متى تخضعين لقلبى
الفصل السابع والعشرون ..
اخذت حياة نفساً عميقاً تستجمع به ارادتها وقد قررت التحدث معه مرةً اخرى لعل مساعيها تلك المره تُكلل بالنجاح ، ضغطت فوق شفتيها واغمضت عينيها لوهله تتضرع إلى الله فى صمت ان يتجاوب معها ولا يصدها كعادته ، فتحت عينيها بأمل وهتفت اسمه وهى داخل احضانه بدلال يشوبه الكثير من التوتر الخفى لجذب انتباهه :
-فريدى .. ممكن اطلب منك حاجه وعشان خاطرى متتعصبش ..
لوى فريد فمه بنصف ابتسامه جانبيه من سذاجتها المعهوده ثم اجابها بخفه ممازحاً وهو يربت فوق شعرها :
-فريدك عارف كويس انتى عايزه تطلبى ايه وبرضه لسه اجابتى لاء ..
رفعت جسدها واستندت على مرفقها حتى يتسنى لها رؤيته بوضوح ثم سألته بأحباط ووجها قبالته :
-طيب على الاقل فهمنى .. ماشى تمام انا عارفه انك مضايق منها وعارفه كمان انك من زمان مش بتحب تحكى حاجه لحد ..
صمت قليلاً لتستبين رد فعله وتنظر داخل عينيه ثم اردفت بنبره خفيضه وهى تحتضن كفه بتوسل :
-بس لو محكتليش انا هتحكى لمين ؟!..
لمعت عينيها برجاء وهى تحدق داخل عسليتيه منتظره جوابه ، طال أسر عينيها لعينيه بصمت مترقب شعرت خلاله ان املها يتضائل شيئاً فشئ ، حسناً ان كان يظن انها ستستلم فهو لم يختبر قوه عنادها حتى الان ، هذا ما فكرت بأصرار منتظره صدور اى رد فعل منه ، زفر بعد لحظات بأستسلام قائلاً بنبره ثقيله مختنقه وعينيه تتنظر للفراغ:
-ماما مماتتش بسبب السكته قلبيه .. او يعنى ماتت بيها بس بابا كان السبب هو اللى قتلها ..
ارتمت حياة بجسدها فوق الفراش بجواره تستند بظهرها فوق الوساده وهى تتنفس الصعداء ، اخيراً !!
بدون مقدمات استدار بجسده نحوها وقام بسحبها من خصرها للأسفل حتى تتمدد فوق الفراش ثم اسند رأسه فوق كتفها خافياً وجهه عنها ثم اردف يقول بنبره جامده وجسد متصلب للغايه :
-جيهان هى السبب .. هى ومنصور .. انا كل اللى كنت اعرفه انه كان شاكك انها على علاقه بواحد قريبها وعشان كده ضربها زى المجنون ومنع عنها الدوا لحد ما جاتلها ازمه قلبيه .. قلبها مستحملش ومقدرتش تكمل .. بس بعدين لما رجعت مصرهو جه حكالى وطلب منى اسامحه .. حكالى انه وقع ضحيه للعبه جيهان ومنصور .. جيهان تخلص منها ومنى ومنصور يتجوزها بعد ما هو يطلقها لانه كان بيحبها!! ..
ارتجف جسده من الذكرى واجفلت هى معه ، رغم علمها المسبق بالخطوط العريضه لتلك القصه الا ان سماعها من فمه بذلك الالم الواضح فى نبرته جعل بدنها يرتجف لا ارادياً ، كانت كلماته متقطعه ثقيله وغير مكتمله ولكنها علمت ان ذلك كل ما ستحصل عليه آلان لذلك استمعت له بكل حواسها دون مقاطعه يكفيها انه اخيراً قرر التحدث وأخبارها .
اردف فريد حديثه محاولاً اخراج نبرته ثابته قدر الامكان :
-بعد ما ماما ماتت كان لازم اروح اعيش معاه ومع جيهان رغم انى كنت عارف انها مش بتحبنى بس مكنش قدامى اختيار ..
صمت قليلاً ليضيف بتهكم مرير :
-تخيلى جبروت بابا قصاد تيتا سعاد .. طبعا النتيجه محسومه ..
تنهد بوجع ثم اردف يقول :
-بس مكنتش متوقع انها تعمل كل ده .. مكنتش بتقبل تخلينى أكل معاهم الا فى وجوده عشان انا ابن الخدامه .. كانت بترميلى الاكل فى اوضتى لوحدى .. طبعاً بعدين عرفت ان فى سبب تانى .. حتى نيرمين مكنتش بتندهلى غير كده .. كانت بتتعمد تستفزنى وتضربنى ولما كنت بدافع عن نفسى كانت جيهان بتيجى تجرنى وترمينى فى اوضه المخزن ، اوضه ضالمه مفيهاش نور ولا اى حاجه اقعد عليها مع كلام من نوعيه انى جيت غلط وانى لازم احصلها وآموت زيها .. وانها مش هتسمحلى اخد كل حاجه واسيب لبنتها الملاليم .. كنت بفضل قاعد على الارض لحد ما تقرر تفرج عنى وده طبعا كان قبل ميعاد رجوعه عشان مياخدش باله من حاجه .. فى الاول كنت بخاف من الضلمه لوحدى بس بعد كده حبيتها ، لان الحبس كان ارحم كتير من انى اقعد معاهم .. بس وبعدها قررت انى مش هسمح لنيرمين تأذينى او تضربنى تانى وانى لازم ادافع عن نفسى وطلبت انى اتعلم كل انواع الرياضه وفعلاً وافق على طول .. طبعاً مانا ولى العهد ..
