رواية عينيكي وطني وعنواني بقلم أمل نصر

الفصل الثالث

-خارج كده ورايح فين ياحسين ؟
التف بجسده على صاحبة الصوت مجفلًا وعيناه اشتعلتا غضبًا من جرأتها في سؤاله .. فقال بنزق :

– وانتي مالك انتي عشان تسأليني؟


خطت امامه وسط الصالة بمئزرها الحريري والذى اظهر سيقانها اسفل المنامة التي غطتها بالمئزر فقالت بنعومة مستفزة:

– يعني الحق عليا اني بسأل عشان اطمن ومقلقش عليك لو اتأخرت .. دا السيد الوالد موصيني اوي اني اَخد بالي منك واراعي راحتك .


كبح جماح نفسه بصعوبة عن الرد عليها بما يليق بها وهو الذي اشتهر دائمًا بحلمه وطيبته السمحة لكن مع هذه المرأة المتبجحة و التي اخذت مكان والدته .. سيطير كل ما تعلمه ونشأ عليه هباءًا …قال مابين اسنانه:

– وانتي واخدة بالنصيحة قوي ..عشان كده خرجتي من اوضتك بسرعة توقفيني قبل ما اخرج من باب البيت وتسأليني ..طب راعي الأصول الاول والبسي حاجة عدلة بدل ما انتي واقفة كده قدامي بالروب والقميص.


قالت بخجل مصطنع وهى تلملم أطراف المئزر:

– يووه عليا دا انا مخدتش بالي.. بس انت مش غريب ياحسين..انت ابن جوزي ..ربنا يحفظه ويخليه.


حاول السيطرة على حركة فكه وصدره يصعد وبهبط مع تنفسه بخشونة وقال :

– بقولك ايه يااسمك ايه انتي.. انا مش قابل سؤالك ولا قابل حتى كلام معاكي وتاني مرة اياكي اشوفك لابسة كده بالمنظر ده قدامي سمعاني .. عن اذنك بقى .


استدار عنها يخرج بسرعة صافقًا باب المنزل بقوة لدرجة اهتزت بها الجدران .. تخصرت تنظر في اثره ضاحكة وهي تتمايل بخطواتها ..حتى توقفت امام مراَة معلقة فى الحائط .. تنظر إلى صورتها الجميلة بتفاخر وهي تتلاعب بشعرها العسلي بفعل الاصباغ وملامح وجهها التي زادتها المساحيق جمالاً فوق جمالها .. يليق بها الثراء وهي تستحق بعد حياة مليئة بالعوز والشقاء والإهانة والإستغلال .. ولكن يبقى شئ واحد فقط ينقُصها .. ينقصها هو ..هو فقط !!
……………………………

حينما دلف الى منزله والذي بالصدفة وجد بابه مفتوحًا كان محبطاً لسبب غير مفهوم له .. فمنذ ان راَها أمس بشرفتها وهي اخذت حيزاً غير هين من تفكيره طوال الليل فى جمالها الخاطف ..وهي واقفة بشرفتها وشعرها يتطاير حولها .. مشهد يغري اعظم الرسامين لتسجيله وياليته كان شاعراً حتى ليصفه بالكلمات .. فيأتي الصباح لتصدمه بمعاملتها المتعجرفة والمتكبرة.. فأطاحات بالباقي من عقله طوال اليوم .. حتى انه تمنى بشدة رؤيتها الاَن بشرفتها وهو عائد للبناية او حتى صدفة كالتي حدثت صباحاً .. فتأتي المفاجأة  ليراها الاَن بغرفة نومه !!
لم تصدق عيناه رؤيتها فى البداية وهي جالسة على ركبتيها تتناول علبة دواء اسفل المقعد بمشهدٍ اغراه لحبس انفاسه حتى وقفت والتفتت اليه لتشهق مخضوضة .

– ايه شوفتي عفريت قدامك؟


قالها وعيناه تلاحق ملامح وجهها المزعورة من رؤيته بتسلية شديدة .. ظلت لبعض اللحظات فاغرة فاهها بصدمة وهي تحدق بعيناها عليه متلاحقة الانفاس ..ثم مالبثت ان تستعيد رشدها لتهتف عليه بقوة :

– ايه ياجدع انت؟ داخل زريبة ..مش تتنحنح الأول ولا تعمل اي حركة ؟


قال ببساطة:

– واتنحنح واعمل صوت او حركة ليه؟ انا داخل بيتنا اللي بالمناسبة لقيت بابه مفتوح  .


صاحت بعنف وقد فقدت السيطرة على اعصابها:

– اه ..ودا يخليك بقى تقف تبص على جارتك من غير خشا ولا حيا .


ضيق عيناه بتفكير قائلًا :

– انت بتتكلمي عن ايه بالظبط ؟ عن وقفتي فى البلكونة امبارح لما شوفتك وتنحت ثواني ابصلك من غير قصد ولا ودخولي دلوقتي أؤضتي وانا شايف بنت جميلة وزي القمر فيها .. وبرضوا اتسمرت من المفاجأة وماقدرش اتكلم ولا طلع اي صوت .. بس يكون فى علمك انا في المرتين ملحقتش برضوا ابصلك كويس عشان تبقي عارفة .


توسعت عيناها بذهول من جرأته واجاباته الغير متوقعة فقالت بعدم استيعاب:

– انت بتقول ايه؟


صمت قليلًا محدقًا بعيناها التي أثارت نظرتها رعشة بداخله فقال بابتسامة ساحرة :

– بصراحة مش عارف .


فجأة انتابها شعور بالصدمة والإرهاق دون سبب واضح لها ..فهذا الرجل الخطير حتى في ابتسامته البسيطة .. هو قادر على زلزلة كيان اعظم النساء واقواهم .. فما بال فاتن !
قالت بتعب لإنهاء الجدال معه :

– طيب حضرتك ممكن توسعلي عشان انا عايزة اروح بعلبة الدوا دي للست التعبانة جوا ..ممكن ؟

– امي انا تعبانة .


قالها بجزع قبل يختفي من امامها سريعاً بالذهاب الى والدته كي يراها ويطمئن عليها .. همست فجر غير مصدقة ما يحدث:

– يانهار اسود ..دا ايه هو ده ؟ياعيني عليكي يافاتن .


……………………………..

وقفت بعلبة الدواء متسمرة وهي تراه جالساً على طرف الفراش بجوار والدته يهتف عليها  بخوف وكأنه طفلٌ صغير :

– ايه ياأمي مالك ؟ انا سايبك كويسة ايه اللي جرالك بس بعد ما مشيت  ؟


قالت زهيرة بصوت ضعيف ممررة كفها بحنان على وجهه:

– ياحبيبي ماتقلقش عليا ..انا بس نسيت اَخد حباية الضغط النهاردة ..دلوقتي اَخدها واقوم وابقى زي الفل .


نهض سريعًا عن الفراش من جوارها قائلًا :

– لا ياأمي الكلام دا ماينفعش.. انا هانزل حالًا اجيبلك دكتور يشوفك ويطمني عليكي.


اوقفته فجر ممتعضة حينما هتفت عليه والدته ترجوه الأنتظار:

– أمي نزلت تجيب الدكتور ..فياريت يعني تستنى دقايق .. هي أكيد على وصول .


