الرواية حصري على موقع مجلة الأسطورة، ممنوع النسخ نظراً لحقوق الملكية الفكرية
التوى ثغر “نوران” بابتسامةٍ ساخرة؛ فكيف يهتم لأمرها ويراوغها بهذا الشكل، لذا أردفت تقول ببرودٍ : – ماذا بعد؟
أجابها “عمران” بنظراتٍ مفعمة بالحب:
-تراودني رغبة جامحة في أن أخطفكِ إلى مكانٍ سري، حتى أنه بات من الصعب عليَّ مقاومة هذه الرغبة.
“نوران” بهزئٍ : – من الأفضل أن تُحجِّم جموح رغباتك ما دمت إنسان عملي أسير نجاحاتك، وما حققته من ثراء هو الأهم في حياتك.
زفر “عمران” بحنقٍ، يقول:
-ألا يمكنكِ أن تُحكمي عقلكِ؟!
-ما العيب في رجلٍ طموح يحب عمله ويسعى إلى تطوير ذاته؟!
-جميعنا نعيش من خير هذه الأرض!!
تعقيبه الأخير يفسر تقشف “نادين” بالفترة الأخيرة، ولكن كيف وهم ليسوا مُعدمين إلى هذا الحد؟!
لذا سألته بإيباءٍ : – لِم تتحدث بصيغة الجمع؟!
-هل أنت تعولنا يا “عمران”؟
عض “عمران” باطن فمه من الداخل يود لو استطاع محو هذا التعقيب الذي بدر منه عن غير عمدٍ، يحاول تبسيط الأمر : – لِم تضايقتي إلى هذا الحد؟!
“نوران” بضيقٍ : – لا تتهرب من سؤالي هذا تحديداً، هل أنت تعولنا؟
“عمران” بنفي : – لا بالتأكيد، فأنا لا أنفق عليكما شيئاً، كما أن” نادين” لديها مالها الخاص، لماذا سأفعل إذاً؟!
-حتى لو كنتُ أرسل لها بعض المؤن والهدايا فهذا لا يعني أنني أعولكما، كما أنه أمرٌ خاص بيني وبين قريبتي ولا دخل لكِ به، فأنا أحب “نادين” بالرغم من تصرفاتها غير اللائقة.
أجابته “نوران” بشراسةٍ : – لا دخل لي به!!
-إن الأمر هاماً للغاية بالنسبة لي، ولن أسمح أن تنفق علينا جنيهاً واحداً حتى لو اضطررت إلى التخلي عن دراستي وإيجاد عمل إذا كان هناك حاجة إلى ذلك.
“عمران” بسخريةٍ، فحتى لو علِمت الحقيقة لن يسمح لها بذلك، ليس بعد الآن، بعد أن رآها:
-اقتراح التخلي عن دراستك هذا يبدو سخيفاً، وقصة بحثكِ المثيرة للشفقة عن عملٍ لن تكون إلا بموتي.
“نوران” بقوةٍ : – قل ما شئت ولكنني لن أتردد في فعلها فضلاً من أن تكون لك علينا اليد العليا.
زفر” عمران” بضيقٍ من يباسة رأسها يقول بمهادنةٍ : – ملاكي الصغير… كونكِ فتاة نابغة ومجتهدة، فَجلَّ ما يتوجب عليكِ فعله وما نلح عليك فيه هو الاستمرار في السعي للحصول على أعلى التقديرات.
ومن ثم أضاف بتهكمٍ؛ ليغيظها ويصرف انتباهها عن قصة إنفاقه عليها هي و”نادين”:
-وما دمتِ تفكرين بالزواج من طبيب گ”أيمن” فمن غير المنطقي أن تكون زوجة أستاذ جامعي امرأة عادية.
جزت “نوران” على أنيابها، تقول:
-لديك قدرة غريبة في جعلي استشيط غضباً.
“عمران” بتمني : – ليتني أمتلك القدرة ذاتها في السيطرة عليكِ.
“نوران” باشمئزازٍ : – أمنياتٌ هوسية لشخص اعتاد الحصول على كل ما يريد مهما كلفه الأمر.