لاحظت حياة خلال حديثه انه يتحدث عن والده بصيغه الغائب ، بالطبع تعذره لقد تخلى والده عنه وعن حمايته فى اسوء أيامه ولم يهتم بطفله الوحيد ولا بواجباته كأى اب !!، تنهدت بحزن ودموعها تنهمر فوق وجنتيها بصمت ، عادت تستمع بحواسها إلى كلماته التى تدمى قلبها دون تعقيب :
-وفى يوم مدرب المصارعة طلب منى تحاليل كأجراء روتينى عشان التغذيه لان حجمى كان صغير وجسمى ضعيف وبعدها اكتشفوا ان فى ماده فى دمى بتسبب دمور فى عضله القلب على المدى البعيد بس لحسن حظى انهم اكتشفوها بدرى .. طبعاً غريب بيه مستحملش يشوف استثماره اللى استناه سنين بيتأذى وفضل يدور لحد ما اكتشف انه مراته المصونه هى اللى عملت كده .. ولما واجهها انهارت فيه واعترفت قدامه انها بتكرهنى واكتر حاجه بتتمناها انى احصل “الخدامه” عشان تبقى صلحت الغلط اللى سمحت بيه من الاول .. متستغربيش من غريب بيه رغم قوته وهيلمانه ده الا ان نقطه ضعفه هى جيهان .. عشان كده شاف ان احسن قرار يرمينى بره فى مدرسه داخليه ارجعله بعدها رجل اعمال اشيل مسئولياتى زى ما كان طول عمره بيتمنى .. بس جيهان معملتش حسابها انى هرجع كده وانى هقدر احمى نفسى من شرها هى وبنتها .. وعارف انهم لدلوقتى لسه بيحاولوا يأذونى وهيأذوكى بس فريد بتاع زمان راح وراح معاه ضعفه وعمرى ما هسمح لحد يقرب منى او من عيلتى او اى حاجه تخصنى ..
اهتز جسدها أسفله وبدءت شهقاتها تعلو رغم محاولتها المستميتة لكبتها ولكن أنى لها ذلك وهى تستمع لمعاناته ؟!، حتى ان أخفت دموعها كيف تخفى عنه ارتجافه ذلك القلب الذى يأن من اجل صاحبه ، رفع فريد رأسه لينظر نحوها فوجد الدموع تملئ الوساده أسفلها ورغم رؤيتها المشوشه استطاعت رؤيه احمرار عينيه وتلك الدمعه الوحيده التى فرت هاربه منه ، رفعت إصبعها لتمسحها بحنان رفع هو كفه يمسد وجنتها وشعرها ، من الذى يواسى الاخر لم تدرى ، كل ما تعرفه جيداً إنهما كيان واحد حتى لو اختلفت الاسماء والأجساد ما يؤلمه يؤلمها وما يسعده يسعدها ، فتحت ذراعيها على مصراعيها تدعوه إليها فاستجاب لها على الفور وارتمى داخل أحضانها ودفن رأسه داخل عنقها وبدءت تشعر بدموعه الساخنه تنساب فوق عنقها وكتفها ، وللمره الثانيه امتزجت دموعهما معاً حتى استكان جسده وروحه بين ذراعيها التى شددت من احتضانه كأنها تريد إخفائه بداخلها وحمايته من اى اذى اصابه او قد يصيبه
بعد فتره قليله شعرت بأنتظام انفاسه الواقعه عليها لذلك سمحت لنفسها هى الاخرى بأغماض عينيها وانهاء تلك الليله الحزينه .
فى الصباح استيقظت حياة بجسد متخشب من ثقل جسده الملقى عليها ، حركت احدى ذراعيها ببطء شديد عده مرات لفك تيبسه ثم بدء تداعب به خصلات شعره بحنان ، تململ فريد فى نومته وحرك رأسه للاعلى قليلاً علامه على بدء استيقاظه ، ابتسمت حياة بحب من مظهره العفوى فهى تعشق مظهره عند الاستيقاظ وخصوصاً بعبوس وجنتيه التى سرعان ما تتحول لابتسامه كسول بمجرد رؤيتها ، احنت رأسها قليلاً حتى تصل إليه ثم بدءت بطبع عده قبلات رقيقه فوق جبهته ، حك انفه داخل عنقها وقد بدءت ابتسامته فى الظهور ثم غمغم وهو لايزال مغمض العينين بصوته الناعس الذى خرج مكتوم بسبب فمه الملتصق بعنقها :
-خلى بالك هتعود اصحى كده كل يوم ..
اتسعت ابتسامتها وأجابتها بدلال وهى تعبث بمنابت شعره :
-اتعود .. وانا هضطر أتعامل ..
فتح عينيه ورفع جسده لينظر نحوها ثم اردف يقول بمرح ينافى ما مرا به ليله البارحه :
-امممممم .. قولتيلى مضطره ..
انهى جملته وبدء يحرك ذراعيه اسفل خصرها ليجذبها نحوه ههتفت حياة بأسمه بنبره عاليه معترضه وهى تحاول كبت ضحكتها :
-لا فريد .. هتتأخر .. والله الموظفين هيقولوا انا السبب ..
توقف عن جذبها وعبس جبينه متصنعاً الجديه ثم سألها بتركيز مستفسراً :
-على اساس مش انتى اللى بتأخرينى !!..
جعدت انفها ولكزته بحده فى كتفه قائله بحنق وهى تحاول الابتعاد عنه :
-والله !!! طب اوعى بقى يا استاذ فريد عشان متتأخرش ..
ضغطت على حروف كلمتها الاخيره بتهكم غاضب جعلت ضحكته تدوى عالياً من تقلب مزاجها النارى ، جذبها نحوه اكثر مضيقاً المسافه بينهم ثم قال بأبتسامته العابثه :
-الموظفين ومدير الموظفين ومدير مدير الموظفين تحت امر حياتى ..