قالت زهيرة برجاء:
-، والنبى ماله لازمة الدكتور..انا بس اشرب حباية الضغط ودلوقتى ابقى زي الفل ..هو انتي لقيتي علبة البرشام يابنتى؟
قالت الاَخيرة مخاطبة فجر التي همت لترد ولكن اوقفها صوت والدتها الذي اتي قريباً من داخل المنزل وقد جاءت ومعها الطبيب
……………………..

ترجلت شروق من سيارة الأجرة امام البناية التي تقطن فيها وهي تسرع بخطواتها وفور ان اعتلت الدرج سمعت خلفها من يهتف عليها :

– ياأنسة ..ثواني حضرتك قبل ما تطلعي السلم .


استدارت على ناحية الصوت فجحظت عيناها من المفاجأة وهي ترى هذا الوسيم الذي رأته بالأمس امام سيارته فى الحارة الضيقة واعجبت به بشدة .. يتقدم نحوها الاَن بخفة واناقة غير عادية وكأنه خارج من أحدى مجلات الموضة الرجالي .. قال بابتسامة رائعة وهو يخلع نظارته السوداء التى كانت حاجبة عيناه الخضروان :

– السلام عليكم .


وكأنها فقدت النطق ..ظلت تنظر اليه صامتة دون حراك .
ازداد اتساع ابتسامته قائلًا بمكر :

– ايه ياأنسة انا بكلمك ..هو انتي مابتروديش ليه ؟


بكف يدها كتمت ضحكتها الخجلة على وجهها الساخن وقد تحولت وجنتيها لقطعة حمراء ملتهبة .. فقالت بصعوبة :

– يانهار ابيض عالإحراج .. دا انا كنت فاكراك اجنبي .


قال بمرح:

– عشان كدة كنتي بتعاكسي براحتك بقى .. على اساس اني مش هافهمك .


اومأت برأسها وهى مازلت تكتم ضحكاتها وعيناها منخفضة أرضًا ..اعطته الفرصة ليتأملها جيدًا قبل ان تقول اَخيرًا:

– لكن انت ايه اللي جابك هنا عند بيتنا ؟ اوعي تقول انك جاي تشتكيني لبابا عشان عكستك ؟


استجاب لمزاحها ضاحكاً وهو يحرك رأسه بالنفي قائلًا:

– لااا مش لدرجادي يعني ..هو انا اطول واحدة حلوة تعاكسني .

– هزت رأسها ابتهاجًا بأطراءه وهي صامتة .. فتابع هو :

– في الحقيقة بقى انا جاي لوالدتي واخويا هما  ساكنين هنا جديد .. تعرفي المعلم علاء ووالدته الحجة زهيرة ؟


اجابت بحماس :

– معرفهمش ازاي بس ؟ دول جيرانا والباب قصاد الباب .


تبسم بارتياح يقول :

– كويييس اوي ده .. ممكن بقى اطلع معاكي تعرفيني الشقة؟


…………………….

خرج علاء مع الطبيب الذي قام بفحص والدته ليستفسر عن حالتها ويتلقى منه النصائح والارشادات لعلاجها ومراعتها فظلت معها سميرة التي دثرتها جيدًا وهي تتحدث معها بعفويتها:

– الف سلامة عليكي يا ام علاء ..ربنا مايرقدلك جتة تاني ابدًا


قالت زهيرة بامتنان :

– تسلميلى ياختي ..انا مش عارفة بصراحة هاقدر ارد جميلك دا ازاي ؟ انتي والمحروسة بنتك ..ربنا يحفظهالك يارب .


تبسمت سميرة بمودة قائلة :

– في ايه بس ياام علاء ؟ لو مكنش الجيران يلحقوا بعض فى وقت زي ده..يبقى ايه لزمتهم بقى ؟ دا المثل بيقول ..الجار قبل الدار ..بس انتي لازم تراعي لنفسك وبلاش الزعل يااختي..اديكي شوفتي بنفسك الزعل بيعمل ايه .. ودا كلام الدكتور مش كلامي .


تنهدت زهيرة قائلة بحزن :

– ودي نعملها ازاي بس ؟ دا الزعل ورانا ورانا مهما حاولنا نهرب منه .

– لا ياام علاء .. انا عارفة ومتأكدة ان الراجل اللي خرج من عندك هو السبب في زعلك .. هو دا يبقى جوزك يااختي ؟ اصل بصراحة الشبه بينه وبين سي المحروس علاء ابنك كبير اوي يعني .


قالت زهيرة بقلق وصوت خفيض :

– وطي صوتك والنبي يااختي ..انا مش عايزة علاء يسمع.

– لا ما انا سمعت خلاص ياماما وفهمت لوحدي السبب اللي خلاك تتعبي كده فجأة .


اجفلت المرأتان على صيحته الغاضبة وهو يدلف اليهم بداخل الغرفة وتابع بسؤال والدته:

– هو قالك ايه بالظبط ياماما وخلاكي تزعلي بالشكل ده ؟


اجابت نافية:

– مقلش حاجة يابني تستاهل ..بلاش تعصب نفسك على الفاضي ؟

– لا قال .


قالها بحدة عاصفة..جعلت الدماء تهرب من وجه سميرة التي نهضت عن الفراش قائلة بارتباك :

– يادي النيلة السودة .. هو ايه اللي حاصل بالظبط ؟ دا انا شكلي عكيت الدنيا وانا مش دارية؟


حدقت زهيرة الي ابنها معاتبة وهي تومئ برأسها ناحية سميرة:

– عجبك كده ؟


زفر علاء مطولًا وهو يمسح بكف يده على صفحة وجهه ..فقال بلطف :

– معلش ياخالتي سميرة..انا اسف لوكنت احرجتك سامحيني.

– يووه يابني.. اسامحك على ايه بس ؟ دا انت زي ولادي .. انا بس مش عايزة ابقى سبب في مشكلة بينك وبين الراجل ده اللي الظاهر كده يبقى والدك .


اومأ برأسه واضعاً يديه الاثنتان على خصره ضاحكًا بسخرية مريرة قائلًا:

– مشاكل ايه اللي هاتبقي انتي السبب فيها بس ياخالتي ؟..هو احنا كنا سايبين بيتنا وحالنا ومالنا وجاين هنا ليه طيب؟ فسحة يعني ؟ دا انت شكلك طيبة اوي ياخالتي .

– الله يحفظك يابني دا من زوقك .

حاول علاء التماسك وكبت غضبه امام السيدة سميرة طوال لحظاتها المتبقية معهم والتي لم تطل كثيرًا .. حينما همت للخروج ..وقام بإيصالها حتى الباب تفاجأ بأخيه حسين امامه كما تفاجأت سميرة بوقوف ابنتها شروق معه !!
…………………….

ممسكًا بكف والدته يمطرها بالقبلات وهو يرجوها بندم :

– انا اسف ياأمي سامحيني..


بكف يدها وهي على شعر راسه كانت تضمه اليها تبادله القبلات على وجنته :

– مسمحاك ياحبيبى وقلبي راضي عنك دنيا وآخره.


ضمها اكثر يتنعم بحنانها وهو يردف بحرارة :

– اه ياأمي..وحشني حضنك اوي .

– ماكفاية بقى احضان ياعم انت واتعدل عشان اتكلم معاك .


اجفل حسين من لهجته المتهكمة:

– الله ياعلاء ..مش والدتي ووحشاني مضايقك في ايه انا بقى ؟


هتف عليك بمشاكسة

– وافرض واحشاك ..هاتفضل بقى كدة لازق فى حضنها ..ماتنشف ياض .