-صحيح!! نسيتُ أن أسألك بما أنك ولي أمري هل لديك أفكار بخصوص برنامج زيارة “أيمن”؟
-فأنا لا أرغب في أن يشعر بالملل والوحدة.
تبًا!! أراد صفعها لما تهزي به، ولكن هو من قادها إلى هذه النقطة الشائكة، لذا أردف يقول برباطة جأشٍ ظاهرية : – لا ليس بعد.. لا تنسي أن لدي ضيوف آخرين على وشك القدوم.. “رغدة” وأبناءها، وكذلك عزيزتي “ليلى”.
ضغط على حروف اسم “ليلى” بتلكأٍ يسعى إلى إثارة غيرتها، وهو يضيف : – أراهن أنكِ خططتِ لبرنامج تسلية من النوع الفاخر ل “أيمن”، أليس كذلك؟!
“نوران” ببرودٍ مماثل : – ليس بشكلٍ خاص ولكنني سأعمل على ذلك.
“عمران” مخالفاً توقعاتها : – أنصحكِ بأن تفعلي خاصةً وأن “نادين”لن تكن متفرغة لمعاونتكِ في ذلك.. يبدو أنها ستلازم “حسن” كظله بعد ما حدث له وستكون حجتها معها.
-وحسب توقعاتي وخبرتي السابقة ب”نادين”، فأنا أعتقد أنها ستعلن خطبتها على “حسن” في وقتٍ قريب.
“نوران” بتفاجئٍ : – لا… لا تقولها.. هل سيحدث ذلك وبتلك السرعة.. مجرد الفكرة تصيبني بإحباطٍ.
عنَت أنها ما إذا تمكنت “نادين” وفي سنها هذا الإيقاع بمحنكٍ گ”حسن” ما بين ليلة وضحاها، وهي للآن لم تستطيع الحصول على اعترافٍ صريح من “عمران” بالحب، سيكون هذا كفيل بدخولها إلى حالة اكتئابٍ وقد يصل بها الحال إلى انهيارٍ عصبي.
“عمران” بمشاكسةٍ : – تماسكي أرجوكِ، فقد أُرغم على مواساتكِ، ولن أنكر أنني في أشد الشوق للحظة ضعفٍ مماثلة.
قالها بروحٍ مرحة بحيث لم تتمكن “سالي” من إخفاء ابتسامتها لخفة ظله وقد ظهرت عاطفتها بعمق عينيها رغماً عنها، وهي تقول:
-لقد أصبحت بمزاج أفضل فلا تكلف حالك العناء، خاصةً وأنه ما من شيء سيجعلني ارتمي بين ذراعيك مرةً أخرى.
“عمران” بغمزة عينٍ : – بل ستفعلين.
“نوران” بمزاحٍ : – مَن يدري!! ربما إذا بقيت على صفوك وأنت تنظر لي بهذه الطريقة الساحرة، وظلت تلك الابتسامة الواعدة على شفاهك قد أجازف وأفعلها.
“عمران” ببهجةٍ، يدعي الخجل وهو يرفرف بأهدابه : – هل تتغزلين بي؟!
“نوران” بمشاكسة : – single بائس!! أنا فقط أرفع من روحك المعنوية.
“عمران” بإبهامٍ : – يبدو أنني سأتخلى عن عزوبيتي عما قريب.
“نوران” بتوجسٍ : – لن أسأل عن صاحبة الحظ السيء الذي وقع عليها الاختيار، هذا أمر سيجلب لي المتاعب.
” عمران” : – يؤسفني تقوقعكِ داخل عالمك، وعلى ما يبدو أنكِ تستمتعين بالهروب من المجهول.
“نوران” بِحيرةٍ : – ليس تقوقع بل هو التغاضي عن الآخرين، فأنا في بحث مستمر عن ذاتي بعيداً عما يرغبه أحد.
“عمران” بتفهمٍ : – أنا أعلم ذلك، لذا أترككِ على راحتكِ حتى تصلين إلى ما ترغبين به دون إجبارٍ.
“نوران” بعدم استدراك : – هل هذا يعني أنك أعلم مني بخفايا صدري.
تنهد “عمران” بعمق، يقول : – “نوران” فتاتي الصغيرة أنا أحفظ كل خباياها عن ظهر قلب، ولكن عليَّ بذل جهدٍ لأصل إلى “نوران” المرأة الناضجة.
