متى تخضعين لقلبى
الفصل الواحد والثلاثون ..
تمدد فريد بجسده جوارها فوق الفراش وقد بدء إرهاق الايام الماضيه يتمكن منه ، حانت منه التفاته مشتاقة إليها متأملاً بعينيه ملامح وجهها الممتعضة حتى وهى نائمه وكيفيه تمسكها بساعده كأنها تخشى هروبه ، زفر مستسلماً قبل تحركه بجسده ليلتصق بها ويحيطها بذراعه ويمسح بيده الاخرى فوق شعرها حيث غفت بين احضانه وهو لايزال مبلل ، لماذا لا يستطيع التفكير بشكل سوى وطبيعى عندما يتعلق الامر بها !!، انه حتى لا يعلم ماهى الخطوه التاليه التى ينتوى اتخاذها معها ، هذا ما فكر به بضيق وهو يدثرها بالغطاء جيداً حتى لا تصاب بالبرد .
لقد اصبح على حافه الهاويه من شده حبه لها ومع صدور اى فعل اخر من افعالها الغير محسوبه يشعر انه سيسقط وستسقط معه ، نعم سيسقطان سوياً وما حدث اليوم اكبر دليل على ذلك ، تذكر بندم ما فعله معها وأخذ يلعن نفسه بصمت ، كيف سمح لغضبه بالسيطره عليه هكذا ؟!، فدائما ما كان يرى ما بينهم شئ مقدس للغايه يبث لها من خلاله مدى حبه واشتياقه لها ، كيف طوعت له نفسه بأستخدامه كعقاب ؟!، اى عقاب هذا اللى يستخدمه ضدها وهو نفسه عُوقب قبلها وعقاب مضاعف ، مره من تأنيب ضميره وشعوره بالخزى على عنفه معها ومره اخرى عندما فقد ما ظل يحلم به سنوات منها قبل ان يعلم حتى بوجوده ، بالطبع سيتألم لالمها وسيعاقب لعقابها فهما روح واحده تعيش داخل جسدين .
تذكر بضيق ما سمعه من احد رجاله عن ابنه والده ، فى ظروف اخرى لم يكن الامر ليعنيه ولكن الان لا يستطيع الوقوف صامتاً حتى لا تدخل تلك الساذجه فى الامر ، بالطبع لن يسمح لها بذلك مهما كلفه الامر ولكن فقط من اجل الاحتياط عليه التحرك قبلها فربما هذا هو سبب تمسك بها ، ايعقل ان حياة على علم بما تمر به نيرمين !!، بدءت النوم يثقل جفنيه قبل استطراده فى التفكير مدفوعاً بدفء جسدها والتصاقها به لذلك اغمضهما بهدوء سامحاً لذلك اليوم الحزين بالانتهاء وغداً ينتظره يوم جديد حافل بالعمل وبالطبع مشاكله التى لا تنتهى .
فى منتصف الليل شعر فريد بها تتململ بين يديه مع وصول همهمات خفيضه لاذنه ، فتح عينيه بتمهل ليتفحصها قبل انتباهه بكافه حواسه لها وهى تحاول دفعه بكلتا يديه مغمغه برعب :
-سيبى .. ده مش بتاعك .. فريد ألحقها وخليها تسيبه ده ابنى انا ..
تجعدت ملامح وجهه وشعر بتلك الغصه تعود إليها مرة اخرى فيبدو جلياً من ملامح وجهها المتجهمه انها تمر بكابوس عن ما حدث ليله البارحه ، هتف بأسمها بصوته الناعس لإيقاظها ولكن كالعاده لم تستيقظ من اولى محاولاته ، بدء جسدها يرتجف بين ذراعيه وهى تعاود لكمه ودفعه بعيداً عنها وبدءت نبرتها فى الارتفاع قائله بصوت باكِ :
-انت لسه عندك ابن .. ابنك انت موجود ..
هتف فريد بها مره اخرى وهو يهزها بقوه من مرفقيها ليوقظها فقد بدءت ارتجافتها تزداد ويزداد معها نحيبها ، شهقت حياة بفزع وهى تنتفض من نومتها وتتطلع حولها برعب ، لقد زارتها نجوى فى حلمها وحاولت اخذ طفلها منها ثانيةً فركضت مستنجده بفريد لحمايته ثم أخبرته بأنه لديه طفل اخر منها هى ، سألها فريد بحنان وهو يتفحص ملامح وجهها المذعوره :
-انتى كويسه ؟!..
هزت رأسها له نافيه بأليه شديده ثم بدءت تنتحب بصمت وهى تمتم بصوتها الباكى :
-انا خايفه .. انا بردانه وخايفه وعارفه انك بقيت بتكرهنى ..
يكرهها !! هو ؟!!! ، عن اى هراء تتحدث تلك الساذجه ياليت الامر بيده ليحبها او يكرهها ، لو كان الامر كذلك لانتهت معاناته منذ زمن بعيد ، واضح ان كلماته الكاذبه الليله الماضيه مازالت تتردد داخل عقلها ، هذا ما فكر به وهو يتحرك ليحضتنها بهدوء دون تعقيب على حديثها ، أخفت رأسها بعنقه وتعلقت به بكل قوتها وعاد انتظام انفاسها سريعاً يضرب عنقه ، شدد من احتضانه هو الاخر لها وعاد ليستلقى بها فوق الفراش وسؤال وحيد يشغله، من هى تلك المرأه التى كانت تستنجد به منها ؟!، ام ان تلك اضغاث احلام من اثر مخدر البارحه وليس لها اساس من الصحه ؟!. هذا كل ما يريد معرفته ليطمئن قلبه .