تبسمت زهيرة بمرح تخاطب حسين :

– اخوك بينكشك ياحبيبي.. دا باينه غيران !


بنظرة ذات مغزى حدق حسين نحو شقيقه مع ابتسامة ماكرة ..أثارت حنق علاء :

– فرحان اوي بكلامها انت عشان جاي على هواك .


اومأ برأسه موافقًا بابتسامة متشفية :

– اوي .


ضحكت زهيرة بسعادة .. اطربت قلب علاء ولكنه تحول للجدية في سؤال شقيقه :

– اخبار الوالد ايه ؟ والبت دي عاملة ايه معاك ؟


ذهب العبث عن وجه حسين بمجرد ذكر الاثنان امامه ..لايريد اثارة الشك بقلب اخيه ووالدته لو اجابهم بصدق عن ما يقلقه من هذه المدعوة نيرمين…فقال بجمود :

– ابوك مابشوفهوش كتير والبت دي… اهي ممشية امورها معايا ..طول ماهي بعيدة عني وفي حالها .


بزاوية فمه تبسم بسخرية علاء قائلًا :

– هاتفضل طول عمرك طيب ياحسين طيب ومابتعرفش تكدب!


…………………………….
( لدرجادي انتي بتحبيه يافاتن ؟

– احبه ..يالهوي عليا دا انا بموت فيه ..علاء دا راجل ولا كل الرجالة .. دا حاجة كده ولا في الخيال.. جمال وهيبة وشخصية قوية ..راجل حقيقي الست ممكن تتسند عليه والنبي دا انا ساعات كتير بخاف لا اكون بحلم .

– يارب اتجوز واحد زيه ،

– يارب ياحبيبتى وانا اكره .. بس لاا لايمكن هتلاقي واحد زي علاء ابدًا )


اغمضمت فجر عيناها بألم ودموعٍ ساخنة تحرق مقلتيها .. مع تردد هذه الكلمات برأسها دون رحمة رغم مرور اكثر من ١٠ سنوات عليها .. هذا اول لقاء يحدث بينها وبينه عن قرب وترى هذا السحر الفطري لهذا الرجل والذي يجتذب به النساء ليقعن اسيرات عشقه كالعنكبوت حينما تجتذب الفريسة لتمتص رحيقها حتى  لا يتبقى منها شئ صالح للحياة .
طرق خفيف على باب غرفتها جعلها تستقيم بجلستها وهي تمسح دمعاتها سريعًا لتعود لواقعها هاتفة :

– ادخل .


دلفت شقيقتها وهي تضحك بمرح قائلة :

– اسكتي يابت ياشروق ..النهاردة حصل معايا …..ايه ده؟ انتي معيطة ؟


قالت نافية بارتباك:

– لا طبعًا ..ايه اللي يخليكي تقولي كده ؟


قالت واثقة بوجه جاد ذهب عنه الهزل وهي تجلس بجوارها على الفراش :

– وشك الدبلان يافجر وعيونك الحمرا .. في ايه يابنتي ماتقولي على اللي مزعلك ..دا انا اختك واقرب واحدة ليكي .. بعد المضروبة على قلبها سحر .


لكزتها بقبضة يدها على ذراعها وهي تستجيب لمزاحها:

– بس يابت ..ماتقوليش كدة على سحر ..لازعل منك والنبي بجد.


قالت شروق وهي تمط شفتيها :

– ايوة يااختي ما انا عارفة ..صحبية الهم بتاعتكم ..اموت واعرف مين فيكم اللي ناحسة التانية معاها ؟ اتنين حلوين وزي القمر..يقعدوا ليه من غير جواز مش فاهمة انا ؟


فعرت فاهها مذهولة تقول:

– لا إله إلا الله ..نصيب يابنتي ماسمعتيش عن حاجة اسمها النصيب .

– نصيب إيه يافجر؟ دا انتوا العرسان دوبت باب البيت من الخبط عليكم .. ومافيش لاحاجة بتكمل معاكم ..


دا ايه النحس دا اللي متبت فيكم؟
لم تتمالك نفسها اكثر من ذلك فضحكت من قلبها ..على منطق شقيقتها ومزاحها .. وبعد لحظات من الضحك والمرح سألتها شروق بجدية :

– مش هاتقوليلى بقى ايه اللى مخليكي معيطة ؟


تنهدت بثقل وهي تجيبها

– افتكرت فاتن ياشروق .


نهضت من جوارها فورًاقائلة بضيق :

– تاني فاتن يافجر .. ماخلاص يابنتي عيشي حياتك بقى وانسي اللي حصل وكان .. وكفاية بقى انها كرهتك فى صنف الرجالة كلهم .


صمتت امام شقيقتها غير قادرة على الرد .. فكيف تخبرها ان الماضي عاد وبقوة بمجاورة هذا البغيض ؟ وهي التي لا تعلم من القصة سوى نهايتها !
………………………….
خرج ادهم من غرفة مكتبه فرحًا بغير تصديق بما أخبرته به الفتاة الخادمة بحضور فلذة كبده الكبير الى المنزل طالبًا رؤيته ..خلفه كانت نرمين التي كانت اكثر لهفة منه ولكنها كانت بصعوبة تحاول السيطرة على مشاعرها امام زوجها.. تسارعت دقات قلبها تكاد ان تخرج من صدرها وهي تراه واقفًا وسط بهو المنزل الكبير..مرتديًا سترة جلديه على سروال اسود ..جذااااباً بدرجة مهلكة .

– علاء انت جيت ياابني؟


التفت الى ابيه بوجه جامد بعد ان القى نظرة عليها بطرف عينه وقال :

– شئ طبيعي ان اَجي بيتي ولا انت عندك اعتراض ياوالدى؟


تبسم أدهم وهو يقترب من ابنه مربتًا بكف يده على اكتاف علاء العريضة :

– ابدًا ياحبيبي ماعنديش اي مانع .. واقف ليه ؟ تعالى معايا على الصالون جوا.


اشار بكفه يوقف والده معترضًا :

– معلش باابويا انا مش جاي اضايف ..انا جاي في كلمتين ورد غطاهم.

– طب هاتقولهم واحنا واقفين ؟ مش نقعد يابني ونتكلم براحتنا .


هم ليرد على اباه ولكن استوقفته بقولها :

– في ايه بس ياسي علاء ؟ ماتسمع كلام والدك ..هو احنا هانخطفك ؟


صك على اسنانه قائلًا بحدة :

– متتدخليش انت بين الأهل وخليكي فى حالك ؟


صاحت بلؤم :

– كده برضوا ياسي علاء ؟ بس انا اللي استاهل فعلًا عندك حق ..انا خارجة وسيبهالكم خالص عشان اريحكم ..عن اذنكم .


نظر في اثرها أدهم وهي معتلية الدرج قبل ان يلتفت ناظراً لعلاء بلوم قائلًا :

– ليه كده بس يابني المعاملة الجافة دي معاها ؟ هي كانت عملتلك ايه بس ؟ دي غلبانة ويتيمة و ..


قال علاء مقاطعًا والده :

– ماخلاص ياوالدي الله يرضى عنك ..الكلام دا قلته يجي مية مرة قبل كده.. خلينا فى الكلمتين اللي انا  عايز اقولهم .