ارتجف جسد “نوران” لنبرة صوته الحانية والإصرار الذي لاح برماديتيه ولكنها آثرت الصمت، فهي بحاجة إلى المزيد من الوقت كي تحسم أمرها،
وتمعن التفكير في تلك المشاعر الفياضة التي تنمو بداخلها له لحظة بعد لحظة وقد فشلت في تحجيمها والسيطرة عليها، خاصة بعد أن ضمها إلى دفء صدره ليلة أمس، يفتح أمامها آفاقاً جديدة لتكتشف أحاسيس غريبة عليها كلياً تسللت إلى عمق مكنوناتها.
وعند هذه النقطة علمت أنهما تخطى حاجز علاقتهما السابقة، وأبداً لن تعود الأمور بينهما كما كانت في الماضي، فما يحدث معها الآن جعلها تشعر ولأول مرة أن عاطفتها الأنثوية تنساب بسلاسة تجاه أحدهم،
وهي تتعجب كونها ظلت لسنوات غير قادرة على الاقتراب منه دون أن تعم الفوضى بينهما ويثور غضبها بسبب واقعة قديمة حدثت بينهما.
كما أن “عمران” ليس بالشخص الصبور الودود خاصة في الزيارات الأخيرة السابقة لتلك ولم تكن تعلم السبب وللآن تجهل هذا.
أخبرتها “نادين” ذات مرة أنه مازحها بطلب يد “نوران” وهي لا زالت بفترة المراهقة، ولكن “نادين” كانت ترى دوماً أنهما مختلفان تماماً عن بعضهما، وأي منهما لم يخلق للآخر، بغض النظر عن التوافق الهائل الذي كان بينهما في أيام الطفولة، سنوات مضت في هناء تَحُفه السعادة بعلاقتهما البريئة تلك.
أما الآن فعلى “نادين” أن تصدق أن تأثير “عمران” على قلبها وعقلها وسائر جسدها لا يمكن التغافل عنه.
“عمران” ذلك الرجل الغامض بالنسبة إليها الآن، كان كلًا منهما كتاب مفتوح بالنسبة للآخر هذا في السابق.
لكن فكرة أن يكون “عمران” الأخ الأكبر هو ذاته “عمران” العاشق أصابتها باضطرابٍ شديد وسيطر عليها خوفٍ مفاجئ وبدأت الحرارة تتدفق إلى أوردتها ولاح هذا على معالم وجهها التي تغيرت دون إرادة منها، وبدى عليها الارتباك والتوتر حالما علت الحمرة وجنتيها فازادت لمعة عينيها البراقتين إذ أن تفاصيل كتلك لن يغفل عنها هذا الخبير.
عند هذا التحول الآسر لهيئتها لم يتمكن “عمران” من السيطرة على حاله وانخرط في الإمعان بها،
وگأنه يخترق دفاعاتها الواهية، يقرأ أفكارها بكل سهولةٍ ويسر، وما كان ينقصها أن يشملها بتلك النظرات الخاطفة للأنفاس وابتسامته الجذابة، يتآكلها بأعين تشتهيها إذ بدت فاتنة وهي على تلك الحالة، وهو يتمتم بهمسٍ مغوي : – لا “نوران” بالله عليكِ، يكفي ما أعانيه، فقد أفعل ما هجرتني بسببه لسنوات.
“نوران” باستحياء : – لم تفعلها.
“عمران” بوله : – ولكنني لن أتردد الآن.
“نوران” بتوجس : – لا تُخيفني.
تحمحم “عمران” يحاول استعادة ثباته الظاهري، يقول : – لا تكوني فريسة لخوفك القديم، وتحلي برباطة الجأش.
“نوران” بغصة : – أجاهد للخلاص من تلك الذكرى ولكن كلما عادني طيفها أنفرك.
“عمران” بأسفٍ حقيقي : – “نوران” ما حدث بآخر زيارة كان رغماً عني عندما شعرت بفقدكِ أردت أن أطمئن قلبي بأنكِ لا زلتِ معي، ضممتكِ إلى صدري حينها كما فعلت بالأمس لأؤكد لحالي أنكِ هنا معي.
