائلاً :
-حياة !! حيااااة متعمليش كده !! قلتلك انى اسف !! اعمل ايه عشان تسامحينى !! انا كنت شارب ومش حاسس بحاجه !! وعد مش هشرب تانى بس متعمليش كده !.. فوقى بقى حرام عليكى !!..

ابتلعت لعابها بقوه ثم اجابته من بين دموعها قائله:
-عارف المشكله كلها فين ؟!.. انى كل ما افرد جناحى عشان أطير يجى حد يقصه .. لحد ما صدقنى كرهت الطيران .. فاطمن انا بقيت هنا تحت طوعك ..

انهت جملتها ثم تحركت بخطوات ثقيله بإكتاف متهدله نحو الخارج .


فى الصباح التالى كانت نجوى تجلس فى احد الكافيهات تتحدث هاتفياً إلى رجل ما ، سألته بترقب قائله :
-ها خلصت معاها ؟!!..
أجابها الرجل بثقه :
-ايوه يا هانم اتفقت وكله تمام ..
سألته نجوى مره اخرى بقلق :
-متأكد انها هتعرف تنفذ ولا هتلخبط وتبوظ كل ترتيبى ؟!
أجابها الرجل بنبره فخر :
-اطمنى يا سيرين هانم كله تحت السيطره .. شكلها كده كانت واقعه وما صدقت ..
صمت الرجل قليلاً ثم اضاف متسائلاً :
-بس حضرتك مقلتليش وقعتى عليها ازاى دى ؟!..
اجابتها نجوى بحده :
-مش شغلك المهم انك اتفقت معاها وهتعمل اللى انا عايزاه غير كده ملكش ..
اجابها الرجل مسرعاً :
-خلاص يا هانم ميبقاش خلقك ضيق كده .. انا مليش فيه المهم انى هقبض ..
لوت نجوى فمها بضيق ثم اجابته بحنق :
-متخافش هتاخد نص فلوسك قبل ما تنفذ والنص التانى بعد التنفيذ على طول ..
سألها الرجل بتلهف :
-يعنى هشوف حضرتك امتى ؟؟!..
اجابته نجوى بخبث :
-لا يا حلووو متفقناش على كده .. هبعتلك حد يسلمك ولا عايز لو الدنيا خربت رجلى تتجاب !!!
اجابها الرجل بثقه وثبات :
-متخافيش يا سيرين هانم كل حاجه هتبقى تمام وهشرفك ..
اجابته نجوى بنفاذ صبر :
-لما نشوف ..وزى ما نبهتك مش عايزه موووت .. عايزاها قرصه ودن وبس فاهمنى ؟!!..
اجابها الرجل بأعتراض :
-لييييه بس يا هانم ؟!!! ما تخلينا نخلص مره واحده ..
اتسعت عينى نجوى وهى تجيبه بشراسه قائله :
-اسمع اللى بقولك عليه وتنفذ وبس ..عايزاها قرصه ودن بس تكون تقيله .. حاجه حلوه كده .. والباقى هيجى فى وقته ..
اجابها الرجل موافقاً على مضض :
-اللى حضرتك تؤمرى بيه يمشى .. انا المهم عندى الفلوس ..
اجابته نجوى بنفاذ صبر :
-مفهوم مفهوم .. اقفل وهكلمك تانى نتفق على ميعاد التسليم والتنفيذ ..
اغلقت الهاتف وهى تبتسم بشراسه وتقول بحقد :
-نبقى نشوف يا فريد بيه هتعمل ايه مع ست الحسن بتاعتك ..