– كده على الواقف ياعلاء ؟ ماشي ياسيدي كنت عايزني في ايه ؟


قال بتحذير :

– أمي ياحج ادهم يامصري .


سأله ادهم بريبة :

– مالها امك ياعلاء ؟

– امي تعبانة ومش حمل كلامك الصعب..مشكلتك تحلها معايا انا ..امي طلبت الطلاق وخلاص دي مش نهاية الكون .. سيبها فى حالها بقى وخليك في عروستك اليتيمة والمسكينة .


تنهد أدهم بعمق وغضبٍ مكبوت بعد ان تلاشت الفرحة من وجهه وحل محلها شئ اَخر فقال :

– يعني هو دا اللي جايبك ياعلاء ..مش انك عقلت وعرفت ان ابوك ليه حق عليك زي امك كمان ؟ كبرت ياعلاء ومابقاش حد يهمك ولا تعمله حساب .. بما فيهم ابوك اللي كانت غلطته الوحيدة جوازه على والدتك الست المصونة .. اللي ماصدقت تلاقي اللي يشجعها عشان تهجر جوزها وتسيبه بفضلك .


اكتسى وجهه بغلاف البرود رغم النيران المشتعلة بداخله ..وهو يحاول الحفاظ على ثباته :

– انا مش هارد عليك ياوالدي ونلت فى مواضيع انتهت  .. انا كنت جاي في كلمتين وقولتهم خلاص ..بعد اذنك ياحج بقى ياأدهم .


…………………………

خرج من منزل أبيه وكأن الشياطين تلاحقه الى الحارة الشعبية التي نشأ وترعرع فيها .. كان يسير بوجه متجهم وغاضب لما اَلت اليه الأمور بينه وبين ابيه وانقسام العائلة التى كانت مترابطة منذ نشأتها الى ان جاءت هذه الشيطانة دون سابق انذار وفرقت بينهم .

– علاء .. ياعلاء .


التفت على صاحب الصوت الجالس حول احدى الطاولات الصغيرة ملوحاً له ببده واليد الأخرى ممسكة بذراع الارجيلة في المقهى القريب .. زفر بضيق قبل ان يذهب إلى صديق الطفولة.. سعد .. والذي كان احد الأضلع الثلاثة لمثلث الصداقة الذي جمعت بين الاثنان سعد وعلاء  وابن الطبيب الشهير كرم الوالي ..عصام .. والذي انضم اليهم في الجامعة فوطد صداقته معهم لدرجة جعلته يرتاد حارتهم بشكل يومي حتى ظنه الناس من اهلها ..هذا قبل ان تنتهي صداقتهم معه بصورة مأساوية وبفضل امرأة ايضاً !!

– ايه ياعم ماشي كدة على طول ولا اكن ليك صحاب ؟

– سعد باشا .. معلش راحت عليا وماخدتش بالي 


تعانق الاثنان بحضن اخوي قبل ان يجلس علاء على المقعد الأخر حول الطاولة .
قال سعد بابتسامة ودودة :

– انت روحت فين ياعم وقولت وعدولي؟


فرك بكفيه على صفحة وجهه قبل ان يجيب صديقه :

– في ارض الله الواسعة ياسعد ..انا لقيتلي شقة كويسة فى عمارة قديمة عند الميدان انا والست الوالدة.. وكلها كام يوم ان شاء واشتغل في محلي الجديد كمان.

– ياماشاء الله …ربنا يسعدك ياحبيبى ..بس يعني انت كده هاتسيب ابوك لوحده بعد العمر دا كله ؟ ما بلاش ياصاحبي تنشيفة الدماغ دي ..دا مهما كان برضوا والدك .


زفر مطولًا وهو ينظر الى صديقه دون اجابة قبل ان يقطع صمته ويستأذن فى الذهاب:

– معلش ياسعد انا مصدع اوي وماليش نفس لأي كلام .. استأذن بقى متاَخذنيش .


نهض سعد معه قائلًا بعتاب :

– هو انت لحقت تقعد ياعلاء عشان تمشي بالسرعة دي؟

– معلش .. هابقى اشوفك بعدين ونتكلم براحتنا ..ولا تجيني انت احسن على عنواني الجديد.


قال سعد مرحبًا :

– اجيلك انا ياصاحبي ولا يهمك.. بس انت ابعتلي العنوان فى رسالة حتى .


ربت على كتفه بامتنان:

– طول عمرك ابن أصول وبتصون العشرة ياسعد .. ربنا مايحرمني منك .. خلاص اسيبك انا بقى وعلى تليفونات بعد كده .


اومأ سعد برأسه موافقًا .

– طب سلام بقى


قالها علاء قبل ان يذهب سريعاً من امام صديقه الذي استدار برأسه لناحية منزل الحاج ادهم المصري فوجدها واقفة في شرفتها تتبع بعيناها علاء حتى خرج من الحارة واختفى .. التفتت بعد ذلك لتقع عيناها بسعد الذي تبسم بمغزي ..فارتدت هي سريعاً تعود للداخل !
…………………………

حول مائدة الطعام كانت الاسرة جميعها مجتمعة لتناول وجبة العشاء .. الاب على رأس المائدة والأبناء والزوجة على جانبيها ..سميرة كانت تشرح ما حدث في يومها بشكل ممل مع زوجها الذي كان يستمع بإنصات حينما اتت السيرة عن الجيران الجدد:

– لدرجادي الشبه ما بينهم كبير ؟


اجابت سميرة على سؤال زوجها :

– كبير اوي ياحج ..امال انا عرفته كده لوحدي ازاي ؟.. دا نفس الطول والعرض والهيبة كمان ..فرق بس فى لون الشعر الابيض وتجاعيد الوش عند الراجل الكبير ..بس الراجل الكبير ده شكله شديد وقاسي .. مش زي اسم النبي حارسه علاء .. دي كان واقف على دماغ والدته مرعوب عليها ولا اكنه عيل صغير حتى


تمتم شاكر :

– تلاقيه بس ورث القلب الحنين من امه..


هتفت شروق بمرح:

– هو ورث القلب واخوه التاني خد من والدته الشبه الواضح مابينهم ..البشرة البيضة والعنين الخضرا ..حتى في الطول هو متوسط زي والدته..ولا لكنهم قسموا شبه الولاد مابينهم عشان ماحدش فيهم يزعل .


استجاب الجميع لدعابة شروق بالضحك ..عدا فجر التي كانت تسقط لقيماتها بصعوبة .. امتعاضاً من تكرا ذكر اسمه بينهم حتى على مائدة الطعام .. اجفلت على نداء ابيها :

– ايه يافجر مابتضحكيش ليه معانا ولا بتتكلمي؟مش بعادتك يعني؟


قالت بفتور :

– عادي يعني ياوالدي.. اصلي سرحت شوية ومركزتش في اللي بتقولوه.


قال ابيها بابتسامة عريضة:

– طيب مدام ركزتي معانا بقى اقولك انا على خبر حلو يخصك .


اجفل الجميع على جملة شاكر فتساءلت هي بفضول :

– خبر ايه ياوالدي ؟

– المهندس عادل ابن صاحبي عبد الصمد وكيل مدرسة السلام الثانوية .. شافك قبل كده معايا وانا بوصلك المدرسة .. فطلب من والده انه يفاتحني في موضوع جوازه منك .


قالت سريعاً دون تفكير :

– قوله لأ ياوالدي…انا مش عايزة اتجوز.