تبدل مزاجها فى الحال وعادت ابتسامتها الخجله فى الظهور من تودده المحبب لها ثم انتهزت الفرصه لتسأله وهو يقترب من فمه لشفتيها :
-طب مش هتقولى كنت فين بليل .. انت قلتلى هحكيلك وانا مستنيه ..
ابتعد عنها قليلاً وأغمض احدى عينيه قائلاً بحاجب مرفوع :
-مش وقته خالص على فكره ..
عاد ليقترب منها فأسرعت تقول مقاطعه له بنبره حاده نوعاً ما :
-لا وقته .. فريد بجد انت وعدتنى هتحكيلى!!..
زفر مطولاً ثم اجابها وهو يطبع قبله خفيفه جانب فمها :
-هحكيلك بليل ..
دفعته برقه حتى يبتعد عنها قليلاً ثم نظرت نحوه مردده بأستنكار :
-لسه هستنى لبليل ؟!..
اجابها بغموض :
-اها .. دلوقتى مش فاضى ..
اجابته بأختصار وقد اغضبها تسويفه :
-امممم عندك حق .. احنا دلوقتى مش فاضيين ..
حركت جسدها مبتعده عنه استعداداً للخروج من الفراش ، فأردف يقول وهو يوقف تحركها :
-طب مفيش صباح الخير الاول ؟!..
رمقته بعده نظرات محتده ثم اجابه بأقتضاب من جانب فمها :
-صباح الخير ..
هتف معترضاً بضيق :
-لا مش هى دى صباح الخير بتاعتى اللى أنا عايزها ..
اجابته ببرود وهى تبتسم له بسماجه :
-هى دى صباح الخير اللى عندى لحد بليل
هتف بضيق عندما نجحت فى التسلل من بين يديه خارج الفراش قائلا بأعتراض طفولى :
-حيااااة ..
لم تعيره اى انتباه بل واصلت سيرها نحو الحمام وهى تبتسم بخبث ، لحق بها وهو يعاود سؤالها بضيق شديد :
-انتى بتهزرى صح ؟!..
التفت تنظر نحوه ببراءه شديد ثم سألته بنبره بارده مدعيه عدم الفهم :
-بهزر ليه ؟!..
هتف مره اخرى زافراً بقوه وهو يحك مؤخره رأسه بيده متسائلاً بأعتراض :
-انتى عارفه ليه ..
اجابته بخفوت وهى تعاود الاقتراب منه بشكل حميمى :
-لا مش عارفه فهمنى ..
قبض على خصرها بذراعيه والصق جسدها بصدره القوى قائلا من بين شفتيه وهو يخفض رأسه نحوها :
-انتى بتعاقبينى يعنى ؟!..
سألته هامسه وقد اصبحت شفتيه الان امام فمها بعدما اخفض رأسه نحوها :
-وانت بتعاقبنى ؟!..
هز رأسه نافياً ببطء ثم اجابها بصوته الاجش وهو يتلمس بشفتيه شفتيها استعدداً لتقبيلها :
-ابداً .. بس عندى حاجات اهم دلوقتى ..
ضيقت عينيها فوقه ثم بدءت تحرك كفيها بنعومه شديده فوق ذراعيه العاربين حتى ارتخت قبضته فوقها ثم قامت بألافلات منه قائله من بين أسنانها بأستفزاز :
-وانا كمان عندى حاجات اهم دلوقتى ..
انهت جملتها وركضت إلى الحمام غالقه الباب خلفها جيداً ، تاركه فريد خلفها يهتف اسمها بحنق شديد عده مرات متوعداً لها عما فعلته به .
فى فيلا غريب رسلان وتحديداً داخل غرفه طعامه ارتفع رنين هاتفه الموضوع امامه فوق مائده الافطار ، اخذه غريب بأهتمام شديد خصوصاً بعد رؤيه هويه المتصل ثم سأل الطرف الاخر بترقب :
-ها .. اكيد عندك حاجه جديده ؟!..
استمع لجاسوسه المجهول بأهتمام شديد وبدء بؤبؤ عينيه يتسع بتركيز شيئاً فشئ ، سأله غريب مستفسراً بأندهاش :
-بليل ؟!!. وأتحرك لوحده !!..
استمع إلى اجابه الطرف الاخر ثم اردف يقول بأعتراض :
-حتى لو معاكم الامن !! ازاى يتحرك خطوه زى دى من غير ما تبلغنى ؟!..
استمع إلى تبرير الرجل الاخر يليه عده جمل مطوله ثم بدءت ملامح وجهه فى الابتسام بسعاده مستفسراً بعدم تصديق :
-يعنى نجح !! اتقبض عليه فعلاً ؟!..
استمع إلى اجابه سؤاله ثم اغلق الهاتف وضحكته تدوى بأنتصار عجيب ، انتبهت جيهان الجالسه جواره بجميع حواسها إلى مزاج زوجها الذى تبدل فى لحظه لتسأله بأستفسار :
-مالك يا غريب ؟!.. ايه المكالمه اللى بسطتك اوى كده ومين ده اللى اتقبض عليه ؟!!..
اجابها غريب بشماته وأسنانه تبرز من خلف ابتسامته :
-منصور اتقبض عليه بليل بتهمه تهريب اسلحه ومعاها الشروع فى قتل فريد بعد ما اعترف عليه القاتل اللى كان مأجره ..
ارتجفت يد جيهان وارتجف معاها فنجان القهوه الذى كانت تحمله وتمتمت تسأله بخفوت شديد ونبره مهتزه :
-انت متاكد من كلامك ده !!..
اجابها غريب بفخر وثقه وقد انتفخت أوداجه غروراً :
-متأكد .. فريد بنفسه هو اللى كان هناك بعد ما اتفق مع البوليس وقبضوا عليه متلبس بالاسلحه .. ابنى الأسد .. راجل بصحيح ..