-تحامقت حينها عندما تجرأت لمساتي وسيطرت علي رغبة في تقبيلكِ، ولكنني أبداً لم أنوي أذيتك، لست همجي بلا شفقة إلى هذا الحد.
“نوران” بخفارةٍ : – دعنا من هذا الموضوع هيا بنا إلى العمل.
تأوه “عمران” بوجدٍ فعلى ما يبدو أن الطريق إلى صغيرته لا زال بأوله.
أما عند “عبيدة” و”سالي”
تعجبت “سالي” من تحوُّلها الكلي تجاه “عبيدة” ففي هذه الأمسية أثناء تنزههما علِمت الكثير عنه، وفي طريق العودة حدثها “عبيدة” عن مناح شخصية وعلاقته بأبويه حتى أنها أحست بأن التقارب بينهما يزداد، ولكن انقطع التواصل الروحاني بينهما حالما وصلا إلى القرية إذ وجدا “غالب” في انتظارهما عند بوابة المزرعة يستند إلى مقدمة سيارته، ويبدو على وجهه معالم الثورة والغضب.
لم يجهد “غالب” حاله في محاولة إخفاء تبرمه على مرافقتها ل”عبيدة” على العشاء متجاهلاً أن الدعوة كانت موجهة منذ البداية إلى ثلاثتهم إذ كان “أكرم” بصحبتهما.
أبدت “سالي” استيائها على موقف “غالب” فما دام “أكرم” قد أخذ الأذن من والديها فلا يحق لأحدٍ غيرهما الاعتراض.
ولكن ما زاد من سوء موقفها أن “عبيدة” أقر بأحقية “غالب” في إعلان عدم موافقته على ذهابها برفقته إلى أي مكان ما دام قد لمح “غالب” بأنهما في حكم المخطوبين بناءً على طلب يدها من والدها للمرة الثالثة وكان ذلك قبل وقوع الحادث المشئوم الذي نقل على إثره الحج “حسين” إلى المشفى ولا زال طلبه لم يُقابل بالقبول أو الرفض، كما أن “سالي” لم تنفي الخبر.
وعليها فقد انسحب “عبيدة” بهدوء إلى المكتب واستحالة الليلة التي كانت ممتعة في بدايتها إلى السوء بعد تلك النهاية المؤسفة.
تعلم “سالي” مدى قوة العلاقة بينها وبين “غالب” ولكنها ضاقت زرعاً بتحكماته وفاض كيل صبرها من رغبته في الاستئثار بها، ولكن ما تعجز عن تفسيره هو حقيقة شعور “عبيدة” نحو ما حدث، فهو لم يعلق ولو بكلمة واحدة تُظهر موقفه تجاه علاقتها ب”غالب”.
تجهم وجه “سالي” وقد لاح بفكرها أنها بالنسبة إلى “عبيدة” ليست سوى تسلية أو واقع فُرِض عليه التعامل معه، وبالرغم من سوء حالتها في الأيام القليلة الماضية إلى أن سلبية موقف “عبيدة” بعدما بدأت تشعر ناحيته بالانجذاب وظنت أنه يبادلها الإعجاب كان أسوأ الأمور التي مرت بها على الإطلاق.
لذا شعرت بحاجتها إلى الإبتعاد عن هنا، أخذت كشافها ومن ثم امتطت حصانها وذهبت بمفردها إلى الجهة الغربية من المزرعة عندما أحست بأنها تحتاج إلى خلوة تستكشف بها ماهية شعورها نحو “عبيدة” وتقييم الأوضاع الحقيقية للأحداث الأخيرة،
وكان هذا أحد أسباب رحيلها عن المنزل في هذا الوقت المتأخر، ولكن ما الضرر ما دامت لم تتعدى حدود أملاكهم، أما السبب الآخر هو أنها أرادت أن تتفقد حالة العجول الجديدة التي وُلِدت لإناث ماشيتهم هذا العام.
أخذت “سالي” تعدو بجوادها “الأجهر” إلى أن صعدت قمة الربوة الكاشفة للمرعى ومن ثم شدت على لجام الفرس تُوقفه هنيهة كي تتمكن من إمتاع بصرها بمنظر الرُّبى المتراصة بإبداع كلوحة فنية طبيعية من صنع الخالق.