– مش عايزة تتجوزي ليه ان شاء الله؟


صاحت بها سميرة غاضبة وتابعت :

– هو انتي اللي على لسانك لأ وبس .. مش لما تشوفي الراجل الاول وبعدها تحكمي.


هتفت ترد :

– شوفته ياماما قبل كده وسلم عليا كمان وانا مع والدي .. هو اي نعم شكله كويس ومش بطال ..بس معجبنيش .


قالت سميرة بتهكم :

– معحبكيش ليه ياعنيا؟ مدام بنفسك بتقولي عليه مش بطال.. ولا هو بتر وخلاص.. فى كل مرة يجيلك عريس لازم تطلعي عنينا كده .. ماتدي نفسك فرصة واقعدي معاه .

– انا شبعت اكل .


قالتها وهي تنهض وتذهب سريعًا من حديث والدتها التي لم تصمت في اثرها وهي تهتف بصوت مسموع رغم تحذير زوجها .

– اهي قامت وسابتني اتفلق ياشاكر.. ولا اكن ليها ام وعايزة تفرح زي بقية الامهات ببنتها .. اعمل ايه معاها بس ياناس .


صفقت باب غرفتها بقوة وهي تزفر براحة بعد ان ابتعدت هاربة من حديث والدتها .. الباكية على زاوجها وتتلهف للفرح بابنتها الكبرى .. خرجت لشرفتها تتلمس الهواء البارد علٌه يخفف من اختناقها كلما أتت هذه السيرة .. وصل إلى انفها رائحة التبغ المحترق .. فانتقلت عيناها فوراً على الشرفة المجاورة لتجده امامها بتكئ بأريحية على سور الشرفة.. ينظر لها بابتسامة متسلية فقال :

– مساء الخير.

…. يتبع

الفصل  الرابع

بداخل سيارة ابيها وهي جالسة في الكرسي الأمامي هتفت من النافذة الامامية وهو واقف امام الجزء الأمامي من السيارة القديمة يفحصها بعد عدة محاولات لتشغيل محركها ولم تفلح :

– وبعدين بقى يابابا؟ دي ناوية تدور فى يومها ده ولا احنا هانخدها مواصلات النهاردة ولا ايه بس ؟


هز رأسه شاكر بعدم رضا قائلًا بيأس :

– والله يابنتي مش عارف اقولك ايه ..بس شكلنا كده هانخدها مواصلات صح ؟


فُتح باب السيارة الخلفي وترجل منه ابراهيم الشقيق الصغير ذو السنوات العشر قائلًا باعتراض :

– يعني ايه يابابا هانخدها مواصلات؟ دا انا كدة اكيد هاتأخر ومش هلحق طابور المدرسة .


ترجلت خلفه فجر قائلة بحنق :

– ما انت السبب ياابرهيم فى التأخير ده بنومك التقيل ؟ يا ابني ده انا بقالي ساعة جاهزة ومستنياك وفي الاَخر انا اللي هالبس الجزا لو اتأخرت عن الحصة الأولى .

–  صباح الخير ياعم شاكر ؟ هي العربية عملتها معاكم ولا ايه ؟


التفت الثلاثة على صوته وهو خارج من البناية .. رد ابيها بالتحية عليه وأكمل بشرح مايراه من عطل اصاب سيارته .. ارغمت فجر نفسها على عدم النظر اليه وهي تراه يقترب منهم متطوعاً للكشف عن العطل ثم عرضه النبيل ليُقلهم جميعاً معه ..التفتت بحدة رأسها رافضة عرضه الكريم :

– لا طبعاً انا مش موافقة اركب معاكم .. انا هاخدها مواصلات يابابا وانت براحتك بقى.. ياللا بينا ياابراهيم .


جذب ابراهيم يده من كفها صائحا :

– سيبى ايدي يافجر .. انا عايز اركب العربية مع عم علاء بدل ما اتبهدل فى المواصلات واتأخر .


حدقت اليه بتوعد محذرة:

– يعني امشي انا ياابراهيم وتدخل انت المدرسة لوحدك. ؟


هتفت ابيها من خلفها :

– وتمشي لوحدك ليه بس يابنتي ؟ ما العربية موجودة اهي وعلاء كتر خيره عارض ياخدنا في سكته وهو ماشي على مشواره.


اكمل علاء قائلًا ببرائة وعيناه تنطق عبثاً:

– مافيش داعي للكسوف والوالد واخوكي الصغير هايركبوا معاكي ياابلة فجر .

– ابلة !!


تمتمها بشراسة قبل ان يعاجلها ابيها بالقول حازماً:

– ماتخلصي بقى يافجر خلينا نتحرك ونلحق مصالحنا بدل الوقفة اللي من غير داعي دي .. دور عربيتك يابنى واحنا التلاتة هانركب معاك .


تلجمت عن الرد مصدومة وهي ترى ابيها يجذبها من ذراعها ويدفعها دفعاً فى الدلوف داخل السيارة .
………………………………

متابعة بعيناها مايحدث في الأسفل وهى ناظرة من الشرفة كانت شروق تضحك بمرح .. سألتها سميرة التي دلفت بالصدفة بداخل الغرفة :

– بتضحكي على ايه يابت ؟


اجابت مبتسمة وهي تتحرك لداخل تاركة الشرفة :

– على بنتك ياماما .. شكلها وجوزك بيزقها يدخلها غضب عربية علاء جارنا يهلك من الضحك .


سألتها مجفلة :

– وايه اللي هايدخلها عربية علاء يابت؟

– ياماما عربيتنا عطلت والمعلم علاء عرض على بابا وفجر وإبراهيم يوصلهم فى سكته ..لكن بنتك بقى مابطيقش علاء واكنها بتشوف عفريت لما تشوفه .


قطبت سميرة ذاهلة وهي تجلس على طرف الفراش :

– وايه اللى يخليها تكرهه بقى ؟ هي كانت تعرفه قبل كده ولا شافت منه حاجة وحشة؟


هزت اكتافها بعدم فهم وهي تجلس بجوارها :

– بصراحة مش عارفة .. يمكن مش قبلاه ودي حاجة عادية وياما بتحصل..حتى لو كانت مع واحد زي علاء ده اللي عامل زي نجوم السيما فى حلاوته .


قالت سميرة مستنكرة :

– بقى اختك مش قابلة علاء اللي كل بنات المنطقة هايموتوا على نظرة منه ؟ اما بت خايبة صحيح .. وانت بقى ياحلوة .. ايه اخبارك ؟

– اخبارك انا في ايه ياماما ؟


مالت سميرة برقبتها اليها قائلة :

– اخبارك مع اخوه حسين ياعين امك .. ولا انتي فاكراني مش واخدة بالي من نظراتكم لبعض وابتسامتكم اللي على الفاضية والمليانة.. دي حاجة باينة زي عين الشمس.


تودت وجنتيها وهي تعاود هز اكتفاها وابتسامة جميلة ارتسمت على ملامح وجهها فقالت :

– معرفش ياماما.. بجد معرفش .