فى الصباح استيقظت حياة شاعره ببروده الفراش جوارها ، فتحت عينيها ببطء والتفت تنظر حولها لتجد نفسها فى غرفتها القديمه بمفردها ، بالطبع لم يستطع المكوث معها ، هذا ما فكرت به بحزن وهى تخرج من الفراش ، لم تكن تشعر بألم جسدى خصوصاً مع المسكنات التى تناولتها فى المساء ولكن معنوياً ، كل نفس تأخذه تشعر به يحرق جوفها ورئتيها فما هو أسو من فقدانها لطفلها وحب زوجها فى أن واحد ، مسحت دموعها وتوجهت نحو الحمام تأخذ دشاً سريعاً تنعش به جسدها وبعد قليل خرجت لتتفاجئ بعفاف امامها تحتضنها وتسألها بأهتمام عن حالتها الصحيه واذا كانت بحاجه للمساعده ثم أخبرتها بأمكانيه عودتها لغرفتهم الرئيسيه فقد قامت بتنظيفها ، اندهشت حياة من جملتها وفتحت فمها بعدم تصديق تسألها للتأكد من فحوى جملتها فقد ظنت ان فريد نقلها لتلك الغرفه لانه لا يريدها داخل غرفتهم مره اخرى :
-ارجع الاوضه ؟! .
اجابتها عفاف مؤكده :
-ايوه اوضتكم .. فريد بيه طلب الصبح قبل ما ينزل ينضفها وأبلغك بعدها ..
اذا لقد فعل ذلك من اجل نفسيتها ليس الا ، بدء شبح ابتسامه يزين شفتيها لاحظته عفاف التى ابتسمت لها هى الاخرى مشجعه قبل قولها بهدوء :
-هتلاقى الفطار بتاعك محطوط على الطربيزه هناك .. كليه كله عشان الدوا بتاعك ولو احتجتى اى حاجه انا موجوده تحت ..
هزت حياة رأسها بتمهل موافقه قبل ملاحظتها عوده عفاف من الباب المشترك ، قطبت جبينها بأرتياب وتوجهت نحو الباب الرئيسى للغرفه تحاول فتحه فوجدته مغلق من الخارج ، انتبهت حواسها لسماع صوت باب غرفتهم يغلق هو الاخر بالمفتاح ، هرولت مسرعه نحو الغرفه ومنه إلى الباب لتتفحصه ، لقد اغلق عليها فعلاً كما قال البارحه ، هل حقاً يريد معاملتها كجاريه ؟!، اذا سيحصل على ما يريده عل ذلك يطفأ غضبه ، هذا ما قررته وهى تعود لتجلس فوق الفراش بهدوء منتظره عودته حتى المساء .
فى المخزن القديم وقف فريد امام ذلك الشاب الأنيق ذو العضلات والملابس الباهظة والمسجى أرضاً بعدما انتفخت ملامحه من كثره الضرب ، انحنى بجزعه وجلس قبالته على ركبتيه حتى اصبح فى نفس مستواه ثم قام بالقبض على ذقنه بقوه قائلاً بنبره شديده الحزم :
-بص من غير كلام كتير عشان متعطلنيش .. هتحكيلى كده زى الشاطر كل حاجه من الاول وكل اللى تعرفه عن نيرمين ولا اختصر المسافه واخليك تتكلم بطريقتى ؟!..
رمقه الشاب عده نظره حانقه قبل اجابته بأرهاق :
-اللى عندى قلته لدول ..
أشار برأسه لرجل فريد الذى القى القبض عليه مع رجلين أخريين من رجاله ، حرك فربد رأسه على مهل موافقاً قبل اعتداله فى وقفته ثم أشار بيده لاحد الحراس المرابطين خلفه فأخرج احد منهم سكين حاد أعطاه لمخدومه بهدوء ، استلمه فريد وقام بتحريكه بين يديه ببطء امام ناظريه حتى يبث الرعب داخل صدره ثم عاد وجلس قبالته بنفس طريقته السابقه وهو يقول بهدوء مهدداً :
-عندك حق .. انت قلت لدول .. وعشان كده مفيش داع لفرصه ثانيه ليك .. وانا بقول برضه توفير لوقتى ووقتك اختار انت الايد اللى عايزها تتقطع عشان تعرف تبيع بعد كده كويس ..
صرخ الشاب بفزع وهو يرى فريد يقترب بالمديه من يده اليمنى ويبدء فى احداث عده جروح خفيفه فوقها :
-لا خللللاص .. هحكيلك كل حاجه بس بلاش ايدى ..
ابتسم فريد بأنتصار وربت فوق وجنته بالمديه بأستحسان محدثاً جرح سطحى فوق وجهه قائلاً بجمود :
-سامعك ..
ابتلع الديلر لعابه بصعوبه ثم بدء يقول متعلثماً بخوف :
-انا مليش دعوه بأى حاجه من دى .. نجوى هانم هى اللى كانت بتتعامل معايا كل فتره بحاجه خفيفه وكانت بتستلمها منى فى النايب كلوب اللى فى .. وبعد فتره طلب منى حاجه يكون مفعولها قوى تسبب ادمان فى اقصر فتره ممكنه وطعمها ميبانش لو حطيتها لحد فى مشروبه وفعلاً جبتلها المطلوب واستلمها منى فى نفس المكان وحطته فى المشروب وسابتنى ومشيت .. وكانت بتطلب كل يوم نفس الطلب .. وبعد اكتر من اسبوع طلبت منى بودره وفعلاً جبتلها ومن بعدها نيرمين هانم بقت بتتعامل معايا ..
اردف الشاب كاذباً فهو ليس احمق ليخبره بأتفاقه مع نجوى للاستنفاع من صديقتها الثريه :
-انا كنت بوصل وبجيب طلباتهم بس مش اكتر .. وانا قلتلك كل اللى اعرفه ..
هتف فريد بشراسه وهو يعتدل فى وقفته :
-نجوى .. يابت ال**** اخيراً وقعتى تحت رجلى ..
تحرك بعدها على الفور للخارج وبجواره رجله الغامض يسأله بترقب :
-ها عملتى ايه فى تسجيل المكالمات ؟!..