فى الصباح التالى ورد إلى فريد اتصال هاتقى متعلق بالعمل يضطره إلى السفر بأقصى سرعه لذلك طلب من السيده عفاف بتحضير حقيبه سفره من اجله وكان يعهد إليها دائماً بتلك المهمه دون غيرها ، انتهى سريعاً من جميع الترتيبات وتبقى لديه مهمه اخبار حياة مع علمه جيداً بعدم اهتمامها بتلك المعلومه ولكنه داخلياً كان يتخذها حجه للتحدث معها ، لذلك توجه نحو باب غرفتها الرئيسيه وطرق فوق الباب طرقاً خفيفاً ، جاءه صوتها الناعم يطلبه بالدخول ، دلف ببطء وتوجس فتلك المره الاولى اللى يدخل غرفتها منذ تلك الليله ، تفاجئت هى بوجوده وتعجبت من عدم استخدامه للباب المشترك بينهم ولكنها اثرت الصمت وعدم التعليق وانتظرت ان يبدء حديثه ، تنحنح هو قائلاً :
-احم .. حياة انا عندى سفر هغيب فيه كذا يوم ..
صمت قليلاً وتقوس فمه بأحباط ثم اضاف بتهكم مرير :
-انا عارف طبعا انه مش مهم بالنسبالك بس كان لازم أبلغك .. وياريت لو سمحتى مش تحكم لو حبيتى تخرجى يكون معاكى الحرس .. ده لامانك ..
انهى جملته ثم توجهه نحو المنضده الموضوعه فى احد أركان الغرفه وانحنى بجذعه يضع شئ ما فضى يلمع بخفوت بعدما اخرجه من احد جيوب بنطاله ، رفعت حياة احدى حاجبيها بأستنكار ثم سألته بنبره حاده قائله :
-ايه ده بالظبط ؟!!..
اجابها بأبتسامه خافته :
-ده مفتاح الاحتياطى اللى كان معايا…….
ابتلع ما تبقى من جملته داخل فمه وأشار بنظره بعيداً عنها ، تحركت هى بعنف نحو المفتاح والتقطته بحده ثم توجهت نحو النافذه وقامت بألقاءه من اعلى ثم عادت تنظر إليه شرزاً وهى تعقد ذراعيها امام قفصها الصدرى وتتقدم نحوه بثبات قائله بحنق:
-على اساس انه ده هيمنعك !!! ولا المطلوب منى دلوقتى انى اسقفلك على تضحياتك البطوليه دى !!! ..

انهت جملتها وصدرها يعلو ويهبط من شده الغضب وترميه بشرر ، اتسعت ابتسامته وهو ينظر إليها إذاً لقد عادت فرسته لتمردها ، تقدم منها بضع خطوات ورفع كفيه ليحيطا براسها ويمنعها من المقاومه ثم تمتم بسعاده قائلاً :
-وحشتينى ..
انهى كلمته وهو يطبع قبله حنونه فوق شعرها وانصرف فى طريقه تاركها تشعر بالغضب والارتباك من تصرفه ..


مضت الايام التاليه على حياة بسلام وسعاده نسبيه فقد تمت إجراءات سفر اخيها على خير وقامت بتوديعه بمشاعر ممزقه ما بين الراحه من ابعاده عن الحرب القائمه بينها وبين فريد وبين الحزن من حرمانها من حضن كان ينشر بعض الدفء فى حياتها البارده ، اما ما تبقى من ايامها فكانت هادئه إلى حد الملل فى بعض الأحيان وفقط من باب الفضول كانت تتسائل عن موعد عودته وهذا فقط بسبب فضولها المتزايد وأخذ احتياطاتها وليس الا ولكنها كانت تتراجع ففى النهايه لن تسأل موظفيه عند موعد عودته .

دلفت حياة إلى المطبخ فتعثرت فى عزه التى كانت تخرج منه على عجل وتظهرعلى ملامح وجهها الارتباك ، نظرت إليها بأستنكار وهى تمد شفتيها من تصرفها الغير مفهوم ثم سألت السيده عفاف بفضول وهى تجلس فوق احد المقاعد قائله :
-هى مالها ؟!..
اجابتها عفاف وتركيزها منصب على ترتيب بعض الصحون امامها وهى تهز كتفيها بعدم اهتمام قائله :
-مش عارفه .. تلاقى طليقها عمل حاجه جديده ..
سألتها حياة بأندهاش :
-طليقها ؟!!..
استحوذت حياة بسؤالها ذلك على انتباه عفاف الكامل فتركت ما كانت تقوم به ورفعت رأسها تنظر إليها بأستنكار مكرره :
-ايوه طليقها !!.. هو فريد بيه مقالكيش ؟!..