وماذا بإمكانها ان تقول ؟ لقد مرت عدة ايام منذ أن رأته مجفلة على سلالم البناية يسألها عن شقة اخيه ووالدته .. وبعدها اصبحت تراه بشكل شبه يومي .. مرة بداخل السيارة المصطفة بالحي القديم وهو ينظر اليها فى المراَة وكأنه اعتاد انتظارها ..ومرة أخرى داخل البناية حينما كان يعاود الزيارة لوالدته.. حتى أصبحت هي متشوقة لرؤيته ومتلهفة للقاؤه

– انتي سرحانة في ايه يامنيلة ؟


انتفضت مجفلة على صيحة والدتها فقالت بارتباك :

– يعني هاكون سرحانة في إيه بس ياماما؟ انا هاقوم يدوبك بقى اللحق البس عشان احصل ميعاد الكلية .


نظرت في اثرها سميرة وهي تنهض عن التخت وتخرج سريعاً من الغرفة:

– بتتهربي مني انا ياشروق ماشي .. خيبة عليكي وعلى اختك ..بلانيلة .


………………………..

بداخل السيارة التي كانت تقلهم.. كانت جالسة في الكرسي الخلفي على اعصاب محترقة وهي تزفر بضيق من نظراته المسلطة عليها فى المراَة الاَمامية اثناء قيادته طول الطريق .. يتحدث بعفوية ومرح مع شقيقها الصغير وقبل ذلك كان ابيها الذي تركهم امام محل عمله بإحدى المصالح الحكومية .. وظلت هي تحصي الدقائق فى انتظار انتهاء المسافة المؤدية لعملها والتى لم تظن يوماً انها طويلة هكذا.. تدعي داخلها بالصبر على سماع حديثه الممل مع شقيقها الصغير .

– مقولتليش بقى ياعم إبراهيم ناوي لما تكبر تطلع ايه ؟


قال الصغير بكل فخر :

– طبعاً هطلع بشمهندس كبير ..عشان انا اشطر واحد في حصة الرياضة .

– جدع ياابراهيم .. شد حيلك بقى وماتكسلش عن هدفك .


سأله الصغير بفضول :

– طب انت بقى ..طلعت معلم ليه ومطلعتش مهندس او دكتور ؟ هو انت كنت بليد فى الدراسة ؟


ضحك بصوت عالي ضحكة اصدرت صدى بمحيط السيارة كله..لدرجة اهتز بها جمود فجر من روعتها .. فحاولت بصعوبة الحفاظ على ثباتها امام عينه المتصيدة لاقل لمحة منها ..قال اخيراً بنفي :

– لا ياعم إبراهيم.. انا مكنتش بليد بالعكس بقى . دا انا كنت اشطر منك كمان ..بس انا بقى حبيت التجارة مع والدي فى المحل بتاعنا اكتر من الوظيفة بعد ما اتخرجت .. وعشان تبقى عارف .. انا حاصل على ليسانس حقوق بدرجة جيد جداً .


قال الاَخيرة وعيناه عليها في المراَة ..مشدداً على الأحرف يريد ايصال الرسالة لها .. وكأنها لاتعلم !
حينما وصلت السيارة اخيراً امام المدرسة .. تنهدت بارتياح تفتح الباب سريعاً للخروج من هذه المساحة الضيقة بوجوده.. سبقها ابراهيم هاتفاً بمرح قبل خروجه :

– الف شكر يامعلم على التوصيلة الجميلة دي.


رد عليه ضاحكاً :

– ولا يهمك يابشمهندس.. انا تحت امرك في اي وقت .


لوح له بكفه مودعاً قبل ان يهرول سريعاً لأصدقاءه

– مع السلامة .


قالت هي متحلية ببعض الزوق رغم امتعاضها :

– شكراً .


بابتسامة مرحة قال :

– لا شكر على واجب.. دا احنا اهل وجيران ياأبلة فجر.


ابلة فجر !! مرة اَخرى ..كزت على اسنانها غيظاً وهي تصفق باب السيارة بقوة وهى ذاهبة من امامه وطيف ابتسامته العابثة تكاد تفتك برأسها .
………………… …………

– هو دا محل المعلم علاء ادهم المصري ؟


التفت عامل المحل حسونة على الشاب الواقف امامه بمدخل المحل فجاوبه بعملية وهو يباشر عمله فى التنظيف :

– ايوة حضرتك هو ده فعلاً محل المعلم علاء .. اصل احنا لسة معلنقاش اليفطة.. على الافتتاح بقى .


خطا الشاب لداخل المحل يمشط بعيناه كل زاوية وكل ركن فيه بانبهار هامساً :

– ياماشاء الله ولسة كمان في افتتاح ؟


لحقه الفتى زاجراً:

– في ايه حضرتك ؟ داخل كده على طول .. ما انا قايلك من الاول اننا لسه ماافتتحناش المحل .


تحولت ملامحه فاردف بغضب

– في ايه انت ؟ هو انا هاسرقه ؟ دا انا جاي لصاحب المحل نفسه المعلم علاء .. صاحبي .


نظر اليه الفتى بنظرة تقيمية على من رأسه لأخمص قدميه من ملابسه المتواضعة المتمثلة فى قميص مزركش بعدة رسوم غير مفهومة على سروالها الجينز الباهت على جسده النحيل و قامته متوسطة .. ملامح وجهه الخشنة على بشرته القمحية موصومة ببعض الحفر الصغيرة لاثار حب شباب قديمة تركت ندوب ظاهرة .. سأله بتشكك :

– انت! ..صاحب المعلم علاء؟ ..على العموم المعلم علاء مش موجود. ٠


قال بصوتٍ خشن وعيناه اشتعلت سعيراً من نظرة الفتى المتدنية :

– اسمع ياض انت .. انا ممكن اتعصب عليك دلوقتي واعرفك مقامك كويس .. او اخلي علاء يطردك من المحل نهائي جزاءاً لقلة ادبك معايا .

– انا قليت ادبي عليك حضرتك ؟


-هو انت لما تبصلي البصة دي ماتبقاش قلة ادب ؟
قال الفتى ببرود وهو يتناول هاتفه

– على العموم يافندم  انا هاتصل بالمعلم علاء دلوقتى وأسأله هايجي امتى ..عايزني اقوله مين اللى سأل عليه بقى ؟


بلهجة حازمة اثارت اندهاش الفتى قال :

– قوله صاحبك سعد مسنتيك تيجيلوا على المحل حالاً دلوقتى .


……………………………..

على انغام اغنية حديثة لعمرو دياب كان يدندن خلفها الكلمات بسعادة وهو يقود سيارته بعد ان اقلها لمحل عملها .. لقد اصبحت صورتها الجميلة عالقة بذهنه طوال الوقت .. نظرتها الشرسة كلما حاول مشاكستها تثير بداخله مرحا منقطع النظير .. معاملتها له بجمود وتوترها في حضوره وردودها المقتصبة دائماً ما تدعوه للتساؤل والتفكير عن السبب في ذلك .. كم يتلهف لرؤيتها مبتسمة او ضاحكة..كم يود لو تزيل هذا الحاجز الوهمي الذي وضعته بينها وبينه وتعامله حتى معاملة الجار العادية.. وبعدها يحدث التطور كأي شئ طبيعي .. تنهد مطولاً وهو يتفادى سيارة امامه قبل ان يلتفت لهاتفه الذي صدح بصوت ورود مكالمة من عامل المحل الجديد حسونة .

– الوو .. ايوه ياحسونة عايز ايه؟

– الوو يامعلم .. تعالى هنا شوف .. في واحد بيقول انه صاحبك قال وعايزك تيجي فوراً تقابله.