ابتعلت جيهان ريقها بصعوبه بالغه وقد حاولت رسم ابتسامه باهته وهى تقول من بين أسنانها بشرود :
-مبرووك ..
اجابها غريب بسعاده حقيقه وهو يتحرك من مقعده استعدداً للخروج :
-الله يبارك فيكى .. لازم اتحرك دلوقتى واشوف هنعمل ايه ..
عند مدخل المنزل أوقفه صوت نيرمين التى ركضت خلفه تستوقفه بعدما رمقت والدتها بنظره ذات مغزى قائله بأستفسار :
-بابى عملت ايه فى اللى اتكلمنا فيه ؟!..
ربت غريب فوق كتفها مطمئناً وهو يقول بثقه :
-متقلقيش يا حبيبتى النهارده هحاول اتكلم مع حياة وانا واثق من تأثيرها عليه .. بينى وبينك انا كنت معترض عليها فى الاول بس بعد ما شفت السعاده فى عيونه اتاكدت انه بيحبها جدا ولو فى حد هيقدر يأثر عليه هتكون هى ..
ابتسمت له ابنته بأقتضاب تعقيباً على حديثه ثم اردفت تقول متصنعه اللهفه :
-اه يا بابى بليز انا عايزاك تخلص الموضوع ده فى اسرع وقت ..
اومأ له والدها برأسه موافقاً ثم قال بتصميم :
-متقلقيش مل حاجه هتتحل مادام عندك النيه .. مش متخيله انا مبسوط قد ايه بقرارك ده يا نيرو ..
حركت رأسها هى الاخرى موافقه على حديثه ولم تعقب ، نظر غريب إلى وجهها متفحصاً ثم سألها بقلق :
-نيرو !! انتى كويسه ؟!.. شكلك مش طبيعى !!..
سألته نيرمين بتوتر ملحوظ :
-قصدك ايه يا بابى ؟!..
اجابها غريب بحيره وهو يعاود تأملها :
-مش عارف بس عينيكى مرهقه اوى وشك كله مش مظبوط .. حتى مامتك بتشتكى انك بقيتى بتقضى طول اليوم فى اوضتك وبليل للخروج ومش بتقعدى معاها زى الاول .. مالك يا حبيبه بابى
تنحنحت نيرمين بأرتباك ثم اجابته كاذبه :
-ولا حاجه يا بابى انا بس زهقانه عشان مفيش حاجه فى حياتى جديده .. انت بس نفذ اللى طلبته منك وانا هرجع مبسوطه تانى .. صدقنى .
ابتسم غريب بأستحسان وهو يرى جديه ابنته فى اصلاح الاحوال بينها وبين ابنه الوحيد ، ذلك الشئ الذى طالما سعى إليه وتمناه منذ صغرهم وحالت بينه وبين حدوثه جيهان ، هذا من وجهه نظره بالطبع .
راقبت حياة خلال الفطور وما تلى ذلك من روتينهم اليومى رد فعل فريد ووجهه المتجهم بسبب صدها له وابتعادها عنه ، لم تكن هى الاخرى سعيده او فخوره كثيراً بما فعلته ولكنه لم يترك لها وسيله اخرى حتى يتحدث معها ويشاركها تفاصيل يومه ، كانت علاقتهم رائعه فيما عدا ذلك سواء فى المنزل او العمل اما علاقتهم الخاصه فكانت سحر من نوع اخر لم ولن تختبره الا معه ، ولكن رغم ذلك كان يؤلمها كثيراً اغلاقه على نفسه ، حسناً هى تعلم طبعه منذ الصغر وتعلم انه لم يكن كثير الحديث او البوح بما يدور بداخله ولكن هذا يضره ولا بنفعه لقد كان وحيداً بما يكفى ولن تسمح له بالانغلاق على نفسه اكثر من ذلك ، هى زوجته وقبلها حبيبته ومن واجبها مشاركته همومه ومشاكله حتى ان اضطرت إلى استخدام كل الطرق الغير محببه له ولها .
اما عنه هو فقد جلس خلف مكتبه بعد وصوله لمقر شركته يتصفح الجرائد اليوميه وعينيه تلمع برضا بعد حرصه الشديد على تصدر ذلك الخبر العاجل لكل الاعلام المصرى سواء المكتوب او الالكتروني ، عاد بجسده للوراء مستنداً على ظهر مقعده وواضعاً ساق فوق الاخرى بفخر وعينيه تشع ببريق الانتصار ، لقد انتظر سنوات وسنوات لرؤيه انكساره امامه وها هو الان يجلس فوق مقعده بعدما حقق مراده ورأى منصور يسير مكبلاً بقيود الخزى والخيبه مع الصدمه تكسو ملامحه وتغلف خطواته
لقد كلفه ذلك الكثير من الجهد والمال ولكن يهون ، كل ذلك يهون من اجل التخلص منه والانتقام لذكرى والدته فقط تبقى حساب شريكته جيهان ، قاطع تفكيره رنين هاتف مكتبه الداخلى تبلغه سكرتيرته من خلاله بوصول ضيفه المرتقب ، طلب منها فريد ادخاله على الفور ثم اعتدل فى جلسته استعداداً لاستقباله ، دلف وائل الجنيدى لداخل الغرفه بسعاده هو الاخر ، تحرك فريد يستقبله بأهتمام رغم الحذر والذى لايزال بادياً فى جميع تصرفاته معه ، صافح كفه بأستحسان عندما هنأه وائل قائلاً بأرتياح :
-مبروك ..
اجابه فريد بأقتضاب وهو يشير له بأتجاه احد المقاعد للجلوس :
-مبروك علينا ..