حاولت حياة اخفاء ارتباكها وقالت بنبره حاولت قدر الإمكان إظهارها طبيعيه :
-لا فريد مش بيحب يتكلم عن حياة الناس الخاصه كتير ..
هزت عفاف رأسها بأستحسان ثم بدءت تسرد حكايتها بحماس كأنه سر من اسرار الدوله :
-اصل طليق عزه اصلا كان شغال عند فريد بيه فى الشركه وكان بيضربها علقه موت لحد ما فى يوم ضربها وبهدل وشها خالص وراحت تزوره فى شغله وعملتله مشكله صادفت خروج فريد بيه ساعتها من الشغل وسمع اللى حصل بينهم .. اتجنن ورفده على طول وعالجها على حساب الشركه وجابها هنا تشتغل بعد ما سألها عايزه تكمل معاه ولا تنفصل وصممت تسيبه .. ومن ساعتها فريد بيه اصدر قرار فى كل شركاته لو اكتشف ان اى حد بيضرب مراته هيترفد فوراً وكل مستحقاته هتروح للزوجه ..

فغر فاه حياة بأندهاش مما سمعته للتو ثم سألتها بأستنكار حسن قائله :
-فريد عمل كده فعلاً ؟!..
اجابتها عفاف بأعجاب وحماسه :
-اه والله انتى مش متخيله الستات بتدعيله قد ايه .. بس من ساعتها وعزه ماشيه تقول ده عمل كل ده عشانى ..
لوت حياة فمها بسخريه وهى تمتم لنفسها قائله :
-لا هو عمل كده عشان ماما رحاب ..
سألتها عفاف مستفسره :
-حضرتك بتقولى حاجه مسمعتش ؟!…
اجابتها حياة بعدم تركيز :
-لا مفيش حاجه .. بقولك ايه يا دادا بما ان مفيش غيرى خدوا النهارده اجازه كلكم وغيروا جو ..
وافقت عفاف على مضض وهى تسالها باهتمام :
-طب هعمل لحضرتك الغدا الاول وامشى ..
اجابتها حياة معترضه :
-لا مش مشكله هطلب من عزه تعملى اوردر من بره وبعد كده تروح هى كمان .. اتفضلى انتى ومتشغليش بالك ..

ابتسمت لها عفاف بحب وهى تتحرك نحو الخارج وتدعوا لها بالسعاده وصلاح البال .

بعد حوالى ساعه خرجت عزه من الباب الخارجى للفيلا وقامت بإخراج هاتفها الجوال بعدما ابتعدت قليلاً عن مجال كاميرات المراقبه ثم تحدثت للطرف الاخر مسرعه :
-ايوه يا بيه .. اسمعنى حضرتك .. النهارده الهانم عطت للبيت كله اجازه وطلبت منى اطلبها اكل جاهز .. دى فرصتنا عشان ننفذ ..

صمتت قليلاً ثم استطردت حديثها قائله بلهفه :
-ايوه انا طلبتلها من مكان * اتصرف بقى وخلى بالك الفيلا حواليها كاميرات .. انا كده عملت اللى عليا هظبطلك الدنيا وانت عليك تكمل الباقى ..

بعد اقل ما يقارب الساعه اقترب عامل التوصيل بأرتباك جلى من احد حراس الفيلا الداخليين وقام بأعطائه اكياس الطعام ثم انهى حسابه وانصرف ، ترجل من الفيلا على عجل ثم قام بأتصال هاتفى بعدما قام بتبديل زى المطعم المشهور الذى تنكر به ، اجابه الرجل على الطرف الاخر بلهفه قائلاً :
-ها خلاص خلصت ؟!!..
اجابه الراجل ٢:
-ايوه يا بيه كل حاجه زى ما طلبت بالظبط .. استنيت الولد بتاع الدليفرى واتعاملت معاه على انى من عمال الفيلا وحاسبته بزياده وبعدها غيرت هدومى ودخلت سلمتهم الاكل بعد ما حطيت فيه السم زى ما حضرتك طلبت ..

أنصت الرجل ١ جيداً يستمع إلى حديثه ثم اجابه بسعاده :
-برافو عليك با واد يا على .. تطير بقى علي المكان بتاعنا عشان تستلم باقى حسابك ..
ابتسم على بسعاده وهو يجيبه :
-هوا يا باشا وأكون عندك ..