– صاحبي مين ؟

– انا عارف بقى؟ دا واحد كده ……..


انقطعت جملة الفتى وسمع بعدها همهمة جدال غاضبة..
تساءل بقلق :

– في ايه عندك ياحسونة ؟.


فجأة وصله صوت صديقه الغاضب بعد ان تمكن من نزع الهاتف من يدي الفتى الذي كان يصيح بجواره معترضاً:

– اسمع ياعلاء .. الواض لازم تمشيه حالاً .. دا بيقل ادبه عليا ومش مصدق اني صاحبك؟


…………………………….

بوجهٍ عابس تسير فى طرقات المدرسة بعد ان انهت حصتها من درس الحساب للطالبات.. تشعر وكأنها ازدادت في العمر سنوات بداخلها..رغم اهتمامها الواضح لإناقاتها ومظهرها الخارجي ..لكن جلسة واحدة فقط مع فتيات تخطين بالأمس مرحلة الطفولة وبدأن الاَن اكتشاف الأنوثة والتمرد على كل ماهو قائم ..ومن ثَم القيام بكل فعل احمق من اجل اثبات الشخصية ولفت النظر اليهن والى ما يملكن من مقومات .. تفقد معهن كل درجات التحضر حتى تستطيع السيطرة وحفظ الذات امامهم .. ويالها من مرحلة تكرهها بشدة مما تلاقيه منهن .

– انتي يابت ياللي هناك اقفي مكانك .


اجفلت الفتاة على النداء فالتفت تجيب وهي تلوك فاهها بالعلكة :

– نعم ياميس.. انتي بتكلمينى انا ؟


اقتربت منها تميل اليها برقبتها قائلة بتهكم :

– امال يعني هاكون بكلم الحيطة اللي وراكي ؟


صمتت الفتاة مطرقة رأسها .. فتابعت وهي تفحصها بعيناها من حجابها الصغير الذى كان عائداً لنصف رأسها ومظهر شعرها الكستنائي المصفف بعناية فتدلت منه عن قصد خصلات كبيرة على وجهها الظاهرة عليه اثار مساحيق التجميل بخبث ..فتبدوا للغافل من بعيد جمالُ طبيعي.. ثم ما ترتديه من قميص وتنورة محكمين بشدة على جسدها الفائر :

– ايه اللي موقفك هنا ومخليكي سايبة حصتك؟ وايه اللي لابساه اساساً ده وجاية بيه المدرسه؟


قالت الفتاة بتلجلج :

– ماله بس ياميس اللي لابساه ؟ ماانا لابسة يونيفروم المدرسة اهو ؟

– مخالف ياحبيبتى.. نص شعرك ظاهر من الحجاب دا غير المكياج اللي على وشك واللبس الضيق .. ولا اللبانة دي كمان تفيها من بوقك اخلصي .


بصقتها الفتاة من فاهها قائلة بخوف:

– اهو ياميس اللبانة في حاجة تانية ؟


قالت بحزم :

– روحي على الحمام بسرعة وامسحى اللي فى وشك وظبطى حجابك كويس .. وحاولي بقى لما تروحي البيت توسعي هدومك دي شوية.. بدل ماهي لازقة كده عليكي .


نظرت اليها الفتاة باستنكار فقالت بسخط :

– كله ده .. طب معلش بقى ياميس انا ماأقدرش اتحرك من مكاني هنا .. انا اساساً واقفة مستنية ميس منى عشان اَخد منها دفتري وهي أكيد خارجة حالًا من غرفة المدرسات وهاتجيبهولي دلوقتي ..

– برقت عيناها بشدة وهمت لترد ولكن اوقفها النداء بأسمها من الخلف بصيحة غاضبة .

– سحر .. انتي موجودة هنا وانا بقالي ساعة مستنياكي جوا ..

القت على الفتاة نظرة بتوعد قبل ان تستدير ذاهبة لصديقتها المكتفة ذراعيها بغضب بمدخل حجرة الحاسبات .. تبعتها سحر لداخل الغرفة قائلة بأسف :

– معلش يافجر اتأخرت عليكي بس البنات النهاردة طلعوا عيني و…

– وايه بس ياسحر؟ ساعة كاملة مستنياكي وانتي حصتك خلصت من زمان اصلاً .

– يابنتي ما انا خدت حصة الأبلة سها عشان غابت النهاردة وتعبانة …


قاطعتها بحدة مرة أخرى:

– وافرضي سها كانت تعبانة ياستي مافيش حد غيرك ياخد مكانها ؟ ملطوعة بالساعة وانا بستناكي وانتي ولا هامك صاحبتك ولا هامك زعلها .. ايه ؟


اجفلت سحر على تشنج صديقتها بحديثها العاصف .. فصمتت قليلا تمتص غضبها قبل ان تقترب منها قائلة بلطف:

– طيب ممكن تهدي كده شوية وتروقي اعصابك حبتين .. انا معاكي دلوقتي وهاسمع منك كل اللى مضايقك .. زفرت فجر بقوة وهي تسقط على احدى المقاعد خلفها .. حدقت بها سحر لحظات قبل ان تجلس هي الأخرى امامها ..فسالتها:

– ممكن بقى افهم ايه اللي معصبك جامد اوي لدرجادي كده ؟

– الزفت ياسحر ؟

– زفت مين ؟


هتفت عليها فاقدة السيطرة :

– هو في كام زفت بس يابنتي ؟ جار الهنا اللي سكن قصادي عشان يخنقني ويزهقني في عيشتى .يعني مش كفاية انه بقى ساكن قصادي والباب قدام الباب .. لااا.. دا بقى قاطع عليا المية والنور والنفس كمان اللي بتنفسه .


رددت سحر بدهشة :

– النفس كمان اللي بتتنفسيه !! ليه يابنتى ؟ احنا مش اتفقنا ان مالكيش دعوة بيه وانسي اللي فات بقى وعيشي حياتك .

– اعيش حياتي ازاي بس ياسحر ؟ودا محاصرني فى كل جهة حواليا.. فى بيتنا وبين اهلي طول الوقت ماعندهمش غير سيرة المعلم علاء وشهامة المعلم علاء ورجولة المعلم علاء .. اخرج اشم هوا فى البلكونة الاقيه قصادي على طول قاعد قدام المحل اللي أجره جديد .. مأنتخ على الكرسي وحاطط رجل على رجل واكنه منتظرني اخرجله عشان يشلني .. ياأما الاقيه  واقف في بلكونة اؤضته اللي جامبي بكل برود وابتسامة مستفزة يقولي :- مساء الخير.


لم تقوى سحر على كبت ضحكتها ..فهتفت عليها فجر مستنكرة 

– شايفاني هافرقع وانهار وانتي بتضحكي عليا ياسحر ؟


قالت سحر بقلة حيلة :

– يابنتي بصراحة انا مستغربة ومش عارفة اقولك ايه ؟ بس الظاهر كده ان شكله بيغيظك .. وباين اللعبة عجباه !

– يغيظني !! ليه بقى ؟ بيني وبينه ايه عشان يغيظني ولا يفكر فيا اصلاً ؟


مطت سحر شفتيها قائلة بتفكير :

– بصراحة مش عارف ؟


……………………………

بعدة طرقات خفيفة على باب المنزل المفتوح هتفت سميرة على صاحبته وهى تتقدم بخطواتها في الداخل بتردد :

– ياام علاء .. انتي فين ياختي وسايبة الباب مفتوح ؟


جاءها الرد مباشرةً من زهيرة الجالسة امام شاشة التلفاز بوسط المنزل :

– تعالي ياحبيبتى انا موجودة هنا قصادك على طول..ادخلي يام فجر انتي مش غريبة .