طأطأ الرجل رأسه للأسفل وأجابه بخفوت قائلاً :
-يا باشا الموضوع ده طلع مش سهل .. كله خايف على شغله لو اتمسك .. دى فيها فصل وسجن ..
صاح به فريد بحده قائلاً بحنق :
-يعنى ايه ؟؟!!! .. لو مش قدها قولى وانا اتصرف !!..
قاطعه الرجل قائلاً بلهفه شديده :
-لا يا باشا .. قدها طبعاً قدها .. بس اللى هينفذ محتاج شويه وقت عشان يعرف يجيب كل التسجيلات وياخد منه نسخها ..
زفر فريد بنفاذ صبر ثم اجابه وهو يتحرك نحو السياره ليستقلها :
-ماشى بس قوله ميتأخرش حتى لو عايز فلوس زياده خلصنى .. وبالنسبه للكلب اللى جوه ده فى حد كمان شويه من البوليس هيجى يستلمه .. اطلع انت من الليله دى وركز فى موضوع سيرين ..
اجابه الرجل بتفاخر :
-خلاص يا باشا هانت .. الرجاله عرفوا مكان اللى ساعدها .. يتأكدوا بس قبل ما يمسكوه ويعترف عليها وبعد كده كله هيبقى تماماً ما حضرتك عايز وزياده ..
اومأ له فريد رأسه بجمود ثم استقل سيارته طالباً من سائقه التوجهه إلى فيلا رسلان الاب .
فى حديقه منزله ظل غريب رسلان يقطع الممر ذهاباً واياباً بقلق بالغ منتظراً وصول ولى عهده بعدما تلقى منه اتصالاً هاتفياً يأمره فيه بنبرته القاطعه انتظاره والحرص على تواجد نيرمين معه ، فكر غريب بأستنكار ايعقل ان تكون زياره فريد لها علاقه بأختفاء زوجته ؟!، بالطبع هو يعلم بما حدث منذ اول يوم ويعلم ايضاً بما حدث البارحه ولكنه لا يجرؤ حتى على سؤال ابنه او التحدث معه بهذا الشأن ، قطع تفكيره هذا بوق سيارة يليها فتح البوابه الرئيسيه ودخول سياره فريد منها ، انتظر غريب بتوجس خروج ولده من السياره ثم تحرك نحوه يسأله بلهفه :
-خير ؟!.. ايه اللى حصل يخليك تكلمنى من صباحيه ربنا كده !! وايه علاقه نيرمين بده !!..
رمقه فريد بنبره خاليه لا توحى بأى مما يدور داخل افكاره ثم اجابه بأقتضاب وهو يتحرك خلال الباب الداخلى للمنزل ليدلفه :
-دلوقتى تعرف .. بس قبلها هاتلى بنتك هنا ..
فى ذلك الوقت ظهرت جيهان مقاطعه لحديثه ومصححه جملته بتكبرها المعتاد :
-ايه هاتلى بنتك هنا دى !! ليها اسم على فكره واسم كبير كمان .. ده غير ان بنتى مش خدامه عندك عشان تنزلك ..
ضغطت على حروف كلمه “خادمه “بنبره ذات مغزى التقطها فريد بسهوله ولكنه اثر تجاهلها فقط اكتفى بأبتسامه مستهزءه قبل اعاده طلبه لوالده قائلاً بنفاذ صبر :
-انا عندى شغل كتير ومش هقضى اليوم كله هنا عشان خاطرك وخاطر بنتك .. جيبهالى من غير كلام كتير ..
هنا ظهرت نيرمين التى كانت تستمع لحديثه برعب شديد ظناً منها ان حياة قد كشفت له عن مخططها الكاذب من نجوى ، اذا هذه ستكون نهايتها ، ستكذبها بالطبع وتنفى كل ما سيتفوه به ، نعم ستفعل ، هذا ما فكرت بذعر وهى تهبط الدرج بترو شديد تحاول قدر المستطاع تأجيل تلك المواجهه ، هتف فريد بمجرد رؤيته لها قادمه من الاعلى متسائلاً بأشمئزاز :
-مش محتاج خلاص .. الهانم شرفت اهى من غير ما حد يتعب نفسه .. ها يا بنت جيهان هانم السكرى صاحبه الصون والعفاف .. اصطبحتى النهارده ولا لسه ضرب امبارح عامل معاكى مفعول ؟!..
فتحت نيرمين فمها بذهول وقاطعته جيهان قائله بنزق واستحقار :
-ايه الالفاظ السوقيه اللى بتتكلم بيها مع البنت دى !! اصطباحه ايه وضرب ايه !!!.. انت بجد اسلو…
صاح بها فريد بحده مقاطعاً وهو يرمقها بنظرات ناريه اخرستها :
-محدش طلب منك تتكلمى ولا تتدخلى وقبل ما تتكلمى على اسلوبى روحى شوفى بنتك بتعمل ايه من وراكى .. بدل ما وقتك كله ضايع على التخطيط وازاى تخلصى منى ..
هنا تدخل والده ليسأله بأستغراب مستفسراً :
-فى ايه يا فريد .. انا مش فاهم حاجه ؟!..
اجابه فريد بحده :
-فى انت بنتك مدمنه .. الهانم بقالها اكتر من شهر بتضرب هيروين .. وقبلها .. وطبعاً محدش فيكم حاسس بحاجه .. مع ان لو حد ركز معاها وبص فى وشها بس كانت هيفهم من غير ما حد يقوله ..
صرخت جيهان معترضه بعدم تصديق :
-كدب .. انت كداب .. بنتى استحاله تعمل كده .. تلاقيك بتتمنى بس ده فى خيالك .. بنتى احسن منك ومن اى حد ..