قال وائل بثقه :
-مكنش عندى شك للحظه واحده انك ممكن تفشل او عمى يعرف ينجح فى تهريب الصفقه دى .. واسمحلى اقولك انى معجب بذكائك وقبله تصميمك ..
اومأ فريد له رأسه بهدوء ثم اجابه بغموضه المعتاد :
-وانا معجب بحسن تصريفك للامور .. وقبلها اختيارك الصح ..
ابتسم وائل من مغزى جمله فريد الذى وصله بوضوح ثم اردف يقول بنبره ذات مغزى :
-الحياة ساعات كتير بتحطنا قدام اختيارات وبتجبرنا نتعامل بأساليب مكناش نتوقع نستخدمها فى يوم .. عمتا خلينا فى المهم .. اللى كنا عايزينه حصل ودلوقتى مستنى اللحظه الاهم ..
اجابه فريد بغرور :
-وفريد رسلان عمره ما يخلف وعده .. الشراكه مع الألمان من النهارده بينا احنا ال٣ ..
ظهرت ابتسامه وائل الودودة والتى كان يتسم بها دائماً عكس فريد دائم التجهم .
فى الخارج لمح السيد غريب خيال حياة عائده من الممر إلى غرفتها ، انتهز الفرصه وتحرك خلفها هاتفاً بأسمها ليستوقفها ، التفت حياة بكليتها تنظر نحوه بفضول فرغم كل شئ ابداً لم تكن العلاقه بينهم وديه ولن تكون حتى رؤيتها له الان اثارت حنقها فبعد حديث البارحه مع فريد عاد غضبها الدائم منه ليطفو إلى السطح من جديد لذلك تحدثت إليه بجمود متسائله :
-فى حاجه ؟!..
اجابها غريب بوديه لم تعهدها منه :
-مبروك ..
قطبت حياة جبينها بعدم فهم ثم سألته مستفسره :
-مبروك على ايه مش فاهمه ؟!!..
سألها غريب بأستنكار :
-لا متقوليش انك مش عارفه والاهم متقوليش انك فريد مبلغكيش بحاجه !!!..
سألته حياه بترقب والفضول يزداد بداخلها :
-لا حضرتك عارف فريد مش بيتكلم كتير ..
هز غريب رأسه موافقاً على حديثها ثم بدء يسرد لها تفاصيل ليله البارحه وما علمه من جاسوسه الخاص من مشاركه فريد فى القبض على منصور ، فتحت حياة فمها بأندهاش واتسعت عينيها بذهول وهى تستمع إلى التفاصيل القليله التى بحوزه غريب والتى تكفيها لتشعر بالسعاده تغمرها ، هل فريد فعل ذلك حقاً !!، لم ينتقم منه شخصياً وبدلاً عن ذلك سلمه للامن ، تحتاج الان لمن يصفعها على وجهها للتأكد من عدم هذيانها ، بدءت ساقيها تتحرك تلقائياً فى اتجاه غرفته للتأكد من صحه تلك المعلومات ولكن صوت غريب اوقفها مرةً اخرى ليسألها على استحياء قائلاً :
-حياة .. نيرمين كلمتك صح .
بمجرد سماعها لذلك الاسم تلاشت سعادتها وعاد الغضب يكسو ملامحها ، تلك الافعى الصغرى ووالدتها ، ماذا تريد منه الان بعد ما فعلته بِه وهو طفل لم يتجاوز الثانيه عشر لذلك اندفعت تجيبه بنبره عدائيه :
-غريب بيه لو سمحت انا بره الموضوع ده .. نيرمين لو نيتها صادقه تفضل تحاول مع فريد لحد ما يسامحها .. غير كده انا مش هقدر أساعدها ..
سارع غريب يقاطعها برجاء :
-حياة لو سمحتى .. صدقينى نيرمين صادقه فى كل كلمه قالتها وصدقينى اكتر انا بتمنى فريد يسامحنا كلنا ونبقى عيله كامله من غير مشاكل ولا احقاد .. من فضلك ساعدينا فى ده ..
لانت قسمات وجهها قليلاً وكيف لا وقد عزف على وترها الحساس وهو العائله ، لذلك هزت رأسها بجمود ثم تركته وانصرفت متجهه نحو غرفه زوجها وعيونها تلمع بالحب لمجرد التفكير به
اندفعت حياة داخل غرفه مكتبه دون استئذان وهى تهتف اسمه بسعاده :
-فريدددى ..
توقفت عن الحركه واحمرت وجنتيها حرجاً عندما رأته يجلس مع شخص ما بالغرفه لذلك هتفت مسرعه بخجل :
-انا اسفه .. اسفه جداً والله .. بحسبك لوحدك وايمان مكنتش بره اسألها .. انا اسفه وكملوا اجتماعكم ..
انهت جملتها وبدءت تنسحب بجسدها للخلف استعداداً للخروج ، تحرك فريد فى اتجاهها والذى على عكس عادته لم يكن منزعجاً من دخولها العاصف خاصةً وهى تنطق اسمه بذلك الحب اما من تحرك قبله يسبقه كالمسحور فهو وائل الجنيدى الذى هتف بعدم تصديق :
-انتى ؟!..
تراجعت حياة خطوه للخلف ونظرت نحو فريد بعدم فهم وترقب ثم عادت بنظرها لذلك الرجل المجهول امامها تسأله بتوجس :
-مش فاهمه ؟!..
تقدم وائل نحوها حتى توقف امامها ثم عاد يقول بأندهاش :
-ايوه فعلاً ده انتى ..