وأثناء شرودها التقطت مسامعها صوت أنين استغاثة خافتة، فضربت بنظرها إلى أسفل وإذا بها قد لمحت شيئاً ما أبيض اللون عالقٌ عند السفح ومن حركته بدا أنه يقاوم متقلصاً من الألم.
غيَّرت “سالي” وجهتها وهي تدير حصانها هابطة من أعلى حافة المنحدر، وأنظارها تلف بالأرجاء باحثةً عن البقرة الأم لهذا العجل الوليد، فليس هناك أشرس من حيوان يحاول إنقاذ صغيره من خطرٍ محتم.
ولكنها تعجبت عندما لم تجد أثر لأي ماشية أخرى بالمكان المحيط بالعجل وكان التفسير الوحيد لذلك أن هذا الوليد كان لماشية صغيرة لم تتم عاماً لذا لم تكتمل بداخلها غريزة الأمومة، أي عجل صغير أنجب عجل أصغر، وكلاهما يرعان بلا غرائز.
استوقفت “سالي” جوادها على بعد عشرة أمتار من المكان الذي علق به العجل.
ومن ثم نزلت “سالي” عن صهوة الفرس، وهي تقترب بتروٍ؛ حتى لا يزيد هياج هذا الوليد وذلك قد يؤدي إلى أن تزداد حالته سوءاً؛
إذ وجدت جزء من السلك الشائك المحاوط للمرعى قد التفت حول أحد قوائمه، وغُرزت أشواكه بعمق في جلده حتى أن الدماء قد سالت على فراءه الأبيض تلطخه محيلة إياه إلى حمرة ظهرت بوضوح في عتمة الليل.
أسرعت “سالي” تحاول التصرف بحكمة قبل نفوق العجل الذي خارت قواه غير قادر على المقاومة بسبب النزف الشديد جراء جرحه العميق، وهذا يحتم عليها الإسراع في تخليصه من قيده ونقله على ظهر الفرس إلى مبنى المزرعة لمداوة جراحه.
دست “سالي” يدها بجراب سرج حصانها تخرج المقص الحديدي الخاص بالأسلاك الذي تحتفظ به دوماً بحوزتها.
لن تنسى “سالي” نظرات هذا العجل ما حيت إذ كان يحملق بها بعينيه الواسعتين ومقلتيه تفيضان بالألم، مما جعلها تشاطره وجعه ويدها ترتجف وهي تقص تلك الأسلاك،
لاعنة حظها فلو كان بحوزتها القفازات الجلدية السميكة كانت عملية الإنقاذ ستتم بسرعة وسهولة.
وبعد معاناة من الطرفين تمكنت من تذليل قيد العجل وهي تتفادى الأشواك حتى لا يتأذى كلاهما ولكن بدلاً من أن يرمح متمتعاً بحريته ظل راقد بأرضه وقد استنزفت قواه.
وبالرغم من العناء الذي تكبدته في هذه المهمة إلا أن الأصعب لا زال آتٍ، إذ يتوجب عليها حمل هذا العجل الثقيل ووضعه على ظهر الحصان، وبعد مشقة تمكنت من الوقوف على قدميها حاملة إياه، ولكن ما بالعجل من ضرر جعله يصرخ بألم وهي تخطو به في اتجاه الحصان.
أخذت “سالي” تسب وتلعن ضيق أفقها إذ كان الوضع سيكون أسهل ما إذا قربت الجواد من مكان الواقعة ولكن ما حدث قد كان ولا سبيل للتراجع؛
فقد تعسر عليها أن تضع العجل أرضاً حتى تسحب الجواد إلى مقربة منه وقلبها لم يطاوعها على فعل ذلك؛ فجهد مضاعف بالنسبة لهذا الصغير يعني المزيد من صيحات الألم، كما أنها لن تتمكن من رفع ثقله عن الأرض مرةً أخرى دون أن يتأذى، وهي أيضاً كانت منهكة بما يكفي.
وما إن بدأت تتقدم من حصانها حتى رأت……
رواية واحتسب عناق بقلم الأسطورة أسماء حميدة
👇
على وضعك يا اسطوره
Love you forever 💓