لوى فريد فمه بنصف ابتسامه تهكم ثم توجهه نحو نيرمين التى كانت تتراجع عنه للخلف متقهقرة كلما تقدم منها ثم اقبض على ذقنها بقوه وهو يدير رأسها فى اتجاه والدتها قائلاً بشراسه :
-كدب .. اللى تحت عينيها ده كدب !!! نظرتها دى كدب !! حركه رجليها دى كدب !! للدرجه دى عاميه عشان تبقى بنتك قدامك وانتى مش حاسه بيها !!..
صرخت نيرمين بهيستريا وهى تدفعه بعيداً عنها بكف مرتعش :
-ايوه انت كداب .. عايز تبوظ سمعتى وخلاص .. ابعد عنى وملكش دعوه بيا .. انا بكرهك فاهم ..
ابتعد عنها فريد بأشمئزاز قائلاً لوالده الذى كان يراقب كل ما يحدث بترو :
-بتك عندك .. عايز تعالجها انت حر .. عايز تصدقها وتسيبها لحد ما القرف ده يقضى عليها برضه انت حر .. فى كل الاحوال ميهمنيش ..
نطق بجملته تلك وهو يتحرك نحو باب المنزل استعداداً للخروج ، أوقفه غريب بصوته متسائلاً :
-عرفت منين ؟!..
اجابته فريد بسخريه :
-اسأل الجاسوس بتاعك .. تلاقيه واقف دلوقتى مع البوليس وهما بيقبضوا على الكلب اللى كانت بتتعامل معاه ..
انهى فريد جملته وتحرك للخارج مستقلاً سيارته تاركاً التصرف لغريب الذى بمجرد خروج فريد انقض على ابنته يسحبها من فروه رأسها قائلاً بغضب :
-ورايا على الدكتور .. وساعتها هنعرف مين فيكم الكداب ..
صاحب به جيهان مستنكره ومدافعه عن ابنتها :
-غريب !!! انت اتجننت !! هتصدق اى كلام يتقال على بنتك من اى حد !!!..
صرخ بها غريب محذراً وهو يتجهه نحو الحديقه ومنها للخارج :
-مش اى حد .. ده ابنى فاهمه !! وابنى مبيكدبش !!.. وبعدين عنده حق .. انتى بس اللى مش عايزه تشوفى اللى واضح قدامك من كتر كرهك ليه !!.. وبعدين مضايقه ليه انى هوريها لدكتور يثبتنلنا صدق كلامها وافتراه هو عليها ؟!..
ابتعلت جيهان لعابها بصعوبه فجزء كبير منها يعلم منطقيه حديثه ولكنها لا تجرؤ حتى على تصديقه لذلك ركضت خلفه تستقل السياره قبل زوجها وهى تقول بحزم :
-مش هسيبك مع بنتى لوحدك رجلى على رجلك ..
فى غرفه الفحص فى عياده احدى أصدقائه المقربين والملحق بها معمل تحاليل خاص وبعد اتصال غريب برجله والتأكد من حديث فريد انتظر خروج نتيجه تحليل المخدر والذى تم فى سريه تامه وسرعه ايضاً من اجل إنقاذ الوضع استدعاه صديقه هو وجيهان لغرفه خاصه قائلاً بحزن شديد:
-للاسف يا غريب النتيجه طلعت ايجابيه ومش كده وبس .. دمها فى كميه كبيره من المخدر .. يعنى مبدئياً كده كانت بتتعاطى حوالى ٢جم فى اليوم ويمكن اكتر .. لازم تتصرف بسرعه قبل ما تخسرها ..
صرخت جيهان بقوه وهى ترتمى على اقرب مقعد قائله بحسره :
-بنتى لا .. اعمل اى حاجه وأنقذها .. ابوس ايديك بنتى لا .. مش هسمحلها تروح منى بعد كل اللى بعمله عشانها ..
تجاهل غريب حديثها وعاد يسأل الطبيب مستفسراً برباطه جأش قويه :
-انت شايف ايه يا معتز ؟!..
اجابه صديقه بعمليه شديده :
-انا شايف انها لازم تدخل مصحه وفوراً عشان تبدء علاج من النهارده .. انا اعرف هنا مصحه ممتازه لو موافقين هكلمهم يحجزولها مكان لحد ما توصلوا ..
هتفت جيهان بلهفه متوسله :
-ايوه طبعاً موافقين .. كلمهم حالاً واعمل كل اللى تقدر عليه واى حاجه يطلبوها هتتنفذ بس المهم بنتى ترجع طبيعيه ..
اومأ لها الطبيب برأسه موافقاً ثم رفع سماعه هاتفه يضرب رقم المشفى استعدادا لنقل ابنه صديقه إليها .
فى المساء وبعد يوم عمل شاق تجاوز الخمسه عشر ساعه انتهى فريد خلاله من معظم الملفات المؤجلة بسبب سفره وانشغاله بالبحث عن حياة عاد للمنزل مرهقاً بشده ومستعداً لنوبه اخرى من جنون زوجته ، عرج فى طريقه على مدبره منزله يسألها مستفسراً عن احوالها اولاً متوقعاً سماع ما لايسره ولكنه تفاجئى بعفاف تخبره بهدوء :
-حياة هانم فضلت فى اوضتها زى ما حضرتك طلبت محاولتش حتى تخرج منها .. وبالنسبه للمواعيد الدوا والاكل اطمن حضرتك اخدتهم فى ميعادها برضه وهتلاقيها فى اوضتكم مستنيه حضرتك ..
اومأ فريد براسه موافقاً رغم استغرابه الشديد وعدم تصديقه لما تفوهت به عفاف ، فهو لا يكون فريد وهى لا تكن حياة اذا تقبلت ما قام به دون تمرد لذلك طلب من عفاف بنبره مرهقه :
-تمام .. تقدرى تحضرى العشا لحد ما اخد دش وننزل .
تمتت عفاف له موافقه بخضوع ثم بدء تتحرك لتنفيذ طلب رئيسها .
