الرواية حصري ممنوع النسخ نظراً لحقوق الملكية الفكرية
“الفصل الثالث “
كان يراقبها عن بعد ، فمنذ ان وقعت عيناه عليها وهو يلاحقها كالظل وهي لم تشعر به ..
تذكر اول لقاء بينهما منذ عده أشهر ، عندما اتت الي بلدته وهي لا تعي شيئ فهي طبيبه اتت من أجل استلام عملها بمشفي المدينه ، تقابلا صدفه علي اول طريق البلده .
كانت تحمل حقيبتها وتسير مشيا علي اقدامها في حراره الجو المرتفعه ،تكاد تضل طريقها واثناء مروره من جانبها بسيارته ، وجد فتاه تلوح له بيدها لكي يقف .
صفا سيارته جانبا وترجل منها وسار اتجاه الفتاه بخطوات واسعه
تفحص هيئتها لعده ثواني ، فقد كانت تضيق عينيها من أجل تسلط اشعه الشمس الحارقه اعلي وجهها ، تعرق جبينها اثر حراره الجو المرتفعه ، وضعت كفها تحجب اشعه الشمس قليلا عن وجهها الابيض
ليرا جمال ملامحها الرقيقه عن قرب تمتلك بشره ببضاء وعينان بندقيه وشعر بني تخفيه خلف حجابها ذات قوام متناسق ، فاق من تطلعه بها علي صوتها الانثوي الرقيق : لو سمحت ممكن تساعدني ؟
لاحت ابتسامته وهو يقول : تحت امرك
ابتلعت ريقها بصعوبه بسبب عطشها الشديد ثم قالت : انا دكتوره وجايه هنا استلم تعيني بمستشفي المدينه ، الحقيقه انا حاسه ان توهت ومش عارفه اوصل ازاي ؟
حمل عنها الحقيبه ثم قال بجديه : انتي فعلا بعدتي عن مكان المستشفي ، تعالي معايا هوصلك
سارت خلفه تتنهد بارتياح ، وعندما استقلت جانبه السياره ، التقط “حمزه ” قاروره المياه التي يضعها بسيارته ثم اعطاها اياها
- اتفضلي
التقطها منه بامتنان ثم تجرعت المياه لتروي ظمها
هتف حمزه وهو يتطلع اليها بتسأل : ازاي المستشفي مش تبعت عربيه تستقبلك وحضرتك غريبه عن البلد
لوت ثغرها بضجر ثم قالت : ماحدش عبرني ، وانا نزلت من القطر وحسيت ان تايهه ، ولم حاولت اتصل بمدير المستشفي اعرفه بوصولي ، فونه مغلق للاسف
شعر بضيقها قال ليهون عليها : ولا يهمك انا هوصلك لحد باب المستشفي
نظرت له بامتنان : بجد مش عارفه اشكر حضرتك ازاي ، ربنا بعتلك ليه من السماء
ضحك بصوت خافت ثم رمقها نظره اخيره وعاد ينظر للطريق امامه
هتفت بتسال : هو حضرتك من المنيا
هز راسه موكدا : ايوه
هتفت بدهشه : صعيدي يعني
تطلع له والابتسامه مازالت علي محياه : صعيدي أبا عن جد - بس شكلك مايقولش انك صعيدي
رفع حاحبيه بدهشه ثم قال : وهم الصعايده ليهم شكل غير باقي الناس
هتفت بجديه : ايوه مش الصعيدي بتكون ليه لهجه معينه وكمان لبسه بيلبس جلباب وعمامه وبحس ان ملامحهم غليظه
صفا سيارته عندما اقترب علي المشفي ثم تطلع لها بثبات قائلا بصوت دافئ ومقلتيه البنيه لا تفارق بندقيتها : - بذمتك أن ملامحي غليظه
تاهت بنظراته الدافئه وملامحه الرجوليه الوسيمه ( شاب في منتصف العقد الثاني من عمره ، قمحي البشره بوجه عريض ، جبينه متسطحه ، عينان واسعه بنيه كالقهوه ، أنف مستقيم وشفتيه غليظه بارزه ولحيه ناميه تزيد من وسامته بجسد رياضي عريض )
هزت راسها بتوتر ثم توردت وجنتيها عندما طال التطلع بها
ابتلعت ريقها قائلا بتهرب : وصلنا المستشفي
أومي بخفه قائلا بتنهيده : وصلنا المستشفي يا دكتوره ، بس ماتعرفناش لسه
همست اسمها بتوتر : وجدان
مد كفه ليصافحها قائلا : ” حمزه زهران ” رائد شرطه
ابتسم حمزه لتلك الذكره وظل يترقب مغادرتها المشفي ، يريد ان يشبع عيناه من رؤيتها قبل ان يتوجه الي عمله بالقريه المجاوره لبلدته ، فهو يعمل ضابط شرطه وعليه العوده الان
ترجلا من اعلي الجواد وجلس متكي علي ركبتيه امام جريان المياه داخل بركه المياه القريبه من مزرعته ، التقط بعض الحصي والقاها داخل المياه واحده تلو الاخري وهو يهمس بصوت خافت ، لا يسمعه الا نفسه
- ايه الذنب اللي أني أذنبته ، چوايا چبل هموم محدش واعي إني الچرح تچيل علي چلبي ، أيه الذنب اللي عملتو وبكفر فيه عن نفسي ..