انهى الرجل ١ محادثته ثم عبث بهاتفه ليجرى مكالمه اخرى :
-ايوه با سيرين هانم .. كل حاجه تمت زى ما طلبتى وزمانها دلوقتى بدءت تاكل منه وربنا يتولاها بقى ..
اجابته نجوى بتشفى قائله :
-انت متأكد ؟!.. طب واهم حاجه زى ما نبهت عليك ميكنش بيموت مش دلوقتى عايزه عاهه بس ..
اجابها الرجل بثقه :
-ايوه يا هانم متخافيش .. انا اخترت حاجه بتاعه فران خفيفه كده تعمل كل اللى قلتى عليه بس من غير ما تموت ..
اجابته نجوى بحقد :
-برافو عليك .. باقى حسابك هبعتهولك دلوقتى زى المره اللى فاتت وزى ما اتفقنا لا انا اعرفك ولا انت كلمتنى ..
اجابها الرجل بحماس :
-مفهوم مفهوم .. كل اللى حضرتك تؤمرى بيه ..

اغلقت الهاتف معه وهى تبتسم بشراسه ثم اخرجت بطاقه الاتصال من هاتفها وقامت بتحطيمها بعدما أرسلت رساله نصيه اخيره وهى تردد بخبث :
-وكده لو اتكشفت ولا هتعرف توصلى ..


انهت حياة تناول طعامها وبعد قليل بدءت تشعر بوخز قوى داخل معدتها ارجعت ذلك إلى بدء تغيير الفصول وبروده الجو لذلك قررت الصعود إلى غرفتها وارتداء ملابس ثقيله نوعاً ما ، بدلت ملابسها بتيشرت اخر واستلقت فوق الفراش بتعب ولم تدرى متى غلبها النوم
استيقظت بعد عده ساعات وهى تشعر بصداع نصفى مع دوار شديد وألم مزمن داخل معدتها ، حاولت التحرك من الفراش والذهاب إلى المرحاض ولكنها شعرت بتشنج قوى داخل ساقيها يمنعاها من الحركه .

فى تلك الأثناء كان فريد ينهى إجراءات خروجه من المطار ، اخذ اوراقه وشنطة ملابسه ثم تحرك نحو الخارج حيث وجد سائقه فى استقباله ، ركض السائق نحوه يأخذ منه حقيبته ليضعها بداخل صندوق السياره ثم سأله بأحترام بعدما صعد إلىها مستفسراً :
-فريد بيه حضرتك تحب تروح على البيت ولا الشركه ؟!..

فرك فريد جبهته بأصبعه من شده الارهاق ثم اجابه متمتاً بتعب :
-خلينا نطلع على الشركه الاول أمضى الاوراق المتأخرة دى وبعدها نطلع على البيت ..

اومأ السائق رأسه موافقاً بهدوء ثم شرع فى طريقه ..

فى منتصف الطريق تذكر فريد انه لم يعيد تشغيل جواله منذ هبوطه من الطائره لذلك اخرجه من جيب قميصه بنفاذ صبر ثم قام باعاده تشغيله عندها رن هاتفه عده مرات معلناً عن وصول عده رسائل جديده ، فتحه فريد ليقرء عدد من الرسائل النصيه قبل ان تقع عينه على رساله قصيره مفادها كالاتى ..
“فريد بيه .. لما توصل بيتك بالسلامه هتلاقى هديه صغيره عشان جوازاك .. معلش هى متأخره شويه بس احسن من مفيش “
ثم انتهت الرساله بوجهه ضاحك بغمزه .

اتقبض صدر فريد بقوه وصاح بسائقه يأمره بالتوجهه إلى منزله بأسرع وقت ممكن ، عبث بهاتفه وحاول الاتصال بحياة ولكن دون جدوى ، انهى المكالمه بنفاذ صبر وقد بدء قلقه يزداد ، حاول الاتصال بمن معها فى المنزل فكان هاتف عزه مغلق وعفاف لا تجيب ، قام بأتصال هاتفى اخر لكبير حراسه يسأله بلهفه :
-حياة هانم فين ؟!..
اجابه الحارس بهدوء :
-حياة هانم فى الفيلا جوه ..
اجابه فريد بعصبيه قائلاً :
-ادخل شوفهالى وانا معاك على الخط ..
تحرك الحارس يفعل ما يأمره به رئيسه وظل يطرق على الباب ويقرع الجرس ولكن دون اجابه ، كان فريد يستمع إلى محاولاته والرعب يزداد بداخله ، صرخ به بيأس متسائلاً :
-فين الناس اللى جوه راحوا فين ؟!..
اجابه الحارس بخنوع :
-يا فندم مفيش حد حياة هانم عطتهم كلهم اجازه النهارده ومفيش حد غيرها جوه ..