دلف فريد للغرفه بتأهب فوجدها قابعه فوق الفراش بهدوء تطالع احد الروايات التى يضمها فى مجموعته وبمجرد رؤيتها له اغلقت الكتاب مسرعه ثم تحركت من فوق الفراش وانتفضت واقفه تنتظر تعليماته ، نظر نحوها بأستنكار شديد ثم واصل طريقه نحو خزانه ملابسه يسحب منها ملابس مريحه للمنزل ثم توجهه على الفور إلى الحمام لأخذ دشاً دافئاً يزيل به ارهاق اليوم
وبعد قليل انتهى فريد من حمامه وبمجرد رؤيتها له مرة اخرى انتصبت واقفه كالسابق ، رغم ما تقوم به الا انه رأى ذلك الوميض يلمع داخل عينيها ولكنه قرر تجاهله فمزاجه لا يسمح له بأى شكل من الاشكال بمجادلتها او التحدث معها حتى لا ينتهى الحال بهم إلى كارثه اخرى لذلك تحدث بنبره جامده للغايه :
-العشا جاهز تحت .. لو لسه تعبانه ممكن عفاف تطلعهولك هنا ..
اخفضت رأسها للأسفل بخضوع ثم اجابته بنبره خفيضه قائله :
-اللى حضرتك عايزه ..
تشدق فريد قائلاً وهو ينظر نحوها بأستنكار :
-حضرتك !!!..
اجابته بنبرتها الرقيقه وهى لازالت تنظر للأسفل :
-ايوه حضرتك ..
كان يعلم انها لن تمر ما حدث دون رد فعل وها قد انتهى اندهاشه من استسلامها باكراً ، لوى فمه بضيق ثم قال بنفاذ صبر وهو يتحرك نحو باب الخروج :
-انا شايفك كويسه وتقدرى تنزلى معايا تحت ..
هزت رأسها له موافقه دون تعقيب ثم تبعته بخنوع ورأسها لا يزال مطئطئاً للأسفل ، وفى الاسفل سحب لها فريد مقعدها كالعاده فجلست فوقه بصمت دون النظر إليه او لمس طعامها بل انتظرت حتى بدء هو فى تناول طعامه وبدءت فى تناوله بعده وبمجرد انتهائه تركت ملعقتها هى الاخرى وانتفضت من مجلسها تستقيم فى وقفتها بعد وقوفه ، نظر نحوها بغضب ثم قرر تجاهل ما تقوم به واختفى داخل غرفه مكتبه
وفى الليل بعد انتهاءه من عمله لم يجد طاقه لممارسه اى من تمارينه الرياضيه لذلك توجهه نحو غرفته مباشرةً للنوم وبمجرد دخوله غرفتهم قامت بنفس فعلتها عند دخوله الغرفه المره السابقه ، “ابقى هادئاً فريد .. فقط ابقى هادئاً ” هذا ما هتف به داخلياً محاوله السيطره على اعصابه مذكراً نفسه بألمها وانه لم يمض على خروجها من المشفى سوى اربع وعشرون ساعه ، توجهه مباشرةً نحو الفراش يستلقى فوقه استعداداً للنوم ، سيتجاهلها حسناً ولكن ايضاً لن يتركها واقفه هكذا طول الليل هذا ما فكر به بعدما اغمض عينيه ثم قام بفتح احداهما ثانيةً ينظر إليها بعين واحده وهو يقول بجمود :
-انتى هتفضلى واقفه عندك كده كتير ؟!..
اجابته بنعومه وهى مازالت مطأطه الرأس :
-اللى حضرتك تشوفه ..
هتف بحنق وهو يستدير برأسه ليواجهها :
-حياة !!!!!! ..
اجابته بخنوع تام :
-افندم حضرتك ؟!..
مرر كفيه فوق وجهه محاولاً السيطره على اعصابه ثم قال بضيق وهو يضغط على اسنانه :
-طب اتفضلى نامى ..
اجابته وهى لازالت على وضعها ونبرتها :
-اللى حضرتك تؤمر بيه .. بس تحب انام هنا ولا فى اوضه تانيه ؟!..
قطب جبينه مستنكراً فأستطردت تقول شارحه :
-اصل انا مش عارفه انام فين .. بس اللى عرفاه ان الجوارى مش بيناموا مع اسيادهم فى سرير واحد الا لهدف معين .. وبما ان حالتى الفتره دى مش هتخلينى افيدك فى حاجه فقلت اسأل حضرتك الاول حضرتك تحب انام فين ؟! ..
صرخ فريد بها بقوه وهو يتحرك بجسده فى اتجاهها مما جعلها تصرخ بذعر راكضه من امامه ، امسك بها بسهوله وحملها بيسر ثم قام بوضعها فوق الفراش وهو يقبض على ذراعيها بقوه متمتاً بنبره خفيضه ولكن حازمه :
-نامى ومش عايز ولا كلمه ولا نفس ..
اجابته بنبره رقيقه ناعمه للغايه :
-اللى حضرتك تؤم……
صاح فريد بها مهدداً وهو ينظر نحوها شرزاً فابتلعت ما تبقى من جملتها بداخلها واغمضت عينيها على الفور ضاغطه فوقهم بقوه ، ظل فريد يتأمل ملامح وجهها المذعوره وهو يحاول كتم ابتسامته ثم استلقى جوارها بهدوء ، لم يعطيها ظهره ولكن ايضاً لم يجذبها داخل احضانه فقط اكتفى بأحتضان يدها متحججاً بعدم ثقته بها ، كأنها تستطيع التحرك من جواره دون الشعور بها !.