عاد بذاكرته لعامين مضو .
وقف يتلهف رؤية محبوبته التي نُقشت ملامحها بقلبه وعقله ، فمنذ ان رأها صدفة وهما يتوعدا بالمقابلة يومياً ، ليعلمها ركوب الخيل
أتت اليه بأعين حزينة، تقول بأسف : – غيث داد قرر نرجع القاهرة.
هتف بصدمة : وه يعني مش عشوفك تاني يا جلبي؟!
ضمت شفتيها بضيق واشاحت وجهها مبتعدة عنه، تتمتم : تقدر تنزل القاهره ونتقابل ، لو يعني هيفرق معاك غيابي.
غيث دون تردد : طبعا غيابك عيفرج امعايا كتير جوي، أنت ما عتعرفيش آني ممكن يچرالي إيه في بعدك يا ست البنت كِلاتهم.
نظرت إلى عمق عينيه، ثم قالت بهمس : يعني نفسك أفضل هنا معاك؟!
أجابها بتلهف :- لو بيدي ما عخلكيش تهملي البلد واصل.
رفعت كتفها بقلة حيلة ثم قالت وهي تبعد خصلاتها المتمرده أعلى جبينها : انا كمان نفسي افضل معاك علطول ، طيب هنعمل ايه في داد؟!
ابتلع ريقه بتوتر ثم قال بحسم : عنود أنتي خابرة إيه اللي چواتي من ناحيتك؟
هزت راسها بمراوغة قائله بدلع : تؤ تؤ ماخبراشي.
ثم أطلقت ضحكه رنانة، ومن ثم تفاجئت وهو يجذبها بشوق يحاوط خصرها، وقال ونظراته متعلقة بسحر عينيها البراقتين: آني عاشجك يا عنود ورايدك، رايد اتچوزك.
شبت على أطراف أصابع قدميها طابعةً قبلة رقيقة بالقرب من شفتيه لتجحظ عينان غيث، فأردف قائلاً بتيه : يا بوووووي جلبي عيوجف يا بت الناس على مهلك غيث مش كدك.
ابتسمت إليه بخفارة تنافي ما فعلته تواً مطرقة رأسها، ليسألها بإلحاح :
- يعني موافجة؟!
رفعت يمينها بتردد تداعب لحيته بأناملها الرقيقة ثم همهمت قائلة تتحدث بلكنته وعيناها لا تفارق ملامحه : لسه مافهمتش يا صعيدي؟! آني بعشجك يا جلبي
طبول تقرع بصدره ولا يكاد يصدق ما سمعته أذنيه من حديث تلك الجنية التي سحرته منذ أول لقاء جمع بينهما، فأسرع……..
استوقفه الاصيل امام الاسطبل ، هبط غيث من اعلاه وادخله الاسطبل ثم سار متوجها لداخل المنزل ، لا يريد ان يحتك بأحد افراد عائلته ، اكمل صعود الدرج الي حيث شقته ، ثم دلف واغلق الباب خلفه .
انتابه الشعور بالاختناق عندما وجد نفسه بتلك الشقه ، زفر انفاسه ببطئ ثم سار الي غرفته لكي يتفقد تلك الصغيره التي اصبحت بين ليله وضحاها زوجته .
دار مقبض الباب ودلف بخطواته الواسعه ، اقترب من فراشها بملامح جامده ، ولكن عندما وقعت عيناه علي وجهها الصغير البريء لانت ملامحه ، استرق السمع لصوت انينها الخافت ، عقد حاجبيه ثم رفع انامله يلامس بشرتها الشاحبه لينتفض بذعر عندما شعر بحرارتها المرتفعه اسفل كفه ..
نهض من جانبها سريعا ودلف لداخل المرحاض الملحق بالغرفه ، فتح صنبور المياه واغرق المنشفه بالماء وجففها وتركها مبتله ثم عاد ادراجه لتلك المسكينه التي لم تشعر بمن حولها ، كانها بعالم اخر ، رفع ثيابها ووضع المنشفه اعلي بطنها ثم بحث عن محرمه من القماش وتوجها الي المطبخ ليجلب اناء به ماء بارد والقي المحرمه بداخله واقترب بخطوات واسعه الي حيث الفراش وبدا في عمل الكمادات لكي تنخفض حرارتها المرتفعه ، ظل علي هذا الحال طوال الليل ، ساهرا بجوارها ، الي ان هدأت حرارتها ، تنفس الصعدا ثم استقل جوارها بالفراش واغمض عيناه بثبات ..
👇