لم تكن تنظر إليه بل كانت نظراتها معلقه بوجهه اخر كانت تعرفه جيداً وتعرف تلك النظره بالتحديد ، هزت رأسه لفريد الذى قطع المسافه بينهم فى ثلاثه خطوات ثم قبض على كفها بقسوه جاذباً جسدها نحوه حتى التصقت بِه ، اردف وائل يقول شارحاً :
-انتى مش فكرانى صح !!.. انا قابلتك فى المستشفى ..
حركت حياة رأسها نافيه بأليه شديده ثم رفعت رأسها نحو فريد ترمقه بنظرات متوسله والذى بدءت عروقه فى النفور من شده الضغط فوق اسنانه ، تنحنت حياة قائله بخفوت محاوله إنهاء ذلك الموقف :
-انا اسفه بس انا مش فاكره بصراحه ..
فتح وائل فمه ليجيبها وعند تلك اللحظه تدخل فريد مقاطعاً إياه بنبره جامده :
-وائل بيه .. اقدملك حياة هانم .. مراتى ..
ضغط فريد على كلمته الاخيره مؤكداً على ملكيته لها فأستطردت وائل يقول بخيبه امل واضحه :
-احم .. اه اسف .. أهلاً وسهلاً .. انا بس صادفت الهانم يوم ما كنت بزورك فى المستشفى بس يمكن هى مش فاكرانى ..
فى الحقيقه كان محق فى ظنه وحياة لم تتذكر لقائهم ذلك ابداً وبدا ذلك واضحاً على ملامح وجهها التى كانت قلقه اكثر من رد فعل فريد على جملته ، اما عن وائل فقد تراجع بأحباط واضح بعدما تأكد ان ذلك الغزال الشارد الذى شغل تفكيره لايام وأيام لم يكن شارداً بل هو ملك لشريكه .
هتفت حياة لفريد بنبره خفيضه بعدما تراجع ضيفه تاركاً لهم المجال لبعض الخصوصيه :
-فريد انا اسفه انا كنت بحسبك لوحدك ..
سألها بغضب لم يخفى عليها :
-فى حاجه ؟!..
حركت رأسها نافيه ثم اجابته بأحباط :
-لا ابداً كنت هقولك حاجه بس مش مهم لما نروح البيت ..
انهت جملتها ورمقته بأبتسامه مسرعه وعينيها تلمع بعشق عندما تذكرت ما قام به مره اخرى ثم هرولت للخارج فهى لن تجازف بمكوثها جواره اكثر من ذلك خصوصاً والغضب لازال يكسو ملامحه
داخل غرفتها اندفع فريد يقتحمها دون استئذان والغضب يتأكله من غيرته المنطقيه بعدما لاحظ طريقه تعامل ذلك المدعو وائل معها ونظراته لها ، اندفعت حياة بمجرد رؤيتها له تقفز فوقه وتعانقه بحب وهى تغمغم بجوار اذنه بأعجاب :
-انت احلى فريد فى الدنيا كلها ..
حسناً لقد تلاشى الان جزء من غضبه ، انهت هى جملتها وبدءت تطبع عده قبلات خاطفه فوق وجنته ، ليكن صادقاً لقتد تلاشى جميع غضبه وليس جزءاً منه ، هذا ما فكر به بسذاجه وهو يشدد من احتضان ذراعيه لها ثم سألها بإستفهام وجسدها ينزلق من بين يديه ليلامس الارضيه مرةً اخرى :
-ممكن اعرف الدلع ده كله ليه ..
اجابته هامسه بخجل وأصابعها تعبث بمقدمه ذقنه :
-انت عارف ..
سألها مستفسراً بعدم فهم ونبره ناعمه :
-لا مش عارف ..
رفعت جسدها ووقفت على أطراف أصابعها حتى تصل إليه ثم اجابته هامسه بوله :
-بباك قالى انت عملت ايه امبارح ..
قطب جبينه بمرح ثم سألها بصراحه وهو يقبل أصابعها التى تداعب وجهه :
-يعنى كل الرضا ده عشان منصور اتقبض عليه ..
اجابته بحب وهى تحدق داخل عينيه بعيونها اللامعه بفخر :
-عشان حاجات كتير اولها انى فخوره بيك .. وعشان انت اجمل حاجه فى الدنيا دى ..
تسائل بتأنيب امام شفتيها هامساً بحراره :
-طب المفروض اعمل ايه انا دلوقتى بعد اللى عملتيه الصبح ..
اجابته هامسه وهى تطبع قبله فوق ذقنه :
-اسفه ..
طبعت قبله اخرى بجانب شفتيه ثم اردفت تعيدها ثانيةً :
-اسفه ..
طبعت اخرى ثالثه مطوله فوق شفتيه بعدما أعادتها للمره الثالثه ، تنهد هو بأستسلام وقد بدءت قبلاتها تأتى بثمارها ثم انحنى نحوها يقبلها بجنون تعويضاً عما فاته فى الصباح ، ابتعد عنها بعد قليل وهو يلهث قائلاً بنبره اصبحت تحفظها جيداً :
-مش هينفع هنا .. انا لازم امشى قبل ما اتهور فى مكتبك ..
ابتعد عنها خطوتين للخلف ثم غمغم بتحذير :
-وخليكى بعيده عنى لاخر اليوم عشان اركز فى شغلى .. ماشى ..
دوت ضحكتها عالياً من مظهره الحانق فأردف يقول بغيظ :
-ومتضحكيش !!..
أخفت فمها بكفها وهى تحرك رأسها موافقه بمرح اما عن عينيها فكانت تلمع بعبوث ورغبه ، حرك هو رأسه قائلاً بقله حيله :
-المشكله كلها هنا اصلاً .. متبصليش بقى لاخر اليوم ولحد ما اخلص عشاء الزفت اللى عندى بليل ..
اتسعت ابتسامتها العاشقه له ثم أرسلت له قبله فى الهواء استقبلها بسعاده قبل خروجه من الغرفه .