بعد مرور يومان جلس فريد فى غرفه مكتبه داخل المنزل والتى كانت عازله للصوت مع كلاً من رئيس حراسه ورجله الذى يستأجره من اجل الاعمال الخاصه والصعبه والذى كان يدعى سمير، هتف فريد بتفكير لرجاله وهو يجلس خلف مكتبه :
-انا كده اتأكدت انه نجوى هى سيرين بعد ما الكلب اللى مسكناه اعترف عليها .. كده هنتحرك فى كذا اتجاه اولهم ان قضيه التسمم هتتفتح من اول وجديد بعد ما بقى معانا تسجيل رسمى بيعترف فيه ان سيرين هى نجوى .. بس ده شروع فى قتل يعنى كام سنه وتطلع .. وده مينفعنيش ..
هنا تدخل سمير ليسأله بترقب :
-قصد ايه يا باشا ؟!..
اجابه فريد بغموضه المعتاد :
-هى اللى سممت مراتى ودخلت اختى فى سكه المخدرات .. يعنى هتدفع تمن الاتنين بنفس اعمالها ..
هتف رئيس حراسته تلك المره مستفسراً :
-قصد حضرتك اننا نخلى الديلر اللى سلمناه يعترف عليها ؟!..
اجابه فريد رافضاً ثم بدء فى شرح خطته :
-لا ده مش هيفيدنى .. انا عايزها تتمسك فى اتجار وبعد ما ده يحصل .. عايزك تحضرلى حد من جوه السجن يعمل فيها اللى عملته فى مراتى بالظبط وتبان على انها تسمم طبيعى وانا هظبطلك الموضوع انه يتقفل على كده ..
وجهه جملته الاخيره لسمير الذى اجابه موافقاً بحماسه ، اما عن رئيس حراسته فعاد يسأله من جديد :
-ده بالنسبه لحادثه التسمم .. طب بالنسبه للاتجار ؟!..
هز فريد رأسه بحماس وهو يبتسم بتوعد فأذا نُفذت خطته بدقه سيتخلص منها للابد ثم قال بهدوء :
-اول حاجه سمير هيحضرلى شنطه هيروين محترمه عشان تكون اتجار مش مجرد تعاطى ..
قاطعه سمير هاتفاً بحماسه :
-اعتبره جهز يا باشا ..
ابتسم له فريد بسماجه ثم قال ببروده المعتاد ودون مقدمات:
-تمام كده يا سمير .. حضرلى اللى طلبته وانا هبلغك بالباقى فى ميعاده .. دلوقتى تقدر تمشى انت ..
اتسعت عيني سمير بصدمه ثم قطب جبينه بعدم فهم فعاد فريد جملته قائلاً بهدوء :
-لما احتاجك يا سمير هكلمك ومتنساش الطلب التانى اللى مستنيه .
حك سمير فروه رأسه بيده محرجاً ثم تحرك نحو الخارج بعدما القى تحيه الوداع عليهما ، التفت فريد بعدما تأكد من خروجه مستطرداً خطته لرئيس حراسته :
-دلوقتى .. انا عايز نجوى تتمسك بالشنطه دى فى المطار او بالأدق عايزهم يكونوا فى شنطتها الاساسيه .. وده يخلينا نرجع للنقطه الاهم ان نجوى تسافر .. هتسافر ازاى .. انا دى مهمتى انا .. وبعدها بقى مهمتك كلها .. هتدخل مع مساعدين طبعاً البيت عندها على اخر وقت وتحط المخدرات فى شنطه هدومها وتخفيهم كويس وتتأكد انها طلعت بيها على المطار والباقى سيبه على الراجل بتاعنا فى الداخليه رغم اننا مش هنحتاجه غيرعشان خطه التسمم .. كده واضح ؟!..
اومأ رئيس حراسته رأسه موافقاً بأعجاب ثم تحدث يسأله مستفهماً :
-تمام وسهل .. بس سؤال اخير .. حضرتك واثق فى سمير ده ؟!..
اجابه فريد بغموض :
-زى ما واثق فيك .. بس بحب كل واحد بعرف تفاصيل مهمته لا اكتر ولا اقل ..
اردف فريد بعد جملته تلك قائلاً بجديه :
-بالنسبه لدخول البيت عندها .. عندها شغاله واحده بتمشى اخر اليوم بس فى كاميرات مراقبه برضه .. يعنى انت عارف كويس هتعمل ايه ؟!..
اجابه الرئيس بثقه شديده وهو ببتسم بتفاخر :
-نقطع النور ..
اومأ فريد رأسه بأستحسان وهو يغمغم لنفسه داخلياً :
-بالظبط .. زى ما عملت مع حياة فى الملف اللى بوظته ..
بدء فريد فى تنفيذ خطته بترو فالجزء الاكبر يقع عليه فى دفعها للسفر فعليه ان يكون شديد الاقناع والحنكه حتى تشعر بصدق تهديده لها والفرار من امامه دون الكشف عن اوراقه كامله اما ما تبقى فهو يثق فى قدره على رجاله على فعله
لذلك اخذ نفساً عميقاً وهو يقف امام باب منزلها منتظراً ظهورها من خلفه ، استقبلته نجوى بأبتسامه مشرقه وهى تمتم بدلال :
-بيبى .. انت هنا .. انا مصدقتش نفسى لما كلمتنى وقالتلى انك عايزنى ..
رمقها فريد بنظره استحقار جليه وهو يتحرك للداخل ثم اغلق الباب خلفه قائلاً بجمود :
-انا مش جاى احب فيكى ولا وحشتنى طلتك اللى بكرهها .. انا جاى بس ابلغك بحاجه لطيفه اوووى لو عرفتيها هتبسطك .
سألته نجوى بحماسه وقد قررت غض النظر عن تعليقه اللاذع فى اول حديثه :
-ايه هى يا بيبى انا سامعاك ..
اصدر فريد من حنجرته صوت يدل على الضجر ثم قال بنبره ذلت مغزى :
-ااه عايزك تسمعى كويس عشان لو انتى مش ناويه تسمعى ممكن اوفر كلامى وأسمعه لجيهان مثلاً ..
تحولت ملامح نجوى للتركيز وهى تسأله بترو:
-قصدك ايه ؟!..