– يووه .. هو انتي موجودة هنا؟ والنبى ماكنت واخدة بالي.


قالتها سميرة بابتسامة بشوشة وهي تتقدم نحو المرأة وتابعت :

– الف هنا يااختي انك سيبتي السرير وخرجتي من الاؤصة ..ايوه كده احين دي الحركة بركة والقعدة في السرير تجيب العيا .


لوحت لها زهيرة بيدها قائلة بابتسامة:

– الله يهنيكي ياحبيبتى.. تعالي هنا اقعدي جمبي هنا ياام فجر .


جلست سميرة امامها على اقرب المقاعد .. وهي تسأل مندهشة :

– طب والباب ياام علاء سايباه مفتوح ليه ؟


بابتسامة ودودة اجابتها زهيرة :

– انا اللي قولت لعلاء يسيب الباب مفتوح ..ماانا عارفاكي هاتيجي تطمني عليا في الوقت ده زي كل يوم .. انتي خلاص عودتيني على سؤالك عني.. ربنا مايحرمني منك ياغالية .. وتفرحي باسم النبي حارسها فجر هي وبقية اخواتها .


تمتمت سميرة بتمني :

– يارب ..يارب ياام علاء ..انتي ادعيلها بس ربنا يهديها..دي العرسان رايحة جاية عليها وهي اللي منشفة راسها وتاعبة قلبي معاها ..نفسي بقى افرح بيها واشيل عيالها.


قطبت زهيرة بدهشة سائلة:

– طب وهي ايه اللي مانعها عن الجواز ؟ دي حتى زي القمر وباين عليها هادية كدة ؟

– هادية قوي يااختي وزي النسمة كمان ..دي الوحيدة في عيالي اللي ماتعبتنيش لا صغيرة ولا كبيرة .. غير بس في دي !

– خليها زي ابني علاء .. ماهو انا كمان نفسي افرح بيه وكل مااكلمه..يقولي لما الاقي بنت الحلال ياماما..اهو على الحال دا بقالوا سنين..من ساعة مافاتحني بالجواز على واحدة جارتنا وابوه رفض وبعدها يااختي قفل السيرة دي نهائي..بس فالح يلاوعني في الكلام كل ما افتح معاه السيرة !!


……………………………..

– مش هو ده اللي كنت مستنيه منك ياعلاء ..مش هو ده .


صاح بها غاضباً امام صديقه الذي كان يتعامل معه بهدوء وهو يسحبه من ذراعه ليجلسه على احدى المقاعد البلاستيكية المصطفة امام المحل:

– اهدى شوية واقعد ياعم ..انت هاتعمل عقلك بعقل عيل صغير ؟

– ياعني الواض يقل أدبه عليا ياعلاء وانت ياصاحبي ماتجبش حقي !


زفر علاء مطولاً بتعب امام صديقه المُصر بقوة على عقاب الفتى فقال :

– يعني اعمل ايه بس ياسعد اكتر من كده عشان ترضى؟ زعقت للولد وشديت عليه قدامك ..لا وأمرته كمان يجيبلك شاي مخصوص من القهوة اللي في اَخر الميدان ..ايه اللي فاضل تاني بقى ؟ اطرده يعني؟


همس بتردد :

– ويعني هو لو ساب الشغل عندك مش هايلاقي غيره ؟


قال علاء بعتاب :

– لا ياسعد مش لدرجادي.. انت عايزني اقطع عيشه عشان بس اتنك في الكلام معاك او باصلك نظرة مش ولابد ..دا عيل مكملش ١٧ سنة واحنا كبار كفاية اننا نفوت ..فوت بقى يابني وفُك .. دا انا قطعت سكتي في مشوار مهم لمهندس الديكور وجتلك جري .. دا بقى مايعرفكش معزتك عندي.


ابتسم سعد بزاوية فمه بملامح مغلفة لا تظهر أي تعبير بما يعتمل داخله:

– اللي يسمعك بتقول كده يقول ان جتلي جري على رجليك مش بعربية.

– اه ياسعد مدام هزرت يبقى فكيت .. ايوة كده ياعم خلينا نقعد مع بعض على رواقة ونعيد بقى قعادتنا الحلوة .


ربت بكفه على ذراع علاء ببعض المرح قائلًا :

– ماشي ياعم نفك عشان خاطرك .. بس في الأول بقى نحب نبارك ونهني ..بسم ماشاء الله المحل شكله يبهر ويفتح النفس .. مبروك ياعم ويجعلها ان شاء الله عتبة خير .


تهللت اسارير علاء بفرح يقول :

– الله يبارك فيك يابو الصحاب ويسمع منك يارب ..دا انا دافع فيه لحد دلوقتي دم قلبي ونفسي بقى المشروع ينجح واعوض الفلوس اللي صرفتها فيه .. ولسه كمان عايز ادفع قدهم تاني.


قال الاخيرة وهو يخرج نوته ورقية من سترته وتابع :

– شوف ياباشا اشرب انت اشرب الساقع ..على ما انا بصيت شوية على حسبة الطلبات اللي هنا دي وحسبت تمنهم.


تناول سعد زجاجة المياه الغازيه يحتسي منها وانكفئ علاء ينظر فى النوته بتركيز قطعه سعد بالسؤال :

– الا انت ماقولتليش ياعلاء .. ماشاء الله يعني انت جبت تكلفة المحل ده منين ؟ بعد ما سيبت والدك والشغل معاه ؟


رفع اليه رأسه يجيب ولكنه التفت على من تلوح له بكفها من مسافة قريبة بابتسامة رائعة :

– الله ينور ياعم علاء.


رد بابتسامة هو الاَخر ملوحاً بكفه  ..فالتفت بعد ذلك يجيب صديقه الذي تسمرت عيناه على الفتاة :

– طبعاً ياباشا ده من فلوسي اللى حوشتها السنين اللي فاتت من شغلي مع ابويا .


عاد اليه سعد برأسه وكأنه لم يسمع ماقيل سابقا..سائلاً بذهول :

– مين دي ياعلاء؟


نظر علاء نحو الفتاة التي عبرت للجهة الأخرى من الرصيف فأجاب على السؤال رغم دهشته :

– دي شروق بنت جيرانا في السكن الجديد .


ردد سعد وهو يتابعها بعيناه :

– يانهار ابيض ..دي شبها جامد ياجدع.


رفع علاء عيناه مرة أخرى عن الدفتر مستفسراً:

– شبه مين؟

– شبه مين ؟! معقولة ماخدتش بالك منها ياعلاء ؟ دي نفس الملامح وتدويرة الوش الابيض المنور دا غير الج…….

– بس ياسعد .


صاح بها مقاطعاً بحدة وقد تحولت ملامحه الى الشكل مخيف فتابع بغضب :

– إنهي الكلام في الموضوع ده ياسعد لأن انا نسيته من زمان ..وياريت تاخد بالك كويس من كلامك معايا بعد كده .. عشان اللي بتتكلم عليها دي تبقى جارتي ومش المعلم علاء اللي هايبص لجارته بالشكل ده !!!

…..يتبع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top