فى المساء عاد فريد للمنزل بعد انتهاء عشاء العمل الذى اضطر لحضوره وهو يتنهد بأرهاق فأخيرا انتهى ذلك اليوم المشحون والآن يستطيع الانفراد بزوجته ، بحث عنها بعينيه قبل رؤيته لشعاع الضوء المتسلل من غرفه المعيشه ، توجهه إليها على الفور فوجدها غافيه فوق الاريكه الوثيره ملتفه بذلك الوشاح الصوفي الناعم ومحتضنه احد الكتب الروائية بين ذراعيها بنعومه ، علت الابتسامه وجهه وهو يجلس امامها فوق الطاوله الخشبيه المقابله للاريكه متأملاً بعشق ملامح وجهها المسترخى بأرتياح ، تأمل بحب أهدابها الطويله ، تلك الرموش التى تحتضن داخلها ليله الخاص بنجومه التى لا تضوى الا من اجله ، سحره الفاتن الذى وقع فى أسره منذ اول تحديقه بريئه به ، مرآته التى يرى بها “نفسه” كما هو دون إضافات لم يكن يوماً يسعى إلى كسبها ، وقع نظره فوق ذلك الكتاب الذى تحتضنه كعادتها ، مد يده بحذر يسحبه من داخل ملكيته الخاصه ، نعم لقد اصبح ذلك الحضن ملكيته وملاذه موقع رأسه وراحته وهو فقط من يحق له استخدامه دون غيره حتى لو كان غيره ذلك مجرد جماد ، تسللت يده إلى الاسفل يتلمس برفق شديد بطنها وهو يتذكر بسعاده جملتها عن اطفالهم ان ما يعيشه معها الان اجمل حتى من كل الاحلام ، تنهد بأرتياح وهو يرفع رأسه للاعلى بأمتنان ، “رحيم” هذا ما ردده قلبه بصمت ، لقد مّن عليه كما تمنى وأكثر ، وها هو يحاول بكل طاقته حفظ عهده معه ، فمنذ ليله مرضها عندما وقف يشاهد ذهابها من بين يديه دون حيله وبعدما فعل المستحيل لتصبح له عاهد الله ان أكرمه بشفائها ليبتعد عن تلك المعاصى التى أهلكت قلبه وها هو حتى الان لم ينقض ذلك الوعد الا عندما سولت له نفسه بالانتقام وهّم بقتل نفس كانت هى من تقف امامه لتمنعه وكأن الله قد بعثها هى خصيصاً ليذكره بذلك العهد الذى قطعه لها ومن اجلها ، هذا هو سره الصغير الذى أخفاه عن الجميع والذى سيبقى دائماً سر بينه وبين خالقه الرحيم .
هتف اسمها بحنان وهو يعيد بأنامله خصلات شعرها الشارده خلف اذنها ليوقظها ، فتحت حياة عينها ببطء ورأسها لازالت مستنده فوق ذراع الاريكه ثم ابتسمت له بأشراق قائله بنبره ناعسه :
-حمدلله على السلامه..
بادلها ابتسامتها بأخرى شغوفة وأصابعه لازالت تتلمس وجنتها بحنان فاردفت تقول وكفها يتحرك نحو يده التى تعبث بخصلاتها لتحتضنها :
-وحشتنى ..
تنهد بحراره وهو يقترب بجسده منها قائلاً بوله :
-انتى اللى وحشتينى ..
سألته بأهتمام وهى تشبك كفها بكفه :
-الاجتماع كان حلو ؟!..
اجابها وهو يطبع قبله فوق جبهتها :
-اكيد مش احلى منك بس اطمنى مضيت العقد زى ما كنت عايز ..
اتسعت ابتسامتها ولمعت عيونها بفرحه وهى تمد ذراعها نحوه لينضم لها ، احتضن هو ذراعها وتحرك يتمدد جوارها ويلتصق جسدها بها وهو يسألها بهدوء :
-انتى نايمه هنا ليه ؟!..
حركت كتفيها بعدم معرفه وأسندت رأسها فوق صدره تتوسده ثم اجابته برقه :
-محبتش اطلع الاوضه من غيرك .. وبصراحه خفت انام قبل ما ترجع وانا هموت واعرف انت عملت كل ده امتى وازاى ..
اجابها بنبره مرحه وأصابعه تتحرك فوق ذراعها ذهاباً واياباً :
-اممممم .. يعنى مفيش فرصه أفلت من التحقيق ده ..
حركت رأسها فوق صدره دون رفعها واصدرت صوت من حنجرتها يدل على الرفض قبل قولها بأعتراض :
-لا انسى لازم اعرف وبالتفصيل الممل كمان ..
ابتسم من اصرارها الطفولى وأردف قائلاً بأستسلام مرح:
-امرى إلى الله .. بصى يا ستى .. طبعاً حضرتك عارفه ان وائل الجنيدى زارنى فى المستشفى ..