اجابها فريد بشماته :
-قصدى ان الكلب بتاعك اللى وزتيه على نيرمين اعترف انك السبب فى إدمانها ..
لم تصدر نجوى اى رد فعل فقد اكتفت بالتحديق به حتى أردف فريد يقول سخريه :
-لا يا نوجه عايزك تركزى كده عشان مش هو ده رد الفعل اللى انا مستنيه منك ..
ضيقت نجوى عينيها فوقه ثم سألته بتمهل وعلى مضض :
-ايه اللى يثبتلى انك صح .. وبعدين انا مالى واحده وأدمنت .. دخلى بيها ايه ..
هز رأسه موافقاً على حديثها ثم قال بثقه شديده :
-عندك حق .. ملكيش دخل بيها .. بس هيكون ليكى دخل لما التسجيل اللى فى اعترف الكلب بتاعك يوصل لجيهان وتتأكد ان اللى حصل لبنتها ده انتى السبب فيه ..
بدءت ملامح نحوى تتجعد فعلم فريد انه يسير على الطريق الصحيح لذلك اردف قائلاً بتهكم :
-لا متخافيش كده واجمدى ومش عايز لون وشك يتخطف اكتر ماهو مخطوف .. نتفق تبقى فى امان ..
كانت نجوى تعلم جيداً ان الكذب معه لن يؤتى بثماره لذلك آثرت كشف اوراقها امامه واللعب وفق اصوله للخروج بأقل خسائر على امل بأستمتاع قلبه يوم من الايام ، ثم انها لم يخفى عليها تهديده فى بدايه الكلام بمعرفه جيهان بالأمر كله وهى ابداً لا تريد خساره جيهان فى الوقت الحالى حتى تتخلص من حياة فيبدو ان مخططها مع نيرمين باء بالفشل ولازال زواجهم قائم لذلك تحركت حتى اقرب مقعد تجلس فوقه بأسترخاء ثم قالت بهدوء :
-انت عارف طول عمرى بيعجبنى ذكائك .. وعارف انك الوحيد اللى مقدرش العب عليه .. صدقنى انا وانت كوبل واو .. لو اتحدنا محدش هيقدر علينا ..
حدقها فريد بعده نظرات حانقه قبل تعقيبه على حديثها قائلاً بنبره عدائيه واضحه :
-انا ذكائك مكفينى وزياده .. بس عمتاً خلينا نتكلم فى المفيد .. انتى خليتى نيرمين مدمنه .. مش مهم بالنسبالى .. بس بالنسبه لجيهان مهم .. ولو عرفت انتى باى باى وانتى عارفه ده كويس .. بس من حسن حظك ان محدش يعرف ده غيرى .. وفى المقابل انتى عامله مشاكل حواليا وانا ورايا شغل ومش فاضى اصلح اللى بتعمليه ده يبقى نتفق اتفاق .. سكوتى مقابل انك تحلى عنى لحد ما اخلص مشاكل شغلى .. اتفقتا ؟!.. وطبعاً انتى فاهمه قصدى ايه ..
تأملته نجوى مطولاً ثم سألته بتفكير :
-ايه ضمانتى ومعاها لو وافقت مطلوب منى ايه ؟!..
لمعت عيني فريد برضا فخطاه تسير بشكل صحيح للغايه ، تحرك بجسده عده خطوات داخل غرفه معيشتها ثم قال بترو شديد ونبره واثقه :
-ضمانك كلمتى .. فريد مبيخلفش وعده ولا كلمته .. والمطلوب بسيط .. تسافرى لحد ما اخلص مشاكلى وبالمره هعيد تفكيرى فى انى ارجع الشراكه مع سعيد تانى .. وساعتها هنسى كل اللى سمعته وهمسح التسجيل ولا كأنه موجود ..
شعرت نجوى ببريق امل يعود إليها من طريقه معاملته معها ، اذا ستطاوعه فيما يريده مؤقتاً وفى نفس الوقت تستغل ذلك الاتفاق لمصلحتها فى الوقت المناسب ، ثم ان فكره اختفائها الان مثاليه لسببين أولهما خداعه بموافقتها والترتيب لخطوتها التاليه من بعيد ، والثانيه الا تضطر لزياره نيرمين او التعامل معها بأى شكل من الاشكال بحالتها تلك حتى ترتب كيف تتخلص منها نهائياً وهى داخل مصحتها ، لقد اتخذت قرارها اذا فهى المستفاده من ذلك كله ، لذلك هتفت بموافقتها وهى تتحرك وتقف قباله فريد وتمد كفها لها مصافحه وهى تمتم بحزم :
-متفقين .. هحجز وأبلغك بميعاد سفرى ..
اومأ فريد رأسه موافقاً برضا وهو يمد كفه ليصافحها قائلاً بتشجيع :
-هستنى تليفونك ..
بعد مرور أسبوعان جاء اليوم الموعود ، لقد سارت خطته كما أردأ بنجاح حتى الان وحان وقت اللحظه الحاسمه وهاهو يجلس داخل غرفه مكتبه ينتظر بترقب شديد خبر القبض عليها ، رفع ذراعه ينظر بتأفف إلى ساعه يده ، لقد تجاوزت الساعه الثالثه عصراً والطائرة ستقلع فى السادسه ، اذا ساعه اخرى وتكون داخل المطار وتبدء رحلتها نحو ما تستحق ، قاطع تفكيره رنين هاتفه برقم حارسه ، اجاب على الفور بترقب متسائلاً :
-ايه الجديد ؟!..
اجابه حارسه مطمئناً :
-كله تمام يا فندم .. اتحركت دلوقتى بعد ما حطت الشنطه فى عربيه مستأجره واتحركت واحنا وراها من بعيد .. لما توصل هبلغ حضرتك تانى ..