صمت الحارس قليلاً ثم استطرد حديثه قائلاً وقد شعر بقلق رئيسه :
-لو حضرتك حابب انا ممكن اكسر الباب واطمنك ..
كان هذا اكثر ما يريده فريد فى تلك اللحظه ولكنه خشى ان يقتحم عليها شخص غريب خلوتها اذا كانت بخير لذلك تراجع قائلاً بعصبيه :
-متعملش حاجه بس خليك مركز وانا ربع ساعه وأكون عندك ..
اغلق هاتفه ثم صاح بسائقه بتوتر طالباً منه ان يوصله بأقصى سرعه ممكنه .

شعرت حياة بتشنجات قويه فى كافه أنحاء جسدها وأصبحت الرؤيه ضبابيه امامها مع جفاف تمام فى حلقها ، مدت يدها بيأس تتلمس الطاوله الموضوعه بجانب الفراش لتصل لهاتفها وتحاول طلب المساعده ولم تجده ، تذكرت بعده عده دقائق من محاولاتها البطيئة لإيجاده انها تركته فى الاسفل فوق طاوله الطعام ، اذا لم يكن امامها حل سوى ان تتحرك للأسفل لإيجاده او لطلب المساعده ممن هم فى الخارج ، حاولت بعد عده محاولات فاشله بسبب تشنجات جسدها وساقيها النزول من فوق الفراش والتحرك نحو الخارج ، استندت بيدها على احد الكراسى الموضوع تتلمس طريقها للخارج فالرؤية مع مرور الوقت تصبح ضبابيه اكثر فإكثر وتشعر معها بصعوبه بالغه فى الحركه والتنفس ، استغرق الوقت منها اكثر من ربع ساعه للوصول إلى خارج الغرفه بسبب تشنجات يدها وساقيها ، حاولت دعم ثقل جسدها الذى أوشك على الانهيار بالاستناد على الحائط الخارجى للباب والتحرك ببطء نحو الدرج لتتمسك به ، وصلت إلى منتصف درابزين الدرج المقابل لجناحهم بعد عناء كبير وتمسكت به بقوه عندها شعرت بسائل ما ثقيل و لزج يخرج من فتحه انفها اليسرى مدت يدها تتلمسه ثم رفعتها قريب من وجهها لترى سائل احمر اللون يملئ كفها ، اغمضت عينيها قليلاً تحاول السيطره على دموعها التى كانت تنهمر من شده ألمها وإحساسها بالعجز ، هاجمها دوار اخر اقوى وأشد لذلك اخذت نفس عميق لمحاربه احساسها بفقدان الوعى .


وصل فريد إلى داخل الحديقه وترجل من السياره راكضاً نحو الباب الداخلى للمنزل ومنه إلى الداخل ، صرخ بإسمها عده مرات وهو يركض ويبحث عنها بعينيه قبل ان يرفع راسه ويقع نظره عليها تقف فى الاعلى متمسكه بدرابزين الدرج وجسدها منحنى فوقه ، اتقبض صدره وتعالت دقات قلبه فمظهرها لا يبشر بخير، ركض إلى الاعلى وهو لا يزال يهتف بأسمها بلهفه وذعر ، جاءها صوته بعيداً فظنت انها تتخيل رجوعه ، هزت رأسها بوهن عده مرات رافضه ثم فتحت عينيها مره اخرى تحاول استكمال طريقها عندما لمحت جسد ما يتحرك نحوها وهو يهتف بأسمها برعب ، مدت يدها فى محاوله ضعيفه منها للإمساك به وهى تتمتم بأسمه هامسه :
-فريد !!!!
وصل إليها وأمسك بيدها الممدودة بقوه وهو يسالها برعب جلى :
-حياة !!! حبيبتى انتى كويسه ..
تركت يدها الدرابزين وحركت جسدها المتعب وهى تترنح بشده لتقف امامه ثم رفعت رأسها تنظر إليه قائله بخفوت ووجهها شاحب كالأموات :
-فريد انت هنا ؟!! انت جيت صح ..
انهت سؤالها ولم تحظ بفرصه للاجابه فقد اغمضت عينيها وارتمت بجسدها فوق جسده غائبه عن الوعى وعن العالم ..


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top