تجاهلت حياة نبره التأنيب الواضحه فى صوته ولم تعقب فأردف هو يقول مسترسلاً :
-بأختصار .. هو بلغنى انه رافض سياسه عمه ومش موافق على اى حاجه من اللى بيعملها وطريقته فى الاداره سواء مع منافسيه او جوه شركته وانه عايز يخلص من تحكماته دى لسببين .. اولهم انه اكتشف ان ليه يد فى موت والده ومقالش تفاصيل وانا مهتمتش اسأله .. والسبب التانى انه خايف على مستقبل الشركه وعايز يحافظ على اسمها اللى جده وابوه تعبوا فيه خصوصاً بعد ما عرف ان منصور بيدخل اعمال مشبوهه فى الشركه ولما واجهه بده مأنكرش بالعكس ده صمم على موقفه وده خوف وائل اكتر .. المهم .. واضحلى وجهه نظره وانه محتاج مساعدتى ونحط ايدينا سوا عشان نخلص منه فى مقابل واحد انى أنقذ الشركه من الافلاس والتوكيل اللى سحبته منهم يرجع لشركتهم تانى او على الاقل انا محتكرش السوق واقبل اوردله .. طبعا فى الاول شكيت فى كلامه بس هو اثبتلى حسن نيته بحاجتين .. الاولى انه بلغنى بسفر الكلب اللى ضرب عليا النار وفعلاً عرفت الحقه قبل ما يسافر وانتى عارفه باقى الحكايه دى .. بس اللى انتى متعرفهوش ان بعد ما انتى ادخلتى اتفقت مع القاتل يعترف على منصور مقابل حياته وحياة عيلته فوافق..
سألته حياة مقاطعه بحماس :
-طب والتانى ؟!..
اجابها فريد مستطرداً حكايته :
-والتانى يا ستى انه بلغنى ان منصور داخل فى صفقه اسلحه تقيله مع حد من المافيا فى ايطاليا والوسيط بينهم راجل عايش فى إنكلترا .. طبعاً انا انتهزت الفرصه وسافرت بسرعه وأقنعت الوسيط يبلغنى بميعاد التسليم مقابل انه ياخد نص العموله مع باقى دفعات الاسلحه اللى منصور دفعها كلها من جيبه قبل الاستلام وطبعا كانت صفقه مغريه فمقدرش يرفضها لان منصور كان غشيم فى الاتفاق ووافق ان التسليم يكون على دفعات بعد ما دفع كل الفلوس فكده هياخد العموله والاسلحه ،. والباقى بقى مش محتاج اشرحله .. الوسيط بلغنى بميعاد التسليم ومكانه وعليه بلغت البوليس وروحنا سوا .. اتقبض على منصور متلبس بتهمه الاسلحه الاولى وبتهمه الشروع فى قتلى التانيه ..
رفعت حياة رأسها تنظر نحوه بذهول وفم مفتوح بمجرد سماعها كلمه إنجلترا ، اذا لقد اضطر للسفر من اجل ذلك ، كان فريد علم جيداً ما يجول بخاطرها فأبتسم لها مؤكداً فكرتها دون تعقيب عليها ثم اردف يقول بتشفى وسعاده متجاهلاً دخولها منه :
-يعنى مؤبد يوم ما المحكمه ترأف بيه ..
تحولت نظره حياة نحوه للضيق ثم سألته معترضه بقلق وقد انتبهت لباقى حديثه :
-فريد انت ازاى تروح معاهم كده افرض كانوا مسلحين او حصلك اى حاجه وانت عارف انه بيكرهك ..
اجابها فريد بعدم اهتمام وهو يبتسم من خوفها عليه :
-افرض !! ماهما فعلاً كانوا مسلحين ..
شهقت حياة بفزع وبدءت عيونها تلمع بالدموع فى لحظه فأردف فريد يقول مطمئناً لها بخفه :
-يا روح قلبى مانا قدامك اهو انتى خايفه من حاجه عدت وخلصت ..
اجابته حياة بأعتراض :
-اه هى عدت وخلصت بس ده مش معناه انك تكون مهمل فى حياتك كده ..وبعدين انا مضمنش ممكن تعمل ايه بعد كده يعرضك للخطر ..
اتسعت ابتسامه فريد وهو يرى كل ذلك القلق منها عليه لذلك اردف يقول بحنو مراعياً لقلقها :
-متخافيش .. انا كنت مرتب مع الامن ولبسونى واقى للرصاص خصوصاً وهما عارفين ان منصور كان السبب فى اصابتى الاولى ..
تنهدت حياة بأرتياح ولانت قسمات وجهها ثم عادت تستلقى برأسها فوق صدره ، تحدث فريد متسائلاً بأمتعاض وهو ينظر حوله :
-هو احنا هنقضى الليله النهارده على الكنبه دى ؟!!!..
اجابته حياة معتذره :
-لا طبعاً انا غبيه اكيد انت تعبان وعايز ترتاح ..
انهت جملتها وهى تعتدل فى جلستها استعداداً للنزول من فوقها ، امسك فريد بذراعها يمنعها من الابتعاد عنه وهو يقول بأعتراض :
-لا يا شيخه !! يعنى انا خلصت العشا بسرعه وجيت جرى عشان تقوليلى تعبان وعايز ترتاح !! .. وبعدين انا لسه يومى مخلصش عشان ارتاح ..
سألته حياة بأستنكار :
-مخلصش !! انت لسه عندك شغل تانى ؟!..
اجابها من بين قبلاته والتى بدء ينثرها فوق وجهها وعنقها :
-اها لسه عندى صباح الخير بتاعه الصبح اللى ضحكتى عليا فيها وبعدها عندنا تمرين البوكس اللى انتى ورطتى نفسك فيه وبعدها مكأفئتى على النهارده بس دى ممكن اعملك فيها استثناء ..
شهقت حياة بفزع وهى تقول بأعتراض :
-فريد انت بتهزر صح ؟!..
هز رأسه نافياً دون حديث ثم اردف يقول بجديه شديده وهو يقترب من شفتيها :
-فى حاجه قبلهم الاول ..
سألته حياة بأرتياب وهى تضيق عينها فوقه :
-قصدك ايه ؟!..
اجابها بمكر وهو يضع ذراعه اسفل خصرها استعداداً لحملها :
-فى ضريبه كلمه فريد اللى بتطلع منك كل شويه دى ..
فتحت فمها للاعتراض الذى لم يكتمل بسبب التهامه لشفتيها وهو يتحرك بها نحو غرفتهم تطبيقاً لخطته .