بلغه فريد بأنتظاره ثم اغلق معه الهاتف وهو يعد الدقائق من اجل سماع الخبر المنتظر وبعد حوالى الساعتين أضاءت شاشه فريد ولكن تلك المره برقم رجله الذى يعمل فى الداخليه ، والذى كان ينتظر داخل المطار فى ذلك الوقت مع أصدقائه بعدما نبهه فريد عن محتويات حقيبه سفر نجوى ، اجاب فريد بلهفه حابساً انفاسه ومستمعاً لنبره الرجل السعيده :
-فريد بيه .. عايز البشارة .. الهانم اتقبض عليها ودلوقتى محجوزه من امن المطار عشان تترحل على اقرب قسم ومنه للنيابه ..
تنفس فريد الصعداء براحه ثم سأله بترقب :
-انت متأكد انها كده متلبسه ؟!..
اجابه الرجل مؤكداً :
-يافندم دى الشنطه طلع فيها حوالى كيلو هيروين .. يعنى القضيه لبساها لبساها .. طبعاً هى منهاره وبتأكد انها متعرفش حاجه .. بس الشنطه بتاعتها بأعترافها ..
اتسعت ابتسامه فريد بسعاده وهو يستمع للتفاصيل ، اخيراً استطاع التخلص من نجوى واخذت ما تستحقه ، الان يستطيع الاسترخاء والانتباه لمشاكله مع حياة ، اغلق الهاتف ثم اجرى اتصالاً مع حارسه يخبره بالاستمرار فى مراقبتها حتى النيابه ويطلب منه اطلاعه على المستجدات اول بأول .
بعد قليل دوى رنين هاتفه مرة اخرى وتلك المره برقم وائل الجنيدى ، لقد مضى على حادثه هروبها ما يقارب من الثلاث اسابيع وهو حتى الان يتجنب التعامل معه او الاحتكاك به فمجرد التفكير به يجعل الدماء تغلى داخل عروقه ولا يستطيع ضمان رد فعله امامه لذا الحل الأمثل هو تجنبه اما عن امور العمل فقد تركها لمساعده لينهيها معه متحججاً بكثره انشغلاته وعليه وُكّل مساعده للتعامل معه
لماذا لم يطلب سجل تسجيلات حياة مثلما فعل مع نيرمين !! لم يجد اجابه لهذا السؤال ، فى الحقيقه لديه اجابه وأجابه مقنعه للغايه ولكنه يخشى الاعتراف بها ، يخشى الاعتراف بخوفه اذا ما تأكدت الشكوك التى تتأكله بصمت ، لحظتها لن تسمح له رجولته بالاحتفاظ بها وهى تريد غيره ولن يستطيع تركها ايضاً لغيره ، لذلك الهروب هو اسلم حل ، لوى فمه بتهكم مرير ، فريد رسلان يخشى اكتشاف حب زوجته لغيره ، ما هذا الجحيم الذى يعيشه !! ، قاطع افكاره تلك طرقه خفيفه فوق باب غرفته يليها دخول سكرتيرته ايمان تقول بخفوت وتردد :
-فريد بيه .. انا عارفه ان حضرتك طلبت محدش يزعجك بس فى واحد اسمه سمير بره بيقول هو معاه اللى حضرتك طلبته منه ..
انتفض فريد من مقعده بمجرد سماعه تلك الجمله ثم قال بلهفه :
-دخليه على طول ..
تحركت ايمان بعدما اومأت لها برأسه موافقه تاركه المجال لسمير بالدخول ، تحدث سمير بزهو وهو يخرج من جيب ردائه اسطوانه مدمجه ويضعها امام فريد وفوق سطح مكتبه :
-فريد باشا .. التسجيلات وصلت .. كلها موجوده فى السى دى ده ومعاه ميمورى كارد عشان لو حبيت تسمعها على التليفون .. كده انا مهمتى الاولى والتانيه انتهوا ..
ابتسم فريد بسعاده للمره الثانيه فيبدو ان اليوم هو يوم حظه ، تحرك من مقعده وربت على كتف سمير بأستحسان ثم قال بنبره سعيده :
-تمام يا سمير .. استعد بقى عشان تنفذ اخر حاجه .. متنساش مش عايز اى غلط ..
اجابه سمير بثقه مدفوعه بنجاحاته السابقه :
-رقبتى يا باشا حضرتك تؤمر واحنا ننفذ ..
ودعه فريد بأستعجال بعدما طلب من ايمان إيصاله للخارج وعدم إزعاجه لاى سبب كان ثم وضع الذاكره الخارجيه داخل هاتفه وبدء يستمع إلى مكالمات اخته مع صديقتها المقربه نيرمين ، نعم هذا ما يبحث عنه ، بعد عده اتصالات بدءت عينيه تتسع بشده وهو يستمع إلى اتفاق نجوى المبهم مع اخته والذى لم يلتقط منه الكثير ورغم ذلك استطاع ربطه بما فعلته حياة ، عاد الاستماع مره ثانيه وثالثه عل عقله يستوعب شئ مما يقال ولكن دون جدوى ، ظل غالقاً على نفسه حتى المساء يحاول التوصل لحل لتلك المعضله وبعد العاشره بقليل قرر العوده إلى منزله وقد اتخذ قراره ، نعم هذا هو القرار المناسب لكليهما فنجوى ستذهب للسجن اعواماً كثيره وجيهان مشغوله مع ابنتها اذا حياة اصبحت فى امان .
عاد إلى منزله بملامح جامدة وطلب من عفاف الذهاب اليوم باكراً ثم صعد إلى غرفته مباشرةً يبحث عنها بعينه فوجدها جالسه فوق احد مقاعد غرفتهم بحاله الخضوع التى تتمسك بها منذ تلك الحادثه ، بمجرد رؤيتها له انتفضت واقفه تنتظر حديثه ، وبالفعل تحدث هو تلك المره على الفور قائلاً دون مقدمات بنبره جامده للغايه :
-حياة .. انا قررت اننا ننفصل .. ومن دلوقتى انتى بقيتى حرة .